أخبار سوريا..تصعيد في منبج..والروس يدفعون بتعزيزات إلى شرق الفرات..«قسد» توشك على حسم الوضع في دير الزور..ألمانيا توقف سوريين يشتبه بانتمائهما إلى مجموعة «إرهابية»..السويداء تطبّع حياتها: العمل يستمرّ..والاحتجاج أيضاً..«اليرموك»..الغلاء يوقف العودة وآثار «مجزرة الميغ» لا تزال ماثلة..الحرب والنزوح يُهدّدان بيوت الطين التقليدية شمال سورية..

تاريخ الإضافة الجمعة 8 أيلول 2023 - 5:28 ص    عدد الزيارات 574    التعليقات 0    القسم عربية

        


تصعيد في منبج..والروس يدفعون بتعزيزات إلى شرق الفرات...

تركيا تعلن مقتل مسؤولة التحويلات المالية في «الوحدات الكردية»

الشرق الاوسط....أنقرة: سعيد عبد الرازق... كشفت المخابرات التركية عن القضاء على إحدى القياديات في صفوف «وحدات حماية الشعب الكردية»، أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، في وقت تتصاعد فيه المواجهات بين القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي لأنقرة في محاور مدينة منبج بريف حلب الشرقي. وقالت مصادر أمنية إن المخابرات التركية حيدت (قتلت) «زلفيه بينبير»، التي كانت تحمل الاسم الحركي «روجنا» وكانت المسؤولة عن تحويل الأموال في «وحدات حماية الشعب الكردية»، في عملية نفذتها في بلدة الرميلان التابعة لمحافظة الحسكة في شمال شرقي سوريا. ونقلت وكالة «الأناضول» عن المصادر، الخميس، أن بينبير انضمت إلى «حزب العمال الكردستاني»، المصنف كمنظمة إرهابية، عام 1993، وشاركت بأنشطته في سوريا والعراق، وتسلمت قيادة «قوات الأمن» (الأسايش)، التابعة لـ«قسد»، في مدينة عين العرب (كوباني). وأضافت المصادر أنها شغلت أيضا منصب ممثلة «وحدات حماية المرأة»، وكانت من بين المسؤولين الاقتصاديين في «الوحدات الكردية» ومسؤولة عن تحويل الأموال، وأدرجتها تركيا ضمن قائمة الإرهابيين المطلوبين بسبب أنشطتها وتورطها في العديد من الهجمات ضد قوات الأمن التركية في السابق. ولفتت المصادر إلى أن جهاز المخابرات كان يتعقبها لفترة، حتى تمكن من القضاء عليها في الرميلان. في سياق متصل، قال مستشار العلاقات العامة والإعلام بوزارة الدفاع التركية، زكي أكتورك، إن القوات التركية تمكنت من القضاء على 39 إرهابيا في الأيام السبعة الماضية، داخل البلاد وفي شمالي سوريا والعراق. وأضاف أكتورك، في إفادة صحافية الخميس، أن القوات التركية ألقت القبض على 667 شخصا، منهم 34 أعضاء في تنظيمات إرهابية، أثناء محاولتهم اجتياز حدود البلاد بطرق غير قانونية في الأيام السبعة الماضية. وتابع أن قوات حرس الحدود التركية منعت أيضا 4 آلاف و887 شخصا من عبور الحدود بشكل غير قانوني خلال الأيام تلك الفترة. في غضون ذلك، استمر التصعيد بين القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني السوري، وقوات مجلس منبج العسكري» التابع لـ«قسد» وسط محاولات تسلل وسيطرة على بعض المناطق في ريف منبج من جانب الفصائل. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الخميس، بمقتل 6 عناصر من الفصائل، وإصابة 9 آخرين بجروح، في هجوم للفصائل على قرية عرب حسن، أعقبه اندلاع اشتباكات بين الجانبين انسحبت عناصر الفصائل على إثرها. وتزامنت الاشتباكات مع قصف مدفعي للقوات السورية وتحليق للطيران الحربي الروسي في أجواء منطقة الاشتباكات. وفي الوقت ذاته، قصفت مسيرة تركية مسلحة سد الشهباء بريف حلب الشمالي، ضمن مناطق انتشار «قسد» والقوات السورية، ما تسبب في أضرار مادية. ووسط تصاعد الاستهدافات التركية على مناطق انتشار «قسد» في شمال شرقي سوريا، دفعت القوات الروسية بتعزيزات عسكرية ولوجيستية، الخميس، إلى شرق الفرات، من خلال رتل مؤلف من 10 مدرعات عسكرية تحمل على متنها مواد لوجيستية وأسلحة، قادمة من مناطق حلب، رفقة عربة تابعة لـ«قسد». وسبق أن سيرت القوات الروسية دوريات مشتركة بالتنسيق مع «قسد» في مناطق شمال شرقي سوريا وسط التصعيد التركي، لكن «المرصد السوري» أشار إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تدفع فيها القوات الروسية بتعزيزات إلى المنطقة منذ بدء التصعيد. وتسير تركيا وروسيا دوريات مشتركة في شمال شرقي سوريا بموجب مذكرة تفاهم موقعة بينهما في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، لوقف عملية «نبع السلام» العسكرية التركية التي استهدفت إبعاد «قسد» عن الحدود التركية لعمق 30 كيلومترا داخل الأراضي السورية.

«قسد» توشك على حسم الوضع في دير الزور

سياسي كردي يتهم جهات خارجية بمحاولة إثارة صراع عربي - كردي

الشرق الاوسط...القامشلي: كمال شيخو... تتواصل الاشتباكات العسكرية بين مسلحين من العشائر العربية وعناصر انسحبوا من «مجلس دير الزور العسكري» و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، في قرية الطيانة المجاورة لبلدة ذيبان. فيما فرضت «قسد» طوقاً نارياً على بلدات درنج وأبو حردوب وأبو حمام، وقطعت طرقاً رئيسية في بلدات هجين والشعفة والباغوز. وتقع هذه المناطق شرقي سوريا وهي آخر المواقع التي يتحصن فيها مسلحو العشائر. وتقترب «قسد» من حسم المواجهات بعدما تمكنت من استعادة السيطرة على بلدة ذيبان الاستراتيجية، بعد أيام من الاشتباكات المحتدمة أسفرت عن سقوط ما لا يقل عن 90 قتيلاً غالبيتهم من المقاتلين المسلحين. وقالت مصادر أهلية ومسؤول عسكري بارز في «قسد» إن القوات فرضت حظراً للتجوال في بلدتي الشحيل والبصيرة بعد انتهاء المواجهات العسكرية، ومنعت بموجبه تحرك وتنقل الدراجات النـارية، وبدأت عمليات تفتيش وتمشيط وتفكيك العبوات الناسفة والمتفجرات، والبحث عن مسلحين مشتبهين بتورطهم في المعارك الأخيرة، تزامنت مع تمركز دورية من الجنود الأميركيين عند دوار العتال وسط الشحيل. ودفعت «قسد» بالمزيد من التعزيزات العسكرية وتحشيد قواتها لحسم المعركة لصالحها في آخر جيب، وهو الخط الواصل على سرير نهر الفرات الشمالي يربط بين بلدة هجين الرئيسية وقرى وبلدات الشعفة والسوسة والباغوز حتى الحدود العراقية شرقاً. ونشر القائد العام لقوات «قسد» مظلوم عبدي تصريحات عبر حسابه على موقع «إكس» يؤكد فيها أن الأوضاع في ريف دير الزور تذهب نحو الاستقرار والأمان، مشيراً إلى أن تركيا نفذت بالتزامن مع اشتباكات مسلحي العشائر هجمات على بلدات تل تمر بريف محافظة الحسكة، ومبنج بريف محافظة حلب لـ«زعزعة الأمن». وأضاف أنه «بالتعاون والتضامن مع أهلنا في دير الزور، ستواصل قواتنا في سياق حملة تعزيز الأمن عملية إرساء الاستقرار وتوفير الأمن والأمان للمواطنين». «محاولات فاشلة لصراعات عربية - كردية» رئيس مكتب الدفاع لدى «الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا» زيدان العاصي، أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن الحملة في دير الزور مستمرة في التقدم نحو تحقيق أهدافها وفق مخططها. وأضاف: «لقد حققت نسبة 90 في المائة من أهداف العملية بعد تمشيط البصيرة والشحيل وذيبان، والتأخير كان ناجماً للحفاظ على سلامة المدنيين أبناء تلك المناطق»، لافتاً إلى أن القوات ألقت القبض على مجموعات مدعومة من الحكومة السورية وإيران. وحذر العاصي من هجمات مسلحي العشائر وداعميهم في محاولة فاشلة لإحداث فتنة وخلق حرب أهلية بين مكونات وعشائر المنطقة تحت عباءة العشائر، ورأى أن «المواجهات هدفها جعل المنطقة غير آمنة وغير مستقرة وشحن الحرب الطائفية؛ خدمةً للدول الخارجية في تحقيق مصالحها السياسية بالمنطقة»، لافتاً إلى أنهم يعملون بشكل حازم على إعادة الأمن والاستقرار لهذه المناطق، «حيث تدافع قواتنا بمن فيهم أبناء العشائر والقبائل العربية، عن مناطقهم ضد كافة المخططات التي تسعى لإفشال مشروع الإدارة الذاتية بعد النجاح الذي حققته». وتبلغ مساحة دير الزور، التي تشهد توتراً عسكرياً منذ 27 من الشهر الماضي، نحو 33 ألف كيلومتر مربع مشكلة 18 في المائة من مساحة البلاد، ومنذ بداية الحرب الدائرة في سوريا 2011 بقيت هذه المحافظة منقسمة السيطرة بين جهات محلية وإقليمية ودولية متحاربة، حيث شهد ريفها الشرقي مؤخراً اشتباكات عنيفة بين عناصر كانت منضوية سابقاً في «مجلس دير الزور العسكري»، تدعمها مجموعات فردية مسلحة من أبناء العشائر، ضد قوات «قسد» المدعومة من تحالف دولي تقوده واشنطن، على خلفية عزل أحمد الخبيل أبو خولة من قيادة «مجلس دير الزور»، بتهم فساد واستخدام سلطته العسكرية لمصالحه الخاصة والاتجار بالمخدرات. وقال رئيس «حزب الاتحاد الديمقراطي» صالح مسلم إن القوى المعادية للإدارة الذاتية تسعى وبشتى الطرق والوسائل، بما فيها الحروب والاقتتال، إظهار هذه الإدارة بأنها ذات طابع قومي كردي، لـ«تحريض الشعب العربي ضد الشعب الكردي، وأن (قسد) هي قوات كردية، لكن الحقيقة ليست كذلك فـ(قسد) ليست كردية بل مكونة من أبناء العشائر والقبائل العربية التي تقطن هذه المناطق».

ألمانيا توقف سوريين يشتبه بانتمائهما إلى مجموعة «إرهابية»

أحدهما متهم بالمشاركة في هجوم أسفر عن مقتل 60 شخصاً على الأقل

برلين: «الشرق الأوسط»... أعلنت النيابة العامة الفيدرالية الألمانية، اليوم (الخميس)، توقيف سوريين للاشتباه بانتمائهما إلى مجموعة «إرهابية»، ويُعتقد أن أحدهما زعيم وحدة مقاتلة التحقت بتنظيم «داعش». وأوضحت النيابة العامة المكلفة بقضايا الإرهاب أن السوريين اللذين عرفت عنهما باسمي «عامر أ» و«باسل أ» أُوقفا في اليوم السابق بمنزليهما في كيال بشمال ألمانيا وميونيخ في الجنوب، ووُضعا قيد الاعتقال المؤقت. ويُعتقد بحسب البيان أن «عامر أ» شكَّل في فبراير (شباط) 2013 مجموعة «لواء جند الرحمن» المقاتلة في محافظة دير الزور، مشيراً إلى أن عناصرها «انخرطوا مراراً في معارك ضد الجيش السوري». وفي يونيو (حزيران) 2013، انضم مقاتلوه إلى مجموعات إرهابية أخرى لمهاجمة قرية حطلة ذات الغالبية السنية في ريف دير الزور بشرق سوريا. وأسفر الهجوم عن مقتل 60 شخصاً على الأقل من الشيعة المؤيدين للنظام، بينما اضطر السكان الآخرون إلى الفرار، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». ويُشتبه بحسب النيابة العامة بأن «عامر أ» ارتكب «جريمة حرب من خلال عمليات طرد قسرية» أدَّت إلى «وضع حد لأي وجود شيعي في حطلة». وفي 2014، بايع تنظيم «داعش» ووضع مقاتليه وموارده المالية في تصرفه. أما «باسل أ» فيُشتبه بأنه تولى «موقعاً عسكرياً مهماً» في المجموعة بين 2013 و2014. ويعتقد أنه قاد وحدات قتالية شاركت في معارك ضد الجيش السوري، لا سيما في مطار دير الزور العسكري، بحسب النيابة العامة. وأوقفت ألمانيا عدداً من السوريين وحاكمتهم على أراضيها لاتهامهم بارتكاب جرائم في بلادهم، عملاً بمبدأ الولاية القضائية العالمية للنظر في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وفي هذا السياق، أصدر القضاء الألماني في يناير (كانون الثاني) 2022 حكماً بالسجن مدى الحياة على ضابط سابق في المخابرات السورية، هو أنور رسلان، لإدانته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية؛ إذ اعتبر مسؤولاً عن مقتل 27 معتقلاً وتعذيب 4 آلاف آخرين على الأقل في معتقل سري للنظام في دمشق وذلك بين 2011 و2012. وكانت هذه أول قضية في العالم مرتبطة بفظائع منسوبة إلى نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

رفض جماعي لطروحات الانفصال: السويداء تتجاوز القطوع

الاخبار..علاء حلبي ... يُبدي أبناء محافظة السويداء تمسّكاً واضحاً بمراجعهم

خلافاً للضخّ الإعلامي الذي يقدّم صورة مضطربة لمحافظة السويداء، على وقع استمرار بعض الاحتجاجات، للأسبوع الثالث على التوالي، تبدو الأوضاع في المحافظة أكثر هدوءاً ممّا يجري تصديره في ظلّ عودة الدوائر الحكومية والفعاليات الاقتصادية إلى العمل، وبقاء التجمعات الاحتجاجية بشكل لا يعيق حياة المواطنين وأعمالهم. الاحتجاجات التي جاءت اعتراضاً على الأوضاع الصعبة التي يعيشها أبناء السويداء، والتي لا تستثني أيّاً من المحافظات السورية المتبقّية، اكتسبت في الأيام الأولى زخماً إعلامياً بارزاً، لاعتبارات تتعلّق بخصوصية المحافظة التي نأت بنفسها عن نيران الحرب. وبعدما اقترنت تظاهرات السويداء بأخرى صغيرة خرجت في بعض مناطق درعا، وسط آمال لم تخفِها المعارضة بشتّى أصنافها بامتدادها إلى محافظات أخرى، من بينها اللاذقية وحلب، ظلّت هاتان الأخيرتان محافظتَين على هدوء كبير، لم تتخلّله أيّ اضطرابات، في وقت لم تؤدِّ فيه احتجاجات درعا المحدودة إلى استقطاب مزيد من المحتجين، لتسجّل هي الأخرى هدوءاً مماثلاً، ما أبقى الحراك محصوراً ضمن السويداء. وتعدّ السويداء من المحافظات السورية الشديدة الخصوصية، سواء لأسباب تتعلّق بموقعها الجغرافي جنوباً، أو تركيبتها الأهلية بوصف أغلب سكانها من الموحّدين الدروز، مع ما للأخيرين من امتدادات في لبنان والجولان السوري المحتل الذي لا يزال أبناؤه يقاومون الاحتلال الإسرائيلي، ما يجعل الحالة الأمنية في المحافظة جزءاً من الشواغل السورية المستمرة. وطوال سنوات الحرب، منذ عام 2011، أفشلت السويداء محاولات إسرائيلية عديدة لاختراقها، وزرع نزعات انفصالية فيها، على الرغم من وجود حالة انقسام سياسي فيها، بين مؤيدين ومعارضين للحكومة. وعلى عكس الصورة المصدّرة في بعض وسائل الإعلام المعارضة الراغبة في استثمار ما يجري في السويداء سياسياً، والتي تحاول إظهار قوة نامية بعيدة عن المراجع الدينية، يبدي أبناء المحافظة تمسّكاً واضحاً بمراجعهم، وهي نقطة ترى مصادر من المدينة، تحدثت إلى «الأخبار»، أنها «تساهم بشكل كبير في ضبط الأوضاع، وتمنع أيّاً من الاختراقات التي تحاول بعض الجهات تنفيذها لإخراج الحراك عن سياقه الحالي ودفعه نحو سياقات ذات أبعاد أكبر مرفوضة». وفي وقت ظهرت فيه بوضوح محاولات تيارات سياسية معارضة، ودول من بينها الولايات المتحدة وحلفاؤها في الاتحاد الأوروبي، استثمار احتجاجات السويداء في سياق الضغوط السياسية المستمرة على سوريا في شتّى المحافل والمجالات، عن طريق الاحتجاجات ببداية الأحداث في درعا، وما رافقها من تحوّل إلى عملية اقتتال مسلح، اصطدمت تلك المحاولات بوعي أظهره وجهاء ومشايخ عقل الطائفة الدرزية في المحافظة، إذ جاءت بيانات الشيوخ الثلاثة، حكمت الهجري ويوسف الحناوي ويوسف جربوع، بالرغم من الاختلاف بينهم في بعض وجهات النظر، هادئة ومركّزة على مطالب محددة، من بينها إقالة الحكومة، وتحسين الأوضاع المعيشية، والتمسك بمبادئ وطنية، لمنع أيّ انحيازات تؤجج الأوضاع. وهي نقاط شدّدت عليها أيضاً بيانات عدد من الوجهاء في الجولان السوري المحتل، الأمر الذي لاقى أصداء طيبة بين أبناء المحافظة، وأدّى بمجمله إلى ظهور موقف حازم رافض لأيّ طروحات تتحدّث عن محاولة اقتباس تجربة «قسد» (الإدارة الذاتية)، أو ما أشيع عن تشكيل مجلس للإدارة المحلية. في المقابل، أظهرت الحكومة السورية وأجهزتها حالة انضباط، ساهمت في النهاية في إعادة دوائر الدولة إلى العمل، ليفرز كلّ ذلك بمجمله الواقع الهادئ الذي تعيشه السويداء الآن، والذي يمنع شلّ الحياة فيها، ويؤمّن في الوقت نفسه مساحة لاستمرار احتجاجات متباينة ومتفاوتة، تشهد بعضها عمليات تمزيق صور، وإغلاق لمقارّ تابعة لحزب «البعث» الحاكم.

استمع مسؤولون سوريون إلى مطالب المحافظة، سواء الخدمية أو المعيشية، ومن بينها فتح معبر رسمي بين السويداء والأردن

وبينما جذبت معارك الشرق السوري بين «قسد» وقوات عشائرية، الأضواء الإعلامية من احتجاجات السويداء، لا تزال بعض الفعاليات في المحافظة تحاول استكمال الاحتجاجات عبر دعوات متواصلة إلى وقفات يومية في بعض الساحات، من بينها ساحة الكرامة في وسط المدينة، وفي صلخد جنوبها، بالإضافة إلى تنظيم وقفات لإلقاء كلمات لبعض الوجهاء وقادة الحراك. وبالفعل، بدأت، خلال اليومين الماضيين، محاولات استعادة مشاهد الاحتجاجات الأولى التي انطلقت في السابع عشر من الشهر الماضي، لوقف تراجع زخمها، في وقت لم تُظهر فيه الحكومة السورية أيّ ردود أفعال محدّدة تجاه السويداء، باستثناء لقاءات أجراها مسؤولون سوريون مع وجهاء من المدينة ومشيخة العقل. وفي السياق، ذكرت مصادر متقاطعة من السويداء أن اللقاءات تضمّنت استماع المسؤولين إلى مطالب المحافظة، سواء الخدمية أو المعيشية، ومن بينها فتح معبر رسمي بين السويداء والأردن، من شأنه أن ينعش الحركة التجارية والأوضاع الاقتصادية، وهو مطلب قديم - حديث يحتاج تنفيذه إلى توافق سوري - أردني، لم تتّضح معالمه بعد. بالنتيجة، يمكن القول إن احتجاجات السويداء التي تراجعت وتيرتها خلال الأسبوع الماضي، تحاول حالياً استعادة وهجها، وفي الوقت نفسه الالتزام بتوجيهات مشيخة عقل الطائفة الدرزية ووجهاء المحافظة، لناحية ضبط الأوضاع وتحصينها من أيّ اختراقات كبيرة تضرب التركيبة المجتمعية، وخصوصاً في ظلّ طروحاتِ «إدارةٍ ذاتية» تحاول بعض القوى السياسية الناشئة تسويقها، وهو ما يلقى رفضاً من قِبَل المتظاهرين.

السويداء تطبّع حياتها: العمل يستمرّ... والاحتجاج أيضاً

الاخبار..لمى علي ... احتجاجات السويداء لم تعُد عائقاً أمام دوران عجلة الحياة في المدينة

مع دخولها الأسبوع الثالث على التوالي، تُحاول احتجاجات السويداء الحفاظ على حجمها ووتيرتها وطابعها السلمي بالمجمل، وسط محاولات مستمرّة لجرّها إلى مناحٍ طائفية وهويّاتية ذات طابع انفصالي، أو حتى الدفع بها نحو مربّع العنف، والتلطّي خلفها لاستدعاء التدخّل الخارجي، مثلما تفعل بعض الشخصيات والقوى المعارضة، ولا سيما منها المقيمة في الخارج. واللافت أن هذه الاحتجاجات لم تعُد عائقاً أمام دوران عجلة الحياة في المدينة، كما حصل في أيامها الأولى؛ إذ تستمرّ حركة الأسواق والمدارس والأعمال والدوائر الحكومية المختلفة، باستثناء فروع «حزب البعث العربي الاشتراكي» المغلقة حتى الآن. وحول ذلك، تقول الموظفة سهى. ح.، في حديث إلى «الأخبار»: «تَنبّه المحتجّون إلى الخطأ الكبير الذي وقعوا فيه في بداية الحراك عندما قطعوا الطريق وأغلقوا الدوائر الحكومية وشلّوا حركة المدينة وفصلوا القرى عنها، فتمت معالجة الموضوع بإنهاء هذه المظاهر لتعود الحياة إلى شكلها الطبيعي، بالتوازي مع استمرار التظاهرات اليومية والتي تزداد بشكل ملحوظ يوم الجمعة». وتؤيّد سهى ما تسمّيه «الحَراك المحقّ»، مشيرةً إلى «ضمّه مختلف الشرائح الفكرية والاجتماعية والثقافية والعمرية، ومحافظته على طابعه السلمي وعدم انجراره إلى العنف أو التخريب»، مضيفةً إنه «على رغم التحريض الإعلامي والتخويف من تدخل الجيش أو الأمن لإنهاء الاحتجاجات، إلّا أنه لم يَصدر عن الجهات الحكومية أيّ ردة فعل عنيفة أو استفزازية، على رغم وجود مبنى قيادة شرطة المحافظة في ساحة الكرامة التي يتظاهر فيها المحتجون يومياً. وفي المقابل، لم تَصدر عن المتظاهرين أيّ أفعال عنيفة أو تخريبية». ويشارك عماد. ح، سهى، الرأي، إذ يصرّ على «سلمية» الحَراك، ويرفض إظهاره بـ«صورة بشعة». ويقول لـ«الأخبار»: «قد تضمّ التظاهرات بعض الأشخاص الذين يقومون بتصرفات فردية غير مرغوب فيها، كرفع علم المعارضة والهتاف بألفاظ وعبارات مسيئة، إلّا أن أغلب المحتجين يرفضونها، ووجود هذه الأخطاء لن يؤثر في أهمية الحراك وحضاريته». ومع ذلك، تشير سماح. أ. إلى أن الحراك «أصبح يشكّل عقبة يومية أمام وصولها إلى مكان عملها، حيث تتجنّب المرور في شارع أو ساحة لتجمّع متظاهرين، إضافةً إلى انخفاض أعداد زبائنها اليوميين».

تباينات في الصفّ الواحد

إزاء الصور والفيديوات التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمتظاهرين يقومون بإزالة صور الرئيس السوري، بشار الأسد، وأعلام «البعث» من على المقارّ الحكومية ومداخل القرى، فضلاً عن مظاهر أخرى أعادت الذاكرة إلى عام 2011، تعلو الأصوات الرافضة لتلك المظاهر، ومن بينها الهيئة الدينية في بلدة القريا، التي شددت على ضرورة «عدم التعرّض بأيّ شكل من الأشكال لمقام رئاسة الجمهورية أو لجيش الوطن، وعدم رفع أيّ علم سوى العلم السوري»، داعيةً، في بيان، إلى «التحلّي بالحكمة والعقلانية وعدم الانجرار في أيّ اتجاه أو وراء أيّ طرف خارجي يبتغي حرف الحراك عن مساره الوطني وتخريب الأهداف التي قام من أجلها». وفي الاتجاه نفسه، صدر عن «دار الصحابي عمار بن ياسر» التابع لطائفة الموحدين في حيّ التضامن في دمشق، بيان شدّد على أهمية أن تكون «المطالب تحت سقف الوطن ورايته ووحدة أراضيه»، معتبراً أن «الوطن وعلم الوطن وجيشه وقائده خطّ أحمر»، مضيفاً إن «المكان الصحيح للمطالبة بالحقوق وتحسين ظروف العيش ليس الشارع، وإنما مؤسسات الدولة الرسمية والأهلية».

تباينت آراء شيوخ العقل الثلاثة إزاء الحراك، لكنهم اجتمعوا على رفض أيّ مشروع انفصالي

مع ذلك، سُجّل تباين في مواقف شيوخ العقل الثلاثة من الحَراك؛ إذ رفع الشيخ حكمت الهجري سقف المطالب، وحمّل الجهات الحكومية مسؤولية ما حدث وما سيحدث في حال انزلاق التظاهرات نحو مسار غير مرغوب فيه، فيما أبدى الشيخ يوسف الحناوي موقفاً أكثر اعتدالاً، ورفض الشيخ يوسف جربوع «أيّ خروج عن عباءة الدولة». أمّا ما اتّفق عليه جميع هؤلاء، فهو رفض كلّ ما يتعلّق بمشروع الانفصال الذي يسوّق له البعض. وحول هذا التباين، يقول مسؤول لجنة الوقف في قرية أمّ الرمان، الشيخ سمير أبو طافش، في حديث إلى «الأخبار»، إن «الاختلاف شيء طبيعي، وخاصة في حدث حساس مثل هذا. وبشكل عام، كلّ رأي يحتمل الخطأ والصواب في بداية الحدث. لكن في النهاية، الرأي الصح هو الغالب»، مشيراً إلى أن الحراك «ليس وليد الصدفة، بل سببه تراكم سنوات طويلة من المعاناة والفوضى وغياب دور الأحزاب والمرجعيات، مقابل تقصير الحكومة في تلبية مطالب الناس وأداء دورها في الحفاظ على الأمن والأمان». ويرى الشيخ أبو طافش أن الشارع «دائماً ما تحدث فيه أخطاء فردية لا تلقى تأييداً من الجميع، لكن مشروعية الحصول على المطالب المحقة هي التي تدعو إلى الاستمرار»، مضيفاً إن «السلوكيات الخاطئة من البعض لا تدين الحراك أبداً، ونحن نرفض شيطنة الحراك، أو الترويج لموضوع الانفصال، فالسويداء كلها ضد الانفصال على المستوى الشعبي والمرجعيات، ونرفض أيضاً بشكل قطعي الاتهامات بالخيانة والعمالة لإسرائيل». ويجد أبو طافش أن الحل يكمن في اللجوء إلى الحوار لتحقيق المطالب، قائلاً: «نحن لا نريد إلغاء الطرف الآخر، بل ندعوه إلى الحوار. وعندما يرتفع سقف المطالب وتتوجّه الشعارات لرئيس الجمهورية، ذلك لأن المحتجّين على اقتناع بأن الحل بيده وهو صاحب القرار، ومع ذلك لا يرفع كل المحتجين الشعارات ذاتها وينادون بسويّة خطابات واحدة، لكن المطلب واحد».

«اليرموك»..الغلاء يوقف العودة وآثار «مجزرة الميغ» لا تزال ماثلة

«الشرق الأوسط» تستطلع وضع مخيم اللاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق بعد 5 سنوات على «التحرير»

دمشق: «الشرق الأوسط».. تسببت موجة الغلاء الفاحش الأخيرة، في توقف شبه كامل لعودة نازحي مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين الواقع جنوب دمشق إلى منازلهم في المناطق الصالحة للسكن، نتيجة التكاليف الباهظة لإعادة الترميم، بعد الارتفاع الخيالي للأسعار، في وقت لا يزال أكثر من نصف مساحة المنطقة غارقاً في الدمار وآثار «مجزرة الميغ» ماثلة. وسط هذه الحال، تتزايد عروض يتلقاها النازحون وتجار المخيم، لبيع منازلهم ومحالهم التجارية بأسعار بخسة، تزامناً مع استمرار بطء الإجراءات الحكومية في إعادة تأهيل المنطقة، على الرغم من مضي أكثر من خمس سنوات على استعادة السيطرة عليها!. وبعد حديث نازحين من المخيم عن توقف أغلبية العائلات الحاصلة على «موافقات أمنية» بالعودة، عن عمليات ترميم منازلها بسبب ارتفاع أسعار مواد ومستلزمات الترميم عدة أضعاف، قامت «الشرق الأوسط» بجولة شملت أغلب مناطق المخيم حيث الانتشار الواسع لأصوات «تكسير» أسقف المنازل المنهارة من قبل «العفيشة» لاستخراج الحديد منها، مع مشاهدة العديد من الأشخاص في الطرقات وهم يحملون كميات من الحديد على دراجات عادية، بينما كانت شاحنات صغيرة وكبيرة متوقفة أمام مبانٍ يتم تحميل كميات الحديد المنهوب فيها. في مقابل ذلك، يختفي كلياً مشهد الشاحنات الصغيرة وهي محملة بمواد ومستلزمات الترميم (إسمنت، رمل، بلوك، أبواب، نوافذ...) وهي داخلة إلى المخيم. كما لوحظت ندرة سماع أصوات أصحاب مهن الترميم (بلاط، نجار، طيان...) وأصوات معداتهم، التي عادة ما تصدر من داخل الأبنية وتسمع في الطرقات. واستعاد النظام السوري السيطرة على المخيم الواقع على بُعد أكثر من سبعة كيلومترات جنوب دمشق، وتبلغ مساحته نحو كيلومترين مربعين، في مايو (أيار) 2018، عقب سيطرة فصائل المعارضة المسلحة، ومن ثم «داعش» و«هيئة تحرير الشام» أواخر عام 2012. وقد تسببت المعارك التي دارت فيه بحجم دمار تتجاوز نسبته 60 في المائة من الأبنية والمؤسسات والأسواق والبنى التحتية، وألحقته محافظة دمشق بها إدارياً خلال سنوات الحرب، بعدما كانت تديره منذ ستينات القرن الماضي «لجنة محلية» بشكل مستقل. حينها، تم منع نازحي المخيم من العودة إلى منازلهم، وانتشرت عمليات نهب وسرقة (تعفيش) محتوياتها ومكوناتها، حتى باتت الشقق الصالحة للسكن من الناحية الإنشائية والمحال التجارية في حالة قيد الإنشاء نتيجة «تعفيش» محتوياتها ومكوناتها من قبل عناصر جيش النظام وميليشياته، ووصل الأمر إلى هدم أسقف أبنية صالحة للسكن من أجل نهب الحديد الذي في داخلها. ويتوزع المخيم على ثلاثة أقسام: الأول المخيم القديم، ويمتد من مدخل المخيم الشمالي (بداية شارع اليرموك الرئيسي) حتى شارع المدارس جنوباً (منتصف المخيم)، ومن شارع اليرموك الرئيسي غرباً وفلسطين شرقاً؛ والثاني يسمى منطقة غرب اليرموك ويمتد من مدخل المخيم شمالاً (دوار البطيخة) وحتى سوق السيارات جنوباً، ومن شارع اليرموك الرئيسي شرقاً حتى شارع الثلاثين غرباً. أما القسم الثالث، فيسمى منطقة التقدم، ويمتد من سوق السيارات شمالاً حتى مقبرة الشهداء جنوباً، ومن منطقة دوار فلسطين شرقاً وحتى حدود المخيم المحاذية للحجر الأسود غرباً. مع الدخول إلى شارع اليرموك الرئيسي من الجهة الشمالية، الذي تم فتحه قبل نحو أربعة أعوام مع شارعي الثلاثين وفلسطين على نفقة «منظمة التحرير الفلسطينية»، كانت هناك حركة ضعيفة للسيارات الخاصة والمارة، مع عدم ظهور علامات على تزايد عدد الشقق المسكونة في الأبنية على جانبي الطريق. توقف العودة في المخيم القديم الواقع شرقي شارع اليرموك الرئيسي، وهي المنطقة الأقل تضرراً ويتركز فيها معظم النازحين العائدين إلى منازلهم، يوضح لنا شاب وهو جالس أمام بوابة منزله أنه «لا يراد للمخيم أن يعود كما كان»، إلا أن كثيراً من العائلات وتحت وطأة الضغوط المعيشية «كانت مندفعة وتجري عمليات ترميم لمنازلها تمهيداً للعودة، ولكن الأغلبية توقفت بسبب ارتفاع ثمن المواد بشكل كبير». فيصل، وهو اسم مستعار لرب عائلة وأثناء تفقده لمنزله في المخيم القديم، ذكر أنه كان يرمم منزله للعودة إليه بعدما أرهقه بدل الإيجار، لكن ارتفاع أسعار المواد «بشكل غير معقول» أجبره على التوقف. يقول فيصل لـ«الشرق الأوسط»: «قبل شهرين كانت تكلفة ترميم شقتنا نحو 40 مليون ليرة، وقد استدنت جزءاً كبيراً من المبلغ من الأقارب والأصدقاء، وركّبت البوابة الخارجية للبناء والسيراميك والبلاط في الشقة، وتبقى الأبواب والنوافذ والتمديدات الصحية والكهربائية ودهان (طلاء) الجدران». ويضيف: «اليوم ومع هذه الأسعار، أحتاج لـ100 مليون على الأقل، وهذا مبلغ لا قدرة لدي على تأمينه فتوقفت، ومعظم من يرممون منازلهم توقفوا». وتشهد مناطق الحكومة السورية تسارعاً في التدهور الاقتصادي والمعيشي بعد الانهيار الكبير في سعر صرف الليرة أمام الدولار منذ أواخر يونيو (حزيران) الماضي، حيث وصل إلى نحو 16 ألف ليرة أمام الدولار الواحد، مما أدى إلى موجة ارتفاع عاتية في عموم الأسعار التي زاد بعضها مائة في المائة وبعضها 200 في المائة ووصل بعضها إلى 300 في المائة. ومما زاد الطين بلة، ترافق ذلك مع إصدار الحكومة حزمة قرارات برفع أسعار المحروقات بنسبة 150 إلى 200 في المائة، الأمر الذي زاد ارتفاع الأسعار بشكل حاد، مما أدى إلى حالة من القلق والغليان في عموم سوريا وخروج احتجاجات حاشدة في محافظة السويداء جنوب البلاد وإعلان الإضراب العام، وانضمام قرى وبلدات في درعا إليها، كما شهدت مناطق متفرقة في ريف دمشق والقلمون ودير الزور احتجاجات مماثلة.

بطء حكومي في إعادة الخدمات

وعلى الرغم من صدور عدة قرارات رسمية بإعادة النازحين من المخيم إلى منازلهم بعد سنوات من سيطرة النظام عليه، وتوجيهات محافظ دمشق محمد كريشاتي قبل نحو عام بـ«الإسراع بتقديم الخدمات للقاطنين في التجمعات السكنية بمخيم اليرموك»، فإن أكثر من ناشط من أهالي المخيم أكد أن عدد العائلات التي حصلت على موافقات أمنية للعودة لا يتجاوز 1600 من أصل أكثر من 6 آلاف طلب، بينما لا يتعدى عدد العائلات التي عادت إلى منازلها بشكل فعلي 600 عائلة بسبب افتقاد المنطقة للخدمات الأساسية، علماً أن عدد سكان المخيم قبل اندلاع الحرب في عام 2011، كان ما بين 500 و600 ألف نسمة بينهم أكثر من 160 ألف لاجئ فلسطيني. ويلاحظ أن أعمال محافظة دمشق في المخيم بطيئة جداً، واقتصرت حتى الآن على ترميم شبكة مياه الشرب في المخيم القديم، بينما لا وجود لشبكات الكهرباء، مع مشاهدة عدد من الحافلات الصغيرة تعمل في نقل القاطنين من المخيم إلى خارجه والعودة بهم إليه، إضافة إلى منح المحافظة عدداً من الأشخاص رخصة «معتمد بيع خبز». وبينما بدا أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أنهت ترميم مدرسة الفالوجة في شارع المدارس شمال المخيم القديم وتواصل ترميم أخرى، لا يزال الدمار على حاله في جامع عبد القادر الجزائري شمال المخيم القديم، الذي استهدفته طائرة من طراز «ميغ» في 16 ديسمبر (كانون الأول) عام 2012 وهو مليء بمئات العوائل التي نزحت إلى المخيم هرباً من القصف الذي استهدف الأحياء المجاورة له، مما أسفر حينها عن عشرات الضحايا والجرحى جلهم من الأطفال والنساء وحصول موجة النزوح الكبرى منه. وباتت تلك الضربة تعرف عند اللاجئين الفلسطينيين في سوريا بـ«مجزرة الميغ» أو «مجزرة جامع عبد القادر الحسيني». في أسواق المخيم القديم الشهيرة وهي «سوق شارع اليرموك الرئيسي» و«سوق شارع لوبيا» و«سوق شارع صفد»، لا توجد أي علامات تشير إلى إقدام أصحاب المحال التجارية فيها على ترميم محالهم من أجل إعادة افتتاحها، بعدما كانت تلك الأسواق قبل سنوات الحرب تشهد حالات ازدحام خانقة بمتسوقين كانوا يتوافدون إليها من كل مناطق دمشق وحتى من المحافظات الأخرى.

طغيان للدمار والنهب

أما في «شارع الـ30» الرئيسي الذي تم فتحه أمام السيارات والمارة، فلا يزال مشهد الدمار طاغياً في الجهة الشرقية منه، من منازل سُويت بالأرض وأخرى متهاوية وخراب كبير لا يزال على حاله، من دون وجود أي مؤشرات على عودة الأهالي إلى المنطقة أو أية أعمال لجهات حكومية لإعادة خدمات أساسية لها. ولكن مع التعمق في الجادات شرقاً، حيث نسبة الدمار أقل، يلاحظ عودة عائلات قليلة جداً للسكن في منازلها، على الرغم من افتقاد المنطقة للخدمات. المشهد في منطقة التقدم جنوباً شبيه بمشهد الأبنية المطلة على شارع الثلاثين في منطقة «غرب اليرموك»، إذ فيما عدا فتح الطريق الرئيسية وعدد من الطرق الفرعية (شارع دير ياسين، شارع العروبة) لا يزال مشهد الدمار هو الطاغي على المنطقة الممتدة من سوق السيارات شمالاً، وحتى مقبرة الشهداء جنوباً، التي مازال الدمار فيها على حاله، مع ندرة وجود قاطنين في المنطقة بسبب الدمار الكبير الذي طال عمقها أيضاً. وبينما تراجعت عمليات نهب الحديد من أسقف المنازل المنهارة من قبل «العفيشة» في شارع الثلاثين، تنشط بشكل كبير في منطقة التقدم، إذ تشاهد أكوام الحديد أمام الأبنية ووسط الطرقات مع وجود شاحنات صغيرة وكبيرة من أجل نقلها.

إشارات استفهام وتعجب

وبعدما يلفت أحد النشطاء إلى أن كثيراً من المناطق التي استعاد النظام السيطرة عليها عاد الأهالي إلى منازلهم، وتمت إعادة الخدمات الأساسية إليها، ومنها في ريف العاصمة القريب من المخيم، يرى أن «هناك إشارات استفهام وتعجب» إزاء إهمال المحافظة لمسألة إعادة الخدمات الأساسية للمخيم وترافق هذا الأمر مع «عروض كثيرة يتلقاها نازحو وتجار المخيم من أشخاص غير معروفين لبيع منازلهم ومحالهم التجارية بأسعار لا تذكر، قياساً بالأسعار الرائجة حالياً». وتمت اللبنات الأولى لإقامة مخيم اليرموك عام 1957، ومع توسع دمشق أصبح جزءاً أساسياً من مكوناتها الجغرافية والديموغرافية. وبات مخيم اليرموك أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في كل من سوريا ولبنان والأردن، ورمزاً لـ«حق العودة». كما يُعرف بـ«عاصمة الشتات الفلسطيني» لأنه يضم 36 في المائة من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، البالغ عددهم قبل الحرب أكثر من 450 ألف لاجئ.

هذه العمارة تعود إلى نحو ثمانية آلاف سنة

الحرب والنزوح يُهدّدان بيوت الطين التقليدية شمال سورية

الراي... أتت سنوات من نزاع دامٍ على بيوت الطين التقليدية التي لطالما ضجّت بالسكان قرب مدينة حلب في شمال سورية، وقد باتت اليوم مهددة بالاندثار. بعد معارك دفعته إلى النزوح العام 2013، عاد محمود المحيلج (50 عاماً) في 2021 إلى قريته أم عامودا الكبيرة في ريف حلب الشرقي ليجد بيوتها الطينية التي تعود هندستها المعمارية إلى آلاف السنين، غير قابلة للسكن. ويقول المحيلج أثناء تجوله بين الأزقة الضيقة والبيوت الصغيرة، «كان عدد سكان القرية بين ثلاثة إلى خمسة آلاف نسمة، لكن (...) الناس هاجروا، ولا يتجاوز عدد العائدين منّا اليوم الـ 200 شخص». وتضمّ القرية المحاذية لسبخات الملح الأكبر في سورية، أكثر من 150 منزلاً طينياً شبه متلاصقة ببعضها البعض، سقطت جدران بعض منها، وتعلو بعضها قبة أو اثنتان أو أكثر باتت بمعظمها متصدعة. وبُنيت هذه المنازل من خليط من التراب والتبن والقش والمياه. ويقول المحيلج إنها «دافئة في فصل الشتاء وتمنح بعضاً من البرودة خلال الصيف»، كما أن تكلفتها قليلة. وحين وجد أن منزله الطيني لم يعد قابلاً للسكن، اختار المحيلج أن يقطن منزلاً صغيراً بناه من حجر وباطون. ويقول بأسف «البيوت الطينية تندثر، باتت اليوم خراباً»، في وقت تحتاج إلى صيانة دائمة وإعادة ترميم بالطين كل سنتين على الأقل لتصمد بوجه العواصف والأمطار. لكن اليوم، «ليس هناك من يصونها». وقرية أم عامودا الكبيرة واحدة من قرى عدة معروفة ببيوت الطين في محافظة حلب والتي نالت نصيبها من النزاع الدامي في سورية بسيطرة تنظيم «داعش» عليها لفترة قبل أن تستعيدها القوات الحكومية. وجراء موجات النزوح الضخمة، فقدت البيوت الطينية حتى معمارييها. وقد أتى النزاع المستمر منذ العام 2011 على البنية التحتية، وأودى بحياة أكثر من نصف مليون شخص وأدى إلى نزوح وتشريد ملايين السكان في الداخل والخارج. في قرية حقلة المجاورة، يتحسّر جمال العلي (66 عاماً) على منازل طينية نشأ فيها لكن باتت اليوم تخلو من أي متطلبات العيش، ولا تصلها إمدادات الكهرباء والمياه. ويقول «نشأنا في بيوت الطين وعشنا فيها»، مضيفاً «هذه البيوت أفضل ألف مرة من منازل الحجر» التي انتقل للسكن في أحدها اليوم.

- صنعة مهددة

قبل سنوات، نزح عيسى خضر (58 عاماً)، الخبير في بناء تلك البيوت والمتحدّر من محافظة حلب، إلى لبنان بحثاً عن ملجأ بعيداً عن القصف والدمار. ويقول «تعلمت الصنعة منذ أن كنت في الـ14 من العمر في قريتي حيث كان أهالي القرية يتجمعون لمساعدة كل من أراد أن يبني بيوتاً مع قبب». ويضيف اللاجئ الذي بنى منزل أهله الطيني في سورية، «اليوم وبسبب الحرب (...)، انقرضت الصنعة لأن الأجيال الجديدة لم تتعلمها». ويتابع «هذه البيوت باتت على وشك الاختفاء». وفي منطقة البقاع في شرق لبنان التي يقطنها خضر ولجأ إليها عشرات آلاف اللاجئين السوريين، أطلقت منظمة «آركنسيال» غير الحكومية اللبنانية مبادرة تهدف إلى الحفاظ على هذا الطراز المعماري. ويشرح المهندس فضل الله داغر، أحد المشرفين على المبادرة، «تُعدّ هذه الهندسة صديقة للبيئة، وتعتمد على قوالب قابلة لإعادة التدوير». ويُعتقد، بحسب قوله، أن هذه العمارة تعود إلى «نحو ثمانية آلاف سنة وقد انتشرت (بشكل رئيسي) في شمال شرقي سورية ومنطقة الأناضول». وضمن المشروع، درّب خضر لاجئين سوريين على بناء تلك المنازل علّهم يحتاجون، وفق المهندس، لتلك الصنعة ذات التكلفة البسيطة «في حال عودتهم إلى بلادهم المدمرة»...



السابق

أخبار لبنان..جهد دولي - عربي لإنضاج الطبخة.. والأيام الرئاسية بين 17 و27 أيلول..«حزب الله» يضع مهلة للحوار مع باسيل ملوحاً بدعم قائد الجيش..تيمور جنبلاط يؤكد تمسكه بترشيح أزعور للرئاسة بغياب التسوية..منصة «بلومبيرغ» تؤسّس لمحاصرة الانفلاش النقدي في لبنان..اجتماع عسكري ثلاثي سرّي: الخيمتان ونقاط الخلاف البري..تجدّد اشتباكات عين الحلوة: هجوم فتحاوي لـ«جسّ النّبض»؟..

التالي

أخبار العراق..تغريدة بارزاني بشأن «العراق» تثير استياء في بغداد..«الوزاري الخليجي» للعراق: التزموا بسيادة الكويت والاتفاقيات الحدودية معها.. تسمم 16 زائرا إيرانيا بسبب "عصير برتقال"..

الدور الاستراتيجي الذي يؤديه إقليم كردستان في عمليات تنظيم "الدولة الإسلامية" - مفترق طرق في الصراع..

 الإثنين 2 أيلول 2024 - 6:02 ص

الدور الاستراتيجي الذي يؤديه إقليم كردستان في عمليات تنظيم "الدولة الإسلامية" - مفترق طرق في الصراع.… تتمة »

عدد الزيارات: 169,663,253

عدد الزوار: 7,587,169

المتواجدون الآن: 1