حتى لا يصبح شعار الفيدرالية أكثر واقعية!

تاريخ الإضافة الثلاثاء 17 كانون الأول 2013 - 6:45 ص    عدد الزيارات 319    التعليقات 0

        

 

حتى لا يصبح شعار الفيدرالية أكثر واقعية!
بقلم صلاح سلام
ليس في الأفق ما يُبشّر اللبنانيين، بإمكانية الخروج من الأزمة السياسية المتمادية التي يتخبط فيها البلد، قبل خروج العام الحالي من روزنامة التاريخ!
حالة التأزم المتفاقمة ستنتقل إلى العام الجديد، مع انتقال رهانات الأطراف السياسية إلى تطورات مقبلة في المنطقة، أولها مؤتمر جنيف -٢، في ٢٢ كانون الثاني - يناير المقبل، الذي سيجمع النظام السوري ومعارضيه، لأول مرة منذ اندلاع الثورة السورية، على أمل التوصل إلى صيغة للمرحلة الانتقالية، التي كثُر الحديث عنها في الدوائر الدولية، تُنهي دورة العنف المدمرة، وتفتح أبواب الحل السياسي لأخطر أزمة يعيشها الإقليم حالياً، على إيقاع التدخلات الإقليمية والخارجية، التي تنذر في حال استمرارها بأوخم العواقب، ليس على سوريا وحسب، بل على النظام العربي برمته. 
وفي حال فشل جنيف -٢، في تحقيق التقدم المنشود نحو الحل السياسي، ينتقل رهان الطبقة السياسية إلى أيار المقبل، موعد الاستحقاق الرئاسي السوري، والذي سيتقرر فيه مصير نظام الرئيس بشار الأسد، تمديداً من خلال الأمر الواقع، أو إجراء استفتاء صوري عابر، في حال لم تكن المعارضة السورية قد حسمت أمرها، توحيداً وتنظيماً، وهو أمر مستبعد حتى الآن، استناداً لمجريات الاجتماعات السياسية للأطراف المعارضة، فضلاً عن تطورات الوقائع الميدانية على أرض المواجهة مع قوات النظام وحلفائه، الظاهرين منهم والمستترين!
خلاصة هذه المقدمة، أن الأطراف السياسية اللبنانية سلمت بربط الوضع السياسي الداخلي بتطورات الأزمة في سوريا، على خلفية الانقسام الحاصل بين جماعة ٨ آذار، المؤيدة للنظام السوري، وقوى ١٤ آذار المناصرة للمعارضة. وبالتالي فإن الواقع اللبناني سيبقى أسير الأزمة السورية وتطوراتها، في المدى المنظور!
والسؤال الذي يحق لكل لبناني أن يطرحه: ماذا لو استمرت الحرب في سوريا سنتين أخريين، هل باستطاعة لبنان أن يتحمل استمرار حالة الفراغ والشلل التي تهدد، منذ الآن، دور ومقومات الدولة الشرعية المتداعية؟
* * *
الخلافات والصراعات بين المكونات السياسية اللبنانية ليست جديدة، بل هي وليدة شرعية للنظام السياسي الديمقراطي والتعددي الذي ارتضاه اللبنانيون كإطار لصيغة عيشهم المشترك، ولكن لم يحصل يوماً في مسيرة التجربة اللبنانية، أن بلغت الانقسامات في فترات التأزم السياسي مثل هذه الحدّة، أو حتى مثل هذا التشنج، وخاصة بين الطوائف والمذاهب، حيث غابت معها اليوم مبادرات الحوار والتشاور بحثاً عن الحلول المقبولة، في وقت كانت فيه قنوات الحوار تبقى مفتوحة، وناشطة على أكثر من صعيد، بين القادة الذين خاضوا معركة الاستقلال من مواقع مختلفة، وأداروا شؤون البلاد والعباد في مراحل الاستقرار والازدهار!
القطيعة الحاصلة بين الأطراف السياسية المتصارعة، هي التي أدّت إلى تفاقم الأزمة الحالية، وانسداد آفاق الحلول الوسطية، لأن كل طرف اكتفى بالتخندق وراء مواقفه، والاستقواء بأجندات خارجية لتدعيم خياراته، وعدم الالتفات إلى الشريك في الداخل، للبحث معاً عن المخارج، أو على الأقل لتدوير الزوايا، وتجنب الوقوع في المحظور، سواء العودة إلى لغة العنف، أو البحث عن صيغة أكثر راديكالية، تقضي على ما تبقى من جوامع ومصالح مشتركة بين اللبنانيين!
ولعل الكتابات التي تظهر منذ فترة على حيطان الأشرفية ومناطق أخرى في المتن وكسروان، وترفع شعار «نعم للفيدرالية»، تدلل على حالة اليأس والقنوط التي تسود بعض الأوساط اللبنانية، وخاصة القطاعات الشبابية، من مسلسل الأزمات المتشابكة، الذي يُمسك بخناق البلد، والذي يُشكل أحد أهم عوامل هجرة الكوادر الشبابية إلى الخارج.
«نعم للفيدرالية» يعني أن شريحة من اللبنانيين، قد تشكل نواة لمجموعات أكبر مستقبلاً تفكر في الذهاب إلى صيغة جديدة للبلد، بعدما فقدت الثقة بالصيغة الحالية، التي يحاول البعض أيضاً الإمعان بإثبات إفلاسها لتبرير الخوض بمؤتمر تأسيسي جديد، يطوي صفحة ميثاق ودستور الطائف!
ولكن المسافة بين المنادي بالفيدرالية في الوسط المسيحي، والباحث عن حصة أكثر وزناً، مثل حزب الله، تبقى بعيدة، نظراً للتضارب الحاصل بين الطرفين في منطلقات التفتيش عن حلول لمسلسل الأزمات، توصل الشباب القلق إلى مستوى مُعيّن من الاستقرار والأمان!
* * *
لا بد من الاعتراف بأن حالة الخلل التي تضرب توازن المعادلة الوطنية، بسبب شعور جماعة أو طائفة بفائض القوة، كانت في صلب الأزمة المصيرية التي يتخبط فيها البلد، والتي أحدثت هذا الفراغ في المؤسسات الدستورية، من السلطة التشريعية إلى السلطة التنفيذية، بعد تعذر تشكيل حكومة رغم تكليف رئيسها بشبه إجماع غير مسبوق.
وهذا الشعور بفائض القوة، الذي يُعبّر عنه «حزب الله»، بصيغ مختلفة وتلتقي جميعها باستخدام «الفيتو» على أي طرح سياسي لا يتناسب مع مواقفه، هو الذي يُهدّد بتعطيل الانتخابات الرئاسية، وتكرار سابقة الفراغ في الرئاسة الأولى، وبالتالي تحويل لبنان، الدولة الديمقراطية الأكثر عراقة في المنطقة، إلى دولة فاشلة، حسب المصطلحات والمقاييس الدولية الحديثة!
مرة أخرى نقول، إن المطلوب من «حزب الله»، بما يتصرّف به من فائض القوة، العودة إلى قواعد الصيغة اللبنانية، التي لا تستقيم إلا على قاعدة: «لا غالب ولا مغلوب، لا منتصر ولا منهزم»، لإنقاذ البلد من مهاوي التقسيم والتفتيت، واستعادة الثقة بالعيش الواحد بين اللبنانيين، والعمل معاً على تعزيز الجبهة الداخلية لمواجهة ما يُخطط للمنطقة من فتن وأزمات.
أما في حال استفحال العجز الحالي عن الخروج من دوامة الأزمة المتفاقمة، فيصبح شعار «نعم للفيدرالية» أكثر واقعية بين الأجيال الباحثة عن الأمن والاستقرار!

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,278,679

عدد الزوار: 7,626,700

المتواجدون الآن: 0