الهند: أفقر وأغنى!

تاريخ الإضافة الأحد 4 تشرين الثاني 2012 - 4:58 ص    عدد الزيارات 797    التعليقات 0

        


 
"فايننشال تايمز" - ترجمة نسرين ناضر

الهند: أفقر وأغنى!
جدعون راشمان

 

تصطفّ على جانبَي الطريق السريع الذي يقود إلى خارج دلهي إعلانات عن مشاريع سكنية جديدة تحمل أسماء مثل "Exotica Dreamville" (مدينة الأحلام الإيكزوتية). وتُظهر لوحة إعلانات ضخمة ثنائياً شاباً مبتسماً يقف في مرج مشذَّب تحت شعار "اللايفستايل هنا".
لكن من يتابع القيادة متوغِّلاً في ولاية أوتار براديش المجاورة يجد أنماط حياة بعيدة تماماً عن الإيكزوتية وعن الأحلام. ففي ضواحي مدينة بودون، يبدو على عدد كبير من الأولاد أنهم يعانون من سوء التغذية. تجول الماعز والجواميس والأبقار والجِمال في الشوارع القذرة. يشنّ صندوق الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" حملة لتجهيز كل المنازل في المقاطعة بحمّام حديث. كما يحاول إيجاد عمل جديد "للزبّالين اليدويين" الذين يكسبون رزقهم من تنظيف المراحيض الجافة بأيديهم.
في بودون، يحقّق مشروع تعزيز شروط النظافة تقدّماً بطيئاً إنما مطّرداً. لكن في أوتار براديش - التي يزيد عدد سكّانها عن 200 مليون نسمة، أي أكثر من سكّان البرازيل - لا تزال المهمة شاقّة جداً. تشير تقديرات "اليونيسيف" إلى أن 21 في المئة فقط من سكّان الولاية يستخدمون حمامات ملائمة. وفي الهند ككل، لا يزال حوالى 600 مليون شخص - من أصل 1.2 مليار نسمة - يمارسون "التغوّط في الهواء الطلق"، في الحقول أو في أراضٍ قاحلة في المدن.
تُستخدَم هذه الإحصاءات أحياناً للسخرية من فكرة أن الهند هي قوّة عظمى ناشئة. لا شك في أن الحقيقة أكثر تعقيداً. بعد عشرين عاماً من النمو الاقتصادي القوي، الهند بلد غني وفقير في الوقت نفسه. فحجمها وحده يجعل منها عاشر اقتصاد في العالم، وقد تصبح في المرتبة الثالثة بحلول سنة 2030.
تنمو السوق الاستهلاكية في البلاد بسرعة. فعدد الهواتف الخلوية في الهند الآن يفوق عدد المراحيض. عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع أكبر منه في أفريقيا، وفي المقابل تتفوّق الهند على بريطانيا في أعداد أصحاب المليارات فيها. وهي تستقطب وكالات المساعدة في العالم كما الشركات المتعدّدة الجنسية. الشركات الهندية ثريّة جداً إلى درجة أنها تنطلق في فورة شراء على الساحة الدولية، فتستحوذ على ماركات غربية شهيرة مثل "جاغوار لاند روفر". ويصل الاحتياطي الأجنبي الآن إلى 300 مليار دولار أميركي بعدما كاد المال ينفد من البلاد عام 1991. تملك الهند أسلحة نووية وبرنامجاً فضائياً؛ وقد أعلنت أخيراً عن خطّة لإرسال بعثة إلى المرّيخ. وهي الآن أكبر مستورد للأسلحة في العالم، كما أعلنت منذ فترة وجيزة أنها ستنفق عشرة مليارات دولار على شراء مقاتلات جديدة من فرنسا.
واقع أن الهند بلد غني وفقير في الوقت نفسه ليس محيِّراً للهنود وحسب، بل إنها أحجية للعالم الخارجي أيضاً. يدور نقاش حيوي في بريطانيا الآن حول ما إذا كان يجب الاستمرار في إرسال المساعدات الخارجية إلى الهند. إذا كانت الفكرة تكمن في مساعدة الأكثر فقراً في العالم، منهم موجودون في الهند أكثر منهم في أي بلد آخر. ولكن عجز الموازنة في الهند أصغر منه في بريطانيا، كما أنها تملك احتياطياً أكبر من العملات الأجنبية. قد تكون للهنود نسختهم الخاصة عن هذا النقاش عن المساعدات والإنصاف. صحيح أن البلدان الأوروبية ترسل المساعدات إلى الهند، لكن الأخيرة تساهم بطريقة غير مباشرة في تمويل عمليات الإنقاذ المالي في منطقة الأورو - من خلال مساهماتها في صندوق النقد الدولي. إلا أن معايير العيش في اليونان أو إيرلندا تبقى مترفة إلى درجة تفوق الخيال بحسب المعايير في الريف الهندي. إنها من سمات عالمٍ حيث تُقلَب مفاهيم البلدان "الغنيّة" و"الفقيرة" رأساً على عقب.

لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 172,015,681

عدد الزوار: 7,655,626

المتواجدون الآن: 0