اتفاق جنيف النووي لن يطفئ ظمأ الاقتصاد الإيراني

تاريخ الإضافة الجمعة 29 تشرين الثاني 2013 - 6:49 ص    عدد الزيارات 321    التعليقات 0

        

 

اتفاق جنيف النووي لن يطفئ ظمأ الاقتصاد الإيراني
هلا صغبيني
أثارت التصريحات الصادرة بعد توقيع الاتفاق النووي بين إيران والقوى العظمى في جنيف، لبساً حول مدى استفادة الاقتصاد الإيراني جرّاء قرار تخفيف بعض العقوبات المفروضة على الجمهورية الإسلامية، حيث تمّ التداول بمبلغ 7 مليارات دولار أميركي ستستفيد منها إيران بموجب الاتفاق، وهو رقم سنقوم بتفصيله لتبيان حقيقة ما هو مسموح لإيران الإفادة منه، وإظهار مدى تواضعه مقابل ما تحتاجه إيران لتفعيل اقتصادها.
إنّ التنازلات المهمّة التي قدّمتها إيران في هذا الاتفاق مقابل التخفيف عن بعض العقوبات، تشير إلى مدى الحراجة التي بلغها اقتصادها والخسائر التي تكبّدها والتي قدّرتها وزارة الخزانة الأميركية بنحو 120 مليار دولار جراء العقوبات المفروضة عليها منذ العام 1979 حين جمّدت واشنطن الأرصدة الإيرانية في المصارف الأميركية وفروعها بعد احتجاز رهائن في السفارة الأميركية في طهران. وواصلت واشنطن تشديد عقوباتها على الجمهورية الإسلامية إلى أن شاركها الاتحاد الأوروبي في تموز 2012 بفرض حظر نفطي تدريجي على إيران لا سابق له مترافقاً مع تجميد لأرصدة المصرف المركزي الإيراني.
وأدّت الجدّية في تطبيق العقوبات إلى دخول الاقتصاد الإيراني في نفق مظلم لا نهاية له، حيث راح يتدهور بشكل سريع ودراماتيكي. ففي خلال السنتين الأخيرتين، بلغ التضخم مستوى الـ50 في المئة، وفَقَدَ الريال الإيراني نحو 60 في المئة من قيمته، وسجّل النمو تراجعاً فوصل إلى مستوى سلبي في 2012 هو 1,9 في المئة بحسب أرقام صندوق النقد الدولي.
أمّا الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لإيران، فيتوقع أن يخسر 160 مليار دولار حيث تشير توقعات صندوق النقد الدولي إلى أنّه قد ينكمش إلى 389 مليار دولار في 2013 من 549 ملياراً في 2012. ناهيك عن سياسة الدعم باهظة التكلفة التي اعتمدها الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد (الذي وجّه له بالأمس الرئيس حسن روحاني انتقادات لاذعة) حيث كانت تحصل غالبية الأسر الإيرانية على مساعدات مالية، ما أدى إلى رفع نسب التضخم.
وما فاقم أزمة طهران الإيرانية هو عدم دخول مبالغ نقدية كانت ستعزّز ميزان مدفوعاتها. فالتجارة الخارجية الإيرانية باتت، مع العقوبات، تتم عبر مقايضة نفطها بسلع يصنعها زبائنها، لا سيما بعدما عززت واشنطن استخدام قانون مكافحة تبييض الأموال وذلك بهدف زيادة المخاطر القانونية التي تتحمّلها المصارف التي تتعامل مع واشنطن إذا واصلت تعاملاتها مع إيران. وهو ما تسبّب في استبعاد الشركات الإيرانية من النظام المصرفي العالمي الذي يموّل التجارة، حيث كان من الصعب عليها، إن لم يكن شبه مستحيل، أن تحصل على خطابات ائتمان أو تحول أموالاً إلى الخارج من خلال المصارف.
أمّا اليوم، ما هي إفادة إيران اقتصادياً من اتفاق جنيف؟
صحيح أنّ إيران ستحصل على نحو 7 مليارات دولار، وفق التقديرات التي أعلنتها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما في الاتفاق المرحلي الذي تمّ التوصل إليه في جنيف ومدّته 6 أشهر.
لكن قراءة متأنية في تفاصيل هذا المبلغ تظهر الآتي:
- يوفر الاتفاق المبدئي إطلاق 4,2 مليارات دولار أميركي من الأصول النفطية المجمّدة على ستة أشهر.
- يبقى 2,8 ملياري دولار للسماح لإيران بدفع مبلغ 400 مليون دولار لطلابها الذين يدرسون في الخارج لمدة 6 أشهر، والسماح لها بالمبلغ المتبقي بشراء قطع غيار لطائرات مدنية ولتصنيع السيارات والمواد الخاصة بالمنتجات الكيميائية، ولشراء المعادن الثمينة وبيعها بما في ذلك الذهب.
بمعنى آخر، سيدخل إلى إيران مبلغ 4,2 مليارات دولار على ستة أشهر بشكل تدريجي في حال التزمت بنود الاتفاق، وسيخرج منها 2,8 ملياري دولار لشراء ما سبق ذكره.
هذه المليارات الـ4,2 هي مبلغ زهيد مجمّد لإيران من أصولها النفطية (والتي تقدّر بنحو مئة مليار مجمّدة في الخارج)، علماً أنّه مسموح لها أن تنتج 1,1 مليون برميل يومياً (وهي تنتج بأقل من هذا السقف حالياً) فيما كانت تنتج قبل العقوبات 2,2 مليوني برميل يومياً. أي أنّ العقوبات المفروضة على إيران، حرمتها عائدات نفطية شهرية تقدّر بـ4 مليارات دولار أو 48 مليار دولار سنوياً.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ المبلغ المتأتي من الإفراج عن بعض عائدات تصدير النفط عبر الحدود لن يساهم بالتأكيد في حل أزمة الموازنة وخفض عجزها المقدّر بنحو 40 مليار دولار والذي كان يموّل بمعظمه من عائدات النفط قبل العقوبات.
لذلك، كما قال مسؤول في وزارة الخزانة الأميركية، فإنّ اتفاق جنيف هو "برنامج متواضع جداً" وأنّه "قياساً إلى حجم الضائقة الاقتصادية التي تمر فيها إيران حالياً، فإنّ الأثر الاقتصادي لهذا التخفيف ضئيل". وتأثيره سيكون معنوياً على الإيرانيين الذين يأملون من خلاله تغييراً في ظروف حياتهم وطريقة عيشهم.
في المجمل، إنّ التوصّل إلى هذا الاتفاق يؤكد أنّ وقع العقوبات على إيران كان موجعاً خلافاً لما حاول المسؤولون الإيرانيون إظهاره للعالم سابقاً. وبالتأكيد ستسعى إيران بعد هذا الاتفاق بعد ستة أشهر إلى اتفاق آخر طويل الأمد يكسر عزلتها ويزيل عنها عبء عقوبات موجعة.
وهذا ما أوحى به الرئيس روحاني حين قال لشعبه بعد التوقيع، إن نظام العقوبات سيبدأ في التحطم مع تطبيق هذا الاتفاق ويهدف إلى التمهيد لاتفاق شامل.
 

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,312,247

عدد الزوار: 7,627,490

المتواجدون الآن: 0