اخبار وتقارير..أنقرة وطهران: التحالف المزمن... واللدود..خبير استراتيجي: إيران وواشنطن أرادتا توريط موسكو في سوريا ..الانسحاب وازن بين حسابات الحقل وحصاد البيدر..أكراد سوريا يتمسكون بالفيدرالية وطالبوا بالضغط على الائتلاف..مفاعيل قرار بوتين سحب قواته من سورية

الحملة الروسية... ما لها وعليها...موسكو تنتظر ضغط واشنطن على حلفائها..أوباما فوجئ فسارع للاتصال ببوتين ليظهر بمظهر من أبلغ مسبقاً

تاريخ الإضافة الأربعاء 16 آذار 2016 - 6:31 ص    عدد الزيارات 2335    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

أنقرة وطهران: التحالف المزمن... واللدود
الحياة..هوشنك أوسي.. * كاتب سوري 
واهمٌ من يعتبر أن التوتّر الحاصل بين إيران وتركيا، سواء في سورية وقبلها في العراق، وعموم منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، هو الأصل والجوهر المعبّر عن حقيقة العلاقة بين هاتين الجارتين التاريخيتين اللدودتين، وأن تركيا الأردوغانيّة، باتت تمثّل الإسلامي السياسي السنّي في مواجهة تمدد واستشراء النفوذ السياسي والعسكري الإيراني - «الصفوي» - الشيعي. ذلك أن إلقاء نظرة فاحصة على طبيعة ونتائج العلاقة بين أنقرة وطهران، خلال العقد والنيّف الأخير، يخلص إلى نتيجة مفادها: تركيا الأردوغانيّة ليست سوى الوجه الآخر لتركيا الأتاتوركيّة، لجهة البراغماتيّة وترجيح كفّة المصالح الاقتصاديّة والأمنيّة على كل الثرثرات و»الهوبرات والعنتريات» التي لطالما دأب بعض الإسلاميين «المتبعثنين» على إثارتها حول مركزيّة تركيا في تمثيل السنّة في مواجهة الشيعيّة السياسيّة؛ الإيرانيّة - الخمينيّة.
«إيران الشاه» و»إيران الخميني» كانتا تنظران إلى تركيا بوصفها المنفذ الوحيد الى أوروبا والغرب، كذلك «تركيا الأردوغانيّة» وقبلها «تركيا الأتاتوركيّة»، كانتا حريصتين على «إلا يفسد الخلاف الســـياسي الودّ الاقتصادي المتنامي بينهما». أبعد من ذلك، إيران التي كانت تستهدف تركيا أمنيّاً واقتصـــاديّاً وســـــياسيّاً، في منـــتصف الثمـــانينات وحتّى نهاية التسعينات، عبر دعم «العمال الكردستاني»، ودعم «حزب الله» التركي، لم تردّ تركيا عليها بالمثل، عبر دعم الحركات الإسلاميّة أو العلمانيّة؛ العربيّة، الأذريّة والكرديّة المعارضة لطهران، لا في الحقبة الأتاتوركيّة - العلمانيّة، ولا في الحقبة الإسلاميّة - الاردوغانيّة!، بل سعت أنقرة إلى تطوير العلاقات الاقتصاديّة مع طهران.
وتجدر الإشارة إلى أن الأخيرة، حاولت استهداف «الكردستاني» بعد مجيء حزب «العدالة والتنمية» للحكم، لكن لم يكن ذلك الاستهداف الاستراتيجي والجذري، القاطع لدابر العلاقة مع الحزب نهائيّاً. بدليل استمرار العلاقة بين الطرفين، وتطوّرها، بخاصّة بعد اندلاع الثورة السورية على نظام الأسد.
ومع معرفة مدى الضلوع الإيراني في المذبحة المفتوحة التي تشهدها سورية، ودعم طهران اللامحدود لنظام الأسد ضد الشعب السوري، كان بإمكان تركيا ممارسة الضغط الاقتصادي وحتى العسكري على إيران، لو كانت جادّة في مسألة دعمها للثورة السوريّة. ولكن، قد يقول قائل تركي: ولماذا تتخذ تركيا ما لم تتخذه الدول الأوروبيّة وأميركا، والدول العربيّة مجتمعة، في استهداف إيران والضغط عليها للحدود القصوى؟!.
بالعودة إلى حبل الودّ التركي - الإيراني، وزيارة رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو الأخيرة لطهران، وحجم الاتفاقات الاقتصاديّة المبرمة بين الجانبين، وتسريب مسؤول إيراني كلاماً جديداً، سمعته طهران من أنقرة، بخصوص الأزمة السوريّة، وطلب الأتراك من الإيرانيين التوسّط لدى الروس لتطبيع العلاقات بين أنقرة وموسكو، في مقابل ســعي تركيا إلى الوساطة بين إيران والسعوديّة،... غالب الظنّ أن التسريب صحيح. ولكن، الأسئلة التي تطرح نفسها هنا: إلى أي مدى يمكن تركيا إقناع إيران بالكفّ عن استهداف أمن واستقرار منطقة الخليج ؟! ثم أي من الوساطات التركيّة، الإقليميّة أو الدوليّة، وجدت طريقها للنجاح، حتّى يمكن الاعتداد بها والاعتماد عليها في ما يخص الوساطة التركيّة المقترحة بين طهران والرياض؟!.
القلق والهاجس التركي من الكرد السوريين، كان الأكثر حضوراً في لقاء داود أوغلو مع المسؤوليين الإيرانيين. وطلب أنقرة من طهران عدم دعم أي مشروع يمكن فيه للكرد السوريين أن يحظوا بدور أو بشكل من أشكال الإدارة (الحكم الذاتي أو الفيديرالي)، في سورية المستقبل، بخاصّة بعد أن طرح الروس صيغة الفدرلة لمستقبل سورية. ونتيجة «توتّر» العلاقات بين أنقرة وموسكو، طلب داود أوغلو من الإيرانيين التوسّط لدى الروس بهدف إقناعهم بالعدول عن هذه الصيغة، وأن أنقرة مستعدّة لتقديم تنازلات مهمّة للروس بخصوص سورية، ومنها ما يتعلّق بمصير النظام في حال استجابت موسكو طلب أنقرة.
أنقرة ستكون مع بقاء نظام الأسد، شريطة عدم ذهاب سورية نحو فدرلة، يتمتّع فيها الكرد بإقليم خاص، يشابه إقليم كردستان العراق. واعتقد بأن هذا هو «الجديد» الذي سمعه الإيرانيون من داود أوغلو. ذلك أن انقرة، التقطت طرح الروس صيغة الفيديراليّة لمستقبل سورية، على أنه تهديد لتركيا، بجعلها أمام خيارين: إمّا الأسد وإما الفيديراليّة السوريّة التي يحظى فيها الكرد بإقليمهم الخاص. وبالتالي، مثلما رضيت تركيا على مضض بإقليم كردستان العراق، ستكون مجبرة على القبول بإقليم كردستان سورية .
وغالب الظنّ أن طرح موسكو للفيديراليّة كمشروح حل مستقبلي لنظام الحكم في سورية، كان الهدف منه ترويع تركيا والضغط عليها، لا أكثر. وأن موسكو غير جادّة في هذا الطرح، وربما تكرر تجربة ستالين في دعم جمهوريّة «كردستان» في إقليم مهاباد سنة 1946، للضغط على نظام الشاه. ثم نفض اليد من دعم تلك الدويلة الكرديّة، بعد الحصول على تنازلات من نظام الشاه. ما أسفر عن إعدام رئيس جمهوريّة كردستان في مهاباد، وقتذاك، من قبل النظام الإيراني.
سيناريو الشيشان خطة موسكو البديلة لسورية ... والأسد سيكون قاديروف الثاني
الحياة...موسكو – رائد جبر 
ترسل موسكو اشارات متناقضة أحياناً حول مسار تطبيق الهدنة في سورية وآفاق العملية السياسية. وفي وقت تؤكد على أهمية الالتزام بـ «الانجاز» الذي تم تحقيقه حتى الآن عبر صمود الهدنة، وضرورة تحويلها الى وقف دائم لإطلاق النار، مع دفع العملية السياسية، فهي في المقلب الآخر عمدت الى تطبيق «قراءة خاصة» لاتفاق وقف الاعمال العدائية، تقوم على رعاية مصالحات ميدانية وفرز المجموعات المسلحة السورية على أساس «دخولها في الهدنة او امتناعها عن إلقاء السلاح ما يجعلها هدفاً للعمليات العسكرية».
وبالتوازي مع النشاط المكثف الذي تقوم به موسكو وواشنطن لدعم جهود المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا في استئناف العملية السياسية وإطلاق مفاوضات، تدل التحركات الروسية ميدانياً، على وجود خطة بديلة لدى الكرملين، تحمل في ملامحها العامة تكراراً لسيناريو انهاء الحرب في الشيشان. من دون ان يعني ذلك تجاهل الفوارق الكبيرة بين الحالتين لجهة تعقيدات الأزمة السورية وتحولها الى صراع اقليمي – دولي.
على رغم ان الإعلان رسمياً عن انتهاء الحرب الشيشانية الثانية التي بدأت في العام 1999 كان في العام 2009 بصدور قرار «وقف حملة مكافحة الارهاب في شمال القوقاز» لكن الانعطاف الاساسي فيها بدأ قبل ذلك بسنوات، وتحديداً منذ العام 2003 عندما نجحت القوات الفيديرالية في فرض سيطرة شبه كاملة على المدن والبلدات الرئيسية ودفعت المقاتلين الى الاحتماء بالمناطق الجبلية الوعرة والغابات الكثيفة في محيط المدن.
وضعت موسكو استراتيجية الحرب بعد ذلك بتقليص الاعتماد على القوات الفيديرالية (الجيش الروسي) تدريجياً والاعتماد على القوات الشيشانية التي شكلت مزيجاً من منتسبي أجهزة الشرطة والأمن، وآلاف المقاتلين السابقين الذين القوا السلاح وانضموا الى «الحرب على الإرهاب» والجزء الأعظم منهم هي الميليشيات التابعة، لـ «الحليف الميداني» لموسكو، المفتي السابق احمد قاديروف الذي قاتل الروس في الحرب الشيشانية الأولى (1993-1996) ثم انتقل الى معسكرهم في العام 1999 وعينه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حاكماً ادارياً على الشيشان في العام 2000 قبل ان يتم تنظيم انتخابات رئاسية فاز فيها في 2003.
فور توليه الرئاسة عمد قاديروف الذي ينتمي الى عشيرة قوية على رغم انها ليست الأكبر في الشيشان، الى فتح الباب امام سلسلة مصالحات عشائرية وأعلن اكثر من مرة عن عفو شامل، مشروطاً بإلقاء السلاح والانضمام الى الأجهزة الأمنية التي شكلها او على الأقل إعلان «التوبة».
وعلى رغم ان القدر لم يمهل احمد حجي وفق تسمية الشيشانيين له، اذ قتل في تفجير انتحاري في أيار (مايو) من العام 2004، لكن الكرملين كان حريصاً على مواصلة المسار الذي أطلقه، وهذا يفسر استدعاء ابنه رمضان قاديروف الى الكرملين على وجه السرعة في الليلة ذاتها وظهوره مع بوتين على شاشات التلفزة، في رسالة هدفت الى تطمين أنصاره وتأكيد استمرار النهج السابق.
وهذا يفسر ايضاً، صمت الكرملين وتجاهله نزوات الشاب الكثيرة الذي غدا رئيساً للشيشان وزعيماً مقرباً من الكرملين وأكثر الشخصيات نفوذاً في منطقة شمال القوقاز كلها. ناهيك عن انه غدا في وقت لاحق، وفق اتهامات مؤسسات حقوقية «الهراوة» التي تسقط على رؤوس المعارضين لسياسات الكرملين، اذ يحتوي سجله على اتهامات باغتيال ناشطين وتهديد آخرين.
بفضل السياسة التي أرساها أحمد حجي قاديروف انضم آلاف المسلحين الى القوات الأمنية وتقلص نفوذ المجموعات المسلحة تدريجياً بعد ذلك، وتزامنت المصالحات مع تشديد القوات الأمنية حملاتها على من تبقى من متمردين.
يبدو المشهد الحالي في قاعدة حميميم في ريف اللاذقية شديد الشبه بالمقر الرئاسي في غوديرميس الشيشانية، حيث كانت تدور اللقاءات المكثفة والمصالحات العشائرية التي أسفرت عن إلقاء آلاف المتمردين اسلحتهم.
في الأيام الأخيرة، أعلنت القاعدة العسكرية الروسية في سورية انها رعت مصالحات مماثلة.
كان أحدثها وفق الناطق العسكري إعلان ممثلين عن عشائر في نحو ثمانين قرية ومنطقة في محافظة حماة انخراطهم في هدنة وقف إطلاق النار. وقبل ذلك أعلن عن التوصل إلى اتفاقات مصالحة مع «عشرات المجموعات المسلحة»، بينها مجموعة تتمركز قرب بلدة محجة (في ريف درعا) يبلغ تعداد أفرادها 450 شخصاً.
ويكفي تتبع بيانات وزارة الدفاع اليومية لإدراك الآلية التي تعمل موسكو على تنشيطها، بصرف النظر عما اذا كانت كل المعطيات المعلنة صحيحة او تحوم حول بعضها شكوك.
يفيد أحد البيانات الصادرة اخيراً بأنه «بلغ عدد المجموعات المسلحة غير الشرعية، التي أعلنت استعدادها تنفيذ وقبول شروط وقف الأعمال القتالية، 42 مجموعة».
ويلفت بيان آخر الى انه «تم إجراء ست جولات من المحادثات مع زعماء روحيين وممثلي بلدات وإدارات بلدات ومناطق في أرياف دمشق وحلب والقنيطرة، وتم خلالها بحث مسألة الانضمام إلى نظام وقف إطلاق النار والتحول إلى الحياة السلمية للمشاركين في المجموعات المعارضة». وأجريت محادثات في شأن الهدنة مع رجال الدين والإدارة المحلية والأوساط الاجتماعية من 12 بلدة في سورية، بمحافظات دمشق وحلب وحمص واللاذقية والقنيطرة.
تحمل لهجة البيانات العسكرية الروسية نوعاً من التحريف في قراءة اتفاق وقف الأعمال العدائية، لجهة انها تتعامل مع كل «المجموعات المسلحة» بصفتها «تشكيلات غير شرعية» مبتعدة بذلك عن روح الاتفاق الذي وضع «داعش» و «جبهة النصرة» وحدهما خارج إطار الهدنة.
وانطلاقاً من هذا الفهم تشجع موسكو النظام على الانخراط في هذه «المصالحات» بل تقوم بدور أساسي في ذلك عبر «تحريك» خريطة عملياتها العسكرية في شكل يمكنها من تخفيف الضغوط على مجموعات معينة في مناطق محددة لتشجيعها على الانخراط في هذا النشاط او احداث انشقاقات في صفوفها. وبالعكس من ذلك توجه ضربات قوية الى مناطق أخرى بهدف ممارسة ضغوط على المسلحين فيها.
ويفسر ذلك ما أوردته تقارير اخيراً، عن تخفيف الغارات على مواقع تسيطر عليها «النصرة» او مجموعات تعتبر قريبة من هذا التنظيم.
وكان لافتاً أن موسكو حولت مركز التنسيق الذي اقامته في قاعدة حميميم من مركز لمراقبة انتهاكات اتفاق وقف الأعمال العدائية، الى غرفة عمليات لفتح اتصالات مع الجهات المختلفة وعقد المصالحات واتفاقات إلقاء السلاح و «الانضمام الى الحرب على الإرهاب».
وإضافة الى الدلالات التي يحملها تحويل القاعدة العسكرية الروسية الى مركز لإدارة هذه العمليات بدلاً من ان تجري في دمشق مثلاً، وهذا أمر يعكس ضعف ثقة الروس بجدية النظام وسعيهم للاشراف مباشرة على هذه العملية، فإن الدور الجديد الذي بدأت تلعبه القاعدة العسكرية الروسية حولها الى ما يشبه مقراً لمندوب سام، اذ تتوافد اليها قوى سياسية وشخصيات مختلفة لإجراء حوارات حول مستقبل العملية السياسية وملفات لا يبدو المكان المناسب لها قاعدة عسكرية اجنبية، مثل وضع تصورات او مسودات لدستور جديد في البلاد، وفق ما نجم عن اجتماع عقد اخيراً في القاعدة بحضور 37 شخصية وصفتهم موسكو بأنهم «ممثلو قوى وطنية ورجال دين» وهم ينتمون الى الاحزاب التي تشكلت برعاية من جانب النظام خلال السنوات الأخيرة.
وبين النشاط «الميداني» الذي تديره قاعدة حميميم، وبالونات الاختبار التي تطلقها موسكو لفتح الباب امام نقاشات حول مستقبل سورية مثل فكرة «الدولة الفيديرالية» تبدو روســيا مطمئنة الى تسليم الغرب بنفوذها في سورية نهائياً، على رغم الغموض الذي يحيط خطواتها المقبلة وخصوصاً على صعيد العلاقة مع نظام بشــار الاســد الذي بدأ الروس يتذمرون من أدائه ويقلصون صلاحياته بانفسهم.
الحملة الروسية... ما لها وعليها
الحياة...موسكو – رائد جبر 
ماذا حققت موسكو من الحملة العسكرية في سورية؟
يبدو الجواب عن السؤال الأكثر تردداً حالياً، واضحاً من وجهة النظر الروسية. لكن مساراته تتشعب ويبدو متناقضاً عندما تتصدى له الأطراف الأخرى خصوصاً في طرفي المعادلة، فلا النظام يبدو مقتنعاً بأن «موسكو أنجزت المهمة»، ولا المعارضة تخفي «شماتتها» بما وصفه بعضهم «بدء الانكفاء الروسي».
وفي الحالين، يخطئ الطرفان كما يقول خبراء روس لأنهما «يريدان أن يخلعا على سياسة الكرملين أمنياتهما».
خلف التباين في الأرقام والمعطيات التي يقدمها العسكريون الروس بصفتها «حصاد الحملة» يؤكد مقربون من الكرملين أن التدخل الروسي المباشر في سورية كان منذ بدايته في نهاية أيلول (سبتمبر) الماضي «محدوداً زمنياً»، يرتبط بإحداث تغييرات محددة على المشهد، وهو أمر تم تنفيذه بالكامل وبنجاح واضح.
وليس مهماً أن يقول وزير الدفاع سيرغي شويغو أن الطيران الروسي ساعد في «تحرير» 400 بلدة، بينما يقول نائبه الموجود في قاعدة حميميم نيكولاي بانكوف أن البلدات التي انتقلت إلى سيطرة النظام بلغ عددها 200. الأهم من هذا التباين أن الكرملين يبدو مرتاحاً تماماً للنتائج، بصرف النظر عن عدم توجيه الضربة القاضية للإرهاب بحسب عنوان الحملة.
ويرى خبراء قريبون من مركز صنع القرار الروسي أن التدخل المباشر نجح في إسقاط نظرية إطاحة النظام عن طريق استخدام القوة، وبدل ملامح المشهد الإقليمي والدولي بما يضمن مكانة أساسية لموسكو ليس فقط في تسوية الملف السوري بل وفي رسم ملامح الشرق الأوسط الجديد. وتبدو موسكو مطمئنة حالياً لتسليم الغرب نهائياً بدورها الجديد، كذلك عبر تأمين التواجد العسكري الدائم في قاعدتي حميميم وطرطوس بما يلبي مصالح مواجهة حلف شمال الأطلسي جنوباً، وتأمين تحركاتها في المتوسط. بهذا المعنى لا تكون موسكو انكفأت في سورية، بل فتحت على مرحلة جديدة من إدارة الصراع.
ويبدو أن المفاجأة كانت تكمن ليس في القرار الروسي بل في توقيته، مع انطلاق جولة المفاوضات الجديدة في جنيف، وبعد تصريحات نارية أطلقها ممثلو النظام.
يلفت البعض إلى أن موسكو تعتبر أن الإنجازات التي تحققت حتى الآن يمكن أن تتعرض لهزات في حال فشل المفاوضات وبدء بعض الأطراف البحث عما وصف بـ»الخيارات البديلة»، وفي هذا الإطار فإن سيناريو تسليح المعارضة بأسلحة أرض – جو كان يمكن أن يسفر عن انزلاق الروس إلى مواجهة أوسع كما يقول معلق عسكري، مشيراً إلى إعلان موسكو السبت الماضي عن أن إسقاط مقاتلة «ميغ» السورية كان باستخدام صاروخ أرض – جو محمول.
ومن مكاسب الانسحاب الحالي، انخراط موسكو كلاعب أساس في التسوية، وهذا يفسر حرص الرئيس فلاديمير بوتين على ربط قراره «العسكري» بتوجيه أوامر إلى وزير الخارجية سيرغي لافروف بتكثيف الجهد لإنجاح العملية السياسية. وتأمل موسكو بتخفيف الضغط الغربي عليها بعد التطور. بينما كان يمكن لاستمرار العملية أن تفاقم من مشكلتها ولا تحقق لها مكاسب إضافية.
يبقى السجال في شأن مصير الأسد، خصوصاً على خلفية التباين بين إعلان دمشق عن «تنسيق روسي – سوري لتقليص التواجد» وتأكيد الكرملين أن «بوتين أبلغ نظيره السوري بالقرار الروسي». ويعتبر خبراء روس أن أداء النظام في جنيف وما بعده ستكون له أهمية كبرى في تحديد مستقبل الرهان عليه.
موسكو تنتظر ضغط واشنطن على حلفائها
الرأي..تقارير خاصة .. كتب ايليا ج. مغناير
بدأت ورشة العمل داخل قاعدة حميميم العسكرية الروسية على الساحل السوري لتحضير الجنود والضباط والطائرات الروسية التي يستغنى عنها في الوقت الراهن للمغادرة والعودة الى البلاد بعدما «حققت روسيا أهدافها».
ويقول ضابط كبير داخل قاعدة حميميم لـ «الراي» ان «الأوامر أُعطيت لعدد من القوات الخاصة والطيارين وأجهزة الحماية وبعض طواقم الهندسة بالعودة وفق لائحة بالأسماء والعديد والمعدات التي رفعتها القيادة العسكرية الروسية بعد الأسبوع الاول من وقف إطلاق النار، بناء على طلب وزارة الدفاع والكرملين. فهناك عدد كبير من الضباط الذين أشرفوا مباشرة على معارك في اللاذقية وحلب وأماكن اخرى ضد جبهة النصرة وحلفائها، وكذلك تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)، وهؤلاء لم يعد لهم عمل بالعدد الموجود حالياً، وكذلك الأمر بالنسبة الى بعض وحدات الحماية والوحدات الصاروخية، التي شاركت في تطهير كل الجبال المحيطة بمحافظة اللاذقية وأبعدت الخطر عن قاعدة حميميم والقاعدة البحرية في طرطوس، كما أمّنت الحماية للمدنيين على طول الخط الساحلي من قصف المسلحين الذي كان يطالهم بين الحين والاخر، وأعادت القوات السورية الى مواقعها القديمة التي كانت عليها في مثل هذا الوقت من العام الماضي. وهكذا، بعدما كانت كل المعارضة وحلفاؤها الاقليميون والغربيون يرفضون وجود ممثلي دمشق على طاولة المفاوضات، أصبح للجميع كلمة وباتت هناك نية للتفاوض دون الغاء اي دور للطرف الآخر، ليصار الى انتخابات فعلية حرة تحت إشراف الامم المتحدة ومن دون اي شروط مسبقة من اي طرف يملك الارض في سورية ما عدا النصرة وداعش».
وشرح المصدر ان «الرئيس باراك اوباما وكذلك ايران ودمشق كانوا على علم بالخطوة الروسية التي جاءت مقابل تعهدات من الأطراف الاقليمية بان يلتزم الجميع بالعملية السياسية ويحافظوا على وقف اطلاق النار وتتوقف المعارك على كل الجبهات ما عدا جبهتي النصرة وداعش».
وأكد المصدر ان «اميركا التزمت مع روسيا بانها ستتولى الضغط المباشر على كل لاعبي المنطقة المتورطين بالداخل السوري، ليكفوا عن التدخل ودعم المعارضة المسلحة، وبأنها ستخاطب مباشرة هذه الدول لفرض وقف اطلاق النار ووقف الدعم العسكري للتنظيمات المسلحة والتحريض الاعلامي، مما سيهيىء تدريجاً لانسحاب كل القوات الأجنبية بعد القضاء على داعش والنصرة، وذلك مقابل ان تبادر موسكو الى اعلان بدء سحب الفائض من قواتها لبث الطمأنينة لدى الأطراف الإقليمية، لتضغط على حلفائها السوريين على الارض. لهذا فان روسيا تقوم بالخطوة من جانبها وتنتظر النتائج من الجانب الاميركي وحلفائه».
وبحسب المصدر فان روسيا «أظهرت للعالم انها تستطيع تجهيز اي قاعدة بأحدث الاسلحة التي لم تُستخدم من قبل، وتستطيع تغيير مجرى الأحداث العسكرية بتدخلها المباشر الداعم لقوات محلية بأقلّ خسائر ممكنة وانها لاعب اساسي على الساحة الدولية ولا سيما في ما يتعلق بالشرق الاوسط. وهذه الاهداف تحققت من الناحية الاستراتيجية. اما من الناحية العملية، فقد منعت روسيا تقسيم سورية وأوقفت إنشاء دولة الخلافة اوالدولة الاسلامية المتطرفة على ارض الشام ولم تسمح بسقوط النظام في دمشق، كي لا يصبح الوضع في سورية كما هو الآن في ليبيا، حيث يندم جميع الذين خططوا وساهموا بإفشال الدولة حين لا ينفع الندم».
وتابع المصدر ان «روسيا استطاعت ان تساعد النظام السوري على استعادة اراضٍ استراتيجية شاسعة ولا سيما حول اللاذقية وحلب، وفك الحصار عن نبل والزهراء، واستعادة الطريق الجنوبي لحلب في خناصر – اثريا، والدفع بالقوات نحو درعا البلد جنوب سورية، والدفع بالمعارضة الى الجلوس الى طاولة المفاوضات بعد ان رفضت ذلك لمدة 4 سنوات».
وأكد المصدر ان هذه الخطوة «لا علاقة لها بالضغط على الرئيس الاسد لان روسيا سألته مراراً اذا كان يريد خوض الانتخابات الرئاسية واذا كان واثقاً من نفسه، فأجاب انه واثق من الفوز وانه سيخوض الانتخابات وهنا يتوقف دورنا لاننا نشارك مع الامم المتحدة بدعم انتخابات حرة ومراقبة دولياً وليترشح مَن يريد، وقد أبلغنا الولايات المتحدة موقفنا هذا ولم نرَ اي اعتراض عليه ولينتخب السوريون مَن يريدون».
أوباما فوجئ فسارع للاتصال ببوتين ليظهر بمظهر من أبلغ مسبقاً
تقارير خاصة ..  واشنطن - من حسين عبدالحسين
التغيرات الشرق أوسطية المتسارعة في سورية وايران احرجت ادارة الرئيس باراك أوباما، فسارعت الاخيرة الى تغطية عجزها بالاتصال بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين للظهور بمظهر وكأن الروس اعلموها بنيتهم تنفيذ انسحاب جزئي لقواتهم من سورية، وفي الوقت نفسه، سجل المتابعون في العاصمة الاميركية تغيرا في موقف البيت الابيض تجاه ايران من «متراخ» الى «أكثر تشددا».
وعلمت «الراي» من مصادر في الكونغرس انه «يبدو ان الادارة وافقت على البدء بمناقشة خيارات فرض عقوبات جديدة على ايران بسبب برنامجها الصاروخي الباليستي».
وفي الشأن الروسي في سورية، أدى اعلان بوتين انسحابا فوريا وجزئيا لقواته من سورية الى احراج لنظيره الاميركي، الذي وجد مسؤولوه انفسهم يستمعون الى الانباء عبر وسائل الاعلام، فتعذّر عليهم الاجابة عن سيل الاسئلة التي انهمرت عليهم لاستيضاحهم الأمر.
وسارع أوباما للاتصال ببوتين هاتفيا للوقوف منه على الموضوع ، ووزع البيت الابيض بيانا، اثر المحادثة، جاء فيه انهما «ناقشا التقدم في تطبيق وقف الاعمال العدائية بين النظام السوري وحلفائه، من جهة، والمعارضة المسلحة من جهة اخرى».
واضاف البيان ان أوباما وبوتين «ناقشا اعلان اليوم (أول من أمس)، حول الانسحاب الجزئي للقوات الروسية من سورية، والخطوات التالية المطلوبة للتوصل لتطبيق كامل لوقف الاعمال القتالية بهدف دفع المفاوضات السياسية حول الصراع». وكان لافتا ان الاتصال بين أوباما وبوتين لم يأت على ذكر الموضوع الايراني، في وقت تبدو الادارة الاميركية في موقف حرج بعد بيان «وكالة الطاقة الذرية الدولية» الاخير حول النشاطات الايرانية النووية، والذي جاء، حسب الدول الغربية الحليفة مقتضبا أكثر مما تفرض الاتفاقية النووية مع ايران.
وكان هنري انشر، المبعوث الاميركي الى الوكالة، سجل اعتراضه على الاختصار في آخر التقارير حول ايران، ما حدا بالامانة العامة الى الرد على الاعتراض الاميركي بالقول انه مع انتهاء مفاعيل قرارات مجلس الأمن حول ايران، والتي كانت تنص على ضرورة ابقاء مجلس الأمن محاطا بالتفاصيل، عادت الوكالة الى تقديم تقارير روتينية.
اما سبب الاحراج الاميركي، والغربي عموما، فمردّه الى الوعود التي قدمها المسؤولون الغربيون لمواطنيهم لناحية ان حجر الاساس في الاتفاقية هو سماح طهران للوكالة بالاشراف التام على كل برنامجها النووي، وهو ما اعتبرته العواصم الغربية انه يحوّل الملف النووي الايراني الى قضية شفافة تثبت عدم حيازة ايران لأي مما يمكن استخدامه لاغراض عسكرية نووية في كل الاوقات.
وترافق الاحراج النووي لأوباما مع «احراج صاروخي»، مع اعلان ايران اجراءها تجارب على صواريخ باليستية ذات مدى الفي كيلومتر. وكانت طهران اجرت تجارب سابقة على صواريخ مداها 800 كيلومتر.
ولأن الاحداث في سورية صارت تسبق أوباما وادارته، ولأن التقارير حول نشاطات ايران النووية جاءت اقل من التوقعات الاميركية، ولأن ايران نجحت في خداع الغربيين، فوافقوا على تخفيف لغة القرار الأممي في ما خص الصواريخ الباليستية، بدت الحكومة الاميركية في موقع بالغ الضعف، ما حدا بها الى تغيير مواقفها السابقة، والتي كانت تنبري للدفاع عن ايران وتجاربها الصاروخية بشكل شبه فوري.
وتنقل المصادر في الكونغرس عن مسؤولين في الادارة قولهم انه «اذا كانت ايران لا تسعى لاظهار نية حسنة في موضوع الصواريخ وتتمسك بحرفية القرار، فيمكن لواشنطن كذلك التمسك بحرفية القرار وفرض عقوبات جديدة على طهران غير متعلقة بالشأن النووي ولا تؤدي الى اختراق بنود الاتفاقية».
خبير استراتيجي: إيران وواشنطن أرادتا توريط موسكو في سوريا ..الانسحاب وازن بين حسابات الحقل وحصاد البيدر
ايلاف..حسن حاميدوي
قال الخبير الإستراتيجي الدكتور علي التواتي إن واشنطن وطهران أرادتا توريط روسيا في المستنقع السوري، لخدمة أهدافهما المختلفة، مشيرًا في حديثه لـ "إيلاف" إلى أن ما يشاع من وجود اتفاق روسي أميركي على هذا الانسحاب هو حديث غير صحيح، مؤكدًا أن القرار هو قرار روسي بحت، جاء بعد تنبه موسكو إلى وجود فخ يتم جرُهم إليه بهدوء، فضلًا عن قيام مناورات "رعد الشمال"، التي جمعت للمرة الأولى أكثر من 30 دولة عربية وإسلامية، وهي رسالة كانت تحمل دلالات مختلفة، أقلها إمكانية قيام مقاطعة اقتصادية لروسيا من قبل الدول السنية.
الرياض: كان الرئيس الروسيّ فلاديمير بوتين، قد أعلن أمس الاثنين، وبشكل مفاجئ، انه أوعز لوزير دفاعه بالبدء في سحب القوات الروسية من سوريا اعتبارا من اليوم الثلاثاء، مشيرا إلى أن التدخل الروسي في سوريا حقق أهدافه على نطاق واسع.
فيما ذكر المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف أن بوتين تحدث هاتفيا مع الرئيس السوري بشار الأسد لإبلاغه بالقرار الروسي، هذا وكانت القوات الروسية قد دخلت سوريا وبدأت عملياتها هناك منذ الثلاثين من سبتمبر/أيلول 2015، مشيرة إلى أنها تلقت طلبا رسميا من دمشق للمساعدة في محاربة "الإرهاب".
فخ حلف الناتو
الخبير التواتي أوضح أن حلف الناتو والدول الغربية، وعلى رأسها واشنطن، سعت إلى إشغال روسيا بالشأن السوري، حيث أريد لها أن تغوص أكثر في هذا الوحل المتحرك في المنطقة.
وبيّن انه في الوقت نفسه بدأت قوات حلف شمال الأطلسي في إعادة نشر أساطيلها في البحر الأدرياتيكي، من قطع حربية وغواصات نووية ومنصات إطلاق صواريخ إستراتجية.
أضاف "كل هذه الأساطيل بدأ نشرها في الأدرياتيكي على الحدود الجنوبية لروسيا، بدعوى مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، لكن الهدف غير المعلن، هو نشر قوات إستراتجية لحصار روسيا بهدوء، فضلا عن تعزيز قوات الناتو في شرق أوروبا.
وقال التواتي "إن الدول الغربية حاولت إغراق روسيا في مستنقع المنطقة، بحيث يشمل العراق أيضًا، وحتى عندما أبدت روسيا تعاونا مع الولايات المتحدة لتحرير الرقة لم تبد أميركا الحماسة نفسها، مما يدل على أنه يراد لموسكو البقاء في المستنقع أطول وقت ممكن".
وأشار إلى أن "حسابات روسيا الإستراتيجية تغيرت، ومن يقول إن الانسحاب تم بالتنسيق مع واشنطن، هذا شخص غير مدرك للحقائق، فأميركا نفسها أعلنت أنها لا تعلم عن هذا القرار شيئًا، بل سارع الرئيس اوباما إلى الاتصال ببوتين لاستجلاء الموقف، كما إن القوات الروسية توقفت فعلًا بدءًا من يوم أمس عن قصف قوات المعارضة المعتدلة.
معركة نيابة عن الغير
كما لفت الدكتور التواتي إلى أن روسيا لا تريد أن تخوض معركة نيابة عن غيرها، لا سيما نيابة عن واشنطن، التي ليست لها أية مصالح في سوريا، وتسعى إلى تجهيزها للتقسيم، في حين تريد روسيا أن تكون سوريا متماسكة لتسديد ديون موسكو على الأقل.
في حين تهتم واشنطن فقط بمصلحة إسرائيل، وتسعى إلى تنفيذ خطة "الفوضى الخلاقة" وتقسيم الدول المحيطة بإسرائيل إلى "كنتونات" تحت أعلام وهمية، بحسب وصف التواتي، الذي قال إن أميركا سحبت قواتها من الشرق الأوسط، وبدأت في إعادة نشرها في المحيط الهادي، تحقيقا لأهدافها الإستراتيجية في حماية البر الأميركي من أي هجمات محتملة من دول آسيوية، التي هي اقدر على الوصول إلى الأرض الأميركية من أي دول أخرى.
مناورات "رعد الشمال"
وقال الدكتور علي التواتي "إنه ما من شك أن مناورات "رعد الشمال" التي أقيمت في شمال السعودية، بحضور قوات أكثر من 30 دولة عربية وإسلامية، كان لها تأثير غير مباشر، حيث كانت ذات رسائل ودلالات مختلفة، وبعيدا عن البعد العسكري، فقد تشكل الدول التي شاركت في رعد الشمال جبهة اقتصادية مناوئة لروسيا، وهذا سوف يؤثر كثيرًا على الاقتصاد الروسي، الذي تأثر كثيرًا بانخفاض أسعار النفط، واضطرت موسكو لفتح مفاوضات مع السعودية لمجرد تجميد الإنتاج على مستويات كانون الثاني/يناير.
وأضاف التواتي "روسيا فضلت كسب الدول الإسلامية والجمهوريات الإسلامية الخمس ضمن الاتحاد الروسي، وهي كلها دول مسلمة وسنية، وتدين بالولاء العرقي والتاريخي لتركيا، حيث إن روسيا لا تريد استراتيجيًا أن تفقد تركيا، فقد أضرت بعلاقاتها مع تركيا بما يكفي، وحتى محاولاتها لمساندة الأكراد بالتعاون مع الأميركيين لاحتلال شمال حلب، تخلى عنها الروس، لأنهم وجدوا أنفسهم قد تورطوا بما يكفي.
اكتشاف إيران
وعن موقع إيران من الانسحاب، قال التواتي "يبدو أن وجود روسيا في سوريا عرًف الروس على الإيرانيين عن كثب، حيث عرفت موسكو أن للإيرانيين مطامح إقليمية كبيرة تصل إلى حد إنشاء دولة عظمى، بدءا بالهيمنة على العراق وانتهاء بسوريا ولبنان، وقيادة تلك الدول عبر نشر ميليشيات وحرس ثوري، وعن طريق مجموعات باسيج، وهذا يعني قيام دولة فارسية عظمى، سيصبح لديها اكبر مخزون نفط وغاز على مستوى العالم، والدولة هذه ان قامت سوف تهدد روسيا أكثر مما تهدد الغرب، سيما وان إيران نشطة جدا في الجمهوريات الإسلامية السوفياتية، لذلك فإن روسيا لن تقبل أن تكون أداة لقيام قوة فارسية عظمى في المنطقة.
وحول تحقيق أهداف روسيا من التدخل العسكري، أوضح التواتي أن مصالح روسيا في إنشاء قاعدة على الساحل، ضمنتها لهم المعارضة السورية، وأكدت احترامها، فضلا عن الالتزام بتسديد الديون، بالتالي لم يتبق أمام موسكو إلا أن تكسب الغالبية السورية، وتكسب الوسط السني، سواء في تركيا أو في البلاد العربية، فروسيا ليست مستعدة الآن في ظرفها الحالي لأن تفقد العالم الإسلامي، وهي المحاطة بدول الاتحاد السوفياتي السابق الإسلامية، وهي دول كبيرة، وبينها وبين روسيا مصالح حيوية، بل تسعي روسيا إلى إنشاء تحالف من نوع جديد معها، مما يخدم مصالح الجميع".
تابع "فروسيا لن تضحي بحسابات البيدر من اجل احد الحقول"، وأضاف التواتي "كما لا تنس ان الكرملين أعطى تفويضًا محدودا لبوتين باستخدام القوات خارج روسيا، والكرملين كان سوف يرفض تمديد هذا التفويض، لما فيه المزيد من الإنفاق غير المجدي في اقتصاد متهالك، والمزيد من الضحايا لحماية نظام طائفي، سيما ان روسيا الجديدة بدأت تتحول اقتصاديا بشكل قوي وثابت لاقتصاديات السوق، وليست على استعداد للتضحية بكل ما حققته، من ما اجل مغامرات بوتين أو غيره".
أكراد سوريا يتمسكون بالفيدرالية وطالبوا بالضغط على الائتلاف
ايلاف..بهية مارديني
التقى وفد من منظمة بريطانيا لحزب يكيتي الكردي في سوريا ضم ّ زارا صالح وشيركو زين علوش عضو مجلس اللوردات البريطاني اندرو ستون بحضور مدير مؤسسة القرن القادم.
 وعلمت ايلاف أن اللقاء دار حول الوضع في سوريا كذلك الوضع الكردي على ضوء آخر المستجدات وتطورات جنيف وآزمتها نتيجة غياب الارادة للوصول إلى حل سلمي للأزمة في ظل الخروقات من الطرفين وخاصة النظام.
 وتطرق اللقاء حول الموقف الكردي وتحديداً حزب يكيتي من التطورات الأخيرة خاصة "بعد الحديث عن الفيدرالية لسوريا كمخرج مناسب لجميع المكونات وردود الفعل السلبية من قبل الائتلاف الوطني السوري من ذلك الطرح واعتباره تقسيما".
 هذا وقد أكد زارا صالح عضو اللجنة السياسية للحزب على تمسكهم بالحل الفيدرالي كأفضل نظام سياسي - اداري لسوريا و هذا ما تبناه المجلس الوطني الكردي ايضاً منذ بداية الأزمة السورية وأشار الى أنه ليس له علاقة بالطرح الروسي المقدم مؤخراً.
 الضغط على الائتلاف
 وشدد الوفد على أهمية الدور البريطاني في الملف السوري وامكانية الضغط على الائتلاف السوري لتبني الطرح الكردي لتكون سوريا دولة فيدرالية موحدة و ان اصرار الائتلاف على تفسير الفيدرالية بالتقسيم يضع البلاد فعلاً في حالة تقسيم الذي هو موجود فعلياً على الارض اليوم. اللورد ستون اكد على ضرورة التوافق بين السوريين في الفترة الحالية للوصول الى هيئة حكم انتقالية وبناء سوريا موحدة تضمن حقوق الجميع.
 وأكد كذلك على ايجابية ذلك الطرح" كحل سياسي مناسب لسوريا".
  اللورد ستون تطرق الى الرؤية البريطانية حول مستقبل سوريا و المنطقة عموماً خاصة خطر داعش والفكر التكفيري الذي بات يهدد أمن الجميع بما فيها بريطانيا.
 ولأن هناك المئات من المواطنين البريطانيين الذين يقاتلون في صفوف داعش في كل من سوريا والعراق شدد على "أهمية هزيمة داعش وضرورة التعاون المشترك في هذا السياق خاصة بعد التجربة الكردية الناجحة في هزيمة داعش سواء في العراق وسوريا."
 و كان ملف اللاجئين حاضرا في اللقاء وطرح الوفد أن احدى سبل الحل وايقاف تلك المآسي هو" ايجاد حل جذري للوضع في سوريا واذا استمر الوضع على ما عليه سيكون هناك تدفق اكثر من مناطق النزاع".
 من ناحية أخرى تطرق اللورد الى "وضع الكرد تاريخياً و انهم ظلموا منذ سايكس-بيكو وان اليوم ستكون فرصة مناسبة لكي ينالوا حقوقهم و هذا سيكون عامل استقرار في منطقة الشرق الأوسط واكد بانهم مع الحل السياسي الذي يراه الكرد بما فيها الدولة المستقلة وفق خيار الشعب".
 ووصف الوفد اللقاء بالايجابي حيث اكد اللورد "على اهمية الاستمرار والتواصل بين فترة وأخرى خاصة وان الوضع في سوريا يحتاج إلى معالجة وخروج من الازمة ووقف نزيف الدم و ادخال المساعدات الإنسانية والالتزام بقرارات مجلس الامن وجنيف و ممارسة المزيد من الضغط على نظام الأسد عبر حلفائه الروس لتحقيق ذلك".
مفاعيل قرار بوتين سحب قواته من سورية
نزار عبد القادر.. * باحث لبناني في الشؤون الاستراتيجية
اتخذ الرئيس فلاديمير بوتين قراراً بسحب القوات الروسية من سورية عشية بدء المفاوضات في جنيف. ويحمل هذا القرار المفاجأة ذاتها التي أحدثها قرار بدء التدخل في نهاية أيلول (سبتمبر) 2015.
ما هي أسباب ومفاعيل هذا القرار، في مضمونه وتوقيته، على المستوى الروسي وعلى الوضع العسكري السوري والوضع الإستراتيجي الإقليمي؟
من المعروف أن قرار إنهاء الحرب أصعب من قرار إعلانها، وهذا ما دفع العديد من المسؤولين الغربيين إلى القول إن التدخل الروسي في سورية يمثل مغامرة خطيرة يرتكبها بوتين من دون الأخذ في الاعتبار الدروس القاسية من التجربة السوفياتية في أفغانستان، كما أنه لم يستفد من التجارب الأخيرة التي مرت بها الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، لكن يبدو أن بوتين نجح في اقتناص الفرصة للخروج من أوحال الحرب السورية.
سبق للرئيس جورج دبليو بوش أن واجه انتقادات قاسية ومتكررة بعد الخطاب الذي ألقاه على ظهر حاملة طائرات وأعلن فيه: «نفذت المهمة» بعد ستة أسابيع فقط من بدء الحرب على العراق عام 2003. في المقابل، قاوم الرئيس باراك أوباما الضغوط التي مارسها عليه أبرز مساعديه للتدخل في سورية، انطلاقاً من قناعته بأن قرار إنهاء الحروب أصعب من قرار البدء بشنها.
بينما رأينا الرئيس بوتين ينزلق للمشاركة في الحرب السورية ويرسل القاذفات الروسية لضرب المعارضة من أجل الحؤول دون إسقاط الرئيس بشار الأسد، لم تضرب القاذفات الروسية التنظيمات الإرهابية فقط بل ضربت بالدرجة الأولى الفصائل المعتدلة والمدعومة من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر.
ورأى عدد من المسؤولين الغربيين أن القرار الروسي بالتدخل بسورية يشكل مغامرة غير محسوبة النتائج وأن بوتين يشن حرباً لا يملك الوسائل اللازمة لها.
جاء قرار بوتين بالتدخل في سورية مفاجئاً للدول الغربية والعربية وتركيا على حد سواء، وجاء توقيت التدخل عندما أدرك بوتين أن الأسد بات على وشك السقوط خلال أسابيع معدودة.
وعلى رغم محاولة بوتين تغليف تدخله بأنه جزء من الحرب على الإرهاب، كان واضحاً أن قراره نتيجة لمشاورات عسكرية مع الإيرانيين قادها الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس إبان زيارته موسكو ومقابلته بوتين.
اعتبر عدد من المحللين أن بوتين سعى من خلال هذا التدخل إلى تحقيق هدفين: الأول، إنقاذ الرئيس الأسد من أجل الحفاظ على مصالح روسيا في سورية وفرض روسيا لاعباً أساسياً في الأزمة. والثاني، الالتفاف على الأزمة الأوكرانية وفتح جبهة جديدة مع أوروبا ضمن إطار الرد على العقوبات الأوروبية والأميركية.
كان اللافت أن أكثرية الشعب الروسي أيدت قرار بوتين على رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجهها روسيا في ظل تدهور أسعار النفط، حيث تشكل عائدات الطاقة نصف المداخيل الروسية. وتواجه روسيا خياراً صعباً حتى في حال استقرار سعر برميل النفط على أربعين دولاراً، وقد انعكس هذا الأمر على سعر صرف الروبل وعلى الوضع الاقتصادي العام، فأدى إلى إفلاس العديد من الشركات بسبب جفاف الأموال في صندوق الدعم السيادي لمساعدتها.
أدرك بوتين منذ بداية التدخل أنه لا يملك الوسائل لخوض حرب طويلة في سورية أو أوكرانيا في ظل الأزمة الاقتصادية وأن تأييد شعبه العملية سيتراجع مع الضائقة الاقتصادية. واستدرك هذا الأمر من خلال إعلانه أن تكاليف العملية تصرف من موازنة التدريب العسكري وأنه ليست هناك من تكاليف إضافية.
جاء قرار بوتين الإثنين الماضي بسحب القسم الأكبر من القوات الروسية من سورية بعد خمسة أشهر ونصف الشهر من تدخلها في الصراع، مفاجئاً، وأرفق قراره بالطلب إلى الدبلوماسية الروسية مضاعفة جهودها لإنجاح المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة في جنيف لإنهاء النزاع المستمر منذ خمس سنوات.
سارعت دمشق إلى احتواء المفاجأة من خلال التأكيد أن القرار الروسي لا يعني إطلاقاً وجود خلافات مع موسكو وأن القرار جرى بحثه في اتصال هاتفي بين بوتين والأسد.
السؤال المطروح هو كيف تمكن قراءة مضمون قرار بوتين وتوقيته المفاجئ؟
يبدو أن القرار بالتدخل اتخذ في الأساس تحت ضغط التطورات الميدانية ومن أجل حماية المصالح الروسية في سورية بالعمل على منع سقوط النظام من جهة وتأمين دور فاعل لروسيا في تقرير مستقبل الحكم، وبما يؤمن مصالحها في ظل أي نظام جديد.
نجحت القوات الروسية في تغيير موازين القوى على الأرض. حيث أضعفت فصائل المعارضة وأعطت للنظام فرصة للتماسك والمبادرة لتحقيق مكاسب كبيرة على الأرض، في الوقت نفسه سعت موسكو للتفاهم مع الولايات المتحدة لإيجاد أرضية مشتركة للبحث عن توافقات دبلوماسية تؤمن العودة إلى مفاوضات جنيف.
وسهلت موسكو انعقاد مؤتمري فيينا وميونيخ، كما سهلت اتخاذ قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 2254. وسعت في وقت لاحق مع الأطراف الداخلية والخارجية من أجل التوصل إلى هدنة تسهل العودة إلى طاولة المفاوضات.
ونجـــحت الهدنة على رغم الخروقات في تهيئة الجو لعودة المعارضة «مدجنة» إلى جنيف في الوقت الذي بدا أن النظام يحاول فرض شروطه بالقول إن الرئيس الأسد هو خط أحمر ورفض البحث في إقامة سلطة انتقالية.
وفي تحليل للوضع، لا يمكن مفاوضات السلام أن تنجح في جنيف إذا لم يشعر الطرفان السوريان بضعفهما وعدم قدرة أي منهما على كسب الحرب عسكرياً، وهذا ما أثبتته مفاوضات «دايتون» من أجل الحل في البوسنة، ويبدو أن توقيت قرار بوتين جاء عشية بدء مفاوضات جنيف بمثابة تحذير النظام السوري من مغبة التصلب وأن العودة إلى الحرب قد تتسبب باختلال موازين القوى التي قد لا تكون في مصلحته.
استغل بوتين ببراعة فرصة انعقاد المفاوضات في جنيف لاتخاذ قراره بالانسحاب وبالتالي إنهاء الحرب أو تعليقها، وتجنب كل المخاطر المترتبة عليها عسكرياً، بما في ذلك إمكان الدخول في حرب مع تركيا، بالإضافة إلى أعباء اقتصادية مرتفعة لا قدرة لروسيا على تحملها. كما يؤسس إلى صفحة جديدة بين روسيا والمعارضة السورية واستعادة التوازن مع الدول الخليجية.
ويعطي هذا القرار وتوقيته بوتين القدرة على استثماره دولياً، على أنه قد سهل عمل الأمم المتحدة لإنجاح المفاوضات، خصوصاً بدفع الطرفين السوريين إلى تقديم تنازلات «مؤلمة» من أجل التوصل إلى سلطة انتقالية بدل الاستمرار في حرب عبثية مدمرة لسنوات مقبلة.
في النهاية يتبادر السؤال: ما هو رد الفعل الإيراني على قرار بوتين؟ وهل بالإمكان التخريب عليه؟ الأيام القليلة المقبلة وحدها كفيلة بالإجابة.
 

المصدر: مصادر مختلفة

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,334,782

عدد الزوار: 7,628,617

المتواجدون الآن: 1