أخبار وتقارير..تركيا وإسرائيل ... دلالات المصالحة ودوافعها..أهمية لقاء النفط الروسي - السعودي...لا معاملة أوروبية مميزة لبريطانيا .... و«عقدة» حرية التنقل باقية

تطبيع روسي - تركي وتعاون لمكافحة الإرهاب وبوتين يلتقي أردوغان في سبتمبر بالصين..أنقرة تلوّح بـ «مفاجآت» رداً على هجوم «الانتحاريين الأجانب»...محادثات فرنسية روسية تناولت التعاون بين موسكو والأطلسي بعد قمة وارسو

تاريخ الإضافة الخميس 30 حزيران 2016 - 5:01 ص    عدد الزيارات 2098    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

الحركات الإسلاميّة المعاصرة وضرورات التغيير
الحياة..محمد علي ميرزائي..  * رئيس مركز المصطفى للدراسات الاستراتيجية
يُعدّ تطوير العمل الفقهيّ والكلاميّ الإسلاميّ بمثابة مقدمة معقولة للتطور السياسيّ وترشيد للسلطة والحكم في العالم المعاصر. فاختزال المشكلة السياسيّة في العالم في فريق الحكم وتركيز العمل السياسيّ على تغييره لا يلامسان الحقيقة ولا يتفقان وفهم الواقع العميق. إنه تشخيص ناقص للمشكلة لا يتأتى منه الوصول إلى العلاج الناجز.
الاختلاف الشديد في قراءة المشكلة أحدث تنوعاً شديداً في المواقف الملائمة للتوصل إلى الحل والبديل. فمثلاً نلحظ أن بعض الجماعات الإسلاميّة العالمية ترى أنّ ظروف المسلمين ومجتمعاتهم اليوم هي ظروف مكّية، وهي حالة غير مؤهلة للطرح المدنيّ والحقوقيّ والسياسيّ، وبالتالي يجب عدم التركيز على النهي عن المنكر وإزالة المنكرات، إذ المطلوب السعي لبناء الكتلة الصالحة في المجتمع وتبليغ الإسلام ومبادئه إلى الناس في ضوء منهجيتهم ذات الأسس الستة في العمل الدعويّ والتبليغيّ، مشددين على ضرورة البعد عن الاحتكاك بالشأن السياسيّ، ما دامت الإشكاليات الحقيقية العميقة تكمن في ضعف بنية الشخصية الإسلاميّة الدينيّة. وجماعة التبليغ الإسلاميّة خير مثل لهذا الاتجاه. فجماعة التبليغ لا تتبنى التنظيم العصريّ، وعلى رغم أنّها من أوسع الحركات الإسلاميّة انتشاراً في العالم الإسلاميّ، فإنها لا تتبنى ناطقاً باسمها ولا تملك قناة إعلامية ولا مراكز تنظيمية مع أنّ لها مكاتب في أرجاء العالم. وأغلب الظنّ أنّ جلّ مبرراتهم في ذلك أنّ العقل التنظيميّ سيتحوّل عبئاً إضافيّاً ويسبب الانحراف عن المغزى والجوهر والباطن لحساب الشكل والصورة والهيكل. وهذه الاستحالة ستحصل بشكل تدريجيّ غير ملحوظ. إنّهم في منبت أصول معتقداتهم ينحدرون إلى الحركة الديوبندية الهندية الّتي تزعمها الإمام وليّ الله الدهلويّ وانطلقت منها شتى أنواع السلفيات الدعوية والجهادية والتكفيرية التي انبثقت منها نظريات الإمام المودوديّ وفضل الرحمن وحركة طالبان، على رغم التباينات الهائلة بين مناهج كلّ من هولاء. غير أنّ أمراء جماعة التبليغ اقتنعوا بضرورة العودة إلى المرحلة المكية من التاريخ الإسلامي.
لا أقصد الدعوة إلى نقطة الصفر على رغم أنني حينما أنظر إلى الثقافة الإسلاميّة المنتشرة في شبه القارة الهندية (الهند وباكستان وبنغلادش) أشعر أنّ هناك تخلفاً مرعباً في فهم الإسلام. وإذا كنت أتفهم طريقة عمل الجماعة تلك طبعاً فإننيّ أردت لفت الانتباه إلى أنّ الحركة الإسلاميّة ينبغي لها أن تعيد فهم نفسها وتراجع حساباتها وتقوم بنقد ذاتيّ جريء وعملية جراحية صعبة إن اقتضى المشروع النهضويّ والتجديديّ ذلك كله.
التنظيمات القائمة على الحلال والحرام التقليديين والفقه التراثيّ الإسلاميّ والمدارس الاجتهادية التقليدية التاريخية لن تفلح في خوض العمل السياسيّ بنجاح حتى لو صوتت لمصلحتها الغالبية الساحقة من الجماهير، لأنها في مثل أحوالنا المعاصرة لا تملك خبرات الحركات العلمانية والمدنية والبراغماتية السياسيّة، ولا العقل الإسلاميّ والفقهيّ والكلاميّ القائم على تجديد اجتهاديّ يسمح لها بعقلنة القضايا الإسلاميّة وأنسنتها حيث لا تتباين مع القضايا الإنسانية المعاصرة.
فوز الكثير من الحركات الإسلاميّة في الانتخابات الحرة ميسور تماماً، كما أن إسقاط النظام السياسيّ القائم ممكن، لكن الصعوبات الكبرى تبدأ بعرقلة حركة هولاء بعد إسقاط الأنظمة والانخراط في السلطة على أثر الفراغ النظريّ وضعف التجربة السياسيّة، ممّا يتسبب بضياع الحركة وجماعاتها وجماهيرها وخسارة الراهن والمستقبل.  والحل ليس بأن يظهر الحركيّ الإسلاميّ في مظهر العلمانيّ المتسامح، ولا بإظهار التشدد والعنف في أدبيات الإسلاميين في السلطة والسياسة، ولا في تلويث الحركة بصفقات مع الجهات العالمية التي هي أصلاً وراء إفشال الكثير من الحركات الإسلاميّة في العمل السياسيّ والحزبيّ، وإنما الحل في أن نضع مشروعاً فكرياً معمقاً يأتي من ضمنه العمل الاجتهاديّ الحقيقيّ، وتعميق النظر وتنضيج الفكر الدينيّ حيث يكون بديلاً عقلياً واقعياً صالحاً للعمل السياسيّ ويمتلك القدرة الاستيعابية على امتصاص الطاقات البشرية النافعة بقطع النظر عن الانتماءات والتكتلات والحزبيات والطائفيات والمذهبيات.
إن الإشكالية الكبرى في الحركة الإسلاميّة المعاصرة هي في أنّها لا تملك الرصيد الفكريّ الاجتهاديّ العصريّ ولا تنتمي إلى جامعة فكرية واضحة المعالم ولا تخرج من مدرسة علمائية معيّنة ولا هي تملك القدرة على بناء شريحة من العلماء والمجتهدين المعترف بهم في الحركة الفقهيّة الاجتهاديّة. فالعقل التنظيميّ لا يكفي لنجاح الحركة الإسلاميّة في التأسيس الحضاريّ وتقديم البديل الإسلاميّ نهجاً لتكوين الدولة ونظام الحكم.
«الخطر الكردي» هل يدفع أردوغان إلى تغيير سياسته تجاه سورية أيضاً ؟
الحياة...خورشيد دلي ..* كاتب سوري
لا يتوقف الحديث التركي عن ضرورة إجراء مراجعة للسياسة الخارجية بهدف التخفيف من حجم الأعداء في الخارج، وأهمية البحث عن الأصدقاء، وفوق هذا، القول إن تركيا اليوم ليست كما كانت قبل نحو ست سنوات. وعليه، فإن رسائل الغزل التركي لروسيا تتوالى، كما أن الإشارات بتحسين العلاقات مع الجوار الجغرافي لا تتوقف، وفي صلب كل هذه الحركة السياسية تبحث أنقرة عن حلفاء أو شركاء لكيفية مواجهة الصعود الكردي على حدودها الجنوبية، بعد أن سيطر الأكراد على مناطق واسعة في شمال شرقي سورية، وأعلنوا عن فيديرالية، ويواصلون التقدم ضد معاقل «داعش» غرب نهر الفرات برعاية مباشرة من القوات الأميركية والتحالف الدولي، وهو صعود جعل المقاربة التركية للأزمة السورية ترتبط بكيفية مواجهة الخطر الكردي داخل تركيا وليست بإسقاط النظام السوري كما أعلن أردوغان مراراً.
التحرك التركي لمواجهة الخطر الكردي اتخذ مستويات عدة حتى الآن، وتجلى في جملة من الوقائع، لعل أهمها:
1- الحديث عن طلب أنقرة من الجزائر فتح خط اتصال مع دمشق بهدف كيفية مواجهة إعلان الأكراد الفيديرالية، ويبدو أن دمشق تلقت الرغبة التركية بالاستعداد شرط أن يشمل التعاون باقي الفصائل والمجموعات المسلحة، وبحسب المعلومات فإن هذه الوساطة تجري في إطار رسائل مكتوبة على أن تتحول إلى لقاءات مباشرة في الجزائر التي أبدت استعدادها لعقدها.
2- التحرك على جبهة طهران التي تشترك مع أنقرة ودمشق في الخشية من أن تكون التطورات التي تشهدها المنطقة قد هيأت الظروف والمقدمات اللازمة لإقامة كيان أو كيانات كردية في المنطقة، تشكل خطراً على الدول التي تضم الشعب الكردي، وفي ظل حركات كردية باتت تنشط في هذه الدول، وترفع من سقف التطلعات والمطالب القومية، وقد كانت لافتة تلك الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو بعد يوم من إعلان أكراد سورية الفيديرالية والحديث المشترك الذي صدر من الجانبين في شأن رفض الفيديرالية، بل أن الرئيس الإيراني حسن روحاني وجه وقتها انتقادات علنية لموقف الحليف الروسي الذي كان أول من تحدث عن إمكانية اعتماد السوريين النموذج الفيديرالي للبلاد.
3- مع أن الحليف التاريخي لتركيا أي الولايات المتحدة لم يستجب للتهديدات التركية بضرورة وقف التعاون والتحالف مع أكراد سورية وتحديداً حزب الاتحاد الديموقراطي ووحدات حماية الشعب، إلا أن تركيا لا تمل من تهديداتها هذه والإصرار على تصنيف الحزب الكردي على أنه إرهابي مرتبط بحزب العمال الكردستاني، ويبدو أنها باتت ترى في إمكانية الانفتاح على النظام السوري أو حتى التلويح بالاستعداد لذلك، ورقة لدفع الحليف الأميركي إلى تغير موقفه، أو على الأقل إعطاء تركيا ضمانات حقيقية بأنه لن يسمح لأكراد سورية بإقامة إقليم كردي من خلال الربط بين عفرين وكوباني بعد أن تقدموا غرب الفرات وباتوا في قلب منبج يحررونها من «داعش»، وهو ما يعني أن الطريق إلى جرابلس وأعزاز ستصبح مفتوحة.
في الواقع، ربما يرى البعض أن عودة المياه إلى العلاقة بين أنقرة ودمشق غير ممكنة إن لم تكن مستحيلة، لطالما أن أردوغان قال ما لم يقله أحد عن النظام السوري، وأن مثل هذه العودة تعني فقدان الرجل صدقيته وهو في النهاية لا يستطيع الانقلاب على نفسه. مع الإقرار بكل ما سبق، ينبغي النظر إلى أن أردوغان هو قائد بارع في التحالفات والانقلابات معاً، فهو نفسه كان من أهم أصدقاء الرئيس السوري بشار الأسد وصاحب الكلمة الشهيرة «أخي بشار» عندما كانت الزيارات متبادلة وعلى مدار السنة قبل أن يتحول إلى الطرف النقيض، ولكن الأهم من الجانب الشخصي لأردوغان، ماذا لو قال الرجل أن الأمن القومي التركي بات في خطر؟ وأن تركيا معرضة للتقسيم؟ وأن ما يجري اليوم كردياً في سورية سينتقل إلى تركيا غداً؟ وأن حجم (المؤامرة) تتطلب منا التحرك من أجل مصالحنا؟
في الواقع، يمكن القول أن الواقع التركي بمعطياته السياسية والحزبية والعسكرية لن يقف ضد أردوغان إذا قال ذلك، خصوصاً إذا علمنا أن لا أحد في حزب العدالة والتنمية الحاكم قادر على معارضة أردوغان، كما أن المعارضة التركية من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين القومي المتطرف، كانت ضد سياسة أردوغان السابقة تجاه الأزمة السورية وداعية إلى التعاون مع دمشق، والأهم من كل هذا، ربما يجد أردوغان في هذه الحركة نزولاً من قمة الشجرة، ومدخلاً للمصالحة مع روسيا، وترحيباً اقتصادياً أكثر من طهران. يبقى القول، أن الجزائر التي تقوم اليوم بوساطة بين دمشق وأنقرة، هي نفسها التي قامت في عام 1975 بوساطة مماثلة بين شاه إيران وصدام حسين انتهت بتخلي الشاه عن دعم ثورة بارزاني الأب وبالتالي انهيارها، ليبقى السؤال: هل ستقوم الجزائر بتكرار السيناريو نفسه مع أكراد سورية أم أن حليفهم الأميركي لن يسمح بذلك باعتبار أن المعركة هي معركته في الأساس؟
تركيا وإسرائيل ... دلالات المصالحة ودوافعها
الحياة..كرم سعيد ..* كاتب مصري
تُوجت المفاوضات التركية الإسرائيلية التي بدأت سرية، بتوقيع اتفاق المصالحة، الذي تضمّن التزام إسرائيل دفع 21 مليون دولار تعويضات لأسر ضحايا السفينة «مرمرة»، وتخفيف الحصار عن غزة وليس رفعه تماماً، مقابل السماح لأنقرة باستكمال مشاريع بنية تحتية في قطاع غزة.
كما نصَّ الاتفاق على إلغاء الدعاوى المرفوعة ضد الجنود الإسرائيليين، ورفع درجة التمثيل الديبلوماسي إلى مستوى السفراء. وتجاوز الاتفاق طبيعة العلاقة مع «حماس»، إذ تمَّ الاتفاق على استمرار مقار حركة «حماس» وبقاء بعض قادتها في أنقرة، على أن تتعهد عدم تنفيذ أي عمليات ضد إسرائيل من داخل أراضيها.
والأرجح أن حادث الاعتداء على سفينة لنشطاء مؤيدين للفلسطينيين حاولت في أيار (مايو) 2010 كسر الحصار على قطاع غزة لم يكن وحده وراء توتر العلاقة، فقد دخل المناخ بين البلدين مرحلة الشحن مع صعود النفوذ التركي في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية ودعم أحزاب فلسطينية بعينها، وإغراق غزة بالمال والمشاريع. ناهيك عن ادعاء إسرائيل ظهور ما سمّته حالات لاسامية تؤجج العداء ضد اليهود في الإعلام التركي. وكان بارزاً هنا انتقاد إسرائيل عرض تركيا مسلسلاً تلفزيونياً في العام 2009 يكشف صوراً عن الإرهاب الإسرائيلي. غير أن تحولات المشهد الإقليمي دفعت البلدين إلى إعادة تقويم العلاقة الإستراتيجية وفتح نوافذ في جدار القطيعة القائم منذ نحو خمس سنوات. ومهَّد الطريق لشتل بذور التهدئة؛ الاعتذارُ الشفهي الذي قدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى نظيره التركي رجب طيب أردوغان بحضور الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال زيارة الأخير للمنطقة في منتصف آذار (مارس) 2013.
والأرجح أن ثمة معطيات دفعت باتجاه تعزيز المصالحة؛ أولها التغيرات الجيوسياسية التي أفرزتها الأزمة السورية، وانعكاساتها السلبية على تركيا، خصوصاً صعود نفوذ «حزب الاتحاد الديموقراطي» (PYD) الذي يقود المعارك بدعم غربي ضد «داعش» في منبج وغرب الفرات، وهو ما تعتبره أنقرة تهديداً لأمنها القومي.
وفي وقت تسعى أنقرة إلى إطاحة الأسد ومنع إقامة كيان كردي، ثمة قلق إسرائيلي مرتبط أيضاً بالوجود العسكري والاستخباري الإيراني في سورية، الذي بإمكانه أن يتمدد أيضاً باتجاه الحدود الشمالية لإسرائيل ومرتفعات الجولان، في حال انسحاب انتصارات الجيش السوري شمالاً على الجنوب السوري.
ويرتبط المتغير الثاني بتصاعد التوتر التركي- الروسي بعد إسقاط سلاح الجو التركي مقاتلة روسية من طراز «سوخوي 24» في مطلع كانون الأول (ديسمبر) 2015، وما تلا ذلك من فـــرض موسكو إجراءات اقتصادية وعسكريـــة عقابية على أنقـــرة، طاولــت صادرات الغاز الروسية، وهو ما دفع بالأتــراك إلى البحث عن بدائل للغاز الروسي في أذربيجان وقطر وإسرائيل. المتغيّر الثالث يرتبط بأمن الطاقة، خصوصاً الغاز الذي يمثـــل أحد أهم المتغيرات في معادلة العلاقات التركية- الإسرائيلية، ذلك أن إسرائيل نجحت طوال السنوات الأخيرة في تعزيز تعاونها مع قبرص واليونان في تطوير حقول الغاز فضلاً عن اكتشافها المزيد من حقول الغاز في سواحل البحر المتوسط، الأمر الذي يعني توسعها في تصدير الغاز الفائض لديها إلى الأسواق الأوروبية، ولا يكون ذلك إلا من طريق الأراضي التركية الأكثر أمناً، الأمر الذي يتطلب بالضرورة الاستعجال بالمصالحة التي باتت ملحة للدولتين.
وفي الوقت الذي نما استهلاك الغاز في تركيا بشكل مطرد في السنوات الأخيرة، وبلغ 1,7 تريليون قدم مكعب في عام 2014، والذي تتم تلبيته بشكل أساسي عبر الاستيراد من الخارج، وبالأخص من روسيا التي تلبي نحو 55 بليون متر مكعب من احتياجات الغاز في تركيا.
ولا تقتصر علاقات الطاقة بين أنقرة وموسكو على ما سبق، فقد وقعت شركة «أتوم ستروي إكسبورت» الروسية عام 2012، عقداً لبناء مشروع مفاعل «آك كويو» النووي في مدينة أضنة جنوب البلاد. كما تكمن صعوبة اعتماد تركيا على الغاز الروسي والإيراني بالأساس فـــي أنها تتزامن مع فتور علاقة تركيا بالبلدين، وتزيد حساسية الموقف مــع اقتـــراب نهاية اتفاقيات توريد غاز البلديــن لتركيا بعد سبع سنوات، ما يتطلب مفاوضات جديدة وعسيرة على مستوى الحجم والمدة والسعر.
لذا، فإن متغير الطاقة يصبح في صلب عودة العلاقات بين تركيا وإسرائيل، فالأولى تسعى إلى تأمين احتياجاتها من الطاقة بتنويع مصادرها. في المقابل تعتقد إسرائيل أن استكشافاتها الغازية الجديدة تمنحها فرصةً نادرةً لزيادة قوتها واستغلال الطاقة من أجل تعميق الاستقرار في المنطقة، والدفع نحو علاقات تقوم على المصالح، وليس الحقوق والتاريخ، بين دولها.
خلف ما سبق؛ يتمثل المتغير الثالث في إخفاق سياسة «تصفير مشاكل»، فقد توترت العلاقات التركية مع كل من العراق وإيران على خلفية الاصطفاف الحاصل إزاء الأزمة السورية. كما صارت العلاقة أكثر تعقيداً مع إيران والعراق ومصر، ناهيك عن توتر لا تخطئه عين مع أوروبا بعد تمرير البرلمان الألماني تقريراً يصف ما حدث في العام 1915 ضد الأرمن بالإبادة، وأصبحت العلاقة أكثر توتراً عشية حديث لبابا الفاتيكان قبل أيام عن الإبادة العثمانية للأرمن.
والواقع أن ثمة دلالات تشير إلى توطيد العلاقات بين البلدين في المستقبل، وكان بارزاً هنا تصريح رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، الذي اعتبر أن المطالب التركيّة تحققت، وهي رفع الحصار عن قطاع غزّة واعتذار إسرائيلي عن استهداف أسطول الحريّة. من جهته دافع رئيس الوزراء الإسرائيلي عن الاتفاق، وقال عشية زياراته لإيطاليا في 26 حزيران (يونيو) الجاري: «الاتفاق مع تركيا له تأثير هائل»، وأضاف أن «إسرائيل لا تدخل شهر عسل مع تركيا، ولا ترى الأمور بنظارة ورديّة، لكن مصالح إسرائيل دُفِعَت بشكل إيجابي في الاتفاق».
في هذا السياق، يبدو التقارب بين أنقرة وتل أبيب مهماً لتركيا لتوطيد علاقاتها المشحونة مع واشنطن التي تعرضت للتآكل طوال الشهور التي خلت، وبلغت ذروتها بعد انسحاب رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو من المشهد السياسي، والذي كان يعتبر حليفاً موثوقاً لواشنطن وصوتاً معتدلاً داخل الحكومة، فضلاً عن أهمية إسرائيل كمورد بديل من الغاز الروسي. القصد أن المصالحة تعد إنجازاً لتركيا على أصعدة عدة، فسياسياً تبدو تركيا في حاجة إلى إنعاش علاقاتها الدولية والإقليمية، لاسيما أنها تعيش فترة سياسية ليست سهلة، فترهقها ضغوط روسيا ولا تسعفها الصداقة التاريخية مع واشنطن ولا عضويتها في الأطلسي. واقتصادياً؛ يمكن أن تكون إسرائيل بديلاً للطاقة عوضاً عن موسكو، وقد تستفيد أنقرة من صادرات الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا من خلال خطوط تمر عبر الأراضي التركية مقابل استثمارات تركية في قطاع غزة بدأت ملامحها بالاتفاق على إنشاء محطات لتوليد الكهرباء وتحلية المياه.

أهمية لقاء النفط الروسي - السعودي
الحياة...رندة تقي الدين 
أصبح واضحاً أن جميع الدول المنتجة للنفط داخل «أوبك» وخارجها تريد رفع سعر النفط، فمستوى سعر البرميل الذي يتراوح منذ فترة بين 48 و50 دولاراً لم يعد كافياً للدول المنتجة لتنفيذ خطط موازناتها وبرامج استثماراتها. حتى السعودية وهي أكبر منتج نفط وتتميز باحتياط مالي كبير ترى أنه ينبغي الحد من تراجع سعر النفط ورفعه إلى مستوى مريح كي تعود الاستثمارات في العالم وكي لا يكون هناك نقص في الإمدادات على المديين المتوسط والطويل.
في ضوء هذا التطور، من المهم انتظار اللقاء المرتقب بين وزيري الطاقة الروسي الكساندر نوفاك والسعودي خالد الفالح لنرى ما إذا كان في إمكان موسكو المساهمة مع الرياض في الحد من تراجع سعر النفط، كون الدولتين أكبر المنتجين في العالم. فنوفاك قال إنه سيلتقي الفالح حتى لو اضطر إلى التغيب عن مؤتمر وزراء دول مجموعة العشرين في الصين نهاية الشهر.
وقد يكون اللقاء المرتقب بالغ الأهمية إذا كانت الدول المنتجة في «أوبك» وخارجها عازمة فعلاً على التعاون. ففي المؤتمر الأخير لـ «أوبك» كانت هناك فكرة من دول الخليج لجعل مستوى الإنتاج الحالي سقفاً للإنتاج، أي أكثر قليلاً من 32 مليون برميل في اليوم، لكن إيران رفضت العرض مطالبة بتحديد الحصص، وهو أمر صعب جداً، إذ لا توافق دول «أوبك» الكبرى على الدخول في هذا الجدل العقيم، خصوصاً أنه لن ينتهي إلى نتيجة لأسباب سياسية، ولن يكون سوى عنصر تعطيل لأعمال المنظمة.
يمكن أن يكون دور روسيا أن تقنع حليفها الإيراني بالقبول بسقف إنتاج، على أن يتم تجميد حصص بقية منتجي النفط. لكن طهران سارعت منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي عندما رفعت العقوبات عنها، إلى زيادة الإنتاج بنحو مليون برميل في اليوم. فزادت صادراتها بوتيرة أكثر بكثير مما كان متوقعاً، وهي تنتج حالياً حوالى ثلاثة ملايين ونصف المليون برميل يومياً، وقد ترغب في الاستفادة من تراجع إنتاج فنزويلا في شكل كبير لأخذ حصتها في السوق.
أضف إلى ذلك أن الأوضاع السياسية المتأزمة بين دول الخليج وإيران لا تساعد على إقناع الأخيرة بضرورة الالتزام بسقف إنتاج، ما ظهر في مؤتمر «أوبك» الأخير. قد يكون هناك توجه لوضع سقف إنتاج للمنظمة، لكن إذا استمرت إيران في زيادة إنتاجها في ظل سريان هذا السقف، فسيعني ذلك أن هذه الزيادة ستكون على حساب آخرين، وهو أمر لن يكون مقبولاً. فالتزام الجميع بالسقف مع تجميد الإنتاج قد يكون فكرة جيدة لرفع مستوى الأسعار، لكن إذا لم تلتزم إيران بسقف الإنتاج فسيكون ذلك معقداً جداً.
غير أن أهمية طرح فكرة السقف الإنتاجي من قبل دول الخليج خلال المؤتمر الأخير تتمثل بوجود توجه جديد لديها للعدول عن سياسة ترك أسعار النفط تتراجع إلى مستويات غير مناسبة لاقتصادها مهما كان احتياطها المالي كبيراً. فالسعودية وهي أكبر منتج في «أوبك» حريصة على عدم ترك سعر النفط ينهار لأن ذلك أيضاً يؤثر في الاستثمارات المستقبلية في الإنتاج النفطي أينما كان في العالم، ما قد يؤدي خلال فترة سنتين أو ثلاث إلى توتر في سوق النفط بسبب نقص في العرض.
لكن اليوم لا يمكن أن ترتفع أسعار النفط، خصوصاً بعد الهزات التي حدثت في الأسواق المالية نتيجة قرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلا بقرار جماعي في «أوبك» في شأن الإنتاج، على الأقل بتجميده. وقد يكون لقاء الفالح ونوفاك مهماً جداً لهذه المسألة وللتعاون بين أكبر منتجين للنفط من داخل «أوبك» وخارجها، علماً بأن روسيا تاريخياً معروفة بعدم احترام التزاماتها، لكن ربما تقودها حاجتها الملحة لزيادة عائداتها من النفط إلى مثل هذا التحرك.
 
تطبيع روسي - تركي وتعاون لمكافحة الإرهاب
الحياة..موسكو – رائد جبر 
أطلقت موسكو وأنقرة مسار تطبيع العلاقات الروسية- التركية، من المدخل التجاري- الاقتصادي تمهيداً للقاء يجمع الرئيس فلاديمير بوتين بنظيره التركي رجب طيب أردوغان في أيلول (سبتمبر) المقبل. وأسفرت محادثات هاتفية بين الرئيسين أمس، عن اتفاق على طي صفحة الأزمة بين البلدين، والانتقال إلى آليات تطبيع شامل للعلاقات والبدء بالتعاون في الملفات التي تضم مصالح مشتركة وصولاً إلى القضايا الخلافية على مبدأ «الفصل بين الملفات».
وفي باريس، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن بلاده وتركيا ستستأنفان على الأرجح التعاون لحل الأزمة السورية بعدما اتفق الرئيسان على عودة العلاقات خلال الاتصال الهاتفي. وقال لافروف خلال زيارة لفرنسا إنه سيبحث الأزمة السورية وقضايا أخرى مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو على هامش قمة إقليمية تعقد في منتجع سوتشي الروسي المطل على البحر الأسود غداً الجمعة.
وقال محللون إن التعاون الروسي- التركي سيؤدي إلى ضبط طموحات «الاتحاد الديموقراطي الكردي» برئاسة صالح مسلم ومشروع الإدارات الذاتية شمال سورية قرب حدود تركيا، بعدما أعربت أنقرة عن قلق من تأسيس «كردستان سورية»، إضافة إلى أن بدء موسكو وأنقرة البحث في حل سياسي للأزمة السورية قد لا يصب في مصلحة الرئيس بشار الأسد.
وبعد المكالمة الهاتفية مباشرة، ترأس بوتين اجتماعاً حكومياً وأمر رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف ببدء الإجراءات القانونية والفنية اللازمة لرفع قيود مفروضة على التعاون التجاري- الاقتصادي وإطلاق مفاوضات مع الجانب التركي لاستئناف التعاون في كل المجالات. وأشار بوتين في الاجتماع إلى «قرار روسي باستئناف التعاون في مجال السياحة، على الرغم من تكثيف أنشطة العناصر الإرهابية في أراضي تركيا». وأكد أنه أعرب عن التعازي للرئيس وللشعب التركيين في ضحايا التفجير الأخير في إسطنبول.
وأضاف أن أردوغان أكد له أن القيادة التركية ستبذل كل ما بوسعها من أجل ضمان أمن المواطنين الروس في أراضي تركيا. وزاد بوتين أنه أبلغ أردوغان أن رسالته وفرت مقدمات لطي صفحة الأزمة في العلاقات الثنائية وإطلاق عملية استئناف العمل المشترك في القضايا الدولية والإقليمية ومن أجل تطوير مجمل العلاقات الروسية- التركية.
وأفاد بيان نشره الكرملين بأن الرئيس الروسي قدم خلال المكالمة «تعازيه العميقة بضحايا الهجوم الإرهابي في مطار أتاتورك في إسطنبول وعبر عن تعاطفه مع أسر الضحايا متمنياً الشفاء العاجل لجميع المصابين». وشدد الطرفان الروسي والتركي خلال المكالمة على ضرورة تكثيف التعاون الدولي في محاربة الخطر الإرهابي الذي يهدد المنطقة.
من جهة أخرى، أعلن مكتب الرئيس التركي في بيان أن أردوغان وبوتين عبرا عن عزمهما إحياء العلاقات الثنائية والتعاون في الحرب ضد الإرهاب، واتفقا على «خطوات ضرورية» لاستئناف التعاون الثنائي.
اللافت غياب الإشارة إلى الخلافات السياسية، وخصوصاً في الملف السوري عن تصريحات بوتين وعن البيان الصادر عن الكرملين، في مؤشر واضح إلى اتفاق الجانبين على الشروع بالعمل على القضايا التي تصب في المصلحة المشتركة وإرجاء البحث في الملفات الأكثر تعقيداً. وكان مصدر ديبلوماسي روسي أبلغ «الحياة» في وقت سابق أن موسكو وأنقرة ستتجهان على الأغلب للعمل بسياسة «الفصل بين الملفات» التي يمتلك البلدان خبرة كبيرة بها وكانت ناجحة خلال السنوات العشر التي سبقت الأزمة. على أن يتم تناول الملفات السياسية في اللقاء المرتقب بين الرئيسين بهدف محاولة تقريب وجهات النظر فيها.
إلى ذلك، أسفر التطور عن إغلاق صفحة الحملات الإعلامية القوية التي شنتها وسائل الإعلام الروسية على تركيا، ولوحظ أن تغطيات الصحف الروسية خلت أمس، من شعار «بضاعتكم ردت إليكم» الذي كانت ترفعه خلال تغطياتها الأحداث الإرهابية التي هزت تركيا في أوقات سابقة، في المقابل برزت أمس، في وسائل الإعلام الروسية تغطيات موسعة للهجوم الذي استهدف مطار إسطنبول.
في الأثناء، أكدت الناطقة باسم الخارجية الروسية أن «الإرهاب لا دين له ولا جنسية»، مضيفة أن «الألم الناجم عن المذبحة في مطار أتاتورك مشترك».
واعتبر رئيس مجلس النواب الروسي (الدوما) سيرغي ناريشكين أن «العمل الإرهابي في إسطنبول يؤكد أن على العالم برمته توحيد جهوده في محاربة الإرهاب». وأعرب عن تعاطفه وتعازيه لذوي ضحايا التفجيرات.
بوتين يلتقي أردوغان في سبتمبر بالصين
هاتف الرئيس التركي وألغى العقوبات على السياحة
الرأي..أنقرة، موسكو - وكالات - أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس، عن تعاطفه مع ضحايا العملية «الارهابية» التي استهدفت مطار أتاتورك بمدينة إسطنبول التركية.
ونقل التلفزيون الروسي عن بوتين القول في كلمة خلال لقاء جمعه بتلاميذ روس وألمان خصص لتكريس ذكرى الحرب العالمية الثانية: «اننا نأسف ونتعاطف مع ضحايا العملية الارهابية في مطار إسطنبول».
وأكد ان «من شأن هذا اللقاء الذي يجمع التلاميذ الروس والالمان ان يحول دون وقوع مثل هذه الجرائم المريعة مثلما حدث في تركيا».
وعلى صعيد متصل، نقلت وكالة انباء «انترفاكس» عن الناطق باسم الرئاسة الروسية ديميتري بسكوف القول ان بوتين اجرى اتصالا هاتفيا مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، عزى فيه بضحايا التفجير.
وهذا الاتصال الاول من نوعه منذ تفجر ازمة العلاقات الثنائية التي نشبت في اعقاب قيام سلاح الجو التركي بإسقاط مقاتلة روسية في منطقة الحدود التركية السورية في نوفمبر عام 2015.
إلى ذلك، قال بوتين في اجتماع للحكومة: «أطلب من الحكومة الروسية بدء آلية تطبيع العلاقات التجارية العامة والاقتصادية مع تركيا. أريد البدء بالمسائل المتعلقة بالسياحة».
وذكرت «انترفاكس» أن بوتين اتفق واردوغان اتفقا على اللقاء بصورة مباشرة بداية سبتمبر خلال قمة مجموعة العشرين في الصين.وجاء في بيان صدر عن المكتب الاعلامي للرئاسة التركية: «التزام (الرئيسين) بإحياء العلاقات الثنائية».
 
أنقرة تلوّح بـ «مفاجآت» رداً على هجوم «الانتحاريين الأجانب»
الحياة..أنقرة – يوسف الشريف 
لم تدم أكثر من يوم أجواء التفاؤل، شعبياً وسياسياً، بأن تكون المصالحة مع روسيا وإسرائيل فاتحة لسياسة خارجية جديدة تُكسب تركيا مزيداً من الأصدقاء وتقلّل الأعداء. إذ إن التفجيرات الانتحارية التي استهدفت مطار أتاتورك الدولي في اسطنبول ليل الثلثاء، ذكّرت الأتراك بأن الإرهاب هو أخطر عدو تواجهه بلادهم الآن. وأعلن مسؤول أمني تركي أن «العالم سيشهد مفاجآت كبرى» في بلاده.
وقلبت التفجيرات التي اتهمت أنقرة تنظيم «داعش» بتنفيذها، مزاج السياسة العامة في تركيا التي أعلنت حداداً رسمياً ليوم، على أرواح 41 شخصاً بينهم 6 سعوديين، قتلهم ثلاثة انتحاريين. ونقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية «إدانة المملكة واستنكارها الشديدين الاعتداءات الإرهابية التي استهدفت مطار أتاتورك»، مؤكداً «تضامن المملكة ووقوفها إلى جانب الشقيقة تركيا». وعزّى «أسر الضحايا وتركيا الشقيقة، حكومة وشعباً»، متمنياً شفاءً عاجلاً للمصابين، كما تلقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان برقيات تعزية من القيادة السعودية.
وأعلن البيت الأبيض أمس، أن الرئيس باراك أوباما أبلغ نظيره التركي خلال اتصال هاتفي، استعداده لـ «عرض أي مساعدة قد يحتاج إليها الأتراك، خلال التحقيق (في التفجيرات)، واتخاذهم خطوات لتعزيز الوضع الأمني في بلدهم». وأبدى «قلقاً من قدرة داعش على شنّ هذا النوع من الهجمات الإرهابية، ليس في العراق وسورية فقط، بل في أماكن أخرى» أيضاً.
وكان أردوغان اعتبر أن «الهجوم الذي نُفذ خلال شهر رمضان، يظهر أن الإرهاب يضرب من دون أي اعتبار لمعتقد أو لقيم»، وحض المجتمع الدولي على «مكافحة مشتركة» للإرهاب.
والهجوم على مطار أتاتورك هو الأكثر دموية بين خمسة تفجيرات استهدفت اسطنبول هذه السنة، اتُهم «داعش» بتنفيذ اثنين منها، وطاولت مواقع سياحية، فيما أعلن ناشطون أكراد مسؤوليتهم عن الأخرى. ويذكّر الهجوم الأخير بأسلوب تفجيرات باريس التي أوقعت 130 قتيلاً في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وبتفجيرات بروكسيل التي أوقعت 32 قتيلاً في المطار والمترو في آذار (مارس)، ونفذها «داعش». وكان لافتاً استئناف العمل في مطار أتاتورك بعد 12 ساعة على التفجيرات، علماً أن مطار بروكسيل استأنف عمله بعد 12 يوماً على هجمات آذار.
وأفادت الرواية الرسمية التركية بأن ثلاثة انتحاريين حاولوا دخول صالة الرحلات الدولية في مطار أتاتورك الساعة العاشرة ليل الثلثاء، وعند نقطة التفتيش الشخصي على باب الصالة، اكتشف المفتشون سلاحاً مع أحدهم أثناء تفتيشه، فأخرج زميله الذي ينتظره في الطابور بندقية كلاشنيكوف وأطلق النار على رجال الأمن والناس، فيما ألقى الثالث قنبلة يدوية داخل المطار، لكي يفتح المهاجم الأول الطريق لزميليه. وأظهر فيديو مهاجماً داخل مبنى الركاب، سقط أرضاً بعد إطلاق شرطي الرصاص عليه، ثم فجّر نفسه.
وأعلنت السلطات التركية مقتل 41 شخصاً، بينهم 13 أجنبياً، وجرح 239. وبين القتلى خمسة سعوديين وعراقيان وتونسي وأوزبكي وصيني وإيراني وأوكراني وأردني.
وأعلنت وزارة الخارجية الفلسطينية مقتل فلسطينية وجرح سبعة في الهجوم، فيما أكدت الخارجية التونسية أن عميداً في الجيش التونسي يعمل طبيباً في المستشفى العسكري كان بين القتلى، وسافر إلى تركيا محاولاً إعادة ابنه الذي انضم إلى «داعش» في سورية قبل أشهر.
وتحدث مسؤول تركي عن «لغز»، مشيراً إلى أن «السلطات تفحص لقطات كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة وإفادات الشهود»، علماً أن تقارير أمنية أفادت بأن الحكومة باتت تعرف هوية منفذي التفجيرات، وستعلنها بعد التأكد منها، باختبار الحمض النووي. ورجّحت وكالة «دوغان» للأنباء أن يكون الانتحاريون الثلاثة أجانب. وأعلن رئيس الوزراء بن علي يلدرم من موقع الهجوم أن «الأدلة تشير إلى داعش» مشدداً على أن الإرهاب «بات يشكّل تهديداً عالمياً»، ومرجحاً ارتباطه بخطوات تركيا للمصالحة مع روسيا وإسرائيل.
وإذا تبيّن أن اتهام «داعش» صحيح، ستكون هذه نقلة نوعية لرصيد أهداف التنظيم في تركيا، والتي اقتصرت سابقاً على تجمعات كردية وسياح أجانب، في تفجيرات بدت بعيدة من استهداف منشآت رسمية تركية.
ولعل هذا التحوّل الخطر دفع أردوغان إلى لقاء رئيس أركان الجيش الجنرال خلوصي أكار بعد الهجوم، لتقويم الرد العسكري على «داعش»، ما يفتح لتركيا باب تدخل عسكري في سورية للمرة الأولى، مستفيدة ربما من أجواء المصالحة مع موسكو ومن تعاطف دولي ضخم، واهتمام أميركي بدعم أنقرة في حربها على الإرهاب.
واعتبر محللون أتراك أن دور أنقرة قد يتعزّز في شكل قوي في التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش»، ورجحوا أن تلجأ الحكومة إلى تغيير مسؤولين أمنيين، استعداداً لحرب أوسع ضد التنظيم وشبكاته داخل تركيا وفي سورية والعراق. وقال مسؤول أمني تركي: «سيشهد العالم مفاجآت كبرى في تركيا، وداعش سيُجتث من جذوره ويُقضى عليه تماماً».
وأعلنت المعارضة التركية دعمها الحكومة في الحرب على «داعش» والإرهاب، لكنها وجّهت إليها انتقادات لاذعة، بعد كشف تحذير أميركا رعاياها من احتمال عمل إرهابي في اسطنبول قبل يوم من الهجوم، وأن جهاز الاستخبارات التركية كان حذر أجهزة الأمن ووزارة الداخلية من أن «داعش» يخطط لاستهداف مطار اسطنبول، قبل 20 يوماً من التنفيذ.
لا معاملة أوروبية مميزة لبريطانيا .... و«عقدة» حرية التنقل باقية
بروكسيل - نورالدين الفريضي { لندن - «الحياة» 
غداة «العشاء الأخير» مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون، أبدى قادة الدول الأوروبية الـ27 تمسكهم بوحدة الاتحاد «إطاراً لمواجهة تحديات القرن الـ21». وفي محاولة لطمأنة الأسواق والرأي العام، أكدوا «قدرة الاتحاد على معالجة الصعوبات التي قد تطرأ في المرحلة الراهنة».
وفي أول اجتماع يعقدونه في غياب نظيرهم البريطاني الذي غادر بروكسيل بعد العشاء ليل الثلثاء - الأربعاء، بحث قادة الدول الـ27 تداعيات استفتاء المملكة المتحدة الذي «يخلق وضعاً جديداً»، كما أبدوا توافقاً أولياً على قبول تطلعات بريطانيا إلى مدخل جديد للسوق الأوروبية الموحدة». لكنهم لفتوا إلى أن «أي اتفاق مع دولة أخرى يقوم على مبدأ التكافؤ في الحقوق والواجبات»، ما يوحي أن بريطانيا ستعامل كأي دولة أخرى
وأعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك، أن القادة الأوربيين كانوا واضحين في أنه لا يمكن المملكة المتحدة التفاوض على دخول السوق الأوروبية المشتركة الموحدة كما يحلو لها بعد خروجها من الاتحاد، أي من دون أن تقبل بحرية تنقل الأشخاص.
وقال تاسك: «نأمل في أن تكون المملكة المتحدة شريكاً مقرباً في المستقبل، لكن دخول السوق الموحدة يتطلب القبول بالحريات الأربع (الأساسية للاتحاد الأووربي)، بما فيها حرية التنقل، ولن تكون هناك سوق موحدة على المقاس».
وأشار إلى أن القادة الأوروبيين سيستكملون محادثاتهم في هذا الشأن في قمة تعقد في براتيسلافا في 17 أيلول (سبتمبر) المقبل، ولفت إلى إجماع على أن «خروجاً منظماً لبريطانيا يخدم مصالح كل الأطراف»، وأن الرسالة التي تبلغها كامرون هي أن الاتحاد «يتفهم حاجة لندن إلى مهلة لتقديم خطتها لكنه يتوقع منها القيام بذلك في أقرب وقت».
واستندت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل إلى نموذج العلاقة القائمة بين الاتحاد والنروج التي تستفيد من مزايا السوق الموحدة وتلتزم بالحريات الأربع. وقالت: «لا نعلم بعد بدقة ما تريده بريطانيا. ويمكن النظر إلى نموذج العلاقه مع النروج وبعض النماذج الأخرى المتفاوتة. والأمر هنا لا يعود إلى قرار حكومات الدول الأعضاء وإنما لتقدير المفوضية الأوروبية، إذ يتوجب التقيد بالمقتضيات القانونية، لأن محكمة العدل ستنظر في القضايا التي ستطرح».
وبعد عودته إلى لندن أمس، قال كامرون في تصريحات إن حكومته ستباشر استعدادات تمهيداً لمفاوضات الانسحاب، لكن سيتعين على خلفه أن يقرر موعد تفعيل طلب الانسحاب بعد مناقشات يمكن أن يجريها مع شركاء أو في مؤسسات «حتى نتمكن من الخروج بالشكل الصحيح».
وشدد كامرون على أن وحدة بريطانيا أمر في غاية الأهمية، وذلك في معرض الرد على مخاوف من سعي أقاليم بريطانية للاستقلال بعد تصويت البريطانيين على الخروج من الاتحاد الأوروبي. وقال كامرون إن «الحفاظ على وحدة المملكة المتحدة يعد من المصالح الوطنية البالغة الأهمية لبلدنا».
إلى ذلك، طمأن رئيس «البنك الأوروبي» ماريو دراغي قادة الاتحاد إلى التعاون بين المصارف المركزية في دول الاتحاد من أجل مواجهة صعوبات قد يشهدها القطاع المصرفي. أتى ذلك بعدما أشار بيان القمة إلى أن خروج بريطانيا سيؤدي إلى انحفاض النمو في المملكة المتحدة وإلى عواقب سلبية قد تطاول الاقتصاد العالمي».
في المقابل، كان لوزير الخارجية الأميركي جون كيري كلام ملفت عن «الطلاق المعقد للغاية» بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، والذي قال إنه «قد لا يتحقق أبداً». وقال كيري في منتدى «آسبن آيدياز فستيفال» في كولورادو (غرب)، إن رئيس الوزراء البريطاني الذي التقاه في لندن مطلع الأسبوع، يشعر بأنه «غير قادر» على التفاوض حول خروج البلاد الذي لم يكن يريده أصلاً.
محادثات فرنسية روسية تناولت التعاون بين موسكو والأطلسي بعد قمة وارسو
 اللواء...(ا.ف.ب-رويترز)
قال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت امس إن موسكو وافقت على إجراء محادثات مع حلف الأطلسي بعد قمته المقررة في وارسو الشهر المقبل.
 يأتي ذلك في وقت يسعى فيه الطرفان إلى خفض حدة التوتر العسكري الذي تفاقم بفعل أزمة أوكرانيا.
 واجتمع الأطلسي مع مبعوث روسيا إلى الحلف في نيسان في أول اجتماع رسمي معه منذ عامين لكن لم ينجح هذا الاجتماع في تخفيف حدة التوتر.
 وقال إيرولت للصحفيين بعد اجتماعه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في باريس «روسيا وافقت لكنها ترغب في أن يعقد الاجتماع بعد قمة وارسو حتى تكون قادرة على تقييم القرارات التي ستصدر عنه.»
 وسيقرر أعضاء الحلف خلال القمة المقررة يومي الثامن والتاسع من تموز أفضل سبل التعامل مع روسيا بعد ضمها للقرم عام 2014.
 وأعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا أنها ستنشر مزيدا من القوات في بولندا والبلطيق بهدف توصيل رسالة إلى موسكو.
 وقال إيرولت إن فرنسا ترغب في أن تظهر القمة تضامن أعضاء حلف شمال الأطلسي لكن في الوقت ذاته تتعامل بشفافية مع روسيا من خلال الحوار مضيفا «لا نريد أن تكون قمة وارسو قمة تصادمية.»
ومنذ ضم موسكو لشبه جزيرة القرم واندلاع النزاع في شرق اوكرانيا، بدا الحلف الاطلسي تعزيز قدراته العسكرية في شرق اوروبا لتهدئة مخاوف دول الكتلة السوفياتية السابقة.
 وقال لافروف «نحن قلقون جدا لتطور القدرة العسكرية للحلف الاطلسي على حدودنا. كل هذه القضايا يجب ان تناقش بصراحة مطلقة».
واكد الوزيران انهما يريدان احراز تقدم في الحوار بين فرنسا وروسيا ومواصلة تطوير التبادل التجاري والاقتصادي بينهما.
واورد ايرولت ان «علاقتنا الثنائية كثيفة وخصوصا في المجال الثقافي. ولدينا علاقات اقتصادية قوية ودائمة، هناك كثير من الافاق. ان تطبيق روسيا لاتفاقات مينسك (حول وقف النار في اوكرانيا) ستتيح رفع العقوبات» التي فرضها الاتحاد الاوروبي على موسكو.
واكد نظيره الروسي انه يرغب في «المضي قدما» في العملية السياسية في اوكرانيا لافتا الى ان الحلول تمر ب»اتصالات مباشرة» بين كييف وممثلين للانفصاليين في شرق اوكرانيا.
من جهته، قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ان وجود الاطلسي في اوروبا الشرقية يمكن ان يتعزز بشكل كبير بعد قمة الحلف في وارسو في 8 و9 تموز .
 وقال شويغو في تصريحات نقلتها وكالات الانباء الروسية «لا نستبعد تعزيز النشاط والحضور العسكري للحلف الاطلسي بالقرب من حدود روسيا بشكل كبير بعد قمة وارسو».
ويعقد الحلف الاطلسي قمته بحضور قادة الدول الاعضاء الثماني والعشرين والتي يتوقع ان تشدد موقفها بازاء روسيا.
واضاف شويغو ان «الولايات المتحدة وسائر اعضاء الحلف يواصلون بناء قوتهم العسكرية وبشكل خاص في الدول المجاورة لروسيا».
واعتبر ان انشطة الحلف بمحاذاة حدود روسيا «تضاعفت اكثر من مرتين» خلال الاشهر الماضية. واشار بشكل خاص الى نشر «30 طائرة مطاردة و1200 قطعة عسكرية» في اوروبا الشرقية.
واعتبر شويغو ان «هذه الاعمال تزعزع استقرار اوروبا وتدفعنا الى اتخاذ تدابير مضادة»، معلنا نشر «الفين من المعدات العسكرية الحديثة» في القطاع العسكري الغربي في روسيا في 2016.
النواب «العماليون» يحجبون الثقة عن كوربن و«المحافظون» يعلنون اسم خليفة كاميرون في 9 أيلول
طلاق لندن ـ بروكسل سببه الاتفاق التجاري المشروط بإبقاء بريطانيا حدودها مفتوحة أمام الأوروبيين
المستقبل..لندن ـ مراد مراد
امضى رئيس الوزراء البريطاني دايفيد كاميرون مساء أول من أمس الثلاثاء، آخر عشاء رسمي له بصحبة نظرائه الاوروبيين في بروكسل، حيث أعرب الطرفان عن حزنهما واسفهما لعملية الطلاق التي امر بها خيار الشعب البريطاني في الاستفتاء الذي شهدته المملكة المتحدة الاسبوع الماضي.

وقال كاميرون انه «آسف لنتيجة الاستفتاء» لكنه «ليس نادما على اجرائه». وفي المقابل اكد الاوروبيون على احترامهم القرار البريطاني الذي حدد ديموقراطيا، واعربوا عن تفهمهم حاجة بريطانيا الى بعض الوقت لكي ترتب بيتها الداخلي قبل بدء المسار القانوني لانهاء عضوية بريطانيا الذي سيستغرق عامين كاملين بحسب المادة 50 من معاهدة لشبونة.

هذا في ايجابيات القمة الاوروبية التي ختمت ظهر امس، باول اجتماع لزعماء 27 دولة من دون بريطانيا. اما في السلبيات، فكان هناك اصرار الاوروبيين على موقفهم من ان «بريطانيا لن تتمكن من الاستمرار في اتفاقية التجارة مع الاتحاد الاوروبي الا اذا استمرت في فتح حدودها ومنح حرية الحركة والاقامة والعمل لمواطني دول الاتحاد الاوروبي».

وقد شدد كاميرون خلال القمة ان «البريطانيين صوتوا للخروج من الاتحاد الاوروبي بسبب سياسة حرية التنقل هذه المفروضة عليهم من بروكسل، لذا يجب ايجاد صيغة ما لتعديل القوانين المتعلقة بهذا الخصوص». واشار رئيس الوزراء البريطاني الى ان هذه النقطة تحديدا هي سبب الخلاف بين لندن وبروكسل، واعرب عن امله في ان يقوم خلفه والاوربيون في المرحلة المقبلة بمفاوضات، وبناءة تؤدي الى حلول ترضي الطرفين».

ولدى عودة كاميرون الى لندن، اعلنت الحكومة تعيين مسؤول كبير كان يعمل في الداخلية هو اوليفر روبنز، ليشرف ابتداء من الرابع من تموز المقبل على فريق عمل مهمته دراسة كل ابعاد المفاوضات مع بروكسل من اجل ضمان حصول بريطانيا على افضل اتفاق ممكن مع الاتحاد بعد خروجها منه.

اذاً، ستستمر عضوية بريطانيا في الاتحاد الاوروبي، كما كانت قبل الاستفتاء الى حين ابلاغ بريطانيا رسمياً الاوروبيين برغبتها في انهاء عوضيتها. وعند الابلاغ يتم تفعيل المادة 50، وتبدأ مفاوضات الخروج وقواعده بين الطرفين.

وقد اكد حزب «المحافظين» الحاكم في بريطانيا ان هذا المسار لن يبدأ الا بعد دخول رئيس الوزراء البريطاني الجديد مقره في «10 داوننغ ستريت». ويغلق اليوم باب الترشيح امام السياسيين «المحافظين» الراغبين في خلافة كاميرون. وقد علمت «المستقبل» من مصادر اعلامية في الحزب الحاكم ان «اعلان اسم خليفة كاميرون سيتم في التاسع من شهر ايلول المقبل».

من جهتها شددت بروكسل على انها لن تجري اي مفاوضات رسمية او غير رسمية مع اي وفد بريطاني الى حين بدء المسار القانوني لمغادرة بريطانيا الاتحاد.

وفي هذا السياق رفض رئيس مجلس الاتحاد الاوروبي دونالد توسك امس لقاء زعيمة الحزب القومي الاسكتلندي نيكولا ستورجن رئيسة الحكومة المحلية الاسكتلندية التي كانت ترغب في بدء مفاوضات تحفظ حق اسكتلندا بعضوية او ميزات ما مع بروكسل نظرا لأن الشعب الاسكتلندي صوت بأغلبه لمصلحة البقاء في الاتحاد الاوروبي. وانتهى الامر بستورجن بلقاءات حوارية غير رسمية مع كل من رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يانكر ورئيس البرلمان الاوروبي مارتن شولتز.

ورأى الاعلام البريطاني في رفض توسك لقاء ستورجن تطورا من شأنه ان ينعكس ايجابا على وحدة البيت البريطاني الذي اصبح مهددا بالانهيار بعدما لوحت ستورجن بإجراء استفتاء جديد حول استقلال اسكتلندا. واسهمت تصريحات ادلى بها اول من امس الرئيس الاميركي باراك اوباما، وشدد فيها على عدم «تهويل الامر وتصوير عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي وكأن حلف شمال الاطلسي قد انهار».

ووصف نتيجة الاستفتاء بأنها «مجرد كبسة على زر التوقف للاتحاد الاوروبي الذي على ما يبدو يسير بسرعة اكبر مما ترغب به شعوبه وبالتالي يجب التريث قليلا لتعديل السرعة ثم الانطلاق مجددا بشكل صحيح».

واقتنع الاوروبيون في قمتهم امس، أن بريطانيا تحتاج الى بعض الوقت قبل ان تقدم طلبا رسميا لتفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة وبدء مسار مفاوضات الخروج.

ونص المادة يحفظ لبريطانيا هذا الحق في ان تقرر هي متى تشاء بدء مسار المفاوضات. وقد شدد كاميرون امام الزعماء المجتمعين أول من امس في بروكسل ان «خيار الشعب البريطاني انهاء عضوية بريطانيا في الاتحاد الاوروبي لا يعني ان البريطانيين سيديرون ظهورهم لشعوب الدول الاوروبية الاخرى، فهؤلاء هم جيراننا واصدقاؤنا وتربطنا بهم صداقات تاريخية. لذا بريطانيا ستكون حريصة على ان تكون المفاوضات المقبلة مع بروكسل بناءة وتأمل ان يكون الاوروبيون هم ايضا حريصون على مفاوضات بناءة لمستقبل جيد للطرفين.

وفي الـ48 ساعة الماضية، واصل الجنيه الاسترليني ومؤشر «فوتسي» تعافيهما من الخضة التي ادت الى هبوطهما الحاد خلال الايام الثلاثة الاولى التي تلت الاستفتاء. وكان وفد من ادارة البنك الاوروبي المركزي شارك في القمة الاوروبية وطمأن قادة الدول الاوروبية على ان جميع تدابير التعاون والتنسيق تسير بشكل جيد مع بنك انكلترا وشتى البنوك في الدول الاوروبية الاخرى.

والتحذير الذي اطلقه فقط هو ان «تداعيات خروج بريطانيا قد تؤثر بالدرجة الاولى على الاقتصاد البريطاني الذي ان تباطأ فقد يسبب نوعا من الازمة للاقتصاد العالمي ككل».

الخلاصة ان القمة الاوروبية امس والمؤشرات الايجابية من الاسواق والمصارف ما هي الا دليل واضح على ان عاصفة الرعب المالي وعدم اليقين التي سادت فور اعلان نتيجة الاستفتاء بدأت تنحسر.

والعامل الايجابي الذي ساهم في ذلك ايضا اقفال توسك الباب امس سريعا في وجه الاسكتلندية الاولى ستورجن، مما طمأن المستثمرين المتخوفين من انفراط عقد المملكة. ورغم هذه الايجابيات لم تمر الساعات الماضية، في بروكسل من دون مناوشات كلامية، فقد استفز زعيم حزب «استقلال المملكة المتحدة» نايجل فاراج اول من امس اعضاء البرلمان الاوروبي عندما سخر منهم قائلا «بريطانيا لن تكون الدولة الاولى والاخيرة التي ستغادر الاتحاد. مشروعكم فاشل، وانتم لن تغيروا شيئاً في حالة النكران التي تعيشونها». وذكرهم بأنه «قبل 17 عاما وقفت هنا وقلت لكم اني سأشن حملة في بريطانيا من اجل اخراجها من اتحادكم فضحكتم علي. ولكن اليوم انتم لا تضحكون. انتم غاضبون لأن من يضحك اخيرا يضحك كثيرا«.

وفي الشارع السياسي البريطاني، لا تزال الاجواء ملبدة داخل اكبر حزبين «المحافظين» و»العمال». وامس فتح الباب رسميا داخل «المحافظين» لمدة 48 ساعة فقط لاستقبال طلبات الترشيح لخلافة كاميرون في «10 داوننغ ستريت».

وعدد المرشحين المحتملين قد ازداد امس ليشمل ايضا الوزراء جيريمي هانت وستيفن كراب ووزير الدفاع السابق ليام فوكس. بينما بينت استطلاعات الرأي داخل الحزب امس ان وزيرة الداخلية تيريزا ماي تتقدم على رئيس بلدية لندن السابق بوريس جونسون في السباق على خلافة كاميرون. بينما بين استطلاع امس على مستوى الشعب ان البريطانيين يفضلون جونسون. وبالتالي لا تزال الامور شد ضبابية حول هوية الزعيم المقبل الذي سيحمل على عاتقه مسؤولية كبيرة هي مفاوضات احرج مرحلة في تاريخ بريطانيا منذ الحرب العالمية الثانية.

هذا وازدادت نار الحرب على زعامة حزب «العمال» استعارا. فمساء اول من امس صوت 80 في المئة (172 نائبا مقابل 40) من نواب حزب «العمال» لحجب الثقة عن زعيم الحزب جيريمي كوربن، متهمين اياه بان قيادته الضعيفة وعدم مشاركته بقوة في حملة «البقاء في الاتحاد الاوروبي» اديا الى مهزلة خروج البلاد من الاسرة الاوروبية. كما استقال عدد من وزراء الظل الجدد الذين عينوا في حكومة الظل خلال الـ48 ساعة الماضية. وعلى الرغم من التصويت الساحق لحجب الثقة عنه، رفض كوربن التنحي من زعامة الحزب واصدر بيانا ذكر فيه بأن القانون الداخلي لـ«العمال» يشدد على ان زعيمه يجب ان ينتخب من قبل القاعدة الحزبية اي من قبل المنتسبين.

وذكر كوربن المتمردين ضده بأنه انتخب في ايلول الفائت لزعامة الحزب بعد حصوله على 60 في المئة من اصوات المحازبين، ولهذا السبب لن يتنحي خاصة وانه متأكد انه في حال اعيدت الانتخابات الحزبية فإن المحازبين سيصوتون له مجددا.

ويدرس كوادر الحزب الآن حسابيا ما اذا كان لديهم القدرة على الاطاحة به، ويتشاورون حول هوية المرشح الشعبوي القادر على هزيمة كوربن في اي نتخابات حزبية داخلية مقبلة. وضم كاميرون امس امام مجلس العموم صوته لصوت اغلب النواب «العماليين» بغية التخلص من كوربن فطلب منه علنا في سابقة لم تحدث في تاريخ البرلمان «بحق السماء ارحل«.
«الاستخبارات الأميركية»: الشراكة الاستخبارية مع بريطانيا لن تتأثر بخروجها من الاتحاد الأوروبي
الرأي... (أ ف ب)
أكد مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي ايه) جون برينان أمس الأربعاء أن أجهزة الاستخبارات البريطانية والأميركية ستحافظ على علاقتها الوثيقة رغم خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.
وبحسب العديد من الخبراء فإن تصويت الناخبين البريطانيين لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي، ألقى بظلال الشك على مستقبل «العلاقة الخاصة» بين واشنطن ولندن، إذ أن بريطانيا خارج الاتحاد هي شريك أقل إثارة لاهتمام الولايات المتحدة.
لكن على صعيد التخابر، فإن الشراكة الوثيقة بين البلدين، التي تعود نشأتها إلى الحرب العالمية الثانية، «لن تتأثر في الأشهر والسنوات المقبلة»، بحسب ما أعلن برينان خلال مؤتمر في واشنطن.
وقال إن «هذه الروابط، ستبقى دائما أساسية لأمننا الجماعي» و«لن تزداد إلا قوة» في السنوات المقبلة.
من جهة أخرى، اعتبر مدير الـ «سي آي ايه» أن تصويت الناخبين البريطانيين كان ربما «التحدي الأكبر» الذي يواجهه الاتحاد الأوروبي.
وأضاف أن «خروج بريطانيا يدفع بأوروبا إلى فترة تأمل من شأنها أن تؤثر تقريبا على كل ما يقوم به الاتحاد الأوروبي».
ولفت إلى أن المشككين بأوروبا في الدنمارك وفرنسا وإيطاليا وهولندا «يطالبون باستفتاءات خاصة بهم» حول مسائل عدة و«من المؤكد أن هذا الأمر سيجعل من عملية اتخاذ القرار الأوروبية أكثر صعوبة». وأوضح أن المناقشات حول آليات خروج بريطانيا ستسيطر على جدول الأعمال في الأشهر المقبلة.
أوباما يعرب عن مخاوف حيال النمو العالمي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
الرأي... (أ ف ب)
أعرب الرئيس الأميريكي باراك أوباما أمس الأربعاء عن «مخاوف مشروعة تثقل النمو العالمي على المدى الطويل» بعد تصويت البريطانيين لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي، مبديا في الوقت نفسه ثقته في قدرة النظام المالي على مواجهة الصدمة.
وقال أوباما خلال زيارة إلى أوتاوا إنه في حال تمت عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في المدى المنظور «وأنتج ذلك تجميدا للفرص الاستثمارية في المملكة المتحدة وكل أوروبا، في وقت تشهد فيه أصلا معدلات النمو العالمية انخفاصا، فهذا لا يساعد على حسن سير الاقتصاد».
وقبيل ذلك، سعى الرئيس الأميركي إلى الطمأنة حيال استقرار القطاع المالي، رغم الصدمة التي تعرض لها في أعقاب الاستفتاء البريطاني. وأضاف أن «فرقنا تواصل العمل لضمان الحفاظ على استقرار النظام المالي العالمي، وأنا واثق من أننا سننجح».

المصدر: مصادر مختلفة

..Getting Past Libya’s Central Bank Standoff..

 الأربعاء 2 تشرين الأول 2024 - 6:21 ص

..Getting Past Libya’s Central Bank Standoff.. The long-running feud between Libya’s competing au… تتمة »

عدد الزيارات: 172,794,030

عدد الزوار: 7,712,742

المتواجدون الآن: 0