مخيم عين الحلوة تحت الأضواء والأنظار مجدداً... هل ثمة سيناريو لقلب الوقائع وتغيير المعادلات؟

تاريخ الإضافة الأربعاء 24 شباط 2010 - 6:29 ص    عدد الزيارات 3945    التعليقات 0    القسم محلية

        


مجدداً يصير الوضع في مخيم عين الحلوة شرق صيدا تحت الاضواء، ويبدو هذا المخيم الذي يحوي اكبر تجمع بشري فلسطيني محاصراً بأكثر من "تهمة".
فبعد الاشتباكات العنيفة التي شهدتها ارجاء المخيم المكتظ قبل نحو اسبوع، يأتي التخوف الذي أطلقه اخيراً رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والذي عبّر فيه عن خشيته من تكرار سيناريو مخيم نهر البارد، في المخيم الرابض على الكتف الشرقي لصيدا. وليس خافياً ان هذا الكلام يرد للمرة الاولى بهذا الشكل على لسان "ابو مازن"، الامر الذي استرعى انتباه المراقبين واستدعى اكثر من تساؤل وقراءة وتخوف.
منذ زمن بعيد تتعامل السلطة اللبنانية، بمؤسساتها السياسية واجهزتها الامنية، مع مخيم عين الحلوة بالذات على اساس أنه "قنبلة موقوتة"، لذا فهي تحيطه باجراءات امنية مشددة، وترصد الوضع في داخله بدقة متناهية وتبادر الى تفسير أي تطور مستجد فيه مهما كان صغيرا وتعتبره رسالة ذات ابعاد. ولهذا طبعاً جذوره الضاربة عميقاً في بنية السياسة والأمن في لبنان، فهذا المخيم بالذات له خصوصيته، إذ بين أحيائه المكتظة تزدحم جملة وقائع ومعطيات امنية وسياسية:
– فهو يعكس الصراع الفلسطيني- الفلسطيني الموصول بصراعات قديمة ومستجدة وممتدة الى الداخل الفلسطيني البعيد.
- وهو يعكس ايضاً جزءاً من التداخل بين الملف الفلسطيني في لبنان وملف السياسة اللبنانية وصولا الى مسألة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات.
- وفوق ذلك يعكس ايضا جزءاً من التمايز بين السياسة السورية وسياسة بعض المنظمات والفصائل الفلسطينية امتداداً الى السجال والصراع بين محور "الممانعة" ومحور "الاستسلام والاعتدال" العربيين.
- والمستجد الاخطر الذي طرأ في المخيم اياه هو ملف السلفيين و"الارهابيين" وقوى التطرف التي صار معلوماً انها تجد في المخيم الخارج عن قوانين السلطة بؤراً لحراكها وانتشارها ونموها.
وعليه فان ملف المخيم الفلسطيني موجود عملياً على طاولة الدولة اللبنانية والسلطة الفلسطينية والقوى والفصائل الفلسطينية الخارجة عن ارادة هذه السلطة وتوجهاتها، اضافة الى عواصم اخرى وقوى اقليمية ودولية بدءاً من تنظيم "القاعدة" واخواتها وصولاً الى ابعد من هذا التنظيم الأممي الباحث دوماً عن جناح يختبئ تحته ويستظله.
ولم يعد خافياً وفق المعلومات ان الدولة اللبنانية سعت منذ زمن بعيد للامساك اكثر بهذا المخيم وبالحراك فيه، فشددت اولاً (كما سبقت الاشارة) الاجراءات الميدانية حول المخيم ثم سعت مع من يعنيهم الأمر لتعزيز جهاز الكفاح المسلح الفلسطيني عله يصير مرجعية وحلقة وصل بين اجهزة السلطة وداخل المخيم.
ثم أوفدت قبل فترة أحد المسؤولين الكبار في جهاز استخبارات الجيش الى عمان اولاً حيث قابل "ابو مازن" نفسه، ثم الى دمشق حيث اجتمع بقيادة حركة "حماس" المقيمة هناك في سعي حثيث لايجاد تسوية للمشكلة توائم بين ضبط امن المخيم من الداخل وفي محيطه.
واللافت في حينه ان "ابو مازن" طرح فكرة تشكيل لواء او لواءين عسكريين من كل الفصائل الفلسطينية للامساك بالأمن داخل المخيم، وتكون هذه القوة هي مرجعية السلطة اللبنانية وذلك على غرار تجربة ألوية جيش التحرير الفلسطيني في سوريا والاردن، لكن الواضح ان بيروت تعاملت بسلبية مطلقة مع هذه الفكرة وعادت سيرتها الاولى مع المخيم الذين ينظر اليه دوماً على انه "مشكلة" أو "قنبلة" تختزن في طياتها امكانات واحتمالات الانفجار بين لحظة واخرى.
وفي كل الاحوال وبناء على كل هذه المعطيات والوقائع والمقدمات، كان لأجهزة الدولة وللمعنيين بالشأن الفلسطيني وتداعياته وملحقاته في لبنان، قراءة مختلفة للاشتباكات الاخيرة في الاسبوع المنصرم في مخيم عين الحلوة.
بالطبع ليست المرة الاولى التي يلعلع فيها الرصاص وتدوي القذائف في المخيم، ولكن الامر هذه المرة كانت له "ميزته" الخاصة وسماته، وفتح الابواب امام تحليلات وتخوفات تتجاوز كل الاحداث المماثلة. فما حصل هذه المرة من حيث مجريات الاحداث على الأرض وبحسب معلومات الاجهزة الرسمية ان مجموعة "عصبة الانصار" هي التي فتحت ابواب المعركة، ولهذا "المشروع" بالفعل أبعاده ومدلولاته.
فللمرة الاولى منذ فترة طويلة تظهر فيها هذه المجموعة الاصولية على المسرح الامني والسياسي، اذ انها كانت نأت بنفسها عن مسرح احداث المخيم منذ فترة ليست بالقصيرة لا سيما بعدما تمت تصفية عدد من كوادرها وأصابها التصدع الداخلي حتى خيل للكثيرين ان هذه المجموعة قد "غابت" عن السمع او خرجت ولن تعود.
لذا، كان لعودتها الى الواجهة ومن هذا الباب وقع المفاجأة وخصوصاً ان الامر كله ارتبط بجملة معطيات ميدانية ابرزها:
- كثافة النيران التي استخدمها مسلحو العصبة.
- تقدمهم الى احياء ومناطق لم تكن العصبة تجرؤ في السابق على دخولها او الاقتراب منها، على اعتبار انها مناطق "محجوزة" لسواها، ومحرمة عليها وفق "التقسيم المبدئي" المتفق عليه بين الفصائل الفلسطينية لمناطق النفوذ المعلومة في المخيم المترامي الاطراف.
وهكذا يبدو جلياً ان ثمة رسالة ارادت هذه العصبة، في هذه المرحلة بالذات، توجيهها الى من يعنيهم الامر داخل المخيم وخارجه، فحواها أنه اذا كنتم تفكرون في الاقتراب منا او شطبنا من معادلة المخيم فقد صار لدينا قدرة ليس على المواجهة فحسب بل على الحسم ايضا...
وبالطبع ثمة أبعاد لمضمون هذه الرسالة في هذه المرحلة، فمعلوم ان حركة "فتح" التي كانت تملك دوما قوة الفصل في المخيم تعاني ومنذ مؤتمرها العام الاخير تصدعات و"تمردات" وانكفاءات من جانب العديد من قياداتها الفاعلة في داخل المخيم، وهو أمر يرى البعض انه ربما اغوى القوى والمجموعات الاصولية بالتحرك والحراك لأخذ موقع اكثر حضوراً داخل المخيم، وربما كان هذا الواقع المستجد هو الذي دفع برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الى اطلاق التحذير من تكرار سيناريو مخيم نهر البارد.
ولأن احداث مخيم نهر البارد أرست نوعا من معادلة فلسطينية داخلية تمنع كل الاطراف والفصائل الفلسطينية من مجرد التفكير في محاولة لابتداع وقائع ومعادلات جديدة، لذا فان السؤال الذي بدأ يتقدم هو: هل تنام احياء المخيم الفلسطيني الاكبر على شيء دراماتيكي ما يكسر المعادلة المتجذرة منذ اعوام؟

ابراهيم بيرم     


المصدر: جريدة النهار

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,221,907

عدد الزوار: 7,624,508

المتواجدون الآن: 0