لبنان..."الجمهورية": أسبوع الموازنة التقشفيّة.. إضرابات وإعتصامــات عمالية وعسكرية......اللواء...الطبقة السياسية تواجه أزمة الموازنة: عجز في المعالجة والتخفيضات حتمية.. الجلسات الماراتونية تبدأ اليوم في السراي إلى الأحد.. وجمعية المصارف تحذِّر من ضرائب جديدة...مخاوف في لبنان من «قِطب مَخْفية» وراء تأليب الشارع ضدّ الحكومة......فتوش يطالب بتجريد جنبلاط من حقوقه المدنية.....

تاريخ الإضافة الأربعاء 1 أيار 2019 - 5:11 ص    عدد الزيارات 3030    التعليقات 0    القسم محلية

        


"الجمهورية": أسبوع الموازنة التقشفيّة.. إضرابات وإعتصامــات عمالية وعسكرية...

من يستهدف الجيش والعسكريين ولأية أهداف؟ لماذا هذه الحملة المشبوهة على المؤسسة العسكرية وتضليل الناس بالشائعات والمعلومات الخاطئة والمدسوسة؟ لماذا زيادة موازنة بعض الوزارات ومدّ اليد على حقوق المؤسسة العسكرية والاقتطاع من حصتها تحت عنوان التقشف؟ ما يحصل في حق الجيش والعسكريين خطير جداً، لأنّ أي خفض في مخصصات المؤسسة سينعكس خفضاً في نسبة حفظ الامن في المقابل. هذه الاسئلة والهواجس طرحت بقوة أمس في الوقت الذي شرع مجلس الوزراء في مناقشة الموازنة العامة التي تقرر ان تكون «إصلاحية»، إستجابة لرغبة المجتمع الدولي التي تَظهّرت بمقررات مؤتمر «سيدر» الواعد بتقديم 11 مليار دولار قروضاً ميسّرة للبنان لتجنيبه انهياراً اقتصادياً ومالياً يوحي البعض بأنه بات وشيكاً. وفيما لاحت في الافق خطوات تصعيدية لهيئات نقابية وشرائح تخشى ان يأتي خفض العجز المطلوب في الموازنة باقتطاع أجزاء من مداخيل قطاعات من الموظفين والمتقاعدين وغيرهم، أكد معنيون بالازمة انّ «ما كتب قد كتب ولا مفرّ من تنفيذه، لأنّ البديل هو الانزلاق نحو الانهيار». واعتبر هؤلاء انّ التحركات الجارية لن تغّير في ما كتب من قرارات غير شعبية كانت نتاج تفاهمات بين القوى السياسية الكبرى تحت عنوان ضبط الوضع المالي وخفض العجز، لأنّ الحكومة إن لم تفعل ذلك فإنها ستسقط والوضع سينهار اقتصادياً ومالياً، ولذلك هناك دفتر شروط دولي حدّد للبنان كي يتجنب الانهيار، ولا مفر لجميع القوى من التزامه «على البكلة». فيما طرحت الموازنة على طاولة مجلس الوزراء الذي اجتمع في القصر الجمهوري أمس، كان الشارع يغلي، فنفّذ العسكريون المتقاعدون منذ الخامسة صباحاً سلسلة اعتصامات وانطلقوا من ساحة رياض الصلح في اتجاه اكثر من نقطة، فمنهم من توجّه الى مصرف لبنان في شارع الحمرا، وآخرون الى وزارة المال وقسم الى مرفأ بيروت حيث أقفلوا كل مداخله. وكان لافتاً التطمين الذي أعلنه وزير المال علي حسن خليل بتأكيده ان «لا مَسّ بالمكتسبات الحقيقية لأي قطاع من القطاعات العامة». علماً انه اكد قبل جلسة مجلس الوزراء «ان لا مسّ بالأجور ولا ضرائب جديدة ولا زيادة على القيمة المضافة في الموازنة، وما يتم تداوله اليوم عن استهداف المؤسسة العسكرية لا اساس له من الصحة». ولكن على رغم من تطمينات وزير المال، فإنّ التحركات والاعتراضات ستستمر، بحيث أعلن اتحاد النقابات العمالية في المؤسسات العامة والمصالح المستقلة الإضراب العام والإقفال التام في كل المؤسسات العامة والمصالح المستقلة يومي الخميس والجمعة 2 و3 أيار 2019، إضافةً إلى السبت في 4 منه للمؤسسات التي تعمل في هذا اليوم. وكانت قد حصلت سلسلة تحركات أمس، حيث واصَل مياومو الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي في طرابلس إضرابهم الذي بدأوه منذ أسبوع، ونفذ موظفو مستشفى صيدا الحكومي اعتصاماً أمام باحة مدخل الطوارئ تحت عنوان «إضراب حتى اشعار آخر»، وامتنعوا عن استقبال المرضى. والتزم موظفو هيئة ادارة السير والآليّات والمركبات الاضراب في كل فروع النافعة، مطالبين الحكومة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب أسوة ببقية المؤسسات. فيما اعلنت لجنة الأساتذة المتعاقدين بالساعة في الجامعة اللبنانية الإضراب التحذيري الشامل والأخير الاربعاء المقبل في الثامن من الجاري، والمفتوح ابتداء من الخامس عشر منه، وذلك في كل فروع الجامعة، وكلياتها، بالتزامن مع الاعتصامات المكثفة، ومقاطعة الامتحانات بما فيها وضع الأسئلة، والمراقبة، وتصحيح المسابقات والاستمرار في الإضراب إلى حين رفع الملف من مجلس الجامعة إلى وزير التربية.

وقائع من الجلسة

وفي وقائع الجلسة علمت «الجمهورية» أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بادر في مستهلّها الى الطلب من الوزراء الإسراع في بت مشروع الموازنة والانتهاء من مناقشته حتى لو كان هناك تباين في الآراء، ووافقه رئيس الحكومة سعد الحريري الرأي قائلاً: «أردناها موازنة تقشفية وعلينا المحافظة على هذا التوصيف، وتأمين الانفاق الاستثماري انطلاقاً ممّا استطعنا الحصول عليه من مؤتمر «سيدر» وهو 11,3 مليار دولار، ما سيحرّك القطاعات الإنتاجية». وأضاف: «إقرار الموازنة عامل إيجابي والإجراءات ستطاول كافة المستويات... لا أحد في وارد تخفيض رواتب العسكريين والمتقاعدين، لكن هناك بعض الإجراءات ستشمل الجميع موظفين وعسكريين إذا أردنا الحفاظ على منعة الاقتصاد، خصوصاً انّ المجتمع الدولي يتابع عملنا بدقة». ثم كانت مطالعة طويلة لوزير الاقتصاد منصور بطيش لم تمر «مرور الكرام»، وتحوّلت مناظرة مع وزير المال الذي دافع بقوة عن أرقام موازنته شارحاً للنقاط التي أثارها وزير الاقتصاد، الذي سرعان ما تراجع عن أجزاء من مطالعته بعد شرح خليل الذي تَوسّع في عرض الموازنة قائلاً: «نحن منفتحون لسماع كل الاقتراحات، وأنا سأخاطب اللبنانيين بصراحة، النمو الفعلي عام 2018 كان 0,94% لقد توقعناه أكثر لكن الظروف السياسية لم تساعدنا، ونحن نتطلع هذه السنة لنمو بنسبة 1,8%». وعرض خليل لأرقام الدين العام قائلاً: «خدمة الدين عام 2018 كانت 8214 مليار ليرة، 5187 منها بالعملة اللبنانية، و3027 مليار ليرة بالعملة الاجنبية». وعرض لتوزيع الموازنة كالآتي: 35% رواتب وأجور ومخصصات وتعويضات ومتمماتها، 35,1% خدمة الدين، 10,6% عجز الكهرباء 8,9% نفقات استثمارية والبقية نفقات جارية. ثم عرضَ لأسباب عدم تحقيق التوقعات التي وضعت في موازنة العام 2018، بسبب الخلافات السياسية والانتخابات»، وأضاف: لا يجب ان يتجاوز عجزنا هذا العام الـ 7%». وفي بند المتقاعدين لفتَ وزير المال الى انّ معاشات التقاعد تبلغ 3328 مليار ليرة وعددهم 103,218 أشخاص، بينهم معلمون واساتذة جامعيون واسلاك عسكرية وقضاة سابقون واسرى محررون. وعن التدبير الرقم 3 أكد خليل أنه «لم يرد في الموازنة وليس هناك أي اشارة له، فهذا الامر متعلق بالقيادة العسكرية». وأبدى استعداده للبحث في كل الترتيبات التي تخص المتقاعدين مع وزير الدفاع.

وعَدّد خليل العناصر التي تؤمن التوازن داخل مشروع الموازنة:

1 - خفض النفقات

2 - زيادة الواردات

3 - تحديد عجز الكهرباء

4 - المساهمة في معالجة خدمة الدين

5 - إصلاح بعض الثغرات في نظام الاجور والرواتب والتعويضات

6 - المواد التحفيزية

7 - المواد المتعلقة بالتعاقد والتوظيفات

8 - فكرة متعلقة بطريقة التعاطي مع اقتراح تجميد نسبة من الرواتب ليست جزءاً من الموازنة

وعن التخفيضات، شرح وزير المال كل ما ستشمله بنسَب تتراوح بين 10 و50%.

وتوالت مداخلات الوزراء الذين أثار عدد منهم موضوع الاملاك البحرية، فتدخل وزير الاشغال يوسف فنيانوس كاشفاً أنه تم تسجيل 1068 مخالفة وهناك 178 قدّموا أوراق التسوية بعد صدور المراسيم التطبيقية للقانون الصادر في 18/12/2018، وصدرت أوامر الدفع التي قدّرت بـ 130 مليار ليرة. وطالب وزير الاتصالات محمد شقير بمكافحة الارهاب وضبط المؤسسات غير الشرعية والتهريب، ودعا الى عدم استهداف المصارف بالاجراءات لتفادي خطر هروب الودائع. وكان لافتاً ما طلبه رئيس الجمهورية من الوزراء وهو الاستعداد لوضع هيكليات جديدة لإداراتهم ووزاراتهم، وكان لافتاً ايضاً مداخلة طويلة لوزير الخارجية جبران باسيل قال فيها: «نحن أمام فرصة استثنائية لإنجاز موازنة غير عادية، وعلينا عدم اعتماد خطابين ولغتين للمزايدة، لأنه في هذا الجو لن نستطيع إقرار موازنة. إذا كنّا ملتزمين الذهاب الى موازنة تقشّف، فيجب أن تكون في حدود التكامل في الاجراءات سلّة واحدة وإلّا سيتعذّر علينا المضي في اتخاذ الاجراءات، وعلى جميع الاطراف ان تتحمّل المسؤولية خصوصاً في ما يتعلق بالدين العام وحجم الدولة والكهرباء والهدر وزيادة المداخيل... كلها قرارات يجب ان تتخذ». ودعا الوزير محمد فنيش الى مقاربة الموازنة «بطريقة نقدية شاملة»، وان يُصار الى النظر في خدمة الدين العام. وقال: «على الجميع تحمّل المسؤولية، وآن الأوان للتنسيق بين السياسة النقدية والسياسات المالية». وتحدث عن الاستيراد عبر الحدود وعن الشفافية في التلزيمات... بدورها، شددت الوزيرة ريا الحسن على «ضرورة تشجيع المستثمرين واعتماد الدينامية في الموازنة».

أبو سليمان

وقال وزير العمل كميل ابو سليمان لـ«الجمهورية»: «نريد موازنة جريئة ومتوازنة وواقعية ولا يجب طلب التضحيات من فريق واحد، فالامور يجب ان تعالج بسلة متكاملة بين كل شرائح المجتمع وعدم التصويب على المصارف لأنها الدائنة ونحن المدينون، والدائن لديه صدقية اكثر من المديون المفلس. علينا البدء بالاصلاح من أنفسنا، وضبط وضعنا ضمن مبادئ المحاسبة، والعبرة بالتنفيذ... ولدى «القوات» ملاحظات واقتراحات سنقدّمها في وقتها عند البدء في المناقشة التقنية لكل بنود الموازنة».

الحريري متفائل

ونقل ليل أمس عن الحريري ارتياحه الى سير جلسة مجلس الوزراء، وقالت اوساطه لـ«الجمهورية» انّ «الأجواء التي تَجلّت في الجلسة توحي بوجود قرار للبت سريعاً بالموازنة، ولعل التفاهم على بدء جلسات الحكومة من غد الأربعاء (اليوم) رغم كونه عيد العمل يبشّر بالخير، فالحكومة تحمل اسم «الى العمل». وأضافت هذه الأوساط أنه إذا بقيت المناقشات جدية بالنحو الذي ظهر أمس «يمكننا الإنتهاء منها قبل نهاية الأسبوع الجاري، وإن تم ذلك يستحق النظر اليه على انه إنجاز مهم جداً، وهو يعبّر عن مسار يمكن ان ينتهي الى نتائج إيجابية يتمنّاها الجميع، وما علينا سوى ترجمة هذا القرار الى واقع». ولم تَشأ هذه الأوساط التعليق على تظاهرات العسكريين من ضباط وجنود ورتباء متقاعدين، وقالت: «سيأتي الوقت لتوضيح كل المواقف من دون الدخول في اي تفاصيل أخرى».

موازنة «كيف ما كان» وأخرى «متوازنة»

وقالت مصادر وزارية قريبة من كتلة «لبنان القوي» لـ«الجمهورية» ان المناقشات في الجلسة الحكومية أمس «لم تكن في المستوى المطلوب، واذا بقيت الأجواء على الشكل الذي حضرنا نموذجاً منه فقد لا نصل الى مخارج نهائية في وقت قريب». واضافت انّ ما طرحه باسيل في الجلسة «يجب ان يؤخذ في الاعتبار وعلى محمل الجد. فمن دون الدخول في كثير من التفاصيل، لفتَ الى ضرورة وقف استغلال بعض المقترحات الصعبة والتي قيل انها غير شعبوية من اجل المزايدات السياسية، كأن يعبّر بعض الوزراء في مجلس الوزراء عن شيء وينتقل الى موقع آخر ليتحدث امام الشاشات والجماهير عن شيء آخر». وعمّن قصدَ باسيل بقوله، اكتفت هذه المصادر بالقول: «انهم يعرفون أنفسهم». ولفتت الى انّ النقاش أمس كشفَ وجود نهجين عريضين لمقاربة ملفات الموازنة وبعض القرارات الصعبة المطلوبة. وأضافت: «لقد ظهر واضحاً انّ هناك من يريد موازنة «كيف ما كان»، وآخرون يريدون موازنة «متوازنة ومدروسة». واستغربت هذه الأوساط رَدّ وزير المال ونَفيه تصفير بعض الموازنات الخاصة بمشاريع استثمارية وإنمائية، كمثل ميناء جونية السياحي وأوتوستراد القديسين في البترون، في ما اعتبر رداً على تصريح لباسيل عَبّر فيه عن رفضه ما هو مطروح. وقالت: «يمكن لمَن يقرأ ما هو مطروح في مشروع الموازنة الذي تم تعميمه أن يرى ذلك واضحاً. وهو أمر لا يقبل الجدل او التأويل. بالإضافة الى القول «عن تأجيل البحث في أوتوستراد القديسين مثلاً الى العام 2021».

إرتدادات

على انّ الجلسة ما ان رفعت حتى كانت لها ارتدادات استمرت على اكثر من خط، إذ سجّل توتر و«تويترات» سجالية بين وزير المال وكل من باسيل وبطيش، بدأ مع تغريدة باسيل التي شدّد فيها على ان يكون مشروعا ميناء جونية السياحي و«طريق القديسين» في صلب الموازنة، ملوّحاً بأن لا تقرّ موازنة من دونهما. وليلاً، غرّد وزير المال الآتي: «كنت أود أن لا أدخل في سجالات قبل مناقشة أرقام الموازنة، لكن ولأنّ الزميل منصور بطيش قد وزّع مداخلته معتبراً أنها في مقابل مشروع الموازنة وتعليقاً عليها، فإني أردّه إلى ما شرحته مُفنّداً بالتفصيل كل البنود الواردة.‏ لكن الأهم وما يجب أن يعرفه الرأي العام أنّ اقتراح الوزير بطيش الأساسي هو فرض ضريبة إضافية ٣٪ على كل المستوردات الإستهلاكية، والتي كانت موضع رفض واضح من قبلي. وللكلام تتمة».

الشجرة المليون

من جهة ثانية، شدّد عون على ضرورة الحفاظ على «ثالوت العوالم الانسانية والحيوانية والنباتية» وحمايته، معتبراً «حفلة غرس الشجرة المليون» التي أقيمت بعد ظهر أمس في القصر الجمهوري، بمثابة عيد للشجرة في لبنان. وشَجّع عون على «ضرورة التفكير لا بزرع الاشجار فحسب، بل بسبل بقائها ورَيّها وحمايتها».

مدبولي في بيروت

على صعيد آخر، وفي زيارة هي الأولى من نوعها، يصل رئيس الحكومة المصرية الدكتور مصطفى مدبولي الى بيروت مساء اليوم في زيارة رسمية تستمر ثلاثة أيام، ويلتقي خلالها عون ناقلاً إليه رسالة خاصة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. ثم يلتقي لاحقاً كلّاً من رئيس المجلس النيابي نبيه بري والحريري، ويترأس الجانب المصري في اجتماعات اللجنة العليا المصرية ـ اللبنانية التي ستبدأ غداً، وتشهد توقيع عدد من الاتفاقيات التي تنظّم العلاقات بين لبنان ومصر في مجالات عدة.

مخاوف في لبنان من «قِطب مَخْفية» وراء تأليب الشارع ضدّ الحكومة... مناقشاتُ الموازنة انطلقتْ وسط احتجاجاتٍ وإضرابٍ عام لـ 3 أيام..

الكاتب:بيروت - «الراي» ... لم يكن أحد يتصوّر في لبنان أن يكون طريق إقرار الموازنة الأكثر تقشفاً في تاريخ البلاد «مفروشاً بالورود»، لكن المناخ الذي أحاط بانطلاقِ مناقشات مشروعها «بالأحرف الأولى» أمس في مجلس الوزراء عَكَسَ حجم «الأشواك» التي تحوط بموازنةٍ يُراد لها أن تكون «تأسيسيةً» لـ«ربيع» مالي - اقتصادي ينتشل البلاد من حافة انهيارٍ يطرق الأبواب وقد يتحوّل واقعاً ما لم ينطلق المسارُ الإصلاحي الموجِع. فبينما أطلق مجلس الوزراء في جلسته التي انعقدت برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون البحث بمشروع الموازنة من ضمن نقاشٍ عام لم يدخل في التفاصيل التي تُناقَش ابتداء من اليوم في جلسات متتالية للحكومة تستمرّ حتى الأحد إذا لزم الأمر لإقرار المشروع وإحالته على البرلمان، كان «هدير» الاحتجاجات الاستباقية في الشارع على أي خياراتٍ تمسّ بمكتسبات المتقاعدين أو العاملين في القطاع العام أو بالنظام التقاعدي يوجّه إشاراتٍ تعكس حساسية هذا الملف «المدجّج بالفتائل» التي يُخشى بحال عدم التعاطي معها بدقّة أن تضع البلاد بين خياريْن أحلاهُما مُرّ: إما تفجير غضبة شعبية لا أحد يمكنه تقدير المدى الذي يمكن أن تأخذه على مشارف موسم سياحي يبدو واعداً، وإما «تكبيل» الحكومة في سياق سعيها إلى «الهدف الاستراتيجي» المتمثل بخفْض العجز الى الناتج المحلي عبر تَراكُم «الخطوط الحمر» حول الإجراءات المؤلمة، وتالياً إبقاء خطر الانهيار أو حتى تكبيره. وكانت «خبْطة أقدام» العسكريين المتقاعدين أمس هي الحدَث الأبرز الذي واكَب المناقشات في مجلس الوزراء، بعدما نفّذ هؤلاء سلسلة تحركات تحذيرية تركّزت في بيروت وتحديداً في ساحة رياض الصلح وأمام مديريات تابعة لوزارة المال ومصرف لبنان حيث عمدتْ مجموعات من العسكريين القدامى الى قفْل مداخله لبعض الوقت. كما شَمَل التحرك مرفأ بيروت الذي اعتصم أمامه المحتجون وأقفلوا أحد أبوابه حتى قرابة الرابعة عصراً، ولسان حالهم التحذير من أي مساس بمكتسباتهم وتأكيد أن «هناك الكثير من الأموال ليغطوا فيها عجز الدولة بدل جيوب الفقراء والعسكريين». ولم يتأخّر انضمامُ القطاعات العمالية الى «كرة ثلج» «الاعتراضات السبّاقة» مع إعلان اتحاد النقابات العمالية في المؤسسات العامة والمصالح المستقلة بعد اجتماع برئاسة رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر الإضراب العام في جميع هذه المؤسسات غداً والجمعة إضافةً إلى السبت (للمؤسسات التي تعمل في هذا اليوم) وذلك على خلفية «الاطلاع على طروحات لخفض رواتب العاملين في القطاع العام»، مؤكداً «الرفض المطلق للمساس بالرواتب والتقديمات الخاصة بالعاملين في المؤسسات العامة والمصالح المستقلة والإدارات العامة كافة»، مع التلويح بالإضراب المفتوح بحال اعتماد أي من هذه الخيارات، وهو ما حذّرت منه أيضاً رابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية. وأثار جعْل مناقشات الموازنة تجْري على وهج حركة الاعتراضات علامات استفهام حول إذا كان ثمة «قطباً مَخْفية» سياسية، أقلّه من باب لعبة المزايدات أو سحْب اليد من أي إجراءات «حارِقة» شعبياً، أو محاولةً لإثارة مناخاتٍ تهويلية على أي مقارباتٍ تطول القطاع العام مثل التجميد الموقّت لشطْر من الرواتب (المتوسطة والعالية) مع بحث تأطير تدبير الحجز الرقم 3 للأسلاك العسكرية وتعديل بعض جوانب آليات تقاعد العسكريين (ابتداء من أي سنّ) أو إلغاء مكافآت وأشهر فوق الـ13 شهراً وغيرها من الإجراءات، وذلك بهدف الضغط نحو تحميل المصارف مسؤولية المساهمة بخفْض الدين العام وهو ما يُبدي هذا القطاع استعداداً للقيام به (عبر اكتتابات بفوائد مخفضة) شرْط إظهار جدية بالإصلاحات ووقف مزاريب الهدر ورفْض تحويله «كبش محرقة» لممارساتٍ خاطئة. وكان لافتاً أمس تظهير أبعاد «ما وراء مالية» وراء المنحى للتركيز على المصارف وتحميلها الجزء الأثقل من مهمة الإنقاذ المالي، وذلك عبر ما أوردته «وكالة الأنباء المركزية» بلسان «أهل الاقتصاد» من وجود «حملة مبرمجة تقودها قوى سياسية هدفها الفعلي الضغط على المصرف المركزي وحاكمه رياض سلامة، علها تفلح في منع تطبيق العقوبات الاميركية على حزب الله بحسب رغبة واشنطن، أي بقسوة دون الأخذ بالاعتبار خصوصيات لبنان»، قبل أن تنقل عن مصادر اقتصادية - مالية عليمة ربْطها هذه الحملة بالاستحقاق الرئاسي المرتقب «بحيث تساهم الحملة في تشويه صورة الحاكم وضرب القطاع من جهة والتعمية على اخفاقات المسؤولين السياسيين في الاتفاق على كيفية الخروج من الأزمة عبر إصلاحات وتخفيضات في الموازنة وفق ما يطالب البنك الدولي والدول المانحة في مؤتمر(سيدر)». وكان لافتاً ان وزير المال علي حسن خليل حرص بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء أمس على تأكيد أهمية ألا«تكون هناك جبهات داخل الحكومة واعتماد لغة واحدة داخل مجلس الوزراء وخارجه»، في إشارة ضمنية إلى أهمية عدم انزلاق القوى السياسية المشارِكة في الحكومة الى مزايداتٍ شعبوية كان حذّر منها (خليل) نهاراً من خلال توضيحه أنه لا يوجد اتجاه «لاستهداف الحقوق المكتسبة للعسكريين المتقاعدين، والمطروح إجراءات تنظيمية لملف التقاعد ككل لضمان استمراريته كما يجب، وهي ليست اقتراحات مقدسة بل نتيجة التشاور مع الكتل المختلفة»، وذلك بينما كان وزير الدفاع الياس بو صعب يوجّه خلال جولة له على الحدود الشمالية الشرقية مع سورية الاعتذار الى «المتقاعدين العسكريين لأنه بعد كل تضحياتهم أصبحوا في الشارع يتظاهرون لعدم المس برواتبهم التقاعدية، وليس من المسموح تحميل الجيش تبعات الوضع المالي السيئ (...) ولا يحق لأحد سوى قيادة الجيش إلغاء تدابير ولا سيما التدبير رقم 3».

اللواء...الطبقة السياسية تواجه أزمة الموازنة: عجز في المعالجة والتخفيضات حتمية.. الجلسات الماراتونية تبدأ اليوم في السراي إلى الأحد.. وجمعية المصارف تحذِّر من ضرائب جديدة..

الطبقة السياسية وجهاً لوجه أما الموازنة العامة للدولة لعام 2019. في ظروف أخرى، كان خبر مناقشة الموازنة في جلسة لمجلس الوزراء خبراً عادياً، اما هذه السنة فللمسألة ابعاد خطيرة: كيف يتعامل لبنان الرسمي، سلطة إجرائية، وزارة مال، مجلس نواب، مع واحدة من أخطر المشكلات البنيوية ليس على المستويات المالية والنقدية والاستثمارية بل أيضاً على المستويات الاجتماعية والاقتصادية. مرد الصعوبات يعود إلى ان المناقشة تتم لموازنة «مع أحد أثقل أعباء الدين العام في العالم وتدني معدلات النمو لسنوات»، على حدّ وصف خبراء اقتصاديون، يعتبرون ان تنفيذ حزمة من الإصلاحات أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى (رويترز). في خطوة احترازية خرج العسكريون المتقاعدون إلى الشوارع، من المرفأ إلى مصرف لبنان، احتجاجاً على أي اتجاه لاحداث تخفيضات في معاشات التقاعد.. على الرغم من تأكيدات وزير المال علي حسن خليل ان لا تخفيضات للرواتب أو معاشات التقاعد. الجلسة الأولى للموازنة، تمثلت بعرض للارقام والتوجهات من دون الدخول في التفاصيل، على ان تبدأ الجلسات الماراتونية من السراي الكبير اليوم (4 ساعات)، وحتى يوم الأحد لإنجاز المشروع، واحالته الى المجلس النيابي، مع بداية شهر رمضان.. وإذا كان الخبير الاقتصادي المعني بالشرق الأوسط لدى كابيتال ايكونوميكس جيسون توفي يرى انه سيكون من الصعب للغاية على السياسيين ان يوافقوا على إجراءات تقشفية كافية نظراً لكونها غير مرغوب فيها بشكل كبير، معرباً عن اعتقاده ان السلطات اللبنانية ستضطر في النهاية إلى اللجوء لنوع من هيكلة الديون، فإن جمعية المصارف حذرت بعد اجتماع استثنائي عقدته أمس مما أسمته «الاستمرار في نهج تحميل الاقتصاد المتباطئ ضرائب جديدة، سوف تؤدي إلى تفاقم الانعكاسات والمضاعفات السلبية، مشيرة إلى ان حزمة الضرائب التي اقرها المجلس النيابي عام 2017 في قانون منفصل عن الموازنة من أجل تمويل سلسلة الرتب والرواتب أدّت، كما توقعت الهيئات الاقتصادية إلى تأثير سلبي على الاقتصاد الوطني».

جلسة الموازنة

وعلى إيقاع حركة اعتصامات واسعة في الشارع نفذها العسكريون المتقاعدون، وشلت العمل في مصرف لبنان ومرفأ بيروت ومديرية الإيرادات في وزارة المال، على مدى ساعات النهار، للحيلولة دون المس بحقوقهم وتعويضاتهم، بدأ مجلس الوزراء في جلسة عقدها في القصر الجمهوري امس، مناقشة عامة لمشروع موازنة العام 2019، وسط جو هادئ وتقني وعلمي، لكن وسط مخاوف عبرت عنها مصادر وزارية من اكثر من طرف سياسي، من ألاّ تتضمن الموازنة رؤية مالية ونقدية واقتصادية واصلاحية حقيقية وان تكون مجرد تجميع ارقام بين الواردات والنفقات والتخفيضات لتحقيق نوع من التوازن، بينما تراوح الازمة مكانها وربما تتفاقم، خاصة اذا اخطأت تقديرات الواردات ولم تبلغ المدى المرجو فتقع في العجز مجددا، كما حصل في اكثر من موازنة وفي سلسلة الرتب والرواتب. ويفترض ان يبدأ النقاش التفصيلي بكل بنود الموازنة وموازنات الوزارات والمؤسسات العامة، في جلسات متلاحقة اعتبارا من اليوم في السرايا الحكومية برغم عطلة عيد العمال، ورجحت مصادر وزارية الانتهاء منها يوم الأحد المقبل اذا عقدت جلسة او الاثنين المقبل على ابعد تقدير. وقد بدأ نقاش الموازنة بعرض عام لوزير المال علي حسن خليل للنقاط الاساسية للموازنة التي وصفتها المصادر الوازرية بأنها مبدئية لجهة ارقام الواردات والنفقات المتوقعة والتخفيضات المقترحة على حجم الانفاق العام لتحقيق خفض في العجز بنسبة تسعة او تسعة ونصف في المائة، حيث هو الان بين سبعة وثمانية مع عجز الكهرباء. ونفى ما تردد عن المس بالرواتب وتعويضات المتقاعدين داعيا الى نقاش في هذا الموضوع اذا تطلب الامر ذلك.. وتحدث الرئيس ميشال عون داعيا الى الاسراع في انجاز الموازنة لتكون في المجلس النيابي قبل نهاية ايار المقبل، وابدى ملاحظات عامة على العرض داعيا الوزراء الى الالتزام الكامل بخفض العجز وتحقيق الاصلاح المالي والنقدي، معتبرا انه لا يجب ان نخاف من الخطوات الاصلاحية الجريئة. وركز على ضرورة مكننة كل الوازرات لخفض نسبة التوظيف وتحديث الادارة ووقف الفساد. ودعا الى اعادة هيكلة الوزارات. كما تحدث الرئيس سعد الحريري داعيا الى الذهاب في خفض الانفاق والتقشف اكثر مماهومطروح من مقترحات، حتى نصل الى الاهداف المرجوة بخفض العجز والاصلاح. وقال ان احدا لن يمس بالاجور والتعويضات، والاجراءات تشمل الجميع للحفاظ على الاقتصاد. وتحدث نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني في مداخلة طويلة مركزا على ان تكون الموازنة اصلاحية لامجرد تجميع ارقام، ووضع رؤية متكاملة بعيدة المدى تبدأ من الموزانة لتصحيح الخلل البنيوي القائم في المالية العامة، واعادة النظر بهيكلية قطاعات الدولة وخفض القطاع العام تدريجيا، وتحقيق فعالية في القطاع العام عبر اعادة النظر بكيفية تسيير القطاعات الاساسية والمنتجة كقطاع الاتصالات، داعيا في هذا الصدد الى اشراك القطاع الخاص في الاستثمارات لا سيما في الاتصالات بهدف تحقيق اصلاح الادارة فيه وتحقيق دفق مالي بالعملة الصعبة من الخارج عبر الشركات الاجنبية، وخفض انفاق الدولة وتحسين قدرة القطاع وزيادة وارداته الى الخزينة، ليصبح جزءا من معالجة الدين العام. كما هو الحال في خطة الكهرباء التي اعتمدتها الدولة بإشراك القطاع الخاص. واشار الى وجوب الدخول في اصلاحات مهمة قبل المس بالرواتب والتقديمات للموظفين، وحدد امثلة مثل تفعيل الجباية الجمركية وضبط الحدود البرية والبحرية لمنع التهريب، ووضع صورة دقيقة للنفقات والواردات حتى لا تضع الحكومة توقعات غير قابلة للتطبيق. واوضحت وزيرة الداخلية ريا الحسن بأن مؤتمر «سيدر» تضمن في ما تضمن مشاركة القطاع الخاص في خفض النفقات وزيادة الواردات عبر المشاركة في الاستثمارات والمشاريع المنتجة. اما وزراء «حزب الله» فركزوا على ضرورة وضع رؤية اقتصادية ومالية ونقدية واصلاحية شاملة وربطها بخطوات عملية قابلة للتنفيذ الفوري. وقال الوزير محمد فنيش: انه يجب مشاركة الجميع في القرار والمسؤولية، وان الاوان للتنسيق بين السياسات النقدية والسياسات المالية. فيما عرض وزير الاقتصاد منصور بطيش ورقة متكاملة (سبق وعرضها في مؤتمر صحافي قبل نحو شهر) تتضمن رؤيته للاصلاح المالي والاقتصادي والنقدي واعتماد سياسات جديدة. وركز على تفعيل الجباية وخفض الانفاق واشراك المصارف في معالجة العجز. وطالب بانجاز قطوع حسابات الموازنات السابقة. وطالب وزير الخارجية جبران باسيل بسلة متكاملة لخفض الانفاق لا ان يشمل قطاعات دون اخرى وبعدم ازدواجية المعايير والا فليتحمل الجميع المسؤولية. فيما تحدث الوزيران عادل افيوني وكميل ابو سليمان عن ضرورة وضع مقاربة جديدة لمعالجة خدمة الدين العام. وركز وزير التربية اكرم شهيب على وجود فائض في الاساتذة في مدارس معينة ونقص في مدارس اخرى ووجوب الغاء مدارس لا يوجد فيها تلامذة او اساتذة بعدد كاف ومدارس بحاجة الى تطوير ما يسهم في خفض الانفاق. وعلمت «اللواء» ان الوزير خليل سأل عن «الهمروجة» الحاصلة وراء موضوع العسكريين المتقاعدين والمزايدة حولها، مع العلم انه لم يتطرق إليه بعد ولم يقدم فيه أي شيء جديد، وتوجه إلى وزير الدفاع الياس بوصعب قائلاً: «توجهت اليوم إلى عرسال وتحدثت في هذا الموضوع في حين اننا لم نقدم أي شيء جديد يتصل بتخفيضات تطاول رواتب هؤلاء العسكريين وكأنك تزايد علينا، كما ان رئيس الجمهورية قال ان هناك من يزايد علينا. نتفق معها في الداخل على أمر وتقول امراً آخر في الخارج، وتذهب إلى الاعتراض، كما تحدث الوزير باسيل فقال انه عندما تحدثنا في موضوع الحلول في عجز الموازنة، اثرنا ذلك مع ممثلي جميع الكتل ومن المفترض ان يسير الجميع وفق الخط نفسه أي اننا اتفقنا على حل مشكلة الكهرباء في موقف تخفيض الدين وهذا الحل يقوم بمشاركة جميع القطاعات من المصارف إلى تخفيض الرواتب، فلا نقول شيئاً في الداخل ثم نخرج ونقول أمراً آخر. كذلك علم ان رئيس الجمهورية لم يعرض افكاره لتخفيف عجز الموازنة لكن المصادر الوزارية توقفت عند مطالعة وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش وانتقاده أرقام الوزير خليل مُفصلاً الإجراءات الواجب اتخاذها لمعالجة العجز. من جهة ثانية، أفادت المصادر ان الوزير خليل تعاطى مع بطيش بإيجابية وقال: «ان لست على خلاف معك في ما تعرضه والموازنة التي قدمتها لا اقول انها منزلة إنما اعرضها وهي اقتراحات من الممكن تطويرها وإضافة أمور عليها في مجلس الوزراء». اما بالنسبة إلى ما اقترحه الوزير بطيش ولاقى اعتراض الوزراء ولا سيما الوزير محمّد شقير ومحمّد فنيش فهو يمثل باقتراح زيادة 37٪ على جميع البضائع المستوردة من الخارج، حيث اعتبر ان هذا الموضوع يعني وكأنه زيادة مقنعة للضريبة على القيمة المضافة (TVA) 30٪، ويطاول جميع النّاس. أما بطيش فأكد ان الهدف من ذلك حماية الصناعة الوطنية. ولاحقاً، أعلن الوزير خليل عبر حسابه على موقع «تويتر» رفضه لاقتراح بطيش لأنه يطاول كل المستوردات الاستهلاكية، واعداً بأن الكلام تتمة.

مطالعة بطيش

وكان الوزير بطيش رأى في مطالعته ان مشروع خليل يقوم على فرضيات تحتاج إلى تدقيق وايضاحات، مورداً ثلاث ملاحظات، منها:

1- ان نتائج الفصل الأوّل من هذا العام 2019 تشي باستمرار التباطو في نمو الاقتصاد، في حين ان المشروع بني على نمو حقيقي بمعدل 1.2٪ للعام 2019 من تضخم بنسبة 1.7٪ فقط. فكيف يُمكن، استناداً إلى هذه المعدلات، ان يصل إجمالي الناتج المحلي للعام 2019 إلى 89935 مليار ليرة كما هو متوقع في التقرير؟ وكيف سيلجم تنامي الدين العام وخدمته ونسبتهما من اجمالي الناتج المحلي في ظل معدلات الفوائد المرتفعة في السوق المحلي؟ وإلى أين ستصل هذه النسب في السنوات الثلاث المقبلة.

2- يقدر وزير المالية في تقريره المرفق، العجز المحقق في العام 2018 بنحو 9816 مليار ليرة (ما يُوازي 6.511 مليار دولار). ويقدر ان يتراجع هذا العجز إلى 8887 مليار ليرة عام 2019 (ما يوازي 5.895 مليار دولار) ما يعني انخفاضاً في العجز بقيمة 929 مليار ليرة (ما يُوازي 616 مليون دولار). اللافت بالمقابل ان مشروع قانون الموازنة قدر العجز المرتقب بـ5352 مليار ليرة يضاف إليه 2500 مليار ليرة لدعم الكهرباء، فيبلغ المجموع 7852 مليار ليرة لبنانية. أي ان هناك فارقاً بقيمة 1035 مليار ليرة بين تقرير وزير المالية ومشروع قانون الموازنة. فمن أين اتى هذا الفارق ولماذا؟ واي حساب هو الصحيح ليُبنى على الشيء مقتضاه؟

3- تقدر الإيرادات في مشروع قانون الموازنة بـ18265 مليار ليرة بالمقارنة مع 18686 مليار ليرة في قانون موازنة 2018 أي ان المشروع يتوقع ايرادات أقل مما توقعه في عام 2018 علماً ان الإيرادات المحققة خلال 11 شهراً من العام 2018 بلغت 15051 مليار ليرة. اتمنى ان يكون لدى وزير المالية تفسيراً لذلك؟ وإذا كانت التوقعات للعام 2018 غير دقيقة، فكيف يُمكن ان نضمن دقتها لهذا العام؟ وانتهى بطيش إلى تقديم مجموعة اقتراحت، ابرزها: لجم التهرب الضريبي بكافة مندرجاته وابوابه، والذي قدره بحوالى 1.7 مليار دولار، إلغاء كل الاعفاءات والتسويات الضريبية واعتماد نظام الحوافز وتخفيض الحد الأدنى من الخضوع الإلزامي للضريبة على القيمة المضافة من 100 مليون إلى 25 مليون ليرة، وزيادة معدل الضريبة على فوائد الودائع مرتفعة على أرباح الامتيازات التي تمنحها الدولة، زيادة رسوم اجازات العمل والاقامة للأجانب، تحسين إدارة الدين العام بما يؤدي إلى تخفيض كلفته، إعادة النظر بهيكلية الدولة، بحيث يتم إلغاء المؤسسات والمجالس والصناديق والهيئات التي لا حاجة لها، وإعادة تنظيم مرفأ بيروت بهدف تحويله خلال ستة أشهر إلى مؤسّسة عامة، وإعادة النظر بالقروض المدعومة وبآلياتها المعتمدة.

جولة بوصعب

يُشار إلى ان وزير الدفاع الياس بوصعب، جال أمس على مواقع الجيش اللبناني على الحدود الشمالية الشرقية مع سوريا، طمأن خلالها العسكريين على ان «لا خوف على حقوقهم ولا أحد سيمس بها ما دام هو وزيرا للدفاع»، موجها تحية احترام ومحبة «للمتقاعدين ومعتذراً منهم لنزولهم الى الشارع للمطالبة بحقوقهم». ودعا الحكومة الى اقفال كل ابواب الهدر ، مشددا على انه من غير المسموح تحميل الجيش الوضع الاقتصادي الذي وصلنا اليه. وبعد الجولة التفقدية لموقع قلعة شروق عقد بو صعب مؤتمرا صحافيا اعلن فيه ان «مجلس الوزراء قام بتكليف الجيش بالتدابير الأمنية في البلد فلا يحق لأحد سوى قيادة الجيش إلغاء التدابير هذه، خاصة تدبير رقم 3 لأنه إذا عدنا إلى التدبير رقم 1 يعني هذا إعادة الجيش إلى الثكنات», متسائلاً: «ومن يحمي الحدود بعد ذلك؟».

اعتصامات العسكريين

تزامناً، نفذ العسكريون المتقاعدون وقدامى القوات المسلحة منذ الخامسة صباحا سلسلة اعتصامات شلت مداخل العاصمة احتجاجا على المسّ بحقوقهم المالية في مشروع الموازنة. وانطلق العسكريون من ساحة رياض الصلح متوجهين الى اكثر من نقطة، فمنهم من توجه الى مصرف لبنان في الحمرا، وقسم الى وزارة المالية وقسم آخر الى مرفأ بيروت حيث أقفلوا جميع مداخله. وقامت قوى الأمن بقطع الطريق الممتدة من الدورة باتجاه مرفأ. وأقفل العسكريون مداخل مرفأ بيروت منذ الساعة الخامسة صباحا وتوزعوا فرقا على المداخل 3 و4 و14، ومنعوا دخول وخروج السيارات. وحصل إشكال بين موظف في الجمارك ومجموعة من العسكريين المتقاعدين الذين منعوه من الدخول إلى مرفأ بيروت. وتفقد رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر المعتصمين عند مدخل المرفأ الباب 14، مؤكدا دعمه «كل تحرك يطالب برفع الظلم عن الطبقة العاملة في القطاع العام او القطاع الخاص، عبر تخفيض الاجور والتقديمات او عبر ضرائب جديدة تفرض»، مشيرا الى أنه «يؤيد كل تحركاتهم التي ترفع الصوت عاليا، في وجه المس بمكتسباتهم وحقوقهم». كما تجمع عدد من العسكريين في شارع الحمرا امام مصرف لبنان، وتوزعوا على مجموعات، وتولت كل مجموعة اقفال مدخل من مداخل المصرف. وتحدث باسم المعتصمين رئيس الهيئة الوطنية للمحاربين القدامى العميد المتقاعد مارون خريش، فقال «الاعتصام مستمر الى ان تصدر إشارة واضحة ايجابية بإلغاء جميع المواد التي تتعلق بتخفيض رواتبنا او تعويضاتنا او التقديمات الاجتماعية عن مجلس الوزراء المنعقد في بعبدا». وتوجه قسم من المعتصمين إلى مبنى الواردات التابع لوزارة المالية في بشارة الخوري. وانضم عضو تكتل «لبنان القوي» النائب شامل روكز الى المعتصمين، معلناً بأن «الموازنة مرفوضة من البداية لأنها قائمة على حقوق القطاع العام والعسكريين ونأمل ان توضع اليوم خلال جلسة مجلس الوزراء النقاط على الحروف». وتساءل «هل يكافأ العسكري الذي دافع عن لبنان وفدى الوطن بدمه ووقف بوجه إسرائيل بهذه الطريقة؟». وأضاف «اناشد رئيس الجمهورية ميشال عون «بي العسكر» ومجلس الوزراء ان يضعوا يدهم على الموضوع وان يكونوا منصفين مع العسكريين». وكان بشارة أعلن باسم اتحاد النقابات العمالية في المؤسسات العامة والمصالح المستقلة الإضراب العام والاقفال التام في جميع المؤسسات العامة والمصالح المستقلة يومي الخميس والجمعة 2 و3 أيّار 2019 إضافة الي يوم السبت في 4 منه للمؤسسات التي تعمل فيه هذا اليوم، احتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية.

والمصارف

في المقابل، حذر مجلس إدارة جمعية المصارف في بيان أصدره، بعد اجتماع استثنائي من ان الاستمرار في نهج تحميل الاقتصاد اللبناني ضرائب جديدة سوف يؤدي إلى تفاقم الانعكاسات والمضاعفات السلبية ما يتعارض كليا في الأهداف المنشودة والمعلنة اصلا، واهمها خفض نسبة عجز الموازنة إلى الناتج المحلي، ورأى انه في ضوء الهدر وسوء الإدارة السائدين، من واجب الحكومة معالجة مكامن ومسالك هاتين الافتين بحزم وفعالية، بدلا من تكرار اللجوء إلى زيادات ضريبية.

فتوش يطالب بتجريد جنبلاط من حقوقه المدنية

بيروت: «الشرق الأوسط»... دعا الوزير والنائب السابق نقولا فتوش النيابة العامة التمييزية للتحرك واتهام رئيس الحزب الاشتراكي والنائب السابق وليد جنبلاط بجرم «الخيانة العظمى» وتجريده من حقوقه المدنية، وهو ما رأت فيه مصادر «الاشتراكي» «كلاما لا يستحق الرد عليه». وجاء كلام فتوش في مؤتمر صحافي ردّ فيه على ما سبق أن أعلنه جنبلاط لجهة عدم لبنانية مزارع شبعا بسبب عدم إعطاء سوريا الوثائق التي تثبت هذا الأمر. وقال فتوش: «أمس أطل الوزير والنائب السابق وليد جنبلاط بإقرار صريح مفخخ أن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ليست أرضا لبنانية. وبقوله هذا اعتدى على الدستور وارتكب جرم الخيانة العظمى وليست ساعة تخلّ بل جناية عن سابق تصور وتصميم وعمد، استجابة لرغبات مشبوهة»، واستند في مطلبه إلى بنود في الدستور، منها المادة 277 من قانون العقوبات التي تنص على أنه «يعاقب بالاعتقال المؤقت خمس سنوات على الأقل كل لبناني حاول بأعمال أو خطب أو كتابات أو بغير ذلك أن يقتطع جزءا من الأرض اللبنانية ليضمه لدولة أجنبية أو أن يملكها حقا أو امتيازا خاصا بالدولة اللبنانية». وبينما ذكّر بالمادة 50 من الدستور التي تنص على أنه «عندما يقبض رئيس الجمهورية على أزمة الحكم فعليه أن يحلف أمام البرلمان يمين الإخلاص للأمة والدستور بالحفاظ على استقلال لبنان وسلامة أراضيه»، دعا رئيس الجمهورية إلى «التوفيق بين القسم الدستوري وما ارتكبه جنبلاط». كذلك دعا النيابة العامة التمييزية للتحرك واتهام جنبلاط بجرم الخيانة العظمى والاعتداء على الدستور، وقال: «جنبلاط هو رأس حربة لخلايا خيانية نائمة في الخارج والداخل». يذكر أن هناك خلافا بين فتوش وجنبلاط على خلفية معمل الإسمنت في بلدة عين دارة في منطقة عاليه الذي يملكه فتوش. وكان مجلس شورى الدولة قد أعلن مؤخرا وقف تنفيذ قرار وزير الصناعة وائل أبو فاعور المحسوب على «الاشتراكي» بشأن المعمل والعودة إلى القرارات التي اتخذها الوزير السابق حسين الحاج حسن المحسوب على «حزب الله»، بتفعيل المعمل وقانونية عمله.



السابق

مصر وإفريقيا..بعد عزم ترمب إدراجهم جماعة إرهابية.. ما مصير الإخوان؟...السيسي يعتبر المشاركة في تعديلات الدستور «إسكاتاً لانتقادات خارجية»..قبول استقالة ثلاثة من المجلس العسكري السوداني.. ..وزارة الدفاع الجزائرية: بحوزتنا ملفات فساد بأرقام ومبالغ خيالية...تقدم صعب لقوات حكومة السراج في جنوب العاصمة الليبية..الجيش الوطني يرسل تعزيزات عسكرية إلى طرابلس...المغرب يجدد عرض الحكم الذاتي و«البوليساريو» تأسف لـ«الفرصة الضائعة» ..

التالي

أخبار وتقارير...باكستان تعتزم وضع 30 ألف مدرسة دينية تحت سيطرة الحكومة.....«إسرائيل» تستدعي السفيرة الفرنسية بعد تصريحات لزميلها السابق في واشنطن..«الحوت الروسي» ليس الأول... أبرز «الجواسيس» من عالم الحيوان...بومبيو: مادورو كان مستعداً للرحيل إلى كوبا لكن روسيا أثنته عن ذلك...اجتماع طارئ لمجموعة ليما حول الأزمة في فنزويلا الجمعة..قتيلان على الأقل بإطلاق نار في جامعة كارولاينا الشمالية..ترمب يقر إنفاق 2 تريليون دولار لتحسين البنية التحتية..بوتين وأردوغان يبحثان تطورات الأوضاع في سوريا وليبيا...تركيا تحذر من تصنيف واشنطن "الإخوان" منظمة إرهابية...

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,311,526

عدد الزوار: 7,627,481

المتواجدون الآن: 0