خطة "الحوار والمواجهة" مع سوريا وإيران مسؤول أميركي: لا ضمانات بنجاح الحوار مع طهران

تاريخ الإضافة الأربعاء 27 أيار 2009 - 7:09 م    عدد الزيارات 661    التعليقات 0

        

بقلم عبد الكريم أبو النصر      
 "كشف مسؤول غربي كبير وجود تفاهم غير معلن بين الولايات المتحدة ودول عربية واوروبية بارزة ومؤثرة يقضي باعتماد استراتيجية" الحوار والمواجهة "مع سوريا وايران المستندة الى الركائز الاساسية الآتية:
اولا، رفض التوصل الى اي تفاهمات مع النظامين السوري والايراني تقوم على اساس تقبل سياساتهما وخططهما الحالية في العراق ولبنان وفلسطين والمنطقة عموما، وتقبل امتلاكهما اسلحة دمار شامل لان ذلك يشكل تهديدا جديا للامن والاستقرار في الشرق الاوسط وللمصالح الحيوية العربية والاميركية والغربية.
ثانيا، رفض صياغة السياسة الاميركية الجديدة في الشرق الاوسط على اساس "مكافأة" النظامين السوري والايراني وتلبية مطالبهما المتشددة لان ذلك يكرس سياسة الترهيب والابتزاز والضغوط التي يعتمدها هذان النظامان ويعطي "شرعية" لاستخدامهما العنف والتخريب ولاشعالهما النزاعات المسلحة في بعض الساحات، ولتدخلهما السلبي المدمر في شؤون دول عربية عدة من اجل محاولة تحقيق اهدافهما.
ثالثا، ضرورة اعتماد الحوار المشروط والديبلوماسية الحازمة في التعامل مع سوريا وايران من جهة، من اجل دفعهما الى احداث تغييرات جذرية في سياساتهما حيال قضايا المنطقة بما ينسجم ويتلاءم مع المطالب الاميركية والدولية ومع سياسات الدول والقوى العربية المعتدلة، ومن جهة اخرى من اجل اقناع نظام الرئيس بشار الاسد بفك ارتباطه الوثيق بالاستراتيجية الايرانية الخطرة والعودة فعلا الى الصف العربي، والتخلي عن سياساته التوسعية حيال لبنان وفلسطين ودول اخرى وتركيز جهوده على الدفاع عن مصالح سوريا المشروعة سواء في ما يتعلق باستعادة الجولان المحتل او لتحسين اوضاعه الداخلية، وهذا ما لم يفعله النظام السوري حتى الآن"..... هذه  المعلومات كشفها المسؤول الغربي الكبير في لقاء مغلق عقده اخيرا في عاصمة اوروبية مع خبراء وديبلوماسيين معنيين بشؤون الشرق الاوسط، وشدد خلاله على ان المسؤولين السوريين والايرانيين يحاولون خداع الآخرين حين يروجون عبر حلفائهم معلومات خاطئة كليا تفيد ان ادارة الرئيس باراك اوباما تنوي عقد صفقات او التوصل الى تفاهمات مع النظامين السوري والايراني على حساب الدول والقوى العربية المعتدلة..... وتفيد ايضا ان الاستراتيجية الاميركية في التعامل مع سوريا وايران متناقضة مع الاستراتيجية العربية في التعامل مع هذين البلدين. واكد "أن الحقيقة هي نقيض ذلك تماما ويعرفها المعنيون بالامر. ذلك ان ثمة استراتيجية واحدة متكاملة اميركية – عربية - اوروبية غير معلن عنها في التعامل مع النظامين السوري والايراني وهي تهدف الى حماية المنطقة وفرص السلام من اخطار هذين النظامين وتهديداتهما بالوسائل الديبلوماسية اولا، ثم بوسائل متشددة اخرى اذا فشلت سياسة الحوار والانفتاح المشروط عليهما في احداث التغييرات الكبرى المطلوبة في توجهاتهما. والحوار المشروط الذي تجريه دول عربية معتدلة مع سوريا يدخل ضمن هذه الاستراتيجية الموحدة".
ولاحظ هذا المسؤول الغربي ان اخطر ما في قرار اوباما تجديد العقوبات الاميركية المفروضة على سوريا اخيرا ليس القرار في ذاته وان يكن مهما، بل تأكيد الرئيس الاميركي في رسالته الى الكونغرس انه اقدم على هذه الخطوة "لان سوريا تمثل اعمالها تهديدا متواصلا واستثنائيا للامن القومي الاميركي ولسياسة الولايات المتحدة الخارجية ولمصالحها الاقتصادية"، ولان سوريا "تدعم الارهاب وتواصل جهودها لامتلاك اسلحة دمار شامل وبرامج صواريخ، ولأنها تعمل على ضرب الجهود الاميركية والدولية لتحقيق الاستقرار في العراق ولاعادة اعمار هذا البلد". كما ان سوريا "تمتنع عن الوفاء بالتزاماتها الدولية في ما يتعلق بلبنان وفلسطين والنزاع العربي – الاسرائيلي"، وفقا لما اكده مسؤول اميركي كبير لبعض زعماء الكونغرس.
الحوار الأميركي – الإيراني الجدي لم يبدأ
وفي هذا المجال كشفت لنا مصادر ديبلوماسية عربية وثيقة الاطلاع أن مسؤولا اميركيا كبيرا اجرى اخيرا محادثات واتصالات مع عدد من القيادات العربية وشرح خلالها حقيقة ما يجري فعلا بين واشنطن وطهران، وشدد على النقاط الاساسية الآتية:
1 – لم تتلق ادارة اوباما حتى الآن اي رسائل محددة وواضحة من القيادة الايرانية، سواء بصورة مباشرة او غير مباشرة، تؤكد ان المسؤولين الايرانيين مستعدون فعلا للتحاور مع المسؤولين الاميركيين، كما تقترح واشنطن، من اجل مناقشة كل القضايا العالقة جديا ومحاولة الاتفاق على ايجاد حلول لها وعدم التمسك بالتالي بالمواقف الايرانية الحالية المتصلبة التي تمنع تحقيق اي تفاهم مقبول من الطرفين ومن الجهات العربية والدولية المعنية بالامر.
2 – خلافا لما يشاع، لم يبدأ حتى الآن اي نوع من الحوار الرسمي والجدي المتعمق بين الادارة الاميركية والقيادة الايرانية على اي مستوى لتسوية الخلافات المتعددة القائمة بين الطرفين، كما لم يتم وضع اي برنامج عمل مشترك يحدد القضايا التي يجب ان تتناولها المحادثات الاميركية – الايرانية لدى انطلاقها، مما يعني ان المرحلة الحالية من الاتصالات غير المباشرة بين واشنطن وطهران هي مرحلة ما قبل انطلاق الحوار الرسمي.
3 – الموقف الاساسي الذي تتمسك به ادارة اوباما هو انه يمكن التشاور مع المسؤولين الايرانيين حول الاوضاع في افغانستان والعراق ولكن لن يتم التوصل الى اي اتفاق رسمي بين اميركا وايران ولن يحدث التقارب بين البلدين ما لم تتم تسوية المشكلة النووية الايرانية. ذلك ان العقبة الاساسية الكبرى التي تواجه اي حوار اميركي – ايراني هي تصميم الجمهورية الاسلامية على تحدي المجتمع الدولي ومواصلة تخصيب الاورانيوم في اراضيها وتكثيف عمليات التخصيب مما يشكل انتهاكا فاضحا لاربعة قرارات صادرة عن مجلس الامن استنادا الى الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة وتدعو كلها الى وقف التخصيب. كما ان عمليات التخصيب هذه هي جزء من نشاطات ايران ومساعيها لانتاج السلاح النووي وهذا يرفضه المجتمع الدولي ككل اذ ان ايران المسلحة نوويا تهدد الامن والسلم الاقليميين والدوليين. ولن يحدث اي اتفاق او تقارب بين اميركا وايران اذا لم توافق القيادة الايرانية رسميا على وقف عمليات تخصيب الاورانيوم في اراضيها، وعلى وضع حد نهائي لسائر نشاطاتها التي تتيح لها امتلاك السلاح النووي، وبحيث تتولى الوكالة الدولية للطاقة الذرية مهمة التأكد من ذلك من خلال فرض رقابة على مختلف المواقع والمنشآت النووية الايرانية اكثر تشددا من الرقابة الدولية المفروضة على هذه المنشآت حاليا.
عرض أوباما لطهران
4 – ادارة اوباما تريد التوصل عبر الحوار الى ثلاثة تفاهمات اساسية مع القيادة الايرانية:
التفاهم الاول الاساسي نووي: ويقضي بتخلي ايران عن مشروعها الحالي الخطر لامتلاك السلاح النووي.
التفاهم الثاني اقليمي: ويقضي بتخلي ايران عن سياسة التدخل السلبي في شؤون عدد من الدول العربية كالعراق وفلسطين ولبنان وبعض دول الخليج، وبالتوقف عن دعم القوى والتنظيمات المتشددة بالسلاح والمال وعن تشجيعها على زعزعة الامن والاستقرار في عدد من الساحات العربية، ويقضي ايضا بوضع حد لمحاولاتها المختلفة فرض مطالبها وشروطها بل هيمنتها على المنطقة ودولها وشعوبها، وبحيث تعتمد الجمهورية الاسلامية بدلا من ذلك سياسات بناءة تقوم على حسن الجوار وعلى احترام الانظمة الشرعية القائمة وتعزيز الامن والاستقرار وفرص السلام في الشرق الاوسط.
والتفاهم الثالث: هو على الثمن الذي ستدفعه ادارة اوباما لايران في مقابل موافقتها على هذه المطالب الاميركية المدعومة دوليا على نطاق واسع. والثمن هو عرض اميركي جديد مستمد من مضمون العرض الذي قدمته الى المسؤولين الايرانيين الدول الست الكبرى اميركا وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا والمانيا في حزيران 2006 ثم طورته العام الماضي لكن القيادة الايرانية رفضته. ويتضمن عرض اوباما المدعوم دوليا تعهدا اميركيا بعدم التدخل في شؤون ايران الداخلية، وباحترام قرار الشعب الايراني وارادته، وبابداء الرغبة في التعاون مع النظام القائم في طهران مما يعني التخلي عن مختلف الجهود لاسقاط هذا النظام، او لزعزعة استقراره. ويتضمن العرض ايضا اعتراف اميركا والدول الكبرى الاخرى بحق ايران في امتلاك برنامج نووي للاغراض السلمية والمدنية، واستعداد هذه الدول لدعم تطويره ولضمان تأمين الوقود النووي الضروري للمنشآت النووية الايرانية تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبان ترافق ذلك التزامات محددة رسمية تقدمها هذه الدول وتقضي بتحسين علاقاتها مع الجمهورية الاسلامية وتعزيزها في المجالات الاقتصادية والتجارية والمالية والاستثمارية والتكنولوجية والثقافية وفي مجالات اخرى. وتلتزم اميركا، ومعها الدول الكبرى الاخرى، في عرضها هذا التشاور والتنسيق مع القيادة الايرانية في شأن قضايا الشرق الاوسط السياسية والامنية وعدد من القضايا الدولية الاخرى، ولكن في مقابل التزام القيادة الايرانية التخلي عن دورها السلبي الخطر والقيام بدلا من ذلك بدور ايجابي بناء في المنطقة داعم للجهود الدولية والعربية لتسوية النزاعات وتحقيق السلام وتعزيز الامن والاستقرار في المنطقة وتأمين المصالح الحيوية لشعوبها. ووفقا لما قاله لنا ديبلوماسي اميركي مطلع: "ان جوهر العرض الاميركي هو ان ادارة اوباما مستعدة للاعتراف بايران كدولة مهمة تقوم بدور ايجابي في المنطقة والتعامل معها على هذا الاساس، لكن الادارة الاميركية ترفض الاعتراف بايران كدولة مهيمنة على المنطقة تريد استخدام قدراتها النووية التسلحية وامكاناتها المختلفة وتوجهاتها الثورية لمحاولة تغيير موازين القوى في الشرق الاوسط لمصلحتها وبما يتعارض مع مصالح دول المنطقة المشروعة وبما يهدد المصالح الحيوية والاستراتيجية للولايات المتحدة وللكثير من دول العالم".
5 – ادارة اوباما تعتمد الحذر الشديد في تعاملها مع ايران، اذ ليست لديها ضمانات بان الحوار المقترح مع القيادة الايرانية سينطلق فعلا وجديا وعلى اسس سليمة، وانه سينجح ويؤدي الى نتائج ايجابية ملموسة يكرسها التفاهم على القضايا الاساسية العالقة، وعلى رأسها قضية البرنامج النووي الايراني. فنجاح الحوار الاميركي – الايراني يتطلب اولا وقبل كل شيء ان تتخلى القيادة الايرانية عن "وهم" إلحاق الهزيمة بالولايات المتحدة وارغام ادارة اوباما على تقبل ايران كقوة نووية جديدة وعلى الرضوخ لمطالبها واعادة صياغة السياسة الاميركية في الشرق الاوسط بالتنسيق والتشاور معها وليس بالتنسيق والتشاور مع الدول العربية المعتدلة. فهذا لن يحدث اطلاقا من جهة، لان ايران ليست قادرة على إلحاق الهزيمة باميركا وفرض شروطها عليها، ومن جهة اخرى لان ادارة اوباما ترفض بحزم مثل هذا التوجه الايراني.
واذا ما اصرت القيادة الايرانية على التمسك بوهم إلحاق الهزيمة باميركا فان العلاقات الاميركية – الايرانية ستشهد حينذاك تأزما كبيرا قد يدفع ادارة اوباما الى استخدام وسائل اخرى غير الوسائل الديبلوماسية في التعامل مع الجمهورية الاسلامية ومخططاتها. ونجاح الحوار الاميركي – الايراني المقترح يتطلب من القيادة الايرانية ان تعتمد الواقعية والحكمة والمرونة، وان تبتعد عن الحسابات الخاطئة فيحقق الايرانيون حينذاك مكاسب عدة في مقابل تخليهم عن كل ما يهدد دول المنطقة وامنها واستقرارها وكذلك مصالح الكثير من دول العالم..... ووفقا لما قاله لنا ديبلوماسي اوروبي مطلع: "ان رفض ايران هذا العرض الاميركي السخي والمتوازن والمدعوم دوليا يعني ان القيادة الايرانية هي التي تريد مواصلة سياسة المواجهة مع الولايات المتحدة ومع دول اخرى عدة. واذا ما حدث ذلك فعلا فان على القيادة الايرانية ان تتحمل حينذاك العواقب الخطرة والنتائج المدمرة لموقفها السلبي هذا".

لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 172,005,815

عدد الزوار: 7,655,151

المتواجدون الآن: 0