أخبار سوريا..الملف السوري محور مشاورات نشطة في الخارجية الروسية..موسكو لدفع التطبيع السوري ـ التركي..ودمشق تخفف لهجتها حيال أنقرة..إسرائيل تقصف ميليشيات تابعة لإيران قرب الجولان.. أكراد سوريا مستعدون للحوار مع دمشق..مشروع قطريّ جديد لـ«توحيد» المعارضة: الجولاني شريككم..مبادلاتٌ تجارية تقارب الصفر | الحصار الغربيّ على سوريا: الأوروبيون لا يقصّرون أيضاً..

تاريخ الإضافة الخميس 20 نيسان 2023 - 3:38 ص    عدد الزيارات 683    التعليقات 0    القسم عربية

        


الملف السوري محور مشاورات نشطة في الخارجية الروسية..

موسكو لدفع التطبيع السوري ـ التركي.. ودمشق تخفف لهجتها حيال أنقرة

الشرق الاوسط...موسكو: رائد جبر... نشّطت موسكو اتصالاتها لدفع ملف التطبيع بين دمشق وأنقرة، وسط توقعات بتحديد موعد نهائي قريباً لاجتماع وزراء خارجية روسيا وسوريا وتركيا وإيران، المنتظر أن ينعقد في العاصمة الروسية؛ تمهيداً لترتيب قمة تجمع رؤساء البلدان الأربعة وتضع مسار التطبيع على سكة التنفيذ. وشهدت الخارجية الروسية نشاطاً دبلوماسياً ملحوظاً في اليومين الأخيرين، وكان الملف السوري حاضراً في سلسلة لقاءات منفردة أجراها نائب وزير الخارجية ومبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ميخائيل بوغدانوف، مع سفراء إيران، وإسرائيل، وتركيا، ومصر والجزائر. ووفقاً لبيان أصدرته الخارجية، فقد بحث بوغدانوف مع سفير تركيا لدى موسكو محمد سمسار «وجهات النظر حول قضايا الساعة في جدول أعمال الشرق الأوسط مع التركيز على الوضع في سوريا وما حولها. وأولى الطرفان أهمية خاصة لملف تعزيز عملية تطبيع العلاقات التركية - السورية بما يتوافق مع المبادئ المتفق عليها في صيغة أستانا». وحمل بيان الوزارة حول اللقاء مع السفير الإيراني كاظم جلالي، مضموناً مماثلاً تقريباً؛ إذ أكد أن الطرفين بحثا بشكل معمق مسائل التخطيط لعقد اجتماع رباعي لوزراء الخارجية بشأن الملف السوري. وأکد الجانبان على أهمية هذه المبادرة في تعزيز الاستقرار والأمن الإقليمي ومواصلة الجهود لتقريب مواقف الأطراف المختلفة. وتم التأكيد وفقاً للبيان، على «أهمية استمرار الجهود المشتركة والمنسقة لتحقيق الاستقرار في الوضع في سوريا وحولها مع التركيز على المنطلقات المشتركة لصيغة أستانا. وفي هذا السياق، تم التأكيد على نية تقديم المزيد من المساعدة في تطبيع العلاقات السورية - التركية، تماشياً مع الاتفاقات التي تم التوصل إليها عقب اجتماع رؤساء روسيا وإيران وتركيا في طهران في يوليو (تموز) 2022». وقبل ذلك، كان بوغدانوف قد التقى سفير مصر لدى روسيا نزيه النجاري، وجرى خلال المباحثات «تبادل معمق لوجهات النظر حول قضايا تعزيز تنسيق السياسة الخارجية بين موسكو والقاهرة من أجل تعزيز تسوية الأزمات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وأولى اهتماماً خاصاً للوضع في السودان فيما يتعلق بالاشتباكات المسلحة المستمرة في ذلك البلد، وكذلك الوضع في سوريا وما حولها، في ظل تكثيف الاتصالات السياسية بين دمشق وعواصم عدد من الدول العربية». وفي اليوم السابق، كان الوضع حول سوريا أحد محاور البحث، في محادثات منفصلة أجراها بوغدانوف مع كل من سفير الجزائر إسماعيل بن عمارة، والسفير الإسرائيلي ألكسندر بن تسفي. اللافت، أن الجهد الروسي جاء متزامناً مع بروز تراجع واضح في مواقف دمشق حيال ملف التطبيع مع أنقرة؛ إذ عكست تصريحات أطلقها سفير سوريا لدى روسيا بشار الجعفري أمام وسائل إعلام روسية، تخفيفاً للهجة دمشق التي كانت صعّدت من تشددها ووضعت شروطاً لتسريع عملية التطبيع. وقال الجعفري خلال مؤتمر صحافي أخير، أقيم في العاصمة الروسية بمناسبة يوم القدس العالمي الذي نظمته السفارة الإيرانية، إن سوريا «تود إقامة علاقات جيدة مع تركيا». وزاد الدبلوماسي «تركيا هي جارتنا، نريد علاقات جيدة معها (...) هناك مصالح متبادلة بين شعبينا ولا نريد أن تتفاقم علاقاتنا». ومن دون أن يوضح الأطراف المقصودة، أضاف الجعفري، أن «هناك قوى معينة لا تريد تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا. وللقيام بذلك، يستخدمون كل الطرق الممكنة». وبدا أن تصريحات الجعفري «الهادئة» شكّلت تراجعاً عن اللهجة التي تحدثت بها دمشق في أوقات سابقة، وبدا واضحاً وفقاً لمصادر في موسكو، أن السفير السوري تحدث بلغة من يدرك ماذا تريد روسيا، خصوصاً أنه كان يخاطب وسائل إعلام روسية، خلافاً للتصريحات التي كانت توجه إلى وكالات الإعلام الحكومية السورية بهدف الاستهلاك المحلي للحكومة السورية، كما فعل معاون وزير داخلية النظام السوري أيمن سوسان، عندما أدلى بتصريحات بسقف مرتفع ضد تركيا خلال اجتماع موسكو الرباعي على مستوى نواب الوزراء في 5 أبريل (نيسان) الماضي. وكان سوسان قد قال حينها، إن «بلادي تعرّضت لحرب إرهابية غير مسبوقة بتخطيط ودعم كامل وغير محدود من بعض الدول الغربية والإقليمية والعربية، والإرهابيون الأجانب قدِموا إليها من أكثر من مائة دولة، حسب تقارير الأمم المتحدة، وللأسف كان ذلك عبر دول الجوار»، في اتهام صريح لتركيا. وكرر شروط دمشق لدفع مسار التطبيع وهي تشمل الانسحاب التركي من سوريا، ووقف دعم «الجماعات الإرهابية» في إشارة إلى فصائل المعارضة السورية في إدلب. وعكس تراجع لهجة دمشق من خلال تصريحات الجعفري القناعة الحكومية السورية، بأن مسار التطبيع مع أنقرة الذي رعته وأطلقته موسكو «لا يمكن التراجع عنه». وكان الاجتماع التمهيدي قد خلص إلى اتفاق على مواصلة المشاورات وبدء التحضير للقاء على مستوى وزراء الخارجية، وهذا يعني أن «مسار التقارب التركي مع دمشق «بات على سكة التنفيذ». وكان وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، قد أكد قبل يومين أن أنقرة لن تقبل أي شروط مسبقة لإجراء مفاوضات مباشرة مع النظام السوري، بما في ذلك انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية، مؤكداً أن هذا الانسحاب يعني «عودة التهديدات ضد تركيا». وأضاف «وفقاً للاتفاقيات التي تم التوصل إليها في وقت سابق، كان من المفترض أن تقضي دمشق على جميع التهديدات الحدودية ضد تركيا، لكن ما زلنا نراها». بدوره، كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قد أعلن، أن الاستعدادات لعقد اجتماع وزراء خارجية روسيا وسوريا وإيران وتركيا تجري بنشاط. وأضاف الوزير الذي كان يتحدث قبل أيام، أنه «يتم حالياً الاتفاق على موعد ومكان ومحددات الاجتماع الرباعي للوزراء، في حين تم التأكيد على أنه لا ينبغي أن تكون هناك شروط أولية لاجتماع الوزراء». وكانت موسكو قد أبلغت أنقرة باحتمال عقد اجتماع وزراء خارجية روسيا وسوريا وإيران وتركيا مطلع مايو (أيار)، وأن عملية تحديد الموعد النهائي للاجتماع جارية.

إسرائيل تقصف ميليشيات تابعة لإيران قرب الجولان

لندن: «الشرق الأوسط».. قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، الأربعاء، إن «القوات الإسرائيلية نفذت قصفاً برياً منتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء؛ حيث استهدفت بالمدفعية الثقيلة نقاطاً بمناطق توجد فيها الميليشيات التابعة لإيران على أطراف بلدة صيدا، بالقرب من الجولان السوري المحتل بريف القنيطرة الجنوبي، دون ورود معلومات عن سقوط خسائر بشرية». جاء ذلك فيما نقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن الجيش قوله إن طائرة مسيرة صغيرة تابعة له تحطمت في الأراضي السورية الليلة الماضية. وذكر الجيش الإسرائيلي أن المسيرة العسكرية كانت تقوم بمهمة استطلاع، الأربعاء، حين سقطت بسبب «عطل فني». ولم يتضح إن كان سقوط الطائرة المسيرة جاء رداً من الميليشيات المستهدفة في المنطقة، غير أن الجيش الإسرائيلي أشار إلى أنه لا توجد مخاوف من تسرب معلومات من الطائرة المسيرة، وفقاً للصحيفة. وكان المرصد قد قال إن القصف المدفعي «جاء رداً على قيام الميليشيات الإيرانية برصد التحركات الإسرائيلية من داخل الأراضي السورية على الحدود مع الجولان السوري المحتل». وبالتوازي مع ذلك، ألقى الطيران الإسرائيلي منشورات ورقية، تحذر قوات النظام من التعاون الاستخباراتي مع «حزب الله» في منطقة تل كودنة. وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أفاد في 9 أبريل (نيسان) الحالي باستهداف طائرات حربية وأخرى مسيّرة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي لمواقع عدة بالجنوب السوري؛ حيث استهدفت كلاً من كتيبة الرادار بريف السويداء الغربي، واللواء 90 قرب الحدود مع الجولان المحتل بريف القنيطرة، واللواء 52 بريف درعا الشرقي ومواقع ونقاطاً أخرى بمنطقة حوض اليرموك بريف درعا الغربي. كما قصفت أيضاً ريفي درعا والقنيطرة بقذائف المدفعية، وخلّف القصف البري والجوي خسائر مادية.

أكراد سوريا مستعدون للحوار مع دمشق

دمشق: «الشرق الأوسط».. أبدت الإدارة الذاتية الكردية، التي تسيطر على مناطق واسعة في شمال وشمال شرقي سوريا، استعدادها للقاء الحكومة السورية؛ بهدف التوصل إلى حلّ للأزمة في البلاد، في خطوة تأتي على وقْع انفتاح عربي متسارع تجاه دمشق وتغيرات إقليمية. وقالت الإدارة الذاتية، في بيان وزّعته، ليل الثلاثاء - الأربعاء، ونقلته وكالة الصحافة الفرنسية: «نؤكد استعدادنا للقاء الحكومة السورية، والحوار معها ومع جميع الأطراف السورية؛ من أجل التشاور والتباحث لتقديم مبادرات وإيجاد حل للأزمة السورية». وناشدت «الدول العربية والأمم المتحدة وجميع القوى الدولية الفاعلة في الشأن السوري... بأن يؤدوا دوراً إيجابياً وفعالاً يسهم في البحث عن حلّ مشترك مع الحكومة السورية». يذكر أن الإدارة الذاتية، خاضت منذ العام 2018 جولات محادثات عدّة مع دمشق، من دون إحراز نتائج. ويكرر الرئيس السوري بشار الأسد اتهام الأكراد، الذين شكّلوا رأس حربة في التصدي لتنظيم «داعش»، وتمكنوا من دحره في مناطق واسعة في شمال وشمال شرقي سوريا، بدعم أميركي، بـ«العمالة» لواشنطن، التي تقود تحالفاً دولياً ضد التنظيم المتطرف. وقال الأسد، في مقابلة، خلال زيارته الأخيرة لموسكو، الشهر الماضي، رداً على سؤال حول الوحدات الكردية، إن «أن أي جهة أو فرد يعمل لصالح قوة أجنبية هو خائن وعميل بكل بساطة». وأكدت الإدارة الذاتية، في بيانها، تمسّكها بـ«وحدة الأراضي السورية»، مشددة على أهمية «تأسيس نظام إداري سياسي ديمقراطي تعددي لا مركزي يحفظ حقوق الجميع من دون استثناء». وفي موقف لافت، طالبت بتوزيع الثروات والموارد الاقتصادية «بشكل عادل» بين المناطق السورية، بما فيها حقول النفط والغاز، التي يقع أبرزها في مناطق سيطرتها. وقالت: «نؤكد، مرة أخرى، ضرورة مشاركة هذه الموارد، من خلال الاتفاق مع الحكومة السورية عبر الحوار والتفاوض»، شأنها شأن الموارد «الموجودة في مناطق أخرى». ويخشى الأكراد من خسارة مكتسبات حققوها خلال سنوات النزاع الأولى، بعدما عانوا لعقود من سياسة تهميش اتبعتها الحكومات المتعاقبة بحقِّهم، في حال التوصل لتسوية سياسية للنزاع تستثنيهم؛ خصوصاً بعد استبعادهم من جولات تفاوض عدة، أبرزها تلك التي تقودها الأمم المتحدة بين ممثلين عن الحكومة والمعارضة في جنيف. ويخشون كذلك من أي تقارب بين دمشق وأنقرة، التي تعتبر الوحدات الكردية منظمة «إرهابية»، وتعمل على إبعادها عن حدودها.

عودة العلاقات التونسية - السورية... واستئناف التعاون الأمني والاقتصادي

إثر زيارة المقداد «التاريخية» ولقائه الرئيس قيس سعيد

الشرق الاوسط...تونس: المنجي السعيداني.. تمخضت زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد لتونس بعد انقطاع دام 11 سنة، عن اتفاق على عودة العلاقات بين البلدين «إلى مسارها الطبيعي». كما أفرزت الزيارة، التي وصفها المقداد بـ«التاريخية»، اتفاقا على تعزيز التعاون في المجال الأمني، خاصة «في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وشبكات الاتجار بالبشر». واتفق الجانبان، إثر الزيارة التي دامت ثلاثة أيام وانتهت الأربعاء، على «تكثيف التواصل بين البلدين في المرحلة المقبلة بهدف تعزيز التشاور والتنسيق حول مختلف القضايا والمسائل الثنائية ذات الاهتمام المشترك، والعمل على التئام اللّجنة المشتركة بينهما». ونص بيان مشترك صدر عن الزيارة أيضا، على استئناف التعاون الاقتصادي بين البلدين، «في المجالات ذات الأولوية، وتعزيز التعاون في المجال القنصلي والإنساني، والعمل على عقد اللجنة القنصلية المشتركة في أقرب الآجال الممكنة». وكان الرئيس قيس سعيد استقبل المقداد، وتمّ خلال اللقاء «تأكيد حرص البلدين على توثيق روابط الأخوّة، وتعزيز علاقات التعاون، وإعلاء قيّم التضامن والتآزر، خدمةً للمصالح المشتركة للشعبين الشقيقين». وأشاد الوزير السوري «بالمساعدات الإنسانية التي بادرت تونس إلى إرسالها إلى سوريا، لدعم جهود الإغاثة إثر الزلزال المدمّر الذي ضرب شمال البلاد». وقال إن مهمته الأساسية مع نظيره التونسي، هي «مناقشة التفاصيل، والتوصّل إلى اتفاقيات يمكن تحقيقها بما يخدم تنسيق مواقف البلدين، على مختلف المستويات، وتعزيز العلاقات الثنائية الاقتصادية والتنموية، بما يخدم فرص التنمية والتقدم في تونس وسوريا». ويذكر مجددا أن أطرافا سياسية تونسية تأمل في أن تحسم هذه الزيارة مستقبلا، الكثير من الملفات، من بينها الحصول على معلومات حول تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر في الخارج، وترى أن عودة العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري، ستفتح أرشيف هذا الملف، للتعرف على من كان وراء دفع الآلاف من التونسيين إلى ساحة المواجهات المسلحة... وهو ملف لا يزال مثار جدل سياسي حاد في تونس.

أميركا تهبّ لمنع الانفتاح: فليبقَ السلام بعيداً عن سوريا

الاخبار.. حسين إبراهيم .. زيارة ابن فرحان إلى سوريا تمّت بأسرع من المتوقّع

موسم العودة إلى دمشق بلغ مداه بزيارة وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان لها، في خطوة هي الأكبر على هذا الطريق منذ اندلاع الأزمة عام 2011. وهو ما واكبته محاولة أميركية يائسة لمنع عودة في الاتّجاه الآخر لسوريا إلى «جامعة الدول العربية»، عبر محاولة خلق «انقسام» عربي حولها، وتحريض مَن يستضيفهم الغرب من المعارضين السعوديين الذين سقط بعضهم في فخّ الترويج للسياسة الأميركية، على رغم أنها في الحالة السورية تستهدف إبقاء الجرح نازفاً، لمصلحة إسرائيل لا غير. لم تُخفِ أميركا وحلفاؤها الغربيون لحظةً، رغبتهم في عرقلة استعادة العلاقات السعودية - السورية، وبالتالي إعادة ترتيب العلاقات السورية - العربية. وعندما لم تستطع وقف هذا المسار، انتقلت إلى محاولة عرقلة عودة دمشق إلى «جامعة الدول العربية»، بمعزل عن عدم رغبة النظام في سوريا في تحقيقها بأيّ ثمن. فقد واكبت أميركا اجتماع جدّة لوزراء خارجية تسع دول عربية لبحث المسألة، بتسريب معارضة خمس دول عربية لتلك العودة (صحيفة «وول ستريت جورنال»)، وهي دول لا يجمعها الشيء الكثير في ما يخصّ الأزمة السورية. بهذا المعنى، يمكن اعتبار زيارة وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، لدمشق، أوّل من أمس، ردّاً مباشراً على المساعي الأميركية للعرقلة، في زمنِ توتّر تاريخي للعلاقات بين الرياض وواشنطن، حيث تُظهر الأولى مستوًى من التحدّي لم تعتده الثانية منها . فالزيارة تلك، تمّت بأسرع من المتوقّع، بعد أيام قليلة على زيارة وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، للمملكة، وقبل أن يعود الأخير إلى بلاده من جولته الخارجية. المثير للاستغراب هو أن الدول الخمس التي سمّتها الصحيفة، وهي مصر والمغرب والكويت وقطر واليمن، لا يربطها الكثير في موضوع سوريا بالذات، وبالتالي فإن جمْعها تحت هذه الخانة، يشبه لمّ فريق كرة قدم على عجل للعب مباراة في ملعب الحيّ. وإذا صحّ تقرير «وول ستريت جورنال»، فإن الاستجابة لطلب أميركي في هذا الشأن، هي وحدها التي يمكن أن تلمّ تلك الدول، علماً أن الولايات المتحدة نفسها كانت قبل سنوات قليلة (خلال عهد الرئيس السابق، دونالد ترامب) في صدد ترك «الجمل بما حمل» في سوريا، لولا أن ارتفع صوت إسرائيل اعتراضاً، خوفاً من تأثير هذه المغادرة على أمن العدو. فما الذي يجمع مثلاً بين مصر وقطر في ذلك الخصوص؟ لا شيء. بل إن دعم قطر لجماعة «الإخوان المسلمين» في مصر، وتسليحها المعارضة السورية، هما أحد أهمّ أسباب العلاقة الطيّبة التي ظلّت على طول الخطّ تجمع بين القاهرة ودمشق. أمّا اليمن المقصود بالتسريب الأميركي، فهو الحكومة المقيمة في عدن، والتي لا تملك قرارها، ولا تملك حتى أن تنفي التسريب الأميركي، لأن أميركا هي التي تدير دفّة الحرب، حتى وإن كان التمويل خليجياً. وبالنسبة إلى الكويت التي قالت إنها لن تقف ضدّ الإجماع العربي، فهي تفضّل الانتظار، تماشياً مع السياسة التي اعتمدتها طوال الأزمة السورية منذ بدايتها. فالقضية السورية حسّاسة في الداخل الكويتي، في ظلّ وجود المعارضة الإسلامية التي كانت مؤيّدة للمعارضة السورية، ونظّمت لها حملات تبرّع للتسليح، وصولاً إلى حدود انخراط بعض الكويتيين في القتال مع أشدّ الفصائل تطرّفاً مِن مِثل «داعش» و«هيئة تحرير الشام». وعلى رغم ما تَقدّم، استطاعت الحكومة الكويتية أن تنأى بنفسها عن القتال والتسليح، واكتفت بمساعدة النازحين. وفي المقابل، سمحت لدمشق بتسيير شؤون السفارة السورية فيها طوال الوقت.

زيارة ابن فرحان ردّ مباشر على المساعي الأميركية لعرقلة العودة السورية

وبخصوص المغرب، فكان من الأقلّ تأثّراً بين الدول العربية في الأزمة السورية؛ إذ لم يشهد هجرة للمقاتلين إلى سوريا كما هو حال تونس، ولم تكن لديه مشكلة كبيرة مع جماعة «الإخوان المسلمين». بل قدّم تجربة حكومة «إخوانية» تحت جناح الملك، محمد السادس، عادت وسقطت سقوطاً مريعاً في الانتخابات. وحدها قطر، معارضتها مطلقة لعودة دمشق إلى الجامعة العربية. ومع هذا، لم تكن لتستطيع الوقوف في وجه الغالبية الكبيرة من الدول العربية التي تريد إنهاء الأزمة السورية، لولا القرار الأميركي بخلاف ذلك. ما يستحقّ المتابعة هو انخراط بعض رموز المعارضة السعودية المقيمة في الخارج، وفي الولايات المتحدة تحديداً، من أمثال عبدالله العودة وعمر الزهراني وكثيرين غيرهم، في الحملة الأميركية التي تستهدف أساساً خدمة إسرائيل. فإذا كان مفهوماً أن تكون تلك المعارضة، التي يشكّل «الإخوان المسلمون» عمادها الأساسي ولا تخفي تحالفها مع قطر، حليفة لواشنطن في مواجهة النظام السعودي، فالغريب هو انضمامها إلى «بكائيّة» المعارضة السورية حول عودة العرب إلى دمشق، والذي يشي باستمرار تعلّقها بوهم نصرة الأميركيين للمشروع «الإخواني»، وفشلها في تنويع خياراتها، في الوقت الذي تخلّى فيه أصحاب هذا المشروع عنه، وتساقطت حجارته ابتداءً من عام 2013، دافعاً بالجماعة التي كانت يوماً ذات شعبية ومشروعية واسعتَين في العالمين العربي والإسلامي، إلى خارج الأحداث، بحيث لا يتوقّع أحد أن تقوم لها قائمة في أيّ وقت قريب. وقدّم رموز المعارضة السعودية «الإخوانية» سياسة «تصفير المشاكل» التي تعتمدها الرياض، على أنها «رضوخ سعودي» لطهران، متجاهلين ما يمكن أن تحقّقه بلادهم من مكاسب جرّاء تفكيك الخلافات التي لم تكن مبرَّرة أصلاً مع إيران، في كلّ ساحات تلك الخلافات، كاليمن والعراق وسوريا ولبنان وغيرها، والضمانات الصينية لهذه المكاسب. في خضمّ ذلك، من المتوقّع للعودة العربية، وخاصة السعودية، إلى دمشق، أن تكرّس هزيمة المعارضة السورية، التي لا يبدو أنه سيكون لها دور يُذكر في رسم السياسة المستقبلية لسوريا، بغضّ النظر عن ما يمكن أن تصل إليه هذه السياسة. وتأكيداً لما تَقدّم، يتعيّن رصد ما لم تَقُله البيانات الصادرة لمناسبة زيارتَي الفرحان والمقداد واجتماع جدة، وليس ما قالته. فأيّ من تلك البيانات لم يَقُل إن الحلّ السياسي في سوريا سيكون وفق القرار 2245 الذي يتحدّث عن «تحوّل سياسي» في البلد. كما أن التركيز على تهيئة الظروف لإعادة اللاجئين، لا يعني فقط تسهيلات سياسية وأمنية مطلوبة من دمشق، وإنّما دعم العرب لعملية الإعمار واقتصاد الدولة المتهالك والمدمّر، للتشجيع على العودة، لأنه في الظروف الاقتصادية الحالية، مَن يقيم في سوريا يفكّر في الهرب منها، فكيف يمكن إقناع الملايين من اللاجئين بالعودة؟

الأسد للسعوديين: العودة إلى «الجامعة» ليست أولوية

علمت «الأخبار»، من مصدر إعلامي عربي مواكب لمسار اللقاءات السعودية - السورية، أن الجانب السعودي أبلغ نظيره السوري بأن الاجتماعات العربية الأخيرة، سواء الثنائية أو الموسّعة، حول المسألة السورية، أظهرت أن مواقف قطر والكويت ومصر والأردن من عودة سوريا إلى مقعدها في «جامعة الدولة العربية» رَاوحت ما بين البرودة والممانعة والمعارضة، وهو ما قد يُعزى إلى الموقف الأميركي من هذه العودة. كما أبلغت الرياض، دمشق، أن وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، يعتقد بضرورة إعادة الاعتبار إلى مؤسّسة الجامعة، على اعتبار أن الدور العربي الإقليمي يحتاج إلى تفعيل هذه المؤسّسات على قاعدة عدم إقصاء أيّ طرف. وأكدت السعودية، لسوريا، أنها ستواصل مساعيها من أجل تذليل العقبات أمام عودة الأخيرة إلى الجامعة، قبيل موعد القمّة العربية المقبلة، والتي يرغب ابن سلمان في أن يكون الرئيس السوري، بشار الأسد، حاضراً فيها. كذلك، أبدت المملكة اعتقادها بضرورة مساعدة سوريا من خلال «العمل العربي المشترك»، مؤكّدة أنها جادّة في تنفيذ اتفاقها مع إيران وتبريد كلّ الخلافات معها، وأيضاً في سعيها إلى إنهاء ملفّ حرب اليمن، وإنْ أوضحت أن الاتفاق سيحتاج إلى عناية دائمة. في المقابل، أبدى الأسد تقديره لجهود السعودية، وجدّد رغبة بلاده في العودة إلى «الجامعة العربية»، لكنه بيّن أن سوريا لا ترى أن «الأمر ضروري الآن، وهي لا تريد إحراج أحد». وخاطب الرئيس السوري ضيوفه السعوديين بالقول: «لقد حاول الجزائريون من قَبلكم، وقلنا لهم لا داعيَ لإحراجكم، والآن نقول لكم الأمر نفسه».

مشروع قطريّ جديد لـ«توحيد» المعارضة: الجولاني شريككم

الاخبار..علاء حلبي .. قطر مستمرّة في تقديم دعمها للمعارضة السورية، وسط تسهيلات كبيرة تمهيداً لنقل نشاطها جزئياً أو كلّياً من أنقرة إلى الدوحة

على مدار الأسبوعَين الماضيَين، اجتمعت شخصيات من المعارضة السورية، وممثّلون عن فصائل مقاتلة على الأرض، في الدوحة، التي يزورها رئيس «الائتلاف» المعارض، سالم المسلط. ونظّم الأخير، هناك، حفل إفطار دعا إليه سفراء وممثّلين عن الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، ودول أخرى معارضة لدمشق، الأسبوع الماضي. ويأتي ذلك في محاولة لترتيب جهود التيّار المعادي للحكومة السورية، واستعادة صدارة المشهد السوري المعارض، في ظلّ ظهور نواة لقوى معارضة جديدة تحظى بدعم أميركي، وتتواصل مع «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد)، وفصائل تنشط في ريف حلب، الأمر الذي يبدو أنه بات يشكّل تهديداً لـ«الائتلاف» الذي يعيش أياماً صعبة. مصادر سورية معارضة، تحدّثت إلى «الأخبار»، أوضحت أن ورشة العمل التي استضافتها الدوحة تهدف في المقام الأوّل إلى إحياء دور العاصمة القطرية كمركز نشاط للمعارضة السورية، في ظلّ التضييق التركي الكبير على نشاط الأخيرة، سواء بسبب الانتخابات التركية، أو لأسباب تتعلّق بالاستعداد لمراحل الانفتاح المقبلة بين أنقرة ودمشق، والتي يتمّ التحضير لها بدفع روسي - إيراني. وكشفت المصادر أن مسؤولين قطريين اجتمعوا بشخصيات سورية معارضة (بعضهم مستقلّون، وبعضهم يتبعون تجمّعات سياسية مشاركة في «الائتلاف»)، بهدف حثّهم على الخروج بتشكيل سياسي أكثر شمولية، استعداداً للمرحلة المقبلة، التي تبدو أكثر صعوبة على المعارضة، في ظلّ موجة الانفتاح العربية الكبيرة على سوريا. ويتطلّب ذلك، وفق المصادر، «وقف حالة الاستنزاف الداخلي عبر المعارك المندلعة بين الفصائل، وتوحيد الجهود السياسية، والانخراط في عمل واسع يفتح الأبواب بين المناطق الخارجية عن سيطرة الحكومة»، في إشارة إلى إدلب التي تسيطر عليها «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة) بقيادة رجل القاعدة السابق أبي محمد الجولاني، و«قسد» التي تسيطر على المناطق النفطية في الشرق السوري.

عرضت شخصيات سورية تعيش في قطر وتتمتع بعلاقات وطيدة مع «هيئة تحرير الشام» مشروعاً لتوحيد الشمال السوري بمختلف فصائله....

وتأتي ورشة العمل الجديدة هذه، بعد نحو عام على محاولة قادها رئيس الوزراء السوري الأسبق المنشقّ، رياض حجاب، الذي أطلق مبادرة لتوحيد المعارضة، تحوّلت نتيجة الخلافات الداخلية إلى ورشة عمل استضافتها العاصمة القطرية، ولم تَخرج بأيّ جديد يُذكر، في ظلّ حالة الانفصال التي تعيشها الواجهة السياسية عن الفصائل الموجودة على الأرض من جهة، والصراعات الفصائلية والسياسية المستمرّة بسبب تضارب المشاريع واختلاف التبعيات والمرجعيات السياسية من جهة أخرى. وفي هذا السياق، أوضحت المصادر أن شخصيات سورية تعيش في قطر، تتمتّع بعلاقات وطيدة مع «هيئة تحرير الشام»، عرضت مشروعاً لتوحيد الشمال السوري بمختلف فصائله، تحت مظلّة تجميع الجولاني وخصومه كبديل من خطّة الأخير القائمة على التوسّع وقضم مزيد من المناطق في ريف حلب، وخصوصاً أن زعيم «الهيئة» بات يملك حضوراً وازناً في مناطق سيطرة الفصائل بعد مبايعة فصائل عدّة له في ريف حلب. على أن هذا العرض اصطدم بحقيقة عدم مقدرة الواجهة السياسية للمعارضة على فرض أيّ قرارات على الفصائل، ورفض تيّار داخل جماعة «الإخوان المسلمين» مقترحاً كهذا، ترى فيه تسليماً لِما تعتبره «مناطق محرَّرة» للجولاني المصنَّف على لوائح الإرهاب. وعلى الرغم من عدم خروج هذه الاجتماعات بأيّ جديد يُذكر، أشارت المصادر إلى أن قطر مستمرّة في تقديم دعمها للمعارضة السورية، وسط تسهيلات كبيرة تمهيداً لنقل نشاطها جزئياً أو كلّياً من أنقرة إلى الدوحة، التي تتمتّع واشنطن بأريحية أكبر فيها مقارنة بتركيا. ولربّما يمهّد ذلك لتوحيد الجهود مع الولايات المتحدة، التي تعمل بدورها على تنمية التيّار العربي في «قسد»، بالإضافة إلى الفصائل العربية التي تقاتل تحت إمرتها في منطقة التنف، وتتطلّع في نهاية المطاف إلى فتح الشرق السوري على الشمال، وصولاً إلى الشمال الغربي، وخصوصاً أن الجولاني بات يتمتّع بحظوة أميركية نتيجة تعاونه الأمني المستمرّ مع واشنطن. وبينما أفضى هذا التعاون إلى اغتيال عدد من زعماء تنظيم «داعش» و«جهاديين» آخرين، فقد استمرّ الجولاني في عمله على إنهاء وجود ما بقي من «جهاديين» غير سوريين، سواء عبر ترحيلهم من سوريا، أو اعتقالهم وتصفيتهم في وقت لاحق بشكل تدريجي. وفي أحدث فصول ذلك المسلسل، نفّذت «الهيئة» عملية إعدام جماعية قبل نحو عشرة أيام، وفق مصادر «جهادية» أوضحت، لـ«الأخبار،» أن العملية شملت قياديَّيْن في «القاعدة» تمّ دفنهما في مقبرة جماعية جديدة في إدلب.

مبادلاتٌ تجارية تقارب الصفر | الحصار الغربيّ على سوريا: الأوروبيون لا يقصّرون أيضاً

الاخبار..زياد غصن ... لم تستثنِ العقوبات بتأثيراتها أيّاً من القطاعات، بما فيها الغذاء والدواء

ليست العقوبات الأوروبية على سوريا بأقلّ تأثيراً من العقوبات الأميركية، التي تسرق دوماً الأضواء الإعلامية. فإلى جانب القيود التي فُرضت على وجود المصارف السورية ضمن نظام «سويفت» المُدار أوروبياً، فإن البيانات الإحصائية تكشف أنه حتى مستوردات دمشق من الدواء والغذاء، اللذَين يقال إنهما خارج دائرة الاستهداف، تراجعت قيمتها بنسبة كبيرة بين عامَي 2010 و2022.... لم تكن العلاقات السورية - الأوروبية دائمة الاستقرار عبر مسيرتها الممتدّة لعقود من الزمن؛ ففي بعض مراحلها شهدت نوعاً من التأزّم السياسي وصل أحياناً إلى حدّ قيام بعض الدول الأوروبية المؤثّرة بسحب سفرائها من دمشق. ومع ذلك، بقيت متمايزة سياسياً واقتصادياً إلى حدّ كبير عن العلاقات السورية - الأميركية، التي طبع العداء والتوتّر كامل مسيرتها، اللّهم باستثناء عقد التسعينيات. التمايز الأوروبي ترجمته مشروعات عديدة للتعاون الاقتصادي والفنّي بين الجانبَين، تُوّجت في عام 2004 بالتوقيع بالأحرف الأولى على «اتفاقية الشراكة»، ومن ثمّ إعلان الدول الأوروبية رغبتها في التوقيع النهائي على الاتفاقية في عام 2009. إلّا أن كلّ ما تَقدّم، تَغيّر مع بداية الأزمة السورية في عام 2011، عندما بادرت دول الاتحاد الأوروبي إلى اتّخاذ جملة إجراءات يمكن تصنيفها ضمن ثلاث خانات: الأولى، توقيف العمل بمشروعات الدعم المالي والاقتصادي والفنّي المقدَّمة لسوريا، والثانية قطع العلاقات السياسية والدبلوماسية مع دمشق بشكل كامل أو جزئي، والثالثة فرض عقوبات متنوّعة ومتدرّجة طاولت شخصيات ومؤسّسات سورية وجوانبَ اقتصادية عديدة.

توقّف شبه كامل

غالباً ما تتّجه الأنظار، أثناء الحديث عن العقوبات الغربية على سوريا، نحو الإجراءات الأميركية فقط، وهو ما قد يكون عائداً إلى القناعة السائدة بأن مصير العقوبات يبقى مرهوناً بتطوّرات الموقف الأميركي. على أن ثمّة أسباباً أخرى لذلك، متعلّقة بالسياق العام لتعاطي الإعلام والفعاليات المجتمعية مع هذا الملفّ. هنا، يمكن التمييز بين مستويَين: الأوّل، أثر العقوبات على العلاقات الاقتصادية الخارجية لسوريا مع مختلف دول العالم، حيث تتبدّى فعالية العقوبات الأميركية أكثر من غيرها، من دون التقليل أيضاً من أثر العقوبات الأوروبية، وتحديداً المصرفية منها، والمتعلّقة بنظام «سويفت» العالمي. أمّا المستوى الثاني، فيتّصل بحجم الأثر المباشر على العلاقات الاقتصادية الثنائية بين سوريا والدول المعاقِبة، وهو أثر يتباين تبعاً لمستوى العلاقات التي كانت قائمة قبل الأزمة، وبالاستناد إلى ما تَقدّم، يتّضح أن العقوبات الأوروبية كانت الأكثر تأثيراً في الجانب المذكور، بدليل ما تُظهره البيانات الإحصائية الرسمية المتعلّقة بقيمة التبادل التجاري بين الجانبَين، ولا سيما أن أوروبا كانت في مرحلة ما الشريك التجاري الأوّل لسوريا. ووفقاً لما تشير إليه البيانات الرسمية، فإن المستوردات السورية من السلع ذات المنشأ الأوروبي، تراجعت قيمتها من حوالي 5.9 مليارات يورو في عام 2010، إلى حوالي 936.8 مليون يورو في عام 2022، أي بنسبة انخفاض قدرها 84%، في حين أن نسبة تراجع قيمة الصادرات السورية خلال الفترة المذكورة وصلت إلى حوالي 98%، بعدما تضاءلت من أكثر من 4 مليارات يورو في عام 2010، إلى حوالي 62.6 مليون يورو في عام 2022.

لا يُتوقّع أن تشهد العلاقات السورية - الأوروبية على المدى القريب انفراجات، ولو من الباب الإنساني

في ظلّ هذا التراجع الكبير، كان من الطبيعي أن تتأثّر عملية تدفّق السلع والبضائع في الاتّجاهَين، وأن ينعكس ذلك تالياً، سلباً، على تلبية العديد من احتياجات السوريين، على رغم إصرار دول الاتحاد الأوروبي على أن تلك العقوبات تستهدف «النظام ومؤيّديه والقطاعات الاقتصادية التي يحقّق منها أرباحاً، والسلع التي يمكن استخدامها لهذا الغرض». وبحسب ما تشير إليه بعثة المفوضية الأوروبية في سوريا، في تصريح إلى «الأخبار»، فإن تلك العقوبات «لا تمنع تصدير المواد الغذائية أو الأدوية أو المعدّات الطبّية من الاتحاد الأوروبي إلى سوريا، ولا تستهدف نظام الرعاية الصحية في سوريا. وتشمل العقوبات استثناءً إنسانياً واسع النطاق لضمان استمرار تقديم المساعدة الإنسانية إلى أيّ جزء من أجزاء البلاد». لكن عملياً، العقوبات المشار إليها لم تستثنِ بتأثيراتها أيّاً من القطاعات، بما فيها الغذاء والدواء، إذ يؤكّد أحد مستورِدي الحبوب في دمشق، لـ«الأخبار»، أن «العقوبات الأوروبية المفروضة على قطاعات أساسية كالعمليات المصرفية والمالية وغيرها، تشكّل عائقاً أساسياً أمام توريد معظم المواد الغذائية إلى السوق السورية بشكل مباشر». ويلفت المستورد، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إلى أنه «يضطرّ كغيره إلى تنظيم إجازات استيراد باسم شركات تؤسَّس في دولة ثالثة أو شحن البضائع إلى دول مجاورة ومن ثمّ نقلها إلى سوريا. ومع ذلك، ففي كثير من الأحيان، تقوم بعض البنوك الأوروبية بعملية تتبّع للمقصد النهائي للبضائع، وهذا كلّه يرتّب تكاليف إضافية تتسبّب في النهاية برفع أسعار السلع الغذائية في السوق المحلّية». ولا تبتعد تفاصيل البيانات الإحصائية لقيم السلع المستورَدة، عمّا قاله تاجر الحبوب، إذ تُظهر البيانات التجارية الرسمية السورية التي حصلت عليها «الأخبار»، أن مستوردات البلاد من الأدوية ذات المنشأ الأوروبي تراجعت من حوالي 118.5 مليون يورو في عام 2010، إلى حوالي 31.5 مليون يورو، أي بنسبة تصل إلى حوالي 73%، على رغم الارتفاع الذي شهدته الأسعار خلال فترة العامَين المُشار إليها. أمّا المواد الغذائية، التي زادت قيمتها خلال الفترة نفسها بنسبة 25%، فإن العامل المرجِّح في الارتفاع المتّصل بها، يتمثّل في أن نصف إجمالي المستوردات السورية من أوروبا في العام الماضي جاءت من روسيا، فضلاً عن سيطرة القمح على النسبة الكبرى من المستوردات الغذائية.

حتى مع الزلزال

كما كان الحال مع انتشار فيروس «كوفيد 19»، فإن كارثة الزلزال لم تُغيّر شيئاً في الموقف الأوروبي من العقوبات على سوريا، والذي بقي متناغماً مع الموقف الأميركي، سواء لجهة رفض رفع العقوبات أو تعليق العمل بها، وتالياً الاعتراف بتأثيراتها السلبية المباشرة على حياة السوريين، أو لجهة الاكتفاء، في التعامل مع تداعيات الكارثة، بإقرار تعليق جزئي للعقوبات لمدّة 6 أشهر، بغية «تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية بسرعة». وبحسب تعقيب بعثة المفوّضية الأوروبية لـ«الأخبار»، فإن «الاتحاد الأوروبي أعفى بموجب هذا التعديل المنظّمات الإنسانية من وجوب الحصول على إذن مسبق من السلطات الوطنية المختصّة للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من أجل نقل أو توفير السلع والخدمات المخصَّصة للأغراض الإنسانية لصالح الأشخاص والكيانات المدرجة أسماؤهم في القائمة». لكنّ هذا الإعفاء بقيت تأثيراته محدودة جدّاً، بالنظر إلى ضخامة الاحتياجات الإغاثية ومتطلّبات تجاوز تأثيرات الزلزال على المديَين المتوسّط والبعيد، فضلاً عن استمرار سريان عقوبات أخرى كتلك التي تطاول النظام المصرفي السوري. مع أن البعثة الأوروبية تدافع بأن «الاتحاد الأوروبي لم يُخرج أيّ بنك سوري من نظام "سويفت"»، إلّا أنها في المقابل تقرّ بوجود «بعض القيود المفروضة على القطاع المصرفي، بما في ذلك حظر إقامة علاقة مراسلة جديدة مع أيّ مؤسّسة ائتمانية أو مالية سورية (المادة 25 من قانون المجلس 36/2012)»، مضيفة أن «"سويفت" هيئة مقرّها الاتحاد الأوروبي، ولذا، من حيث المبدأ، لا يمكن تطبيق التدابير (أي "حظر تقديم خدمات الرسائل المالية المتخصّصة") إلّا من قِبل الاتحاد الأوروبي، وهي معمول بها حالياً لبعض البنوك الروسية، وسابقاً للبنوك الإيرانية. بالإضافة إلى ذلك، أُدرجت سوريا من قِبل فرقة العمل المعنيّة بالإجراءات المالية منذ عام 2010، كما أُدرجت في قائمتنا للدول الثالثة العالية المخاطر منذ عام 2016. ونتيجة لذلك، يتعيّن على الكيانات الملزمة في الاتحاد الأوروبي تطبيق العناية الواجبة المعزّزة في ما يتعلّق بالعلاقات التجارية أو المعاملات التي تشمل دولاً ثالثة عالية المخاطر»؛ وهذه تبدو إشارة تحذير كافية إلى جميع الكيانات الاقتصادية الأوروبية مع التعامل الاقتصادي مع سوريا بجوانبه كافة. بناءً عليه، وفي ضوء تشدّد الموقف الأوروبي، لا يُتوقّع أن تشهد العلاقات السورية - الأوروبية على المدى القريب انفراجات، ولو من الباب الإنساني. فإذا كانت كارثة بحجم زلزال مدمّر فشلت في تحقيق ذلك، فإن الخيار الوحيد المتبقّي يتمثّل في حدوث تطوّر سياسي دراماتيكي، قد يحمل الأطراف الغربية على مراجعة حساباتها.

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,320,064

عدد الزوار: 7,627,626

المتواجدون الآن: 0