أخبار وتقارير.."مستقبل إقليم كردستان ما بين الوحدة و"البلقنة...الاتفاق النووي والمشهد السياسي الإيراني اليوم..بين الدولة والجمهورية: سباب وسببية

السبهان: إيران تسعى لتدمير العرب بإثارة الصراع السُني - الشيعي...افتتاح مسجد نيس رغم معارضة رئيس البلدية اليميني..وزيرة الداخلية الأوفر حظاً لخلافة كاميرون

تاريخ الإضافة الإثنين 4 تموز 2016 - 7:39 ص    عدد الزيارات 2301    التعليقات 0    القسم دولية

        


 

"مستقبل إقليم كردستان ما بين الوحدة و"البلقنة
Yerevan Saeed يوليه 1, 2016
منتدى فكرة .. معهد واشنطن...يريفان سعيد
يريفان سعيد ـ طالب دكتوراه في قسم تحليل النزاعات وحلها بجامعة جورج ميسون، ومراسل سابق بالبيت الأبيض لتليفزيون "روداو" الكردي، وصحفي ومترجم لدى العديد من الوكالات منها: نيويورك تايمز، والإذاعة العامة الوطنية، وصحيفة وول ستريت جورنال، وبوسطون غلوب، والبى بي سي، وصحيفة الغارديان
كثيرا ما تتم الإشادة بإقليم كردستان باعتباره مركزا للاستقرار في الشرق الأوسط، وتعتبر القوات العسكرية ـ على وجه الخصوص ـ حائط صد منيع ضد الدولة الإسلامية "داعش". ومع ذلك، فإن الإقليم يواجه عملية بلقنة محتملة يواكبها ظهور بعض الأصوات التي تدعو إلى الحكم الذاتي والانفصال عن الإقليم الكردي. وللأسف، فكل من الأحزاب السياسية والمسؤولين السياسيين المحليين منشغلون بالبحث عن مزيد من السلطة والثروة، وهو ما يضعف احتمال قيام دولة كردستان المستقلة.
فمن خلال نظرة بسيطة على المشهد الكردي؛ تتراءى لنا الصورة القاتمة، حيث ساهمت العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكذا تضارب المصالح؛ في تشكل أفكار انفصالية، خاصة في محافظات كركوك، والسلمانية، وسنجار.
فقد أعرب محافظ كركوك ـ نجم الدين كريم، خلال مقابلة مع صحيفة "روداو" الكردية، عن دعمه لفكرة تشكيل إقليم مستقل في محافظته، مبررًا موقفه بكون بغداد تتعامل مع كركوك معاملة غير عادلة؛ خاصة في مسألة المدفوعات المالية والأمن والتوظيف، بالإضافة إلى تلك المحاولات المزعومة لزيادة اللاجئين العرب، بُغْيَةَ فرض التغيير الديموغرافي على المحافظة.
وبالرغم من أن كركوك غير خاضعة ـ بصفة رسمية ـ لسيطرة حكومة إقليم كردستان، إلا أن قوات هذه الحكومة "البيشمركة" تمارس سيطرة فعلية على معظم المحافظة، وذلك في أعقاب انهيار الجيش العراقي أثناء مواجهاته لهجمات تنظيم "داعش" في عام 2014.
ويبدو أن انفصال منطقة كركوك يمثل حلا وسطًا ومقبولا لتلك المحافظة التي تتميز بتعدد الأعراق، والتي كانت مركزا للصراع المستمر بين بغداد والأكراد خلال القرن الماضي، ورغم ذلك، فقد واجه طموحها الانفصالي سيلاً من ردود الأفعال العنيفة والانتقادات القوية على مختلف الجبهات حيث تعهد الحزب الديمقراطي الكردستاني بالعمل على وقف المخطط الذي يتبناه محافظ كركوك، كما بإجراء استفتاء غير ملزم قبل الانتخابات العامة للولايات المتحدة؛ حول ما إذا كان يستوجب على شعب كردستان أن يظل تحت السيادة العراقية، أو أن يشكل دولته المستقلة. أما حزب الاتحاد الوطني الكردستاني - وهو الحزب الذي ينتمي إليهم محافظ كركوك- فقد رفض بشكل قاطع فكرة وجود منطقة مستقلة بالمحافظة، في حين، أطلق بعض مسؤولي الاتحاد الوطني الكردستاني على ذلك الاقتراح؛ لقب "المشروع التركي" الذي يهدف إلى موازنة الهيمنة الكردية في العراق والسيطرة على النفط بالإقليم.
ومعلوم أن فكرة إنشاء منطقة حكم ذاتي؛ هي فكرة ليست بالجديدة، حيث كانت الجبهة التركمانية في كركوك، أول من اقترحها في عام 2007، إذ ـ وفقا للدستور العراقي حينذاك ـ كان من المزمع إجراء استفتاء لمعرفة ما إذا كانت كركوك ستنضم إلى إقليم كردستان، أم أنها ستختار البقاء ضمن نظام فيدرالي عراقي. غير أن الأكراد والعرب رفضوا هذا الاقتراح المبدئي آنذاك، حتى حل عام 2008، حيث أعاد الرئيس العراقي السابق جلال طالباني، تنشيط الفكرة من جديد، وهو الشيء الذي أثار الجدل مرة أخرى.
ووفقا للدستور العراقي، يواجه كل من طالباني ونجم الدين كريم؛ اعتراضا قانونيا ودستوريا، إضافة إلى بعض التحديات السياسية، ذلك لأن هذا الدستور العراقي لا يسمح لاثنين من المناطق ذاتية الحكم بالانضمام إلى إقليم واحد، الأمر الذي دفع بعض المسؤولين الأكراد إلى القول بأن أي قيام لإقليم منفصل في محافظة كركوك؛ يعني القضاء نهائيا على حلم هذه المحافظة الغنية بالنفط، بالانضمام إلى إقليم كردستان. وهو ما أشار إليه عارف قرباني ـ مسؤول الاتحاد الوطني الكردستاني، حينما أكد على أن الخطر لا يكمن في فصل إقليم كركوك عن بغداد، وإنما في فصله عن كردستان. وذهب الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى أبعد من ذلك، حيث رفض تلك الفكرة بشكل قاطع، واصفا إياها ب "الخيانة" وبالفكرة "غير المقبولة". وعلاوة على ذلك، عبرت الإدارة الأمريكية ـ في بيان صدر لها مؤخرا ـ عن دعمها لتشكيل حكومة موحدة عوضا عن إقامة منطقة مستقلة بإقليم كركوك.
وإذا كان محافظ كركوك قد تعرض لسيل من الانتقادات على نطاق واسع؛ فإنه ليس المسؤول المحلي الوحيد الذي يحاول التمرد على حكومة إقليم كردستان، إذ هناك أيضا، بعض المسؤولين من محافظة السليمانية الذين يشعرون بالإحباط، ويسعون إلى إعلان " نظام حكم لا مركزي "، يسمح للإدارة المحلية بالسيطرة على شؤونها المالية الخاصة، وبالتمويل، وقد منح مجلس محافظة السليمانية مهلة أسبوعين للرد على مطالب الإقليم.
كما أن رئيس مجلس محافظة السليمانية، هفال أبو بكرـ قد أعلن في تصريح لشبكة أخبار السلماني ـ على أنه في حالة عدم الوفاء بمطالب شعبه؛ فسيلجأ إلى اتخاذ تدابير أخرى، مثل: القيام بلقاء مع الأحزاب السياسية، وإطلاق حملات إعلامية، وإذا ما فشلت تلك التدابير، فإن الإدارة المحلية ستقوم من جانبها الخاص، بتطبيق القرارات التنفيذية الأخرى.
وإذا كان هذا حال كل من كركوك والسليمانية، فإن محافظة سنجار لم تخرج عن نهجهما، إذ أنها عانت بشدة من بطش تنظيم "داعش" الذي بسط سيطرته على أراضيها في أغسطس 2014، وذلك بعدما فشلت القوات الكردية في حماية المدينة، حيث تعرض آلاف اليزيديين للمجازر، بل إلى استعباد المئات منهم. مما أدى بهذه المحافظة ذات الغالبية اليزيدية، إلى الإعراب عن مطالبها بالحكم الذاتي والانفصال عن حكومة إقليم كردستان. وهو الأمر الذي تعارضه الأحزاب الكردية، وفي مقدمتها الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يسيطر ـ بالاشتراك مع حزب العمال الكردستاني ـ على المنطقة ككل.
ورغم هذه الشراكة، فإن حزب العمال الكردستاني قد قام برعاية الحكم الذاتي الذي أعلن عنه بعض المسؤولين في محافظة سنجار، وهو الأمر الذي حذا بحكومة إقليم كردستان إلى الإسراع بإدانة ذلك الإعلان، واصفة إياه بالإعلان "غير القانوني والمخالف لقانون ودستور كردستان والعراق".
أمام هذا الوضع القاتم، ليس أمامنا سوى الانتظار، انتظار ما إذا كانت كل من سنجار والسلمانية وكركوك ستمضي قدما في تطبيق اللامركزية، علما أن مثل هذه الدعوات تعكس متلازمة مثيرة للقلق، تتعلق بالتمزق الذي يشهده سكان إقليم كردستان، الذين لا يزالون يعانون من نقص في الخدمات الأساسية، ومن الفساد المؤسسي، ومن انعدام الشفافية بشأن النفط والغاز، ومن الجمود السياسي المستمر بين الأحزاب السياسية الكردية.
فهل سيستجيب الحزب الديمقراطي الكردستاني لمطالب الأحزاب الأخرى، فيجلس إلى طاولة المفاوضات مع الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة كوران وباقي الأطراف الأخرى؛ لدراسة كيفية تقاسم السلطة وتنشيط البرلمان، ومن ثم، الخروج بمعاهدات جديدة تكفل حقوق جميع الأطياف، أم أن المصالح الضيقة وكذا دخول أطراف خارجية على خط المفاوضات قد يؤدي إلى إقبار كل حلم انفصالي، بما فيها حلم قيام إقليم كردستاني مستقل.
 
الاتفاق النووي والمشهد السياسي الإيراني اليوم
Mohammad Al Zghool يوليه 1, 2016
منتدى فكرة .. معهد واشنطن...محمد الزغول
د. محمد الزغول هو باحث أول-وحدة الدراسات الإيرانية-مركز الإمارات للسياسات.
أظهر الانسجام الواضح الذي اتصف به سلوك مُختلَف مؤسسات الدولة والثورة في إيران خلال المفاوضات النووية مع الغرب نجاح مساعي تحالف مؤسسة "بيت القائد" - "الحرس الثوري" الحاكم بإعادة هندسة المشهد السياسي الداخلي استعداداً للدخول في هذه المفاوضات، وبرزت قوة تأثير هذا التحالف في ضبط سلوك جميع المؤسسات، والتيارات السياسية بما يخدم المصلحة العليا للنظام، فلا المُزاودين على النظام في الثوريّة (بعض قيادات الحرس، وتيار مصباح يزدى الأصولي، وأنصار أحمدي نجاد) سُمحَ لهم بتعكير أجواء المفاوضات أو عرقلتها، ولا البراغماتيين والإصلاحيين والليبراليين المندفعين للانفتاح على الغرب سُمح لهم بالتأثير على الفريق المفاوض، ودفعه لتقديم تنازلات تتخطى الخطوط الحُمر للنظام.
وبالتالي تمكنت ثنائية على أكبر صالحي، رئيس وكالة الطاقة الذرية الإيرانية، ومحمد جواد ظريف من إدارة عملية التفاوض بما يتوافق مع شروط النظام ومدعومةً من مختلف مراكز القوة في البلاد. وبعد التوقيع على الاتفاق، تجلّى هذا الانسجام بوضوح من خلال مصادقة مجلس الشورى التاسع ذي الأغلبية الأصولية على الاتفاق في زمن قياسي.
وحتى الآن، فإن المركزية الرامية إلى إبرام اتفاق نووي يحظى بقبول النظام كان لها بعض التداعيات التي تجلت بوضوح خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، ومن المرجح أن تستمر في تأثيرها على المشهد الداخلي في إيران على المديين القريب والمتوسط. ومن ثم، يمكن القول بأن ضعف المنافسة السياسية، وتآكل الحدود بين الكيانات السياسية، فضلا عن استمرار المشاكل الاقتصادية، والتحول الذي حدث في البنية الاجتماعية خلال العام الماضي، يرجع أسبابها إلى الجهود المركزية للنظام.
دمج التيارات السياسية
بينما كانت عملية إعادة هندسة المشهد الداخلي تستهدف توقيع الاتفاق النووي، أظهرت نتائج الانتخابات التشريعية بأن الاتفاق النووي أخذ يعمل بالمقابل على إعادة هندسة المشهد السياسي الداخلي في إيران. ويمكن القول بأن المنافسة الحقيقية في انتخابات 26 فبراير كانت على المستوى الشعبي، تجري بين أنصار الاتفاق النووي والتقارب مع الغرب، وبين معارضي الاتفاق، من أنصار الحفاظ على مبادئ الثورة.
وقد تجلّت تلك المنافسة بشكل أوضح في العاصمة طهران، حيث اتجه الناخبون في انتخابات مجلس الشورى إلى التصويت لصالح أشخاص لا يعرفونهم جيداً ليتمكنوا من إقصاء أشخاص يعرفون بأنهم سيعملون على إفراغ الاتفاق النووي من محتواه عبر عرقلة تنفيذه. ويُذكَر أن المقاعد الثلاثين لمدينة طهران حسمت من الجولة الأولى لصالح "قائمة الأمل"، وحصل جميع مرشحي القائمة في طهران على أكثر من مليون صوت.
أثبتت الانتخابات التشريعية الماضية بأن المشهد السياسي الإيراني لم يعد كما كان عليه الحال في العقد الأخير من القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحالي، حيث كان يتنافس تيّاران كبيران مُتمايزان بوضوح: أصولي وإصلاحي، وبينهما تيار معتدل براغماتي ذو نزعة اقتصادية ليبرالية. وكانت بداية ظاهرة السيولة هذه قد برزت في الانتخابات الرئاسية عام 2013، إذ لم يكن أمام ما تبقى من التيار الإصلاحي بعد عمليات التفكيك والإقصاء من خيار سوى سحب مرشحه، والتحالف مع طيف رفسنجاني-روحاني المعتدل، وبعض معتدلي التيار الأصولي في تلك الانتخابات التي فاز بها الرئيس حسن روحاني. أما في الانتخابات التشريعية لهذا العام فقد أدت قرارات مجلس صيانة الدستور المتمثلة في رفض أهلية معظم مرشحي التيارين الإصلاحي والمعتدل لمجلس الشورى إلى تآكل وتفتت الأحزاب السياسية، حيث لم تستطع قائمة الإصلاحيين أن تقدّم أكثر من 172 مرشحاً في كل المناطق. كما تم رفض كل مرشحي التيار الإصلاحي لمجلس الخبراء.
وقد تحالف من اجتاز اختبار رفض الأهلية من مرشحي التيارين مع أنصار رئيس البرلمان علي لاريجاني، إضافة إلى شخصيات أصولية معتدلة تدعم الحكومة، مثل النائب علي مطهري. كما تحالف هاشمي رفسنجاني مع مَنْ قَبِل التحالف معه من مرشحي التيار الأصولي، وبرزت ظاهرة تكرار ورود اسم المرشح الواحد في أكثر من قائمة في الانتخابات، بعضها متنافسة فيما بينها؛ وهو ما يشير إلى حالة السيولة بين التيارات السياسية وضعف التمايُز بينها. وعلى سبيل المثال لا الحصر، لم يكن أحد في إيران يتوقع أن ترد أسماء علي مطهري، وكاظم جلالي في قائمة الإصلاحيين بعد أن كانوا في انتخابات المجلس السابع على تضادّ كامل مع هذا التيار، وذلك حينما كانوا يُظهرون ميولاً أصولية متشددة.
وتشير مصادر مقربة من التيار الإصلاحي إلى أن الأصوليين المتشددين لم يرغبوا في تشكيل قائمة مستقلة للإصلاحيين يرأسها إصلاحي، بل في انخراطهم في قائمة أصولية معتدلة يرأسها أصولي. لكن جهوداً بذلها روحاني وخاتمي ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني، أتاحت تشكيل قائمة "الأمل" برئاسة محمد رضا عارف، نائب خاتمي سابقاً.
أولى الناخبون أهمية بالغة لانتخابات مجلس الخبراء هذه المرة على غير العادة في انتخابات المجلس الأربع السابقة، فقد حصل المرشح الأول لمجلس الخبراء هاشمي رفسنجاني على حوالي 2.3 مليون صوت، بينما في مجلس الشورى حصل المرشح الأول محمد رضا عارف على حوالي 1.6 مليون صوت، كما حصل 6 من مرشحي مجلس الخبراء على أكثر من 2 مليون صوت. ونجح في الوصول إلى المجلس أول مرشح من غير رجال الدين المعممين (محسن إسماعيلي)؛ وهذه الأرقام تُشير بوضوح إلى تأثير موضوع خلافة خامنئي المحتملة على الناخبين. وإذا أضيف إلى ذلك إخفاق رموز التيار الأصولي المُتشدّد من الوصول إلى المجلس، فيمكن الاستنتاج أيضاً بأن أكثرية الناخبين الإيرانيين يريدون خليفة لخامنئي من خارج التيار الأصولي المتشدد.
لقد أبرز الاتفاق النووي، ومن بعده الانتخابات التشريعية براغماتية الرئيس روحاني إلى جانب ميزته كخبير أمني-سياسي، حيث أظهر روحاني مرونة مع خصوم الداخل والخارج، وتنازلَ عن كثير من وعوده الانتخابية في سبيل الوصول للاتفاق النووي، فازداد اقترابه من رفسنجاني الذي كرّس في الانتخابات الحالية فكرة "مظلومية" تيار الاعتدال والإصلاح من خلال التزام الصمت عن التهم والإساءات والمضايقات التي تعرض لها خلال السنوات الماضية؛ وهو ما عمل على تحسين صورته لدى الناخبين، فحصل على 2.3 مليون صوت رغم أنه بالكاد نجح في انتخابات مجلس الشورى السادس مثلاً، وجاء آنذاك في ذيل القائمة بحوالي 750 ألف صوت.
الانعكاسات الاجتماعية للتحولات السياسية والاقتصادية
كان الاقتصاد ولا يزال أهم أولويات الناخب الإيراني منذ انتهاء الحرب العراقية الإيرانية، لكن استجابة مختلف التيارات داخل النظام السياسي الإيراني لهذا التحدي ظلت محكومة بالمخاطر الأمنية والوجودية التي تعرضت لها الثورة، ومع مطلع القرن الحالي بدأت هذه المخاطر بالتراجع التدريجي، خاصة بعد سقوط طالبان في أفغانستان، ونظام صدام في العراق، إلى توقيع الاتفاق النووي، وتخلي أمريكا والغرب رسمياً عن فكرة الإطاحة بالنظام الإيراني. ومن ثم، مثلت تلك التغيرات نقطة تحول كبيرة للاقتصاد الإيراني.
وقد أسهمت العقوبات الاقتصادية التي تخللت هذه الفترة في رفع مستوى التحدي الاقتصادي ليتحول إلى خطر وجودي على النظام والدولة، وعلى الرغم من دعوات القائد خامنئي إلى تبنّي استراتيجية الاقتصاد المقاوم كبديل عن الانفتاح الاقتصادي على الغرب، وباعتباره خطة بديلة في حال أخفقت المفاوضات، كرّست حكومة الرئيس حسن روحاني مقولة أن إصلاح الاقتصاد مرهون بتوقيع الاتفاق النووي، وهو ما أوجد زخماً شعبياً كبيراً مُناصرا لتوقيع الاتفاق وإظهار مرونة في التفاوض مع الغرب.
وقد أظهر هذه الانتخابات رغبة قوية من جانب الناخبين في تغيير الوضع الاقتصادي القائم. وفى هذه الانتخابات، تنافست مختلف القوائم على طرح شعارات ذات أبعاد اقتصادية، كما أظهر الناخبون رغبة قوية في تغيير الوضع الاقتصادي القائم حالياً، سواء من صوّت منهم لصالح القوائم الداعمة لحكومة روحاني، أو من صوّت لصالح المحافظين والمستقلين. فالناخب أراد للمجلس العاشر أن يتبنى السير في خريطة طريق الاتفاق النووي، ويدعم تحقيق التنمية الاقتصادية. ومن الصعب على النظام بكل أطيافه الآن تقديم مُبرّرات مقنعة للناس في حال لم ينجح في تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي لهم.
أظهرت الانتخابات التشريعية أيضا قدرة الشعب الإيراني على الاستغلال الأمثل لمساحات وهوامش الحرية الضّيِّقة التي يُتيحها النظام، كما أظهرت اتجاه المزاج العام نحو التغيير التدريجي السلمي، ولم تُبدِ أي من التيارات المتنافسة رغبة في التصعيد بعد الأحداث التي أعقبت انتخابات عام 2009، إذ بلغت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات حوالي 50 % في طهران، و62 % في مختلف أنحاء إيران على الرغم من توسُّع مجلس صيانة الدستور في قرارات رفض الأهلية للترشح بشكل غير مسبوق. وقد بات واضحاً أنه لا مكان في المعادلة الجديدة للسلطة في إيران لعودة التيارات اليسارية الإسلامية مثل "منظمة مجاهدي الثورة الإسلامية" أو "جبهة المشاركة".
ويشير معظم المحللين في الداخل الإيراني إلى دور وسائل الإعلام البديلة، ووسائل التواصل الاجتماعي في نجاح جميع مرشحي "قائمة الأمل" في العاصمة طهران التي تنشط فيها هذه الوسائل خلافاً لباقي المحافظات؛ ما يعني أن النظام الإيراني بشكل عام وبمختلف تياراته السياسية بات أمام ضرورة التكيُّف مع هذه الحقائق الجديدة، وأن وسائل الفلترة والمنع المتبعة لغاية الآن لم تعد مجدية.
أعادت الانتخابات الأخيرة التباينات الثقافية والاجتماعية بين العاصمة طهران - حيث تتركز بقايا الطبقة الوسطى من عهد الملكية، والطبقة الوسطى الجديدة - وباقي المحافظات الإيرانية، فبينما امتدح رموز تحالف تياري الاعتدال والإصلاح سكان العاصمة بعد احتكارهم جميع مقاعدها في مجلس الشورى، اتهم بعض رموز التيار الأصولي سكان طهران بالتسليم للإنجليز، وشبّهوا سكان المدينة بأهل الكوفة كنايةً عن خذلانهم للثورة.
أظهر الاتفاق النووي ومن بعدة الانتخابات التشريعية تنامي مكاسب التقارب بين "البراغماتية الثورية" لطيف روحاني-رفسنجاني، و"الواقعية الثورية" للتحالف الحاكم، مقابل اضمحلال "المثالية الثورية" للتيار الأصولي. وأدّت عمليات إقصاء وتفكيك كل من التيار الإصلاحي، وطيف أنصار الرئيس السابق أحمدي نجاد إلى اضمحلال الجدل الداخلي، وبالتالي إضعاف الديناميات التي كانت تنتج الأفكار والحلول والبدائل، وترافق ذلك مع تصاعُد وتيرة هجرة الكفاءات، وانتشار مظاهر التملق والنفاق للنظام السياسي، وانحسار هامش النقد الجادّ والبنّاء؛ ما يؤشر إلى تراجُع متوقّع لأداء الدولة بشكل عامّ. وكانت الانتخابات التشريعية مصداقاً لحالة الجمود وضعف التنافسية هذه حيث كانت الأسماء التي سُمح لها بالترشُّح لمجلسي الشورى والبرلمان -باستثناءات محدودة- غير معروفة، ولا يتبنى معظم المرشحين أية مواقف أو آراء أو بدائل جديدة ذات أهمية للوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الراهن في إيران.
 
بين الدولة والجمهورية: سباب وسببية
Hassan Mneimneh يوليه 1, 2016
منتدى فكرة .. معهد واشنطن...حسن منيمنة
حسن منيمنة هو مساهم في تحرير منتدى فكرة.
يكرر خصوم تنظيم الدولة الإسلامية داخل الصف الجهادي اتهامهم لهذا التنظيم بالتواطؤ مع الوسط الحاكم في إيران بناءاً على لائحة طويلة من القرائن: فمع أن غزوات تنظيم الدولة وعملياته الأمنية شملت مختلف البقاع، من الفلپين وأندونيسيا وصولاً إلى فرنسا والولايات المتحدة، لمْ تنلّ إيران أية حصة من التنكيل. وقد تذرع الناطق الرسمي باسم الدولة بأن القاعدة هي التي منعتهم من استهداف إيران. فبعد القطيعة معها، ما هو المانع؟ ولمصلحة من تمّ إفساد الجهاد في سوريا، من خلال إرغام الفصائل، ولا سيما جبهة النصرة، على خوض معارك دامية جانبية استنزفتها وأتاحت المجال لنظام دمشق للإفلات من انهيار بدا لوهلة وشيكاً؟ وما الداعي إلى سعي تنظيم الدولة إلى تحرير المحرّر في اليمن وأفغانستان، والدخول في مواجهة قاتلة مع كل من تنظيم القاعدة وحركة طالبان، بل الحكم بردتهما وتكفيرهما وقتل عناصرهما؟ بل هل من تفسير للتخريب الذي جلبه تنظيم الدولة على مناطق أهل السنة في العراق، وإصراره على تدمير مدنهم قبل اندحاره المحتوم إلا المساهمة في التبديل السكاني خدمة للرغبات والمصالح الإيرانية؟
ولا تجد هذه التهمة نقضاً وتبرئة، لدى من يشهرها، في تكفير تنظيم الدولة للشيعة، بالعموم والتعيين، أو في قتله المروّع لعديدهم، وتدميره الممنهج لمقاماتهم، بل يعتبر هؤلاء أن إيران وتنظيم الدولة يستفيدان من هذه الأفعال للتمويه والدعاية، حيث أن طهران، والتي تبطن عصبية فارسية خلف قناع التشيع، لا تعنيها مآسي الشيعة العرب إلا بقدر قابليتها للتوظيف في اللطميات التعبوية وغيرها من الأغراض الدعائية.
غير أنه ثمة خلاف في الصف الجهادي المعادي لتنظيم الدولة في مسألة التعمّد والنوايا، ففي حين يرى أكثرهم أن التواطؤ بين رأس التنظيم والقيادة الإيرانية هو أمر متحقّق، وإن بقي مستتراً، فإن البعض منهم يعتبر أن تنظيم الدولة مطية وحسب لمصلحة إيرانية تتحقق من خلال استغلال طهران لقصور التنظيم في الرؤية والعقيدة، فتوجّهه خفية وفق حاجاتها، عبر العملاء أو دونهم.
أما المدافعون عن تنظيم الدولة فيرفضون هذه التهم جملة وتفصيلاً، وينحون في تفنيدها منحيين، الأول يطعن بمن يتقدم بها، فلا ينتقد تنظيم الدولة إلا «إخوان مفلسون» أودت بهم سلميتهم إلى السجن والمشانق، أو متأسلمون «رانديون»، منبطحون ومنافقون، أو قاعدة «نيولوك» أضاعوا السبيل بعد تولي «سفيه الأمة» إمارة تنظيمهم. أما المنحى الثاني فيتقصى الخلل في الأقوال الطاعنة. فمن أفسد الجهاد هو من خرج باغياً، أي المستأمَر على جبهة النصرة والذي نكث بيعته لأميره ولتنظيم الدولة وورّط تنظيم القاعدة بخلاف شقّ صفوف المجاهدين. أما تخريب ديار أهل السنة في العراق وغيره فقول مردود، إذ وقوع الخراب سابق لغلبة تنظيم الدولة وتالٍ لانحيازها. وتنظيم الدولة لا تشغله أحوال أية ساحة معيّنة للجهاد، فهدفه هو الجهاد طلباً وإقامة الشرع عنوةً عند التمكين والكفر بالطاغوت على أشكاله، وليس هدفه تحرير الحجر ولا تحرّر البشر، ولا عبرة للوطنية والقومية والعلمانية وغيرها من أديان الجاهلية. أما إيران الفارسية المجوسية فلا محالة مستهدفة، وإن بعد حين. وأما لمن يزعم عمالة تنظيم الدولة لإيران، فغيره قد زعم عمالتها لإسرائيل وتركيا والسعودية والولايات المتحدة، ولم يبدّل زعمهم شيئاً في أن الأمم قد تكالبت على دولة الإسلام في ملحمة عظيمة لن تنتهى إلا بكسر الصليب وفتح رومية.
وفيما يتعدى المزايدات السجالية، فإن الحديث عن تواطؤ بين تنظيم الدولة وإيران هو زعم يفتقد البرهان، ولا تفيد قرائنه إلا الشبهة الضعيفة. فكادت ألا تمضي أيام قلائل على تبجح أحد القادة الإيرانيين أن إمبراطورية فارسية ثالثة قد تحقّقت بامتداد سلطان إيران عبر العراق وسوريا ولبنان إلى البحر الأبيض المتوسط، حتى استولى تنظيم الدولة على الموصل ووصل بمجاهديه إلى مشارف بغداد، مربكاً طهران ومعيداً رسم خرائط نفوذها. وليست هذه أفعال التابع ولا الحليف. ثم أن تنظيم الدولة، وإن كان لا يزال عاجزاً إلى اليوم عن إيجاد الثغرة في المنظومة الأمنية الإيرانية لغرض سفك الدماء داخل إيران، فأنه قد كبّد الحرس الثوري الإيراني خسائر بشرية مؤلمة، بعد أن اضطر هذا الحرس إلى دخول ساحات القتال بقادته وجنوده إثر استنفاد طاقات من بعث بهم إلى المعارك نيابة عنه، من الشيعة اللبنانيين والعراقيين والأفغان وغيرهم. إلا أن انعدام التواطؤ المباشر، وهو الأرجح بأشواط، لا يعني انتفاء السببية، أو غياب الاستفادة المتبادلة.
يوم استعادت «القوات الحكومية العراقية» تكريت، مسقط رأس حاكم العراق السابق صدام حسن، من قبضة تنظيم الدولة، تزيّنت شوارعها بكتابات من نمط «تكريت بدست فرزندان روح الله فتح گرديد» وهي جملة فارسية تعريبها «من فتح تكريت هم أبناء الخميني». فالقوات «الحكومية العراقية»، على ما يبدو لم تكن حصراً «حكومية» إذ شاركت فيها فصائل «الحشد الشعبي» المتألف أساساً من قوى غير نظامية مدعومة من إيران، ولا حصراً «عراقية» بما أن فيها من يدوّن بالفارسية ثأراً للحرب التي تخبّط فيها صدام حسين وروح الله الخميني في ثمانينات القرن الماضي. طبعاً، ما كانت تكريت لتعود لسيادة الحكومة العراقية لولا الضربات الجوية للولايات المتحدة، إلا أن مشاركة «الشيطان الأكبر» في هذه المعركة الرمزية أمر من الأجدر أن يمحى من الذاكرة.
لا تنكر السلطات العراقية في بغداد استنجادها بإيران، وإن كانت تدرجه في إطار حاجة لم يلبِّها أصدقاء العراق وأشقاؤه المفترضون. أما من وجهة نظر إيرانية، فالتهديدات التي شكّلها تقدم تنظيم الدولة، والمجازر التي اقترفها، كانت دون شك مصدر قلق، ولكنها كذلك قدّمت فرصاً استفادت منها طهران لدخول صريح إلى الساحة العراقية، بعد أن كان حضورها حتى ذلك الحين عبر الحلفاء والتابعين. وفي المقابل، من وجهة نظر تنظيم الدولة، فإن الفظائع بحقّ المواطنين العراقيين السنة، والتي ارتكبها مسلحو الحشد الشعبي المدعومون إيرانياً في بلدات محافظتي ديالى وصلاح الدين وصولاً إلى الفلوجة في الأمس القريب، تشكل حافزاً وجودياً لسكان محافظتي الأنبار ونينوى في الاصطفاف إلى جانب تنظيم الدولة في المعارك القادمة درءاً للأذى الأعظم.
وكل من الجمهوية الإسلامية والدولة الإسلامية تغدق على الأخرى بالسباب والشتائم، وتستعيد لهذا الغرض تعابير «تراثية» (والحديث إذن قد عاد عن «نواصب» و «روافض»)، كما تجيّر نعوت خارج السياق لأغراض القدح والذمّ (وهّابيون ومجوس، مع تأكيد الصادحين بالنعوت في كل من الجانبين حسن انطباق النعت على الخصم). إلا أنه خارج نطاق هذا السباب، وفيما يتعدى الاستفادة التعبوية المتبادلة من الجانبين، فإن علاقة سببية تربط إيران بتنظيم الدولة. والمسألة هنا لا تتطلب التمييز والتلطيف: فلولا الجمهورية الإسلامية لما كانت الدولة الإسلامية. والعلاقة لا تقتصر على حدث استفزاز تاريخي، بل هي واقع إثارة مستمر لا بد من اعتباره عند السعي إلى إيجاد الصيغ الناجعة للتخلص من تنظيم الدولة.
قد يسارع الاعتذاريون لإيران، ومعهم العديد من المتسائلين الصادقين عن صحة هذا الربط، إلى توجيه إصبع الإتهام للمملكة العربية السعودية لمسؤوليتها الأصلية في نشوء تنظيم الدولة، إذ يجاهر هذا التنظيم باعتناقه إسلاماً على فهم السلف، أي بما يتوافق مع الصياغة المستعملة لدى هيئة كبار العلماء في السعودية. أما الواقع، فإن الشكل هو فعلاً من السعودية، وتحديداً من المؤسسة الدينية الموسومة من الخصوم بـ «الوهابية» فيها، أما المضمون، فهو من «ولاية الفقيه»، أي من المؤسسة الدينية الإيرانية، والتي لا تخالف السلفية «الوهابية» في قطعيتها النظرية، ولكن تزيد عليها بمقادير في الجوانب التطبيقية، وإن اعتمدت من أساليب التورية والتمويه ما يظهر خلاف ذلك. فالدولة الإسلامية كما جمهورية إيران الإسلامية، قطعية في استدعائها للموروث الديني، شمولية في إلزامها للمسلمين تحت سلطتها، عالمية في زعمها الولاية على كافة المسلمين، ومهدوية في توقعها لمجرى التاريخ.
والتشابه هنا ليس صدفة، بل هو نتاج فكر مقتطع للحداثة ومتصادم معها، يسقط منها أبرز مقوماتها _ الفكر النقدي، المساواة الأصلية، الفردية. وهذا الفكر قد تناطح وتلاقح خلال على مدى قرن ونيّف، وجال في أرجاء العالم الإسلامي إلى أن تحقق له التمكين في إيران. وفي حين أن دوافع توظيفه في إطار طائفي ومذهبي عديدة، فلا شك أن أهمها كان المسعى الإيراني للاستفادة من إمكانيات الوصاية على طوائف منتشرة وقابلة للوصاية نتيجة ما تعانيه من تهميش. غير أن هذا التوظيف بحدّ ذاته لم يكن محتّماً. ولكن مع حصوله، في حين أن إيران قد حقّقت نفوذاً لم يكن بمتناولها قبله، فإنها أثارت كذلك عداوات محلية انصبت تراكمياً باتجاه المشروع النقيض. وملامح هذا المشروع مستقاة من الرصيد الإسلامي المشترك ومن مسعى محاكاة التحدي. فالجمهورية الإسلامية كانت السبّاقة، والدولة الإسلامية هي صداها، بأدوات مشابهة وطروحات موازية.
ولا شك أنه ثمة فوارق مشهودة، في القطعية والشمولية، بين طهران من جهة، وكل من الموصل والرقة من جهة أخرى. فالإعدامات في إيران وإن كثرت لا تنحدر إلى فظاعة المشهد الذي يقدمه تنظيم الدولة لـ «رعيته». إلا أن هذه الفوارق عملية وليست نظرية. ومن الممكن بالطبع أن ينجح المجتمع الإيراني، بزخمه وتنوّعه، من إرغام الطبقة العلمائية الحاكمة من تأصيل هذه الفوارق لتصبح مبدئية، لا مجرد تنازلات مرحلية. إلا أن ذلك لم يحصل بعد بشكل مقنع، بل يمكن الإشارة إلى تصاعد الخطوات السلبية كلما برز «خطر» تطبيع التطورات الإيجابية. أما فيما يتجاوز الأبعاد الاجتماعية والداخلية للقطعية والشمولية، فالتماهي متحقق بوضوح دون فوارق فارزة.
فالمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية هو «ولي أمر المسلمين» في عمومهم، كما أن الخليفة في تنظيم الدولة هو «أمير المؤمنين» كلهم، داخل «دولة الخلافة» وخارجها. أي في كلتا الحالتين لا يقتصر زعم الولاية على النطاق الوطني بل يتعداه ليبلغ بعداً عالمياً. وإذا كانت إيران اليوم تقتصر في تسويقها الضمني لدورها على زعم الوصاية التلقائية على من يدخل تحت مسمّى «الشيعة» (بما في ذلك الزيدية بالإضافة إلى العلوية والنصيرية وغيرهم ممن كان تصنيفهم من الغلاة الخارجين عن الملة بالأمس)، فإنها عملياً، في دعمها لجهد «استبصار» تبشيري يستهدف المتضررين من المدّ السلفي، ولا سيما الصوفية، لم تتخلَّ عن وصايتها على جميع المسلمين، خاصتهم من الشيعة، وعامتهم من غيرهم، كما كان طرحها الصريح في زمن آية الله الخميني.
وهذا الدمج القصري لعموم المسلمين تحت عباءة ولاية الفقيه يوازيه توجه توسعي خارجياً، بوجهين سياسي وعسكري، رغم محاولات التعمية. فعلى ما يبدو ثمة انفصام في شخصية الكيان الإيراني بين الدولة والثورة، الأولى تريد التواصل مع العالم والثانية مستمرة في عدائها لمعظمه وفي سعيها إلى السيطرة عنوة على أجزاء منه. وفيما يصرّح المسؤولون في وزراة خارجية إيران الدولة أن حكومتهم تنأى بنفسها عن الشؤون الداخلية للدول الأخرى، فإن إيران الثورة تفاخر بإنجازاتها في احتلال الدول والعواصم. وقد حققت إيران الثورة احتلالاً فعلياً للبنان. فحزب الله، إذ يجاهر بولاء سياسي وعسكري وعقدي وفقهي للولي الفقيه في طهران، هو القوة الآمرة والناهية على أرض الواقع في عموم لبنان وهو السلطة الشمولية للطائفة الشيعية فيه. والدلائل تشير كذلك إلى استقلالية القرار الإيراني داخل سوريا في رسم معالم الخطة الكفيلة بإنقاذ النظام الاستبدادي، الأقرب إلى التابعية، من السقوط. فيما تجربة الاحتلال الشمولي عبر الوسيط المحلي، والتي نجحت نجاحاً معتبراً في لبنان، تجد جهوداً لتكرارها، وإن أقل وعداً، عبر «أنصار الله» في اليمن والحشد الشعبي في العراق، مع مباشرة فصائل الحشد بإعلان تقليدها للولي الفقيه في إيران، بدلاً من مرجعية النجف الأشرف في العراق. فالدولة الإسلامية تسعى صراحة إلى إزالة الحدود، أما الجمهورية الإسلامية فقد تجاوزتها لتوّها.
والدولة الإسلامية، كما الجمهورية الإسلامية، في قراءة أتباع كل منهما للتاريخ، هي إرهاص وحسب باقتراب الملاحم والفتن، وكل تعد نفسها بالمهدي المنتظر، وإن كان الاتفاق على الاسم واللقب ومعظم الفعل يعكّره تشخيص متعارض للتفاصيل. فمهدي الجمهورية، رغم ما يتناقله البعض وإن دون تأكيد من المصادر العليا حول لقائه الدوري بالولي الفقيه لغرض توجيهه، لم يأتِ فرجه بعد، إلا أن السفياني، السابق له، على ما يبدو في الشام قد ظهر، ومن درعا قد قدح الشرر، واليماني يدوره في لبنان قد بدر. وسواء كانت هذه قناعات آيات الله في قم ومشهد وطهران أم لا، فإنها غيث من فيض ما يعبّئ شباب العراق ولبنان وغيرهما لمقتلة خارج ديارهم.
وفي المقابل، فإن الدولة لم تعلن عن ظهور مهديها بعد، وإن كان تفسيرها لأحاديث الملاحم والفتن يقطع بأنها هي المعينة فيها وأنها هي وعد الله الصادق. وتحت سلطانها أرض الملاحم الأعماق ودابق، فظهور المهدي ليس بعيداً، وعلى شباب السنة من كل صقع الهجرة إلى دولة الخلافة في الشام بدورهم ليَقتلوا ويُقتلوا.
والخطر في هاتين المهدويتين المتبادلتين بين الجمهورية والدولة هي أنهما تشذبان صياغتهما لهوية العدو. يلحظ هنا كيف أن المهدوية الإسلامية عامة خلال القرن المنصرم، كانت قد اجتهدت في موازنة مقوماتها للتماشي مع واقع عداء لليهود، ككمّ جماعي مؤحّد. وفيما هذا العداء مستمر في كل من السرديتين المهدويتين، وفيما تمّ إدراج تلقائي لعداء للولايات المتحدة فيه يضاهي بل يتجاوز العداء لليهود، فإن البغض اليوم يوجّه في السرديات الطليعية بالدرجة الأولى نحو الآخر، المسلم سابقاً، الناصبي (الوهابي التكفيري البكري العمري) أو الرافضي (المجوسي المرتد المشرك) اليوم، مع ما يستتبع ذلك من تصعيدات تراكمية بين الجهة والأخرى تفاقم من حدوث الانفجارات، صغراها وكبراها.
ولا بد من تبديد أي وهم قد يناجي البعض بأنه في هذا الانشغال بالعداء بين المسلم والآخر إشغال للمسلم عن عدائه للآخر. فيقتضي التنبيه بأنه، بالإضافة طبعاً إلى المآسي التي تجلبها هذه الأحوال للمجتمعات المعنية، ومنها عبر الهجرة إلى عموم الدول، فإن مخزون البغض المتراكم كخطاب تعبوي يبقى مادة خصبة لإعادة التوجيه نحو خصوم جدد في زمن لاحق.
وبالتالي فإن الإهمال أو محاولات الاحتواء والإدارة لا تحقق في أفضل الأحوال إلا تأجيل الاستفحال إلى حين. غير أن هذه تبقى أكثر فعالية، وبالتأكيد أقل إضراراً، من الحل الذي يدعو البعض إلى اعتماده انطلاقاً من الاتفاقية الموقعة بين إيران ومجموعة الخمسة زائد واحد، أي التعويل على إيران كعامل استقرار مفترض في المنطقة، والتمييز الإيجابي بين القطعية الشيعية التي تدعمها إيران، إذ هي ذات مرجعية واضحة قابلة نظرياً للتعامل معها، وبين القطعية السنية غير ذات المرجعية وبالتالي الأقل قابلية للترقب والضبط. فمع عدم إدراك العلاقة السببية بين الجمهورية الإسلامية والدولة الإسلامية، يبدو بأن البعض يدعو إلى إطفاء نار الدولة بإلقاء ما أمكنه عليها من محروقات الجمهورية.
 وهذا الكلام هو تحديداً برسم الحكومة الأميركية في المرحلة المقبلة. فبعد أعوام طويلة من التقصير القائم على التعامي، لا بد من سياسة إقدامية، ولا بد لهذه السياسة من تصويب المسار، من خلال إدراك التماثل بين إيران وتنظيم الدولة في الوجوه ذات الأهمية، ورسم الخطط لتنفيس الزخم المدمّر الذي ينتجه هذا التعايش القاتل بين الكيانين المتسابين.
السبهان: إيران تسعى لتدمير العرب بإثارة الصراع السُني - الشيعي
الرأي...الرياض - د ب أ - اتهم سفير المملكة العربية السعودية لدى العراق ثامر السبهان إيران بالتخطيط لتدمير العرب من خلال صناعة الصراع السُني - الشيعي، مؤكدا أن ما يحدث في العراق وسورية ولبنان واليمن والبحرين كلها تغذيات من طهران.
وأكد السفير السبهان في لقاء مع القناة «الإخبارية» السعودية أن المملكة تتطلع إلى علاقات استراتيجية مع العراق، مشددا على أنه ليس معنى ذلك أن تقطع علاقتها مع إيران، مبيناً أن لكل دولة مصالحها، واتهم في الوقت نفسه إيران بالوقوف وراء الأزمات في عدد من الدول العربية، بالإضافة لإشعال الفتن الطائفية في المنطقة.
وقال: «تربطنا مع العراق علاقات تاريخية منذ أمد بعيد، وحراك المملكة الديبلوماسي والسياسي هو لإيجاد حل سلمي ونزع فتيل الخلافات، ودور المملكة في العراق للمساعدة في نزع الخلافات».
وأضاف: «ما مر به العراقيون من ظروف في عشرات السنين الماضية أثَّر على بلادهم، وبقوتهم يستطيعون النهوض والعودة إلى الصف العربي».
وتابع السبهان إن «إيران لا تريد خيرا للعرب أبدا ومن مصالحها القضاء على العلاقات العربية لكي تخلو لها الساحة، وسياساتها قائمة
على الطائفية وصنع العداوات ولا تؤسس لدول بل تدمرها وتفككها، والدول العربية على وعي تام بمخططاتها، والمملكة تعي سياسة طهران المقيتة».
وأشار الى «إننا نعمل مع إخواننا العرب في لمّ الصف العربي ووحدته وقوته، وما يحدث في العراق وسورية ولبنان واليمن والبحرين كلها تغذيات طائفية مصدرها إيران، لأنها تريد الفوضى وتدمير العرب من خلال صناعة صراع سُني - شيعي وهي لا تؤمن بالشيعة العرب، ويجب إيقاف تعدي إيران على جميع الدول العربية».
وأوضح السبهان أن إيران تستخدم أدوات لتنفيذ أجندتها بالمنطقة، وفي العراق نجد لهجة تحريضية من قادة الكتل السياسية والبرلمانيين ضد المملكة، وهناك حملة إعلامية تستهدف السفارة ونثق في إدراك الإخوة بالعراق لذلك.
وأكد أن المملكة تسعى للقضاء على النزعة الطائفية في العراق، والتسامح هو الحل لنهضة البلاد، مضيفا: «الشعب العراقي بالكامل محب للمملكة بجميع طوائفه ومكوناته، ونعلم مَن يقف خلف الأبواق ضد المملكة».
افتتاح مسجد نيس رغم معارضة رئيس البلدية اليميني
المستقبل.. (اف ب)
استقبل مسجد «النور» بنيس جنوب شرق فرنسا السبت للمرة الاولى مصلين وذلك بعد انتظار استمر 15 عاما بسبب معارضة رئيس البلدية من حزب الجمهوريين اليميني.

وتلقى المسجد صباح السبت الترخيص موقعا من المحافظ الذي حل محل رئيس بلدية نيس فيليب برادال من حزب الجمهوريين بزعامة نيكولا ساركوزي.

ورفض برادال منح ترخيص البلدية لافتتاح المسجد رغم قرار قضائي يقضي بذلك.

وقال مبارك واسيني المحامي ورئيس الجمعية الثقافية «انه الاعتراف بأحقية القانون وممارسة حرية المعتقد في فرنسا احتراما لقيم الجمهورية». ويمكن لهذا المسجد استقبال 880 مصليا.

وبدا مشروع بناء المسجد في 2003 بشراء مبنى يقع وسط مكاتب. وأراد صاحب المبنى الذي اصبح لاحقا وزير الاوقاف في المملكة السعودية، توفير مكان عبادة لائق بالمسلمين في نيس.

وعارض رئيس بلدية نيس السابق كرستيان استروسي المنتمي لحزب ساركوزي واصبح لاحقا رئيس مجلس منطقة بروفنس-آلب-كوت-دازور، ايضا فتح المسجد.

واعتبر الجمعة وهو يقف الى جانب خلفه ان فتح المسجد «يعرض المدينة الى اخطار تمس النظام العام سواء في مستوى الافكار او الخطب التي تلقى في هذا المكان الذي يتبنى مالكه الشريعة».

لكن مجلس الدولة الفرنسي اعتبر ان الرفض يشكل «اساءة خطرة وغير قانونية لحرية المعتقد».

ودفع ذلك محافظ الناحية الجمعة الى اعطاء موافقته بفتح المسجد مع توصية للجهة المديرة لهذا المسجد بانهاء الصلات مع المالك السعودي.
وزيرة الداخلية الأوفر حظاً لخلافة كاميرون
عكاظ.. أ ف ب (لندن)
 تحتدم معركة خلافة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مع تكثف الحملات في الصحافة وبرامج الحوار صباح أمس (الأحد)، فيما تبدو وزيرة الداخلية تيريزا ماي الأوفر حظا لتولي هذا المنصب.
وأفادت وسائل الإعلام البريطانية أنه أصبح من المؤكد أن ماي ستحصل على دعم نحو 100 نائب من المحافظين من أصل 330، فيما يبدأ تصويتهم الثلاثاء.
لكن أبرز منافسيها مصممون على قطع الطريق أمامها عبر التأكيد أن رئيس الوزراء الذي سيخلف كاميرون الذي استقال بعد تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، يجب أن يكون من معسكر مؤيدي خروج بريطانيا. غير أن تيريزا ماي ناضلت من أجل بقاء بريطانيا ضمن الاتحاد.
 

المصدر: مصادر مختلفة

..Getting Past Libya’s Central Bank Standoff..

 الأربعاء 2 تشرين الأول 2024 - 6:21 ص

..Getting Past Libya’s Central Bank Standoff.. The long-running feud between Libya’s competing au… تتمة »

عدد الزيارات: 172,576,577

عدد الزوار: 7,698,956

المتواجدون الآن: 0