فيلتمان لـ"النهار": قلقون من الوضع في لبنان

تاريخ الإضافة السبت 30 تشرين الأول 2010 - 5:44 ص    عدد الزيارات 2946    التعليقات 0    القسم دولية

        


فيلتمان لـ"النهار": قلقون من الوضع في لبنان
نثق بالدولة اللبنانية ومؤسساتها ونريد تقديم الدعم لها
نتوقع من سوريا أن تضطلع بدور إيجابي وبنّاء
لا صفقة سرية مع إيران حول العراق وترشيح المالكي

ترفض الدول العربية والأجنبية البارزة المعنية بمصير لبنان وعلى رأسها أميركا وفرنسا والسعودية ومصر ترك هذا البلد يواجه وحده خطر الإنفجار الداخلي، بل انها تتحرك في مجالات عدة على أساس أن تأمين مظلة حماية حقيقية له مسؤولية لبنانية وعربية ودولية وليس تدخلاً في شؤونه، وخصوصاً في ضوء الإلتزام الدولي القوي لدعم إستقلاله وسيادته ومنع إخضاعه مجدداً لأي هيمنة خارجية وضمان مواصلة المحكمة الخاصة المكلفة النظر في جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وفي جرائم سياسية أخرى مهمتها الى النهاية من أجل كشف الحقائق ومحاسبة المتورطين في هذه الجرائم ووضع حد للإفلات من العقاب.
وفي سياق هذا الإهتمام الدولي - الغربي بمسار الأوضاع في لبنان أجرينا مقابلة خاصة في باريس مع مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط السفير جيفري فيلتمان رفض فيها نظرية خصوم المحكمة القائلة إن التمسك بالعدالة يقضي على الإستقرار ويعطي تالياً وضمناً "الذريعة" لاستخدام العنف والسلاح في التعامل مع المحكمة ومع القرار الظني المتوقع صدوره قريباً، ونبّه نظام الرئيس بشار الأسد الى أن تصرفات حلفائه وممارساتهم يجب أن تتفق وتنسجم مع تأكيد هذا النظام حرصه على الأمن والإستقرار في الساحة اللبنانية "لأن المهم هي الأفعال لا الأقوال وحدها". كما أوضح فيلتمان ان الولايات المتحدة تثق بالدور القيادي الذي يضطلع به الرئيسان ميشال سليمان وسعد الحريري، كما تثق بالدور الوطني للجيش والقوى الأمنية من أجل الحفاظ على السلم الأهلي وحماية المواطنين من أي هجمات مسلحة ومنع حصول إنهيار أمني واسع في البلد على خلفية المحكمة.
ولم يخفِ فيلتمان في هذه المقابلة الخاصة مع "النهار" وجود قلق أميركي - فرنسي - عربي - دولي من الوضع المتوتر في لبنان، رافضاً أن تكون المحكمة هي المسؤولة عن ذلك، خصوصاً أن هدفها تحقيق العدالة، إذ قال: "كل الدول الصديقة للبنان، بما فيها الولايات المتحدة، تشعر بقلق شديد من تطورات الأوضاع في هذا البلد، والجهود مبذولة حالياً على مستويات عدة لمنع إندلاع أعمال عنف فيه. ويخطئ الذين يقولون إن على اللبنانيين الإختيار بين الإستقرار والعدالة لأن لبنان يحتاج الى الإستقرار والعدالة معاً. والإستقرار والعدالة ركيزتان أساسيتان لأي دولة ويجب عدم التضحية بأي منهما أو الإختيار بينهما. محادثاتي مع المسؤولين الفرنسيين تناولت مناقشة ما يمكن وما يجب أن تقوم به الولايات المتحدة وفرنسا ودول أخرى من أجل منع إنفجار الوضع في لبنان والحفاظ على التهدئة فيه وعلى الأمن والإستقرار وتأمين تحقيق العدالة".
وأضاف: "نثق بالدولة اللبنانية ومؤسساتها ونريد مع دول أخرى تقديم كل الدعم لها. والرسالة التي بعث بها الرئيس باراك أوباما بواسطتي الى الرئيس سليمان أكدت بوضوح التزام الولايات المتحدة القوي دعم إستقلال لبنان وسيادته ومساندة عمل المحكمة الخاصة وصولاً الى محاسبة المتورطين في جريمة إغتيال الحريري ورفاقه وفي جرائم سياسية أخرى، كما أكدت ثقة الولايات المتحدة بقيادة الرئيس سليمان وبقدرة الجيش والقوى الأمنية على حفظ الإستقرار والسلام في هذا البلد". وأوضح: "ان الجيش اللبناني مؤسسة وطنية جامعة يعمل ويؤدي واجباته على هذا الأساس بقطع النظر عن أنه يعكس، على صعيد أفراده، الإنقسامات والتباينات في المجتمع اللبناني. لكن الجيش يتمسك بدوره كمؤسسة وطنية ويعمل أساساً من أجل المصلحة الوطنية وقد أثبت ذلك حين رفض في 14 آذار 2005 قمع الإنتفاضة السلمية الشعبية الضخمة رداً على إغتيال الحريري وسمح لمئات الآلاف من اللبنانيين بالتظاهر وأمن لهم الحماية"، وهو ما أحدث التحول الكبير في لبنان وأدى الى إنسحاب القوات السورية وانهيار النظام اللبناني - السوري المشترك.
وحمّل فيلتمان ضمناً وبطريقة ديبلوماسية نظام الأسد مسؤولية أي إضطرابات أو أعمال عنف يقوم بها حلفاؤه على خلفية المحكمة والقرار الظني إذ قال: "يؤكد لنا المسؤولون السوريون إنهم يريدون الإستقرار في لبنان وإنهم يعملون لتهدئة الأوضاع في هذا البلد لأن هذه مصلحتهم. وهذا موقف جيد. لكننا نتابع في الوقت عينه ما يقوم به حلفاء دمشق في الساحة اللبنانية من نشاطات وأعمال ونسمع تهديداتهم، ولذلك فإن ما نريده فعلاً هو أن تتفق المواقف السورية الرسمية الداعمة للإستقرار مع أعمال حلفاء دمشق لأن المهم هي الأفعال".
وشدد على أن أحد أهداف إنفتاح إدارة أوباما على النظام السوري هو تأمين الحماية للبنان المستقل، قائلاً: "الرئيس أوباما قرر الإنفتاح على سوريا لأنه يريد تحقيق سلام شامل وتشجيع نظام الأسد على الإضطلاع بدور إيجابي وبنّاء في المنطقة ولأنه يريد حماية إستقلال لبنان وسيادته. ولذلك يؤكد المسؤولون الأميركيون باستمرار خلال محادثاتهم مع المسؤولين السوريين ومع أطراف آخرين اننا متمسكون بلبنان المستقل السيد واننا نتوقع من سوريا أن تضطلع بدور إيجابي وبنّاء وداعم للإستقرار في هذا البلد".

 

مع الحريري ضد التدخل السوري

وسألنا فيلتمان عن تقويمه للتقارب السعودي - السوري وإنعكاساته على الوضع اللبناني، فأجاب: "قرار التقارب بين السعودية وسوريا قرار سيادي إتخذته الدولتان وليس من حق الولايات المتحدة أو أي دولة أخرى التدخل في هذا الموضوع. هذا شأنهما. ونعتقد أن هذا التقارب يمكن أن يساهم في دفع سوريا الى الإضطلاع بدور أكثر إيجابية على صعيد لبنان والمنطقة عموماً".
وسألناه: هل انتهت العلاقة الجيدة بين الأسد والحريري؟ وهل وصلت الأمور بينهما الى حد القطيعة على خلفية المحكمة ونتيجة الحملات القاسية التي تشنها دمشق على الإستقلاليين ويشنها حلفاؤها على رئيس الحكومة، وبعد صدور مذكرات التوقيف القضائية السورية الغيابية في حق 33 شخصية لبنانية وعربية ودولية؟ أجاب المسؤول الأميركي مدافعاً عن الحريري ورافضاً أي تدخل سوري في شؤون لبنان الداخلية: "الولايات المتحدة تؤيد قيام علاقات بين لبنان وسوريا على أساس الإحترام المتبادل والإمتناع عن تدخل إحدى الدولتين في شؤون الدولة الأخرى. فالمسؤولون اللبنانيون ليسوا هم الذين يختارون محاوريهم السوريين وليسوا هم الذين يحددون المسؤوليات التي يجب أن تتولاها هذه الشخصية السورية أو تلك. والواقع أن سعد الحريري أصبح رئيساً للحكومة نتيجة قرار لبناني داخلي وليس نتيجة قرار خارجي، وتولى هذه المسؤولية ضمن سياق عملية دستورية لبنانية وإثر الإنتخابات النيابية الحرة التي جرت في حزيران 2009 وأدت الى فوز فريق 14 آذار وحلفائه بالغالبية النيابية والشعبية. إن الولايات المتحدة تكن كل التقدير لسعد الحريري ولديها الثقة الكاملة به وبقيادته".
ثم سألناه عن تقويمه لواقع العلاقات الأميركية - السورية ومستقبلها وعن رأيه في التصريح الذي أدلى به وزير الخارجية السوري وليد المعلم الى صحيفة "وول ستريت جورنال" في نهاية أيلول الماضي بعد محادثاته مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون وقال فيه إن الإنفتاح الأميركي على سوريا لم يحقق شيئاً، فأجاب: "يمكن القول ان ثمة أزمة ثقة عميقة بين الولايات المتحدة وسوريا وان خلافات كبيرة على قضايا عدة تباعد بيننا، ولكن يمكن القول أيضاً ان إدارة أوباما تريد مواصلة الحوار مع النظام السوري من أجل تأمين الأهداف التي حددتها وترغب في حصول تقدم ملموس في هذا الحوار مما يتطلب أن تضطلع سوريا بدور بنّاء وإيجابي يساهم في تعزيز الأمن والإستقرار في لبنان وفي المنطقة عموماً". وأضاف: "ولكن بصراحة فوجئنا تماماً حين قرأنا تصريح الوزير المعلم الى صحيفة "وول ستريت جورنال" بعد محادثاته مع الوزيرة كلينتون وقال فيه إن الخطوات التي قامت بها إدارة أوباما في سياق إنفتاحها على سوريا لم تحقق شيئاً. موقف المعلم هذا أصاب المسؤولين الأميركيين بخيبة أمل حقيقية، خصوصاً أن هذا التقويم لمسار العلاقات الأميركية - السورية ليس صحيحاً وليس دقيقاً. فقد أحرز بعض التقدم في الحوار الأميركي - السوري وإن لم يكن كافياً إذ ان الجانب الأميركي يتوقع المزيد من الجانب السوري، كما ان السوريين يتوقعون الحصول من واشنطن على أكثر مما حصلوا عليه حتى الآن. ولكن لم يقل أي مسؤول أميركي انه لم يحصل شيء بين البلدين منذ مجيء أوباما الى البيت الأبيض، خصوصاً ان الإتصالات الديبلوماسية مستمرة بيننا وبين دمشق. ويجب أن ندرك أن التقارب بين الولايات المتحدة وسوريا عملية طويلة إذ إن إزالة الخلافات الكبيرة والعميقة القائمة بيننا لن تتم بسرعة".

 

لا صفقة سرية مع إيران

وتناولت هذه المقابلة الخاصة ملف عملية السلام، فسألنا المسؤول الأميركي، ما إذا كانت إدارة أوباما تؤيد إقتراحاً للرئيس نيكولا ساركوزي ناقشه مع عدد من المسؤولين العرب والفلسطينيين والأوروبيين ولم يعلن عنه رسمياً يقضي بتشكيل مجموعة دولية جديدة تضم دولاً بارزة منها أميركا وفرنسا وروسيا وإسبانيا والمانيا ومصر والأردن وغيرها وذلك من أجل تأمين إشراف دولي - إقليمي على مفاوضات السلام الفلسطينية - الإسرائيلية ومواكبة عملها وتقديم إقتراحات وأفكار محددة الى الطرفين المعنيين لمساعدتهما على تسوية المشاكل والخلافات العالقة بينهما تمهيداً لاحراز تقدم ملموس وتوقيع إتفاق سلام فلسطيني - إسرائيلي. وبدا فيلتمان في إجابته عن هذا السؤال غير مؤيد لإقتراح ساركوزي هذا الذي يؤدي في الواقع الى تقليص الدور القيادي الأميركي في عملية السلام والى إضعاف دور اللجنة الرباعية التي تضم أميركا وروسيا والأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي أو إحلال المجموعة الجديدة محلها مما دفع روسيا وكذلك كاترين اشتون المسؤولة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية الى رفض الإقتراح الفرنسي.
وقال لنا فيلتمان في هذا الشأن: "دور فرنسا مهم وأساسي لتأمين نجاح عملية السلام، والولايات المتحدة تحتاج مع سائر الأطراف المعنيين بالأمر الى دعم فرنسا لجهود السلام ومساهمتها فيها مما يجعلنا نتشاور باستمرار مع المسؤولين الفرنسيين". لكنه أضاف: "إن الولايات المتحدة تعمل مع دول ومجموعات عدة لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ضمن سياق السعي الى حل شامل للنزاع العربي - الإسرائيلي، ومن هذه المجموعات الجامعة العربية التي أطلقت مبادرة السلام العربية المتضمنة رؤية مهمة لإنجاز السلام، واللجنة الرباعية الدولية والأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي إضافة الى دول بارزة عدة معنية بالأمر". وامتنع عن إعلان تأييده لإقتراح ساركوزي هذا أو عن الترحيب به وكأنه يراه غير ملائم وغير قابل للتطبيق.
وفي نهاية المقابلة سألنا فيلتمان عن صحة ما يردده بعض المراقبين والمحللين العرب من أن الإدارة الأميركية عقدت صفقة سرية مع القيادة الإيرانية حول العراق تشمل دعم ترشيح نوري المالكي رئيس الوزراء المنتهية ولايته لتشكيل الحكومة الجديدة، فنفى المسؤول الأميركي وجود أي صفقة أو إتفاق سري بين واشنطن وطهران حول العراق تتناول دعم المالكي أو أي مسألة أخرى، وشدد على أن الحديث عن الصفقة يتناقض كلياً مع حقائق الأمور ووقائعها إذ ان الولايات المتحدة وإيران في حال مواجهة وصراع. وأكد ان "المالكي ليس مرشح واشنطن لتشكيل الحكومة الجديدة وليس لدينا مرشح معين لهذا المنصب لأن القرار يعود الى العراقيين وليس الى أي طرف خارجي. ولكن إذا نجحت جهود المالكي وتمكن من تشكيل حكومة جديدة تمثل الطوائف والمكونات الأساسية في العراق فإننا سنرحب بالعمل معه وبالتعاون مع حكومته. ومن المهم جداً أن تتمثل الطوائف والمكونات الأساسية في أي حكومة جديدة إذ إن غياب طائفة أساسية عن المشاركة في الحكومة سيضعف صدقيتها ويقلص حجم تأييد العراقيين لها ويحد من قدرتها على تحقيق الإستقرار وتحسين الأوضاع في العراق".
 

باريس – من عبد الكريم أبو النصر   

 

  


المصدر: جريدة النهار

لمحة عامة: "سرايا الجهاد"..

 الجمعة 27 أيلول 2024 - 10:01 ص

لمحة عامة: "سرايا الجهاد".. معهد واشنطن..بواسطة ساري المميز, عبدالله الحايك, أمير الكعبي, مايكل ن… تتمة »

عدد الزيارات: 171,927,464

عدد الزوار: 7,651,131

المتواجدون الآن: 0