أخبار سوريا.."صرخات استثنائية" تهاجم الأسد من الساحل السوري..مرحلة "لن تخمد بسهولة"..احتجاجات السويداء تتمدد..وهتافات بإسقاط نظام الأسد..سوريا تغلي..إسرائيل تضرب..والاحتجاجات تتواصل.. ساد إغفال شبه تام من جانب الإعلام الرسمي والخاص لما يجري في السويداء..تركيا تخطط لتوحيد إدارة مناطق سيطرتها شمال سوريا بتعيين حاكم واحد..«هجمة» عسكرية أميركية على سوريا: الردع بـ«الاستعراض»..«حفلة» تعزيزات على الحدود مع العراق: لا خططَ هجوم..إلى الآن..

تاريخ الإضافة الأربعاء 23 آب 2023 - 4:56 ص    عدد الزيارات 646    التعليقات 0    القسم عربية

        


"صرخات استثنائية" تهاجم الأسد من الساحل السوري.. مرحلة "لن تخمد بسهولة"....

الحرة....ضياء عودة – إسطنبول.... كسرت سلسلة تسجيلات مصورة انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي حالة من الصمت لطالما خيّمت على مناطق الساحل السوري خلال سنوات الحرب الماضية، ورغم أن الكثير من السوريين أطلقوا العبارات التي احتوتها ورددوها مرارا، بدت مختلفة و"استثنائية" في شكلها الجديد، وفق مراقبين، سواء من خلفية من ظهر بها أو الأوساط التي كان تؤطر فيها سابقا. واحدٌ من هذه التسجيلات تعود لأيمن فارس من مدينة بانياس الساحلية، ووجه فيه انتقادات وكلمات لاذعة استهدفت رأس النظام السوري، بشار الأسد، بقوله: "ماذا فعلت؟ أنت وزوجتك يا بشار الأسد أفقرتم الشعب وتهرّبون الأموال للخارج. سوريا كلها عبارة عن أفرع أمنية ورؤسائها يتحدثون بالقصور والمليارات.. وروح بلط البحر". لم تمض ساعات على التفاعل الذي أثاره هذا التسجيل حتى خرج الناشط السوري ماجد الدواي من محافظة اللاذقية، قائلا في بث مباشر عبر "فيس بوك": "أنت يا بشار الأسد أطلقت في 2011 شعار الله سوريا شعبي وبس.. لكنك منافق وكاذب"، مردفا: "نحن الآن في 2023 والبلد تتجه إلى ثورة كرامة جديدة". وأضاف الداوي: "لن أصف الثورة الماضية بالعمالة ولكن سأختصر عليك (موجها حديثه للأسد) كل التهم التي تم توجيهها لثورة 2011 من عمالة وغيرها، لأنه لا يوجد الآن لا داعش ولا جبهة النصرة ولا عرعور آخر في السعودية يستنفر الشعب. الآن هناك حقيقة واحدة فقط هي أن (البلد قامت ورح نكسر راسك)"، وفق تعبيره. ويأتي تعالي هذه "الأصوات والصرخات الاستثنائية"، حسب تعبير مراقبين وصحفيين تحدثوا لموقع "الحرة" في وقت تدخل فيه المحافظات السورية الخاضعة للنظام السوري أزمة معيشية غير مسبوقة، ووصلت آخر تداعياتها بتدهور سعر صرف الليرة إلى حد 16 ألف مقابل الدولار الأميركي الواحد. كما تأتي في أعقاب قرارات أصدرتها حكومة النظام، وقضت برفع الدعم عن المحروقات، وهو ما انعكس على قطاع النقل، وأسفر عن حالة شلل كامل دفعت السكان في محافظتي درعا والسويداء للخروج بمظاهرات شعبية، وإعلان حالة "الإضراب العام". وما تزال المظاهرات و"الإضراب" يحكم مشهد السويداء في جنوب سوريا لليوم السادس على التوالي، في وقت لم يصدر أي تعليق من جانب النظام السوري بشأن الهتافات التي تعلو ضده، سواء في المحافظة المذكورة أو عبر مواقع التواصل من قبل أشخاص يحسبون على "الحاضنة الاجتماعية للأسد"، والموجودين في مناطق الساحل السوري.

"لن تخمد بسهولة"

وفي تسجيل ثان لأيمن فارس أشار إلى أن الأجهزة الأمنية حاولت اعتقاله بعدما هاجم الأسد، وعاد ليكرر القول يوم الاثنين: "بشار الأسد وزوجته هما المسؤولان عن إفقار الشعب"، معتبرا أن "المساعدات التي جاءت إلى مناطق الزلزال بيعت للتجار الكبار والمافيا وتم دفنها ورميها دون أن تحصل عائلات الشهداء على أي مساعدة". من جهته أثنى ماجد الداوي عبر البث الذي نشره في "فيس بوك" على الحراك الحالي في مدينة السويداء، مؤكدا أن "مدن الساحل السوري ستنضم إلى الاحتجاجات، وستخلع بشار الأسد من السلطة". واتبع الناشط أحمد إبراهيم إسماعيل من محافظة اللاذقية ذات المسار الانتقادي والهجومي عبر وسائل التواصل، قبل أيام، لكن الأمر كلفه الاعتقال على يد "فرع الأمن العسكري"، بحسب ما تحدثت ابنته في فيديو، وطالبت بأن "يتم تحويل الحادثة إلى قضية رأي عام، لتتمكن العائلة من الاطمئنان عليه، ومساعدته على تأمين أدويته وطعامه". ومنذ عام 2011 كان ينظر إلى مناطق الساحل السوري بعين تشوبها الحساسية، ورغم أنها شهدت خروج مظاهرات شعبية في الأيام الأولى للثورة واعتقل ناشطون فيها، خفت صداها شيئا فشيئا، ولم تواكب الحالة التي شهدتها مدن سورية أخرى، كدرعا وحمص وإدلب وحلب وأرياف دمشق، وصولا إلى الشرق في دير الزور والرقة والحسكة. وقدمت مناطق الساحل عدد لم يتم إحصاؤه من القتلى الذين انخرطوا في صفوف قوات النظام السوري، الأمر الذي دفع معارضين لوصفها واعتبارها بأنها "الخزان الأساسي ومركز الثقل الاجتماعي المؤيد للأسد". ولذلك يرى صحفيون ومراقبون أن الصرخات الخارجة منها الآن "استثنائية ونادرة" لاعتبارات تتعلق بموقعها الخاص بالنسبة للنظام السوري أولا، والذي لم يكن كفيلا على مدى سنوات يإبعاد السكان فيها عن "حد الجوع والفقر" و"شبح فساد المنظومة الحاكمة". ومن غير الواضح حتى الآن المسار الذي ستكون عليه هذه الانتقادات والعبارات اللاذعة ضد الأسد ومسرحها وسائل التواصل الاجتماعي، وما إذا كانت ستنعكس على الأرض، في ظل دعوات وجهها صحفيون من مناطق الساحل بأنفسهم، قبل أيام. كنان وقاف أحد هؤلاء الصحفيين كان قد اعتاد في أثناء وجوده بسوريا على انتقاد الفساد الكامن في الحكومة والسلطة، ما عرضه للاعتقال من قبل الأجهزة الأمنية لأكثر من مرة. ويوضح وقاف في حديث مع موقع "الحرة" أن "الأصوات التي تخرج في الساحل السوري والذي يعتبر الخزان البشري الأهم والبيئة الخاضنة للنظام لا يمكن اعتبارها حالة فردية قام بها بعض الأشخاص فقط". على العكس "هي حالة استياء عامة، بدليل حجم التأييد لها على منصات التواصل الاجتماعي والصفحات من الساحل السوري نفسه". ويقول الصحفي: "يمكن وصف ما يحصل بكلمة استياء عام لم يرق ليصل إلى حالة ثورة. ولكنه ذو تأثير شديد الخطورة على النظام". وتكمن هذه الخطوة بأن "الاستياء يهدد وجود النظام بمعنى الكلمة، لاعتبار أن أجهزة النظام القمعية تنحدر من هذه البيئة المستاءة". وفي حين "تبدو الأصوات التي تعلو فردية إلا أنها تعبر عن حالة عارمة من الاستياء، نتيجة الظروف الحياتية والمعيشية اليومية التي وصل إليها السوريون في مناطق سيطرة النظام السوري"، بحسب ما تقول المهندسة والناشطة الحقوقية، هنادي زحلوط. وتوضح الناشطة لموقع "الحرة" أن "حالة الاستياء تتمثل بالضرورة بأصوات فردية نتيجة أجواء القمع المستمرة منذ عام 1970"، وأن هذه "الأجواء حولت سوريا لمملكة رعب، لكن سوء الأوضاع المعيشية دفعت الناس للصراخ".

"تغيّر كل شيء إلا الأسد"

وطوال 12 عاما لم يتبق في سوريا أي شيء على حاله، وبينما تدمرت معظم المحافظات السورية بفعل القصف والمعارك وقتل مئات الآلاف وتهجّر ونزح الملايين، بات من بقي على قيد الحياة في صدارة البيانات التي تصدرها الأمم المتحدة وبرنامج الغذاء العالمي عن "الجوع والفقر". في المقابل بقي شيء وحيد لم يتغير، حسب سوريين وهو السياسة الخاصة بالنظام السوري سواء فيما يتعلق بالانخراط في الحل السياسي في البلاد أو على مستوى العقلية الأمنية التي يحكم من خلالها البلاد، منذ عقود. وما يزال النظام السوري يتهرب من الخوض بمسارات الحل السياسي، وأبرزها ما ينص عليه القرار الأممي 2254، الصادر من مجلس الأمن في عام 2015، فيما استبعد رئيسه بشار الأسد مؤخرا في مقابلة تلفزيونية مع قناة "سكاي نيوز عربية" أي نية لترك الحكم. واعتبر الأسد أن المظاهرات التي خرجت في 2011 "لم يتجاوز أفرادها في أحسن الأحوال مئة ألف ونيف وفي كل المحافظات السورية"، وقال إن "العدد الأكبر من الشعب يدعم القضايا التي يدعمها الرئيس". وفي مارس الماضي كان "برنامج الأغذية العالمي" قال إن حوالي 12.1 مليون شخص في سوريا، أي أكثر من نصف عدد السكان، يعانون من انعدام الأمن الغذائي. وتجعل هذه الأرقام من البلاد من بين البلدان الستة التي تعاني من أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي في العالم. ويتوقع مراقبون أن تزداد الأوضاع المعيشية سوءا، ولاسيما بعد القرارات الأخيرة التي رفعت الدعم عن المحروقات، ما انعكس على أسعار الكثير من السلع التي تحتاجها العوائل يوميا.

"لن تخمد بسهولة"

وكان الممثل السوري، بشار إسماعيل، قد انضم إلى موجة الانتقادات، ووجه سؤالا قاصدا فيه بشار الأسد في "فيس بوك": "ماذا تحتاج البلاد من الحاكم؟ - توفير المال العام للإنفاق على إصلاح شأن البلاد وشأن ساكنيها من الوجوه جميعا، وإدارة أحوال الناس جميعا بالعدل والإحسان وبأفضل السبل والوسائل، الاعتناء بتنمية البلاد عمرانيا، وحماية حدودها من الأعداء والطامعين بها". وتابع: "هذا ما تحتاجه البلاد من الحاكم وهو الذي قال: الله سوريا شعبي وبس....ونحن ننتظر..."، ومن ثم أضاف نجله حسن في منشور منفصل: "وجبة العبد الأخيرة.. لحم سيّده". ويرى الكاتب والناشط السياسي، بسام يوسف، أنه "من الطبيعي أن تخرج هكذا أصوات في الوقت الحالي"، ويعتقد أنها "ستتصاعد في المرحلة المقبلة، بسبب الحالة المأساوية التي وصلت إليها النسبة الساحقة من الشعب السوري، في مقدمتها أبناء الساحل". ويقول يوسف لموقع "الحرة": "الحالة تدفع الناس لكي يصرخوا. أكثر المناطق فقرا هي الساحل، والصرخات التي تخرج منه هي انعكاس لموقف عام هناك يدور في نفوس الغالبية". ورغم أن "الأصوات من الساحل لها أهمية استثنائية وما تزال فردية وغير منظمة" فإنها "تمثل الرأي العام"، وبالتالي تلقى ارتياح أو موافقة ضمنية من معظم الناس. ويضاف إلى ذلك أنها "تكسر جدار الخوف"، ويرجح الكاتب يوسف أن "تكون متتالية وتجتاح مدن الساحل". ومن الملاحظ أن "الحراك غير منظم وغير منضبط كما يدعي النظام السوري، فالأصوات التي انطلقت من الساحل كانت من مستويات ثقافية متعددة"، ويعتقد الصحفي وقاف أنها "لن تخمد بسهولة"، لاعتبار يتعلق بمستوى الانتقاد "الذي يطال منذ البداية رأس النظام". "الأصوات تعبر عن انكشاف ادعاءات الأسد السابقة، وتكشف حجم الخديعة التي مارسها على بيئته الحاضنة ليزجهم في أتون حرب طاحنة جعلتهم يخسرون خيرة شبابهم". ويضيف وقاف: "هذا ينبئ بتطور الحراك بشكل حتمي".

"مرحلة جديدة"

وتواصل الأوضاع في سوريا التدهور باتجاه "الأسوأ"، ولا توجد أي بوادر للحل السياسي أو ضوء في آخر النفق، وكذلك الأمر بالنسبة للوضع المعيشي، الذي وصل إلى مستويات "خطيرة"، حسب منظمات دولية. وكان الأسد وزوجته أسماء قد اعتادوا خلال السنوات الماضية إجراء زيارات إلى مدن وقرى وبلدات الساحل السوري ذات الغالبية العلوية، ووجهوا سلسلة رسائل مؤخرا تتعلق بالوضع المعيشي، والعمل من أجل تحسينه. لكن لم يترجم ذلك على الأرض، وعلى العكس جاءت القرارات الأخيرة برفع الدعم وما تلاها من شلل حالة النقل والتهاب الأسعار، لتزيد من حالة الانسداد على نحو أكبر، فيما أسفرت عن انفجار شعبي تتصدره الآن مدينة السويداء، ذات الغالبية الدرزية. وتعتقد الناشطة، هنادي زحلوط، أن "الحراك الذي يبنى من تسجيلات معينة ويثير جدلا سياسيا داخل وخارج سوريا سيتحول بالضرورة إلى حراك حقيقي، لأن عجلة التاريخ والصيرورة التاريخية تمضي للأمام دائما". وتقول: "الناس في الفترة الأولى بحاجة إلى التنفيس عن الواقع والحديث عن المعاناة، ومن ثم هناك درجة من الوعي لتشخيص المشكلة وأسباب الجوع والغلاء".

حالة من الغضب بسبب تضييق النظام السوري على المواطنين في البلاد

"الناس يتحدثون عن النظام في دمشق بأنه سبب الأزمة على كل المستويات، والسوريون في الداخل على ثقة أنهم سيخرجوا بحلول تناسب وضع البلد وخصوصيته وتاريخيه". وتضيف الناشطة: "تعلمنا من التجربة السورية أنه لا يمكن التنبؤ بكيف ستسير الأمور، لكني لدي رهان على السوريين الذين خاضوا تجربة قاسية لم يخضها أي شعب منذ الحرب العالمية الثانية". وتتابع: "السوريون اختبروا كل القناعات والأفكار، ووصلوا في الداخل والخارج إلى قناعة أنه يجب العمل معا من أجل مستقبل بلد لا يمكن العيش فيه دون النهج التشاركي"، وأنه "لا يمكن أن تقوم سوريا دون المشاركة من الجميع وبأفكار وجهد الجميع". ويوضح الكاتب السوري يوسف أن "النقطة الأهم في الوقت الحالي هي ضرورة تنظيم هذا الجهد وعدم تركه بشكل فردي"، في إشارة منه إلى الأصوات المنتقدة لسلطة الأسد في الساحل. ويضيف أن "كل الأصوات تنطلق من هدف واحد ولو أنها غير منسقة، وقد يكون التنسيق مرحلة تالية سيكون للنخب السياسية والثقافية دورا وأهمية فيها". "السوريون في كل البلاد وخاصة في مناطق سيطرة النظام والساحل في مرحلة جديدة، ويجب عليهم دراستها بدون انفعال وبهدوء"، ويتابع الكاتب السوري: "يوجد بناء شعبي يتزامن مع بدء انهيار النظام، ويجب على كل السوريين المساعدة في تأسيسه في المرحلة المقبلة".

احتجاجات السويداء تتمدد..وهتافات بإسقاط نظام الأسد

رويترز... تظاهرات السويداء استمرار لثورة 2011

قال ناشطون ومراقبون إن حشودا أطلقت هتافات مناهضة للحكومة السورية في نحو 10 بلدات وقرى بمحافظة السويداء جنوب البلاد، الثلاثاء، مع انتشار الاحتجاجات على الإجراءات الاقتصادية الجديدة التي تتخذها السلطات. وذكر موقع (السويداء 24)، وهو منصة للناشطين تسعى إلى توفير تغطية إعلامية للمحافظة، أن الهتافات المطالبة بإسقاط النظام تعالت في مظاهرة كبيرة بمدينة السويداء مركز المحافظة. وحمل صبي في بلدة أخرى لافتة تساءل عليها عن سبب رفع سعر رقائق البطاطس، في إشارة إلى ارتفاع أسعار الغذاء. وتمر سوريا بأزمة اقتصادية خانقة أدت إلى انخفاض قيمة عملتها إلى مستوى قياسي بلغ 15500 ليرة للدولار الواحد، الأسبوع الماضي، في انهيار متسارع. وكانت العملة تُتداول بسعر 47 ليرة للدولار في بداية الصراع قبل 12 عاما. وظلت السويداء التي يقطنها معظم دروز سوريا تحت سيطرة الحكومة منذ بداية الصراع، ونجت إلى حد بعيد من الاضطرابات التي شهدتها مناطق أخرى. ولا تزال المعارضة الصريحة للحكومة نادرة في المناطق التي تسيطر عليها. واندلعت مسيرات مناهضة للحكومة في المحافظة الأسبوع الماضي بسبب ارتفاع أسعار البنزين الذي زاد من الضغط على الأسر التي تكابد بالفعل من أجل توفير الغذاء. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يراقب تطورات الحرب في سوريا إن المسيرات امتدت على مدار أسبوع حتى الآن لتشمل 11 مدينة وبلدة وقرية في المحافظة. وأضاف المرصد أن جميع الدوائر الحكومية والمحلات التجارية تشهد إغلاقا تاما في عدة مناطق. ولم تعلق السلطات السورية علنا ​​على الاحتجاجات. وذكرت صحيفة الوطن الموالية للحكومة، الثلاثاء، أن المتظاهرين عطلوا عمل البنوك والمؤسسات الحكومية والمخابز.

الاحتجاجات المطلبية في السويداء «تتسيّس»

تركيا لتوحيد إدارة مناطق سيطرتها شمال سوريا بحاكم واحد

أنقرة: سعيد عبد الرازق دمشق: «الشرق الأوسط»

يبدو أن الاحتجاجات المطلبية التي تشهدها بلدات وقرى بمحافظة السويداء جنوب سوريا، بدأت تتسيّس وتتسع إلى معقل الموالين للنظام؛ حيث أطلق المتظاهرون، أمس الثلاثاء، هتافات مناهضة للحكومة. وفي محافظة درعا غرب السويداء، تواصل خروج مظاهرات ليلية وسط حالة من الغليان والاحتقان في عموم البلاد؛ حيث قامت «حركة 10 آب»، بنشر منشورات ورقية تتضمن عبارات مناهضة للنظام في أحياء مدينة الضمير التابعة لمنطقة القلمون بريف دمشق. واندلعت مسيرات مناهضة للحكومة في المحافظة، الأسبوع الماضي، بسبب ارتفاع أسعار البنزين الذي زاد من الضغط على الأسر التي تكابد بالفعل من أجل توفير الغذاء. وبينما لم تعلق السلطات السورية علنا على الاحتجاجات، ذكرت صحيفة «الوطن» الموالية للحكومة، أمس الثلاثاء، أن المتظاهرين عطّلوا عمل البنوك والمؤسسات الحكومية والمخابز. في الأثناء، ذكرت تقارير أن تركيا تخطط لتوحيد إدارة المناطق الخاضعة لسيطرة قواتها وفصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي، شمال وشمال شرقي سوريا، عبر تعيين حاكم واحد يتولى سلطات إدارة تلك المناطق بدلاً من 7 ولاة عُينوا للتنسيق هناك، وذلك بهدف منع الارتباك في إدارة تلك المناطق. وحسب صحيفة «تركيا» القريبة من الحكومة، سيتم تعيين حاكم واحد (والي) للمناطق الآمنة التي تسيطر عليها القوات التركية والفصائل شمال سوريا، بهدف إزالة ارتباك السلطة هناك وإدارة العلاقات بدرجة عالية من التنسيق مع أنقرة. وتقول مصادر، إن تركيا لم تدّخر جهداً لتكريس الأمر الواقع من خلال تبني سياسات «تتريك» ممنهجة، عمدت إلى تغيير السجل المدني للسكان الأصليين في المناطق، وسحبت البطاقة الشخصية والعائلية السورية من القاطنين في تلك المناطق واستبدلت أخرى بها تركية.

سوريا تغلي..إسرائيل تضرب..والاحتجاجات تتواصل

ساحة السير بالسويداء تهتف برحيل النظام وساحة الأمويين تحتفل بعيد العلم الروسي

دمشق : «الشرق الأوسط»... لليوم الثالث على التوالي واصل المحتجون في محافظة السويداء تنفيذ وقفاتهم الاحتجاجية والتظاهر في الساحات العامة وسط حالة إضراب عام، وشهدت ساحة السير وسط مدينة السويداء خروج أكبر مظاهرة خلال الأيام الأخيرة؛ حيث احتشد المئات من أبناء المحافظة وهتفوا «واحد واحد الشعب السوري واحد»، ودعوا باقي المحافظات السورية للانضمام إلى الإضراب العام، احتجاجا على تدهور الأوضاع المعيشية، كما جدد المتظاهرون، اليوم، الدعوة لتجمع آخر غدا الأربعاء. وقال ناشطون ومراقبون، إن حشودا أطلقت هتافات مناهضة للحكومة السورية في نحو عشر بلدات وقرى بمحافظة السويداء جنوب البلاد، الثلاثاء، مع انتشار الاحتجاجات على الإجراءات الاقتصادية الجديدة التي تتخذها السلطات. وذكر موقع (السويداء 24)، وهو منصة للناشطين تسعى إلى توفير تغطية إعلامية للمحافظة، أن الهتافات المطالبة بإسقاط النظام، تعالت في مظاهرة كبيرة بمدينة السويداء مركز المحافظة. وحمل صبي في بلدة أخرى لافتة تساءل عليها عن سبب رفع سعر رقائق البطاطس، في إشارة إلى ارتفاع أسعار الغذاء. بحسب (رويترز). وظلت السويداء التي يقطنها معظم دروز سوريا، تحت سيطرة الحكومة منذ بداية الصراع، ونجت إلى حد بعيد من الاضطرابات التي شهدتها مناطق أخرى. ولا تزال المعارضة الصريحة للحكومة نادرة في المناطق التي تسيطر عليها. واندلعت مسيرات مناهضة للحكومة في المحافظة، الأسبوع الماضي، بسبب ارتفاع أسعار البنزين الذي زاد من الضغط على الأسر التي تكابد بالفعل من أجل توفير الغذاء. هذا، وقد تواصل خروج مظاهرات ليلية في محافظة درعا غرب السويداء، وسط حالة من الغليان والاحتقان في عموم البلاد؛ حيث قامت ما يسمى (حركة 10 آب) برمي منشورات ورقية تتضمن عبارات مناهضة للنظام في أحياء مدينة الضمير في منطقة القلمون بريف دمشق. في غضون ذلك، كانت جهات رسمية في العاصمة دمشق، تحتفل بيوم العلم الروسي، بعد إضاءة مبنى دار الأسد (الأوبرا) في ساحة الأمويين، بألوان العلم الروسي مساء الاثنين. ونظم المكتب التمثيلي للوكالة الفيدرالية للتعاون الدولي الإنساني، اليوم، بالتعاون مع مركز التنسيق الروسي، احتفالية جماهيرية تضمنت نشاطات عدة؛ منها رفع العلمين السوري والروسي في ساحة الأمويين أكبر ساحات دمشق، صباح الثلاثاء، بمشاركة منظمة اتحاد شبيبة الثورة التابع لحزب البعث العربي الاشتراكي، (الحاكم)، وتزامنت الاحتفالات بعيد العلم الروسي مع تعرض عدة مواقع في محيط دمشق لقصف إسرائيلي في وقت متأخر من ليل الاثنين. وصرح مصدر عسكري سوري لوكالة الأنباء الرسمية (سانا)، بأنه «نحو الساعة الحادية عشرة وخمس دقائق من مساء الاثنين (نفذ العدو الإسرائيلي عدواناً بصواريخ موجهة من الجولان السوري المحتل، مستهدفاً بعض النقاط في محيط مدينة دمشق)». وأضاف أن «العدوان أدى إلى إصابة عسكري بجروح ووقوع بعض الخسائر المادية». وسمعت أصوات انفجارات في أرجاء العاصمة دمشق قيل إنها ناجمة عن الدفاعات الجوية، وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان باستهداف إسرائيلي لثلاثة مواقع، في محيط دمشق، أحدها موقع بمحيط الكسوة، وقال إنه مستودع للذخيرة لـ«حزب الله» اللبناني، وبطارية للدفاع الجوي. وموقع آخر على بعد 6 كيلومترات من مطار دمشق الدولي، وجرى «استهداف آلية في مستودع قد تكون وصلت من المطار قبيل ساعات من الاستهداف»، بحسب المرصد. وتسهم الضربات الإسرائيلية في زيادة التوتر والاحتقان ضد النظام الذي يظهر عجزا عن الرد، فيما تشتد قبضته على الداخل مع تدهور غير مسبوق بالأوضاع المعيشية؛ حيث ظهر بشكل متتال خلال الأيام الأخيرة عدد من أبناء الساحل السوري الذي يعد الخزان البشري لقوات النظام، ببث مباشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ووجهوا خطابات مباشرة للرئيس ومطالبته بالتنحي والرحيل عن السلطة. وعبروا عن استيائهم من الأوضاع المعيشية، وعجزه عن إدارة البلاد، ومواجهة الضربات الإسرائيلية. وتعرض أحد المنتقدين وهو من مدينة جبلة، للاعتقال، الأمر الذي رفع منسوب التحدي عند آخرين من أبناء الساحل، ومنهم من أعاد توجيه خطاب أكثر حدة، مثل الناشط أيمن فارس، الذي سبق أن تحدى الأجهزة الأمنية أن تقبض عليه حياً. ومنذ يوم الأربعاء، تشهد مناطق سيطرة النظام حالة من التوتر والقلق بعد رفع أسعار المحروقات، الذي أدى إلى ارتفاع غير مسبوق بالأسعار حرم غالبية السوريين من الحصول على لقمة العيش.

غليان في سوريا: «كابوس 2011» لا يزال منبوذاً

الاخبار...لمى علي .. ساد إغفال شبه تام من جانب الإعلام الرسمي والخاص لما يجري في السويداء

تشهد المناطق السورية، منذ أيام، احتجاجات متفاوتة الحجم والشعارات، فجّرتها القرارات الحكومية الأخيرة برفع الدعم عن المحروقات، وزيادة الرواتب بنسبة لا تجاري حجم التضخّم الحاصل في البلاد. إلّا أن هذه الاحتجاجات، سرعان ما انزلقت في بعض المناطق، كما السويداء، إلى وجهة سياسية واضحة، تجلّت في رفع الشعارات المطالبة بتطبيق القرار 2254، وتحجيم دور روسيا وإيران في سوريا. وبينما لا يبدو أن ثمّة قيادة موحّدة لما يَجري، وأن المطالب تتّسم بالعشوائية، على رغم تركيزها في نقاط احتجاج كثيرة على الجوانب المعيشية والاقتصادية حصراً، يتخوّف السوريون المؤيّدون للإضراب الذي يعمّ محافظة السويداء حالياً، من انزلاقه إلى فخّ «الفتنة»، في ظلّ لجوء بعض المحتجّين إلى قطع الطرق، وإغلاق الدوائر الحكومية، واستعادة شعارات عام 2011.

وفي هذا الإطار، تؤيّد سلام، وهي موظّفة حكومية من منطقة قنوات، الاحتجاجات والوقفات التضامنية، لكنها ترفض إجراءات من قبيل قطع الطرق، عازيةً ذلك إلى أن «الموضوع خطير، ويعمل على تمويت المحافظة من خلال انقطاع الحركة وإقفال الأسواق، ولا سيما إذا استمرّ الأمر لفترة طويلة، ما سيزيد الوضع الاقتصادي سوءاً». أمّا ضياء، وهو أحد سكان مدينة شهبا، فيرى أن من الضروري رفع وتيرة الاحتجاح للوصول إلى نتيجة، قائلاً: «ارتفع صوت المطالبات، لأن الناس ماتت من الجوع والعطش والفساد، ولن يتراجع الشارع حتى يجد استجابة حكومية سريعة». وعلى رغم توسّع الاحتجاجات، وعلوّ نبرة الشعارات المرفوعة خلالها، إلّا أن الواضح أن ثمّة مزاجاً رافضاً للعودة إلى سيناريو 2011. ومن هنا، يطالب سوريون من مختلف المحافظات، المحتجّين، عبر مواقع الـ«سوشل ميديا»، بعدم الانجرار إلى أيّ مسار عنيف، خشيةً من تجدّد الفوضى والاقتتال. وفي هذا الاتجاه، يَعتبر غسان، وهو من سكان محافظة طرطوس، أنه «يجب التنبّه إلى التحريض والتضليل الذي سيعمل البعض عليه لجرّ سوريا نحو الهاوية... المطالب محقّة، لكن يجب التنبّه إلى الأسلوب، ومن الواضح أن الحكومة السورية تسير في اتّجاه الحلّ».

ولعلّ ممّا يزيد من تلك المخاوف، أن الاحتجاجات الأكثر حدّة سُجّلت في السويداء، التي كانت ولا تزال هدفاً لمشاريع انفصال مشابهة لما هو قائم في شمال شرق سوريا. لكن الصحافي وهاج عزام، وهو ابن المدينة، يقول، في حديث إلى «الأخبار»، إن «فكرة الانفصال عن الدولة السورية غير واردة أو مطروحة ضمن الحركات الاحتجاجية أو في الرأي العام هناك، وهي مجرّد فرضيّة من غير الصحيح أن تتكررّ الإشارة إليها طالما لم تَظهر أيّ جهة على الأرض تتبنّاها أو تنادي بها»، مضيفاً: «ليست السويداء هي التي تحتجّ على الواقع فحسب، بل كلّ المحافظات السورية، عبر ما يكتبه السوريون على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، إلّا أن الاحتجاج انتقل إلى الشارع في السويداء، ربّما لأن هذه المنطقة اعتادت ذلك في السنوات الماضية، ولم يحدث فيها صِدام بين الأهالي والأجهزة الأمنية خلال معظم تلك الاحتجاجات». من جهتها، توضح الصحافية رهان حبيب (من الريف الغربي) أن السويداء «لم تَدخل في حالة استقرار منذ مدّة طويلة، بسبب حالات الشغب والأعمال غير المشروعة والنزاعات والخطف والسرقات وغيرها»، مضيفةً، في تصريح إلى «الأخبار»، إن «الوضع الاقتصادي والاجتماعي في محافظتنا مختلف عن غيره، وهو بحاجة إلى إعادة دراسة وتقييم وجهود حكومية منظّمة». وتشدّد على ضرورة «عدم تحميل الموضوع بعداً سياسيّاً يشوّه الحراك السلمي الخالي من أعمال العنف والتخريب على عكس ما يروج له البعض»، متمنيةً أن يستمرّ الهدوء السائد حتى تتجاوب الحكومة مع المطالب.

يطالب سوريون من مختلف المحافظات، المحتجّين، عبر مواقع الـ»سوشل ميديا»، بعدم التوجّه نحو أيّ مسار عنيف

والواقع أن هذه التمنّيات ليست مستحيلة التحقّق، وخصوصاً في ظلّ موقف رجال الدين المائل إلى تهدئة الشارع، إذ إن شيخ العقل، حكمت الهجري، على رغم أنه أيّد الاحتجاجات في منطقة قنوات، إلّا أنه طالب المحتجّين بعدم تخريب مؤسّسات الدولة أو الاعتداء على المرافق العامة، وحثّهم على عدم السماح لأحد بأن يشعل فتيل فتنة جديدة. وجاء في بيان أصدره: «حقّكم أن تطالبوا بالعيش الكريم، ولنطرد من بيننا كلّ مَن يتدخّل لمحاولة تشويه براءة ومصداقية المطالبات بأيّ وسيلة كانت، فالشعب بريء منه ولن يؤثّر على الصادقين». وأضاف مخاطباً من يحاولون حرف الاحتجاجات عن مسارها: «لا تزايدوا ولا تحرّفوا توجّهات الاحتجاج، واحذروا من تكرار ما يشابه ما مررنا به سابقاً». وفي الاتجاه ذاته، يرى الشيخ حمزة حمزة (إمام قرية رساس) أن «مطالب الناس محقّة، والتعبير عنها حقّ مشروع»، وأن «الاحتجاجات واعية وملتزمة بتوجيهات واضحة من الرئيس الروحي للطائفة التوحيدية، بأن تكون بعيدة من الفوضى». ويضيف حمزة، في حديثه إلى «الأخبار»: «الاحتجاج مستمرّ ولن يتوقّف حتى يعمّ كل أرجاء المحافظة، فالناس لم يَعُد لديهم ما يخافون أن يخسروه، ومن غير المعقول أن يموت الإنسان من الجوع في وطن دفع ثمنه دماً، ولا تراجع حتى تحقيق المطالب، والنتائج مرهونة بالاستجابة وبتعاطف المحافظات الأخرى والذي سيكون وسيلة ضغط أكبر وأقوى». على الضفة الحكومية، وبينما ساد إغفال شبه تام من جانب الإعلام الرسمي والخاص لما يجري، «حتى لا يأخذ الموضوع أكبر من حجمه»، لم يستطع ممثّلو الدولة على الأرض تجاهُل الاحتجاجات والإضراب. ولا ينكر أنور الحسينية، وهو عضو قيادة فرع «حزب البعث» في السويداء، أن «ظهور الاحتجاجات كان نتيجة حالة استياء على المستوى الشعبي، سببها عدّة عوامل متعلّقة بالوضع المعيشي الصعب بعد صدور قرارات اقتصادية غير مدروسة، وما يرافق ذلك من تأثير الحرب الإرهابية على الوضع الاقتصادي، وانتشار حالات الخلل والفساد والتقصير في الأداء، فازداد الضغط على الشعب، الذي عبّر عن استيائه بطريقة الاحتجاج». ويستدرك، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «جزءاً من هذه الاحتجاجات تحوّل إلى حالة من الفوضى، وخاصّة مع وجود بعض الجهات التي لها مصلحة في استغلال الأوضاع وتوظيفها لإشعال الفتن، ويُخشى من قيام البعض باستغلال المطالب المحقّة للناس بشكل سلبي يحرف مسار الاحتجاجات».

تركيا تخطط لتوحيد إدارة مناطق سيطرتها شمال سوريا بتعيين حاكم واحد

تقارير حقوقية تحدثت عن «تتريك» ممنهج وترسيخ التبعية الإدارية

الشرق الاوسط...أنقرة: سعيد عبد الرازق.. تخطط تركيا لتوحيد إدارة المناطق الخاضعة لسيطرة قواتها وفصائل ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لها، شمال وشمال شرقي سوريا، عبر تعيين حاكم واحد يتولى سلطات إدارة تلك المناطق بدلاً من 7 ولاة عُينوا للتنسيق هناك، وذلك بهدف منع الارتباك في إدارة تلك المناطق. وكشفت مصادر مطلعة على الخطة، عن أنه يجري العمل حالياً على وضع نظام جديد للتنسيق بين أنقرة والمجالس المحلية في 13 منطقة مختلفة، في مقدمتها أعزاز وجرابلس والباب وعفرين وتل أبيض ورأس العين. وحسب صحيفة «تركيا» القريبة من الحكومة، التي نقلت عن تلك المصادر (الثلاثاء)، سيتم تعيين حاكم واحد (والي) للمناطق الآمنة التي تسيطر عليها القوات التركية والفصائل شمال سوريا، بهدف إزالة ارتباك السلطة هناك وإدارة العلاقات بدرجة عالية من التنسيق مع أنقرة. ولفتت إلى أنه ومن خلال تقديم مختلف أنواع الدعم اللوجيستي والفني للمجالس المحلية في المناطق الآمنة، التي تم إنشاؤها شمال سوريا عبر العمليات العسكرية التركية الثلاث «درع الفرات»، «غصن الزيتون» و«نبع السلام»، سيتم أيضاً تنفيذ الكثير من المشروعات للحفاظ على أمن المنطقة ووقف عمليات الهجرة خارج الحدود، وتشجيع العودة الطوعية للاجئين السوريين في تركيا. وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان العام الماضي، عن خطة لإعادة أكثر من مليون من اللاجئين السوريين في تركيا إلى بلادهم بشكل طوعي إلى المناطق الآمنة التي قامت القوات التركية بإنشائها شمال سوريا، وأن العمليات ستستمر لتأمين شريط حدودي بعمق 30 إلى 40 كيلومتراً لاستيعاب هؤلاء اللاجئين. وتهدف تركيا في الأساس، إلى إقامة حاجز بهذا العمق لإبعاد القوات الكردية المنضوية في تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) عن حدودها، وقطع الصلة بين وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات «قسد» في شمال سوريا، وحزب العمال الكردستاني في شمال العراق.

نموذج حلب

ومؤخراً، كشفت تقارير عن تشكيل الحكومة التركية بتعليمات من الرئيس رجب طيب إردوغان، آلية ثلاثية للعمل على تسريع جهود العودة الطوعية للاجئين السوريين إلى بلادهم، بالتركيز على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في محافظة حلب بشمال غربي سوريا، فيما يُعرف بـ«نموذج حلب». وقالت صحيفة «صباح» القريبة من الحكومة التركية، إن إردوغان أصدر تعليمات بتشكيل آلية ثلاثية من ممثلين لوزارة الداخلية، وحزب «العدالة والتنمية» الحاكم وكتلته البرلمانية، لتحفيز السوريين على العودة الطوعية إلى الأماكن التي يتم تطهيرها في شمال سوريا، بواسطة القوات التركية والفصائل الموالية لأنقرة. وأضافت أن الآلية الثلاثية ستركز عملها على «إنعاش الحياة الاقتصادية والتجارية في المناطق التي تم تطهيرها في شمال سوريا، وتشجيع رجال الأعمال، بمن فيهم الأتراك، على إقامة مشروعات ومصانع ومنشآت هناك لتوفير فرص عمل للعائدين». ولفتت الصحيفة إلى أن واحداً من أهم وأبرز الجوانب في خريطة الطريق التي تعمل عليها الآلية، هو التركيز على محافظة حلب، التي تعد العاصمة الاقتصادية لسوريا والعمل على إحيائها من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية. ومن أجل ذلك، تواصل تركيا محادثاتها مع الجانبين الروسي والسوري لضم حلب إلى خريطة الطريق، في خطوة تهدف إلى توفير فرص عمل لمئات الآلاف من اللاجئين السوريين الذين سيتم تشجيعهم على العودة إلى بلادهم.

تتريك ممنهج

ويقول ناشطون ومراصد تعمل على الأرض في شمال سوريا، إن تركيا لم تدّخر جهداً لتكريس الأمر الواقع من خلال تبني سياسات «تتريك» ممنهجة، بعد عملياتها العسكرية الثلاث في المنطقة في الفترة ما بين 2016 و2019، حيث عمدت إلى تغيير السجل المدني للسكان الأصليين في المناطق، وسحبت البطاقة الشخصية والعائلية السورية من القاطنين في تلك المناطق واستبدلت بها أخرى تركية. كما تم تغيير أسماء غالبية الشوارع والأحياء في تلك المناطق، إلى أخرى تركية، وفرض التعامل باللغة والليرة التركيتين، بشكل خاص في مدن الباب وعفرين وجرابلس وأعزاز وأخترين ومارع ورأس العين وتل أبيض. وأصبحت خدمات الصحة والتعليم والبريد والصرافة والكهرباء والمياه والهاتف، وغيرها من مستلزمات الحياة اليومية تدار بواسطة أتراك، واستبدلت بالليرة السورية الليرة التركية، كما تم استبدال بمناهج الدراسة مناهج تركية في المدارس في تلك المناطق. كما افتتحت فروعاً لبعض الجامعات التركية، مثل جامعة «حران» في شانلي أورفا، شمال سوريا، وتم فرض اللغة التركية في مناطق سيطرة القوات التركية والفصائل لخلق جيل منتمٍ للثقافة التركية. وأكدت مراصد حقوقية أن سياسات التتريك أخذت طابعاً أكثر ضراوة في المناطق ذات الأغلبية الكردية في سوريا، مثل عفرين ورأس العين وتل أبيض، ما دفع بمئات الآلاف من الأكراد إلى هجرتها. كما تمت إزالة المعالم الكردية وتغيير الأسماء الكردية للشوارع والمراكز والأحياء واستبدال بها أخرى تركية، ورُفع العلم التركي وصور الرئيس رجب طيب إردوغان فوق المدارس والمستشفيات، وجميع المراكز والمؤسسات والساحات، بهدف إحداث تغييرات ديموغرافية جذرية وطمس الهوية الكردية لتلك المناطق، واستبدال نازحين سوريين بسكانها الأكراد الأصليين، وبخاصة من التركمان القادمين من المناطق السورية المنكوبة الأخرى، أو باللاجئين العائدين من تركيا.

انتهاكات حقوقية

وتخضع المجالس المحلية التي تدير المناطق الواقعة بين جرابلس والباب وعفرين، التي تتبع الحكومة السورية المؤقتة، التي تتخذ من تركيا مقراً لها، للسيطرة المباشرة من تركيا، ويتسلم موظفوها رواتبهم منها مباشرة. وذكر مسؤول من الجماعات المعارضة الموالية لتركيا في مارس (آذار) 2019 أن مجلس عفرين يتبع إدارياً لولاية هطاي التركية. وكشف تقرير لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، في يونيو (حزيران) 2018، عن أن والي هطاي عيّن اثنين من المسؤولين الأتراك للإشراف على الحكم في منطقة عفرين. وتقدم السكان في مدينة الباب بطلب الحصول على بطاقات هوية جديدة صادرة عن السلطات التركية، وجرى تعميم المشروع على المناطق الأخرى لاحقاً. وتم ربط المناطق الـ13 الخاضعة لسيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة التي تديرها مجالس تتبع الحكومة السورية المؤقتة، إدارياً، بالولايات التركية الحدودية مع سوريا: هطاي، وغازي عنتاب، وشانلي أورفا، وتدار جميع الأنشطة من خلال المؤسسات التركية. وتحدثت منظمات حقوقية عالمية عن تردي الحالة الاقتصادية والأمنية والإنسانية في تلك المناطق، وتم الإبلاغ عن انتهاكات لحقوق الإنسان. وقالت لجنة حقوق الإنسان المستقلة التابعة للأمم المتحدة -في تقرير أصدرته في 31 يناير (كانون الثاني) 2019- إن هناك أكثر من 50 جماعة مسلحة منتشرة في شمال سوريا، ويعاني سكان تلك المناطق، وبخاصة عفرين، التي كانت ذات غالبية كردية قبل سيطرة تركيا عليها، أعمال النهب المستمرة ممّن يُفترض بهم أن يكونوا في خدمة وحماية المواطنين. وذكر التقرير أن غياب القانون والانضباط وتكرار حالات الاختطاف والتعذيب وانتشار العصابات، حوّل حياة الناس إلى جحيم لا يطاق. ويقول المواطنون إنهم اشتكوا كثيراً عند الشرطة المحلية والسلطات التركية، لكن دون جدوى. وتلقت اللجنة تقارير عن المضايقات التي يتعرض لها المدنيون من الجماعات المسلحة ومطالبتهم بالرشى لتسيير أبسط أمورهم اليومية وبخاصة عند نقاط التفتيش التي تسيطر عليها الفصائل.

مقتل مدنيين اثنين جراء غارات روسية غربي سوريا

فرانس برس.. قتل شخصان مدنيان على الأقل في غارات روسية استهدفت محطة ضخ مياه قديمة في منطقة شمال شرق سوريا التي تقع تحت سيطرة المتمردين، وفق ما أفاد مسعفون الأربعاء، وسط ارتفاع في وتيرة الهجمات من قبل موسكو حليفة دمشق. وأفاد مراسل وكالة فرانس برس في الموقع أن غارتين شُنتا في وقت متأخر الثلاثاء قرب بلدة عين شيب، غرب مدينة إدلب، أصابتا المحطة القديمة التي يقطنها نازحون سوريون. وقال المتطوع مع منظمة الخوذ البيضاء رامي الدندل "قتل رجل مسن وفتى بعمر 18 عاما (...) وأصيب خمسة مدنيين آخرين بينهم طفلة وطفل وامرأة". وساعد تدخل موسكو في الحرب السورية منذ عام 2015 دمشق على استعادة جزء كبير من الأراضي التي خسرتها أمام قوات المعارضة في وقت مبكر من الحرب التي استمرت 12 عاما. ويقطن نحو ثلاثة ملايين شخص محافظة إدلب، نصفهم نازحون من مناطق أخرى من البلاد. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إن الغارات قرب بلدة عين شيب استهدفت "مقرات عسكرية لهيئة تحرير الشام"، الفصيل الجهادي الذي يسيطر على هذا المعقل، مؤكدا حصيلة القتلى نفسها. واستهدفت غارة أخرى في وقت متأخر ليلا بلدة أريحا، جنوبي مدينة إدلب، وفق المراسل والمرصد. وتسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) التي كانت مرتبطة بتنظيم القاعدة، على مناطق شاسعة في محافظة إدلب ومناطق متاخمة في محافظات اللاذقية وحماة وحلب. وفي وقت مبكر الثلاثاء استهدفت الغارات الروسية مقرا عسكريا شمال مدينة إدلب، أدى إلى مقتل ثلاثة عناصر من هيئة تحرير الشام وجرح سبعة عناصر آخرين وخمسة مدنيين، وفق المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له ويملك شبكة من المصادر داخل سوريا. وتنفذ هيئة تحرير الشام بشكل منتظم هجمات دامية تستهدف جنودا سوريين وقوات حليفة لدمشق، بينما تشن القوات الروسية غارات بشكل متكرر على منطقة إدلب. والاثنين قتل 13 من هيئة تحرير الشام جراء ضربات جوية روسية استهدفت مقرّا عسكريا تابعا للهيئة في إدلب، وفق المرصد. وفي الخامس من أغسطس، قُتل ثلاثة مدنيين على الأقلّ من عائلة واحدة في غارة جوية روسية على ريف مدينة إدلب، ايضا وفق المرصد. وأضاف أن تلك الضربات استهدفت قاعدة سابقة لهيئة تحرير الشام قريبة كان الجهاديون قد تركوها قبل عدة أسابيع. وفي 25 يونيو قُتل 13 شخصا على الأقل في غارات شنتها طائرات روسية على مناطق في شمال غرب سوريا يسيطر عليها مقاتلون معارضون. وتشهد سوريا منذ العام 2011 نزاعا داميا تسبب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص، وألحق دمارا هائلا بالبنى التحتية وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين داخل البلاد وخارجها.

«هجمة» عسكرية أميركية على سوريا: الردع بـ«الاستعراض»

الاخبار...حسين الأمين ... يجمع المراقبون العسكريون على أن الحراك الأميركي ليس سوى حراك ردعي

كثُر الحديث في الأشهر الأخيرة حول نوايا أميركية، لإحداث تغيير جوهري في الخارطة العسكرية للمنطقة الحدودية بين سوريا والعراق. لم يأتِ هذا الحديث الذي وصل إلى حدود التكهّن باقتراب موعد عملية عسكرية أميركية كبيرة في سوريا، من فراغ، بل تعود جذوره إلى الأحداث التي اندلعت في شهر آذار من العام الحالي، بدءاً من تعرّض قاعدة أميركية عسكرية في شرق سوريا لهجوم صاروخي أدّى إلى مقتل جندي أميركي، وإصابة آخرين. في اليوم التالي لذلك، شنّت طائرات حربية أميركية، أقلعت من قاعدة العديد في قطر، نحو 20 ضربة صاروخية على مواقع عسكرية تتبع للقوات الإيرانية، ردّت عليها الأخيرة باستهداف القواعد الأميركية بثماني مسيّرات من طراز «قاصف 1»، في ما بدا أنه «جولة قتالية» أشعلت الضوء الأحمر في واشنطن، وأنذرت بما يمكن أن يكون قراراً لدى الحلفاء الإيرانيين والروس والسوريين، بزيادة الضغوط على الأميركيين. وممّا عزّز المخاوف الأميركية، ما كشفته تقارير سرّية صادرة عن «البنتاغون»، جرى تسريبها، حول برامج تدريبية عسكرية تديرها قوات إيرانية في منطقة حلب، لتدريب مجموعات سورية على زراعة وتوجيه العبوات المتفجّرة المضادّة للمدرّعات، فضلاً عن رصد تجريب العبوات ضدّ آليات عسكرية أميركية، كالتي تستخدمها القوات الأميركية في شرق الفرات. بالتوازي مع ما تَقدّم، ازدادت بشكل لافت حوادث الاحتكاك العسكري بين القوات الأميركية والروسية في شرق سوريا، حيث نفّذت الطائرات الروسية الحربية عدّة مناورات «عدائية» ضدّ طائرات أميركية مُسيّرة، حلّقت في أجواء غربي الفرات. كما نظّمت القوات الجوية الروسية والسورية مناورة مشتركة في الأجواء السورية، ومنها أجواء ريف حلب والرقة ودير الزور والبوكمال، وهي مناطق التماس مع القوات الأميركية وحلفائها. وأخيراً، أعلنت القوات الأميركية عدم تمكّنها من اعتراض طائرة استطلاع روسية، حلّقت ذهاباً وإياباً فوق قاعدة التنف الأميركية في جنوب شرق سوريا.

الأسباب والدوافع

تقف عدّة أسباب وراء ارتفاع حدّة التوتر في سوريا، خصوصاً بين الإيرانيين والروس من جهة، والأميركيين من جهة أخرى. وعلى رغم وجود اختلافات بين دوافع الروس ودوافع الإيرانيين، إلا أن التقدير لدى الطرفين، كان واحداً، وخلاصته أن الحضور الأميركي في منطقة الشرق الأوسط آخذ في التراجع، لأسباب معلومة، وسيخلّف فراغاً لا بد من ملئه. لكن، في سوريا بشكل خاص، لم يجر رصد مؤشّرات جدّية حول تراجع هذا الحضور. ولذا، بدا للطرفين، وكذلك للقيادة السورية، أن الفرصة مؤاتية لممارسة ضغوط ميدانية على الأميركيين، تدفعهم إلى التفكير في سحب قواتهم من سوريا، أو تقليص حضورها. وكانت «التوافقات» التي خرجت بها لقاءات «أستانا»، بين طهران وموسكو وأنقرة، واجتماعات تطبيع العلاقات السورية - التركية، حول ضرورة خروج القوات الأميركية من سوريا، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية في مواجهة أي مشاريع انفصالية، كالحالة الكردية في شرق الفرات، قد منحت اندفاعة لـ«مشروع» الضغط على الأميركيين في الميدان، وكذلك في السياسة.

وجد الأميركيون أنفسهم أمام تحدّي الحفاظ على النفوذ

وعلى رغم وجود أسباب سورية موضوعية أصيلة، تدفع دمشق وحلفاءها إلى العمل على طرد الأميركيين من سوريا، إلا أن للعوامل الخارجية حصّتها الكبرى من تشكّل المشهد الجديد. ولعل أبرز تلك العوامل، تطورات الحرب الأوكرانية، والانخراط الأميركي الواضح والمتزايد فيها، حيث بات الطرفان، الروسي والأميركي، يريان في أي ساحة يتواجدان فيها، أو حلفاؤهما، ساحة للتنافس على توسيع نفوذ أحدهما على حساب الآخر. وفي الحالة السورية بشكل خاص، وجد الروس أن التوقيت مناسب لممارسة الضغوط على الأميركيين، وإحداث نوع من التوازن بين الميدانين الأوكراني والروسي. وهذا السياق، أكّده مساعد مدير «وكالة الاستخبارات المركزية الأميركيّة» سابقاً، بول بيلار، الذي اعتبر أن «الاستفزازات الروسيّة للقوات الأميركية في سوريا على صلةٍ بالحرب الروسية على أوكرانيا، إذ يحاول الرئيس الروسي إضعافَ الموقف الأميركي في أيّ تفاوضٍ بشأن أوكرانيا»، مشيراً إلى أن «طهران وموسكو تعملان معاً لإخراج القوات الأميركية من سوريا».

حراك رَدعي

أمام ما سبق، وجد الأميركيون أنفسهم أمام تحدّي الحفاظ على النفوذ، وعرقلة أي مسار قد يُفضي إلى حلول وانفراجات للأزمة السورية، وذلك لعدم تقديم أي إنجاز للروس. وهذا التوجّه الأميركي نفسه، هو الذي يدفع إلى تشديد الحصار على سوريا، وعرقلة أي مسار تقارب سوري - عربي. كذلك على الصعيد الميداني، وجدت القوات الأميركية نفسها في موقع المتعرّض للهجمات والاستفزازات، طوال الأشهر الماضية، ما دفعها إلى تدشين حملة لـ«تعزيز الردع» أمام أعدائها المتوثّبين. وتتوزّع المواقع العسكرية الأميركية في سوريا، على 17 قاعدة عسكرية، و13 موقعاً صغيراً، تنتشر في مناطق شمال وجنوب شرق البلاد. وتحتضن محافظة الحسكة وحدها، 17 موقعاً، ومحافظة دير الزور 9 مواقع، فيما ثمّة موقع واحد في كل من محافظات الرقة وحمص وريف دمشق وحلب. ويدرك الأميركيون أنهم بهذا الحضور العسكري القليل، لن يتمكّنوا من مواجهة تهديد عسكري جدّي، في حال قرّر أعداؤهم شنّ هجمات متنوّعة ومتزامنة ضد قواتهم في مختلف مواقعها. وتكمن نقاط الضعف الأميركية، في قلّة العدد، واقتصار العتاد على السلاح التقليدي والقصير المدى، وتفرّق الحلفاء، والفصل الجغرافي بينهم، وأيضاً تباعد المسافات بين القواعد الأميركية، وصعوبة تأمين الطرقات الواصلة بينها. وبناءً على ما تَقدم، كان من أبرز معالم «تعزيز الردع»، إرسال تعزيزات عسكرية، احتوت على منظومة «هيمارس» للصواريخ الموجّهة، ومنظومات للدفاع الجوي والحرب الإلكترونية. كما عملت واشنطن، من دون أن تنجح حتى الآن، على تعزيز التواصل والتعاون بين حلفائها المحلّيين في سوريا، مثل «جيش سوريا الحرة» المنتشر قرب قاعدة التنف، و«قسد» المنتشرة شرق الفرات.

ويجمع المراقبون العسكريون على أن الحراك العسكري الأميركي الأخير في سوريا والعراق، ليس سوى حراك ردعي، لا يحمل علامات هجومية. وهو ما تؤكّده مصادر عسكرية سورية، في حديث مع «الأخبار»، قائلةً إنه «لا مؤشرات حول نوايا هجومية لدى الأميركيين، بل إن إجراءاتهم دفاعية». وتضيف هذه المصادر أن «لا إمكانية عملياتية لدى الأميركيين لربط شرق الفرات في الشمال الشرقي، مع التنف في الجنوب الشرقي، حيث تفصل بينهما نحو 150 كم، كلها تقع تحت سيطرة الجيش السوري وحلفائه، وينتشر فيها آلاف المقاتلين». وترى المصادر أن «أي تحرّك عسكري أميركي من هذا النوع، سيشعل بالتأكيد معركة كبرى، حيث لن يكون أمام سوريا وحلفائها من خيار سوى خوض مواجهة كاملة، قد يبدأها الأميركيون، لكن تطور مسارها ونهايتها ليسا بيدهم بالتأكيد».

«حفلة» تعزيزات على الحدود مع العراق: لا خططَ هجوم..إلى الآن

الاخبار...أيهم مرعي .. لم تتوقّف قوافل العتاد والأسلحة الأميركية، منذ شهر آذار الماضي، عن التدفّق إلى سوريا

الحسكة | منذ حادثة استهداف القاعدة العسكرية الأميركية في مطار خراب الجير في منطقة رميلان في ريف الحسكة الشمالي في شهر آذار الماضي، والتي أدّت إلى مقتل جندي أميركي، ثمّ حادثة سقوط المروحية الأميركية فوق قاعدة الشدادي في حزيران الفائت، والتي أسفرت عن إصابة 22 جندياً أميركياً، أطلقت الولايات المتحدة استراتيجية جديدة، تهدف إلى حماية حضورها العسكري وتعزيزه في سوريا عموماً، وفي شرق الفرات خصوصاً. وكانت أحداث الأشهر الأخيرة قد مثّلت إشارات أوّلية إلى الخطر الذي ينتظر القوات الأميركية، في ظلّ تصاعد عمليات استهداف قواعدها، وتَشكّل نواة «مقاومة شعبية» تبنّت علناً استهداف «خراب الجير»، فيما جاء التصعيد الجوّي بين القوات الأميركية والروسية في السماء السورية، وخرق اتفاق «منع التصادم» غير المكتوب بين الجانبَين، ليضاعف من القلق الأميركي، ويدفع واشنطن إلى تحسين إجراءاتها «التحوّطية».

وانطلاقاً من ذلك، لم تتوقّف قوافل العتاد والأسلحة الأميركية، منذ شهر آذار الماضي، عن التدفّق إلى سوريا، وتحديداً إلى القواعد الرئيسة في الحسكة ودير الزور، بالتوازي مع التخلّي عن فكرة العودة إلى قواعد سابقة في الرقة وعين العرب في ريف حلب الشمالي الشرقي. وبدت هذه التحرّكات الأوسع والأكبر من نوعها منذ التدخّل الأميركي في سوريا في عام 2014، وخصوصاً لجهة حجم التعزيزات المنقولة، والتي حوت منظومات صواريخ «هيمارس»، وأنظمة دفاع جوي، وأسلحة مضادة للدروع، ومناطيد مراقبة. أيضاً، جرى تعزيز القوات الأميركية في الشرق الأوسط بـ2500 جندي إضافي، من دون نشر أيّ معلومات حول ما إن كان جزءٌ من هؤلاء قد دخل إلى سوريا. وتزامَن كلّ ما تَقدّم مع تنفيذ سلسلة من التدريبات العسكرية والمناورات مع قوات «قسد» و«مجلس دير الزور العسكري» في دير الزور وأرياف الحسكة، ومع «جيش سوريا الحرة» في التنف.

وتنبئ تلك التحرّكات الأميركية بواحد أو أكثر من ثلاثة سيناريوات: أوّلها، الخوف من تصاعد الهجمات ضدّ القواعد الأميركية في سوريا وبالتالي الحاجة إلى تعزيز قوة الردع بوجه هكذا احتمال؛ وثانيها وجود نوايا أميركية للضغط على دمشق وموسكو وطهران من خلال الميدان والعبث بالشريط الحدودي بين سوريا والعراق؛ وثالثها وجود خطر حقيقي متمثّل في إمكانية عودة تنظيم «داعش» إلى المنطقة. بخصوص هذا السيناريو الأخير، فهو لا يبدو مرجَّحاً، بالنظر إلى احتشاد القوات المعادية للتنظيم على جانبَي الحدود، وهي نفسها القوات التي هزمته وساهمت في القضاء عليه. وإذا كان السيناريو القائل إن الإجراءات الأميركية تستهدف توجيه رسائل ردعية (الأول) هو الأكثر منطقية، فإن السيناريو الثاني لا يبدو مستبعَداً، لكن أرجحيّته أقلّ، بالنظر إلى أن أيّ تحرّك عسكري كبير من النوع المشار إليه سيمثّل قفزة كبيرة في التصعيد، وسيثير ردود فعل عسكرية مباشرة على القواعد الأميركية في سوريا والعراق، الأمر الذي لا يبدو أن الأميركيين معنيّون به حالياً.

ازداد الحديث، أخيراً، عن تحرّكات أميركية في العراق، مشابهة للتي في سوريا

وازداد الحديث، أخيراً، عن تحرّكات أميركية في العراق، مشابهة للتي في سوريا، حيث رُصدت أرتال كبيرة على الحدود بين البلدين، وسط حديث عن استعدادات لإطلاق عملية عسكرية في الجانب السوري، بغرض ربط التنف بالبوكمال. ودفعت التأويلات والتحليلات التي رافقت ذلك، المتحدث باسم «القيادة المركزية» في الجيش الأميركي، جون مور، إلى الردّ عبر موقع «نورث برس»، المموّل من قِبَل «التحالف الدولي»، بالقول إن «ما يجري من تحرّكات على الحدود العراقية - السورية، ليس سوى تحركات لوجستية ضرورية لإتمام عملية استبدال أفراد الجيش الأميركي الذين انتهت ولايتهم بأفراد آخرين قادمين». وأضاف مور أن «هذا الأمر يتطلّب درجة عالية من الاستنفار الأمني على الحدود لنقل القوات والمعدات في ظروف آمنة جداً». وهو ما أكّدته أيضاً قناة «روسيا اليوم»، نقلاً عن مصادر عراقية قالت إن «الآليات العسكرية التي شوهدت على الحدود، كانت عملية استبدال بعض قطعات التحالف الدولي، وليست قوات أميركية جديدة دخلت إلى العراق»، مضيفةً أن «هذه القوات غادرت العراق عبر منفذ جريشان الحدودي مع الكويت، ضمن عملية استبدال دورية».

من جهتها، تؤكد مصادر ميدانية، لـ«الأخبار»، أنه «لا معطيات حتى الآن عن أيّ ترتيبات أو استعدادات أميركية عملية لشنّ أيّ حملة عسكرية على الشريط الحدودي بين سوريا والعراق». وتستبعد المصادر وجود قدرة لدى الأميركيين على تنفيذ مثل هذا التحرّك، في ظلّ عدم وجود قوات كافية، ورفض «قسد» المشاركة في أيّ عملية ضدّ الجيش السوري وحلفائه. وتلفت المصادر إلى أن «الولايات المتحدة تبدو مقيّدة في إيجاد قوات محلية تساندها على الأرض في شنّ أيّ هجوم سواءً في سوريا أو العراق»، بينما يَجري الحديث مجدّداً عن ضغوط يمارسها الأميركيون على «قسد» لدفعها إلى تغيير موقفها، تحت طائلة وقف دعمها عسكرياً وسياسياً ومالياً، وإظهار مزيدٍ من «التراخي» أمام تركيا الطامحة إلى القضاء على التنظيمات الكردية المسلّحة في شمال شرق سوريا.



السابق

أخبار لبنان..عويدات يحرِّك الملاحقات بحق سلامة وكيانات النظام المالي..برّي وميقاتي يستطلعان «الحدث النفطي» وسط غيظ عوني.. وباسيل يهاجم جعجع ويتوعد المنظومة..لبنان بين منصة التنقيب عن النفط وغصة التنقيب عن..لقمة العيش..13 نقطة نزاع وخلاف مع إسرائيل تحتاج إلى تسوية سياسية ووجود رئيس..مطلوبون لبنانيون يحتمون بجنسيتهم من الملاحقة الدولية..لبنان في نيويورك: معركة دور «اليونيفيل» مستمرة..

التالي

أخبار العراق..تمهيدا لزيارة إردوغان..وزير الخارجية التركي يبحث في بغداد 3 ملفات..بغداد وأنقرة تتبادلان الزيارات عبر وزراء نفط وخارجية البلدين..مجدداً..قانون العفو العراقي يطفو على السطح..

لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 172,060,545

عدد الزوار: 7,657,921

المتواجدون الآن: 0