أخبار لبنان..جلسات الرئاسة تتأرجح بين التوافق والتنافس بانتظار «الترياق العراقي».."الدستوري" أصدر دفعة "الردّ"..وميقاتي "يدشّن" الفراغ الرئاسي في الجزائر..إخفاقٌ جديد بانتخاب رئيسٍ و«خفقان» الهلع يزداد من الفراغيْن..تكتل نواب التغيير في لبنان «يُجازِفُ» بالإنجاز الثمين لـ «الانتفاضة»..هل تفرج أميركا والسعودية عن الرئاسة؟..إجراءات عون لشل حكومة ميقاتي..

تاريخ الإضافة الجمعة 21 تشرين الأول 2022 - 4:12 ص    عدد الزيارات 1077    التعليقات 0    القسم محلية

        


جلسات الرئاسة تتأرجح بين التوافق والتنافس بانتظار «الترياق العراقي»....

ميقاتي يُمثِّل لبنان في قمّة الجزائر.. والدستوري يُثبِّت نيابة 5 نواب

اللواء.... بين الدعوة «للتوافق» كممر إلزامي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية والدعوة الى التنافس، بعد ان يرشح فريق 8 آذار والتيار الوطني الحر مرشحا بوجه مرشح تحالف 14 آذار سابقاً: «القوات اللبنانية، حزب الكتائب، والتجدد، واللقاء الديمقراطي وبعض النواب السنّة من الشمال والبقاع»، وهو النائب ميشال معوض، تمضي جلسات مجلس النواب لانتخاب رئيس، في اطار جلسات «رفع العتب؛، وتمرير الوقت حتى يأتي الترياق، على طريقة انتخابات رئاسة الجمهورية وتكليف شخصية لتأليف الحكومة في العراق، حيث التدخلات الاقليمية والدولية والانقسامات تتشابه مع الحالة اللبنانية. وتزامنت الجلسة الثالثة التي حضرها 119 نائباً، وطار النصاب، قبل الانتقال الى الجلسة الثانية التي لم تعقد لان النصاب طار، ودارت المنافسة بين معوض الذي صوت له 42 نائباً، والورقة البيضاء (وهي الاسم الحركي للمرشح الغائب لقوى 8 آذار) وقعها 55 نائباً، وتوزع الباقون بين اصوات التغييريين والمستقلين والمغردين خارج السرب او الاسراب، وان كان التواصل مستمرا عبر وسائل التواصل واجهزة الربط الالكتروني، مع اعلان رئيس المجلس الدستوري القاضي طنوس مشلب تثبيت نيابة النواب: الياس الخوري (طرابلس)، بلال حشيمي (زحلة)، سعيد الاسمر وشربل مسعد(جزين)، جميل عبود (طرابلس)، وفراس حمدان (حاصبيا- مرجعيون)، من خلال رد المجلس خمسة طعون بالانتخاب قدمت ضدهم، على امل ان يبت المجلس بالطعون العشرة الباقية في بحر الاسبوع المقبل او الاسبوعين المقبلين. اما حكومياً، فيمضي الوضع بين ترقب نتائج الاتصالات المستمرة، من دون اي «طحين». وجزم بأن لا مناص من حكومة قبل نهاية عهد الرئيس ميشال عون. وفي واجهة التحركات بقي المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، الذي زار السراي الكبير، وبحث مع الرئيس ميقاتي في ما تم التوصل اليه مع رئيس التيار الوطني الحر، ورد الرئيس المكلف على الطلبات العونية، ثم انتقل الى عين التينة حيث وضع الرئيس نبيه بري في ما آلت اليه الاتصالات، وسط لمعلومات ثابتة لـ «اللواء» ان المساعي مستمرة ولن تتوقف طيلة الفترة الفاصلة عن نهاية العهد، من اجل اصدار المراسيم قبل مغادرة عون بعبدا في 31 الجاري.

الجلسة

نيابياً، سارت الجلسة الثالثة لانتخاب رئيس الجمهورية على منوال الجلستين السابقين، فانتهت مثلهما، من حيث الشكل أو المضمون، وسط تبادل الاتهامات بين الكتل النيابية حول الجهة التي تقوم بتعطيل هذا الاستحقاق الانتخابي.  وقد وصل الامر الى حد اتهام النائب حسن فضل الله بعض النواب بتلقي التعليمات من بعض السفارات في ما يتعلق لمسار الجلسة حضوراً أو تصويتاً.  واللافت في هذا المضمار، ان كل النواب من دون استثناء قد حضروا الجلسة وهم على يقين ان لا أجواء سياسية توحي بامكانية انتخاب رئيس، كما ان هؤلاء يؤكدون بأن «طبخة» الرئاسة تحتاج الى النضوج  في الخارج قبل الداخل.  وفي تفاصيل الجلسة، قرع عند الحادية عشر الجرس من على باب القاعة العامة إيذاناَ بإنطلاقها، وإفتتح الرئيس نبيه برّي الجلسة طالباً من النواب التزام مكانهم قبل عملية التصويت، وبحسب الأمانة العامة لمجلس النواب، فإنّ النائبة سينتيا زرازير تغيّبت عن الحضور بعذرٍ مُسبق.   وقبل عملية توزيع الأوراق على النواب للاقتراع في الصندوق المخصص لذلك، تُليت المواد الدستورية الخاصة بانتخابات رئاسة الجمهوريّة. وإثر ذلك، حصل نقاشٌ سريع قبل بدء التصويت، إذ تساءل عددٌ من النواب عما إذا كانت هناك جلساتٌ قادمة، فقال برّي بشكل علني: «انتخبوا رئيس للجمهورية اليوم كرمال ما جيبكن مرّة تانية».   ورداً على سؤال من قبل أحد النواب عن سبب عدم حضور رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي جلسة الانتخاب، ردّ بري قائلاً: «رئيس الحكومة ليس نائباً ويمكنه عدم حضور جلسة انتخاب الرئيس. بس بدكن تنتخبوا رئيس، بجبلكن أكتر من رئيس حكومة».  بعد ذلك، وزعت الاوراق والمظاريف على النواب، لتنطلق العجلة الانتخابية في صندوقة الاقتراع التي وضعت وسط القاعة العامة، ثم جرت عملية فرز الأوراق علناً بإشراف من الرئيس بري وعددٍ من النوّاب المعنيين.   وعند فرز الاصوات جاءت النتيجة على النحو التالي  ميشال معوض: 42 صوتاً، أوراق بيضاء: 55 ، لبنان الجديد: 17، أوراق ملغاة: 4، ميلاد بو ملهب: 1 ..... وبعد عدم حصول أي مرشح على 65 صوتاً للفوز بمنصب الرئيس، جرى طلب إنطلاق دورة ثانية، لكن النصاب فُقد تماماً لاستكمال الجلسة.   وبسبب ذلك، حدّد الرئيس بري جلسة انتخاب  رابعة يوم الإثنين المقبل في 24 تشرين الأول 2022، عند 11 صباحاً. ولوحظ ان نواب التغيير لم يسموا وزير الخارجية الاسبق ناصيف حتّي بل تشاركوا مع المستقلين ورقة «لبنان الجديد» او الاوراق المرمزة، ما اثار استياء نواب المعارضة. وبعد فرز الاصوات بدأ انسحاب نواب تكتل لبنان القوي (التيار الحر) وحزب الله وبعض النواب المستقلين من الجلسة، فبلغ عدد الحضور 77نائباً وطار نصاب الجلسة المطلوب 86 نائباً. واعلن الرئيس نبيه بري رفع الجلسة وحدد يوم الاثنين المقبل في 24 الشهر الحالي موعداً لجلسة جديدة، بعدما دخل المجلس مهلة العشرة ايام قبل نهاية ولاية الرئيس ميشال عون وهي المهلة التي تجعل المجلس في حال إنعقاد إلزامي دائم حتى انتخاب الرئيس، ما لم يدعُ رئيس المجلس الى جلسات متتالية. وتوّجه رئيس مجلس النواب نبيه بري في بداية الجلسة للنواب بالقول: الأفضل أن تنتخبوا اليوم والا سأدعوكم باستمرار. وأوضح رداعلى سؤال لاحد النواب «ان رئيس الحكومة ليس نائبا ويمكنه عدم حضور جلسة انتخاب الرئيس.» اضاف: «انتو قرروا تنتخبوا وبيجي أكتر من رئيس حكومة». وعبّر نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب عن المرحلة المقبلة بالقول: نحن ذاهبون باتجاه شغور رئاسي ولكن العمل جارٍ من اجل منع هذا الشغور من الحصول ويجب ان يحصل التواصل بين الافرقاء والبديل عن التواصل سيكون الفراغ. غاب عن الجلسة تسعة نواب بينهم سينتيا زرازير بعذر، وايهاب مطر وشوقي الدكاش لسبب صحي طاريء. لكن النائب ايهاب مطر قال عبر حسابه الخاص على تويتر: «تغيبي عن الجلسة هو بسبب طارئ صحي، وأؤكد أن صوتي ما زال للنائب ميشال معوض وفرصة مستمرة ليبحث عن المزيد من التوافق ولمّ الشمل بين الاطراف. كما اعلن المرشح النائب معوض ان النائب دكاش لو حضر كان سيصوت له ما يرفع الاصوات المؤيدة له الى 44 نائباً. أنني لا انتظر التسويات والمساومات، والكلام عن حرق اسمي غير صحيح على الرغم من كل الحملات التي أتعرض لها يوم حرقوني ويوم اشتروني ويوم باعوني، إلا أنني المرشح الجدي الوحيد وأعلن ترشحي بشكل واضح وكتلتي لا تخجل بترشحي. وشدد معوض على ضرورة توحيد المعارضة والسماح بخلق وفاق وطني حقيقي. واوضح النائب الدكتور اسامة سعد أنه صاحب ورقة «لا أحد»، وقال: إنها أتت تعبيرا عن رفض واستياء لهذا الواقع.ومن قمنا بترشيحه طلب منا التريث وبالتالي «ما عاد في مين ننتخبو اليوم». من جانبه، قال النائب وضاح الصادق: صوتت بـ «لبنان الجديد» والخلاف بيننا كتغيريين تقني وليس على الرؤية العامة. اما النائب جورج عدوان فقال بعد رفع الجلسة: بعد هذه الجلسة باتت الأمور واضحة وكيف سننطلق إلى المرحلة المقبلة، فقد تبين اليوم أن هناك 56 نائبا لا يمكنهم الاتفاق على مرشح لخوض الانتخاب من خلاله ولا جرأة لديهم للذهاب نحو دورة ثانية. أضاف: اليوم المرشح ميشال معوض نال 44 صوتا، وهذا يعني أنه استطاع بين دورة وأخرى إقناع نواب جدد للانضمام إلى معركة السيادة والإصلاح. وتوجه للتغييريين بالقول: عليكم يوم الإثنين أن تحسموا أمركم وكثرة الاجتماعات والأسماء الجديدة لن توصل إلى مكان.

المجلس الدستوري يرد خمسة طعون

بالتوازي مع انعقاد جلسة المجلس النيابي، أصدر المجلس الدستوريّ خلال جلسته التي استمرّت لأكثر من 3 ساعات امس، نتائج خمسة طعون من الطعون النيابية الـ 15 المقدمة امامه.، مُعلناً ردّ الطعون الخمسة التي قدمها المرشحون: بول حامض ضد الياس الخوري (طرابلس)، محمد شفيق محمود ضد بلال الحشيمي (زحلة). ابراهيم عازار ضد سعيد الأسمر (جزين). طانيوس محفوظ ضد جميل عبود ( طرابلس ). كتلة «الامل والوفاء» ضد فراس حمدان ( حاصبيا مرجعيون). وإستناداً إلى ذلك، فإن نيابة هولاء النواب الـ 5 ستبقى سارية، وبالتالي لن يتم إبطالها باعتبار أنّ الذين تقدّموا بالطعون ضدّهم لم يتمكنوا من كسب النتيجة لصالحهم. وفي تصريح له عقب الجلسة، أعلن رئيس المجلس الدستوري القاضي طنوس مشلب ان الطعون الخمسة جرى ردّها بالاجماع. مشيراً إلى أن «الطعون المتبقية ستصدر تباعاً الأسبوع المقبل»، وقال: نعمل على فرز صناديق جديدة مع المقرّرين. وأكّد مشلب أن «التكهنات بممارسة ضغوط على اعضاء المجلس لم تكن في مكانها، مشدداً على أنه لم يتلقّ أي سؤالٍ من أي شخص بشأن أي ملف يرتبط بالطعون». نافياً في الوقت نفسه «حصول أي ضغوط سياسية عليه». وفي اطار المواقف، قال عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق: لم يعد سراً أن الأميركي والسعودي لا يريدان للبنان الخروج من أزماته، بل إنهما يعملان لمنع اللبنانيين من الحوار والتوافق. ورأى «أن ما يحصل في جلسات المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية، يثبت أن تدخلات السفارتين الأميركية والسعودية قد عطّلت وتعطّل انتخاب الرئيس في المهل الدستورية، لأنهما وأتباعهما يريدون فرض مرشّح رئاسي للتحدي والمواجهة وجر البلد للصدام، والكل بات يعلم أن السفارتين قد وضعتا انتخاب الرئيس على المسار الأصعب والأبعد. وفي سياق الحركة الرئاسية، زارعضو تكتل الجمهورية القوية النائب ملحم الرياشي، موفداً من قبل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، في كليمنصو، بحضور النواب أكرم شهيب ووائل بو فاعور وراجي السعد. وتناول البحث في ملف رئاسة الجمهورية.​

الحكومة بين ميقاتي وابراهيم

على صعيد تشكيل الحكومة، لم تظهر بعد نتائج الاجتماعات التي تعقد لإجتراح حل يوازن بين مطالب الاطراف. لكن الرئيس المكلف نجيب ميقاتي التقى امس المدير العام للامن العام اللواء عباس الذي يسعى لتدوير الزوايا، وعرض على ميقاتي اقتراح تغيير ثلاثة وزراء مسيحيين مقابل ثلاثة وزراء مسلمين. وبات تشكيل الحكومة في سباق مع الوقت مع قرب انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، وسفر الرئيس ميقاتي الى الجزائر حيث يرأس وفد لبنان الى القمة العربية التي تعقد في الجزائر في 1 و2 تشرين الثاني المقبل، ويضم الوفد المرافق وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب وعدداً من المستشارين. ومن المتوقع ان يغادر الوزير بو حبيب الى هناك الاسبوع المقبل للمشاركة في الاجتماعات الوزارية التحضيرية التي تسبق القمة.

موازنة ٢٠٢٣

على صعيد آخر، ترأس ميقاتي اجتماعاً خُصّص للبحث في التحضير لموازنة العام 2023 قبل ظهر أمس في السراي الحكومي، شارك فيه نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف خليل، المدير العام لوزارة المال جورج معراوي، ومستشارا الرئيس ميقاتي الوزير السابق نقولا نحاس وسمير الضاهر.

ولئن كانت الانظار تتجه الي ما سيقوله الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الخميس المقبل في اطلالة له، لمناسبة افتتاح معرض، حيث يعكف على اعداد خطابه بعناية، لانه سيتطرق في الملفات السياسية الى عهد الرئيس عون، الذي يغادر السبت قصر بعبدا، ليشكره على ما قدمه من اجل البلد، وقد يتطرق الى الملفات الرئاسية والحكومية والترسيم، فضلا للاضاءة على المناسبة، وتطورات الوضع الفلسطيني.فإن الحزب بدأ يصعد في خطابه الذي يتهم بعض السفارات في التدخل، لوضع «انتخاب الرئيس على المسار الاصعب والابعد» على حد تعبير عضو المجلس المركزي في الحزب الشيخ نبيل قاووق.

لجنة المؤشر

نقابياً، حدد وزير العمل في حكومة تصريف الاعمال مصطفى بيرم، يوم 10/11/2022 موعدا لاجتماع جديد للجنة المؤشر التي بحثت في اعتماد مشروع نظام المعاش التقاعدي الى جانب تعويض نهاية الخدمة، بالاضافة الى تصحيح الاجور بما يتناسب مع التضخم الحاصل في ما خص الاسعار لا سيما خلال شهري آب وايلول. وكشف بيرم، ان الحد الادنى للاجور للعاملين في القطاع الخاص بلغ المليونين وتسماية الف، بالاضافة الى بدل النقل اليومي 95 ألف ليرة.

"الدستوري" أصدر دفعة "الردّ"... وميقاتي "يدشّن" الفراغ الرئاسي في الجزائر

"جولة الرئاسة 3": "جبهة الشغور" تتناقص والمعارضة تطالب التغييريين بـ"الحسم"

نداء الوطن... يواصل اللبنانيون تدحرجهم على مزالق الانهيار وقد تصدروا أمس ترتيب الشعوب "الأكثر تعاسة" في المنطقة العربية بحسب نتائج تقرير غالوب العالمي للعام 2022 الذي يعتمد مقياس "مشاعر الضغوط والحزن والغضب والقلق والآلام الجسدية التي يعاني منها الناس يومياً في دولهم"، ويستمر أهل الحكم في الحفر تحت أقدام اللبنانيين ووأد كل الفرص الهادفة إلى منع صبّ "زيت الشغور" على نيران "جهنم" التي أضرمتها سلطة 8 آذار في هشيم البلد وأوصلته إلى ما وصل إليه على مدى سنوات عهدها الست الأخيرة. وبالأمس، جدد "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" والحلفاء في قوى الثامن من آذار عزمهم على منع إنجاز الاستحقاق الرئاسي في ما تبقى من مهلته الدستورية، فصوّت نوابهم بـ55 ورقة بيضاء لصالح فرض الشغور في سدة الرئاسة الأولى مقابل ارتفاع حاصل الأصوات النيابية العازمة على إنجاز الاستحقاق إلى 42 صوتاً لمصلحة مرشح المعارضة النائب ميشال معوض مع غياب نائبين عن الجولة الرئاسية الثالثة من الداعمين لترشيحه ما يرفع رصيد التصويت له عملياً إلى 44، الأمر الذي وضع كتلتي "التغييريين" و"الاعتدال الوطني" تحت مجهر المساءلة الشعبية والمسؤولية الوطنية عن تضييع فرصة الوصول إلى أكثرية 65 صوتاً قادرة على انتخاب رئيس جديد للجمهورية في الدورات الانتخابية الثانية عبر الإحجام عن ضمّ أصواتهم الـ22 إلى أصوات كتل وتكتلات المعارضة الـ44 في صندوق الاقتراع. وإذ سُجل في لعبة موازين القوى في الجلسة الرئاسية الثالثة تناقص أعداد الأوراق البيضاء، بعدما خسرت "جبهة الشغور" من رصيدها 8 أوراق من أصل 63 في الجلسة الأولى، مقابل رفع المعارضة رصيدها بواقع 8أصوات، برزت إثر تطيير "التيار الوطني" و"حزب الله" وكتل 8 آذار نصاب الجلسة الثانية ورفعها إلى الاثنين المقبل من قبل رئيس المجلس نبيه بري، مجاهرة نواب "القوات اللبنانية" و"اللقاء الديمقراطي" بتحميل النواب التغييريين مسؤولية مباشرة عن إيصاد أبواب الوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية عبر اعتماد تصويت فولكلوري واستعراضي لا ينفع ولا يدفع باتجاه إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وطالبوهم بـ"الحسم" في توجهاتهم وترشيحاتهم الرئاسية قبل جلسة الاثنين لتعزيز فرصة التوافق جدياً مع سائر كتل المعارضة على رئيس سيادي إصلاحي إنقاذي والعمل سوياً على إحباط مخطط الشغور في سدة رئاسة الجمهورية. ومساءً، كانت إطلالة متلفزة لرئيس "حزب القوات اللبنانية" سمير جعجع شددت بهذا المعنى على ضرورة توحيد أصوات نواب المعارضة والتغيير لتحصيل أكثرية الـ65 المطلوبة في الدورات الانتخابية الثانية وإلا فإنّ بعض هؤلاء النواب يتحمّلون "ولو جزئياً مسؤولية وصول البلاد إلى الفراغ الرئاسي في حال وصلنا إليه". ومع تأكيد جعجع على كون "الفريق الأساسي الذي يتحمّل مسؤولية هذا الفراغ هو بالطبع فريق الممانعة الذي يصوّت بورقة بيضاء"، فإنه حذر النواب التغييريين في الوقت عينه من أنّ استمرارهم "بحرق أصواتهم وهدرها بالتصويت لشعارات من هنا وتعابير من هناك" سيعني أنهم "من حيث يدرون أو لا يدرون يساعدون فريق "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" في تعطيل الإنتخابات الرئاسيّة". وعلى هذا الأساس، توجه جعجع إلى "أصحاب الـ22 صوتاً" مجدداً مناشدتهم المسارعة إلى "طرح حل عملي" على كتل المعارضة الداعمة لترشيح معوّض وعدم الاكتفاء فقط بالتصريح والانتقاد "من أجل الوصول إلى انتخابات رئاسيّة في فترة العشرة أيام المتبقيّة"، وأضاف: "فليختاروا لجنة تتكلم باسمهم لنجلس معها، ونحن منفتحون على جميع الحلول (...) لأنّ الطرف القادر على إنقاذ البلد من الفراغ الرئاسي قوامه اليوم هؤلاء الـ22 نائباً الذين يعمدون إلى حرق أصواتهم" من دون طائل. توازياً، وإذ يستعد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لتدشين باكورة نشاطاته على رأس السلطة التنفيذية في مرحلة الفراغ الرئاسي من خلال ترؤسه وفد لبنان الرسمي إلى القمة العربية في الجزائر في اليوم التالي لانتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، في 1 تشرين الثاني المقبل، برز في المشهد الداخلي أمس تدشين المجلس الدستوري الدفعة الأولى من قراراته حيال الطعون الانتخابية المقدّمة أمامه، فردّ خمسة طعون من أصل خمسة عشر طعناً، مثبّتا بنتيجتها نيابة كل من النواب فراس حمدان والياس الخوري وبلال الحشيمي وسعيد الأسمر وجميل عبود، في حين يتحضر المجلس لإصدار الدفعات التالية من قراراته في الطعون المتبقية بدءاً من الأسبوع المقبل كما أكد رئيسه القاضي طنّوس مشلب إثر انتهاء جلسة امس.

الاثنين المقبل موعد الجلسة الرابعة... وبري حَسَمَ بقاء «العِصمة» في الدعوة للجلسات بيده

لبنان: إخفاقٌ جديد بانتخاب رئيسٍ و«خفقان» الهلع يزداد من الفراغيْن

الراي.. | بيروت - من وسام أبوحرفوش وليندا عازار |

- أرقام معوّض ارتفعتْ إلى 42 والمعارضة باتت تُمْسك بورقة «ثلث معطّل»

- الدفعة الأولى من الطعون بالانتخابات النيابية خلصت إلى تثبيت 5 نواب بمقاعدهم

- الأفق الحكومي مقفل حتى الساعة وقريبون من ميقاتي عن باسيل: «فوهرر الجمهورية»

لم يكن مفاجئاً أن يخفق البرلمان اللبناني، أمس، في ثالثِ الجلسات التي دُعي إليها لانتخاب رئيسٍ للجمهورية في إنجاز مهمّةٍ شاقة لم يَعُد يفصل عن آخِر فرصة لإتمامها ضمن المهلةِ الدستورية إلا 10 أيام يزداد خلالها «خفقانُ القلوب» والهلعِ من مرحلةٍ من التطاحُن السياسي والدستوري على أنقاضِ حُطام واقع مالي - معيشي يشي بفصول أكثر ضراوة ما لم يسبق 31 الجاري معجزةُ تشكيلِ حكومةٍ كاملة المواصفات تدير شغوراً يُرجّج أن يملأ الكرسي الأولى لفترة غير قصيرة. وفيما كانت «المُنازَلةُ الحقيقيةُ» تحتدم خلْفَ الأبوابِ الموصدة حول حكومة الشغور و«الإمرة» لمَن فيها، في ظل إصرار فريق الرئيس ميشال عون على «التحكم والسيطرة» عليها بوصْفها امتداداً للعهد - بانتظار انتخاب الخلَف - و«متراساً» متقدّماً بالمعركة الرئاسية و«الأفضليات» فيها، فإن «مسرحيةَ» الـ لا انتخاب توالت فصولاً في البرلمان الذي دَخَل منذ 29 سبتمبر في جلساتٍ «صُوَرِية» ستكرّ سبحتها إلى أن تتوافر توافقاتٌ داخلية مرتكزة على تقاطعات خارجية تجعل غالبية القوى السياسية «تسبح» بالاتجاه الرئاسي نفسه. وارتسمتْ مجموعةُ خلاصاتٍ من قلب الجلسة الانتخابية التي تَوافَرَ نصاب دورتها الأولى التي لم تسفر عن حصول المرشح المعلَن الوحيد ميشال معوض (المدعوم من أحزاب سيادية) على غالبية الثلثين (86 نائباً) قبل أن يتمّ تطيير دورتها الثانية (يحتاج الفوز فيها لـ 65 صوتاً)، وكلها تعزّز الأفقَ المسدود للاستحقاق الرئاسي الذي سيصبح أكثر تعقيداً بحال فشلت المساعي الحثيثة التي تُبذل بوساطاتٍ محلية لكسْر الحلقة المفرغة حكومياً والتي باتت تسابق محاولات إحداث «توازن ردع» على حافة «المهلة القاتلة». وأبرز هذه الخلاصات التي تبقى تحت سقف التوازن السلبي الذي يقسم البرلمان «بلوكيْن» (تسود الخلافات داخل كل منهما) تشكّلهما معارضةٌ مشتَّتة (لائتلاف «حزب الله» – التيار الحر وحلفاؤهما) وتملك غالبية مبعثرة (67 نائباً) وموالاةٌ مبعثرةُ التوجهات الرئاسية (61 نائباً) والتي ستترك مفاعيل على الجلسة الرابعة التي حددها الرئيس نبيه بري يوم الاثنين المقبل:

في الشكل أن الجلسة كسرتْ «نموذج» الجلسات الجرّارة التي طبعت فراغ 2014 - 2016 الرئاسي، حيث لم يتأمّن حينها إلا نصاب انعقاد الجلسة الأولى (23 أبريل 2014 بدورة وحيدة) قبل أن يدعو بري لـ 44 جلسة أخرى «فاقدة نصاب الالتئام»، إلى أن حملتْ الجلسة رقم 46 الفَرَج وكان ذلك في 31 أكتوبر 2016 حين انتُخب العماد ميشال عون. وبعد توافُر نصاب جلسة 29 سبتمبر الماضي وانعقاد دورتها الأولى، ثم عدم تأمين الغالبية المطلوبة لجلسة 13 أكتوبر التي لم تُفتتح، التأم البرلمان، أمس، بمشاركة 119 نائباً من 128 ليتكرر سيناريو افتتاح «الماراتون» الرئاسي، أي دورة أولى لا تُنتج رئيساً لينقطع «الحبل» بعدها بالثانية بـ «مِقص» النصاب.

في المضمون الذي يعبّر عنه «بوانتاج» الأصوات التي نالها معوّض، يمكن التوقف عند ارتفاع عدد النواب الذي صوّتوا للأخير من 36 في جلسة 29 أكتوبر إلى 42 أمس، مع وجود صوتين إضافييْن «مضمونيْن» غابا (للنائبين شوقي الدكاش وإيهاب مطر). وفي حين قارَب البعض اتساعَ حلقة المؤيّدين لمعوّض بانضمامِ نواب إليها من كتلة «الاعتدال الوطني» وحلفاؤها (غالبيتهم من قدامي تيار «المستقبل») من زاوية عددية بحت، فإن أوساطاً مطلعة قرأت في رقم الـ 44 صوتاً بُعداً جوهرياً يعكس أول إمساكٍ لـ «جناح» من المعارضة بثلث معطّل قادرٍ على التصدي لأي تسويةٍ لا تراعي معاييرَها لرئيسٍ «بالحدّ الأدنى السيادي والحد الأقصى الإصلاحي»، في مقابل مواصفاتِ «حزب الله» لرئيس «لا يركع أمام السفارات لا يكون معادياً للمقاومة بل مقدّراً لدورها وأهميته في حماية لبنان»، وما بينهما من «دفتر شروط» للتيار الحر يعتبره خصومه واجهةً لصفقةٍ تشكل امتداداً لمقايضةٍ قديمة - جديدة بين المكاسب السلطوية له والتسليم بإبقاء «المفاتيح» الاستراتيجية في يد «حزب الله».

أن كتلة النواب التغييريين الـ 13 التي بدأت التشققات تصيبها بوهنٍ أسفر عن خروج النائب ميشال دويهي منها، بقيت على موقفها القطعي الرافض أي ملاقاة لأحزاب «القوات اللبنانية» والتقدمي الاشتراكي والكتائب والتجدد ومستقلون والتصويت لمعوض، واختارت خلافاً لجلسة 29 سبتمبر حين انفردت بتسمية سليم اده، أن تُبقي ورقة مرشحها الجديد مستورةً، في محاولة لتوفير حدّ أدنى من الرافعة النيابية له مع قسم آخر من المعارضة هم تكتل الاعتدال الوطني وحلفاؤه ونواب صيدا أي أسامة سعد وعبدالرحمن البزري وشربل مسعد، على أن يشهد الويك اند نقاشات مكثفة للتفاهم على اسم واحد ينطلق من 24 صوتاً في جلسة الاثنين. وتجلى انضمام «التغييريين» إلى عدد من نواب «الاعتدال الوطني» وحلفائه ونواب صيدا، بتوحّدهم تحت «يافطة» واحدة أمس حملت عنوان «لبنان الجديد» الذي أُسقطت في الصندوقة الزجاجية 17 ورقة باسمه (علماً أن اثنين من كتلة التغييريين غابا عن جلسة أمس).

أن الورقة البيضاء التي «تخفّى» وراءها فريق الموالاة العاجز عن تأمين توافق بين مكوّناته على اسم واحد في ضوء وجود مرشحين طبيعييْن من صفوفه هما رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل وزعيم «المردة» سليمان فرنجية تَراجَعَ عددُها من 63 في جلسة 29 سبتمبر إلى 55 أمس، وسط إشارة لافتة أطلقها قياديون من «حزب الله» اعتبروا أن ما يحصل في جلسات الانتخاب الرئاسية «يثبت أن تدخلات السفارات تعطّل انتخاب الرئيس في المهل الدستورية، لأنها وأتباعها تريد فرض مرشّح للتحدي وجر البلد للصدام، والكل بات يعلم أن السفارات وضعت انتخاب الرئيس على المسار الأصعب والأبعد».

أن المعارضة مضتْ في التراشق بين بعضها البعض وسط اتهاماتٍ من أحزابها لكتلة التغييريين بأنها تساهم في تأخير انتخاب رئيس عبر عدم توفير أكثرية الـ 65 صوتاً لمرشحها، في مقابل اعتبار نواب التغيير أن النصاب السياسي والعددي لانتخاب رئيس هو 86 الذي يُعتبر مفتاح التئام الجلسات وأنهم لن ينجرّوا لاصطفافاتٍ لتقوية موقع أحزاب المنظومة تمهيداً «للتفاوض على ظهرنا في لحظة سياسية».

أن الأوراق الأربعة الملغاة، كانت لكلّ من النائب جميل السيد الذي صوّت بورقة كتب عليها «الديكتاتور العادل»، والنائب أسامة سعد الذي كتب على ورقة الاقتراع الخاصّة به عبارة «لا أحد» كاشفاً أنه «بالأمس، توافقنا مع تكتل نواب التغيير على اسم لننتخبه اليوم، إلا أنه مع الأسف في اللحظة الأخيرة طلب التريث، ولا يريد إعلان موقفه الآن». كما صوّت النائب ميشال دويهي بورقة مكتوب عليها «سيادي قيادي إصلاحي»، والنائب المستقلّ كريم كبارة بعبارة «لأجل لبنان».

وبمعزل عن السياق التقني للجلسة، فهي انطبعت بحسْم الرئيس بري جدلاً دستورياً حول وضعية البرلمان في الأيام العشرة الأخيرة من الولاية الرئاسية في ضوء نص المادة 73 من الدستور وفيه: «قبل موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بمدّة شهر على الأقلّ أو شهرين على الأكثر يلتئم المجلس بناءً على دعوة من رئيسه لانتخاب الرئيس الجديد. وإذا لم يدعُ المجلس لهذا الغرض فإنه يجتمع حكماً في اليوم العاشر الذي يسبق أجل انتهاء ولاية الرئيس». وفيما اعتبر البعض أن هذا النص يعني أن البرلمان يتحوّل ابتداء من اليوم هيئة ناخبة دائمة ولا يمكنه القيام بأي عمل آخر غير انتخاب رئيس، فإن بري أكد ما سبق أن أوردته «الراي» مراراً نقلاً عن قريبين منه ونواب في كتلته، من أن قيامه بالدعوة لجلسات انتخابية ضمن المهلة الدستورية يُسْقِط الانعقاد الحُكْمي، لتبقى الدعوة للجلسات في يد رئيس البرلمان الذي يَمْضي - وفق بري - بعمله التشريعي «بين الجلسات الانتخابية» التي يحرص على أن يقفل محضر كل واحدة منها، وهو ما سيجعل مجلس النواب مخوّلاً تالياً الالتئام لمنح الثقة للحكومة الجديدة بحال تشكيلها قبل 31 الجاري وحتى بعده إذا توافر التوافق السياسي على ذلك. وفي موازاة ذلك، وعلى وقع بتّ المجلس الدستوري الدفعة الأولى من الطعون في الانتخابات النيابية التي جرت في مايو الماضي بإصدار نتائج 5 من الطعون الـ 15 التي قُدمت بوجه 18 نائباً وخلصت إلى ردّها وتالياً احتفاظ كل من النواب إلياس الخوري (طرابلس) وبلال الحشيمي (زحلة) وسعيد الأسمر (جزين) وجميل عبود (طرابلس) وفراس حمدان (حاصبيا مرجعيون) بمقاعدهم، لم يحمل الملف الحكومي أي بشائر خير وسط استمرار التحرك العلني للمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم الذي زار الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، كما لحزب الله عبر مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا. ولم يكن عابراً الهجوم غير المسبوق الذي شنّه موقع «لبنان 24» (محسوب على ميقاتي) على باسيل واصفاً إياه بـ «فوهرر الجمهورية» وذلك في تعبير عن الانسدادت التي ما زلت تحكم مسار التأليف العالق عند إصرار رئيس «التيار الحر» على تبديلاتٍ موازية للتي يطرحها ميقاتي وتشمل بين 3 و4 وزراء مسيحيين (بينهم عبد الله بو حبيب، وليد نصار ونجلا رياشي) «يتفرّد» بتسميتهم ويرجّح أن يكونوا من أصحاب «الولاء الصافي» له ولا تُكشف أسماؤهم «السرية» إلا قبيل صدور مراسيم التأليف وهو ما يرفضه الرئيس المكلف الذي يعارض أيضاً تسليم باسيل «دفة» القيادة حكومياً في مرحلة الشغور عبر ثلث معطلّ والذي يصرّ كذلك على تبديل وزير الطاقة وليد فياض خلافاً لرغبة فريق عون. وكان بارزاً أن موقع «لبنان 24» أورد أن باسيل عمّم عبر مصادره «أن الوزراء المسيحيين المحسوبين على «التيار» ورئيس الجمهورية سيجمّدون نشاطهم في الحكومة بعد 31 الجاري، وبالتالي لا يمكن للحكومة بعد هذا التاريخ الاجتماع واتخاذ القرارات وتسقط الميثاقية»، معتبراً أنه «رغم نفي إعلام» التيار«، فان المقربين من باسيل يتحدثون صراحة عن اتجاه لتنفيذ اعتصامات واحتجاجات أمام السراي الحكومي»، محذراً من مثل هذه السيناريوهات.

بعد انسحاب الدويهي وازدياد مظاهر التباين بين الـ 13

تكتل نواب التغيير في لبنان «يُجازِفُ» بالإنجاز الثمين لـ «الانتفاضة»

بيروت- «الراي»... لم تكد تمر الذكرى الثالثة لثورة 17 أكتوبر حتى أعلن النائب ميشال دويهي انفصاله عن كتلة النواب التغييريين الـ 13. هناك حالة تغييرية نجمتْ عن ثورة 17 اكتوبر 2019 عبّرت عن نفسها في خوض الانتخابات النيابية في مايو 2022 لكن في لوائح مختلفة ومتناقضة. فمنذ 17 أكتوبر، بدأت بعض الشخصيات تفرض نفسها كمتحدّثة باسم الثورة أو ناشطة أو مستقلّة أو داعمة، وبينها مَن هو أستاذ جامعي، أو إعلامي أو نقابي أو طبيب أو رجلُ أعمالٍ طامحٍ لدخول العمل السياسي. وفي الاستحقاق النيابي كثُر مرشحو «المجتمع المدني»، الذي بات الاسم الحَركي لانتفاضةٍ خمدت على الأرض وبقي وهجُها حاضراً في المشهد السياسي الذي تَهَيَّب أركانُه أن يقتحم نادي الأحزاب التقليدية او «العتيقة» وافدون جدداً من خارج الاصطفافات والتقابُلات التي طبعت الواقع اللبناني وخصوصاً منذ 2005، وبخطاب وأداء «عقابي» وزاجر لـ «المنظومة» يشكل صدى لهدير مئات الآلاف الذين ملأوا الساحات قبل أن تستريح قبضة الثورة. لم تكن تَجْمع النواب الـ 13 الذين فازوا في الانتخابات معرفة عميقة، وكانوا موزَّعين بين دوائر انتخابية وآتين من مشارب مختلفة، وهم إبراهيم منيمنة، بولا ياغوبيان، سينثيا زرازير، ملحم خلف، وضاح الصادق، رامي فنج، ميشال الدويهي، حليمة قعقور، مارك ضو، نجاة عون، الياس جراده، ياسين ياسين وفراس حمدان. فوز تغيريين ومستقلّين في الانتخابات محقّقين رقماً مهماً في وصول «كتلة الـ 13» الى البرلمان لأول مرة خارج الأطر الحزبية والمحادل الطائفية والسياسية، تحوّل حَدَثاً في ذاته لأنه كَسَرَ حلقة الأحزاب التي حاولت السيطرة على مجلس النواب ومنْع وصول مَن يعبّر عن توجهاتٍ مستقلّة اليه. احتفى الناشطون بكتلةٍ نيابية تُعدّ وازنةً ولها ثقلُها في الموازييك المجلسي وقادرة على أن تؤثّر في قراره، واستهدُفت الكتلة في المقابل من جانب أحزاب وقوى السلطة، حتى لجهة عدم الاعتراف بأن نوابها تغيرييون. وبدت لافتة حين استقبل رئيس الجمهورية ميشال عون الوفد النيابي لتسمية رئيس الحكومة عبارةٌ وردت في النص الرسمي ان "استقبل الرئيس عون عدداً من النواب دخلوا الى اللقاء معاً«، في حين أن رئيس»التيار الوطني الحر" جبران باسيل يتهكّم في خطبه على تسميتهم التغييريين. ما هي إلا خمسة أشهر على عمر الانتخابات، حتى بدأت الخلافاتُ تدبّ في أعضاء الكتلة، وانسحاب الدويهي منها ليس سوى رأس الخيط وتعبير ساطع عن الاتجاهات المختلفة داخلها. مع العلم أن من الطبيعي أن تكون الأضواء كلها مصلتة على الكتلة وخصوصاً من الأحزاب لرصْد أي خطأ ولو صغير منها. لكن أعضاء الكتلة قدّموا لخصومهم الأخطاء على طَبَق من فضة، وفي فترة قياسية. منذ أول جلسة لانتخاب رئيس برلمان 2022 ونائبه بدا صوت التغييريين متعثراً في إيجاد سيناريو لخوض المعركة إلى جانب كل قوى المعارَضة. وعصفتْ الخلافاتُ بين النواب بسبب رفْضِ عدد منهم التعامل مع أحزاب مُعارِضة كونها شريكة في السلطة، وتأييد آخَرين استراتيجية توصل نائب رئيس للمجلس من الطرف المُعارِض أياً كانت التحالفات. ومن بين النواب الـ 13 نائبة واحد سابقة هي بولا يعقوبيان، وهي إعلامية محنّكة، في حين أن الآتين من خارج الندوة غير خبيرين تماماً بدهاليز وألاعيب أسياد البرلمان ورموزه المعتّقين، من الرئيس نبيه بري إلى أحزاب متجذّرة في الإمساك بمفاصل السلطة. في المحصلة تأخّر التغييريون في التقاط الفرصة وانتُخب النائب في تكتل «لبنان القوي» الياس بو صعب نائباً لرئيس البرلمان وخسرت المعارضة فرصةً ايصال النائب غسان سكاف. وانسحب ذلك على انتخابات اللجان فاتُّهمت الأحزاب بأنها تتّكل لحماية بعضها البعض. حاول التغييريون تصحيح أوضاعهم الداخلية في اتخاذ الخطوة التالية المتمثلة بتسمية رئيس للحكومة. وجرت محاولات عدة لتوحيد الصف. وحتى في تأليف الوفد، كان 3 نواب يصرون على زيارة بعبدا منفردين، لكن المحاولات نجحت في لم الشمل وزار الوفد النيابي بعبدا كتلة واحدة. ومجدداً ظهر الخلاف واضحاً في إعلانهم رسمياً أن «عشرة أعضاء من التكتل سموا القاضي نواف سلام لتشكيل الحكومة، وقد امتنع ثلاثة أعضاء عن التسمية وهم زرازير وقعقور وجرادة». جاءت انتخابات رئاسة الجمهورية لتكرر السيناريو ذاته، إذ سادت خلافات حول الأسماء المفترض خوض هذا الاستحقاق بها. ومرة أخرى وَقَعَ النواب التغييريون في الفخ حين أعلنوا ترشيح رجل الأعمال سليم ميشال اده الذي أصدر بياناً رفض فيه تسميته، وسط معلومات تحدثت عن إبلاغه مسبقاً النواب التغييريين رفضه ذكر اسمه كمرشح لأنه يرفض الدخول في الشأن السياسي العام. بات التغييريون أمام معادلة جديدة في تسمية أسماء - وسط الاتجاه لفراغٍ رئاسي - يُخشى أن تكون للحرق بينها الوزير السابق زياد بارود أو النائب السابق صلاح حنين أو ناصيف حتي، بعد رفضهم قطعاً أي مرشح للأحزاب ولا سيما النائب ميشال معوض الذي يؤيّده الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية والكتائب وكتلة تجدد وآخرون. وهم اختاروا في جلسة الانتخاب الرئاسية اليوم (الخميس) التصويت بورقة «لبنان الجديد» مع بعض النواب من «قدامى المستقبل» إضافة الى النائبين أسامة سعد وعبد الرحمن البزري وذلك في ما بدا إما تفادياً لحرق مرشّح آخر وإما لإخفاء عدم التوافق بينهم على اسم واحد، رغم ما اعتُبر تقدُّماً في سلوكهم التكتيكي بالتلاقي مع آخرين تحت «يافطة واحدة». من هنا جاء انسحابُ الدويهي، غداة جلسةٍ نيابية (انتخاب هيئة مكتب المجلس واللجان) حفلت بتسويات على الطريقة اللبنانية وبتظهيرٍ نافر لـ «الصَدَع» بين التغييريين وعشية جلسة الانتخاب الثالثة، ليثير تساؤلات حول ما يريده التغييريون فعلاً في ممارسة العمل السياسي وخوض الانتخابات. ففي ظل عدم وجود قيادة واحد للتغييريين بصفتهم ليسوا حزباً، فإن لكل منهم أجندة مختلفة. وقد اتُّهم النائب ملحم خلف، النقابيّ الذي احتفلت الثورة به يوم انتُخب نقيباُ للمحامين، بأنه قريب من الرئيس نبيه بري وأنه ينسق معه في خطوات منذ أن أطلق مبادرة بعنوان «معا نسترد الدولة». واتُّهمت النائبة حليمة قعقور بأنها أقرب إلى أفكار «حزب الله» وأنها تعادي «القوات اللبنانية» وترفض أي تنسيق معهم ولو تحت سقف المعارضة. واتُّهم النائب ابراهيم منيمنة أخيراً بأنه حين قَبِل الدعوة الى عشاء حوارٍ في السفارة السويسرية كان يتصرّف من وحي معارضته لاتفاق الطائف ورغبة في تعديله، وكان زميله النائب وضاح الصادق لاذعاً في دفاعه عن الطائف كمرجعيته في وجه زملاء يريدون تعديله. بدورها تحولت زرازيز الى مشروعِ استهدافٍ متكرر نتيجة ممارساتٍ يرفضها نواب داخل تكتل التغيير. واتُّهم النائب مارك ضو بأنه يساير أحزاب السلطة، وتعرضت النائبة نجاة صليبا لحملة ضد عبارة استخدمتْها حول بري و«خبرته»، في حين أن دويهي كان مشروعَ مرشح لرئاسة الجمهورية كونه ماروني وكان هناك من التغييريين مَن يصر على تسمية مرشحين من داخل التكتل لخوض المعركة به. أما يعقوبيان فتتميّز عن البقية بحريةِ حركةٍ واتصالات سياسية بعيدة عن التكتل في حين أن زملاء لها يتهمونها بأنها تحاول تَزَعُّم المعارضة بفرض أجندة معينة. انسحاب الدويهي أثار لغطاً، وسيكون النواب التغييريون أمام استحقاقات جديدة، في معاودة توحيد صفوفهم على الأقل أمام ناخبيهم الذين كانوا يعترضون على أداء ممثلي الأحزاب فأصبحوا أمام نموذجٍ من الخطورةِ بمكان أن يكرر تجربة الأحزاب التي ثار عليها اللبنانيون.

رئيس مجلس النواب اللبناني: المساعي للوصول إلى رئيس توافقي للبلاد «متوقفة»

الراي... أفاد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري بانسداد الأفق في وجه انتخاب رئيس للجمهورية، مشيرا إلى أنه ينوي الدعوة إلى جلسات متقاربة في حال فشلت جلسة اليوم. وقال بري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» اليوم إن المساعي للوصول إلى رئيس توافقي «متوقفة»، موضحا مواصفاته للرئيس المرتقب، وهي «بسيطة وواضحة، لكنها جوهرية». ولفت إلى أنه يريد رئيساً «يجمع ولا يفرق، يمتلك حيثية إسلامية ومسيحية، ولديه انفتاح على العالم العربي، والأهم أن يحافظ على اتفاق الطائف»، الذي يصفه بري بأنه «دستور لبنان الذي لم يطبق». ويعقد مجلس النواب اللبناني، اليوم جلسة ثالثة لانتخاب رئيس للجمهورية خلفاً للرئيس ميشال عون الذي تنتهي ولايته في 31 الشهر الجاري.

رئيس الجمهورية سيوقع مرسوم قبول الاستقالة واتفاق وزرائه على مقاطعة تصريف الأعمال: إجراءات عون لشل حكومة ميقاتي

الاخبار.... رغم تسارع الاتصالات في اليومين الماضيين لدفع التأليف الحكومي، بدت الحصيلة العامة للاجتماعات والاتصالات التي عُقِدت في الأيام الماضية، بوساطة قادها حزب الله والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، «صفراً». إذ أكدت مصادر معنية بالتأليف أن أي تقدّم لم يتحقق في ما خص الملف الحكومي، لا لجهة تغيير الوزراء ولا لجهة التوافق على الأسماء الجديدة التي سيتم توزيرها، مشيرة إلى أن وتيرة هذا الحراك تراجعت أمس، بفعل الشعور بصعوبة إزالة «المتاريس» بين رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه من جهة والرئيس نجيب ميقاتي. مصادر في التيار الوطني الحر أكدت لـ«الأخبار» ان ميقاتي «لا يزال يراوغنا ويراوغ الوسطاء ويلعب لعبة تمرير الوقت، وكلما تم التوصل إلى تفاهم أخرج من جعبته مشكلة جديدة». وأشارت إلى أن رئيس الحكومة «عاد على ما يبدو إلى فكرة أن ترث حكومته المستقيلة صلاحيات رئيس الجمهورية في ظل الشغور الرئاسي، وهو ما لن نسمح به». وفي هذا السياق، علمت «الأخبار» أنه ستكون للرئيس ميشال عون إطلالة تلفزيونية قبل نهاية العهد يعلن فيها سلسلة خطوات لقطع الطريق على هذا التوجه، من بينها توقيع مرسوم قبول استقالة حكومة ميقاتي. وفي المعلومات أيضاً أن رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر سيتخذان مجموعة من الخطوات لقطع الطريق على تسلّم حكومة تصريف الأعمال صلاحيات الرئيس. وفي هذا السياق، عُقد اجتماع للوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية والتيار، واتُخذ قرار بمقاطعة هؤلاء لأي اجتماع للحكومة أو اي اجتماع وزاري بعد 31 تشرين الأول الجاري، وهو «ما يُفقد ميثاقيتها وشرعيتها»، إضافة إلى «خطوات أخرى» لم يُكشف عنها، «تجعل من إمكانية حكم حكومة تصريف الاعمال أمراً مستحيلاً، وقد تؤدي إلى فوضى دستورية وأزمة سياسية حادّة». وبالتوازي، عجز المجلس النيابي، للمرة الثالثة على التوالي، عن انتخاب رئيس للجمهورية وسط تكرار المشهد نفسه في توزيع الأصوات. فأعادت كتل حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر التصويت بورقة بيضاء (55 صوتاً) مقابل تصويت كل من أحزاب القوات والاشتراكي والكتائب وبعض المستقلين لصالح النائب ميشال معوض (42 صوتاً)، فيما انضمّ نواب «التغيير» إلى زملائهم في كتلة الاعتدال الوطني بالتصويت لصالح «لبنان الجديد» (17 صوتاً). يضاف إلى هذه الأصوات، 4 أوراق ملغاة وصوت لميلاد أبو ملهب، وتغيّب 9 نواب. فيما طار النصاب القانوني للدورة الثانية بعد خروج بعض نواب حركة أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر، ما دفع رئيس مجلس النواب إلى رفع الجلسة إلى الاثنين المقبل. خريطة توزيع الأصوات داخل المجلس، أكدت مجدداً أن المشهد لا يزال على حاله من دون أي خرق يحتسب للمرشح ميشال معوض الذي عمد والقوات اللبنانية إلى مهاجمة نواب «التغيير» بعد انتهاء الجلسة. إذ اتهم النائب جورج عدوان «التغييريين» بتعطيل وصول معوض إلى رئاسة الجمهورية عبر الحؤول دون حصوله على 65 صوتاً. علماً أنه يستحيل على معوض أن ينال 65 صوتاً حتى لو صوّت له النواب الـ13 الذين احتسبهم عدوان 22 نائباً! ومع التسليم جدلاً بقدرة معوض على تأمين 65 صوتاً، فإنه عاجز أساساً عن ضمان النصاب المتمثل بـ86 نائباً في الدورة الثانية من دون «أصوات الممانعة» كما صنّفهم عدوان. وبعيداً من حفلة الاتهامات التي قدّمها عدوان أمس، فإن الواقع هو أن القوات ستكون أول الخارجين من الجلسة في حال تأمين النصاب القانوني منعاً لوصول معوض، على حدّ قول أحد نوابها. إذ «كيف يمكن لجعجع الذي جهد لكسر الإقطاع في منطقة الشمال ونصّب نفسه زعيماً على الدائرة خصوصاً في الانتخابات الأخيرة، أن يأتي بإقطاعي ينافسه على جمهوريته الجديدة». أما التزام معراب، شأنها شأن الكتائب، باسم معوض فليس سوى «تمرير للوقت» إلى حين اتضاح الصورة الكاملة واستجابة لطلب السفير السعودي وليد البخاري.

إطلالة تلفزيونية لرئيس الجمهورية للاعلان عن إجراءات تقطع الطريق على حكومة تصريف الأعمال

هجوم من معوض والقوات على نواب «التغيير» استدعى ردوداً. إبراهيم منيمنة أكد أن «محاولة جرنا إلى اصطفاف من أجل التفاوض على ظهرنا في لحظة سياسية ما لن يحصل»، فيما اعتبر وضاح الصادق كلام عدوان «إنجازاً جديداً لمصلحة الكتلة وتأكيداً على شعار كلن يعني كلن». أما يعقوبيان، فأشارت إلى خطأ حسابات عدوان بشأن قدرة «التغييريين» على إنجاح معوض، وكشفت عن طلب وزير الخارجية السابق ناصيف حتي بعدم طرح اسمه، بعدما اتفقت عليه غالبية «التغييريين» والنائب أسامة سعد، بعد رفض كل من منيمنة وحليمة قعقور وسينتيا زرازير وفراس حمدان التصويت للنائب السابق صلاح حنين باعتباره «اشتراكياً، ولا يتناسب مع معايير الاستقلالية والسيادة». علماً أن مجموعات المجتمع المدني التي شكل هؤلاء النواب جزءاً منها، كانوا يجوبون الشوارع ليلاً ونهاراً لإسقاط حكومة حسان دياب التي شغل فيها حتّي منصب وزير الخارجية عن التيار الوطني الحر.

هل تفرج أميركا والسعودية عن الرئاسة؟

الاخبار... ابراهيم الأمين .... ليس ميشال معوض مرشحاً غريباً لرئاسة الجمهورية. بحسب العجينة اللبنانية، هو سليل عائلة لها علاقة بهذا الإرث. والشاب المولع بالسياسة الأميركية، ويريد أن يكون رأس حربة في المشروع المواجه لحزب الله في لبنان، وهو ما يناسب حلفاء أميركا والسعودية على وجه الخصوص. لذلك، فإن دعم القوات اللبنانية لترشيح معوض لا يعكس إطلاقاً قناعة بأهمية الرجل، بل في أنه طالما أن من المستحيل أن يصل سمير جعجع إلى القصر الجمهوري، فليجر العمل على الإتيان برئيس على مقاس المشروع السياسي الذي تنتمي إليه القوات. وهو ما يصب في خانة التصور السعودي لدور رئيس الجمهورية المقبل. عملياً، لا تبدو القوات غير منسجمة مع نفسها في ترشيح معوض أو دعم ترشيحه. لكن متى أتيحت لها الفرصة للتعبير عن رأيها الحقيقي، فهي لا ترى غير جعجع من يناسب هذا الموقع. والعقل القيادي في القوات، كما القاعدة الاجتماعية، سيبقيان في حيرة من استعصاء الإجابة على سؤال: ماذا فعلنا حتى تكرهونا إلى هذا الحد؟..... ماذا عن الحزب التقدمي الاشتراكي والعشيرة الجنبلاطية؟ صحيح أن معوض هو ابن عشيرة ولو صغيرة، لكنه من السلالات التي لا تستفز إقطاعية المختارة. ولا يقف الأمر عند هذا الحد. فسليمان فرنجية، مثلاً، هو أيضاً ابن سلالة لا تخيف آل جنبلاط. بالتالي، فالمفاضلة هنا ليست للسبب نفسه الموجود لدى القوات اللبنانية. ليست لوليد جنبلاط مشكلة جدية مع فرنجية، ولا تهمه الخلفية السياسية للرجل، كما لا يهمه على الإطلاق إن كان صديقاً لبشار الأسد أو حليفاً لحزب الله. هو، كالرئيس نبيه بري، يتصرف على أساس أنه يمكن التعاون والتفاعل مع رئيس كفرنجية باعتباره ابن الصيغة الأولى لهذا الكيان، وأحد المتدرجين في الصيغة الجديدة. لكن مشكلة جنبلاط أنه مضطر، الآن، للوقوف على خاطر السعودية أولاً، والأميركيين ثانياً. غير ذلك، لا شيء يربطه بمعوض، لا 14 آذار ولا 17 تشرين ولا حتى برنامج المساعدات الأميركية. بل على العكس من ذلك، يعرف كثيرون من زوار «البيك» أنه لا يهضم معوض الشاب ولا أمه ولا حتى المرحوم والده، لكن لا يمكن لجنبلاط، في هذه اللحظة، أن يتمرد على السعودية في لحظة يخشى فيها غضب المرجعيات الإقليمية والعالمية. وكل ما ينتظره هو نجاح المساعي الفرنسية في التوصل إلى صيغة تشطب معوض من لائحة المرشحين، ليكون قادراً على العودة إلى فكرته الأولى بأن «شبيهاً لإلياس سركيس يفي بالغرض في هذه المرحلة». وهو، هنا، يتصرف بواقعية السياسي الذي يشعر بأن أحداً لا يمكنه فرض رئيس على الآخرين، وأن التوازن القائم في مجلس النواب لا يسمح لأي من الفريقين بالإتيان برئيس وفرضه على الآخرين.

القوات تدعم معوض مرغمة وجنبلاط يراعي السعودية وحزب الله يصلي لتوافق الحلفاء

وبين موقفي القوات وجنبلاط، سيبقى ترشيح معوض عنواناً لجلسات انتخابات الرئيس، مع بعض الترفيه الذي يتولاه نواب «التغيير» الذين يبحثون، عقب كل جلسة، عن شخص من خارج الانقسام الكبير. علماً أنهم ليسوا في موقع القادر على فرض الشروط، ولا معروض عليهم أن يكونوا بيضة قبان في استحقاق كرئاسة الجمهورية. لذلك، كل ما سيناله الجمهور من هؤلاء هو مزيد من الهضامة - الزناخة التي تجعلهم، يوماً بعد يوم، مجموعة مثيرة للشفقة، ويعكسون عملياً الوجه الفعلي لما انتهى إليه حراك 17 تشرين. على الجبهة الأخرى، ليس هناك إلا حزب الله من هو قادر على لعب دور مركزي في النقاش مع الفريق المسيحي الخصم للقوات، ممثلاً بالتيار الوطني الحر من جهة، وبقسم من أركان الكنيسة والمستقلين المسيحيين من جهة ثانية. والحزب لا يمكنه مراضاة الجميع، والاتصالات التي يجريها تشير إلى أنه لا يمانع في حصول توافق على فرنجية، لكنه لن يحمل العصا - ولا هو قادر - لتكسير رؤوس المعارضين، وسيحاول التوصل إلى تسوية شاملة بين فرنجية والتيار الوطني الحر الذي يرفض رئيسه جبران باسيل ترشيح فرنجية، ويدعم في المقابل توافقاً على شخصية ثالثة، تنطلق من بركة بكركي، وتأييد الكتلة المسيحية الحليفة لحزب الله، وتنال دعم تحالف اتفاق الطائف الذي يجمع بري وجنبلاط وتركة تيار المستقبل. عملياً، الاتصالات والمواقف القائمة اليوم تشير إلى أن على اللبنانيين الانتظار ريثما يعود العقل إلى العمل في الولايات المتحدة والسعودية، علهم يفهمون أن وقائع لبنان الصلبة تمنحهم فرصة التعطيل لا الفرض. بينما استمرار الانهيار، وإن كان سيصيب كل الناس من دون استثناء، فإنه سيجهز على ما تبقى لهم في هذه البلاد. وليس هناك من مؤشر على الوجهة الأميركية - السعودية سوى ما يحمله الفريق الفرنسي في باريس وبيروت. إذ تعتقد فرنسا أنها الطرف الوحيد القادر على تولي مهمة الجسر الواصل بين الفرقاء المتنازعين... وحتى ذلك الوقت، سيظل الرئيس بري يتسلى بنا وبالنواب وبمن أوقعهم الله بين يديه!



السابق

أخبار وتقارير..الحرب الروسية على اوكرانيا..ضغط مستمر.. أميركا تستهدف شبكة مشتريات عسكرية روسية..روسيا: إرسال خبراء أمميين لفحص المسيّرات أمر غير مشروع..بوتين يخنق المناطق المضمومة بـ..«الأحكام العرفية»..كييف تطلق هجوماً واسعاً في خيرسون وموسكو تستعد لمعركة «صعبة»..مجموعة «فاغنر» بدأت بناء خط دفاعي في لوغانسك..وزير الدفاع الإسرائيلي يستبعد إرسال شحنات أسلحة لأوكرانيا..أستراليا تحقق في تجنيد الصين طيارين سابقين..«مشادّة مانشستر» تفجّر خلافاً دبلوماسياً بين لندن وبكين..«أونميك» تحذر من «التوتر الحاد» مع الصرب في كوسوفو..قرغيزستان تستبعد السلام مع طاجيكستان «في الوقت الحالي»..

التالي

أخبار سوريا..تحليل: شهر دون غارات إسرائيلية على سوريا..ماذا يحدث؟..روسيا تسحب نحو 1600 عسكري من سورية..فرنسا تستعيد 40 طفلا و15 امرأة من سورية..إجلاء لاجئين عراقيين من «مخيم الهول»..مواجهات مدينة جاسم أفشلت مخطط «داعش» في الجنوب السوري..حملات أمنية لملاحقة خلايا موالية لـ«داعش» شرقي سوريا..مديرة مكتب منظمة الصحة العالمية في سوريا متهمة بالفساد مع مسؤولين محليين كبار..اقتراب الشتاء يزيد من مخاوف النازحين شمال غربي سوريا..

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,373,280

عدد الزوار: 7,630,237

المتواجدون الآن: 0