أولويات تجهيز الجيش وضرورة الغطاء السياسي

تاريخ الإضافة الثلاثاء 31 كانون الأول 2013 - 6:10 ص    عدد الزيارات 332    التعليقات 0

        

 

أولويات تجهيز الجيش وضرورة الغطاء السياسي**
بقلم رياض قهوجي*
يخشى المراقبون على مستقبل المؤسسة العسكرية في لبنان نتيجة تنامي الصراع المذهبي في المنطقة وفشل الحكومة في تطبيق سياسة النأي بالنفس. وفي الوقت الذي تجد القوات المسلحة اللبنانية نفسها تلعب دوراً مهماً في مواجهة المجموعات السنية المتطرفة التي تحاول التنقل ذهاباً وإياباً من وإلى سوريا لدعم الثوار هناك، لم تتحرك الدولة اللبنانية على الإطلاق لوقف تدفق المئات من مقاتلي حزب الله يومياً نحو سوريا لدعم قوات النظام السوري هناك. والآن، ومع دخول الحرب الأهلية الطائفية السورية إلى لبنان، تواجه القوات المسلحة اللبنانية أقسى أنواع التحدي على الإطلاق بالرغم من أن الجيش اللبناني يفتقر إلى الموارد والتمويل الضروري الكافي والمعدات الضرورية والعتاد المطلوب للتعامل مع هذه المهمة الفائقة الصعوبة. ومن هنا تنبع أهمية الاعلان الأخير لرئيس الوزراء الإيطالي إنريكو ليتّا خلال زيارته مؤخراً لبيروت، عن أنه وبموجب التوصيات التي اتخذتها المجموعة الدولية في نيويورك لدعم لبنان خلال شهر سبتمبر الماضي، سيتم استضافة مؤتمر دولي في روما عام 2014 لدعم القوات المسلّحة اللبنانية.
ولقد عجزت الخزينة اللبنانية عن تمويل خطة خماسية بـ 1.6 مليار دولار أقرتها الحكومة اللبنانية عام 2012 لتسليح الجيش اللبناني، مما جعل الجيش يعتمد حاليا على مساعدات من المجتمع الدولي. وللوقوف على نوعية المساعدات التي يجب على المجتمع الدولي أن يتعهد بتأمينها للجيش اللبناني في مؤتمر رومــا، علينا أن نقيم التهديدات التي يواجهها:
< التوتر المذهبي المتزايد في البلاد الذي تثيره الحرب الأهلية في سوريا وبخاصة تورط حزب الله في الصراع هناك. فالصدامات المتكررة والدائرة ما بين المجموعات السنية المتطرفة والميليشيا العلوية المرتبطة بحزب الله الشيعي وبالنظام السوري في ضاحية جبل محسن في طرابلس تتفاقم ومن المنتظر تجددها مستقبلا. ويخشى انتقال الاقتتال المذهبي الى مدن أخرى مثل بيروت وصيدا.
< ازدياد قوة وعدد المجموعات المنضوية في كنف تنظيم القاعدة في لبنان خصوصاً مع دخول مليون نازح سوري إليه وهو الذي يستضيف حالياً حوالى 400 ألف لاجئ فلسطيني. ويبدو أنه حتى جزءا من المجتمع السني المعتدل في لبنان يتحول أكثر تطرفا نتيجة الحرب الإعلامية الدائرة بين القوى الموالية للنظام السوري وتلك المناهضة له. وهذا الموقف يزداد سوءًا نتيجة الانقسام السياسي في لبنان بين المحور الذي تدعمه إيران والتحالف المدعوم من الغرب.
< ارتفاع عمليات تهريب المتطرفين عبر الحدود البحرية والبرية نتيجة تسيبها.
< تصاعد التوتر في منطقة عمليات القوات الدولية (اليونيفل) في جنوب لبنان مع تناقص دعم الجيش اللبناني. فخلال العامين الماضيين، سحب الجيش اللبناني عدة كتائب من جنوب لبنان لتنفيذ مهام في شمال وشرق البلاد مما أثر على قدرته في دعم عمليات اليونيفل مما يعرض مستقبل وجودها للخطر.
< تأمين المنطقة الاقتصادية للسواحل اللبنانية ومساعدة البحرية اللبنانية على حماية عمليات التنقيب عن النفط والغاز التي من المنتظر أن تبدأ فيها.
< تنامي خطر العصابات الإجرامية المنظمة في لبنان التي تمتلك الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، مما يستلزم تدخل الجيش لدعم القوى الأمنية بفرض النظام.
< تمكين الجيش من حماية البلاد من أي اعتداء خارجي سواء كان من إسرائيل أو أي قوات أجنبية أخرى.
وفي ضوء التهديدات المذكورة آنفاً نجد أن الأولوية في مخطط مشتريات الجيش اللبناني يجب أن تكون لدعم مهام مكافحة الارهاب وحرب العصابات. فيجب أن يتم تجهيز الجيش للتعامل مع المتفجرات والألغام المزروعة على جوانب الطرقات ومع السيارات المفخخة والانتحارية التي تستهدف نقاط التفتيش وقوافله. فقد تعرضت نقطتين للجيش في صيدا مؤخرا لهجمات انتحارية. فإن التقنيات والتكتيكات والإجراءات الجهادية التي كانت تتواجد حصرياً على الساحتين السورية والعراقية قد انتقلتا إلى لبنان وبالتالي علينا توقع رؤية الجيش اللبناني يواجه ما كان يواجهه الجنود الأميركيون والعراقيون، أي الهجمات من جوانب الطرقات باستعمال العبوات الناسفة المحلية الصنع أو السيارات المفخخة الانتحارية أو تعرض الثكنات العسكرية إلى الهجمات بقذائف الهاون أو صواريخ الكاتيوشا.
وبالتالي يحتاج الجيش إلى مركبات تتمتع بالمزيد من الحماية والصلابة بحيث تستطيع تحمل العبوات الناسفة المحلية الصنع والهجمات بواسطة القذائف الصاروخية أو الصمود ضد الألغام والهجمات الانتحارية مثل آليات طراز ام-راب (MRAP)، مزودة بأبراج غير مأهولة لإطلاق النيران.
وتحتاج القوات المسلحة اللبنانية إلى أنظمة اتصالات تكتيكية متقدمة وآمنة للسماح لجنودها بالتخابر في ما بينهم من دون أن يقلقوا من تنصت المقاتلين أو حزب الله على مكالماتهم. فعناصر الجيش تعتمد خلال الكثير من عملياتها الحالية على أجهزة الهاتف الخلوية المدنية للتواصل في ما بينها لأن وسائل الاتصالات التي لديها الآن أصبحت قديمة وغير آمنة وعرضة للتشويش.
ويحتاج الجيش أيضاً لطائرات دون طيار لمهام الاستطلاع لتعزيز قدراته على جمع المعلومات الاستخباراتية، اذ أن ما يملكه اليوم هو 12 مركبة جوية تكتيكية صغيرة من طراز RQ-11 Raven اميركية الصنع، لا يمكن الاعتماد عليها بسبب سهولة التشويش عليها أو حتى السيطرة عليها من طرف خارجي. وقد وهبت الحكومة الأميركية الجيش أيضاً طائرتي استطلاع من طراز سيسنا كرافان لعمليات الاستطلاع تعمل ليلاً نهارا، وهي جل ما لدى الجيش اللبناني للاستطلاع الجوي الفعال.
لدى الجيش اللبناني، الذي يبلغ عدده حوالى الـ 60 ألفاً، عشرة أفواج قوات خاصة تتضمن حوالى 12 ألف جندي. إلا أن هذه الأفواج لم تحظَ جميعها بالعتاد المناسب للقيام بمواجهة المتطرفين المتمرسين بحرب العصابات. وقد يشكل هؤلاء الجنود رأس الحربة في غالبية مهام محاربة الإرهاب وبالتالي يجب توفير التمويل المناسب لهم للتأكد من حصولهم على المناظير الليلية والدروع الجسدية المناسبة بالإضافة إلى أنظمة تحديد المواقع عالمياً (GPS) وأجهزة الاتصالات.
ومن ناحية أخرى تفتقر البحرية اللبنانية إلى الأجهزة والزوارق المناسبة. فلديها سفينة واحدة فقط، وهي لا تزال غير مزودة بالأسلحة الرئيسية، للقيام بأعمال الدورية في المنطقة البحرية الاقتصادية. وهذا لا يكفي لمكافحة عمليات تهريب الأشخاص والأسلحة والقيام بحماية المنصات البحرية لاستخراج النفط والغازً.
إنّ القوات الجوية اللبنانية ضعيفة جداً وعاجزة عن تأمين الاسناد للقوات البرية في مهام مكافحة التمرد. فهي لا تملك أي طائرات حربية نفاثة، ومروحيات الغازيل (Gazelle) الممنوحة من قبل الإمارات العربية المتحدة منذ عدة سنوات لا تزال تفتقر إلى أنظمة التحكم بالنيران.
وهكذا، نجد أن الجيش اللبناني يفتقر للعتاد العسكري المطلوب، ويأمل المراقبون بأن يتمكن مؤتمر رومــا من توفيرها بالسرعة المرجوة. ولكن الجيش يحتاج أيضاً إلى غطاء سياسي كبير سواء في الداخل أو الخارج لتمكينه من مواجهة التحديات الأمنيةً. فالجيش يجد نفسه عالقا في مرمى النيران المذهبية خلال محاولته القيام بالعمليات بطريقة متوازنة بين الطرفين السني والشيعي. وهذا يطرح سؤالاً رئيسياً وهو كيف ستتعامل السلطات اللبنانية مع حزب الله الذي يعتبر القوة الشيعية الفائقة التنظيم والتسليح في لبنان لجهة تورطه العسكري في سوريا؟ وتعتبر هذه المسألة من الأمور التي تعقد مهام القوى الأمنية في محاولاتها احتواء التأثيرات المتنامية للمجموعات السنية المتطرفة في البلد. وبالرغم من أن مشكلة السلاح غير الشرعي لا تزال من أهم التفاصيل التي على القوى المحلية والإقليمية والدولية المشاركة كافة لإيجاد حل لها، إلا أن المسألة الأهم تبقى في تجهيز الجيش اللبناني لمواجهة التحديات الجديدة التي تهدد وحدة لبنان وبقاءه.
* باحث في الشؤون الاستراتيجية
** كُتب هذا التقرير قبل 48 ساعة من الإعلان عن المكرمة السعودية للجيش اللبناني.

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,236,319

عدد الزوار: 7,625,439

المتواجدون الآن: 1