ما علاقة الاستيطان الإسرائيلي بالنووي الإيراني؟

تاريخ الإضافة الخميس 28 تشرين الثاني 2013 - 7:32 ص    عدد الزيارات 339    التعليقات 0

        

 

ما علاقة الاستيطان الإسرائيلي بالنووي الإيراني؟
إياد مسعود
تجاوز رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أزمة كادت أن تنشب بينه وبين واشنطن، فألغى قراراً أصدره وزير الإسكان في الحكومة أوري ارييل، بتشييد عشرين ألف وحدة سكنية استيطانية، في الضفة الفلسطينية، منها 1200 وحدة في المنطقة (E1) المنطقة الأولى شرقي القدس والتي كان من وظيفتها أن تستكمل فصل القدس الشرقية المحتلة عن محيطها الفلسطيني في الضفة. وقد التقى يوفال شتاينتز (وزير الشؤون الإستراتيجية في الحكومة) مع سيلفان شالوم (وزير الطاقة) مع يعقوب بيري (وزير العلوم والتكنولوجيا) على تقدير خطوة نتنياهو واعتبارها صائبة، وتخطئة قرار ارييل، الذي صدر، كما قيل دون تنسيق مسبق مع رئيس الحكومة.
يأتي قرار نتنياهو، بإلغاء قرار استيطاني أصدره وزير الإسكان، بعد أيام معدودة على لوم وجهه وزير الخارجية الأميركية إلى حكومة نتنياهو، حين حملها مسؤولية توتير الأجواء مع الفلسطينيين، بلجوئها إلى الاستيطان "المبالغ به"، محذراً من خطورة انفجار انتفاضة ثالثة، لن تقتصر أضرارها على الجانب الإسرائيلي، بل وكذلك على أوضاع السلطة الفلسطينية مما يهدد بتدمير العملية التفاوضية، التي بذل وزير الخارجية الأميركي جون كيري جهوداً غير عادية لاستئنافها بين رام الله وتل أبيب. فما هو القصد من قرار نتنياهو إلغاء مشروع استيطاني استراتيجي، دون أن يحسب لردود الفعل السلبية، أي حساب، وهو الذي كان يؤكد حق إسرائيل (المزعوم) في البناء في الضفة الفلسطينية والقدس الشرقية. ولماذا أثنى الوزراء الثلاثة على خطوة نتنياهو، وهل ثمة انقلاب في المشروع الاستيطاني الإسرائيلي؟
مراجعة المواقف الإسرائيلية لا تنبئ أن هناك مراجعة للمشاريع الاستيطانية، وأن المراجعة تتعلق بتوقيت إصدار قرار توسيع الاستيطان. ومصادر نتنياهو زعمت أنه لم يكن يعلم مسبقاً بقرار ارييل، خاصة ما يتعلق منه بالبناء في المنطقة (E1). فما هو التوقيت المناسب (وغير المناسب بالمقابل) لإصدار قرار بتوسيع الاستيطان؟
الصحافة الإسرائيلية تقول إن قرار ارييل ببناء عشرين ألف وحدة سكنية استيطانية صدر في أكثر الأوقات الإسرائيلية دقة، وفي الوقت الذي تجتاح العلاقة بين تل أبيب وواشنطن موجة من الشك وعدم اليقين.
فهناك المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية التي تراوح مكانها في ظل تمسك إسرائيل بشروط أمنية لا يمكن للفلسطيني إلا أن يرفضها، وهو يتفاوض مع الإسرائيليين حول الحدود بين "الدولتين".
فهناك أولاً القدس الشرقية المحتلة التي تقف عائقاً كبيراً في الوصول إلى حل بشأنها، في ظل تمسك كل من الطرفين بها باعتبارها عاصمة دولته.
وهناك ثانياً الاتفاق على حدود الكتل الاستيطانية التي تنوي إسرائيل ضمها إليها في إطار التبادل "المحدود والمتفق عليه" للأراضي بين الجانبين. ففي الوقت الذي يحاول الجانب الفلسطيني تخفيض نسبة الأرض المقترح تبادلها، يحاول الإسرائيليون عكس ذلك والوصول إلى أعلى الأرقام، وهو ما يهدد بتقطيع أوصال الدولة الفلسطينية، والعودة إلى ربط أجزائها بالمعابر، والأنفاق والجسور، العابرة "للمناطق التي ستضمها إسرائيل" والتي ستخضع بالضرورة للسيادة الإسرائيلية مما يبقي حرية حركة الفلسطينيين، حتى داخل دولتهم رهناً بالموافقات الإسرائيلية المسبقة، أو رهناً لآليات تضعها إسرائيل للمواطنين الفلسطينيين بما يثلم واحدة من علامات السيادة في الدولة الفلسطينية، ألا وهي سيادة شعبها على أرضه.
وهناك ثالثاً منطقة غور الأردن بشقه الفلسطيني وهو أكثر المناطق الفلسطينية خصوبة (ويطلق عليه الفلسطينيون لقب "سلة الغذاء الفلسطينية") تتحدث إسرائيل عن ضرورة ضمه لأسباب أمنية وضرورة انتشار القوات الإسرائيلية لحماية حدودها من الخطر (المزعوم) القادم من الشرق.
وهناك رابعاً (وليس أخيراً) نقاط الإنذار المبكر التي تنوي إسرائيل نشرها في قمم التلال والجبال الفلسطينية ذات الموقع الاستراتيجي، بما يتطلبه من شق طرق بينها وبين "العمق الإسرائيلي" ما يعني بقاء أقسام غير قليلة من المناطق الفلسطينية تحت السيادة الإسرائيلية.
في الوقت نفسه يلاحظ أن الأميركيين، ولأسباب تكتيكية، لا يترددون في انتقاد الاستيطان باعتباره عملاً غير شرعي، ومن شأنه أن يعطل العملية التفاوضية والوصول إلى حل لقضايا الوضع الدائم. مثل هذا الانتقاد صدر على لسان السفير مارتن أنديك، ممثل الوزير كيري إلى طاولة المفاوضة، كما صدر على لسان كيري نفسه في زيارته الأخيرة للمنطقة الأمر الذي أثار استياء حكومة نتنياهو، قرأنا علاماته الكبرى في تعليقات الصحف العبرية آنذاك.
في ظل هذا كله، يقول المراقبون في تل أبيب، إن قرار نتنياهو إلغاء مشروع الاستيطان الذي أعلن عنه وزير الإسكان أوري ارييل، لا يمسّ الإستراتيجية التفاوضية الإسرائيلية، ولا يمثل سياسة جديدة في طبيعة الاستيطان، بقدر ما هو (أي قرار الإلغاء) خطوة تكتيكية هدفها أمران:
العمل على تخفيض منسوب التوتر مع واشنطن التي نصحت الإسرائيليين بمواصلة الاستيطان لكن "بحذر وبشكل ذكي وبطريقة ناعمة" أي دون استفزاز الفلسطينيين، أو على الأقل، مع أقل درجة استفزاز ممكنة.
أما الأمر الثاني فهو إفساح المجال أمام الرئيس الفلسطيني محمود عباس لرفضه استقالة تقدم بها وفده إلى المفاوضات احتجاجاً على التعنت الإسرائيلي في قضايا الحدود، وعلى مواصلة الاستيطان.
غير أن أمراً آخر، يقول المراقبون إن نتنياهو أراد تحقيقه في خطوته هذه ألا وهو تنقية الأجواء بين واشنطن وتل أبيب، وتنحية الخلافات "الجانبية" لصالح الاهتمام بأمر استراتيجي هو الاتفاق على حدود الصفقة الغربية مع إيران حول برنامجها النووي وامتلاكها مفتاح تخصيب الوقود النووي، بما يمكنها الاعتماد على الذات في صناعة القنبلة الذرية. مستشارو نتنياهو لم يخفوا أن خطوته الأخيرة بشأن الاستيطان هي تكتيك من أجل الوصول مع الأميركيين إلى أفضل صفقة تنزع من إيران إمكانية صناعة السلاح النووي. وبين تأجيل بناء عشرين ألف شقة استيطانية، وبين الوصول إلى اتفاق يرسم سقفاً للقدرة النووية الإيرانية (وبما يضمن أمن إسرائيل وتفوقها الاستراتيجي في المنطقة) فإن القضية الثانية هي التي تستحق أن تكون ذات أولوية ما دونها أولوية أخرى.
خطوة إسرائيلية تكتيكية تنبئ أن تل أبيب لم تسقط من حساباتها توسيع مشاريعها الاستيطانية، ما يعني أن المشكلة مازالت قائمة بينها وبين الفلسطينيين والذين يتوجب عليهم امتلاك إستراتيجية سياسية شاملة للتصدي لتحديات العملية التفاوضية الجارية وصعوباتها القادمة حتماً.
 

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,315,696

عدد الزوار: 7,627,544

المتواجدون الآن: 0