التقرير السنوي الاول لرئيس المحكمة الخاصة بلبنان انطونيو كاسيزي:

تقدم كبير في التحقيق ويدعو للتفاؤل وثغر يجب ملؤها قبل الاتهام

تاريخ الإضافة الأحد 7 آذار 2010 - 5:25 ص    عدد الزيارات 3095    التعليقات 0    القسم دولية

        


التقرير السنوي الاول لرئيس المحكمة الخاصة بلبنان انطونيو كاسيزي:
تقدم كبير في التحقيق ويدعو للتفاؤل وثغر يجب ملؤها قبل الاتهام

تضمن التقرير السنوي الأول لرئيس المحكمة الخاصة بلبنان انطونيو كاسيزي منعطفا مهماً على أصعدة التحقيق والتقنية والوجدان. ويخال قارئه انه امام تقرير من التقارير الموسمية التي كانت تصدر في شأن التحقيق في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري حول عمل المحكمة ككل، بدءا من مكتب المدعي العام الدولي دانيال بلمار وصولا الى البنى التحتية التي تشكل اطار عمل المحكمة من الناحية القانونية.
واذ لفت الى اختلاف التحقيق بالجريمة الارهابية عن طابع الملفات التي شهدتها المحاكم الدولية الاخرى، أعلن ان"مكتب المدعي العام احرز تقدما ملموسا في تحضير القضية التي ستقدم مرتكبي جريمة اغتيال الحريري الى العدالة رغم انضباط من يقفون وراء الاعتداء وتطورهم الواضحين" واصفا هذا التقدم بانه"كبير ويدعو الى التفاؤل". واشار الى انه يمكن لمكتب بلمار "ان يقدم  تقريرا عن مؤشرات التقدم في التحقيق وذلك في نطاق التزامه القيود الضرورية لحماية سرية التحقيق". وتحدث "عن ثغر يجب ملؤها قبل تقديم قرار الاتهام".
كما ذكر التقرير، الذي كان احال نسخة منه الى كل من  الامين العام للامم المتحدة بان كي - مون والحكومة اللبنانية، ونشره موقع المحكمة الالكتروني، ان "مكتب المدعي العام، خلال العام الاول على المحكمة، أحرز تقدما ملموسا لجهة انه يكثف التحقيقات ويستكشف كل خيوطها بغية إظهار الحقيقة في شأن الاعتداءات الداخلة ضمن اختصاصه (الواقعة حتى كانون الثاني 2005). ولحظ على صعيد تحقيقات بلمار أرسال ما يزيد على 240 طلبا للمساعدة إلى النائب العام التمييزي في لبنان، ونظمت 53 مهمة ميدانية. كما وجه أكثر من 60 طلبا للمساعدة إلى 24 دولة في حين أنجزت  62 مهمة على أراضيها، وأجريت مقابلات مع 280 شاهداً.
ولحظ ان مجموع موظفي المحكمة يبلغ 276 موظًفا يحملون 59 جنسية مختلفة، إضافًة إلى 21 متدربا، مشيرا الى ان موازنة عام 2009 بلغت 51,4 مليون دولار أميركي، أما الموازنة التي تمت الموافقة عليها لسنة 2010 فارتفعت إلى 55,4 مليون دولار أميركي.
وتوقف عند "الخطوات العاجلة التي اتخذها المدعي العام وقاضي الإجراءات التمهيدية ورئيس مكتب الدفاع في ما يتعلق باحتجاز الضباط اللبنانيين الأربعة وتكثيف الاتصالات بين كبار المسؤولين في المحكمة ومع مختلف المؤسسات والهيئات الدولية، وتعجيل المدعي العام وتيرة تحقيقاته بغية التعجيل في تقديم قرارات الاتهام إلى قاضي الإجراءات التمهيدية. وركز "على التعاون التام الذي وّفرته الحكومة اللبنانية لمختلف أجهزة المحكمة، مع التذكير بالحاجة القائمة إلى تحسين التواصل الخارجي لتنفيذ سياسة تشمل المحكمة برمتها، معرباً عن الثقة "بأنها ستنتقل إلى العمل القضائي في شكل فعال السنة المقبلة".
وقال كاسيزي "على رغم التحديات التي ستواجهها، تنوي المحكمة أن تحقق عدالة خالية من أي قيد سياسي أو أيديولوجي وقائمة على الاحترام التام لحقوق المتضررين والمدعى عليهم على السواء. ولكي نحقق هذا الهدف في شكل فعال ونضمن أن تحمل الجهود التي بذلت حتى اليوم ثمارها، علينا أن نصب اهتمامنا على التمويل، وعلى المساعدة القضائية من الدول وغيرها من الهيئات الدولية".
وشكر "لجنة ادارة المحكمة ورئيسها، حكومة لبنان والأمم المتحدة لجهودهم والتزامهم قضية العدالة والمساءلة. فبفضلهم وبفضل دعم بلدان أخرى والمفوضية الأوروبية، التي ساهمت بمنحة كبيرة، والعمل الدؤوب لكل فرد في المحكمة، استطعنا أن نحرز تقدما بارزا في عملنا". وشدد على ان المحكمة "تجسد فرصة قيمة للبنان والمجتمع الدولي  بأسره، فهي تسعى الى تحقيق العدالة بإنصاف وشفافية، وإظهار الحقيقة للمتضررين وكل أفراد المجتمع اللبناني". ورأى ان "لا بد من استمرار دعم الأمم المتحدة ولبنان، لا بل أن يزداد زخما". وعرض تأثير التباين في نوع الجريمة  ذات الطابع الارهابي على مستوى التحقيق والملاحقة، مشيرا الى ان المحكمة الخاصة تبقى الوحيدة، في عداد المحاكم الدولية، التي تتمتع باختصاص في شأن جريمة الارهاب.
وافترض "أن تكون الدول الثالثة أقل ترددا في التعاون مع المحكمة إذا ما عرفت أن مواطنيها قد يحاكمون بدون احتجازهم وأن يشاركوا في الإجراءات من دولة إقامتهم".
وذكر ان مهمة لجنة التحقيق الدولية  تختلف عن مهمة مدعي عام المحكمة بصفته جها زا من أجهزة المحكمة وبالتالي يخضع لقواعد الإجراءات والإثبات المعتمدة من القضاة. ويمكن استخدام المواد التي جمعتها السلطات اللبنانية واللجنة كأدلة أمام المحكمة". واعتبر ان "جمع الأدلة الذي يراعي معايير المحاكمات الجنائية الدولية الصارمة، عملية معقدة وتستغرق وقتا طويلا" مشيرا الى انه "يفصل بين مباشرة إدعاء محكمة دولية التحقيقات الجنائية دون سواها وبين بدء إجراءات المحاكمة سنتان إلى ثلاث على الأقل".

 

الجريمة الارهابية

وعن الجريمة الارهابية قال:  "يؤسس عادةً مرتكبو الجرائم الإرهابية خلايا سرية صغيرة تعمل أحيانا في شكل سري، مما يجعل الكشف عن هوية مرتكبي جريمة محددة صعبا جداً. حتى في الحالات التي يحدث فيها أن تكون كاميرا مراقبة موجودة في مسرح الجريمة، وبالتالي يمكن الحصول على صور المعتدين، الا ان ذلك قلما يشكل عاملا مساعدا إذ يكون مرتكبو الجريمة قد قتلوا أنفسهم خلال ارتكابهم  الاعتداء. وبالتالي، يمكن أن يكون اكتشاف الشبكة التي تقف خلف اعتداء إرهابي معين في غاية الصعوبة. أضف إلى ذلك أ ن الأفراد المشاركين في أعمال إرهابية وداعميهم تقودهم عموما معتقدات دينية وإيديولوجية  مرسخة. لهذه الأسباب، وحتى بعد الكشف عن هويتهم وتوقيفهم، يصعب كثيرا الحصول على معلومات منهم، فكيف بالأحرى الحصول على أدلة مقبولة. كما أن أعضاء المجموعات الإرهابية غالبا لا يرغبون عن إبلاغ معلومات حول الشبكة الإرهابية خشية تعرضهم للقتل على الفور أو لغير ذلك من الأعمال الانتقامية من أعضاء آخرين في المجموعة وبالتالي، في جرائم الإرهاب، يعتبر احتمال الوصول إلى "شهود مطلعين على الأسرار الداخلية" ضئيلا مقارنة بجرائم الحرب. ومن دون هؤلاء الشهود، يصعب أكثر على المحقق أن يجمع الأدلة، والأهم أن يكشف هوية المشتبه  بهم أو مرتكبي الجرائم المحتملين. في إطار جرائم الحرب وفي شكل خاص في القضايا المتعلقة بالقادة الرفيعي المستوى، أثبت "الشهود المطلعون على الأسرار الداخلية" دورهم الحاسم في الكشف عن كيفية ارتكاب الجرائم ومرتكبيها. لا تقل الأدلة التي يوفرها "الشهود المطلعون على الأسرار الداخلية" في القضايا الإرهابية أهمية، لكن يعتبر جمعها أكثر صعوبة بسبب التزام مرتكبي الجرائم الإيديولوجي من جهة وشبكة داعميهم من جهة أخرى. والمعروف عن المجموعات الإرهابية ميلها إلى قتل من يحتمل أن يشهد ضدها أو يخرج منها، فلا شك في يتردد "الشهود المطلعين على الأسرار الداخلية" المحتملين في التعاون.
والقى الضوء على نقاط الاختلاف بين الهدف من مختلف فئات الجرائم الدولية والهدف من الإرهاب الذي يرمي عموما إلى زعزعة بنيات الدولة أو بنيات منظمة دولية) أو إرغام سلطات الدولة (أوسلطات دولية) على إتباع سلوك معين. يعتبر قتل الأفراد في بعض الأحيان مجرد وسيلة لإرغام دولة (أو منظمة دولية) على اتخاذ إجراء معين أو الامتناع عن إجراء معين في ظروف محددة. يتمّثل الإرهاب اساسا في اعتداء ضد سلطات الدولة (أو سلطات دولية) عبر استخدام وسائل العنف ضد الأرواح أو الممتلكات، بينما يستهدف الاعتداء في حال الجرائم الأساسية الدولية فردا أو أكثر أو مجموعات. ويلاحظ نقاط اختلاف مهمة على صعيد البعد الإقليمي بين الجرائم الأساسية الدولية والإرهاب. ففي حال جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، ترتكب الجريمة عموما على أراضي دولة واحدة، ونذكر على سبيل المثال جرائم القتل والاغتصاب والترحيل التي تعرض لها مواطنو دول يوغوسلافيا السابقة، والإبادة الجماعية في رواندا والجرائم ضد الإنسانية في سييراليون وغيرها. وفي المقابل، كثيرا ما تتضمن جرائم الإرهاب عناصر عابرة للحدود. فقد ينضم شخص إلى خلية إرهابية في بلد ما، ويسافر إلى بلد آخر للخضوع للتدريب على التقنيات الإرهابية، ثم يعود إلى بلد إقامته لتجنيد المزيد من الأشخاص. ويحتمل أن يسافر في ما بعد إلى بلد مختلف آخر حيث سينفذ الاعتداء. في هذا الإطار، تزداد صعوبة التحقيق في تلك الجرائم وقد يواجه العقبات إذ يعبر المجرمون وبالتالي، تعبر الجرائم حدودا دولية متعددة. فينتج من ذلك إضافة إلى التعقيدات المذكورة أعلاه، وجود المعلومات والشهود. في بلدان مختلفة وتزايد صعوبة تقفي أثرها. كما أن الأعمال الأساسية التي تعتبر حاسمة لفهم الجرائم ذات الصلة أو التحقيق فيها أو إثباتها ، تحصل في بلدان قد تكون غير مستعدة للتعاون مع التحقيق أو ببساطة غير قادرة على توفير المساعدة بسبب الافتقار إلى البنية التحتية أو السلطة على أراضيها. والصعوبة الكبيرة في الحصول على المعلومات على هذا المستوى العالمي لا تشهدها عادًة حالات جرائم الحرب".
وتناول التقرير حيزا من "تمويل الإرهاب الذي يعتبر جريمة في حد ذاته وفًقا للقانون الدولي وفي بلدان عدة، يغطي جانبين محددين، هما تمويل الاعتداءات الإرهابية وتمويل الشبكات الإرهابية، بما في ذلك التجنيد والترويج للقضايا الإرهابية. قد يستحيل وضع حد لحصول الإرهابيين على التمويل بسبب المبالغ الصغيرة اللازمة لتنفيذ الاعتداءات الإرهابية. كما أن المساعدة المالية التي توّفر مجموعة إرهابية أو لتنفيذ عمل إرهابي غالبا ما تتجزأ ويصعب تقفي أثرها. والوسيلة المفضلة لتمويل الأعمال الإرهابية هي في غالبية الأحيان المعاملات النقدية التي يصعب تعقبها. للتمويل الإرهابي أيضا أبعاد عابرة للحدود، مما يزيد من صعوبة إجراء التحقيقات. أما ما يجعل التحقيقات معقدة لا محالة فهو أن مصادر التمويل والدعم قد تشكل شبكة دولية من الحلفاء الإيديولوجيين والموجودين في مختلف أنحاء العالم.
وعن تحديات جمع الادلة في الجريمة الارهابية قال: "نلاحظ أن طبيعة المنظمات الإرهابية ووجودها في شكل سري وعملياتها السرية، تعزز صعوبة جمع الأدلة المباشرة من الشهود العيان. فنادرا ما يتمكن الناجون من الاعتداءات الإرهابية من تحديد هوية مرتكبي الاعتداء المزعومين، إذ يكون هؤلاء قد فجروا القنابل عن بعد أو حتى فجروا أنفسهم خلال تنفيذ الاعتداء. كما أنه ليس من السهل الحصول على المستندات من أرشيف الحكومات أو الأرشيف العسكري لإثبات بنية القيادة وتسلسلها، بسبب ميزات المنظمات الإرهابية. ونادرا ما يستطيع المحققون الإعتماد على الشهود المطلعين على الأسرار الداخلية أو الخونة. فالميول الإيديولوجية والحوافز المرسخة التي يتمتع  بها أعضاء المنظمات الإرهابية، وحتى الخوف المبرر من التعرض للقتل انتقاما على يد أعضاء آخرين من هذه المجموعات تحبط عزيمة هؤلاء، فيمتنعون عن إبلاغ المحققين عن طريقة عمل المجموعة الإرهابية".
ولفته ان المحققين الوطنيين في تعّقب المجموعات الإرهابية غالبا ما يعتمدون على: سجلات الاتصالات ومراقبة خطوط الهواتف والهواتف الخلوية، مراقبة المحادثات في الأماكن العامة والسيارات والمنازل والسجون، مراقبة الأنشطة الإلكترونية للتحقق من حركة الإنترنت وإمكان تحميل الرسائل أو الفيديو أو غيرها من المواد، مراقبة الرسائل وغيرها من المستندات الخاصة بالإرهابيين المحتجزين، ودراسة مفصلة للخبراء لموقع الجريمة.
ويمكن أن تكون الأدلة الجنائية كالحمض النووي مفيدة في الحالات النادرة التي تتطابق فيها آثار الحمض النووي التي تم العثور عليها في موقع الاعتداءات الإرهابية مع الحمض النووي الخاص بالمشتبه بهم، والذي يكون بحوزة المحققين أو كما حدث في ايطاليا في اغتيال القاضي جيوفاني فالكوني وزوجته وثلاثة من مرافقيه على يد مجموعات من المافيا عام 1992 بعد مرور سنوات، عندما يتم توقيف المشتبه بهم ويحصل تطابق بين الحمض النووي العائد إليهم والحمض النووي لمرتكبي الاعتداء. لعل هذه الملاحظات المقتضبة تساهم في إدراك بعض من المشكلات والتحديات المعينة التي تواجه مكتب المدعي العام.
ونوه الجزء الثاني من التقرير بالسرعة والكفاءة الّلتين أبدتهما الأجهزة المعنية في كل العملية المتعلقة بالضباط اللبنانيين الأربعة، ويعكس ذلك طريقة تعاونها لابتكار حل إجرائي، بحيث انتفت الحاجة إلى نقل الضباط إلى هولندا بل ظلوا قيد الاحتجاز في لبنان، على رغم أنهم كانوا تحت السلطة القضائية للمحكمة. وهذا تطبيق دقيق للمعايير الدولية، وفَّر قدرا كبيرا من العمل والموارد المالية، ووّفر على الضباط التعرض الإضافي لوسائل الإعلام، كما وفّر على السلطات الحاجة إلى النظر في القضايا الناشئة عن عملية نقل  معقّدة إلى الخارج.
وفي الانشطة التنظيمية اشار التقرير الى تعديلات في  قواعد الإجراءات والإثبات والمبادئ التوجيهية الخاصة بتعيين محامي الدفاع، اضافة الى الاتفاقات مع الصليب الاحمر الدولي والانتربول الدولي. وفي هذا الاطار  عرج التقرير  على "توجيهات عملية" اصدرها كاسيزي في 15 كانون الثاني 2010 تتناول إيداع المستندات، والإفادات وضبط إفادات الشهود لاستعمالها في المحكمة، والتواصل عبر نظام المؤتمرات المتلفزة. وتوقع أن تسهل هذه المستندات الانتقال إلى المرحلة الثانية، أي تقديم المدعي العام قرارات الاتهام ومباشرة الأنشطة من قاضي الإجراءات التمهيدية وعند الاقتضاء، من غرفة الاستئناف في حال تقديم طلبات الاستئناف قبل القرار النهائي.
واشار الى ان نائب رئيس المحكمة القاضي رالف رياشي توّلى مسؤولية تعديل قواعد الإجراءات والإثبات، ومشاركة المتضررين بما في ذلك التواصل مع قلم المحكمة حول إنشاء وحدة المتضررين المنصوص عليها في المادتين 50 و51 من قواعد الإجراءات والإثبات وتطويرها، والتواصل
الخارجي في لبنان، وذلك بالتنسيق مع مكتب الإعلام في المحكمة مما اتاح الافادة  من الخبرة الواسعة والقيمة التي يمتلكها في مجال القانون اللبناني، فضلا لاعن معرفته المباشرة بالبيئة القانونية والثقافية العامة في لبنان وفي دول أخرى في المنطقة.
ويتطلع التقرير خلال السنة المقبلة إلى إتمام كل الصكوك والأطر القانونية اللازمة للانتقال إلى المرحلة الثانية من أنشطة المحكمة، بالتحديد إجراءات المحاكمة وتشجيع أكبر عدد ممكن من الدول على التصديق على مسودة الاتفاق حول التعاون القانوني. ولهذه الغاية، الاتصال بسفراء الدول المعنية في لاهاي أو في بروكسل. وفي حال وجود إجراءا ت تشريعية وطنية
تجعل من الصعب على الدول المصادقة على مسودة الاتفاق وتنفيذها، سيتم السعي إلى حض الدول على اعتبار مسودة الاتفاق بمثابة إطار قانونيٍّ عام يمكن الاستناد إليه في شكل غير رسمي وحسب الاقتضاء.
واعلن ان بناء قاعة المحكمة استكمل وسيصبح من المستطاع إجراء أي نشاط قضائي فيها ابتداءً من نيسان 2010، مشيرا الى ان الموازنة المعتمدة في العام 2009، للسنة الأولى من أعمال المحكمة بلغت، 51,4 مليون دولار أميركي. وقال: "في حزيران 2009 طلب المدعي العام في المحكمة إعادة توزيع الأموال لمدة 12 شهرا من الموازنة المعتمدة من أجل تعديل وتيرة تحقيقاته. ووافقت لجنة إدارة المحكمة على طلبه وأذنت بإعادة توزيع الموارد الموجودة في الموازنة المعتمدة من أجل تعجيل وتيرة التحقيقات. ووافقت على موازنة سنة 2010 بقيمة 55,4 مليون دولار أميركي، علما ان لبنان يساهم بنسبة 49٪ من الموازنة بينما تؤمن نسبة 51 منها من طريق التبرعات الواردة من الدول. وساهمت حتى الآن 25 دولة في موازنة المحكمة منذ إنشائها، إما من خلال التبرعات وإما من خلال الدعم العيني. تشمل البلدان المساهمة، اضافة إلى لبنان: النمسا، وبلجيكا، وكندا، وكرواتيا والجمهورية التشيكية، وفرنسا، وألمانيا، واليونان، وهنغاريا، وايرلندا، وإيطاليا، واليابان، والكويت، ولوكسمبورغ، وهولندا، والدول الإقليمية، والاتحاد الروسي، وأسوج، وجمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة، وتركيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة والأوروغواي. وسجل التقرير امتنان المحكمة للمفوضية الأوروبية التي  قدمت منحة سخية قدرها 1,5 مليون أورو تخصص لدعم أنشطة التواصل الخارجي، وبرنامج التدريب، وقسم مشاركة المتضررين في المحكمة، وخدمات الدعم اللغوي، والمكتبة القانونية.
وفي عام 2009 تركزت  الجهود على التوظيف لكل أجهزة المؤسسة. وبلغ عدد الموظفين في 28 شباط  276، بنسبة 36٪ من الإناث و 64٪ من الذكور، وتضم المحكمة حاليا موظفين من 59 جنسية
ويجري مكتب المدعي العام "السعي الحثيث من أجل استكشاف  كل خيوط التحقيق بغية إظهار الحقيقة في شأن الاعتداءات الداخلة ضمن اختصاصه.(...) ولا يعني انطلاق أعمال المحكمة أن التحقيقات قد أنجزت. و كما يبينه بوضوح التقرير الأخير لّلجنة إلى مجلس الأمن؛ بل على النقيض، كما جاء في ذلك التقرير، فإن مكتب المدعي العام سوف يركز بعد بدء أعماله على عنصر التحقيق الداخل في اختصاصه ويستمر في جمع الأدلة التي من شأنها أن تدعم قرار الاتهام.
وتم اعتماد إجراءات وبروتوكولات عدة تراعي المعايير الدولية في ما يتعلق بالأدلة الجنائية. وقد ُأحرز تقدم في ما يتعلق بعدد من البيانات الحيوية، من خلال جمع بصمات الأصابع والحمض النووي وتعزيز قدرة مكتب المدعي العام على مقارنة الحمض النووي وبصمات الأصابع غير المعروفة بالعينات المعروفة المحتفظ بها في مجموعة متنوعة من قواعد البيانات الدولية التي أصبحت الآن في متناول مكتب المدعي العام. إضافة إلى ذلك، يواصل مكتب المدعي العام تحسين قدرته على إدارة واستثمار أكثر من 12,000 دليل و 200,000 صورة، وأكثر من 200 تقرير عن الأدلة الجنائية في مسارح الجرائم من أجل استخدامها في عملية التحقيق والإجراءات القضائية.
وبفضل اتفاق التعاون بين المحكمة والإنتربول، تمكن مكتب المدعي العام من الوصول إلى قواعد بيانات الإنتربول.ومنذ بدء أعمال المحكمة، أبدت السلطات اللبنانية تعاوناً كاملاً مع مكتب المدعي العام، وكانت مساعدا ت قيمة للغاية. فمن اول آذار 2009 إلى 15 شباط 2010، أرسل ما يزيد على 240 طلبا للمساعدة إلى النائب العام التمييزي في لبنان، ونظمت 53 مهمة ميدانية. كما ارسل مكتب المدعي العام أكثر من 60 طلبا للمساعدة إلى 24 دولة في حين ُأنجزت 62 مهمة على أراضيها. وأجريت خلال هذه الفترة المشمولة بالتقرير أكثر من 280 مقابلة مع الشهود من محققين موفدين بمهمة أو محققين يعملون في مكتب المحكمة في بيروت.
 أحرز مكتب المدعي العام تقدما ملمو سا في تحضير القضية التي ستقدم مرتكبي الجريمة إلى العدالة، وقد تحّقق ذلك على رغم انضباط من يقفون وراء الاعتداء وتطورهم الواضحين. ويمكن مكتب المدعي العام أن يقدم  تقريرا عن المؤشرات الآتية في شأن التقدم في التحقيق، وذلك في نطاق التزامه القيود الضرورية لحماية سرية التحقيق.
وتحدث التقرير عن "سحب بعض الأدلة والمعلومات غير الموثوق بها بعد عرض مستفيض للمواد التي تم جمعها طيلة فترة التحقيق، وازدياد الاقتناع بأن مرتكبي الاعتداء هم الأشخاص الذين استخدموا الشبكة المحددة، والحصول على معلومات إضافية لتأييد واقعة أن مرتكبي الاعتداء نفذوه بالاشتراك مع مجموعة أكبر، الاقتراب من تحديد هوية الانتحاري المشتبه به من خلال حصر أصله الجغرافي وإعادة بناء ملامح وجهه جزئيا، مواصلة التوسع في التدقيق في الأدلة المتصلة بعناصر الترابط بين الاعتداء على الحريري والاعتداءات الأخرى، وتطوير مصادر معلومات جديدة واستثمارها. (...) أتاحت الأدلة والمعلومات التي تم جمعها حتى الآن لمكتب المدعي العام تطوير نظرية القضية. وبما أن وكلاء المدعي العام اختبروها واعترضوا عليها، في ضوء الأدلة والمواد التي تم جمعها حتى الآن، فقد تعززت هذه النظرية. وتستمر هذه العملية التي ترمي إلى ضمان ملء كل الثغر المتعلقة بالأدلة، ومتابعة الخيوط كلها، وضمان قيام نظرية القضية على وقائع يمكن إثباتها في المحاكمة. بالنظر إلى التعقيدات والتحديات الكامنة في التحقيق في الجرائم الإرهابية يجب ملء هذه الثغر قبل تقديم قرار اتهام يمكن إثباته بدون أدنى شك معقول في محكمة قانونية. وفي الوقت الحالي، تعمل شعبتا التحقيقات والادعاء العام معا لضمان قبول ثمار جهود هذه التحقيقات في المحاكم. لذلك، يجري اتخاذ كل الخطوات ليتم الانتقال من مرحلة التحقيق إلى مرحلة الادعاء بسلاسة ولتسير عملية المحاكمة في أسرع وقت ممكن.
واضاف في هذا السياق "أحرز تقدم كبير يدعو  الى التفاؤل في شأن النتائج المنتظرة للتحقيق. ومع ذلك، لا يزال يتعين القيام بالمزيد، وهناك حاجة إلى الدعم الثابت والتعاون المستمر من لبنان وكل الدول الأخرى، وكذلك البلدان المانحة والمنظمات ذات الصلة، كي يتسنى لمكتب المدعي العام الاضطلاع بمهماته بنجاح.

 

مكتب الدفاع

واعتبر ان "من المهم بالنسبة إلى المحكمة الخاصة بلبنان أن تقيم علاقة عمل قوية مع نقابتي المحامين في لبنان وأعضائهما"مشيرا الى ان " مكتب الدفاع أجرى ثلاث زيارات للبنان لتوثيق هذه العلاقة". والى انه "في الفترة المشمولة بالتقرير، تسلمت المحكمة 125 طلب ترشيح من 24 بلدا مختلًفا، علما أن 12 من المتقدمين هم من نقابتي المحامين في لبنان. وقابلت لجنة القبول 35 متقدما ، فاختارت منهم 17 كمحامين رئيسيين و10 كمحامين معاونين، ورفضت منهم اثنين. يحمل المتقدمون الذين تم إدراجهم في قائمة محامي الدفاع 11 جنسية مختلفة، ومن ضمنهم خمسة محامين لبنانيين. ولكن لا يزال عدد المتقدمين اللبنانيين دون المعدل، لذا تعمل المحكمة جاهدًة لاستقطاب عدد أكبر من المحامين اللبنانيين وحضهم على تقديم طلبات ترشيحهم.
ولحظ التقرير في المنهج المستقبلي "تعزيز المدعي العام تحقيقاته لغرض التعجيل في إحالة قرارات الاتهام على قاضي الإجراءات التمهيدية"، مشيرا الى ان المحكمة ستدعم "جهود المدعي العام الآيلة إلى اتخاذ كل التدابير المعقولة لرفع وتيرة التحقيقات وعملية جمع الأدلة، ومباشرة الإجراءات التمهيدية فور تقديم المدعي العام لقرار الاتهام وتصديقه من قاضي الإجراءات التمهيدية، بهدف تعجيل موعد المحاكمة".
وفي الخاتمة قال التقرير ان "المحكمة ترمي بكل أجهزتها  إلى إقامة العدالة في صورة عادلة وشفافة، وإلى الكشف عن الحقيقة وطمأنة نفوس المتضررين ومصالحة اللبنانيين، كما تنوي تعزيز ثقافة المساءلة في المجتمع اللبناني. وستسمح إقامة العدالة الحقيقية في صورة سريعة وإنجاز مهمتها الآيلة إلى إظهار الحقيقة بإعطاء المنطقة فرصة قيمة لتفعيل عملية المصالحة هذه التي بدأت، والتي لا تزال على رغم ذلك تحتاج إلى دعم أكبر من المجتمع الدولي بدون أدنى شك. لقد شرعنا في المساعدة في تحقيق هذه العملية عبر الأدوات الموضوعة في تصرفنا، ولنا ملء الثقة بأن الدعم الذي قدمته الينا حتى الآن مختلف الدول والمنظمات سيزداد زخما في المرحلة المقبلة. تدرك أجهزة المحكمة كافًة كمية العقبات التي تعترض طريقها اليوم وتلك التي ستواجهها عندما تبدأ بأداء مهماتها القضائية كاملة، لكنها مستعدة لتذليل هذه العقبات بكل جرأة. ففي نهاية المطاف، إن السعي إلى إحقاق حقوق الإنسان، وفي هذه الحالة، إلى صون حقوق المتضررين ومعاقبة مرتكبي هذه الجرائم البشعة، أشبه بمهمة سيزيفية".
 


المصدر: جريدة النهار

آمال كبيرة: مستقبل الإنفراج الإيراني–السعودي...

 الثلاثاء 18 حزيران 2024 - 8:17 ص

آمال كبيرة: مستقبل الإنفراج الإيراني–السعودي... مجموعات الازمات الدولية..طهران/ الرياض/واشنطن/برو… تتمة »

عدد الزيارات: 162,469,078

عدد الزوار: 7,249,140

المتواجدون الآن: 100