أخبار لبنان..بين فرنجية وعون..باسيل قد يختار أهون الشرّيْن..لبنان يترقب حراكاً دولياً قبل انتهاء ولاية قائد الجيش..تلازم الانهيارين السوري واللبناني..سوق واحدة في بلدين..

تاريخ الإضافة الأحد 23 تموز 2023 - 3:40 ص    عدد الزيارات 828    التعليقات 0    القسم محلية

        


لبنان يترقب حراكاً دولياً قبل انتهاء ولاية قائد الجيش..

الجريدة... منير الربيع ..يقترب لبنان من مرحلة الخطّ الأحمر، المتمثل في بلوغ الفراغ في حاكمية المصرف المركزي، وما سيكون لذلك من تداعيات سلبية على الواقعين المالي والاقتصادي، لاسيما في ظل الخلافات حول كيفية مقاربة هذا الاستحقاق، وما الذي سيفعله نواب حاكم مصرف لبنان. وفي حال استمر هذا النوع من الضياع فلابد من ترقب تداعيات سلبية كثيرة، ستفرض نفسها لفتح مسار سياسي جديدة يبني على ما بعد اجتماع الدوحة، خصوصاً أن الاجتماع قد فتح مساراً جديداً، ويحرك القوى الدولية بالتوازي بحثاً عن تسوية مرضية للجميع، ولا يكون فيها غالب أو مغلوب. الملف المالي وخطورته، بالإضافة إلى ملف بدء التنقيب عن النفط والغاز في منتصف أغسطس المقبل، وحضور مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي، آموس هوكشتاين، إلى بيروت للمشاركة في الاحتفال، كل ذلك قد يفتح النقاش حول إنجاز ترسيم الحدود البرية الجنوبية للبنان. وبحسب ما تقول مصادر متابعة، فإن آلية التفاوض حولها ستكون مختلفة عن مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، ولبنان لن يقدّم تنازلات، لأن الحدود مرسومة ومعروفة، ولكن ذلك كله سيكون بحاجة إلى وجود رئيس للجمهورية يواكب هذه الاستحقاقات، ويوقع على مراسيمه، لذلك فإن التوقعات تشير إلى تكثيف الحركة السياسية والدبلوماسية حول لبنان في بداية سبتمبر المقبل، وتحديداً قبل 3 أشهر من الوصول إلى مرحلة خطيرة أخرى هي مرحلة خروج قائد الجيش جوزيف عون من منصبه، وهو ما لا تسمح به قوى دولية كبيرة، لأن ذلك سيؤدي إلى تضرر المؤسسة العسكرية. تحت هذه العناوين، ينتظر لبنان تحركات دولية مكثفة في الشهرين المقبلين، علماً بأن التحركات قد بدأت تتلمس طريقها بعد اجتماع الدوحة، من زيارة السفير السعودي وليد البخاري إلى دار الفتوى، وتأكيده على اتفاق الطائف والحفاظ عليه، بالإضافة إلى التحرك الدبلوماسي القطري الذي يسعى إلى تهيئة الأرضية التحاورية والتوافقية، تمهيداً لمرحلة أخرى، وصولاً إلى الزيارة التي سيجريها المبعوث الفرنسي، جان إيف لودريان، إلى بيروت، وتقديم خلاصة اجتماع الدوحة للأفرقاء اللبنانيين، وإبلاغهم أنه لابد من البحث عن مقاربة جديدة. تفعيل الحراك الدبلوماسي والدولي يمكن أن يتضمن أيضاً تلويحاً بإيجاد آليات جديدة، لفرض عقوبات أو إجراءات على مسؤولين لبنانيين، وهنا تشير مصادر متابعة إلى أن العقوبات الأميركية معروفة الوجهة، وهي تصدر إما بسبب الضلوع في الفساد، أو دعم الإرهاب، وسط معطيات تفيد بأن الأميركيين قد يعودون إلى استخدام سلاح العقوبات في الشهرين المقبلين، في المقابل فإن الأوروبيين وبعض الدول العربية يبحثون في مجال فرض إجراءات تتصل بمنع سفر وسحب تأشيرات وغيرها من مسؤولين يتهمون بتعطيل إنجاز الإستحقاق. ويعتبر اللبنانيون أن اتفاقاً معيناً حصل في الدوحة على فتح المسار الجديد، وهو لابد أن يصل في النهاية إلى نتيجة تشبه إلى حدّ بعيد نتيجة اتفاق الدوحة 2008، وبعد وقت طويل قد تكون بحاجة إلى الظروف لتنضج وتكتمل. عناصر التدهور المالي والاقتصادي، وتحلل المؤسسات، بالإضافة إلى العقوبات والإجراءات، ستكون عناصر تفعيل لتعبيد الطريق أمام مثل هذا الاتفاق.

بين فرنجية وعون..باسيل قد يختار أهون الشرّيْن..

بعد «خماسية الدوحة»... ترشيح قائد الجيش يتقدّم و«حزب الله» يتشدّد

| بيروت - «الراي» |

- «حزب الله» عن بيان اجتماع الدوحة «أفكار أميركية بصياغة خماسية» ويحذّر الداخل والخارج «ألّا يجربوا المجرّب»

- قطر تعيّن الشيخ سعود بن عبدالرحمن آل ثاني سفيراً فوق العادة لها في لبنان رغم الشغور الرئاسي

- مخاوف من تَحَوُّل الواقع النقدي بعد الأول من أغسطس جاذبة صواعق سياسية / رئاسية / أمنية

يستعدّ لبنان لأسبوعٍ مفصلي على المستوييْن السياسي والمالي - النقدي يُخشى معه أن تتوغّل أكثر العاصفة الشاملة التي تقبض عليه في ظل الانسدادِ الكامل في الملف الرئاسي بفعل «السواتر» الداخلية التي تزداد ارتفاعاً وعدم نجاح الخارج في تشكيل قوة ضغط كفيلةٍ بتفكيك المأزق العميق وهو ما يتطلّب تقاطُعات إقليميةً - دولية لم تتبلور بعد وربما لا تتبلور أبداً ليُترك للبنانيين أن «يقلعوا شوكهم بأيديهم» ويُمْسِكوا بزمام أمورهم وأزماتهم. وبعدما كان الأسبوع الماضي انطبع باجتماع مجموعة الخمس حول لبنان في الدوحة ببيانها الذي عاود تأكيد أن الحلّ داخل لبنان ووفق الآليات الدستورية لانتخاب رئيس بعيداً من إطاراتٍ (لحوار أو غيره) تشكل خطراً على جمهورية الطائف وتوازناتها ومع تلويح بعقوباتٍ على مَن يَمضون في عرقلة الاستحقاق الرئاسي، تعيش بيروت أجواء استعداداتٍ لعودة الموفد الفرنسي جان - إيف لودريان إليها خلال الساعات الـ 48 المقبلة بعد نحو شهرٍ من الجولة الأولى من مَهمّة سيتبيّن مدى التراجعات فيها ربْطاً بالسقف العالي للقاء الخماسي في قطر والذي لم يقطع الطريق فقط على النسخة الأولى من مبادرة الاليزيه التي حاولت «تجريع» اللبنانيين خيار سليمان فرنجية (مرشح فريق الممانعة بقيادة «حزب الله»)، بل رَفَعَ بطاقة حمراء أيضاً بوجه أي آليات كان يؤسس لها لودريان لحوارٍ مسبق حول سلّة تسمح بفك أسر الرئاسة. وتحلّ الزيارة المرتقبة للودريان، الذي كان عرّج على الرياض مرتين، عشية اجتماع الدوحة وغداته، فيما المخاوف تزداد من أن يشكّل الفتيل النقدي، الذي يُخشى أن يشتعل بقوة، مع الاستقالة المرتقبة لنواب حاكم مصرف لبنان الأربعة في الساعات المقبلة تمهيداً لتكليفهم تسيير المرفق العام وتَقاسُم مسؤوليات ما بعد انتهاء ولاية الحاكم رياض سلامة (31 يوليو) «مجتمعين»، جاذبة صواعق يتم على وهجها التحكّم بوجهة الأزمة الرئاسية ومحاولة تحديد «الزمان والمكان المناسبين» لطيّها بشروطٍ متفلتة مما وصفه «حزب الله» عبر قياديين فيه بـ «أفكار أميركية بصياغة خماسية» تضمّنها بيان اجتماع الدوحة «حيث لا يبتغى من وراء ذلك إلا فرض أوصياء يتجاوزون حواراً وطنياً لبنانياً، لأن وراء الأكمة ما وراءها»، محذراً الداخل والخارج «عليهم أن يتعلّموا من التجارب الماضية، وألا يجربوا المجرّب». ولعلّ أكثر ما سيتم استكشافُه مع وصول لودريان، إلى جانب هل سيكون مبعوثاً لمجموعة الخمس (تضم الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر) بكل ما عبّر عنه بيان اجتماعها في قطر يوم الاثنين الماضي ما سيعني قلْب صحفة المبادرة الفرنسية المنفردة نهائياً، هو مدى الصعود الذي شهده اسم قائد الجيش العماد جوزف عون في السباق الرئاسي في ضوء ما رشح من لقاء الدوحة، وسط مؤشرات داخلية إلى أن «حزب الله» بات يعطي إشاراتٍ تشدُّد غير مسبوقة في مستواها حيال أي أفكار تتناول إمكان السير بخيار رأس المؤسسة العسكرية رئاسياً، وهو ما يوفّر تقاطُعاً نظرياً حتى الساعة له مع رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل الذي عادت قنوات التواصل بينه وبين الحزب والذي يتقاطع في الوقت نفسه مع غالبية المعارضة على رفْض وصول مرشح الممانعة سليمان فرنجية وهو ما جعله يسير بترشيح جهاد أزعور والتصويت له في جلسة 14 يونيو التي هُزم فيها فرنجية بالنقاط (8 أصوات أكثر من فرنجية). والواقع أنه منذ أن عُيّن قائداً للجيش صار اسم العماد جوزف عون حُكْماً على لائحة مرشحي الرئاسة الأولى. وقبْله كان قائد الجيش العماد جان قهوجي مرشحاً من الصف الأول وساهم الفراغ الرئاسي بعد انتهاء ولاية العماد ميشال سليمان الرئاسية، في تزكيته. وعلى مدى سنتين ونصف السنة ظل اسم قهوجي مطروحاً بقوة، في ظل معارضة مطلقة للتيار الوطني الحر له، علما أن علاقة قائد الجيش بالعماد ميشال عون وباسيل كانت أشبه بالقطيعة. وحين تسلم عون رئاسة الجمهورية في أكتوبر 2016 سنحت له الفرصة لتغيير قهوجي واختيار خليفة له شخصاً يثق به ويُعدّ من الضباط الموالين لرئيس الجمهورية منذ ان كان قائداً للجيش في الثمانينات. لكن ومنذ وصول العماد جوزف عون إلى قيادة الجيش، ومع تعيين ضابط آخر موالٍ تقليدياً لرئيس الجمهورية ولقائد الجيش أي العميد طوني منصور مديراً للمخابرات، لم تعد العلاقة بين القصر الجمهوري واليرزة جيدة. وكان باسيل رئيس الظلّ في قصر بعبدا، وغالباً ما كانت تطلق عليه هذه التسمية، من جانب حلفائه وخصومه. وقد رأى رئيس «التيار الحر» في قائد الجيش مرشحاً محتملاً للرئاسة، لكنه ارتأى أن يوافق عليه، مقابل أن يفرض إيقاعه على قيادة الجيش من خلال التعيينات ومطالب عدة تتعلق بالمؤسسة العسكرية. ولكن باسيل اصطدم بعون ومنصور على السواء، وشهراً بعد آخَر صارت العلاقة تصبح أقرب الى السيئة. أول خلاف حقيقي حصل مع مطالبة باسيل لقائد الجيش بسلسلة تعيينات لضباط مقربين منه. وكان العماد جوزف عون يرفض هذه المطالب كونها تدخلاً في القيادة العسكرية ويُفهم منها انحيازاً الى ضباط معروفين بولائهم لرئيس «التيار الحر». ثاني خلاف علني كان مع حادثة قبرشمون صيف عام 2019 التي حصلت تزامناً مع زيارة باسيل الى منطقة عاليه وسقط فيها ثلاثة قتلى، اثنان تابعان للحزب الديموقراطي برئاسة الامير طلال ارسلان. وكان باسيل برفقة مجموعة عسكرية تابعة للحرس الجمهوري آنذاك، لكن الجيش بقيادة عون تدخّل في شكل حاسم لمنع توسُّع الفتنة وتطويق ذيولها. وحين قطع رئيس «التيارالحر» زيارته الى الجبل كان يقطع علاقته مع اليرزة مقر قائد الجيش ومديرية المخابرات، وذلك حين اعتبر أن اداء الجيش كان ميالاً لصالح الحزب التقدمي الاشتراكي خصم التيار الوطني الحر ورئيسه. وبدأ الخلاف الثالث مع تظاهرات 17 أكتوبر (2019) ولم ينتهِ بعد. فمنذ ذلك التاريخ اتّهم الرئيس ميشال عون وباسيل قائد الجيش بتسهيل التظاهرات والسماح باقتراب المتظاهرين من طريق القصر الجمهوري، وعدم فتح الطرق ولا سيما الشمالية منها المؤدية الى البترون مسقط رأس باسيل. أما الخلاف الرابع فاندلع مع تعيين الياس أبو صعب وزيراً للدفاع عام 2019 واستمرّ مع وزير الدفاع الحالي موريس سليم، وهما المحسوبان على رئيس الجمهورية واللذين اصطدما مرات عدة مع قائد الجيش حول ملفات عسكرية داخلية. هذه الخلافات التي حفلت بها أوساط الجيش والتيار الوطني الحر، تَكَرَّسَتْ أكثر مع انتهاء عهد رئيس الجمهورية قبل نحو 9 أشهر. وكانت خلفية الصدامات أن قائد الجيش أصبح من ضمن أسماء المرشّحين للرئاسة، في حين تراجعت أسهم باسيل منذ العقوبات الأميركية (نوفمبر 2020)، وبعد تزكية حزب الله والرئيس نبيه بري لخصمه سليمان فرنجية المرشح رقم واحد ثم... الوحيد. وبعد لقاء اللجنة الخماسية الاثنين الماضي، عاد اسم قائد الجيش ليتصدر الكلام حول ما دار في الدوحة من محادثات تتعلق برئاسة الجمهورية. ومن البدهي القول إن معاودة طرح اسمه كمرشح مستقل، يثير نقزة التيار الحر الذي ينصرف منذ أشهر إلى معركة في اتجاهين: فرنجية وقائد الجيش. وهو اذ تمكن من التقاطع مع المعارضة على مواجهة فرنجية ونجح معها في إحباط وصوله، إلا أن معركته مع قائد الجيش لم يَظْهَر بعد أنها ناجحة. لم يكن دعم فرنجية من فرنسا قابلاً للصرف عربياً أو أميركياً، ما ساهم في وقف حملته. لكن الدوحة ومصر تعطيان إشارات منذ ان بدأت المحادثات حول رئاسة الجمهورية في لبنان إلى تأييد قائد الجيش، وهما كانتا أيضاً داعمتين لوصول قائد الجيش العماد ميشال سليمان الذي انتُخب عقب اتفاق الدوحة (مايو 2008). وقطر التي تربطها علاقة جيدة مع باسيل واستقبلتْه أخيراً والتي أصرّتْ رغم غياب رئيس للجهورية على تعيين سفير فوق العادة لها في لبنان هو الشيخ سعود بن عبدالرحمن آل ثاني الذي كان يتولى منصب رئيس الديوان الأميري منذ 27 أكتوبر 2020 (كان قبل ذلك يشغل منصب مساعد رئيس الديوان الأميري من 2019 إلى 2020)، لا تخفي تحبيذها وصول قائد الجيش ويتردّد أنها تستعد لايفاد مبعوث لها الى لبنان تحت هذا السقف، لا سيما بعد ما خلص إليه اجتماع الخماسية. وبدورها لا تمانع الولايات المتحدة التي تدعم الجيش وتقدم لأفراده مساعدات عينية، وصول مَن تعتبره الأقرب إليها، كمؤسسة عسكرية أميركية التدريب والسلاح. أما فرنسا فكان لافتاً أنها للمرة الأولى أرسلت موفداً لها للقاء العماد جوزف عون أي لودريان خلال زيارته لبيروت قبل نحو شهر. ويبقى أن السعودية التي سبق واستقبلت عون لم تُبْدِ بعد أي موقف منه كما من غيره من المرشحين غير المحسوبين على حزب الله. وفي هذه الصورة، يحاول باسيل التقاط ما يمكن التشبث به لمصلحة منْع وصول قائد الجيش. لكن كلما اقتربت المسائل من حتمية الخيار تقول المعارضة إن باسيل قد يختار أهون الشرّيْن بين فرنجية وعون. فالأخير يحظى بتأييد من «القوات اللبنانية» في حال وصل ترشيح أزعور الى حائط مسدود وفرضت التسوية النهائية اسم قائد الجيش. وهذا الأمر يضعه رئيس التيار الحر في الحسبان، خصوصاً ان بكركي لا تمانع وصول عون ما يعيطه تغطية مسيحية. ومن الطبيعي أن أي مفاوضات مع باسيل ستشمل موقع التيار في العهد الجديد وفي الحكومة وفي قيادة الجيش وفي التعيينات من الفئة الاولى، ما يعني أن أي احتمالات قد يفتحها لقاء الدوحة في اتجاه اختيار اسمٍ غير مرشح «حزب الله» وغير مرشح خصومه، سيشرع باب المساومات من جانب الحزب والتيار، لأن كليهما في خندق واحد حتى الآن في رفض قائد الجيش، وإن كان اعتراض باسيل أشدّ تطلباً. ففي النهاية يتعلّق الأمرُ بموقع مسيحي وبالرئاسة الأولى التي لم يحصل عليها مَن كان رئيس الجمهورية السابق يعدّه لخلافته، لكن باسيل لن يتركها لغيره بسهولة.

تلازم الانهيارين السوري واللبناني..سوق واحدة في بلدين

تضخم ركودي وتراجع قيمة العملة وانخفاض بالقدرة الشرائية

يعتقد خبراء أن أزمة لبنان المالية أسرع حلاً من السورية

بيروت: «الشرق الأوسط»... تكاد عبارة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد: «شعب واحد في بلدين»، تنطبق على تلازم الانهيار المالي في البلدين، وسط حقيقة لا ينكرها أحد بأن هناك ترابطاً متبادلاً بين الاقتصادين السوري واللبناني، في حين أثرت الأزمة المالية والمصرفية اللبنانية في الاقتصاد السوري، لكون لبنان لطالما شكل رئة يتنفس منها الاقتصاد السوري في سنوات الحرب، وفي ظل العقوبات الاقتصادية على دمشق. ومع أن التقديرات تشير إلى «ارتباط» في الاقتصادين، بالنظر إلى أن انهيار العملة في لبنان كان يتبعه انهيار مماثل في سوريا والعكس صحيح، وذلك قبل تدخل المصرف المركزي اللبناني لدعم الليرة اللبنانية عبر منصة «صيرفة»؛ فإن هذا الجانب يبقى محل نقاش؛ إذ يتباين الخبراء في توصيف الوضع القائم. ويؤكد الخبير الاقتصادي اللبناني الدكتور محمود جباعي، أنه ليس مع فكرة الارتباط العلمي في موضوع سوريا ولبنان بالعملة، لافتاً إلى أن تشابهاً حصل في الفترة الأخيرة، لجهة انهيار العملة في البلدين. ويشرح جباعي في حديث لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «في لبنان، يعد الفساد هو مسبب الأزمة، وتمثل في هدر أموال المودعين، وتطبيق النظام الليبرالي بشكل خاطئ، وسيطرة الاحتكارات على الأسواق، والتّدخل السياسي بالاقتصاد»، لافتاً إلى أن «هذه العوامل كلها ساعدت كأسباب للأزمة التي انعكست لاحقاً على القطاع المصرفي، وأيضاً على القطاع الخاص والعام في لبنان». وعليه، تصبح مسببات الانهيار، حسب جباعي، «بنيوية لها علاقة بالاقتصاد والمالية، وعدم إدارة الأزمة بشكل صحيح، لا سيما بعد حصول مشاكل سياسية عدة في لبنان منذ 2005 وحتى اليوم ضغطت على الاقتصاد».

ممر يتخطى العقوبات

أما في سوريا، فأكد جباعي أن الأزمة بدأت مع بداية الحرب في 2011، وليس قبل هذا التاريخ، «حيث كانت تتمتّع سوريا باكتفاء ذاتي بشكل كبير جداً بالزراعة والصناعة». من هنا، «لا يمكن مقارنة سوريا بلبنان؛ إذ إن سوريا هي بلد منتج لديه أمن غذائي، ونسبة استيراد قليلة للأمور الضرورية، أما الأمور الأساسية فكانت موجودة ومتوفّرة في سوريا، التي كانت تصنّع سيارات في الفترة الأخيرة، وهي يمكن اعتبارها أيضاً بلداً نفطيّاً، فكان الوضع في سوريا أفضل». ويرى جباعي أن انهيار عملتي البلدين من الناحية الاستراتيجية «هو أمر مختلف وغير مرتبط، إلا أن البعد الجيواقتصادي للبلدين فيه ترابط»؛ ذلك أن انهيار العملة في سوريا أدى إلى بعض المشاكل في لبنان. وقال: «العقوبات على سوريا وعدم قدرتها على الحصول على المواد الأساسية أدى إلى استغلال السوق اللبنانية ليتم تهريب الدولار إلى سوريا، وهذا التهريب مستمر حتى اليوم من أجل المضاربة في سوريا، وأيضاً من أجل تأمين بعض السلع، وخاصة في فترة الدعم»، لافتاً إلى أن 22 ملياراً ذهبت إلى سوريا؛ «لأنه لا قدرة لها على جلب هذه المواد من الخارج، فأتوا بها من لبنان وحقق التجار الأرباح من خلال هذا الأمر، وهذا ما شكل ترابطاً مباشراً».

قطاع التهريب

ويرفض جباعي ربط أزمة سوريا بالأزمة اللبنانية فقط بموضوع تهريب الدولار إلى سوريا أو تهريب مواد. ويشرح: «لطالما كانت سوريا عندما كان اقتصادها قويّاً، المؤثر الإيجابي على لبنان من الناحية التجارية وغيرها. من هنا، عندما حصلت الأزمة في سوريا كان لها انعكاس على لبنان الذي خسر الاستيراد والتصدير المتبادل بين البلدين». ورأى أن أزمة لبنان قابلة للمعالجة أسرع من أزمة سوريا؛ «لأنه لا عقوبات خارجية مباشرة على لبنان، إنما هو بحاجة لوفاق داخلي، خصوصاً بعدما تمكّن القطاع الخاص من التحسّن»، ويؤكد: «إننا بحاجة إلى بناء دولة بشكل سريع ممنهج مع إصلاحات». أما الملف السوري «فمعالجته سياسية عبر رفع العقوبات، ويبقى أن يتمكن لبنان من الاستفادة من إعادة إعمار سوريا إن كان هناك علاقات جيدة بين الحكومة اللبنانية والحكومة السورية».

النفط السوري

على مدى سنين طويلة شكل العائد النفطي في سوريا رافداً مهماً جداً للخزينة السورية على الرغم من الحجم المتواضع للإنتاج، وبقي النفط حتى ما قبل الحرب على سوريا ببضع سنوات يمثل ما يقرب من 65 في المائة من قيمة الصادرات السورية، فضلاً عن دوره في تحقيق جانب مهم من الاكتفاء الذاتي فيما يتعلق بحاجات سوريا من الوقود وحوامل الطاقة. انطلاقاً من هذا الواقع، يرى الخبير والباحث السوري الدكتور أسامة دنّورة أن «استمرار الاستحواذ على النفط السوري بإشراف القوات الأميركية يلعب دوراً مهماً جداً في اختلال الميزان التجاري السوري، الأمر الذي يعد مكملاً للإجراءات الاقتصادية أحادية الجانب، والحصار متعدد الأوجه، وقانون (قيصر)، وسواها من العقوبات التي تطبقها الولايات المتحدة الأميركية والمجموعة الغربية ضد الاقتصاد السوري، والتي تعد جزءاً أساسياً من مسبّبات التراجع في المستوى المعيشي والمعاناة المستمرة للشعب السوري». أما الجانب الآخر، بحسب دنّورة، «فيتعلق بانعكاسات الحرب على الاقتصاد، من دمار البنية التحتية، والخسائر التي أصابت مقومات الإنتاج، إلى الانكماش الذي أصاب الاقتصاد السوري ككل، وتخلفه عن مواكبة التطور التكنولوجي، والحفاظ على مكانته في أسواق التصدير خلال عقد وأكثر من الزمان؛ كلّها عوامل تلقي بظلها الثقيل على المشهد الاقتصادي السوري اليوم». ويعيد أسباب تدهور الاقتصاد إلى «اللاءات الغربية الثلاث»، وهي «لا للتطبيع، ولا لإعادة الإعمار، ولا لرفع العقوبات». ويقول إنه «في ظل العجز الكبير في الميزان التجاري (رغم إجراءات الحد من الاستيراد)، فإن تمويل حاجات الاستيراد والإنفاق الحكومي عبر الإصدار النقدي غير المغطى بالإنتاج السلعي سيؤدي حتماً إلى تراجع مطرد في قيمة العملة مقابل باقي العملات».

ترابط بين أزمتي لبنان وسوريا

وعن الترابط بين لبنان وسوريا في الأزمة المالية، يؤكد دنّورة أن «هناك تأثيراً متبادلاً ما بين الاقتصادين السوري واللبناني، والأزمة المالية والمصرفية اللبنانية أثرت في الاقتصاد السوري، كما أن التراجع في الوضع الاقتصادي السوري أثر على لبنان». فمن الجانب الأول، «مثلت مصارف لبنان مساراً غير مباشر لتشغيل رؤوس الأموال السورية المهاجرة إلى لبنان ضمن اقتصاد منفتح على المشهد الاقتصادي والمالي الدولي، وبالتالي كانت الأزمة المالية والمصرفية اللبنانية مزدوجة الضرر على الاقتصاد السوري، فمن جهة لم يعد المودع السوري قادراً على تحرير ودائعه لإعادة توظيفها في سوريا بعد تحسن الأوضاع، ومن جهة أخرى كفت هذه الودائع عن أن تكون منتجة عبر إيقاف دفع فوائد هذه الودائع، أو حتى إضافة الفوائد اسمياً إلى الوديعة المجمدة». وضمن هذا المشهد «تراجعت تحويلات العملات الأجنبية إلى سوريا بقدر لا يستهان به، لا سيما في ظل وجود تقديرات تذهب إلى أن حجم الودائع السورية في المصارف اللبنانية قد يصل إلى 30 أو 40 مليار دولار». وفي الجانب الآخر، شكّل تراجع قدرات الإنفاق لدى المواطن السوري، وتعقيدات عبور الحدود بين البلدين (لا سيما بعد جائحة «كورونا» وحتى اليوم) عاملاً إضافياً من عوامل تزايد الكساد في القطاعات التجارية والسياحية والإنتاجية اللبنانية؛ إذ كان المتسوق السوري واحداً من فواعل زيادة الطلب على التجارة والخدمات، ومصدراً لضخ النقد في الاقتصاد اللبناني. ويشير دنّورة إلى أن البلدين «يعيشان اليوم معالم ومظاهر متشابهة للأزمة الاقتصادية، فالتضخم الركودي والتراجع المستمر لقيمة العملة، والانخفاض الشديد للقدرة الشرائية؛ هي بمجملها مظاهر مشتركة للوضع الراهن في كلا البلدين، حيث تواجه سوريا تحدي إعادة الإعمار الإنشائي والاقتصادي، في حين يواجه لبنان بدوره تحدي إعادة الإعمار الاقتصادي».

انهيار نظام القيم في لبنان على وقع تداعي القطاعات والمؤسسات

حوادث اغتصاب وتعنيف ورمي رُضّع على الطرقات... زادت الأزمة المعيشية من ظواهر الإخلال بالأمن

الشرق الاوسط...بيروت: بولا أسطيح.. أ​كثر من حادثة اتسمت بالعنف، وأكثر من جريمة شهدها لبنان خلال الشهر الجاري، هزت المجتمع اللبناني، وطرحت أكثر من علامة استفهام عما إذا كان ما يحصل انهياراً لنظام القيم، وما إذا كان ذلك مرتبطاً بالأزمة المالية الحادة التي يشهدها البلد منذ عام 2019، والتي أدت لتداعي معظم القطاعات والمؤسسات.

ولم يعتد اللبنانيون هذا الكم من العنف الذي يطول الأطفال بشكل أساسي.

فقد افتُتح هذا الشهر على جريمة اغتصاب الطفلة لين طالب، ابنة الست سنوات، في منطقة عكّار (شمال لبنان)، والتي أدت إلى وفاتها. وادّعت المحامية العامة الاستئنافية في الشمال، القاضية ماتيلدا توما، على جدّ الطفلة لأمّها، كما على والدتها، في ملف الاعتداء عليها والتسبب بالإيذاء القصدي، والتستُّر على الجريمة بالنسبة إلى الأخيرة. وبعد أيام على الكشف عن جريمة اغتصاب الطفلة ومقتلها، أثار مقطع فيديو يظهر تعرض عدد من الأطفال والرُّضَّع للضرب والتعنيف والإهانة داخل حضانة في لبنان، موجة من الغضب والصدمة. وقد ادَّعت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون على الموظفة، بجرم محاولة قتل وإيذاء أطفال. كما ادَّعت على صاحبة الحضانة بجرم الإيذاء، لعدم القيام بالمراقبة اللازمة في الحضانة. وقبل أيام معدودة، اهتزَّ الرأي العام اللبناني مجدداً، مع العثور على 3 أطفال حديثي الولادة مرميين على قارعة الطريق، في حادثتين منفصلتين، إحداهما حصلت في طرابلس بالشمال، والأخرى في منطقة نهر إبراهيم بجبل لبنان. ويوم الخميس الماضي، دخل العنف منازل اللبنانيين، نتيجة تضارب سياسي وإعلامي لبنانيين على الهواء مباشرة، أثناء حوار تلفزيوني. وتحولت مشادة كلامية، خلال برنامج «صار الوقت» الذي يقدمه الإعلامي مارسيل غانم، إلى تضارب، بعدما اعتدى رئيس حزب «التوحيد العربي» الوزير السابق وئام وهاب، على الإعلامي سيمون أبو فاضل، خلال مشاركتهما في البرنامج الحواري. ويربط كثيرون تصاعد وتيرة العنف والإجرام بالضيق الذي يعيشه قسم كبير من اللبنانيين، نتيجة الأزمة المالية التي تعصف بالبلد منذ 3 أعوام ونصف عام. وتعدُّ الدكتورة منى فياض، الأستاذة في علم النفس أن «طول أمد الانهيار المالي دون أفق للحل، وترافقه مع انهيار معظم القطاعات، له الأثر الأكبر في تعدد مظاهر العنف»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «عدم تطبيق القانون على جميع اللبنانيين سواسية، وشعورهم بأن هناك من هو فوق القانون، يشجع -لا شك- المجرمين على اقتراف جرائمهم». وتضيف فياض: «من دون أن ننسى أن لدينا فائضاً من اللاجئين، وصراعاً على استهلاك الموارد القليلة، ما يؤثر على الوضع النفسي الشخصي كما الجماعي». من جهتها، ترى مستشارة الصحة النفسية سابين صادر، أن «الإحباط نتيجة الأزمة المالية يفاقم مظاهر العنف؛ لكنه لا شك لا يمكن ربط هذه المظاهر حصراً بالأزمة؛ لأننا نتحدث هنا عن جرائم، والضيق المالي لا يؤدي وحده لمثل هذا النوع من الجرائم». وقالت في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إننا في لبنان عشنا في السنوات الماضية أزمات متعددة، أدت لزيادة الخلل النفسي عند الأشخاص الذي يعانون أصلاً من هذا الخلل؛ سواء لجهة المكوث لأشهر طويلة في المنزل نتيجة (كورونا) أو انفجار مرفأ بيروت الذي أدى لصدمة كبيرة لدى الغالبية العظمى من الناس، وكلها أحداث تزامنت مع الأزمة المالية والانهيار الذي شهده البلد على الصعد كافة، ما أثر على الصحة النفسية للناس»، مضيفة: «لكن هناك أشخاصاً لا يحبذون اللجوء للعلاج النفسي، أو لا يعرفون أصلاً أنهم مضطربون نفسياً». وتوضح صادر أنه «في كل المجتمعات هناك ظواهر من هذا النوع، وكذلك في المجتمع اللبناني ومنذ زمن بعيد. لكن ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وتعددها، بتنا نسمع أكثر بهذه الجرائم وبسرعة أكبر»، مشددة على أنه «ما دام العقاب ليس على مستوى الجريمة، وما دام هناك من يلجأ للجريمة لقناعته بأنه لا خيار له إلا بأخذ حقه بيده في ظل غياب العدالة، فمثل هذه الجرائم ستتكرر؛ خاصة أن التضامن الشعبي مع الضحايا يستمر أياماً وأسابيع وينتهي بعدها، ويبقى هؤلاء الضحايا وعائلاتهم يصارعون وحدهم مصيرهم».



السابق

أخبار وتقارير..الحرب الروسية على اوكرانيا..بوتين يلمّح إلى توسيع رقعة الحرب..بوتين يفتح النار على بولندا وليتوانيا..«طموحات قادة أوروبا الشرقية تؤجج الحرب»..بايدن يرشح امرأة لقيادة سلاح البحرية..الحكومة الفرنسية متهمة باستخدام إجراء لمكافحة الإرهاب ضد ناشطين أوروبيين..رئيس وزراء أرمينيا يتهم أذربيجان بارتكاب «إبادة»..ولا يستبعد حرباً جديدة..وزير دفاع طالبان: لا نحتاج لأي تعاون مع واشنطن.. وداعش فتنة..

التالي

أخبار سوريا.."قسد" توضح أسباب الفصل بين الأمهات والأطفال في مخيمات سوريا..تقرير يكشف وجود ميليشيات تابعة لإيران أو على صلة بها في سوريا لا تخضع للعقوبات الغربية..ميليشيا أمنية تختطف 40 شخصاً من أبناء درعا وتطالب ذويهم بدفع أكثر من مليون دولار..قيادي سابق في «جيش الإسلام» للمثول أمام محكمة فرنسية..

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,260,269

عدد الزوار: 7,626,325

المتواجدون الآن: 0