«حزب الله».. العادة على دماء «الشهادة» وقاسم:التسوية التي ندعو إليها فيها تنازلات ومكاسب وتتطلب شجاعة..حقيقة ما نقله اللهيان لنصر الله واستوجب طرح التسوية الشاملة لحل الأزمة السياسية

المناخ الإيجابي يُظلّل حوار اليوم و14 آذار تُشرِّح مبادرة «الحزب»...الحوار الوطني في لبنان يقارب اليوم طرْح تسوية «الصفقة الشاملة»

تاريخ الإضافة الأربعاء 18 تشرين الثاني 2015 - 6:49 ص    عدد الزيارات 2236    التعليقات 0    القسم محلية

        


 

المناخ الإيجابي يُظلّل حوار اليوم و14 آذار تُشرِّح مبادرة «الحزب»
الجمهورية..
الضربات الإرهابية التي هزّت باريس بدّلت في أجندة المجتمع الدولي الذي وضَع في طليعة أولوياته مكافحة الإرهاب عبرَ اتّخاذ كلّ الإجراءات الكفيلة بالقضاء على هذه الظاهرة التي أصبَحت عابرة للحدود وقادرة على هزّ استقرار أيّ دولة في العالم. والإرهاب الذي استهدفَ الضاحية الجنوبية مجدّداً، بعد فترة طويلة نسبياً من الاستقرار الأمني، يتّجه لتحويل أولوية القيادات اللبنانية من سياسية إلى أمنية، خصوصاً بعد إعلان أكثر من مسؤول سياسي وأمني دخولَ لبنان في حرب مفتوحة مع الإرهاب. وفي حال سَلكت الأمور هذا الاتجاه يَعني أنّ الأمن نجَح في تحقيق ما عجزَت عنه السياسة لجهة الدفع نحو تسوية سياسية تُعيد تفعيلَ عمل المؤسسات الدستورية، وتحصينَ الوضع الداخلي بشبكة أمان سياسية. وفي موازاة الدافع الأمني، أوجَدت دعوة الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله إلى تسوية على طريقة السلّة المتكاملة مناخاتٍ إيجابية وتفاؤلية، خصوصاً بَعد تلقّفِها سريعاً من جانب الرئيس سعد الحريري الذي اعتبَر أنّ المدخل لتحقيقها يَكمن في الاتفاق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وفي الوقت الذي كانت فيه مصادر الشكوى من رفض الحزب الوصولَ إلى مساحة مشترَكة مع الفريق الآخر بفِعل التمسّك بشروطه ومرشّحِه، وجَّه نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم رسالةً قوية تَستكمل ما بدأه نصرالله، وقد تُشكّل خرقاً سياسياً يَفتح الباب أمام التسوية السياسية، حيث دعا إلى «تسوية فيها تَبادُل للتنازلات والمكاسب من أجل انتهاز الفرصة والانتقال من لبنان الذي يَشكو إلى لبنان المتعافي»، ما يَعني استعدادَ الحزب للتنازل، الأمرُ الذي يشكّل التحدّي الأبرز أمام هيئة الحوار لتلقّفِ هذا الجوّ وترجمتِه، هذه الهيئة التي تلتئم اليوم في عين التينة، بدلاً من مجلس النواب، تجَنّباً لانعكاس الإجراءات الأمنية على العجَلة الاقتصادية في وسط بيروت، وقد استبَقتها قوى 14 آذار في اجتماع تنسيقي يرمي إلى توحيد الموقف والرؤية من القضايا المطروحة، مِن مواصفات الرئيس إلى مبادرة نصرالله، وما بينهما الوضع الأمني.
في ظلّ الاستنفار العالمي في مواجهة إرهاب «داعش» الذي هدّد أمس الدوَل التي تشارك في ضربات جوّية ضده في سوريا، بأنّها ستَلقى نفس مصير فرنسا، وتوعَّد بشنّ هجوم في واشنطن، ومع بقاء لبنان في دائرة الاستهداف، خصوصاً بعد التحذيرات الرسمية والأمنية من تكرار مشهد التفجيرات الإرهابية، ومع تزايُد الحديث عن تحرّك ديبلوماسي عربي ودولي مكثّف باتّجاهه، غابَ التشنّج عن الخطاب السياسي وسادت لغة التهدئة.

الجنرال براون

وقد وصَل الى لبنان عصر أمس قائد القوات الجوّية في القيادة الوسطى الأميركية الجنرال تشارلز براون آتياً من عمان، في زيارة الى لبنان تستمر حتى اليوم الثلاثاء.

وعلمت «الجمهورية» أنّ زيارة براون الى بيروت كانت مقررة سابقاً، لكن بَعد التفجير المزدوج في برج البراجنة والتفجيرات الارهابية التي شهدتها باريس اخيراً بدأت ترتدي طابعاً آخر.

وسيَبحث براون مع المعنيين في التنسيق لمكافحة الارهاب وفي تسليح الجيش اللبناني وتسريع تزويده بالذخائر والأعتدة وتكثيف برنامج التدريب لمواجهة الارهاب في ضوء تجارب الجيش الاميركي في الدول التي حاربَ فيها الارهاب.

وكان القائم بأعمال السفارة الاميركية في بيروت ريتشارد جونز زار وزير الخارجية جبران باسيل معزّياً «بالحادث المأسوي الذي وقعَ في برج البراجنة»، ومهنّئاً في الوقت نفسه «على ردّة الفعل السريعة من قبَل القوى الأمنية»، آملاً في «أن تتوصّل الى كشف كلّ الخيوط والقبضِ على الإرهابيين المسؤولين عن هذا الحادث الرهيب».

ولدى سؤاله: هل تتخوَّفون من الوضع الأمني في لبنان؟ أجاب: «من الواضح أنّ للناس مخاوفَ أمنية في كلّ أنحاء العالم، لذا لا يمكنهم أن يشعروا بأمان في أيّ مكان. وبعد الاعتداءات التي استهدفَت باريس أين يمكن أن يكون الأمان؟ لا يمكننا أن نشعر بالأمان إلّا بعد أن نضَع حدّاً لتفشّي وباء الإرهاب وليس هناك من أيّ مبرّر لقتل الأبرياء، أيّاً تكن القضية أو الغاية».

«14
آذار»

وفيما تشخصُ الأنظار الى طاولة الحوار الوطني التي ستنتقل اليوم الى عين التينة بدلاً من ساحة النجمة برعاية الرئيس بري الذي يقيم غداءً للمتحاورين، عَقدت قوى 14 آذار على جريِ عادتها عشية كلّ جلسة حوارية اجتماعاً تنسيقياً في «بيت الوسط» حضرَه، الى الرئيس فؤاد السنيورة وقياديّين من تيار المستقبل، نائبُ رئيس مجلس النواب فريد مكاري، رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل ومعه عضو المكتب السياسي الكتائبي سيرج داغر، الوزير بطرس حرب، الوزير ميشال فرعون، نائب رئيس حزب القوات اللبنانية النائب جورج عدوان، النائب مروان حماده، منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار الدكتور فارس سعيد، وعددٌ من الشخصيات الحزبية والسياسية المستقلّة.

وقالت مصادر واسعة الاطّلاع لـ«الجمهورية» إنّ المجتمعين أجروا تقويماً للتطوّرات عشية الجلسة العاشرة لهيئة الحوار الوطني، وناقَشوا المبادرة التي أطلقَها السيّد نصرالله بهدف تكوين موقف موحّد منها، وقد تمّ تفنيد بنودِها المختلفة، مِن انتخاب رئيس الجمهورية الى التركيبة الحكومية المقبلة فقانون الانتخاب، وأجريَت قراءة متأنّية للظروف التي أملتها، وكيف يمكن تلقُّفها، بانتظار ما ستحمله جلسة اليوم من استعدادات، باعتبار أنّ الموضوع سيكون مطروحاً عليها بقوّة التوقيت الزمني وعلى خلفية الطارئ الأمني بعد جريمة التفجير المزدوجة في برج البراجنة.

وقالت المصادر إنّ التفاهم رسا على استمرار إعطاء هذه القوى الأولوية للانتخابات الرئاسية التي تشكّل المدخل للبنود والاستحقاقات الأخرى، خصوصاً بعد أن توصّلت هيئة الحوار الى مواصفات محدّدة تفرض البحث عن رئيس لا يشكّل تحدّياً لأيّ من الأطراف المتصارعة.

وفي المعلومات أنّ المجتمعين تبَلّغوا من الرئيس بري أنّه وجّه الدعوة الى هيئة مكتب المجلس يوم غدٍ الأربعاء لتشكيل اللجنة المكلّفة وضعَ قانون جديد للانتخاب على خلفية البحث عن قواسم مشتركة ضمن مشاريع القوانين الموجودة في مهلة شهرين. كما أنّ الإجراءات الإدارية لإصدار قانون استعادة الجنسية قد بوشِرت من أجل إصدار المرسوم الذي ستَجول به الأمانة العامة للمجلس على الوزراء لتوقيعِه دون الحاجة الى جلسة لمجلس الوزراء.

وتبَلّغ المجتمعون بأنّ رئيس الكتائب لن يشارك في اجتماع الهيئة اليوم انطلاقاً من موقفه الثابت من عدم دعوة مجلس الوزراء لمواجهة ما هو طارئ في ظلّ الظروف الأمنية التي عاشَتها البلاد ولا سيّما التفجيرات الأخيرة التي لم تستدعِ برأي المعنيين دافعاً إلى عقدِ جلسة استثنائية لمجلس الوزراء، وقضايا مختلفة يجب أن يواكبَها مجلس الوزراء تشَكّل همّاً يومياً لمختلف الفئات اللبنانية.

وعلمَت «الجمهورية» أنّ المجتمعين تطرّقوا أيضاً إلى انتخابات نقابة المحامين وما رافقَها من تباينات أدّت إلى سقوط مرشّح هذه القوى.

التسوية السياسية

وعشية الحوار، تواصَلت الدعوات الى الإفادة من المناخات الإيجابية، فيما دعا «حزب الله» الى تلقّف المبادرة التي طرَحها الامين العام للحزب السيّد حسن نصر الله أخيراً.

وفي هذا السياق، اعتبَر الشيخ قاسم أن «لا بديل عن التسوية الداخلية التي طرَحها السيد نصرالله»، مؤكّداً «عقمَ انتظار التطوّرات الخارجية»، مشيراً إلى أنّ «الفرصة لا زالت سانحة في ظلّ استقرار أمني معقول ومناسب، فنستطيع أن نلملمَ أوضاعَنا وأن نناقشَ ونتحاور ونصل إلى النتائج المطلوبة».

وقال قاسم: «ليَكن معلومًا أنّ التسوية فيها تنازلات ومكاسب، لا يوجَد تسوية بمكاسب فقط، أي علينا نحن أن نتنازلَ مقابل ما نَربح، وعليهم هم أن يتنازَلوا مقابل ما يربحون، لا يوجَد في التسوية رِبح خالص وخسارة خالصة».

وأضاف: «نحن ندعو إلى تسوية فيها تبادُل للتنازلات والمكاسب من أجل انتهاز الفرصة والانتقال من لبنان الذي يَشكو إلى لبنان المتعافي»، وأكّد أنّ «هذا الأمر يتطلب شجاعة وإقدامًا، ونحن نملك هذه الشجاعة ونتمنّى أن يملكها كلّ القادة في لبنان».

قزّي

وقال وزير العمل سجعان قزي لـ»الجمهورية»:»المسألة ليست إيجابيةَ أو عدمَ إيجابيةِ كلام السيّد نصرالله، لا شكّ في أنّ ما قاله إيجابي من الناحية الحوارية، لكن في المقابل لا يجوز أن نضطرّ إلى إجراء تسوية سياسية كلّما كان لدينا استحقاق دستوري، فهذا يعني أنّ لبنان ليس وطناً نهائياً، لأنّ التسويات لا تجري كلّ يوم وكلّ سنة وكلّ 5 سنوات.

أمّا إذا كان يعني بالتسوية التفاهمَ على رئاسة الجمهورية، فالتفاهم يكون بالاتفاق على رئيس يثير ارتياحَ مختلف الاطراف ويَجري انتخابه من دون دفتر شروط مسبَق. فإذا كان هذا الغرَض فنحن نتفهّمه».

لا مجلس وزراء

ومع استمرار عمل الحكومة في إجازة، اعتبَر رئيس حزب «القوّات اللبنانيّة» سمير جعجع أنّ «من العار أن لا تجتمع الحكومة في لبنان بعد أربعة أيام على تفجير الضاحية وسقوط 45 شهيداً لبنانياً».

من جهته استغربَ حزب الكتائب عدمَ انعقاد مجلس الوزراء بشكل استثنائي فورَ حصول التفجير في برج البراجنة، وحمّلَ «الحكومة بكامل مكوّناتها، مسؤولية وضعِ المصلحة الوطنية العليا وهموم الناس الأمنية والمعيشية والحياتية فوق أيّ إعتبار آخر».

بان: سلاح «الحزب» يقوّض قدرة الدولة

وفي سياق التقرير الدوري الذي يقدّمه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى أعضاء مجلس الأمن الدولي حول تنفيذ قرار المجلس 1701 الذي أنهى الأعمال العسكرية بين «حزب الله» وإسرائيل عام 2006، قال في تقريره الأخير الذي يتناول الوضع في لبنان خلال الفترة من 25 حزيران إلى 4 تشرين الثاني من العام الحالي، إنّ تسَلّحَ «حزب الله» يشكّل انتهاكًا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ويقوّض قدرة الدولة على بسطِ سيادتها وسلطتها بشكل كامل على أراضيها».

وأهابَ «بجميع الأطراف اللبنانية أن تكفّ عن أيّ مشاركة في النزاع السوري، وأن تلتزم مجدّداً بسياسة النأي بالنفس». ودعا جميع القادة اللبنانيين إلى التقيّد بدستور لبنان وباتّفاق الطائف وبالميثاق الوطني، كما دعا أعضاءَ المجلس النيابي الذين يقاطعون الجلسات البرلمانية الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية، إلى أن يتيحوا انعقاد تلك الجلسات على وجه السرعة لانتخاب رئيس للجمهورية دون مزيد من التأخير».
«حزب الله».. العادة على دماء «الشهادة»
المستقبل..علي الحسيني
لم تعد هناك مشكلة لدى «حزب الله» تمنعه من الاعتراف بسقوط عناصره في سوريا، حتّى ولو تكرر السقوط هذا في اليوم مرّتين أو أكثر، أو حتى ولو أدى إلى سقوط مجموعة بأكملها، وهو الأمر الذي أصبح يتكرّر في المرحلة الأخيرة بشكل لافت، خصوصاً في ظل امتلاك الحزب توصيفات جاهزة ينعى من خلالها هؤلاء العناصر يوماً تحت حجّة «الواجب الجهادي» وأياماً ضمن خانة الدفاع عن «المقامات».

بين توصيفات الحزب «الملائكية» التي يهدف من ورائها إلى إعلاء شأن الحرب التي يخوضها ومنحها منزلة «عقائدية» و»إلهية» كما سبق وفعل في حرب تموز 2007، وبين بحثه عن أسباب تخفيفية أمام جمهوره ترفع عنه مسؤولية الدماء وتبعده عن المحاسبة أقله في الوقت الراهن، تتكاثر أعداد القتلى وترتفع بين لحظة وأخرى بشكل مخيف يُنذر بأيام صعبة بدأت تتسلل فعلاً إلى داخل بيئة تحوّلت إلى هدف ثابت عند الحدود وخارجها وأيضاً داخلها من دون أن تجد من يرفع عنها كأس موت يتهددها ويُحاصرها ضمن «مرّبعات» أمنيّة ما عادت هي الأخرى قادرة على حماية نفسها.

أسماء جديدة أضيفت أمس إلى سجل عناصر «حزب الله» الذين يتوافدون إلى سوريا تحت «رايات» متعددة للذود عن نظام يلفظ أنفاسه الأخيرة لم يجد غير الإرهاب طريقاً يسلكه للتغطية عن جرائم يرتكبها في الداخل. يوم أمس سقط للحزب في سوريا عنصر إضافي هو محمد علي غسان حمود من بلدة شحّين الجنوبية وما كاد الخبر ينتشر على مواقع التواصل العائدة الى جمهور الحزب بعدما بلغه خبر النعي، حتى شيّع «حزب الله» العنصر محمد محمود نذر من بلدة عرب صاليم الجنوبية وهو من جهاز «الإعلام الحربي» في الحزب سقط في ريف إدلب، وقد ترافق النعي مع بث شريط مصوّر يظهر فيه إلى جانب صديق يتلو آيات قرآنية، وعند انتهائه يتوجّه نذر إلى الكاميرا ليوصي أصدقاءه قائلاً لهم «أوصيكم بقراءة آيات من القرآن كل نهار جمعة عندما أستشهد»، ما يوحي بأن قيادتهم قد وضعتهم بشكل مسبق في أجواء الموت، على عكس حتميّة «النصر» التي تتردد في المناسبات ذات الطابع الحزبي والديني وينقلونها معهم من منبر إلى آخر.

هو موت جرى الترخيص له بتوقيع علني يوم أُعلن «الاستعداد للتضحية بثلثي أبناء الطائفة الشيعية مُقابل أن يعيش الثُلث المُتبقّي بكرامة«. ولكن مع هذا السقوط المتكرر للعناصر في أكثر من منطقة في سوريا، يعجز «حزب الله» عن إيجاد أرضية صلبة يُمكن أن يقف عليها بثبات علّه يتمكّن من مداواة جراح أثخنته ووضعته في قفص الاتهام بجرائم حرب وفرضت عليه أيضاً، تبديل خرائطه العسكرية والأمنية وجعلته ينتقل من الهجوم إلى الدفاع والاكتفاء بالمحافظة على مكتسبات ترواح في أعلى مستوياتها، بين موقع هنا وشارع هناك والإاتسلام إلى شعارات تجعل من العناصر يتقبلون الهزيمة بعد فبركتها وقولبتها ومن ثم حشرها ضمن مصاف «الانتصارات» وإعجازاتها اللغوية الجاهزة لخدمة المشروع.

يزداد تورط «حزب الله« في الحرب السوريّة وتزداد معه الأمور تعقيداً، فكل مجالسه تحوّلت إلى حلقات وعظ تُشبه الحقن المُسكنة في ظل غياب قدرته على الحسم. حتى الموت استعاد نغمته على يد الإرهاب ضمن مناطق تعتبر خالصة له وحده. ما عادت الحجج تنفع ولا حتّى «وعود إلهية» بالنصر. وحده الخوف يُلاحق قادة وعناصر الحزب من موقع إلى آخر، وعلى جبهات الموت يلتقون ليعزفوا بريشة الوجع مصيرهم المجهول وهناك تُنزع أحلامهم للمرّة الأخيرة. ففي «القلمون» و»الزبداني» و»الغوطة» و»حلب» و»القنيطرة» وريف «إدلب» تنعكس خسائر «حزب الله» وهزائمه إلى عامل توتر لدى جمهور لم يعد قادراً على غض الطرف عن مشاهد النعوش التي تتوافد اليه من خارج الحدود وهو المحكوم باستبدال الدموع بشعارات لكل منها وقعه الخاص.. الدامي.
أكّدوا أملهم الكبير بجهوده في سبيل حل الملف قريباً..أهالي العسكريين يطلعون من سلام على آخر تطورات المفاوضات
المستقبل..خالد موسى
أكثر من سنة وثلاثة أشهر وأهالي العسكريين المخطوفين لدى جبهة «النصرة « وتنظيم «داعش» لا يزالون ينتظرون بفارغ الصبر عودة أبنائهم، في الشارع. إلا أنهم لم يتقاعسوا يوماً عن القيام بأي زيارة أو تحرك من شأنه أن يدفع بالملف قدماً الى الأمام. ولهذه الغاية، زاروا السرايا الحكومية امس، والتقوا رئيس مجلس الوزراء تمام سلام بناء على موعد مسبق، من أجل التباحث في آخر ما وصلت اليه المفاوضات.

وعلمت «المستقبل» من مصادر الأهالي أن الشيخ حمزة حمص والد العسكري المخطوف لدى جبهة «النصرة» وائل حمص، قام بزيارة للجرود الجمعة الماضي بناء على اتصال ورده ليل الخميس/الجمعة من أمير «النصرة» في القلمون أبو مالك التلّي يطلب منه التوجّه الى هناك للقائه. وأشارت المصادر الى أن التلّي طلب من حمص تأمين بعض الأغطية للعسكريين للوقاية من البرد مع اقتراب فصل الشتاء، وتوفير بعض المازوت لتدفئتهم، من دون أي مطالب أخرى في ما يخص المفاوضات.

وقال حسين يوسف، والد العسكري المخطوف لدى «داعش» محمد يوسف: «اللقاء مع الرئيس سلام جاء لأنه المؤتمن من قبلنا على الملف ولإعادة تحميله هذه الأمانة التي أكد لنا أنه مستمر في تحملها حتى آخر لحظة ولن يألو جهداً في سبيل الوصول الى حل قريب لهذا الملف«. وأكد أن «الأهالي لديهم أمل كبير بالرئيس سلام لكونه رأس الهرم في الدولة، وبالجهود الكبيرة التي يبذلها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم في سبيل إيجاد خاتمة سعيدة لهذا الملف».

وكشف أن «الحديث مع الرئيس سلام دار حول الإيجابيات والسلبيات الموجودة في الملف، ووضعنا في الأجواء والمراحل التي مرت بها المفاوضات طوال الفترة الماضية، وأكد لنا أن الدولة في كل المحطات كانت تقدم جميع إمكانياتها لحل الملف وفي أمكنة كثيرة كان يجري تجميد لهذه المفاوضات من قبل جبهة النصرة في ما يخص العسكريين المخطوفين لديها من أجل غايات معينة، وتعمل الدولة على تذليل العقد الموجودة للوصول الى الخاتمة التي يرجوها الجميع»، لافتاً الى أن «الرئيس سلام أكد للأهالي أنه يتابع يومياً وباهتمام بالغ تطورات هذا الملف لحظة بلحظة، ولن يتخلى عنه مهما حصل ولن يقصّر في أي مكان في ما يتعلّق بالعسكريين وأهاليهم».

وشدد على أن «هذه التطمينات أفضت الى أجواء من الارتياح والإيجابية وسط الأهالي«، موضحاً أن «هناك تعتيماً كاملاً على الملف من قبل داعش، في ما يخص ملف العسكريين لديه، أما بالنسبة الى الدولة، فالرئيس سلام أكد لنا أنها تحاول بكل الوسائل والطرق أن تصل الى خيوط معينة تؤدي الى فتح ثغرة في موضوع المفاوضات مع داعش، ولكن حتى الآن لا معلومات جديدة ومؤكدة حول مصيرهم. ويبقى الأمل كبيراً بحل ملف النصرة قريباً إن لم يحدث أي شيء مفاجئ على الأرض، والدولة اللبنانية لديها أمل كبير في أن ينعكس هذا الأمر بشكل إيجابي على ملف العسكريين لدى داعش».
الحوار الوطني في لبنان يقارب اليوم طرْح تسوية «الصفقة الشاملة»
بيروت - «الراي»
جاء «11 سبتمبر الفرنسي» الذي ضرب باريس في 13 نوفمبر ليجعل لبنان يتحسّس من جهة مخاطر استمرار دورانه في حلقة الفراغ المؤسساتي المفرغة، ولا سيما على مستوى رئاسة الجمهورية، وليوسّع من جهة أخرى قراءته لـ «المذبحة» التي أصابت الضاحية الجنوبية لبيروت الخميس الماضي مع التفجير المزدوج في محلّة برج البراجنة الذي خلّف 43 قتيلاً و239 جريحاً.
وبدا من الصعب فصل «خميس الموت» في بيروت عن «عاصفة الإرهاب» المتنقّل التي حوّلت باريس ليل الجمعة «فيلم رعب» حقيقياً أسدل الستارة على مشهد دموي لم تعرفه فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية، لتنفتح مرحلة جديدة من الصراع مع الإرهاب والحرب عليه تشي كل المؤشرات بأنها لن تكون هذه المرّة «تقليدية».
وارتفعت المخاوف في بيروت تبعاً لذلك من ان تكون العملية المزدوجة التي طاولت برج البراجنة قبل نحو 24 ساعة من هجمات باريس في إطار قرار من «داعش» بنقْل المعركة الى مستوى غير مسبوقٍ، في غمرة اشتداد «الحرب العالمية» على التنظيم، الذي يَظهر بوضوح انه قرّر الردّ الموجع في أكثر من ساحة وصولاً الى توسيع رقعة عملياته النوعية الى أوروبا وربما أبعد.
وإذا كان تفجيرا برج البراجنة لا يشكلان معطى يفضي الى تداعيات ميدانية تغيّر قواعد الاشتباك بين «داعش» و«حزب الله» في سورية، رغم ان «عملية البرج» كانت الأكثر دموية في سياق الاستهدافات لمعاقل الحزب في الضاحية وبعض مناطق البقاع الشمالي منذ العام 2013، إلا أنّ لبنان يعاين بدقة التداعيات الجديدة التي بدأت ترتّبها العمليات المتزامنة في باريس على صعيد المواجهة بين «العالم» و«داعش»، باعتبار ان التنظيم سدّد ضربة صاعقة أصابت فرنسا والمجتمع الدولي بالذهول والإرباك، وذلك في ظل المسار المفصلي الذي دخلته الحرب السورية بعد الانخراط العسكري الروسي فيها وايضاً الضربة التي وجّهها «داعش» لموسكو بتفجير طائرة الركاب المدنية فوق سيناء.
ووسط مخاوف أوساط سياسية لبنانية من ان ما بعد أحداث فرنسا قد يكون مفتوحاً على مزيد من الفوضى التي يمكن ان تدفع البلاد ثمناً باهظاً لها في ظل الأزمة السياسية المتمادية في الداخل، فإن بيروت تأخذ في سياق قراءتها للمرحلة المقبلة، الى جانب ما كانت تلمّسته ديبلوماسياً من ان لبنان ليس على «أجندة الاهتمام الدولي»، المشهد المعبّر الذي تَناقلته وسائل اعلام عالمية عن شعورها بعد هجمات فرنسا التي استجرّت تعاطفاً إعلامياً وشعبياً وسياسياً «عالمياً» انها «منسية» او «متروكة» وان ضحايا تفجيريْ الضاحية، لا يساوون في عيون العالم ضحايا تفجيرات باريس، وهو ما اضاء عليه موقع مجلة «التايم» في مقال بعنوان «بيروت تتساءل اذا كانت بعض الاعتداءات الارهابية أهمّ من الأخرى».
وترى أوساط سياسية ان هذا «الشعور» بدأ يعزّز الاقتناع بأنه اذا لم يبادر اللبنانيون الى «نزع أشواكهم» بأيديهم، فإنهم قد يدفعون أثماناً غالية، وهو ما جعل مصادر مطلعة ترصد مآل «اليقظة» الوطنية «النادرة» التي برزت من فوق خطوط التماس السياسية بإزاء مجزرة الضاحية، واذا كان الخطر الأمني الذي أتاح في فبراير 2014 تشكيل حكومة «ربْط النزاع» برئاسة تمام سلام، سيفرض هذه المرة ايضاً تمرير الاستحقاق الرئاسي وفق قواعد مشابهة وانطلاقاً من الدعوة التي وجّهها الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله الى «تسوية شاملة»، تضم في سلّة واحدة رئيس الجمهورية ورئاسة الحكومة الجديدة وتركيبتها وقانون الانتخاب، بما يسمح بـ «الأخذ والعطاء» بين فريقيْ 8 و 14 آذار في كل من هذه الملفات، بحيث مَن يخسر في أحدها يربح في آخر.
وفي حين يُنتظر ان يُبحث طرح نصر الله للمرة الأولى اليوم على طاولة الحوار الوطني التي برز نقل جلساتها من مقر البرلمان الى مقر الرئيس نبيه بري في عين التينة، فإن غموضاً ما زال يلفّ امكانات ولوج مثل هذا الحلّ الشامل في ضوء اعتبار الرئيس سعد الحريري ان «البتّ بمصير الرئاسة هو المدخل السليم لتسوية تعيد إنتاج السلطة التنفيذية وقانون الانتخاب»، وهو ما لاقاه النائب وليد جنبلاط معلناً انه لا يمانع السلة الكاملة على «أن الأولوية ضمن تراتبية بنود هذه السلة يجب ان تكون لانتخاب رئيس الجمهورية».
 
قاسم:التسوية التي ندعو إليها فيها تنازلات ومكاسب وتتطلب شجاعة
بيروت - «الحياة» 
أوضح نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، أن «التسوية الداخلية التي طرحها الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله نعتبرها ضرورية»، داعياً المواطنين والمسؤولين إلى تلقيها، مشدداً على أن «لا بديل منها».
وقال الشيخ قاسم: «ليكن معلوماً أن التسوية فيها تنازلات ومكاسب، لا يوجد تسوية بمكاسب فقط، أي علينا نحن أن نتنازل مقابل ما نربح، وعليهم هم أن يتنازلوا مقابل ما يربحون. لا يوجد في التسوية ربح خالص وخسارة خالصة. نحن ندعو إلى تسوية فيها تبادل للتنازلات والمكاسب من أجل انتهاز الفرصة والانتقال من لبنان الذي يشكو إلى لبنان المتعافي. هذا الأمر يتطلب شجاعة وإقداماً، ونحن نملك هذه الشجاعة ونتمنى أن يملكها كل القادة في لبنان».
وقال إن «هناك سببين للدعوة إلى التسوية: الأول أن انتظار التطورات الخارجية عقيم، لأن من كان يتوقع أن يربح في الخارج ليربح في الداخل، تبيَّن أن هزائم الخارج تتتالى وستتتالى أكثر فأكثر، والثاني أن الفرصة لا زالت سانحة في ظل استقرار أمني معقول ومناسب فنستطيع أن نلملم أوضاعنا وأن نناقش ونتحاور ونصل إلى النتائج المطلوبة».
ودعا عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب نواف الموسوي «الجميع للاستجابة للمبادرة التي انطلقت قبل الجريمة، وتواصلت من بعدها من دون شروط مسبقة».
وطالب رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب اسعد حردان بـ «إصلاح سياسي للنظام يبدأ بقانون انتخاب يقوم على لبنان دائرة انتخابية واحدة وعلى أساس النسبية ومن خارج القيد الطائفي. وانتخاب سريع لرئيس للجمهورية، ومع تفعيل المؤسسات ليتحمّل الجميع مسؤولياتهم».
الجيش يوقف 4 سوريين في بيروت
بيروت - «الحياة» 
فيما واصلت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللبناني أمس تحقيقاتها مع تسعة موقوفين لديها من عناصر الشبكة الإرهابية، دهمت قوة من الجيش ليل أول من أمس، عدداً من الأشخاص المشبوهين، الموجودين داخل أحد المباني في محلة وطى المصيطبة - بيروت، وأوقفت، وفق بيان صادر عن قيادة الجيش - مديرية التوجيه، كلاً من السوريين: عمر حمد الحسين، حسين سراي الحسين، عبود حمد المحمد العبد وحمود حمد المحمد العبد.
وعثرت القوة داخل إحدى طبقات المبنى المذكور، على قاذف «آر بي جي» وبندقية حربية نوع «كلاشنيكوف»، وكمية من القذائف الصاروخية والذخائر المختلفة، إضافة إلى عدد من المناظير وأجهزة الاتصال، وأعتدة عسكرية متنوعة. وسلم الموقوفون مع المضبوطات إلى المرجع المختص وبوشر التحقيق.
ولاحقاً أعلنت قيادة الجيش في بيان عن «إحالة مديرية المخابرات إلى القضاء المختص أمس الإرهابي الموقوف محمد عبدو طالب الذي ينتمي إلى أحد التنظيمات الإرهابية ولمشاركته في القتال إلى جانب هذا التنظيم في سورية. وكان الموقوف بعد عودته إلى لبنان باشر التخطيط مع مجموعة مسلّحة للقيام بعمليات إرهابية في طرابلس». ولفت البيان إلى أنه «توارى عن الأنظار بعد توقيف معظم أفراد المجموعة، وانضم إلى مجموعة علاء كنعان الذي ورد اسمه في ملف فندق دي روي، وقام بإخفاء أحزمة ناسفة تمّ العثور على اثنين منها فيما يجري العمل على كشف مكان الأحزمة الأخرى».
وأشار البيان إلى أن «الموقوف ساعد في إخفاء إرهابيين من مجموعة نبيل سكاف، من بينهم المطلوب جوهر مرجان، وشارك من ضمن مجموعة في الاعتداء على عناصر أمنية في فنيدق بعد توقيف أحد أفراد المجموعة من قبل مديرية المخابرات، ثم خطط لاحقاً مع آخرين، وبعد توقيف أحمد سليم ميقاتي، للاعتداء على مركز الجيش في محلّة الصدقة قرب فنيدق. وتوجد في حقّه مذكرات توقيف وبلاغات بحث وتحرّ بجرم الإرهاب».
وكان الأمن العام أعلن ليل أول من أمس عن توقيف اللبناني إبراهيم رايد والسوري مصطفى الجرف وأن رايد اعترف بنقل أحد الانتحاريين من سورية إلى الشمال من ثم إلى بيروت وأن الجرف اعترف بتحويل أموال إلى الشبكة الإرهابية، وضبطت في حوزته كمية كبيرة من المال. وسلم الموقوفان إلى شعبة المعلومات.
وأكد رئيس بلدية اللبوة البقاعية رامز أمهز بعد توقيف شعبة المعلومات لبنانياً من البلدة من آل سرور، أن «أبناء البلدة يدينون العمل الإرهابي في برج البراجنة»، متمنياً على «وسائل الإعلام التريث في الحكم على ابن البلدة المتّهم بتهريب الانتحاريين اللذين نفّذا عملية البرج بانتظار التحقيقات القضائية لأن اللبوة بلدة مقاومة وترفض أي عمل إرهابي أو أي مشاركة فيه».
وقال: «كل المعلومات التي في حوزة فرع المعلومات برسم القضاء اللبناني، والدولة تحقق في الموضوع، ولا داعي لأن ينصب كل واحد نفسه قاضياً، لكن نطلب باسم عائلات الشهداء وأهل اللبوة أقصى العقوبة لأي إنسان يتبين ضلوعه بهذه العملية الإرهابية ونطالب بتسليمه إلى ضيعته وشنقه على تقاطع اللبوة». ونفى مصدر أمني لـ»الحياة» أن يكون صودر من منزل سرور 450 ألف دولار.
وقفة تضامنية مع الضحايا
إلى ذلك اختار طلاب في عدد من فروع الجامعة اللبنانية تنظيم وقفة تضامنية أمس، للتعبير عن تنديدهم بأسلوب القتل الذي طاول أبرياء عزّل أثناء عودتهم إلى ديارهم. ففي المجمّع الجامعي في الحدث توقّفت الدروس لبعض الوقت ووقف أساتذة الكلية إلى جانب الطلاب، مدينين ما سمّوه «الأعمال البربرية لمن لا دين لهم». على صعيد آخر شيع «حزب الله» وأهالي بلدة البزالية أمس أحمد مصطفى البزال.
«الحوار الوطني» ينعقد اليوم بزخم جديد و «المستقبل» ينتظر «الثنائي» لبلورة دعوة نصرالله
الحياة...بيروت - وليد شقير 
تنعقد هيئة الحوار الوطني برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري في مقره في عين التينة بدلاً من مبنى المجلس النيابي اليوم، في ظل أجواء تقارب إيجابية أكثر في السابق، نجمت عن عوامل عدة آخرها التضامن الوطني الذي ظهر بين كل الفرقاء المتخاصمين في مواجهة الإرهاب إثر التفجير الإجرامي الذي استهدف منطقة برج البراجنة في ضاحية بيروت الجنوبية.
وتضيف مصادر سياسية بارزة على عامل التضامن الوطني هذا في مواجهة الإرهاب ومخاطر تحضير «داعش» موجةً جديدة من التفجيرات، عوامل سياسية أخرى تعطي زخماً لطاولة الحوار الوطني، يترقب الوسطان السياسي والإعلامي كيف سيفيد منها بري من أجل دفع التوافق على الخروج من الأزمة السياسية إلى الأمام.
العامل الأول هو التفاهم الذي أفضى الى تجنيب البلد خضة سياسية نتيجة الخلاف على جدول أعمال الجلسة النيابية التي انعقدت الخميس والجمعة الماضيين بعد مبادرة زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري إلى اقتراح المخرج الذي قبل به بري ثم «التيار الوطني الحر» بزعامة العماد ميشال عون، ورئيس حزب «القوات اللبنانية سمير جعجع، وقضى بإقرار تشريعات الضرورة الملحة المالية، التي تنقذ لبنان من تدهور علاقاته المالية مع الخارج وتسمح باستخدام قروض وهبات في تحريك عجلة الاقتصاد نسبياً، وباشتراطه وضع قانون الانتخاب (مطلب عون وجعجع) على أي جلسة نيابية مقبلة، وإلا لن يحضرها نواب «المستقبل».
وإذ أخرجت مبادرة الحريري وتجاوب الآخرين معها العلاقات السياسية من عنق الزجاجة، فإن العامل الثاني هو مبادرة الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله الى الدعوة لتسوية سياسية شاملة تتناول رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب والحكومة المقبلة وشكلها ورئيسها، داعياً الفرقاء الى «الأخذ والعطاء». ولفتت المصادر البارزة إلى أن دعوة نصرالله سبقت تفجيري برج البراجنة الانتحاريين بيوم، وعاد فأكدها بعد الجريمة ليل السبت، ثم أكد الحريري أنه ينظر بإيجابية الى كل توجه يلتقي مع إرادة اللبنانيين في إيجاد حل للفراغ الرئاسي». وكان نصرالله شكر من ساهموا في إيجاد مخرج للخلاف على عقد الجلسة النيابية في كلمته في 11 الجاري.
وتقول مصادر قيادية في تيار «المستقبل» إن رد فعل الحريري الإيجابي حيال دعوة نصرالله الى السلة الشاملة أدى الى تموضع كل منهما، على الأقل على صعيد الشكل، في موقع التهيؤ لبلورة الأفكار التي طرحت. ولفتت المصادر نفسها رداً على سؤال لـ «الحياة»، الى أن ما حصل من تبادل المواقف إيجابياً تم من دون مقدمات جرت بين الفريقين، ولم تسبقه رسائل متبادلة. وترفض المصادر القيادية في «المستقبل» ربط الأمر بالتضامن الذي حصل بعد جريمة برج البراجنة، «لأن موقفنا في هذا الشأن يعبر عن قناعتنا، وللتذكير فإن رئيس «المستقبل» سبق أن أكد منذ خطابه الشهير في شهر رمضان عام 2014 في أحد الإفطارات الذي دان فيه التفجيرات التي تستهدف المناطق اللبنانية ورفض ذريعة الإرهابيين بأنهم يستهدفون المناطق الشيعية نتيجة تدخل «حزب الله» في سورية. ومن خانته الذاكرة تمكنه العودة الى هذا الخطاب، الذي دعا فيه الحريري أيضاً الى خريطة طريق للتوافق بدايتها حول رئاسة الجمهورية. وهو ذكّر بالعبارة ذاتها أول من أمس في تصريحه».
ورفضت المصادر المقربة من الحريري الخوض في تفسيرات وأسباب دعوة نصرالله إلى تسوية على السلة الشاملة، وما إذا كانت نتيجة التطورات في سورية، أو لأن طهران عدلت من موقفها ودعت الى إنهاء الفراغ الرئاسي أم لا. وقالت المصادر: «نحن لا نفتش عن أسباب مبادرة نصرالله الأخيرة، هذا موقفنا منذ زهاء سنة ونصف السنة. ونأخذ النتيجة العملية مما قاله ونبني عليها بإيجابية في انتظار انعقاد جلسة الحوار الثنائي بيننا وبين الحزب، التي كانت تأجلت بطلب من مدير مكتب الحريري، نادر الحريري إثر جريمة الضاحية نظراً لانشغال الحزب وجميع الناس بتداعياتها الدموية والأمنية. وسنطرح في حوارنا الثنائي المقبل كيف تمكن بلورة هذه الدعوة الى السلّة الشاملة ونستكشف كيف يتم تفعيل هذه المواقف».
وتضيف المصادر السياسية البارزة على ذلك بقولها إن التسوية على عقد الجلسة النيابية ساهمت في إعطاء دفع جديد لهيئة الحوار الوطني، لأن تأجيل بحث قانون الانتخاب في مجلس النواب يعيد هذا الموضوع الى هيئة الحوار. وتضيف: «لو جرى القبول ببحث قانون الانتخاب في البرلمان لكان أدى ذلك الى أمرين لهما عواقب سلبية، منها:
- أنه كان أدى الى اعتبار هيئة الحوار بلا ضرورة، طالما أن جدول أعمالها قائم على السلة ذاتها تقريباً (التي اقترحها نصرالله) وقانون الانتخاب جزء أساسي منها. فلو عكف البرلمان على درسه لكان عون وربما جعجع طالبا بعدم بحثه في هيئة الحوار، وبالتالي كان سيحول دون مقاربة الرئاسة من زاوية التوافق على أمور مرتبطة بها وتعلّق قوى عدة أهمية عليها.
- أن الانكباب على درس قانون الانتخاب في البرلمان، كان سيجعل موضوع ملء الشغور الرئاسي في مرتبة متأخرة من البحث، بحجة انتظار ما سيؤول إليه البحث بالقانون، لا سيما إذا كان العماد عون سيأخذ حجة إضافية لموقفه القائل بإنجاز قانون الانتخاب لإجراء انتخابات يعفيها انتخاب البرلمان الجديد الرئيس».
وتنتهي المصادر البارزة الى القول إن مبادرة الحريري التي أجلت بحث قانون الانتخاب الى مرحلة لاحقة، والتي جاءت تحت عنوان اشتراط بحثه في البرلمان لحضور «المستقبل» أي جلسة مقبلة، ساعدت في إبقاء هيئة الحوار الوعاء اللبناني لبحث أي تسوية تنطلق من الرئاسة وتشمل القانون وغيره. وهذا أعاد تعويم الحوار الوطني والبحث بالسلة، الذي هو هدف بري الأساسي.
حقيقة ما نقله اللهيان لنصر الله واستوجب طرح التسوية الشاملة لحل الأزمة السياسية
مؤتمر «فيينا» جدّي لحل الأزمة السورية وقلق إيراني من التفرُّد الروسي والقبول بالتخلِّي عن الأسد
«من الأسباب الإضافية لطرح نصر الله إجراء التسوية بالداخل هو إستمرار النزف المتواصل لحزب الله جرّاء مشاركته المتواصلة بالصراع العسكري السوري»
اللواء..بقلم معروف الداعوق
ماذا تغيّر حتى يُبادر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله لطرح إجراء «تسوية سياسية شاملة وحقيقية على مستوى الوطن» في هذا الظرف بالذات، في حين أنه تجاهل وعارض أكثر من مبادرة وفكرة طرحها خصومه السياسيون وفي مقدمتهم زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري طوال السنوات الماضية لإخراج لبنان من مأزقه السياسي المعقّد؟.
يُلاحظ سياسي بارز أن طرح نصر الله لإجراء التسوية الشاملة حالياً لم يأتِ هكذا من هباء أو بالصدفة، بل على عكس ذلك تماماً، إنما استند إلى جملة تطورات ومعطيات ووقائع سياسية وعسكرية وديبلوماسية على الساحة السورية وفي الخارج إستوجبت هذا التطور في موقف الحزب الذي كان حتى الأمس القريب يراهن على توظيف التبدلات العسكرية أو ما أطلق عليه في بعض الأحيان تعبير «الحسم العسكري» في الداخل السوري لتوظيفه لصالح فرض التسوية بالقوة أو بالترهيب الذي تعوّد عليه الحزب منذ خروج الجيش السوري من لبنان في ربيع العام 2005 وأخيراً محاولة توظيف التدخل العسكري الروسي ضد المعارضة السورية لإيصال مرشّح الحزب لرئاسة الجمهورية خلافاً لموازين القوى السياسية القائمة وهو ما عبّر عنه الأمين العام للحزب علناً في أعقاب بدء العمليات العسكرية الروسية وقوله لمعارضيه بتبجح يومذاك «وضعنا بالداخل سيتحسّن كثيراً».
في العام الماضي، حضر الرئيس سعد الحريري إلى لبنان وبادر على الفور بإجراء سلسلة إتصالات واسعة مع القيادات السياسية والزعامات طارحاً أفكاراً جديدة وبدائل عدّة لانتخاب رئيس جمهورية توافقي، يُرضي جميع الأطراف من دون استثناء بعيداً عن الاصطفافات والانحياز لمرشح قوى 14 آذار الدكتور سمير جعجع أو مرشّح «حزب الله» النائب ميشال عون، وفي خلاصة المشاورات والاتصالات، بقي الجدار مسدوداً والأزمة تدور في حلقة مفرغة بفعل الرفض القاطع من الحزب لأي من الأفكار المطروحة واستمرار تمسكه بعون مرشحاً للحزب من دون غيره.
قبلها وفي نهاية كانون الثاني عام 2013 طرح الحريري مبادرة من أربع نقاط تضمنت أفكاراً جديدة وتستحق الدرس وتؤكد على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها على أساس الدوائر الصغرى التي تضمن صحة التمثيل لكل الطوائف والمجموعات وإنشاء مجلس شيوخ واعتماد اللامركزية الإدارية الموسعة وتأمين الضمانة الدستورية لإعلان بعبدا والاحتكام للدستور في حل الخلافات السياسية وكان مصيرها التجاهل المطلق أيضاً.
وفي اعتقاد السياسي البارز فإن المستجدات التي استند إليها الأمين العام للحزب هذه المرة نقلها إليه مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين عبد الأمير اللهيان الذي أتى خصيصاً لهذه المهمة موفداً من القيادة الإيرانية بعد زيارته لكل من موسكو وسلطنة عُمان بالرغم من لقاءاته البروتوكولية لبعض الشخصيات والمسؤولين على هامشها، وتضمنت إنزعاجاً إيرانياً واضحاً وقلقاً من استئثار روسيا بالدور الأساس في التحركات الجارية لحل الأزمة السورية إنطلاقاً من دورها في التدخل العسكري الميداني، لافتاً إلى أن موسكو بدأت تتقبّل فعلياً فكرة التخلي عن الرئيس السوري بشار الأسد من أي صيغة تطرح لحل الأزمة بضغط قوي ومباشر من الولايات المتحدة والسعودية وتركيا بالرغم من عدم كشفها عن هذا الموقف علانية، الأمر الذي يسبب انزعاجاً قوياً لدى إيران التي ما تزال تصرّ على دعم الرئيس الأسد وضرورة إشراكه في كل الصيغ المطروحة للحل من قبل مؤتمر «فيينا»، في حين يُؤكّد الروس أن دعم الدول الثلاث المذكورة والأخذ بموقفها الرافض لوجود الأسد واستمراره بالسلطة ضروري ومهم لاستكمال كل مراحل حل الأزمة السورية.
والأهم في المعلومات التي نقلها اللهيان لنصر الله أن هناك جدّية كبيرة لدى الدول المشاركة بمؤتمر «فيينا» لحل الأزمة السورية ومن الضروري التعامل مع هذا التطور باهتمام واتخاذ ما يلزم من إجراءات وتدابير إستباقية لتفادي إنعكاساته وأضراره، خصوصاً بعد التعثّر العسكري للنظام السوري والقوى الداعمة له كحزب الله والحرس الثوري في مواجهة فصائل المعارضة العسكرية السورية المدعومة من حلفائها في واشنطن والرياض وأنقرة بالرغم من الضربات العسكرية الجوية الروسية المتواصلة منذ قرابة الستة أسابيع.
ويُشير السياسي البارز إلى أن ما نقله اللهيان لنصر الله من معطيات ووقائع تجري في الحركة الديبلوماسية المتواصلة بقيادة روسيا، أعطى انطباعاً واضحاً باستياء ضمني لدى إيران من التفرّد الروسي بالتعاطي مع الدول المعنية بحل الأزمة السورية، إلا أنه لا يؤشر لوجود أي توجه لدى طهران لمقاطعة التحركات الروسية بهذا الخصوص، أو لتأزيم العلاقات بين البلدين في هذه المرحلة، وإنما تمّ إطلاع المسؤولين الروس على كل الهواجس التي تعتري القيادة الإيرانية جرّاء المنحى الذي تسلكه الدول المشاركة بمؤتمر «فيينا» وخصوصاً في مسألة حسّاسة تتعلق بمستقبل الرئيس الأسد ومصير النظام السوري كلّه والتشديد على ضرورة أن يؤخذ بالملاحظات والمطالب الإيرانية المطروحة لتوفير الوسائل المطلوبة لتسهيل حل الأزمة السورية.
ومن وجهة نظر السياسي البارز فإن من الأسباب الإضافية لطرح نصر الله إجراء التسوية بالداخل هو استمرار النزف المتواصل لحزب الله جرّاء مشاركته المتواصلة بالصراع العسكري السوري للدفاع عن نظام الأسد وهو استنزاف يرتب أعباء كبيرة وأصبح من دون جدوى بعد أن أصبح مستقبل النظام برمته في مهب ما تقرره الدول الكبرى والمؤثرة في مصير التسوية المرتقبة في حال استكملت حتى النهاية بعدما أظهرت كل المؤشرات إستحالة بقائه بالسلطة مستقبلاً. وهناك أيضاً الرفض المطلق للقوى السياسية المعارضة للحزب للإنصياع لكل الضغوطات التي مارسها لتعطيل الحركة السياسية وشلّ عمل المؤسسات الدستورية لإرغامها على انتخاب رئيس للجمهورية يوالي الحزب وينصاع لتوجهاته وخططه منذ إنتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان في نهاية ربيع 2014.
والسؤال المطروح هل يسلك مشروع التسوية الذي طرحه نصر الله طريق التنفيذ الفعلي؟
يُجيب السياسي البارز بالقول أنه بالرغم من ردود الفعل الأولية المشجعة وبوادرها الإيجابية، إلا أنه من المبكر جداً إعطاء تكهنات بإمكانية نجاح أو فشل تسويق الطرح المذكور، لأنه يحتاج إلى إعادة الثقة المفقودة بين الحزب وخصومه السياسيين أولاً، وثانياً لا بدّ من إنتظار بعض الوقت لترقب كيفية ترجمة مفاعيل اجتماعات مؤتمر «فيينا» على الأرض ومسار التسوية السورية ككل.

المصدر: مصادر مختلفة

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,401,207

عدد الزوار: 7,631,196

المتواجدون الآن: 0