أي الخيارات أقل كلفة على دمشق: الغرب وتسوياته أم إيران وبازارها أم المبادرة السعودية؟

تاريخ الإضافة الخميس 29 كانون الثاني 2009 - 5:02 م    عدد الزيارات 902    التعليقات 0

        

بيروت – وليد شقير   

اعتبر قيادي لبناني بارز أن القيادة السورية أمام خيارات سياسية مهمة في المرحلة المقبلة وبعد التطورات التي شهدتها المنطقة خلال الأسابيع الماضية، وأن المواقف التي تعلنها دمشق تترك الباب مفتوحاً أمام الوجهة التي ستسلكها وهي ما زالت تعتمد على لعبة الوقت وانتظار مروره لعله يحمل معه مخارج، وهي اللعبة التي يتقنها الجانب السوري على الدوام.

ورأى القيادي نفسه، استناداً الى قراءته الظروف الإقليمية والدولية الناشئة بعد الحرب الإسرائيلية على غزة أن موقع سورية في حال محرجة بين استمرار حلفها مع إيران، وتعزيز هذا الحلف، وبين استئناف وجهة التفاوض مع إسرائيل بعدما أعلنت تعليقه، وبين الاستجابة لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الى تسوية العلاقات العربية والخلافات الناشئة بين دمشق من جهة وبين كل من الرياض والقاهرة من جهة ثانية. وكل من هذه الخيارات صعب جداً على كبار المسؤولين السوريين، لأنه يتطلب التضحية بشيء من الأوراق التي في يد دمشق وفق كل توجه. وهذا قد يفسر بعض الإرباك الذي قد يظهر في سلوكها.

ويعدد القيادي البارز ثلاثة خيارات مطروحة أمام الجانب السوري بعد حرب غزة، كالآتي:

1 – الانفتاح على الدول الكبرى والغربية مع ما يعنيه ذلك من انسجام مع ما تطلبه هذه الدول وما تتوافق عليه بالنسبة الى الوضع الفلسطيني – الإسرائيلي عموماً ووضع غزة خصوصاً.

ومع التوجه الذي أعلنه الرئيس الأميركي باراك أوباما في خصوص تنشيط تحرك إدارته من أجل السلام بإيفاد جورج ميتشل مبعوثاً شخصياً له الى المنطقة، فإن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أوضحت أن الأولوية بالنسبة الى بلادها هي المسار الفلسطيني للسلام، قبل المسار السوري.

وهذا يعني أن سلوك دمشق خيار التجاوب مع ما يسعى إليه الغرب هو تسهيل اعتراف «حماس» بإسرائيل لأن الغرب يشترط ذلك في مقابل محاورتها. وبغض النظر عن اعتقاد كثير من الأوساط الغربية، والعربية المؤيدة للحوار مع «حماس» بأن الأخيرة ترتكب خطأ فادحاً لأنها تتخذ مواقف تحول دون تقوية موقع السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس في مفاوضاتها مع إسرائيل، فإن القيادي البارز يعتبر أن «حماس» ستنتهي الى القبول بالتفاوض في حال سلكت دمشق خيار الانفتاح على مطالب الغرب، وستصبح في حاجة الى ترتيب العلاقة بينها وبين السلطة الفلسطينية وحركة «فتح».

دعوة الغرب

وهذا يعني أن الجانب السوري سيلبي دعوة الغرب الى المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية، التي سيكون هدفها تحقيق مدة كافية من التهدئة (يجري النقاش الآن بين «حماس» والقاهرة على هدنة سنة ونصف السنة) تمهد لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية تجدد قاعدة التفاوض الفلسطيني – الإسرائيلي للحل النهائي، بعد حصول الانتخابات الإسرائيلية. ويشير القيادي اللبناني البارز الى أن هذا الخيار، إضافة الى أنه يفترض أن يرفع الحصار عن غزة ويفتح المعابر كلياً، وفق آلية المراقبة الدولية... فإنه يستكمل رفع العزلة عن سورية، التي عادت خطواتها فأبطأت أخيراً نتيجة التأزم الذي حصل، وفي انتظار تبلور السياسة الأميركية. ويلاحظ القيادي البارز أن علاقة دمشق الآن مع باريس وموسكو ليست في وضع إيجابي قياساً الى ما كان يجب أن تكون، ففرنسا وروسيا، وجهتا اللوم الى «حماس» بأنها كانت وراء إسقاط التهدئة الشهر الماضي وبالتالي سببت الحرب التي وقعت.

إلا أن القيادي البارز يعتبر أن تجاوب دمشق مع خيار الغرب والتسوية، على رغم أنه يفتح الباب عريضاً أمامها هذه المرة، فإنه سيسبب لها مشكلة مع الجانب الإيراني، في مقابل عدم اعتراض سعودي ومصري. فالحلف مع إيران سيصطدم في هذه الحال بذهاب دمشق الى تسوية مع الغرب بمعزل عن الحليف، خصوصاً أن واشنطن والغرب أعطت إشارات الى أنها مستعدة للتفاوض مع سورية وإيران في شكل منفرد وليس مع الاثنتين في الوقت نفسه...

2 – خيار تعزيز تحالف سورية مع إيران، بكل ما يعنيه ذلك من تعليق أي تفاهم مع الغرب والمحور العربي الآخر. وهذا يكرّس بمعنى من المعاني صيغة قمة الدوحة العربية ذات الحضور الإيراني المهم، ويعني الخروج من دائرة الجامعة العربية (بالمعنى السياسي) تحت عنوان «تثمير الانتصار في غزة»، والذي ستكون ترجمته العملية من بعدها حصول الفوضى في العلاقات العربية – العربية، وتحوّل الوضع الحالي الى وضعية انكسار للجانب السوري والفرقاء العرب لأنه سيعني اصطدامه بالدول العربية الرئيسة وإسقاط مبادرة العاهل السعودي ما سيجر تعزيز للتشدد الغربي والدولي حيال سورية، فضلاً عن الإسرائيلي، كما سيعني أيضاً تكريس ما يراه الكثير من القادة العرب والغربيين، إحكاماً للقبضة الإيرانية على سورية.

وفي اعتقاد القيادي البارز أن في سورية حذراً تقليدياً من توجه الغرب نحو محاورة سورية بهدف فصلها عن إيران من دون إعطائها أي مقابل، كما أن في القيادة السورية أيضاً من يتوجس من أن يأتي الحوار الأميركي والغربي مع إيران على حساب سورية وأن الإشارات في هذا الاتجاه كثيرة في الآونة الأخيرة، لا سيما في العراق، بدءاً من الحديث عن إمكان تسريع خطى الانسحاب الأميركي منه، أو لجهة الطلب الى جيش «مجاهدين خلق» الإيراني المعارض مغادرة العراق. فإسقاط صفة الإرهاب عن هذا التنظيم من الاتحاد الأوروبي ربما يكون تمهيداً لاستقبال بعض عناصره وقادته في أوروبا، فضلاً عن الإعلان عن نية بغداد تسليم بعد عناصر التنظيم الى طهران، فيما يجري الحديث عن تجدد قنوات الحوار الأميركي – الإيراني في شأن أفغانستان.

ويضيف القيادي أن هذا الخيار يفترض أن يخضع الى تقويم دقيق من دمشق في وقت تسمح المعطيات بالارتياب السوري من أن يحصل بازار إيراني مع الغرب يوجب على سورية أن تعمل على بازار مستقل.

المبادرة السعودية

3 – الخيار الثالث وهو ولوج بوابة المبادرة السعودية التي ظهرت خلال قمة الكويت بالدعوة الى المصالحة. وهي مبادرة لا تذهب في اتجاه العدائية مع إيران إذ أن الموقف السعودي والخليجي والعربي عموماً يدعو الغرب الى محاورة إيران، في مواضيع الخلاف معها، ويصر في الوقت نفسه على ألا يكون لها القرار في الشؤون والأزمات العربية وأن توقف تدخلها فيها. فضلاً عن أن هذا الخيار يضع مقاييس للتفاوض مع الغرب في الشأن الفلسطيني ويسمح بالحوار حول القضايا العالقة بين المجموعة العربية وبين الإدارة الأميركية ويمهد لدور وساطة، ربما من الدول العربية الصديقة لواشنطن، بينها وبين دمشق وينشئ دينامية جديدة في العلاقات سواء الثنائية أم المتعددة الأطراف.

وينتهي القيادي نفسه الى القول إنه يفترض بدمشق أن تقرر أياً من الخيارات الثلاثة هو الأقل كلفة عليها، هذا من دون أن يعني أن سلوك واحد منها يعني أن الحلول في المنطقة اقتربت بل قد يعني أن لسورية تموضعاً جديداً قد يتيح لها المزيد من كسب الوقت.

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,082,917

عدد الزوار: 7,620,053

المتواجدون الآن: 0