أخبار لبنان..بيان لقاء «النواب السُنّة» في دار الفتوى: لانتخاب رئيس للبنان في الموعد المحدّد..دار الفتوى «تلمّ الشمل» حول رئيس «أمين على الطائف وهوية لبنان»..المفتي دريان يحذّر من السير باتجاه «اللادولة» ومن تجاهل العالم لوجود لبنان..3 خطوات مطلوبة لكبح «مسلسل المآسي» واجتماع «سني» يبحث الرئاسة..البيان الأميركي ـ الفرنسي ـ السعودي «خريطة إنقاذ» للبنانيين..كفى يا بحر..أما آن لهذا الموت أن ينتهي؟....

تاريخ الإضافة الأحد 25 أيلول 2022 - 4:26 ص    عدد الزيارات 1555    التعليقات 0    القسم محلية

        


بيان لقاء «النواب السُنّة» في دار الفتوى: لانتخاب رئيس للبنان في الموعد المحدّد...

| بيروت - «الراي» |

- لا يَستَطِيعُ لبنانُ أَنْ يَتَوَقَّعَ يَداً عَرَبِيَّةً شَقِيقَةً تَمتَدُّ إليه لِلمُساعَدَة وفيه مَنْ يَفتَرِي ظُلماً على الدُّوَلِ العَربيةِ الشَّقِيقَةِ إلى حَدِّ الاستِعدَاء

تعهّد أعضاءُ المجلسِ النِّيابِيِّ اللبنانِيِّ مِنَ المسلمين السُّنَّة العَمَلَ بِتَفَانٍ مِنْ أَجلِ «المُحافَظَة على سِيَادَةِ لبنانَ وَوَحدَتِهِ وَحُرِّيَّاتِه، وعلى حُسنِ عَلاقَاتِه خُصوصاً مَعَ الأُسرَةِ العَرَبِيَّةِ التي يَنتَمِي إليها، والعملُ مَعَ زُملائهِمُ النُّوابِ الآخَرِين مِن كُلِّ الطَّوَائف ومِن كلِّ المَنَاطِق لِرَدِّ الأَذَى عَنْ أيِّ عُضوٍ مِنْ أعضاءِ هذه الأُسرَةِ العَرَبِيَّة، وعدمُ التَّدَخُّلِ فِي شُؤونِها الدَّاخِلِيَّة»، و«العَمَل مَعَ زُملائهِم أَعضَاءِ المَجلِسِ النِّيَابِيِّ على انتِخَابِ رَئيسٍ جَدِيدٍ لِلجُمْهُورِيَّة فِي المَوعِدِ الدُّسْتُورِيِّ المُحَدَّد، يَكُونُ مِمَّنْ يَحتَرِمُونَ الدُّستُور، وَيَلتَزِمُونَ القَسَمَ الدُّستُورِيّ، وَفَاءً لِشَعبِ لبنانَ وَلِمَصَالِحِه العُليا»، وتأكيد «أنَّ عَدُوَّ لبنانَ كانَ وَلايَزَالُ هُوَ العَدُوَّ الإسرائيلِيّ». وجاء هذا الموقف في البيان الختامي الذي صدر عن اجتماع النواب السُنّة في دار الفتوى بدَعوَة من مفتي الجمهوريَّةِ اللبنانِيَّة الشيخ عبداللطيف دريان لِلبَحثِ في «الدَّورِ الوَطَنِيِّ الذي تَلتَزِمُهُ الدَّارُ وَتَعمَلُ عليه، تَعزيزاً لِلوَحدَةِ الوَطَنِيَّةِ وَالعَيشِ المُشتَرَك، وَدِفَاعاً عَنْ هُوِيَّةِ لبنانَ وَانتِمَائهِ العَرَبِيّ، وَصَونًا لِرِسَالَتِهِ الإنسانِيَّةِ التي يَعتَزُّ بها». وإذ أكد النواب المجتمعون «الوَلاءَ وَالوفَاءَ لِلبنانَ الذي يَعتَزُّون بِه، ولِلشَّعبِ اللبنانِيِّ الذي يَنتَمُونَ إليهِ بِكُلِّ طَوَائفِهِ وَمَذَاهِبِه، وفِي جَميعِ مَنَاطِقِه»، قال البيان: «انطلاقًا مِنَ الأوضاعِ الاجتماعِيَّةِ والاقتصادِيَّةِ المُتَرَدِّيَة، التي تَزدَادُ خُطورَةً وَمَأسوِيَّةً يوماً بَعدَ يَوم، وَبَعدَ اكْتِمَالِ عَمَلِيَّةِ انتخَابِ مَجلِسِ النُّوَّابِ الجَدِيد، وَبَدْءِ أَعمَالِهِ التَّشْرِيعِيَّة، وَمَعَ اقتِرَابِ المَوعِدِ الدُّستُورِيِّ المُحَدَّدِ لانتِخَابِ رَئيسٍ جَدِيدٍ لِلجُمهُورِيَّة، كانَ لا بُدَّ مِنَ التَّشَاوُرِ حَولَ الدَّورِ الوَطَنِيِّ الذي يُفتَرَضُ أن يَقومَ بِهِ مُمثِّلُو الشَّعبِ اللبنانيّ، إنقاذاً لِلشَّرعِيَّةِ الدُّستُورِيَّة مِمَّا تَعَرَّضَتْ وَتَتَعَرَّضُ له مِنْ تَجَاوُزات، وتَصحَيحاً لِمَسَارِ العَلاقَاتِ مَعَ الإخوَةِ العرب، وما تَعَرَّضَت له هذه العَلاقَاتُ مِنْ أذَىً وَتَشوِيهٍ وَإساءَاتٍ مُتَعمَّدَة، اِنعَكَستْ سَلباً على الأُسُسِ التي تَقُومُ عليها الأُخُوَّةُ العَرَبِيَّة، وَعَلى مَصالِحِ لبنانَ المَعنَوِيَّةِ وَالمَادِيَّةِ المُباشِرَة، مَعَ الدُّوَلِ الشقيقة».

وبَعدَ التَّدَاوُلِ في هذه القَضَايَا، تَوافَقَ المُجتَمِعون على ما يلي:

«أولاً: تَجدِيدُ التَّمَسُّكِ بِالثَّوَابِتِ الإسلامِيَّة التي أُطلِقَتْ وَأُعلِنَتْ مِنْ دَارِ الفتوى، حَولَ الإيمانِ بِلبنَانَ وَطناً نِهائيّاً لِجَمِيعِ أبنائه. وَتَجدِيدُ التَّمَسُّكِ بِمَا نَصَّ عليه اتِّفَاقُ الطَّائف، بِالنِّسبَةِ إلى هُوِيَّةِ لبنانَ العَرَبِيَّة، وَلَلأُسُسِ التي تَقومُ عليها الوَحدَةُ الوَطَنِيَّةُ بَينَ عَائلاتِهِ الرُّوحِيَّةِ جميعاً.

ثانياً: تأكيدُ التَّمَسُّكِ بِالمبادِئِ العَامَّةِ التي تُحقِّقُ المُسَاوَاةَ فِي المُوَاطَنَةِ حُقوقاً وَوَاجِبات، وإدانَةُ كُلِّ التَّجَاوُزاتِ التي أدَّتْ فِي السَّابِقِ ولاتَزَالُ تُؤدِّي إلى طَعنِ أُسُسِ الوِفاقِ الوَطَنِيّ، وَالعَيشِ المُشتَرَكِ في الصَّمِيم، لِحِسابَاتٍ فَردِيَّةٍ أو حِزبِيَّةٍ أو طائفِيَّة. فاللبنانيون، جَميعُ اللبنانِيِّين سَواءٌ أمامَ القانونِ فِي الحُقوقِ وَالوَاجِبَات، ولا فَضلَ لِجَمَاعٍة على أُخرَى إلا بِمِقدَارِ مَا تُقَدِّمُهُ لِلبنانَ الوَاحِدِ وَالمُوَحَّد، وَلِرِسَالتِهِ الإنسانِيَّةِ فِي العَيشِ المُشتَرَك.

ثالثاً: عَانَى لُبنانُ مِنْ سُوءِ الإدارة، وَدَفَعَ غَالياً جِدّاً نَتِيجَةَ اسْتِشْرَاءِ الفَسادِ الذي أَصبَحَ مَعَ الأَسَفِ الشَّدِيد، وَتَحتَ الحِمَايَةِ السِّيَاسِيَّةِ أحياناً، وَمُشَارَكَتِها أحياناً أخرى، أَصبَحَ جُزءاً مِنْ مَنظُومَةِ الإدارَةِ السِّيَاسِيَّة، وَرُكناً مِنْ أَركَانِ بَعضِ المُشتَغِلِين فِي الشَّأْنِ العَامّ، مِنْ سِيَاسِيِّينَ وَإدَارِيِّين، الأَمْرُ الذي أَوصَلَ لبنانَ إلى مَا هُوَ عليهِ الآنَ مِن فَشلٍ وَتَرَدٍّ وَانْهِيَار. لقد آنَ لِهذِه المُعانَاةِ أنْ تَنتَهِي، وَآنَ لِقَوَاعِدِ الفَسَادِ أَنْ تَنْدَثِر، وَآنَ لِلبنانَ أَنْ يَتَنَفَّسَ الصُّعَدَاء، وَيَنطَلِقَ مِنْ جَديدٍ وَطَنَ المَحَبَّةِ والازْدِهَارِ وَالرَّخَاء.

رابعاً: إنَّ العَمَلَ على إِنقاذِ لبنانَ مِمَّا هُوَ فيه، إلى مَا يَجِبُ أَنْ يَكونَ عليه، يَتَطَلَّبُ أولاً الاعترافَ بِالخَطَأ، وثانياً الرُّجُوعَ عن هذا الخطأ، وثَالِثاً مُحَاسَبَةَ المُرتَكِبِينَ أيًّا كانوا. وَرَابعاً تَعاوُناً مُخلِصاً بَينَ جَمِيعِ أبنائه، وَبَينَهُمْ وَبَينَ الإخوَةِ العَرَب، وَالمُجتَمَعِ الدَّولِيّ، لِيَسْتَعِيدَ لبنانُ هُوِيَّتَهُ وَدَورَه، وَلِيَستَرجِعَ مَكانَتَهُ حَاجَةً عَرَبِيَّةً وإنسانِيَّة.

خامساً: لا يَستَطِيعُ لبنانُ أَنْ يَتَوَقَّعَ يَداً عَرَبِيَّةً شَقِيقَةً تَمتَدُّ إليه لِلمُساعَدَة، وفيه مَنْ يَفتَرِي ظُلماً على الدُّوَلِ العَربيةِ الشَّقِيقَةِ إلى حَدِّ الاستِعدَاء، مِمَّا يُشوِّهُ الأُخُوَّةَ العَربِيَّةَ التي مَعَها يَكونُ لبنانُ أو لا يكون».

وأضاف: «إنَّ دَارَ الفَتوَى فِي الجُمهورِيَّةِ اللبنانية، التي تَعتَبِرُ نَفسَها دَاراً وَطَنِيَّةً لِلبنانيينَ جميعاً، إذْ تَعمَلُ على جَمْعِ مُمَثِّلِي المُسلِمِينَ السُنَّةِ فِي المَجلِسِ النِّيَابِيِّ على كلمةٍ وَطَنِيَّةٍ جَامعةٍ، تَحرِصُ على أَنْ يِتَحَقَّقَ ذَلكَ في إطارِ وَحدَةِ الكَلِمَةِ اللبنانِيَّة، التي تُعبِّرُ عَنْ هُوِيَّةِ لبنانَ وَرِسالتِه، والتي تَلتَقِي حَولَهَا الأُسْرَةُ اللبنَانِيَّةُ الوَاحِدَةُ بِجَمِيعِ مُكوِّنَاتِها».

«حزب الله»: الحمدلله يُمكن أن نرى حكومةً جديدة الأسبوع المقبل

دار الفتوى «تلمّ الشمل» حول رئيس «أمين على الطائف وهوية لبنان»

الراي.... | بيروت - من وسام أبوحرفوش وليندا عازار |

- ارتيابٌ من «إشاحة نظَر» عن قوافل الهجرة «المميتة» وغير الشرعية

- مجزرة «قارب الموت» أكبر كارثة منذ بدء إبحار مراكب الموت من لبنان

- وزير لبناني: حذّرنا من عدم قدرتنا على تحمُّل عدد اللاجئين السوريين واحتمالٌ كبير بزيادة قوارب المهاجرين شتاءً

- المفتي دريان: دَخَلْنَا في وَضْعِ الدَّولةِ الفَاشِلة وَنَحنُ سَائرونَ بِسُرعَةٍ بِاتِّجَاهِ اللادَولَة

بين قوارب الموت التي تَحَوَّلَ معها «الأزرقُ الكبير» مقبرةً جَماعيةً لبؤساء تُكتب بيأسهم مآسٍ مفتوحة على المزيد من الفواجع، وانتخاباتٍ رئاسية تجري رياحُها بما تشتهي سفينة الشغور الذي سيحلّ على قصر بعبدا وفيه ابتداءً من 1 نوفمبر المقبل، والمركب الحكومي الذي يُلاطِم أمواجاً متضاربة قد «يرسو معها على برٍّ» وربما يبقى هائماً في بحر تعقيداتٍ متعدّدة البُعد... 3 عناوين أرختْ بثقلها على المشهد اللبناني العائم فوق حُطامٍ مالي - اقتصادي يُخشى أن تُفاقِمَه فوضى دستورية - سياسية تكتمل معها «الوصْفة القاتلة» للبنان... الذي كان. فبينما كان الانهماكُ داخلياً في الإحاطة بكل خفايا ومعاني البيان الثلاثي الأميركي - السعودي - الفرنسي عن الوضع في «بلاد الأرز» ومواصفاته للاستحقاق الرئاسي و«أخواته» بوصْفه لبنانيّ المنطلَق والأدواتِ وذات تأثيراتٍ على مقاربة الخارج للواقع اللبناني، وفيما كانت دار الفتوى تشهد لقاءً سنياً في شكله الذي جمع 24 من نواب هذا المكوّن (من أصل 27) ووطنياً في أجندته التي تناولت المخاطر التي يواجهها لبنان انطلاقاً من الانتخابات الرئاسية والملف الحكومي خصوصاً، لم يكن من صوت أعلى من أنين الموجوعين والمفجوعين بالمجزرة التي ذهب ضحيتها نحو 91 مهاجراً غير شرعي انطلقوا في مركبٍ من شمال لبنان كان يقلّ نحو 150 شخصاً (من لبنانيين وسوريين وفلسطينيين) وغرق قبالة طرطوس السورية ومازال نحو 50 من ركابه مفقودين. وفيما كان أهالي ضحايا أكبر كارثة تشهدها موجات الهجرة غير الشرعية من لبنان يرصدون عدّاد الجثث التي يتم انتشالها من البحر ويرابضون على الحدود البرية مع سورية (شمالاً) بانتظار «قوافل الموت» العائدة إلى «أرض القتْل البطيء»، فإن تَحَوُّل «بلاد الأرز» منصة لـ «رحلات غير نظامية» منتظمة باتجاه شواطئ أوروبا وبقوارب تنطلق غالبيتها العظمى من شواطئ الشمال بدأ يُقارَب من زاوية سياسية يُخشى معها أن يكون ثمة «إشاحة نظر» عن تجّار البشر ونشاطهم المزدهر بخلفياتٍ تتصل بـ «تحمية» لبنان في الفترة الماضية قضية النزوح السوري ورفْع منسوب ضغطه على المجتمع الدولي لإعادتهم، كما المحاولات الضمنية لاستدراج عواصم القرار لتعويم الواقع المالي بجرعات دعم خارج «الممر الإنساني» المعروف. وإذ استحضر البعض في هذا السياق «النموذج التركي» الذي سبق أن تَوَعَّدَ أوروبا بإرسال «ملايين» المهاجرين واللاجئين إليها بهدف الضغط لزيادة المساهمة المالية في دعم أنقرة بتحمُّل أعباء النزوح السوري، عزّز وزيرُ الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية هكتور حجار انطباع «المشكّكين» بوجود خيوط سياسية وراء تفعيل الهجرة غير الشرعية أو أقلّه تحاول «استثمارها»، إذ أعلن «حذّرنا المجتمع الدولي من عدم قدرتنا على تحمُّل عدد اللاجئين السوريين الكبير». وفي حديث عبر «الجزيرة»، قال: «سنعاني في الشتاء من أزمات متعددة وهناك احتمال كبير بزيادة عدد قوارب المهاجرين لاسيما مع قرب فصل الشتاء». وأضاف: «أبلغنا الجميع أن الوضع في لبنان خطير جداً وعلينا أن نجد حلاً للاجئين السوريين». وفي العنوان الحكومي، وعلى وقع تَرَقُّب عودة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من نيويورك للمشاركة في جلسة البرلمان غداً لاستكمال إقرارِ مشروع موازنة 2022 قبل حلول «ساعة الحقيقة» في ما خصّ المناخات المتناقضة حيال آفاق ملف تشكيل الحكومة الجديدة والذي راوح بين الجزم بأن مراسيم التأليف ستصدر الأسبوع الطالع وبين اعتبار أن شياطين عدة مازالت تكمُن في التفاصيل التي توصل إلى «تجديد صلاحية» حكومة تصريف الأعمال بعد تعديلاتٍ تشمل نحو 4 من وزرائها، كان بارزاً أمس موقف لنائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم الذي أعلن «الحمدلله يُمكن أن نرى حكومةً الأسبوع المقبل». وفيما ارتكز قاسم في موقفه على «أنّ المباني التي كان فيها اختلافات كثيرة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة أصبحت متقاربة جداً إلى درجة تسهّل إن شاء الله إخراج الحكومة إلى النور وهذه خطوة إيجابية تساعد في تسهيل التهيئة لانتخابات الرئاسة تمهيداً للحلول التي نريدها في لبنان»، فإن أوساطاً مطلعة تعتبر أن انتقال «حزب الله» إلى الدفع بقارب الحكومة من الأمام منذ الكلمة الأخيرة لأمينه العام السيد حسن نصر الله يأتي في إطار رؤية للحزب مفادها أن إدارة الفراغ الآتي و«التحكم والسيطرة» على مساره ومواقيت الإفراج عن الرئاسة تكون أسهل وبهوامش مناورة أوسع بحكومةٍ كاملة الصلاحيات تتيح جلوساً أطول وأكثر اطمئناناً «على التلة». ووفق الرؤية نفسها فإن ترْكَ «الشغب الدستوري» الذي قد يستولده بقاء حكومة تصريف الأعمال لترث صلاحيات الرئاسة، لاسيما في ضوء رفْض الرئيس ميشال عون القاطع لذلك، يمكن أن يستجرّ توتراتٍ قد تخرج عن سيطرة الجميع وتصبح هي «الأمر الواقع» الذي تتحكم ديناميتُه بدفة الشغور ومآلاته التي يقيسها «حزب الله» انطلاقاً من حسابات محلية قابلة لـ «إعادة القوْلبة» وأيضاً اقليمية متحرّكة كما وقائع المنطقة. في موازاة ذلك، جاء لقاء دار الفتوى للنواب السُنّة والذي أعقبتْه مأدبة عشاء أقامها على شرفهم السفير السعودي وليد بخاري، بمثابة محاولةٍ لإعادة التوازن إلى الطائفة التي بدت مثخنة بندوبٍ تَرَكَها انكفاء الرئيس سعد الحريري عن الحياة السياسية وتالياً إعادة «تنظيم صفوفها» لتستعيد دورها كعنصر رئيسي في التوازن اللبناني بامتداده الاقليمي، وتلعب دوراً مؤثّراً في الاستحقاقات الدستورية وأبرزها الانتخابات الرئاسية باعتباره محطة وطنية حدّدت لها دار الفتوى مواصفاتٍ ترتكز على أن يكون الرئيس أميناً «لِلدّستور واتفاقِ الطَّائف، وَالعَيشِ المُشتَرَك، وهويَّة لبنان العَرَبِيَّة، وَعَلاقاتِهِ الدَّولِيَّة؛ والنَّزَاهَةُ أهمُّ صِفَاتِه، رَئيساً لا يكونُ هُوَ جُزءاً مِنَ المُشكِلَة، أو سبباً فيها».

وفي مستهلّ اللقاء الذي غاب عنه النواب حليمة قعقور، ابراهيم منيمنة وأسامة سعد، أكد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان على هذه الأبعاد، إذ أعلن «نَجتَمِعُ اليومَ لِهَدَفٍ هو أبعدُ ما يكونُ عَنِ الضِّيقِ الطَّائفِيِّ أوِ المَصلَحِيّ. لقد أردتُ جَمْعَ الشَّمْلِ على أهدافٍ وَطَنِيَّةٍ سامية. فعلينا بِالوَحدَةِ مَهمَا اخْتَلَفَتْ آراؤنا، وَطنُنا في خطر. ودَولتُنا في خَطَر. ومُواطِنُونا في أَقْصَى دَرَجَاتِ البُؤس. وَأَردْتُ أَنْ نَكونَ يداً وَاحِدةً، وَصَوتاً واحِداً فِي تَحقِيقِ مَا يَصبُو إليه النَّاسُ جميعاً، مِنْ تَشكِيلِ حُكُومة، وَانْتِخَابِ رَئيسٍ جَديدٍ لِلجُمهُورِيَّة. ولا شكَّ في أنَّ هناكَ كَثِيرِينَ بَينَ السَّادَةِ النُّوَّاب، مِمَّنْ يُمكِنُ أنْ تَتَعَاوَنُوا وَإيَّاهُمْ، على جَمْعِ الكَلِمَةِ على الرَّئيسِ الجَدِيدِ المُؤَهَّل. همِّي أنْ يكونَ لنا صَوتٌ وَاضِح، حَسْبَمَا هي تَقالِيدُنا وَأعْرَافُنا في تَشكِيلِ اللُّحمَةِ الوَطَنِيَّة، في أَصعَبِ التَّحَدِّيَاتِ وَالظُّرُوف».

وتوقّف عند «الأَهَمِّيَّةِ الفَائقَةِ لِمَنْصِبِ رِئاسَةِ الجُمهُورِيَّةِ في لُبنانَ بِالذَّات، فَالرَّئيسُ المَسِيحِيّ، رَمزٌ وَوَاقِعٌ لِلعَيشِ المُشتَرَك الذي يَقُومُ عليه النِّظَامُ الذي اصْطَلَحَ عَليهِ اللبنانيون. وَيَنظُرُ إليهِ العَرَبُ بِاعترافٍ وَتَقدِيرٍ لِلتَّجْرِبَةِ اللبنانية، لأنَّهُ الرَّئيسُ المَسِيحِيُّ الوَحِيد في العَالَمِ العَرَبِيّ. إنّ رَئيِسِ الجُمهُورِيَّةِ في النِّظَامِ السِّيَاسِيِّ اللبنانِيّ، هو رَأْسُ المُؤَسَّسَاتِ الدُّسْتُورِيَّةِ القَائمَة. ولا يَنْتَظِمُ عَمَلُهَا وَلا يَتَوَازَنُ إلاّ بِحُضُورِه، مِنْ خِلالِ انْتِخَابِ مَجلِسِ النُّوَّابِ له». وأضاف: «لِضَرُورَاتِ انْتِخَابِ رَئيسٍ جَديد، ينبغي الحِفاظُ في الفُرصَةِ الأَخِيرَةِ على وُجُودِ النِّظَامِ اللبنانِيّ، وَسُمعَةِ لُبنانَ لَدَى العَرَبِ وَالدَّولِيِّين (...) وقد دَخَلْنَا في وَضْعِ الدَّولةِ الفَاشِلة، وَنَحنُ سَائرونَ بِسُرعَةٍ بِاتِّجَاهِ اللادَولَة؛ وَيُوشِكُ العَرَبُ وَالعَالَم أَنْ يَتَجَاهَلُوا وُجُودَ لبنان، بِسَبَبِ سُوءِ الإِدَارَةِ السِّيَاسِيَّةِ على كُلِّ المُستَوَيَات».

وتابع: «لا بُدَّ مِنْ رَئيسٍ جديدٍ لِلجُمْهُورِيَّة، وَأنتُمُ المَسؤولون عن حُضُورِهِ أَو إحضَارِه، وستكونون في طَلِيعَةِ المَسؤولين عَنْ غِيابِهِ لأيِّ سببٍ كان. لا بُدَّ مِن رئيسٍ جديدٍ يُحافظُ على ثوابتِ الوَطَنِ والدَّولة، فَيَا أيُّها النُّوَّابُ الكِرام، ساهِمُوا- وهذه مسؤولِيَّتُكُم - في التغيير، وفي استعادَةِ رِئاسَةِ الجُمهُورِيَّة لاحْتِرَامِها وَدَورِها بِالدَّاخِل، وتُجاهَ الخارج».

وشدّد على أن «الرَّئيسُ الذي نُرِيدُهُ جميعاً مُوَاصَفاتُهُ وَاضِحَة:

أولاً: الحِفَاظُ على ثَوَابِتِ الطَّائفِ وَالدُّستُور، والعَيشِ المُشتَرَك، وَشَرعِيَّاتِ لُبنانَ الوَطَنِيَّةِ وَالعَرَبِيَّةِ وَالدَّولِيَّة. وَلا يُمكِنُ التَّفرِيطُ بها مَهمَا اخْتَلَفَتِ الآرَاءُ وَالمَواقِفُ السِّيَاسِيَّة، لأنَّهَا ضَمَانَةُ حِفظِ النِّظَامِ وَالاسْتِقرَارِ وَالكِيانِ الوطني.

ثانياً: إنهاءُ الاشتباكِ المُصَطَنَعِ وَالطَّائفِيِّ والانقِسَامِيِّ بِشَأْنِ الصَّلاحِيَّات، وَالعَودَةُ إلى المَبدَأِ الدُّستورِيِّ في فَصلِ السُّلُطاتِ وتعاوُنِها.

ثالثاً: الاتِّصَافُ بِصِفاتِ رَجلِ العَمَلِ العَامِّ الشَّخصِيَّةِ والسياسية، لأنّ رَجُلَ العَمَلِ العَامِّ - كما يقولُ عُلماءُ السِّيَاسَة- تَحكُمُهُ أخلاقُ المُهِمَّة، وأخلاقُ المسؤولية.

رابعاً: الاتِّصافُ بِالحِكْمَةِ والمَسْؤوليةِ الوَطنيةِ والنَّزَاهَةِ، وبالقدرةِ على أن يكونَ جَامعاً للبنانيين (...) لا بُدَّ مِنْ رئيسٍ بِهذِهِ الصِّفَات. أو نَتَفَاجَأُ بِاختفاءِ النِّظَامِ ثُمَّ الدَّولة!».

ودعا «إلى عَدَمِ المَساسِ بِصَلاحِيَّاتِ رِئاسَةِ الحُكومَة، وَالعَمَلِ مَا بِوُسْعِنَا كي نُسَاعِدَ الرَّئيسَ المُكَلَّفَ لِتَسهِيلِ مُهِمَّتِه، هذه مَسؤوليَّةٌ مُشتَرَكَة، تَقَعُ على عَاتِقِ الجميع، ونحْنُ نَتَوَسَّمُ ونَسْتَبْشِرُ خَيْراً بَتَشْكِيلِ الحُكومةِ العَتِيدَةِ بالسرعةِ المُمْكِنةِ وفي الأيامِ القَليلةِ المُقْبِلة، لأنَّ وَطنَنَا لبنان يحْتَاجُ في هذه الظروفِ القَاسِيةِ والصَّعْبَةِ إلى حُكُومَةٍ كاملةِ الصَّلاحِيَّات».

ميقاتي: تَقَدُّم في الترسيم البحري لكن الحل النهائي لم يُنجز بعد

أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي أن «الوساطة الأميركية ساعدتْ في الدفع باتجاه إتمام الترسيم البحري (بين لبنان واسرائيل) لكن لاتزال هناك تفاصيل ينبغي توضيحها». وقال ميقاتي: «حتى الآن يُمكنني القول إن تقدماً حصل، ولكن الحل النهائي لم يُنجز بعد. وإدارة الرئيس جو بايدن تبذل قصارى جهدها لإنجاح هذه المفاوضات».

المفتي دريان يحذّر من السير باتجاه «اللادولة» ومن تجاهل العالم لوجود لبنان

النواب السنّة للالتزام باتفاق الطائف ووقف «الافتراء» على الدول العربية

بيروت: «الشرق الأوسط»... تعهد النواب الذين يمثلون الطائفة السنية في البرلمان اللبناني بالمحافظة على سيادة لبنان ووحدته وحرياته، وعلى حسن علاقاته خصوصاً مع الأسرة العربية التي ينتمي إليها، كما تعهدوا بانتخاب رئيس جديد للجمهورية في الموعد الدستوري «يكون ممن يحترمون الدستور ويلتزمون القسم الدستوري»، وجددوا التمسك بما نص عليه اتفاق الطائف بالنسبة إلى هوية لبنان العربية والأسس التي تقوم عليها الوحدة الوطنية بين عائلاته الدينية جميعاً. وشارك معظم النواب السُّنة في اجتماع دعا إليه المفتي عبد اللطيف دريان في دار الفتوى أمس، للتباحث حول الاستحقاقات الدستورية وفي مقدمتها انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل انتهاء ولاية الرئيس اللبناني ميشال عون في 31 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وعقدت جلسة مغلقة دار فيها نقاش بين النواب والمفتي دريان استمرت لساعتينوحرص دريان على إبعاد اللقاء عن أي بُعد طائفي، وإبقائه ضمن بعده الوطني في هذه اللحظة، حيث أكد دريان قبيل الاستماع إلى النواب أن الهدف من الاجتماع هو «أبعد ما يكون عن الضيق الطائفي أو المصلحي»، موضحاً: «أردنا جمع الشمل على أهداف وطنية سامية فوطننا في خطر ودولتنا في خطر ومواطنونا في أقصى درجات البؤس وهمي أن يكون لنا صوت واضح». وقال دريان: «أردت أن نكون يداً واحدة وصوتاً واحداً في تحقيق ما يصبو إليه الناس جميعاً من تشكيل حكومة وانتخاب رئيس جديد للجمهورية لمعالجة الأزمات التي يعانيها المواطنون على المستويات كافة». وأشار دريان إلى الأهمية الفائقة لمنصب رئاسة الجمهورية في لبنان بالذات لأن «الرئيس المسيحي رمز وواقع للعيش المشترك الذي يقوم عليه النظام، وينظر إليه العرب باعترافٍ وتقدير للتجربة اللبنانية، لأنه الرئيس المسيحي الوحيد في العالم العربي». وإذ حذر من «أننا سائرون بسرعة باتجاه اللادولة، ويوشك العرب والعالم أن يتجاهلوا وجود لبنان بسبب سوء الإدارة السياسية على كل المستويات»، أكد أنه لا بد من رئيس جديد للجمهورية، «يحافظ على ثوابت الوطن والدولة»، داعياً النواب إلى المساهمة في التغيير «واستعادة رئاسة الجمهورية لاحترامها ودورها بالداخل وتجاه الخارج». وحدد دريان مواصفات «الرئيس الذي نريده جميعاً»، وهي تتمثل في «الحفاظ على ثوابت الطائف والدستور والعيش المشترك وشرعية لبنان الوطنية والعربية والدولية»، مشدداً على أنه «لا يمكن التفريط بها مهما اختلفت الآراء والمواقف السياسية لأنها ضمانة حفظ النظام والاستقرار والكيان الوطني»، كما تتمثل في «إنهاء الاشتباك المصطنع والطائفي والانقسامي بشأن الصلاحيات، والعودة إلى المبدأ الدستوري في فصل السلطات وتعاونها». وطالب دريان بانتخاب رئيس «يتصف بصفات رجل العمل العام الشخصية والسياسية، لأن رجل العمل العام «تحكمه أخلاق المهمة والمسؤولية». كما دعا لاختيار رئيس «يتصف بالحكمة والمسؤولية الوطنية والنزاهة وبالقدرة على أن يكون جامعاً للبنانيين، والانصراف الكلي مع السلطات الدستورية والمؤسسات والمرافق المتاحة لإخراج البلاد من أزماتها، ومنعها من الانهيار الكامل»، وأضاف: «لا بد من رئيس بهذه المواصفات وإلا فسنتفاجأ باختفاء النظام ثم الدولة». وقال: «البلد يمر بمخاطر كبيرة، ما يقتضي منا تعزيز وحدة الصف الإسلامي والوطني»، ودعا إلى عدم المس بصلاحيات رئاسة الحكومة «والعمل ما بوسعنا كي نساعد الرئيس المكلف لتسهيل مهمته»، مضيفاً: «هذه مسؤولية مشتركة، تقع على عاتق الجميع، ونحن نتوسم ونستبشر خيراً بتشكيل الحكومة العتيدة بالسرعة الممكنة وفي الأيام القليلة المقبلة، لأن وطننا لبنان يحتاج في هذه الظروف القاسية والصعبة إلى حكومة كاملة الصلاحيات، لا إلى بقاء حكومة لتصريف الأعمال». وشدد على أن «لبنان لا يقوم إلا بالتوافق، لا خلاص إلا بوحدته بعيداً عن التشنج والخطاب الطائفي والشحن التحريضي». وبعد نقاشات دامت ساعتين، بحث خلالها المجتمعون في «الدور الوطني الذي تلتزمه دار الفتوى وتعمل عليه، تعزيزاً للوحدة الوطنية والعيش المشترك ودفاعاً عن هوية لبنان وانتمائه العربي، وصوناً لرسالته الإنسانية»، توافقوا على «تجديد التمسك بالثوابت الإسلامية التي أعلنتها دار الفتوى حول الإيمان بلبنان وطناً نهائياً لجميع أبنائه، و«تجديد التمسك بما نص عليه اتفاق الطائف بالنسبة إلى هوية لبنان العربية والأسس التي تقوم عليها الوحدة الوطنية بين عائلاته الروحية جميعاً». وأكد النواب المجتمعون «التمسك بالمبادئ العامة التي تحقق المساواة بين المواطنين حقوقاً وواجبات»، و«إدانة كل التجاوزات التي أدت في السابق ولا تزال إلى طعن أُسس الوفاق الوطني والعيش المشترك لحسابات فردية أو حزبية أو طائفية». وشددوا على ضرورة إنهاء الفساد القابع تحت الحماية السياسية وبمشاركتها أحياناً وبات «جزءاً من منظومة الإدارة السياسية». وأكدوا أن إنقاذ لبنان يتطلب الاعتراف بالخطأ والرجوع عنه ومحاسبة المرتكبين، كما يتطلب تعاوناً بين اللبنانيين ومع الإخوة العرب والمجتمع الدولي ليستعيد لبنان هويته ودوره «وليسترجع مكانته حاجة عربية وإنسانية». وقالوا: «لا يستطيع لبنان أن يتوقع يداً عربية شقيقة تمتد إليه للمساعدة، وفيه من يفتري ظلماً على الدول العربية الشقيقة حد الاستعداء مما يشوه الإخوة العربية التي معها يكون لبنان أو لا يكون». وتعهد النواب بالمحافظة على سيادة لبنان ووحدته وحرياته، وعلى حسن علاقاته خصوصاً مع الأسرة العربية التي ينتمي إليها»، مشددين على «العمل مع زملائهم النواب الآخرين من كل الطوائف ومن كل المناطق لرد الأذى عن أي عضو من أعضاء هذه الأسرة العربية وعدم التدخل في شؤونها». كما تعهدوا بانتخاب رئيس جديد للجمهورية في الموعد الدستوري «يكون ممن يحترمون الدستور ويلتزمون القسم الدستوري». وأكدوا أن «عدو لبنان كان ولا يزال هو العدو الإسرائيلي الذي يواصل احتلال أجزاء من الأراضي العربية كما يحتل مقدسات إسلامية ومسيحية في القدس». وفي وقت لاحق لبى المشاركون في اللقاء دعوة السفير السعودي في بيروت وليد بخاري إلى مأدبة عشاء أقيمت على شرفهم.

لبنان: 3 خطوات مطلوبة لكبح «مسلسل المآسي» واجتماع «سني» يبحث الرئاسة

الجريدة... كتب الخبر منير الربيع... لم تكن مأساة قارب الموت قبالة طرطوس مفاجئة وسط التفلت الأمني وتفاقم الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يعاني منها لبنان. والكارثة أن هذه الأزمات لا تزال قابلة للتفاقم أكثر وإنتاج مزيد من المآسي التي لا يمكن توقعها، ما لم يتم تحديد عناوين وخطوط عريضة للتعاطي مع هذه الآزمات. والسبيل الوحيد الذي يمكنه أن يؤدي إلى كبح الإنهيار، هو المسار السياسي، من خلال ثلاثة ملفات، الأول إقرار الموازنة المالية العامة غداً، والثاني تشكيل حكومة، والثالث الدفع باتجاه اتفاق على رئيس للجمهورية. دون تحقيق هذه العناوين الثلاثة، فلا بد من توقع المزيد من الأسباب التي تفتح المجال أمام شبكات التهريب المنظمة إلى الاستمرار في إغراق اللبنانيين واللاجئين السوريين والفلسطينيين في البحر الأبيض المتوسط، بينما المصارف لا تزال مغلقة بتوجيهات أمنية وفق ما تكشف مصادر متابعة لأن هناك تقديرات تشير بأن مخاطر تجدد عمليات الاقتحام والصدامات داخل المصارف وعلى مداخلها لا تزال قائمة في ظل عدم توفر شروط الخطة الأمنية اللازمة للتعاطي معها. سياسياً، تتراوح التقديرات بين التشاؤم والتفاؤل حول إمكانية إقرار الموازنة، وتشكيل الحكومة خلال الأسبوع الجاري، في وقت لا يزال الملف الرئاسي مؤجلاً وسط عدم وضوح الرؤية، فيما يشترط رئيس مجلس النواب نبيه بري أن تتوفر مقومات التوافق لتوجيه الدعوة إلى عقد جلسة انتخاب الرئيس، إذ يشترط إقرار الموازنة وتشكيل الحكومة قبل أن يتحول المجلس النيابي إلى هيئة انتخابية لا اشتراعية وعندها لا يتمكن من إقرار أي قانون. أمام كل هذه الملفات، تصدّر اجتماع النواب السنّة في دار الفتوى المشهد، لقاء جرى فيه البحث في كيفية التنسيق بين نواب الطائفة السنية وبرعاية دار الفتوى لخلق مظلة سياسية ذات بعد وطني لمقاربة الإستحقاق الرئاسي وإنجازه، بالإضافة إلى التشديد على المحافظة على اتفاق الطائف كضامن لوحدة البلاد وأمن المجتمع، لتجنّب الذهاب إلى تعديلات على الدستور قد تطال تغيير النظام. وإلى جانب لقاء دار الفتوى، عقد اللقاء في دارة السفير السعودي وليد البخاري بينه وبين عدد من النواب السنّة الذين تربطهم علاقة تحالف بالمملكة العربية السعودية، وهم على خصومة مع حزب الله. أريد لهذا اللقاء أن يشكل قوة دفع سياسي للنواب السنّة تحضيراً للمرحلة المقبلة في إطار التنسيق مع المكونات الأخرى، لا سيما مع القوات اللبنانية، حزب الكتائب، الحزب التقدمي الاشتراكي والنواب المستقلين للاتفاق على شخصية يتم ترشيحها لمنصب رئيس الجمهورية، بالإضافة إلى منع حزب الله من فرض مرشحه، بالتالي للذهاب إلى فرض مقومات التوافق للوصول إلى رئيس قادر على الجمع، ويتمتع بعلاقات جيدة مع مختلف القوى الإقليمية والدولية وقادر على استعادة الثقة. لا بد لهذه اللقاءات معطوفة على السعي لتشكيل الحكومة أن تؤدي إلى تخفيف حدة التوتر والانهياروتلافي الذهاب الى انفجار أكبر.

تيمور جنبلاط لانتخاب رئيس لا يشكل تحدياً لأحد

بيروت: «الشرق الأوسط»... دعا رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط لانتخاب رئيس «لا يشكّل استفزازا أو تحديّا لأحد وقادر على إطلاق عجلة الإنقاذ». وأكد جنبلاط أمس أن اتفاق الطائف لا يزال المرجعية التأسيسية بين اللبنانيين، وهو يحتاج إلى التطبيق لحل العديد من العقد والهواجس لا أكثر. وشدد جنبلاط على «أولوية إنجاز الاستحقاقات الدستورية ضمن المهل القانونية ولا سيما رئاسة الجمهورية، وانتخاب رئيس يقوم بدوره الوطني الجامع بين اللبنانيين ولا يشكّل استفزازا أو تحديّا لأحد وقادر على إطلاق عجلة الإنقاذ»، وذلك «في ظل التداعي المستمر لمقوّمات صمود الدولة وزعزعة أركان الوطن بأمنيه الاقتصادي والاجتماعي».

البيان الأميركي ـ الفرنسي ـ السعودي «خريطة إنقاذ» للبنانيين

الشرق الاوسط.. (تحليل إخباري)... بيروت: محمد شقير... يكتسب الاهتمام الدولي بلبنان من خلال البيان الصادر عن وزراء خارجية الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية، في اجتماعهم بنيويورك على هامش انعقاد الجمعية العمومية للأمم المتحدة، أهمية خاصة تحمل أكثر من رسالة سياسية تتزامن من حيث التوقيت مع بدء العد العكسي لانتخاب رئيس جمهورية جديد قبل انتهاء ولاية الرئيس الحالي ميشال عون في 31 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، والانشغال في تعويم الحكومة، فيما المفاوضات مع صندوق النقد الدولي إلى مزيد من التعثر بسبب تراجع الآمال المعقودة على تطبيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية لمساعدته للنهوض من أزماته الكارثية. فالرسالة الصادرة عن الوزراء الثلاثة هي رسالة دولية تنطوي على انتهاء فترة السماح التي منحها المجتمع الدولي للمنظومة الحاكمة في لبنان، التي ما زالت تتلكأ في الاستجابة لشروطه للإنقاذ والانتقال بالبلد من مرحلة التأزم إلى الانفراج السياسي والاقتصادي والمالي، وبالتالي استعداده لممارسة أقصى الضغوط لمنعه من السقوط في حالة من الفوضى الشاملة. ويقول مصدر سياسي في قراءته لمضامين البيان الصادر عن الوزراء الثلاثة، إنها تعبر عن رغبة المجتمع الدولي في إعادة لبنان إلى دائرة الاهتمام الدولي، انطلاقاً من خريطة الطريق التي رسمها الوزراء للانتقال بلبنان إلى مرحلة التعافي السياسي والمالي، لأن هناك صعوبة في إنعاشه اقتصادياً واجتماعياً ومالياً ما لم تتلازم الإصلاحات المالية المطلوبة من صندوق النقد مع الإصلاحات السياسية التي تمكنه من بسط سيادته على كافة الأراضي اللبنانية، أولها إيجاد حل لازدواجية السلاح وضبط الحدود اللبنانية - السورية لوقف التهريب. ويؤكد المصدر السياسي أن مضامين بيان الوزراء يفترض أن تكون بمثابة البيان الوزاري في حال تقرر تعويم حكومة تصريف الأعمال، شرط عدم التعامل معها على أساس الانتقائية بدءاً بعدم الاجتهاد في تطبيق القرارات الدولية، تحديداً القرار 1701، لاسترضاء «حزب الله»، وبالتالي تطويق تنفيذه بصيغة تجمع بين السلاح الشرعي وسلاح المقاومة. ويلفت المصدر نفسه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن بيان وزراء خارجية الدول الثلاث يشكل مظلة دولية للبنان يتوجب عليه أن يحسن الإفادة منها، وتوظيفها لتعويم الحكومة الحالية برئاسة نجيب ميقاتي، إذا استحال عليه تشكيل حكومة جديدة، لأن هناك ضرورة لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري بانتخاب رئيس جديد لديه القدرة على جمع اللبنانيين تحت سقف إعادة الاعتبار لمشروع الدولة والاستجابة لتطلعات اللبنانيين في التغيير. ويرى أن تمسك الوزراء باتفاق الطائف لم يأتِ من فراغ، ليس لأنه وحده المؤتمن على وحدة البلد والحفاظ على السلم الأهلي وحماية الاستقرار فحسب، وإنما لأن التركيز عليه مع الاستعداد لإنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده يهدف إلى قطع الطريق على من يطالب بإعادة النظر فيه أو استبداله بنظام آخر، بذريعة أن هناك ضرورة لوضع عقد اجتماعي جديد كان لمح إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في زيارته الأولى للبنان فور وقوع الانفجار الذي استهدف مرفأ بيروت، لكنه سرعان ما بادر إلى سحبه من التداول على خلفية المخاوف التي عبر عنها معظم القوى السياسية التي تعاملت مع اقتراحه وكأنه إشارة للبحث في نظام جديد للبنان. ويعتبر المصدر نفسه أن تمسك الوزراء الثلاثة باتفاق الطائف كنظام وحيد للعلاقات بين الطوائف اللبنانية سيؤدي إلى تطويق الدعوات للفيدرالية، بذريعة تطبيق اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة، ويقول إن الموقف نفسه ينسحب على الدعوات لعقد مؤتمر تأسيسي، التي تلقى معارضة بعد أن نفضت باريس يديها منها وشطبتها من جدول أعمالها اللبناني من جهة، وقوبلت باعتراض من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي يشدد باستمرار، كما يُنقل عنه، على ضرورة استكمال تطبيق «الطائف»، وضرورة العمل من أجل تنقية ما أصابه من شوائب من جراء المباشرة بتطبيقه. لكن الجديد في بيان الوزراء الثلاثة، حسب المصدر السياسي، يكمن في أمرين: الأول في دعوتهم إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده، والثاني في انضمام واشنطن وللمرة الأولى إلى الجهود الفرنسية - السعودية لإنقاذ لبنان ومساعدته، التي توجت بلقاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بالرئيس ماكرون، في زيارته الأخيرة للسعودية، إضافة إلى أن استحضارهم لـ«الطائف» في بيانهم يهدف إلى تمرير رسالة لإيران بعنوان أن لبنان كان ولا يزال جزءاً من محيطه العربي، وأن لا مجال لاستبدال هوية أخرى بهويته العربية. لذلك يؤشر البيان الثلاثي إلى أن الحاضنة الدولية والعربية للبنان ما زالت قائمة، وأن مفاعيله ستترجم تباعاً إلى خطوات ملموسة، وإنما ليس لإنجاز الاستحقاق الرئاسي بأي ثمن ما يؤدي حتماً إلى تمديد الأزمة ما لم يُنتخب الرئيس القادر على إحداث نقلة نوعية من ناحية، والمؤهل لجمع اللبنانيين بإلغاء خطوط التماس السياسية التقليدية، وبالتالي فإن ترجمته تستدعي إعادة خلط الأوراق للمجيء بخلف لعون يعمل على تصويب العلاقات اللبنانية - العربية، وإخراجها من التصدع الذي أصابها بسبب انحياز العهد الحالي إلى محور الممانعة. وعليه يترقب الوسط السياسي رد الفعل اللبناني على بيان الوزراء الثلاثة، وما إذا كانت الأكثرية الساحقة من القوى السياسية ستتعاطى معه بإيجابية ومرونة وانفتاح، لأن صدوره لجهة التوقيت والمكان لا يقتصر على الدول الذي وقعت عليه، وإنما ينطق بمضامينه بلسان المجتمع الدولي لما للموقعين عليه من تأثير دولي وإقليمي يتجاوز حدودها الجغرافية إلى ما لديها من حلفاء وأصدقاء.

«الراي» تَقَصَّتْ عن «المجزرة» قبالة طرطوس وضحاياها

كفى يا بحر... أما آن لهذا الموت أن ينتهي؟

الراي...بيروت – من زيزي إسطفان:

- المُهَرِّب «الخدّاع» يوهم اليائسين الحالمين برحلةٍ آمنة... إلى المجهول

- لبنانيون وفلسطينيون وسوريون تَلاعَبَتْ بهم الأمواجُ ووحّدهم البؤس

- المُغامِرون بحياتهم لا يُرْهِبُهم المصيرُ الأسود لمَراكب موتٍ سابقة بل تُغْريهم... «الرحلاتُ الناجحة»

... عند الساعة الرابعة من فجر الأربعاء في الواحد والعشرين من سبتمبر أبحر مركبٌ آخَر نحو الموت من على شواطئ عكار (شمال لبنان) متجهاً نحو سواحل اليونان. ركابه لم يُعرف عددهم بالتحديد لكن ما هو أكيد أنهم فاقوا العدد الذي وَعد به المهرّب. أكد لهم أنه لن يحمل في قاربه أكثر من خمسين شخصاً كحد أقصى وربما يصل العدد إلى سبعين إذا إضطره الأمر. وثقوا به فهو «مهرِّب» صاحب خبرة وقد «سيّر رحلات عدة» سابقاً وصلت الى شواطئ أوروبا. ولمزيد من الإقناع أوْهمهم بأن عائلته ستكون أيضاً على متن القارب وان ابن القبطان سيكون برفقته... تركوا أهلاً وعائلات وأحبة ومضوا واثقين إلى... حتفهم. قصةٌ باتت من يوميات اللبنانيين، ومراكب الموت صارت كأنها قَدَر لم يعد منه مفر أمام المقهورين... لم يشأ محرومو سكان منطقة الشمال اللبنانية، بكل أطيافهم، لبنانيون وسوريون وفلسطينيون أن يتّعظوا من مآسٍ سابقة حصلت في البحر وما زال ضحاياها في أعماقه. فالمآسي التي تحاصر كل لحظات حياتهم أصعب من الموت. أرادوا تحدّي مصيرهم علهم يغلبونه هذه المرة. مراكب عدة وصلت إلى بر الأمان وحملت المهاجرين إلى عالم مفتوح على الأمل، لِمَ لا يكونون من بينها؟ أرادوا أن يجربوا حظهم مُطْمَئنين إلى كلامٍ معسولٍ قاله أحد تجّار البشر... على متن المركب عدد السوريين والفلسطينيين يفوق عدد اللبنانيين، 155 شخصاً العدد الإجمالي بحسب ما رست آخِر الأخبار. أخذوا الاحتياطات البديهية، حَمَلوا معهم كميات كبيرة من الطعام تكفيهم مدة الرحلة وتفيض، وتزوّدوا بسترات نجاة وانطلقوا قبل شروق الشمس بقليل. ربما كانوا يرتاحون بعد ليلِ الهروب الطويل أو يتسامرون ويتبادلون الكلامَ عن الأحلام التي تنتظرهم هناك في البر الأوروبي الممتلئ وعوداً، لكن عند نحو الساعة الثامنة صباحاً «فقع» المركب على حد قول أحد الناجين. الأمواجُ العاتية التي رافقت طقسَ الأيام الماضية ارتطمتْ به، تَكَسَّرَ وبدأ يغرق. طُلب من الرجال الذين يجيدون السباحة أن يلقوا بأنفسهم في البحر ويخلوا المركب وفق ما روى الناجي أمجد البوبو لخالته مريم التي تواصلت «الراي» معها. وبقي مَن لا يجيد السباحة من نساء وأطفال على متنه. لم يكن المركب المشؤوم في مساره المتوقَّع نحو أوروبا، بل كان مقابل جزيرة أرواد في محاذاة طرطوس السورية. كيف وصل إلى هناك وهي منطقة خارج مساره؟ وألم يكن حرياً به أن يقطع مسافة أطول في أربع ساعات؟ وكيف لم يستطع القبطان المدرَّب ومعه القبطان البديل أن يواجها أمواج الصيف بخبرتهما البحرية؟ أسئلةٌ ما زالت الأجوبة عنها غامضة وربما لا يكون لها جواب. أم أن الجواب القاسي الوحيد هو أن «الحمولة»... تلك الحمولة التي من لحم ودم فاقت قدرته على العوم وشدّت به نحو الأعماق؟....... «خمسون ساعة أمضاها أمجد في البحر»، تروي الخالة مريم لـ «الراي». رأى أخاه عزمي ووالده أحمد يسبحان معه في البحر ثم فرّقتهم الأمواج ولم يعد يراهم إلى أن انتشلتْه من البحر سفينة سورية ونقلتْه إلى مستشفى في مدينة طرطوس. وتقول: «حين سمعنا بمركب غارق خفنا بدايةً وتواصلنا مع الأشخاص الذين تولوا عملية تهريبهم، فكان جوابهم «قَطَعوا» أي أنهم تجاوزوا منطقة الخطر وهم في طريقهم إلى اليونان. وفي اتصال آخَر أكدوا انهم وصلوا إلى اليونان. شقيقتي أحلام اشتعل قلبها خوفاً وقلقاً على زوجها وإبنيها لكنها إطمأنت حين سمعتْ كلام المهرِّبين. إلى أن جاء اتصالٌ من أمجد يقول فيه لأمه إنه بخير وهو في المستشفى لكنه متعَب لأنه سبح خمسين ساعة. عندها تَكَشَّفْتْ أولى خيوط المصيبة». أحد المصادر في مدينة طرابلس أكد لـ «الراي» أن القضية غامضة فبعض مَن نجوا يقولون إن ثمة مركباً أنقذ بعض مَن كانوا في البحر، رآه الناجون وأكدوا على ذلك لكن لم يُعرف حتى الآن مصير مَن كانوا على متنه، ولا أين هم الآن. ويتساءل المصدر: هل غرق بدوره أم أن السلطات السورية احتجزت مَن كانوا على متنه لأن غالبيتهم لا يملكون هويات؟ الأمر مبهم لكن ربما يكون مجرد خبر كاذب من تلك الأخبار التي تُرافِق كل مأساة وتحاول ضخ الأمل في نفوس أهل الضحايا... وزير الصحة السوري حسن محمد الغباش كان أكد أن ضحايا المركب بلغوا 77 و20 شخصاً يتلقون العلاج في مشفى «الباسل» فيما آخر الأخبار رفعت العدد إلى 91 ضحية ونحو 50 مفقوداً. تسع جثث لسبعة لبنانيين وفلسطينييْن نقلتْها سيارة الإسعاف إلى لبنان عبر معبر العبدة الحدودي مساء الجمعة وسط تجمع لأهالي الضحايا المفجوعين لا سيما الفلسطينيين منهم. 37 عدد الفلسطينيين الذين ركبوا متن قارب الموت كما قال أحد الموجودين على المعبر الحدودي غالبيتهم من مخيم نهر البارد في الشمال قرب طرابلس، وعدد قليل منهم من مخيمات بيروت. وهم شكلوا إلى جانب السوريين غالبية عدد ركاب القارب فاتّحدوا في الموت كما اتحدوا في اللجوء والفقر. صباح الجمعة كانت وصلت إلى بلدة قرقف العكارية جثتا الطفلتين مي ومايا التلاوي اللتين قضتا على مركب الموت ولم يتم العثور على والدتهما سلمى وشقيقيهما محمود وعمار فيما جرى إنقاذ والدهما وسام. والأب المفجوع لم يعرّض حياة عائلته للخطر عن عبث هو الذي تراكمت عليه الديون فأراد أن يفرّ بها نحو غدٍ قد لا يكون أفضل لكن يبقى فيه بصيص أمل يفتقده في بلده هو الذي يعمل كعامل نظافة لا يتجاوز راتبه 30 دولاراً في الشهر كما يقول شقيقه وقد باع كل ما يملك لتأمين كلفة السفر. لوعة الأهل على مَن فقدوا لا يوازيها سوى الغضب على دولةٍ تدفع بمواطنيها إلى الموت بأرجلهم. مصطفى مستو والد لثلاثة أطفال حمل زوجته وأطفاله الثلاثة دنيا وديار ورويدا في رحلةٍ ظنّها تحمل أملاً، لكن البحر إبتلع حلمه وحياته وحياة أطفاله. وُجدت جثثهم بين جثث الضحايا فيما نجت زوجته. ولكن أي نجاة لأم فقدت الزوج وفلذات الكبد؟ وكيف تنجو من براثن الحزن والذنب واللوعة الدائمة؟ وأي لوعة لأم مصطفى الثكلى التي فقدت ابنها وأحفادها دون أن تودّعهم بعدما حمل مصطفى عائلته وحاول السفر خلسة دون أن يخبر أحداً؟ ومساء الجمعة شُيعت العائلة في طرابلس وسط إطلاق نار وهتافات تندد بدولة فاشلة تقتل مواطنيها مئة مرة في اليوم قبل أن تدفعهم للإنتحار الطوعي في مراكب الموت. عبد العال عبد العال أحد الضحايا الفلسطينيين الذي وصلت جثته مساء الجمعة ضمن موكب الجثامين إختصر برحيله كل مأساة اللجوء الفلسطيني في لبنان. والده فجّر حزنه غضباً جارفاً، وعلى الشاشة ارتفع صوته هاتفاً: عندي خمسة أولاد وكل يوم سأرسل واحداً منهم حتى ولو لاقوا مصير أخيهم إن لم يفتحوا لنا بابَ الهجرة الشرعية. عبد العال حاول السفر 14 مرة وفشل لكن هذه المرة فشله كان طريقه إلى الخلاص من حياةٍ لم تعد تُحتمل وفق ما يقول والده. «نحن الفلسطينيين نعيش في لبنان تحت الصفر والحرمان لم يعد يُحتمل وبعدكم عم تسألوا ليش سافر وليش بدي أبعت ولادي كلن؟» الهدف لم يعد خافياً على أحد، كلهم يهربون من جحيم الحياة اليومية التي يتخبط في نارها أبناء لبنان والمقيمون على أرضه من لاجئين سوريين وفلسطينيين. خالة أحد الضحايا فتحت قلبها لـ«الراي» وروت أن ابن اختها سوري الجنسية وقد سعى للسفر هرباً من الخدمة العسكرية في البلد الذي فرّ منه فكان الغرق في البحر مصيره... رغد محمود الحكيم شابة سورية خرّيجة كلية الهندسة لهذا العام في «جامعة تشرين» هي أيضاً من ضحايا قارب الموت وخطيبها عبدالله جرجور الذي كان معها ما زال في عِداد المفقودين. لم ترَ رغد مستقبلاً لها في بلادها المنكوبة وهي التي جاهدتْ لتحصل على شهادتها، عرفتْ بلا شك أن المستقبل في بلادها المسكونة بالكوابيس له طعْم مُرّ... وتطول لائحة أسماء الضحايا والمفقودين ووجوه الأهل المنتظرين خبراً، وتعلو الأصوات الغاضبة وأصوات المسؤولين المستنكرة لتخبو في القريب العاجل بعد أن يدير الناس ظهورَهم ويعودوا إلى يومياتهم الذليلة وكأن الموت، موت الأطفال والشباب صار خبراً عادياً في وطن تحوّل... جهنماً. أرقام كثيرة يتم تداولها عن المبالغ التي يدفعها المهاجرون للمهرّب. مصدر في طرابلس كشف لـ«الراي» أن المبالغ تراوح بين أربعة إلى ستة آلاف دولار وذلك وفق عدد أفراد العائلة. فالعائلة المؤلفة من ثلاثة أشخاص تدفع 4000 دولار على كل فرد منها فيما يصل المبلغ إلى 5000 للشخص إذا كانت من شخصين ليبلغ 6000 للشخص المسافر وحيداً. أرقام صادمة تفتح الباب على ألف سؤال: مَن يدير الظهر لتجارة الموت الرابحة؟ وتحت أي حماية تعمل مافيات التهريب التي لم تعد خافية على أحد؟ ما سرّ التراخي المحلي أو حتى الأوروبي حيالها؟ وهل صار لبنان عن قصد مصدراً للهجرة غير الشرعية في المتوسط كتلك البلدان الأفريقية التي كنا نسمع عنها سابقاً؟ تتعدد الخلفيات لكن يبقى ثابتٌ واحد... أنه الفرار من الجحيم في لعبة مميتة على طريقة... «الروليت الروسية».

توقيف مشتبه بتورطه في تهريب مهاجري القارب الغارق قبالة سوريا

بيروت: «الشرق الأوسط»... أعلن الجيش اللبناني اليوم (السبت) توقيف شخص للاشتباه في تورطه بتهريب المهاجرين غير الشرعيين عبر القارب الذي غرق قبالة السواحل السورية، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. وقالت قيادة الجيش - مديرية التوجيه، في بيان نشرته عبر موقعها الإلكتروني اليوم، إن مديرية المخابرات أوقفت مواطناً يوم الأربعاء الماضي للاشتباه في تورطه بتهريب مهاجرين غير شرعيين عبر البحر. وأضافت أنه «ثبت نتيجة التحقيق تورطه بإدارة شبكة تنشط في تهريب مهاجرين غير شرعيين عبر البحر، وذلك انطلاقاً من الشاطئ اللبناني الممتد من العريضة شمالاً حتى المنية جنوباً». ولفتت إلى أن الموقوف «اعترف بالإعداد لعملية التهريب الأخيرة من لبنان إلى إيطاليا عبر البحر يوم الأربعاء الماضي، والتي أسفرت عن غرق المركب قبالة الشواطئ السورية أول من أمس الخميس». وأشارت إلى استمرار التحقيق مع الموقوف ومتابعة الشبكة لتوقيف أفرادها بإشراف القضاء المختص. وكان مدير عام الموانئ البحرية في سوريا سامر قبرصلي أعلن ارتفاع عدد ضحايا القارب اللبناني الغارق قبالة ساحل محافظة طرطوس إلى 86 وفاة بعد انتشال عدد من الجثث صباح اليوم، فيما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان ارتفاع عدد ضحايا القارب المنكوب إلى 91 غريقا و50 مفقودا. وتستمر عمليات البحث عن ناجين محتملين، علماً أن احتمالات النجاة تتراجع مع الوقت. وأكد مدير الهيئة العامة لمستشفى الباسل الدكتور إسكندر عمار أن إجراءات تسليم الجثث لذوي الضحايا مستمرة أصولاً بعد تعرف الأهالي عليها. وكان القارب الغارق انطلق من منطقة المنية في طرابلس شمال لبنان ويحمل أشخاصاً من جنسيات عدة.

91 ضحية لحادث غرق قارب المهاجرين قبالة سوريا

بيروت: «الشرق الأوسط».... أعلن التلفزيون الرسمي السوري، اليوم السبت، أن عدد قتلى القارب الغارق الذي كان يحمل مهاجرين قرب مدينة طرطوس الساحلية في شمال غرب البلاد والذي يُشتبه بأنه أبحر من شمال لبنان متجها نحو أوروبا ارتفع إلى 86 قتيلا، في ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان ارتفاع عدد ضحايا القارب المنكوب إلى 91 غريقا و50 مفقودا. وتستمر عمليات البحث عن ناجين محتملين، علماً أن احتمالات النجاة تتراجع مع الوقت. وتكرر خلال العام الحالي غرق زوارق في عرض البحر بعد انطلاقها من شمال لبنان، ما أودى بعشرات الأشخاص. وأثار غرق مركب يقل العشرات في أبريل (نيسان) استياء واسعاً في لبنان. وتم العثور في مرحلة أولى على ستة قتلى بينما لا تزال جثث آخرين في عمق البحر ولم تنجح محاولات انتشالها. ولم تثمر التدابير التي اتخذتها القوى الأمنية في الحد من الظاهرة التي باتت «هجرة غير شرعية منظمة»، وفق السلطات اللبنانية. وتُعلن الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية تراراً إحباط محاولات هجرة غير شرعية خصوصاً من منطقتي طرابلس وعكار شمالاً، الأكثر فقراً في لبنان، وكذلك توقيف ضالعين في عمليات التهريب.

مخيم «نهر البارد» يدفع ثمن حرب «فتح الإسلام» فقراً وتشرداً

جهز قبور أبنائه وينتظر عودة الجثامين من طرطوس

الشرق الاوسط.... بيروت: سوسن الأبطح... يواصل مخيم «نهر البارد» في شمال لبنان، استقبال جثامين أبنائه الذين غرقوا في زورق الموت، مقابل السواحل السورية، يوم الأربعاء الماضي. ورغم أن وفدين فلسطينيين، أحدهما سياسي وآخر طبي، موجودان في سوريا حالياً، فإن تحديد عدد الفلسطينيين على المركب الغارق لا يزال متعذراً ويقدر بين 25 و35 شخصاً، الغالبية الساحقة منهم من نهر البارد، من أصل ما يقارب 150 كانوا على المركب. لم يعثر حتى الآن إلا على ثلاثة فلسطينيين ناجين، وتمت معرفة هويات ست من الجثث، اثنتان دفنتا أول من أمس، وأربعة أخرى في طريقها إلى لبنان، بينهم طفلان يقل عمرهما عن السنتين، إضافة إلى شابين هما أحمد عبد اللطيف وسامر الوحيّد. ومخيم «نهر البارد»، يقع في شمال لبنان، قرب الطريق الساحلي على بعد 16 كيلومتراً من مدينة طرابلس اللبنانية، أقيم على مجموعة من التلال والكثبان في أقصى جنوب قضاء عكار، عند مصب نهر البارد في البحر الأبيض المتوسط. ليس بعيداً عن هذا المخيم، يقع مخيم آخر للاجئين الفلسطينيين هو البداوي. لكن «البارد» له خصوصيته، وحصته الخاصة من مسلسل مأساة الفلسطينيين في لبنان. فقد دمر الجزء القديم من المخيم أثناء حرب «فتح الإسلام» عام 2007 بين الجيش اللبناني، ومجموعة متشددة اتخذت من المخيم حصناً لها. وهو ما أدى إلى تهجير الأهالي وفقدانهم لأرزاقهم وفقدان المخيم لدوره الاقتصادي المحوري بين مخيمات لبنان الـ11 المتبقية. عرف المخيم قبل دماره بتجارة الذهب والإسمنت والأدوات الكهربائية والصحية، حيث كان مكاناً للتسوق للشمال اللبناني. ويتحدث لـ«الشرق الأوسط» مصطفى أبو حرب، مسؤول حركة «فتح» والفصائل الفلسطينية في منطقة الشمال، بأنه «بعد حوالي خمسين يوماً من المعارك، عام 2007، ودمار شامل للمخيم، عاد بعض السكان وسكنوا على أنقاض منازلهم، فيما الكثيرون بعد أن فقدوا منازلهم ومصادر دخلهم، صاروا لاجئين ومستأجرين في المخيم نفسه، أو في مخيمات أخرى وفي المناطق المحيطة بالمخيم، في دكاكين ومستودعات». ومع أن الوعد كان ببناء المخيم وإعادته أفضل مما كان، في مدة أقصاها 3 سنوات، فها هي 15 سنة مرت، ولا تزال آلاف العائلات تنتظر إتمام الإعمار. وبحسب أبو حرب فإن تقديمات «الأونروا» في المخيم في الوقت الحالي جيدة. فالطبابة والدراسة مؤمنتان للسكان، والشؤون الاجتماعية. وهناك صندوق من منظمة التحرير يؤمن منحاً كاملة لمن يريد الدراسة في أي جامعة لبنانية ولو خاصة، بحيث يغطى قسطه بالكامل «تبقى أن المشكلة هي للشباب الذين إما فقدوا أعمالهم بعد كل الكوارث التي حلّت بالمخيم وأحيط بالحواجز، وعزل عن محيطه ولم يتمكن من استعادة دوره كسوق ذات أسعار مغرية. والقسم الذي تعلم من الشباب، حاز شهادات مهمة، لكن الأفق مغلق، ولا مجال للعمل في أكثر من ثلاثين مهنة، بسبب القانون اللبناني الذي يمنع ذلك، وكذلك التملك غير ممكن». الأفق المسدود، للفلسطينيين جميعاً بسبب قانون يمنع عليهم ممارسة كثير من الوظائف والأعمال، إضافة إلى أن الوضع الاقتصادي المنهار، لا بد أن يجعلهم في وضع يائس، لكن سكان مخيم نهر البارد في وضع أصعب بسبب ما حلّ به منذ عام 2007 وحرب «فتح الإسلام»، التي حولت الكثيرين الى لاجئين لمرة جديدة. والمخيم يتكون من قسمين، قديم هو في عهدة الأونروا، وهذا لا يزال ربعه لم يعمّر بعد. أما القسم الجديد الذي أصيب بدمار أقل، فهذا مشكلته أنه لم يبن على الأراضي التي منحت رسمياً للمخيم، وهو تابع لبلديات البلدات المجاورة التي وصلتها مساعدات وتعويضات لإعادة البناء بعد حرب 2007، فعوضت العديد من اللبنانيين، لكن الفلسطينيين لم يكونوا من المحظيين. ويؤكد أبو حرب أن «الفلسطينيين بشكل عام، تواقون دائماً للهجرة. وكثيرون منهم وجدوا سبلهم لذلك. وفي مخيم البداوي المجاور هناك من يستقل سفن الموت، لكن الغالبية كما هي الحال في الزورق الأخير الذي غرق قبالة طرطوس الأربعاء الماضي، هي من نهر البارد. هذا المخيم الذي ذاق مرّ الانكسار والدمار والتشرد، إضافة الى البطالة، بعد أن كان نموذجاً ناجحاً بين المخيمات الأخرى، وأفضلها حالاً، وأكثرها انتعاشاً». 



السابق

أخبار وتقارير..الحرب الروسية على اوكرانيا..من مكة المكرمة إلى الجزائر..ماذا تغير منذ آخر قمة عربية؟.. تقرير: واشنطن تواصلت سراً مع موسكو وحذرتها من استخدام النووي..نصف مليون روسي انتقلوا إلى أرمينيا..مساعٍ أوروبية لتوحيد الموقف من النزوح الروسي..الأمم المتحدة: بيلاروسيا تسجن 1300 شخص لأسباب سياسية..زيلينسكي يحضّ العالم على إدانة «الاستفتاءات الروسية الزائفة»..انطلاق «استفتاءات الانفصال» في أقاليم أوكرانية..روسيا تعتزم إنفاق 600 مليار دولار على الدفاع والأمن حتى 2025..قائمة أسلحة كييف الهجومية من برلين تلقي بظلالها على الائتلاف الحاكم.. مقتل أربعة وإصابة 10 بانفجار قرب مسجد في كابل..وزيرا خارجية الصين وأميركا يجتمعان مع تصاعد التوتر المتعلق بتايوان..

التالي

أخبار سوريا..أنقرة ودمشق تخفضان التوقعات ببدء اتصالات دبلوماسية لتطبيع العلاقات.. درعا: توقعات بسحب حواجز المخابرات الجوية ونشر قوات تابعة للأمن العسكري..

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,441,541

عدد الزوار: 7,633,455

المتواجدون الآن: 0