تفاهم خارجي حول لبنان الجديد ونصيحة دولية إلى "حزب الله": تعاون مع المعتدلين

تاريخ الإضافة الأربعاء 24 حزيران 2009 - 2:36 م    عدد الزيارات 715    التعليقات 0

        

بقلم عبد الكريم أبو النصر
"تم التوصل خلال مشاورات سرية الى تفاهم دولي حول لبنان في مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية، وهو تفاهم يلقى دعما من دول عربية بارزة ومؤثرة، ويدعو الى ضرورة احترام نتائج الانتخابات، وتقبل وجود غالبية واقلية. ويشدد في الوقت نفسه على ضرورة ان تقوم تركيبة الحكم الجديد على اساس التوافق الوطني والضمانات المتبادلة بين كل الافرقاء اللبنانيين وليس على اساس تقديم الضمانات لفريق واحد فقط لأن ذلك يهدد السلم الاهلي والوحدة الوطنية وينتهك الدستور ويتعارض مع متطلبات النظام الديموقراطي". هذا ما كشفته لنا مصادر ديبلوماسية اوروبية في باريس وثيقة الاطلاع على الشؤون اللبنانية، واكده ديبلوماسيون عرب... واوضحت هذه المصادر ان "ثمة اقتناعا دوليا وعربيا وخصوصا اميركيا وفرنسيا بأن مرحلة الحرب الاهلية الباردة التي شهدها لبنان في السنوات الاربع الماضية، والتي تميزت بالاحتقان الشديد السياسي والطائفي والامني والاعلامي وشهدت استخدام العنف والسلاح في الصراع السياسي الداخلي، هذه المرحلة انتهت مع اجراء الانتخابات في السابع من حزيران ومع التفاف اللبنانيين في غالبيتهم الواسعة حول الاستقلاليين ومشروعهم السياسي. ومن الضروري والحيوي تكريس انتهاء هذه الحرب الاهلية الباردة بالتوصل الى تسوية سياسية طويلة الامد بين الافرقاء اللبنانيين تقوم على اساس صيغة جديدة مقبولة من الجميع لتقاسم السلطة ولادارة شؤون البلد في اطار احترام الدستور وميثاق العيش المشترك والنظام الديموقراطي والارادة الحرة للبنانيين"..... واكدت المصادر الاوروبية المطلعة انه انطلاقا من هذا الاقتناع تم التوصل الى تفاهم دولي غير معلن مدعوم من الدول العربية المعتدلة حول لبنان يتضمن المسائل والامور الاساسية الآتية:
أولا: ان قرار الانتقال من مرحلة الحرب الاهلية الباردة الى مرحلة التعاون السلمي بين مختلف الافرقاء اللبنانيين هو في الدرجة الاولى قرار لبناني سيادي لكنه ايضا قرار اقليمي – دولي لأن تطورات الاوضاع في هذا البلد تنعكس سلبا او ايجابا على مسار الاحداث في المنطقة، وقد وافق كل الافرقاء اللبنانيين على اللجوء الى الانتخابات النيابية للاحتكام الى اللبنانيين ومعرفة موقفهم من المشروعين السياسيين الاساسيين المطروحين امامهم: مشروع فريق 14 آذار ومشروع فريق 8 آذار. وقد ادت الانتخابات، وهي الافضل في تاريخ البلد، الى فوز القوى الاستقلالية ممثلة بفريق 14 آذار وحلفائه بغالبية نيابية وشعبية واسعة، اذ ان هذه القوى تتمتع، وفقا للنتائج الرسمية، بالغالبية في مختلف الطوائف باستثناء الطائفة الشيعية. واظهرت نتائج الانتخابات بوضوح ان ما يريده اللبنانيون، في غالبيتهم العظمى، هو انهاء مرحلة التشنج الشديد والمواجهة المستمرة التي عانوا منها خلال السنوات الاربع الماضية وتأليف حكومة جديدة تبني وتعمل وتحقق الامن والاستقرار، ويرفضون حكومة تشل البلد وتعطل القرارات وتجلب الخراب والدمار. ومن الضروري والحيوي احترام الارادة الشعبية الحرة لأن ذلك يؤمن التداول السلمي للسلطة ويحفظ السلم الاهلي والوحدة الوطنية ويضمن استمرار لبنان، ولان الدستور ينص صراحة على ان "الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية" وليس عبر استخدام القوة المسلحة والعنف.
دور مركزي لميشال سليمان
ثانياً – من الناحية الدستورية والواقعية فإن مصلحة لبنان تقضي بأن يكون الحكم توافقيا احتراما للدستور الذي ينص على ان "لا شرعية لاي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك". لكن التوافق الوطني يتطلب، قبل اي شيء آخر، ان تستند تركيبة الحكم الجديد الى نتائج الانتخابات وان تتمتع الغالبية النيابية بالتالي بصلاحيات الغالبية وان تقبل الاقلية انها اقلية. ومن مصلحة لبنان الحيوية تجاوز تجربة السنوات الاربع الماضية وعدم تكرارها لأن التوافق ليس التعطيل والشلل، وليس معناه ان يفرض فريق مطالبه وشروطه على الافرقاء الآخرين، وليس معناه ان تفرض طائفة مطالبها وشروطها على طوائف اخرى. والتوافق ليس معناه ضرورة اتخاذ القرارات بالاجماع بالضرورة لأن ذلك يشل عمل الحكومة والدولة ويتعارض مع طبيعة النظام الديموقراطي. كما ان الحكم التوافقي يستبعد كليا استخدام العنف والسلاح في الصراع السياسي والداخلي لأن ذلك يشكل انتهاكا للدستور وانقلابا على النظام الديموقراطي وصيغة العيش المشترك.
ثالثاً – الحكومة الجديدة يجب ان تكون، بتركيبتها وبرنامجها السياسي، حكومة التوافق والضمانات المتبادلة في اطار احترام مصالح اللبنانيين الحيوية واستقلال لبنان وسيادته وقراره الحر، مما يتطلب مشاركة المعارضة فيها ولكن من دون حصولها على "الثلث المعطل" وذلك لثلاثة اسباب اساسية هي:
1 - إن الانتخابات النيابية وما اسفرت عنه من نتائج الغت "الثلث المعطل" الذي حصلت عليه المعارضة اثر احداث 7 ايار 2008 والهجوم المسلح الذي شنه "حزب الله" وبعض حلفائه على بيروت ومناطق جبلية.
2 – إن قادة الغالبية اعلنوا خلال الحملة الانتخابية انهم يريدون، في حال فوزهم، اشراك المعارضة في الحكومة لكنهم يرفضون منحها "الثلث المعطل". وقد ايد اللبنانيون في غالبيتهم الواسعة هذا الموقف الواضح مما يعني انه يجب اخذه في الحسبان.
3 – إن الدستور لم ينص في اي مادة من مواده على ضرورة منح المعارضة "الثلث المعطل" في الحكومة. ومن الضروري والحيوي احترام الدستور.
رابعاً – ليس ممكنا التحدث عن حكومة توافق وطني اذا لم يكن للرئيس ميشال سليمان دور اساسي فيها، من جهة لان رئيس الجمهورية يشارك في تأليف الحكومة، ولان توقيعه مرسوم تشكيلها ضروري، ومن جهة ثانية لان التوافق الحقيقي يكون بين الافرقاء الرئيسيين الثلاثة الغالبية والاقلية ورئيس الجمهورية. ومن هذا المنطلق يجب ان يكون للرئيس سليمان الدور المرجح في اتخاذ القرارات داخل الحكومة في حال تعذر التفاهم بين الغالبية والاقلية، على اساس انه رئيس توافقي و"هو الذي يضمن، وهو الذي يعطل". وكما قال الرئيس سليمان نفسه فإن "حكومة ما بعد الانتخابات يجب ان تكون جامعة وحاضنة وضامنة بكل اطيافها وليس بجزء منها. فالجزء لا يضمن الكل بل ان العكس هو الصحيح".
ووفقا لما قاله لنا ديبلوماسي اوروبي مطلع: "إن منح المعارضة الثلث المعطل يؤدي الى الغاء دور رئيس الجمهورية التوافقي، او الى تقليصه الى ادنى حد، وهذا يتعارض ويتناقض مع ما تريده الغالبية النيابية والشعبية ومع ما يريده المسيحيون بشكل خاص. وقد احدثت تجربة "الثلث المعطل" في حكومة فؤاد السنيورة منذ اتفاق الدوحة الى يوم اجراء الانتخابات نوعا من الشلل السياسي وعطلت اتخاذ الكثير من القرارات الضرورية. وهذا ما يريد اللبنانيون، في غالبيتهم العظمى، تجنب تكراره مجددا.
وأكد لنا ديبلوماسي فرنسي بارز: "إن فرنسا والكثير من الدول المؤثرة تدعم ميشال سليمان بشكل كامل، وترى انه المسؤول المركزي والمحوري الذي يجسد مؤسسات الدولة اللبنانية الشرعية. ومن الضروري ان يكون للرئيس سليمان دور مهم واساسي في الحكومة المقبلة".
"حزب الله" يحتاج الى المعتدلين
خامساً – ليس ممكنا تجاهل قضية سلاح "حزب الله" خلال عملية تأليف الحكومة الجديدة، بل يجب التعامل مع هذه القضية بجوانبها المختلفة من منطلق الحرص على الدولة اللبنانية ودورها ومؤسساتها وعلى مصالح اللبنانيين عموما، وليس من منطلق الحرص على مصلحة فريق معين او على مصالح جهات اقليمية. كما يجب الأخذ في الحسبان وجود غالبية نيابية جديدة اختارها اللبنانيون وتعكس طموحاتهم وتطلعاتهم وتوقعاتهم بعدم ابقاء البلد رهينة سلاح حزب الله وقرارات قيادته وبعدم استمرار لبنان ساحة مواجهة مفتوحة مع اسرائيل ودول أخرى. ومن الضروري ايضا الامتناع عن اتخاذ أي موقف لبناني رسمي من قضية سلاح حزب الله يتناقض مع ما تنص عليه قرارارت مجلس الامن ذات الصلة وخصوصا القرار 1701، لأن التزام تطبيق قرارات الشرعية الدولية ضروري لحصول لبنان على دعم دولي وعربي واسع في مختلف المجالات. وانطلاقا من ذلك كله، فان حكومة "التوافق والضمانات المتبادلة" المفترض تاليفها تتطلب مشاركة المعارضة فيها من دون حصولها على الثلث المعطل، كما تتطلب أن يقدم حزب الله في اطارها ضمانات رسمية وجدية بعدم استخدام سلاحه في الداخل مجددا وبعدم جر البلد الى حرب جديدة مع اسرائيل بقرار يتخذه وحده وبالتنسيق مع ايران وسوريا ومن دون الحصول على موافقة السلطة الشرعية التي تمثل الشعب اللبناني. كما يتطلب تأليف هذه الحكومة أن تتعهد الغالبية النيابية حصر مناقشة مصير سلاح حزب الله في مؤتمر الحوار الوطني المنعقد برعاية الرئيس سليمان وعلى أساس ان يتم التفاهم خلاله جديا وفي مستقبل قريب على استراتيجية دفاعية جديدة تنسجم مع قرارات مجلس الامن ويتم في اطارها وضع ضوابط لامتلاك سلاح الحزب واستخدامه. ويتطلب تشكيل هذه الحكومة ايضا التوافق الوطني على ضرورة العمل على تطبيق قرارات مجلس الامن ودعم عمل المحكمة الدولية المكلفة النظر في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وفي جرائم سياسية أخرى، وعلى ضرورة احترام الدستور واتفاق الطائف واعطاء الاولوية لحفظ الامن والاستقرار وتحسين الظروف المعيشية للبنانيين واجراء الاصلاحات الضرورية في قطاعات ومجالات عدة لانقاذ هذا البلد من أوضاعه البالغة الصعوبة وللنهوض به فعلا.
وفي هذا المجال أكد لنا ديبلوماسي أوروبي بارز معني مباشرة بالملف اللبناني "ان من مصلحة "حزب الله" ان يكون اكثر واقعية وحكمة ومرونة من حركة "حماس"، وان يتعلم من دروس هزيمة فريق 8 آذار في الانتخابات وان يجري دراسة متعمقة واعية للعوامل والاسباب التي دفعت اللبنانيين الى منح ثقتهم والغالبية من اصواتهم لفريق 14 آذار وحلفائه. ولعل من اهم الدروس التي يجب ان يستخلصها حزب الله هو انه يحتاج الى القوى المعتدلة التي يمثلها فريق 14 آذار وحلفاؤه ويحتاج الى التعاون الجدي مع هؤلاء المعتدلين لكي يخرج من مأزق تشدده وتطرفه اللذين اديا الى تقلص نفوذه وتأثيره على الصعيد الوطني. ذلك ان اصرار الحزب على مواصلة التمسك بخطه المتشدد يمكنه ان يفجّر نزاعات مسلحة داخلية وخصوصاً اذا ما اراد تكرار تجربة 7 ايار 2008، ويمكنه ايضاً ان يفجّر حرباً جديدة مدمرة مع اسرائيل اذا  قرر استخدام سلاحه خدمة لمصالح جهات اقليمية... واضاف: "إن دولاً وجهات عدة تشجع حالياً وبصورة غير معلنة "حزب الله" على تقبل نتائج الانتخابات فعلاً لا قولاً وعلى اعتماد خيار التعاون الجديد مع الاستقلاليين المعتدلين، لأن استمرار الحزب في اعتماد استراتيجية التشدد في التعامل مع الغالبية النيابية والشعبية سيجعله ينتقل من خسارة الى اخرى ليس على الصعيد الوطني فحسب بل ايضاً على صعيد الطائفة الشيعية التي تريد منه ان يحقق لها مكاسب ويضمن لها حياة آمنة ومستقرة في بلد طبيعي مزدهر وليس ان يجرها من مواجهة الى اخرى ومن هزيمة الى اخرى".
واكد هذا الديبلوماسي الاوروبي ايضاً "ان من الضروري ان تشكل نتائج الانتخابات فرصة ملائمة لكي يوحّد المسيحيون صفوفهم ومواقفهم فيتفقون على مجموعة مبادئ ومطالب محددة واساسية تدعم لبنان المستقل السيد والدولة الموحدة بمؤسساتها الشرعية القوية والفاعلة، لان وحدة المسيحيين تعزز دورهم في البلد وتساهم في حماية الوحدة الوطنية والسلم الاهلي. والدول المعنية بمصير لبنان ستساند كل الجهود الرامية الى توحيد صفوف المسيحيين لان ذلك سيمنع اطرافاً في الداخل والخارج من استغلال انقساماتهم ومن اضعاف دورهم"...

لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 172,012,232

عدد الزوار: 7,655,479

المتواجدون الآن: 0