أوباما والمنطقة: مع المعتدلين ضد الخطر السوري - الإيراني

تاريخ الإضافة الأربعاء 4 شباط 2009 - 9:15 م    عدد الزيارات 908    التعليقات 0

        

بقلم عبد الكريم أبي النصر
"المهمة الانقاذية التي يقوم بها السناتور السابق جورج ميتشل، المعروف بمواقفه المتوازنة غير المنحازة الى اسرائيل، كمبعوث اميركي جديد الى الشرق الأوسط، ترتكز على اربع قواعد اساسية هي الآتية:
أولاً - تتعامل ادارة الرئيس باراك أوباما مع حرب غزة ونتائجها المختلفة على اساس انها مأساة انسانية حقيقية ولكن يمكنها ان تشكل فرصة كبرى لدفع المتشددين الفلسطينيين المنتمين الى "حماس" وفصائل أخرى الى التراجع عن مواقفهم الحالية واعتماد الواقعية وتفهم الحقائق الاساسية في الداخل والمنطقة والعالم والتعامل معها بمرونة مما يساعد على ايجاد الحل الملائم لانقاذ اهالي غزة من معاناتهم واعادة اعمار القطاع في اسرع وقت ممكن، ومما يمهد لاطلاق عملية تفاوضية فلسطينية – اسرائيلية جدية بمشاركة ايمركية فاعلة. واذا ما تمسك المتشددون الفلسطينيون بمواقفهم الحالية فانهم سيعزلون انفسهم ويواجهون المزيد من المصاعب في الساحة الفلسطينية وخارجها.
ثانياً - ترفض ادارة أوباما ان يكون المحور السوري – الايراني شريكاً لها في مساعيها لمعالجة قضايا المنطقة لأن هذا المحور يشكل مع حلفائه تهديداً جدياً للأمن والاستقرار والسلام. ولن تقبل الادارة الاميركية ان يفرض هذا المحور على الفلسطينيين القيادة الفلسطينية التي يختارها هو، بل ان الادارة تنوي التنسيق والتعاون مع الدول العربية المعتدلة، وعلى رأسها مصر والسعودية والاردن، ومع السلطة الوطنية الفلسطينية برئاسة محمود عباس المعترف بها عربياً ودولياً كممثل شرعي للفلسطينيين، لمحاولة تسوية المشكلة الفلسطينية تدريجاً. ولن تتخذ الادارة الاميركية اي اجراءات لاضعاف المعتدلين العرب والفلسطينيين.
ثالثاً - "دولة حماس" المستقلة المسلحة في غزة المتمردة على السلطة الشرعية ليس لها اي مستقبل، بل ان ادارة أوباما ستعمل بالتعاون مع الحلفاء والاصدقاء ومع المعتدلين العرب والفلسطينيين على وضع حد لها من خلال تثبيت وقف اطلاق النار بشكل دائم وتشجيع المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية بما يساعد في حل النزاع سلمياً واتخاذ كل الترتيبات اللازمة لوقف تهريب السلاح الى حماس وحلفائها.
رابعاً - ادارة أوباما تريد تسوية النزاع الفلسطيني – الاسرائيلي على أساس المعادلة التي حددها جورج ميتشل واقتنع بها أوباما والقائلة: "ان الاسرائيليين لن يحصلوا على الأمن اذا لم يحصل الفلسطينيون على دولة لهم قابلة للحياة والاستمرار، كما ان الفلسطينيين لن يتمكنوا من اقامة دولتهم اذا لم يستطع الاسرائيليون العيش في امان". لكن أوباما يرفض ان يحدد منذ الآن موعداً لقيام الدولة الفلسطينية لأن عملية التفاوض لحل النزاع صعبة ومعقدة وطويلة". هذا ما كشفته لنا مصادر ديبلوماسية غربية وثيقة الصلة بادارة أوباما، واوضحت ان هذه الادارة ستتحرك في الشرق الاوسط على اساس خمسة اقتناعات رئيسية هي الآتية:
1 – اعطاء الاولوية للعمل الجدي من أجل تحقيق السلام بين الفلسطينيين الاسرائيليين، ودرس امكانات انهاء النزاعين السوري – الاسرائيلي واللبناني – الاسرائيلي بالوسائل السلمية. لكن الادارة الاميركية لن تفرض اي حل على هؤلاء الاطراف بل ان عليهم هم ان يتخذوا القرارات الملائمة، وان يتخلوا عن مطالبهم القصوى ويقدموا التنازلات المتبادلة لانجاز السلام بمساعدة اميركية حقيقية. وتريد ادارة أوباما ابقاء مبادرة السلام العربية على طاولة المفاوضات لأنها تحتوي على "عناصر ايجابية"، ولأنها ستكون احدى ركائز الحل الشامل للنزاع العربي – الاسرائيلي.
الخطر السوري – الايراني
2 – ترى ادارة أوباما ان من الضروري التصدي بحزم للمحور السوري – الايراني وحلفائه، واستخدام "القوة الذكية" والديبلوماسية وسياسة الحوار في المرحلة الاولى لاحباط خطط هذا المحور ولدفع النظامين السوري والايراني الى التخلي عن ممارساتهما "الخطرة" واعتماد "سياسات بناءة" بدلاً من ذلك. واذا ما فشلت هذه الجهود الديبلوماسية فان الادارة الاميركية لن تترك سوريا وايران تتصرفان كما تريدان في المنطقة، بل انها ستعتمد حينذاك اجراءات اخرى ضد هذين البلدين تشمل ممارسة الضغوط وفرض العقوبات الدولية، واستخدام القوة العسكرية "كخيار أخير"اذا لزم الأمر.
ووفقاً لما قاله لنا ديبلوماسي غربي بارز: "ان ادارة أوباما لن تنظر الى الشرق الأوسط بعيون سورية وايرانية كما تتمنى دمشق وطهران، بل بعيون المعتدلين العرب وحلفاء الولايات المتحدة واصدقائها. كما ان الحوار الاميركي المحتمل مع سوريا وايران لن يهدف الى مكافأة هاتين الدولتين بل الى اعطائهما الفرصة واتاحة المجال امامهما للتخلي عن سياساتهما وممارساتهما الخطرة المهددة للأمن والاستقرار في المنطقة، ولتبني المطالب الاميركية والدولية المدعومة عربياً واقليمياً على اوسع نطاق".
3 – ادارة أوباما على اقتناع راسخ بأن التحدي الأكبر الذي يواجهها في تعاملها مع منطقة الشرق الاوسط هو منع ايران من امتلاك السلاح النووي لأن الجمهورية الاسلامية تريد حيازة هذا السلاح ليس لاغراض دفاعية، بل لتعزيز تدخلاتها في شؤون دول عربية عدة ولتوسيع نطاق نفوذها ونفوذ حلفائها المتشددين في المنطقة ولدعم الارهاب، وفقاً لواشنطن، مما يهدد بانتشار السلاح النووي وبتفجير نزاعات وحروب عدة ويعرض للخطر الكبير الأمن والسلام الاقليميين والدوليين. وقد حرصت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الجديدة على التأكيد في شهادتها أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي انه "ليس مقبولاً" ان تمتلك ايران السلاح النووي وان الولايات المتحدة "ستفعل كل شيء" لمنع حدوث ذلك، وحذّرت من ان الجمهورية الاسلامية اصبحت اليوم "اقرب من اي وقت الى امتلاك القدرة على انتاج السلاح النووي"، وتنوي ادارة أوباما اعتماد "مقاربة تدريجية" في التعاطي وايران تشمل في البداية فتح حوار مع المسؤولين الايرانين من دون شروط مسبقة، وتقديم "حوافز  واغراءات" لهم منسجمة تماماً مع تلك التي قدمتها اليهم الدول الست الكبرى خلال العامين الماضيين والتي تتضمن خصوصاً دعم امتلاك الجمهورية الاسلامية برنامجاً نووياً لاغراض سلمية والحرص على تعزيز العلاقات الثنائية معها في مجالات عدة شرط التخلي عن انتاج السلاح النووي. واذا فشل الحوار في تحقيق اي نتائج ايجابية فستعمد ادارة أوباما حينذاك على فرض عقوبات دولية جديدة اكثر قسوة على ايران، وانشاء تحالف دولي – اقليمي واسع لتكثيف الضغوط عليها. واذا رفضت ايران التراجع عن خططها التسلحية النووية على رغم ذلك كله، فليس من المستبعد ان تلجأ ادارة أوباما الى القوة العسكرية لشل قدرات ايران النووية، وهو ما اشارت اليه صراحة هيلاري كلينتون امام مجلس الشيوخ اذ اكدت ان الادارة الاميركية "لن تتخلى عن أي خيار" في التعامل مع ايران، وان استخدام القوة العسكرية قد يكون ضرورياً احياناً كخيار أخير لحماية شعبنا ومصالحنا". والأمر الاساسي الذي يشدد عليه المسؤولون الاميركيون في هذا المجال هو ان ادارة أوباما لن تعقد اي صفقة مع ايران على حساب الدول العربية وضد مصالحها وانها لن تفاجئ حلفاءها واصدقاءها العرب والغربيين بأي قرار يتعلق بايران بل انها ستتشاور معهم في شأن طريقة التعاطي والقيادة الايرانية والاهداف المرجوة من اي حوار اميركي معها "وخصوصاً ان الاهداف مشتركة وواحدة وهي منع ايران من امتلاك السلاح النووي ومن الهيمنة على المنطقة"، على ما قال ديبلوماسي اميركي مطلع.
استقلال لبنان "انجاز كبير"
4 – لن تقبل ادارة أوباما ان يستغل نظام الرئيس بشار الأسد اي حوار اميركي معه لمحاولة عقد صفقة مع الولايات المتحدة على حساب لبنان المستقل او على حساب المحكمة الدولية المكلفة النظر في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وفي جرائم سياسية اخرى. فادارة أوباما ترى ان تحرير لبنان من الهيمنة السورية في عهد ادارة الرئيس بوش "انجاز كبير" ليس وارداً التخلي عنه لأنه اصبح من ثوابت السياسة الاميركية في الشرق الأوسط. كما ان المحكمة الدولية هي "عملية دولية شرعية مدعومة لبنانياً وعربياً ودولياً على اوسع نطاق وليس ممكناً او وارداً التراجع عنها او التخلي عنها بل يجب التعامل معها كأمر واقع ضروري وحيوي بالنسبة الى لبنان والمنطقة والشرعية لدولية". وترى ادارة أوباما ان نظام الأسد "يجب ان يدرك" ان اي حوار اميركي معه "سيتم على اساس الشروط والمطالب الاميركية والدولية وليس على اساس الشروط والمطالب السورية. وان الهدف الاساسي منه هو تعزيز الأمن والاستقرار والسلام والقوى المعتدلة في المنطقة واضعاف قدرات القوى المتشددة".
وحذرت المصادر الغربية المطلعة من ان رفض نظام الاسد التجاوب مع اي انفتاح اميركي مشروط عليه ستكون له   انعكاسات سلبية على العلاقات بين واشنطن ودمشق.
5 – تنوي ادارة أوباما التعامل مع قضايا الشرق الاوسط المختلفة على اساس انها مترابطة بعضها ببعض وليس ممكناً ايجاد حل حقيقي لاي منها بشكل معزول عن القضايا الاخرى. ولذلك ستعتمد ادارة أوباما "مقاربة اقليمية" تقوم من جهة على الاهتمام بمختلف القضايا الاساسية، بدرجات متفاوتة، في وقت واحد تقريباً، ومن جهة أخرى على مناقشة مختلف القضايا العالقة مع دول المنطقة الحليفة والصديقة وكذلك مع الدول المعادية لاميركا ولكن الراغبة في الحوار معها كسوريا وايران، وسيكون هذا النقاش الاقليمي مستنداً الى اسس واضحة ومحددة ومن أجل تحقيق هدف كبير هو تأمين مواقع قوى الاعتدال والسلام وتعزيزها واضعاف القوى المتشددة الى ادنى حد، وتدعيم الامن والاستقرار، وحماية المنطقة من اي خطر نووي محتمل، ومن انتشار الاسلحة النووية ومن الارهاب.
وضمن اطار هذه الاقتناعات التي تشكل "قواعد عمل" لأوباما وفريقه، اكدت لنا المصادر الغربية المطلعة ان الادارة الاميركية الحالية ترى ان الواقع الجديد الذي افرزته حرب غزة ليس بروز حماس كقوة فلسطينية رئيسية منتصرة يجب التعامل معها والتحاور معها على هذا الاساس لمعالجة المشكلة الفلسطينية، بل ان الواقع الجديد هو هزيمة حماس وهزيمة الخيارات الثلاثة التي اعتمدتها منذ فوزها في الانتخابات التشريعية مطلع 2006 وهي: خيار الانقلاب المسلح على السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية في حزيران 2007 بهدف اضعاف هذه السلطة واسقاطها. وخيار تقسيم الساحة الفلسطينية بما يؤثر سلباً على المساعي المبذولة لاقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة. وخيار المواجهة المسلحة من طرف واحد ضد اسرائيل لمحاولة تثبيت سلطة حماس وحكمها في قطاع غزة على رغم الفارق الهائل بين قدرات الاسرائيليين التسلحية وقدرات الحركة الفلسطينية. واضافت المصادر ذاتها: "بالنسبة الى فريق أوباما فان خيار حماس يقود الى الدمار والخراب والموت والهزيمة، لذلك يتوقع هذا الفريق ان تؤدي حرب غزة الى تعزيز مواقع المعتدلين في الساحة الفلسطينية والى خسارة حماس الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة". ووفقاً لهذه المصادر، فان ادارة أوباما تنوي التعامل مع السلطة الوطنية الفلسطينية برئاسة محمود عباس على اساس انها الشريك الشرعي الفلسطيني لحل النزاع مع اسرائيل، وهي تنوي مساعدة هذه السلطة" بالتعاون مع دول عدة على تعزيز مواقعها وتثبيتها في الضفة الغربية وغزة، وفي مختلف المجالات، لأن ذلك ضروري واساسي لتسوية النزاع الفلسطيني – الاسرائيلي ولاقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة والاستمرار.
وأكدت المصادر الغربية ذاتها ان فريق أوباما يرى ان "حرب غزة شكلت ايضاً هزيمة مهمة للمحور السوري – الايراني الذي بدا عاجزاً كلياً عن مساعدة حلفائه الفلسطينيين الذين دفعهم الى التمرد على السلطة الفلسطينية الشرعية والى اعتماد خيار المواجهة المسلحة غير المتكافئة مع اسرائيل. وتظهر حربا لبنان وغزة ان سياسات المحور السوري – الايراني تقود الى طريق مسدود، وانها لم تحقق ولن تحقق اي مكاسب ملموسة للبنانيين والفلسطينيين ولشعوب المنطقة عموماً، وخصوصاً ان موازين القوى المختلفة، العسكرية والسياسية والديبلوماسية والاقتصادية والاستراتيجية، ليست لمصلحة هذا المحور خلافاً لما يزعمه النظامان في دمشق وطهران، ذلك ان سائر الدول الغربية وغالبية الدول العربية تعارض بحزم سياسات المحور السوري – الايراني وهي تتعاون معاً، بشكل علني او ضمني، من أجل احباط خطط هذا المحور التي تهدد المصالح الحيوية لشعوب المنطقة كما تهدد مصالح الولايات المتحدة ودول بارزة عدة. وستتعامل ادارة أوباما مع سوريا وايران على اساس نظرتها هذه الى المحور الذي يشكله هذان البلدان مع حلفائهما".

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,094,701

عدد الزوار: 7,620,418

المتواجدون الآن: 0