أخبار لبنان..هل يفتح توقيف رياض سلامة صناديق لبنان السوداء أم يخفيها؟..هل يُنْقِذُ القبضُ على الحاكم السابق لـ «المركزي» لبنان من «الهبوط» إلى اللائحة الرمادية؟..سلامة في قبضة القضاء: إحتواء أم دخول إلى مغارة الإختلاسات..مواجهات «مستقرة» بخسائر محدودة بين «حزب الله» وإسرائيل..جعجع يحاكي شارعه بتعديل الدستور وأسئلة حول تغييبه لـ«الطائف»..التمديد لقائد الجيش اللبناني..خلاف متجدد مع استمرار الفراغ الرئاسي..

تاريخ الإضافة الأربعاء 4 أيلول 2024 - 3:51 ص    التعليقات 0    القسم محلية

        


هل يفتح توقيف رياض سلامة صناديق لبنان السوداء أم يخفيها؟...

الجريدة...بيروت - منير الربيع ...إذا كان التوقيف جدياً، ولم يُطلق سراحه لاحقاً، فإنه يُمكن اعتبار توقيف حاكم مصرف السابق لبنان، رياض سلامة، أكبر حدث سياسي أو زلزال بدوافع مالية وسياسية منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005. وعظة الحدث أن سلامة هو كاتم الأسرار المالية والسياسية على مدى عقود في لبنان، وهو أحد أكثر المسؤولين الذين وجُهت إليهم اتهامات داخلية ودولية، لكنه بقي حراً طليقاً وهناك مظلة استمرت بحمايته. وإذا كان توقيفه جدياً، فلا بُد للتحقيق معه أن يكشف الكثير من الأسرار التي تختزنها صناديقه السوداء. وفي التفاصيل، استدرج سلامة إلى التحقيق معه، وذهب إلى قصر العدل في بيروت وكأنه يستند على ضمانة بعدم التوقيف، فجاء القرار مخالفاً، إذ أصدر مدّعي عام التمييز، القاضي جمال الحجّار، قراراً بتوقيفه في قضية «أوبتيموم» على ذمة التحقيق، بشبهة اختلاس أموال المصرف المركزي. ويواجه سلامة اتهامات بارتكاب جرائم مالية تشمل غسل الأموال والاختلاس والإثراء غير المشروع، وهي اتهامات ينفيها جميعاً. مع العلم بأنه مدّعى عليه في ملفات اختلاس الأموال وتبييضها، وقد صدرت بحقه مذكرة بحث وتحرٍّ تم بموجبها أيضاً منعه من السفر. ويعود ملف «أوبتيموم» إلى فترة ما بين 2015 و2018، حين باع مصرف لبنان شركة «أوبتيموم» سندات دَين عام، ثم قام بشرائها في اللحظة نفسها بأسعار أعلى. وقد نتجت عن هذه العمليات أرباح بقيمة 8 مليارات دولار، ولم تتضح هوية المستفيدين منها بعد. وتعليقاً قال رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، إن توقيف سلامة قرار قضائي ولن نتدخل فيه. كذلك صرّح وزير العدل هنري خوري بأن «القضاء قال كلمته، ولا بد من احترام قراره». ولا يمكن لهكذا قرار أن يمرّ في لبنان من دون وجود قرار سياسي كبير له خلفيات كثيرة، ما يعني أن من كان يوفّر له الحماية هو الذي وافق على نزع الغطاء عنه والموافقة على تسليمه، مثل هذه الأمور تحصل في لبنان على قاعدة أن يخرج الجميع رابحين. ولكن مما لا شك فيه - وفق ما تقول مصادر سياسية - أن هناك ضغطاً كبيراً يعيشه المجتمع اللبناني منذ سنوات، خصوصاً منذ الانهيار المالي الكبير وخسارة الناس والمودعين لودائعهم في المصارف وعدم القدرة على استردادها، إضافة إلى ضغوط كثيرة سياسياً، واقتصادياً، ومالياً، واجتماعياً، إضافة إلى تطورات الوضع العسكري في الجنوب، مما يعني أنه لا بد من خلق «متنفس» للبنانيين لتخفيف حدة الضغط والاحتقان، وهو ما سيعتبره اللبنانيون إنجازاً أو «فشّة خلق» تتمثل بتوقيف سلامة. قيل سابقاً إن ظروف وأسباب حماية سلامة المتوافرة، ترتبط بما يمتلكه من أسرار عن قوى سياسية وشخصيات كثيرة داخل لبنان وخارجه، وهناك تقاطع فيما بين هؤلاء على حمايته. وقيل أيضا إن الرجل يمتلك تسجيلات تحميه، لا أحد يعلم إذا كانت قد تبددت حالياً، ولكن وفق ما يقول مصدر متابع أن هذا الظرف هو الأكثر ملاءمة للانتهاء من عبء سلامة، باعتباره يحمل سيفاً مصلتاً على رقاب الجميع، في غمرة توترات سياسية وعسكرية يُقدم الرجل على مذبح «افتداء» الآخرين، مع ضمانات بوقف الأمور عند هذا الحد.

هل يُنْقِذُ القبضُ على الحاكم السابق لـ «المركزي» لبنان من «الهبوط» إلى اللائحة الرمادية؟..

توقيف رياض سلامة والسؤال عن USB صندوقه الأسود

الراي... | بيروت - من وسام أبوحرفوش وليندا عازار |

- ظلّ سلامة 30 عاماً في واجهةِ الحدَث المالي والاقتصادي

على طريقة «صَدِّق أو لا تُصَدِّق»... جاء الوقعُ الصاعق لتوقيفِ حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، أمس، بعد استجوابه في قضية اختلاس أموال وتبييضها، في تَطَورٍ هو الأول من نوعه في تاريخ «بلاد الأرز»، وسرعان ما فجّر أسئلةً عن سرّ مغادرة القضاء مربّعَ التردّد بإزاء «ملفاتٍ متسلسلةٍ» حطّتْ تحت أقواس غيرِ مَحكمةٍ في أوروبا واستدعت عقوباتٍ (أميركية وكندية وبريطانية) على الرجل الأقوى الذي أمْضى 3 عقود على رأس «المركزي»، كان في غالبيتها مكرَّماً وصاحب فضلٍ على الاقتصاد وبيت المال اللبناني، ليتحوّل في الأعوام الأخيرة منها مكروهاً من السواد الأعظم من اللبنانيين الذين أصابتْهم سهامُ الانهيار المالي - المصرفي - الاقتصادي الأعتى الذي عرفه بلدٌ منذ العام 1850. ولم يكن جفّ بعد حبر القرار القضائي الذي اتخذه النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار، بتوقيف سلامة في ملف شركة «أوبتيموم» والعقود التي أبرمت بينها وبين مصرف لبنان لجهة شراء وبيع سندات خزينة ولشهادات إيداع بالليرة وحصولها على عمولات ضخمة، ولا خَفَتَ وهجُ صور «الحاكم» يُنقل إلى مقر قوى الأمن الداخلي لاحتجازٍ احترازي مفاعيله الأوّلية أربعة أيام، حتى تطايرت تشظياته في مختلف الاتجاهات وسط استجرار عامل «الصدمة» لدى الرأي العام اللبناني مجموعةَ علاماتِ استفهام تجاوزت سريعاً الحَدَث في ذاته لتتناول «كيف» و«هل يُعقل» و«لماذا الآن»... وهل يَصمد «التوقيف» أمام «ورقة احتياطٍ ذهبية» كان أُعلن أن سلامة يحتفظ بها على شكل «فلاش ميموري» USB سبق أن أرسلها إلى الخارج وفيها أسرار عمله «في حال حدوث شيء سيّئ له». وهكذا تَشابَكَ القبضُ على مَن يملك مفاتيحَ «الصندوق الأسود» لمرحلةٍ مديدةٍ من تاريخ لبنان انطبعتْ بالوصاية السورية (حتى العام 2005) وتفكُّك الدولة وسيادة الفساد وصولاً إلى الانهيار المروّع (من خريف 2019) مع تساؤلات عما إذا كان سقوط «الحاكم» سيفتح «صندوق باندورا» هذه الحقبة وحاكميها والمتورّطين فيها، وسط تقديرٍ لاح من خلف غبار الخطوة القضائية النوعية بأنها ربما تكون مرتبطة بحاجة بيروت لإثبات «حسن سلوكٍ» في سِباقها مع الوقت القصير لتَلافي إقدام مجموعة العمل المالي الدولية (فاتف خلال سبتمبر الجاري) على إدراج «بلاد الأرز» ضمن القائمة «الرمادية» التي تضم البلدان غير المتعاونة بالكامل في الاستجابة لمعالجة أوجه القصور في مكافحة غسل الأموال والفساد وتمويل الإرهاب. وفي حين أعلن القاضي حجار بعد قراره أن «الخطوةَ القضائية التي اتُخذت بحق سلامة هي احتجازٌ احترازي ومفاعيلُها لمدة أربعة أيام على أن يُحال في ما بعد من قِبل استئنافية بيروت على قاضي التحقيق الذي يستجوبه ويتخذ القرار القضائي المناسب بحقه»، لافتاً إلى «أن من ضمن هذه الإجراءات قد تكون مذكرة توقيف وجاهية»، فإن تشكيكاً «مَشروعاً» برز في «الخطوة التالية» عقب «القبض المثير» على «الحاكم» السابق بشبهات اختلاس تفوق 40 مليون دولار، لاسيما بعدما كان شقيقه رجا أوقف لنحو شهرين من القضاء (في 2022) في تهمٍ بالإثراء غير المشروع وتبييض الأموال مع شقيقه، ثم أُفرج عنه لقاء كفالة مالية كانت الأضخم في تاريخ لبنان. وكان سلامة حضر أمس، إلى قصر العدل من دون مرافقة تُذكر للاستماع إليه من القاضي حجار بشأن ملف «أوبتيموم» إنفست - وهي شركة لبنانية تقدم خدمات الوساطة في الدخل وتعاملت مع البنك المركزي لشراء وبيع سندات الخزانة وشهادات الإيداع بالليرة - علماً أنها أول مرة يمثل فيها أمام القضاء منذ انتهاء ولايته في 31 يوليو 2023. ومعلوم أن سلامة مدّعى عليه في قضايا أخرى تتعلق باختلاس أموال وتبييضها، وصدرت بحقّه مذكرة بحث وتحرٍّ تمّ بموجبها أيضاً منعه من السفر، وأن ملفّ «أوبتيموم» يعود إلى فترة ما بين 2014 و2018 ويرتبط بعمليات بيع مصرف لبنان لسنداتِ وشهادات إيداع بقيمة 8 مليارات دولار تم تضخيم عمولاتها واعتماد هوامش أعلى من المتفق عليها ومن نظام العمولات المعمول به في حالات مماثلة. وكان سلامة (74 عاماً) حاكماً لمصرف لبنان منذ 1993، وبات موضع ملاحقة في 5 بلدان أوروبية على الأقل بتهمة الاستيلاء على مئات الملايين من الدولارات من المركزي اللبناني على حساب الدولة اللبنانية وغسل الأموال في الخارج وصدرت بحقه مذكرتا توقيف في فرنسا وألمانيا (الأخيرة سحبتها قبل نحو 3 اشهر). وسبق أن خضع لجولات عدة من التحقيق في قصر العدل في بيروت في قضايا انتهاكات وجرائم مالية بعدما تقدّمت الدولة اللبناني بادعاء شخصي بحقه بجرائم الرشوة والتزوير وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرّب الضريبي. وفي 2022، جمّدت فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ أصولاً بقيمة 120 مليون يورو يشتبه بأنّ ملكيتها تعود لسلامة وكان بعد في منصبه. وفي أول تعليق لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على قرار التوقيف، قال لقناة «الحدث»، إن «هذا قرار قضائي ولن نتدخل فيه والقضاء يقوم بواجبه وجميعنا تحت سقف القانون»، فيما أعلن وزير العدل هنري خوري أنّ «القضاء قال كلمته ونحن نحترم قراره». ومع القبض على «الحاكم» استُحضرت صفحات من تجربة القابض على «مفتاح» المركزي لأعوام وعهود، والمتوَّج بجوائز عالمية ولبنانية والمكرَّم في جامعات لبنان وصروحه العلمية والدينية، والذي كان تَفَوَّقَ بالتمديد المتلاحق له على رئيسيْ الجمهورية الممدَّدة ولايتهما، إلياس الهراوي واميل لحود، إذ تم التجديد له أربع مرات بموافقة الطبقة السياسية أجمعها. وقد ظل سلامة ثلاثين عاماً في واجهةِ الحدَث المالي والاقتصادي، ولم يسبق لمصرفيّ أن حظي بهذه الفترة الزمنية من الحضور على الساحة السياسية، ولا أمْسكَ حاكمٌ بـ «المركزي» لمدةٍ هي عملياً «نصف عمره»، إذ أن مصرف لبنان تأسس في الأول من أغسطس 1963. ومنذ أن تربّع على عرش «بيت مال» اللبنانيين لم يفارقه الحلم برئاسة الجمهورية، هو الذي تردد اسمه مراتٍ مرشّحاً من الصف الأول إلى أن تَكَسَّرَتْ أحلامه وهو الذي تصرّف، وفق البعض وكأنه ضابط الإيقاع الذي لا غنى عنه. وثمة مَن توقف أمس عند مفارقةِ أن الرجل الذي أَتْقَنَ لعقودٍ السيرَ بين الألغام الكثيفة للواقع اللبناني، ربما يكون وَقَعَ في الشِباك وتُرك وحيداً إلا مِن دفتره الحاوي أسرار شخصياتٍ من كل الأطياف والاتجاهات، و«الصندوق الأسود» لتحطُّم الهيكل المالي - النقدي فوق رؤوس الجميع... فهل يكون ملاذه الأخير؟.....

وأخيراً... سقط رياض سلامة؟

الاخبار... رلى إبراهيم .... بعد عام وشهر على انتهاء ولايته، أوقف مدّعي عام التمييز بالإنابة القاضي جمال الحجار، أمس، حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، بعد الاستماع إليه في ملف شركة «أوبتيموم» والمستفيدين من حساب «الاستشارات» في المصرف المركزي، وهو الحساب الذي أخفى فيه سلامة كل العمليات غير الشرعية التي أجراها طوال فترة ولايته، وزعم خلال جلسات استجوابه أنه حساب من خارج ميزانية المركزي، وأنه لذلك رفض التجاوب مع طلب شركة التدقيق الجنائي «ألفاريز أند مارسال» تزويدها بمعلومات عن المستفيدين النهائيين من التحويلات المالية التي جرت عبر هذا الحساب، وتجاوزت قيمتها 111 مليون دولار بين عامي 2015 و2020، وهي الفترة عينها التي عمل فيها المصرف مع «أوبتيموم»...... وعلمت «الأخبار» أن حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، بالتشاور مع الدائرة القانونية في المصرف، أرسل إلى القاضي الحجار قبل أسبوعين كل الداتا المتعلقة بحساب «الاستشارات»، وهو ما يفترض أنه شكّل انعطافة في التحقيقات، علماً أن الحجار بدأ التحقيق في ملف «أوبتيموم» نهاية تموز الماضي، وهو الملف عينه الذي كانت تحقّق فيه القاضية غادة عون قبل أن يُسحب منها. وبحسب مصادر مطّلعة، تزامن إرسال منصوري كل المعطيات الخاصة بحساب «الاستشارات» إلى الحجار، مع كتابين وجّهتهما القاضية عون إليه خلال أسبوعين، تطلب فيهما معلومات عن هذا الحساب الذي يكشف أسماء المستفيدين من الأرباح الوهمية التي نتجت عن عمليات بيع وشراء سندات خزينة وشهادات إيداع وعمليات أخرى مختلفة، وقام الحاكم السابق بتوزيعها على مجموعة من المحظيين تحت عنوان «استشارات». وأرسل منصوري المعلومات مباشرة إلى الحجار وليس إلى عون، امتثالاً لقرار المدّعي العام التمييزي ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعدم التجاوب مع طلبات عون.

لكنّ السؤال الرئيسي والأهم هنا هو: لماذا سار رياض سلامة بنفسه إلى المقصلة بعدما نجح منذ عام 2020 باجتياز كل الاتهامات الداخلية والخارجية الموجّهة إليه وما تبعها من أحكام قضائية أوصلت إلى إدراج اسمه على لائحة المطلوبين من الإنتربول الدولي؟

تشير المعلومات إلى أن سلامة حسم قبل أيام أمر حضوره جلسة الاستماع التي دعاه إليها الحجار في قصر العدل أمس، بعد مشاورة وكيله القانوني الذي أبلغه أن الملف الذي يحقّق فيه الحجار «فاضي»، بالإضافة إلى رغبة القاضي بالاستماع إليه بصفة شاهد وليس كمُدّعى عليه. ويبدو أن سلامة كان مطمئناً إلى عدم توقيف القاضي حجار له، وراغباً بإبداء تعاون يخرج منه «بطلاً» بظهوره أمام الرأي العام وقدومه بنفسه إلى قصر العدل للإدلاء بشهادته رغم ادّعاء الدولة اللبنانية ممثّلة بهيئة القضايا عليه. وتؤكد المعلومات أن الحاكم السابق لم يتلقَّ تطمينات سياسية أو قضائية قبل ذهابه ولم يشاور أياً من المرجعيات ولم يستمع إلى نصائح المقرّبين منه بعدم الذهاب، لا بل قرّر المثول أمام القاضي من دون حضور محاميه حتى. ويبدو أنه خلال استماع الحجار له واستجوابه وقع على معطيات تقود إلى توقيفه على ذمة التحقيق إلى حين اكتمال المعطيات كاملة، الأمر الذي لم يحسب له سلامة حساباً. وتؤكد مصادر قضائية أن سلامة تعهّد أمام القاضي بإبراز مستندات تثبت براءته خلال الأيام الأربعة المقبلة وهي المدة القانونية للتوقيف على ذمة التحقيق، قبل أن يتم اقتياده مكبّلاً إلى أحد مقرات قوى الأمن الداخلي. ولا شكّ في أن مشهد سقوط رياض سلامة يوم أمس لم يكن ليحصل لولا قرار جريء اتّخذه النائب العام التمييزي، لعلمه مسبقاً بما سيترتب على هذا القرار تبعاً للحماية السياسية التي رافقت سلامة خلال ولايته وبعدها. وهو قرار لم يجرؤ من سبقوه ومن وصل إليهم الملف (باستثناء القضاة غادة عون وهيلين إسكندر وجان طنوس) على اتخاذه، لا بل دأب معظمهم على فعل كل ما في وسعهم لإغلاق الملف وإفراغه وإيجاد كل السبل القانونية لتنويمه وصولاً إلى قتل الأمل لدى غالبية اللبنانيين حول إمكانية محاسبة سلامة المتورط بجرائم اختلاس أموال وتبييضها وإثراء غير مشروع وسوء استخدام السلطة والتزوير وتشكيل عصابة أشرار.

أرسل منصوري إلى الحجار كل الداتا المتعلقة بحساب «الاستشارات»، ما شكّل انعطافة في التحقيقات

ونُقل عن الحجار أن «الخطوة القضائية التي اتُّخذت بحق سلامة هي احتجاز احترازي لمدة 4 أيام على أن يحال في ما بعد من قبل استئنافية بيروت إلى قاضي التحقيق الأول الذي سيستجوبه ويتخذ الإجراء القضائي المناسب». ورغم أن مدة الأيام الأربعة تضع الحجار أمام 3 خيارات: إغلاق الملف وإرسال سلامة موقوفاً إلى المدعي العام المختص والطلب منه إجراء المقتضى حسب الصلاحية؛ الادّعاء عليه وتركه لقاء ضمانات كمنع السفر رغم أن ثمة قراراً ساري المفعول أساساً بمنعه من السفر؛ وأخيراً عدم تحويل الملف وحفظه وترك الحاكم السابق. إلا أنه يُستخلص من كلام الحجار أنه حسم أمره بتحويله إلى النيابة العامة الاستئنافية، أي النائب العام الاستئنافي القاضي زياد أبو حيدر الذي يفترض أن يحوّله بدوره إلى قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي لإصدار مذكّرة توقيف وجاهية بحقه. وللمصادفة، فقد سبق أن أحال مدّعي عام التمييز السابق القاضي غسان عويدات ملف الأخوين رياض ورجا سلامة إلى القاضي زياد أبو حيدر، في حزيران 2022، طالباً منه تحريك دعوى الحق العام ضدهما بتهم الاختلاس والتزوير واستعمال المزوّر وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرّب الضريبي، وتكليف قاضي التحقيق الأول باتخاذ الإجراءات اللازمة، إلا أن أبو حيدر أعلن تنحيه يومها ورفض قيدها في سجلّات النيابة العامة الاستئنافية وطلب من المساعدين القضائيين إيداعها لدى النيابة العامة المالية بحجة «عدم الاختصاص». فهل يعيد أبو حيدر الكرّة تحت العنوان نفسه أم يمتثل لطلب المدعي العام بالادّعاء عليه وتحويله موقوفاً إلى قاضي التحقيق الأول؟ وإذا ما حصل هذا السيناريو فإن قاضي التحقيق الأول الذي يرأس إدارياً كل قضاة التحقيق أمام خيارين: إما إبقاء الملف لديه لإجراء تحقيق أولي أو تحويله إلى قاضي تحقيق آخر، علماً أن أهمية الملف ترجّح أن يبقيه حلاوي لديه. وعند قيام قاضي التحقيق بالتحقيق الأولي، يكون أمام خيارين آخرين مجدداً: إما إصدار مذكّرة توقيف وجاهية بحق سلامة أو تركه بضمانات وتعيين جلسة له. وسط هذا كله، ثمّة سؤالان يتوجب طرحهما: الأول يتعلّق بالغاية من وراء تحويل الملف إلى أبو حيدر بدلاً من المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم نظراً إلى أن ملف سلامة بغالبيته مالي ويفترض بحسب القانون تحويل الملف إلى المدعي العام المختص؟ والثاني: هل سقط رياض سلامة نهائياً أم أن الحماية السياسية والطائفية ستتمكن هذه المرة أيضاً من إخراجه من ورطته؟ علماً أن توقيفه يأتي في لحظة سياسية مؤاتية، وبعد تجريده من كل الأوسمة التي علّقتها الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون على بزّته، وبعدما بات مُثقلاً بالعقوبات الأميركية والبريطانية والكندية وسلسلة دعاوى قضائية في بلدان عدة، إضافة إلى تصدّره لائحة المطلوبين من الإنتربول. وبالتالي، سيكون من الصعب على أي مرجعية سياسية أو طائفية أو قضائية منحه براءة الذمة وتحمّل وزر هذا القرار دولياً وشعبياً.

سلامة في قبضة القضاء: إحتواء أم دخول إلى مغارة الإختلاسات

دراسة الموازنة الثلاثاء يسبقها إضراب للموظفين.. وإشراف جزائري مباشر على شحنات الفيول

اللواء....مع أن الأنظار مشدودة بقوة الى ما يجري على جبهتي غزة والضفة الغربية، امتداداً الى جبهة المساندة اللبنانية، بعدما توارى الرد الايراني عن جريمة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس الشهيد اسماعيل هنية وراء «المصالح الايرانية الكبرى للدولة» لجهة التطلع الى انفتاح على الغرب في مجالات الاستثمار والاقتصاد والملف النووي وسوى ذلك، بدا ان المفاجآت اللبنانية لا تتوقف: فجاء توقيف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة بأمر من النيابة العامة التمييزية ممثلة بالقاضي جمال حجار على ذمة التحقيق، بعدما استمع اليه في ملف مصرفي، مع بروز تطور آخر يتعلق بقرار هيئة القضايا في مجلس شورى الدولة، وقف تنفيذ قرار وزير الدفاع موريس سليم القاضي بالتمديد للّواءين في الجيش بيار صعب ومحمد المصطفى، استناداً الى القانون الصادر عن مجلس النواب بالتمديد لمن هم برتبة عماد ولواء من قادة الاجهزة الامنية والعسكرية. وجاء توقيف سلامة بـ«شبهة» سرقة اموال مصرفية في ملف أوبتيموم، بعدم استمع اليه الحجار في قصر العدل من دون محام، ومن دون اي مرافقة تذكر، لمدة ثلاث ساعات.. والمعروف ان ملف أوبتيموم يعود الى الفترة ما بين 2015 و2018، حيث باع مصرف لبنان الشركة المذكورة بسندات دين عام ثم قام بشرائها في اللحظة نفسها بأسعار أعلى. وقد نتج عن هذه العمليّات أرباح بقيمة 8 مليار دولار، لم تتّضح هويّة المستفيدين منها بعد. واعتبر الرئيس نجيب ميقاتي توقيف رياض سلامة قراراً قضائياً ولن نتدخل فيه. بدوره، قال وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري الخوري: القضاء قال كلمته ونحن نحترم قراره. وافاد مصدر قضائي ان سلامة متهم بجمع اكثر من 110 ملايين دولار عبر جرائم مالية شملت شركة الوساطة المالية اللبنانية أوبتيموم إنفست. وفي الاجراءات يمكن أن يُبقى حجار سلامة موقوفاً لأربعة ايام او ان يحيل الملف الى النيابة العامة الاستئنافية في بيروت، ويطلب الادعاء عليه بجرائم «اختلاس الاموال العامة والتزوير وصرف النفوذ وتبييض الاموال»، ثم ايداع الملف مع الموقوف سلامة، لدى قاضي التحقيق الاول في بيروت لاستجوابه واصدار مذكرة توقيف بحقه. يشار الى ان القاضية غادة عون تحقق في الملف نفسه. وكشف مصدر قضائي ان سلامة قيد التحقيق في مكان آمن. وتأتي هذه الخطوة في وقت يسعى فيه حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري الى عدم ادراج لبنان على اللائحة الرمادية. وحسب مصدر مصرفي متابع فإن هذه الخطوة من شأنها ان تساهم في مساعدة لبنان في تجنب قطوع اللائحة الرمادية. اذاً، في لحظة من زمن لم تكن متوقعة او في غفلة منه، وبينما البلاد تترقب تحريك الملف الرئاسي خلال اسابيع قليلة والعمل جارٍ لوقف التصعيد في الجنوب، وحيث قال مصدر رسمي معني مسؤول لـ «اللواء»: ان لا شيء جديداً نقوله ونحن بإنتظار اي تطور، أعطى مدعي عام التمييز اشارة بتوقيف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة على ذمة التحقيق اربعة ايام، بشبهة اختلاس اموال مصرفية في ملف «اوبتيموم»، بعدما مثل أمام الحجّار في قصر العدل من دون أيّ مرافقة تُذكر. واوضح الحجار أن «الخطوة القضائية التي اتخذت بحق سلامة هي إحتجاز إحترازي ومفاعيلها لمدة أربعة أيام، على أن يُحال في ما بعد من قبل استئنافية بيروت إلى قاضي التحقيق الذي يستجوبه ويتخذ القرار القضائي المناسب بحقه، ومن ضمن هذه الإجراءات قد تكون مذكرة توقيف وجاهية». ويواجه سلامة اتهامات في لبنان بارتكاب جرائم مالية تشمل غسل الأموال والاختلاس والإثراء غير المشروع، وهي جميعها اتهامات ينفيها. وكشفت معلومات أمنية ان حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة يوجد حاليا في سجن ما كان يعرف بسجن الضباط الاربعة الذين تم سجنهم اربع سنوات ظلماً بتهمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، داخل مبنى المديرية العامة لقوى الامن. بالمقابل، اعلنت الرئيسة التنفيذية لشركة اوبتيموم انفست رين عبود ان الشركة سمعت بتوقيف سلامة بالاعلام، وهي اجرت تدقيقاً مالياً لتعاملاتها مع مصرف لبنان، ولم تجد اي دليل على ارتكاب الشركة اية مخالفات.

اضراب تحذيري للموظفين غداً

وفي خطوة تحذيرية، وقبل شروع مجلس الوزراء بدءاً من الثلاثاء المقبل بدراسة مواد الموازنة للعام 2024، التي احيلت اليه قبل ايام، حذر موظفو الادارة العامة من مضي الحكومة بالمماطلة لجهة تصحيح الرواتب (المشروع درس وموضوع في رئاسة مجلس الوزراء)، واعلن التجمع التوقف عن العمل غداً داخل مراكز العمل، بانتظار ما ستؤول اليه الامور خلال شهر ايلول. وجدد التجمع رفضه لما تطرحه الحكومة حالياً من اعطاء 4 رواتب اضافية، على مرحلتين كونه لا يلبي «طموحات الموظفين نهائياً في المرحلة الحالية».

الكهرباء

وفيما عاد المواطن يلمس عودة ولو خجولة للتيار الكهربائي الى المنازل، اعلن سفير الجزائر في بيروت رشيد بلباقي عن وصول شحنات من الفيول الجزائري الى لبنان، مشرفاً شخصياً على انزال هذه الشحنات في مرفأ طرابلس.

الوضع الميداني

ميدانياً، لم تتوقف غارات الاحتلال الاسرائيلي، فاستهدف صباح أمس اطراف بلدتي عيتا الشعب ومركبا، وصولاً الى مرتفعات الريحان مما ادى الى سقوط شهيدين.. واستهدفت مدفعية الاحتلال مواطناً من إبل السقي، يعمل حلاقاً لدى الكتيبة الاسبانية، واصابته بجروح استدعت نقله الى المستشفى. وردت المقاومة الاسلامية باستهداف موقع الجرداح بالاسلحة المناسبة، كما استهدفت المقاومة الاسلامية موقع بركة ريشا بالاسلحة المناسبة. واعلن الجيش الاسرائيلي ان مسيّرة انطلقت من لبنان وسقطت بالمنارة، وادت الى وقوع حرائق. كما استهدفت المقاومة الاسلامية المنظومات الفنية في موقع العاصي وانتشاراً لجنود الاحتلال في محيط موقع السماقة في تلال كفرشوبا، وموقع الرادار في مزارع شبعا، وكذلك استهدفت موقع الراهب.

موقف استفزازي

وفي موقف استفزازي، ونوع من الهروب الى الامام، طالب الوزير المستقيل من حكومة نتنياهو بيني غانتس امس بنقل المعركة الى الشمال (اي الى الجنوب مع لبنان). وقال في مؤتمر صحفي مع غابي ازنكوت (وزير سابق)، على اسرائيل نقل المعركة الى الشمال وانشاء تحالفات في المنطقة ضد ايران.

مواجهات «مستقرة» بخسائر محدودة بين «حزب الله» وإسرائيل

إصابة «حلاق الكتيبة الإسبانية» برصاص إسرائيلي

بيروت: «الشرق الأوسط»... تسير المعركة على جبهة جنوب لبنان بين إسرائيل و«حزب الله» بوتيرة «مستقرة» ترتكز على «استمرار المواجهات ضمن خسائر محدودة للطرفين» في انتظار ما ستنتهي إليه المفاوضات المرتبطة بغزة. وتسجَّل في هذا الإطار عمليات يومية متبادلة وسقوط جرحى في صفوف المدنيين بجنوب لبنان نتيجة القصف الإسرائيلي، مقابل تنفيذ «الحزب» عمليات يومية تستهدف بشكل أساسي مواقع عسكرية.

إصابة «حلاق الكتيبة الإسبانية» برصاص إسرائيلي

وبعدما كان قد قُتل مواطنان مدنيان، الاثنين، أحدهما يعمل في شركة متعاقدة مع قوات الـ«يونيفيل»، أُعلن الثلاثاء عن إصابة 6 مواطنين مدنيين في الساعات الأخيرة؛ بينهم «حلاق الكتيبة الإسبانية». وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بـ«تعرض المواطن (ن.م) من بلدة (إبل السقي)، وهو متعاقد مع الكتيبة الإسبانية في الـ(يونيفيل) حلاقاً، لإصابة في خاصرته جراء تعرضه لقنص من قبل العدو الإسرائيلي على طريق (آبل القمح) - محلة باب ثنية، بينما كان متوجهاً إلى عمله»، مشيرة إلى أن «ن.م» اعتاد أن ينتظر في تلك النقطة دورية من الكتيبة الإسبانية لاصطحابه إلى مركز عمله في مركز الـ«يونيفيل» قبالة مستعمرة المطلة، وقد نقل على الفور إلى المستشفى. وأعلنت نائب مدير مكتب الـ«يونيفيل» الإعلامي، كانديس أرديل، في بيان، عن إصابة «أحد المتعاقدين بينما كان في طريقه لتقديم خدمات للكتيبة الإسبانية التابعة للـ(يونيفيل) بطلقات نارية بالقرب من سردا، وقام حفظة السلام بنقله إلى المستشفى». ولفتت إلى أن «هذه الحادثة هي الثانية في يومين التي يتعرض فيها أحد المتعاقدين الذين يدعمون حفظة السلام التابعين للـ(يونيفيل) لهجوم»، مشيرة إلى «سقوط نيران، أمس (الاثنين)، في المنطقة نفسها، بالقرب من دورية إسبانية كانت تعبر المكان، مما تسبب في إصابة آلية بالحجارة المتطايرة». وفي حين أشارت إلى «التكلفة البشرية الهائلة التي يتكبدها المدنيون في جنوب لبنان نتيجة هذه التبادلات لإطلاق النار، بمن فيهم أولئك الذين يدعمون الرجال والنساء العاملين من أجل السلام»، شددت على أنه «يجب أن تتوقف الهجمات التي تلحق الضرر بالمدنيين، ويجب أن تتوقف الهجمات التي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على قدرة جنود حفظ السلام على أداء عملهم المهم بموجب القرار (1701)، ويجب أن تتوقف أعمال العنف التي يعاني منها جنوب لبنان وشمال إسرائيل منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول)» من العام الماضي. كذلك، أعلنت وزارة الصحة عن إصابة مواطن في خاصرته على طريق «آبل القمح»، إضافة إلى الإعلان عن جريحين في غارة على بلدة مركبا، بعد ساعات من سقوط 3 جرحى في غارة على بلدة مركبا أيضاً. وميدانياً كذلك، استهدف القصف الإسرائيلي بلدات جنوبية عدة، حيث نفذ الطيران الإسرائيلي غارات على بلدة عيتا الشعب وعلى مرتفعات جبل الريحان بصاروخين من نوع «جو - أرض»، وذلك بعدما كانت قد تعرضت بلدة الخيام لقصف مدفعي عنيف ليلاً، وطال القصف بلدتي زبقين وياطر والأودية المجاورة ومحيط بلدة طيرحرفا في قضاء صور. يأتي هذا في وقت أعلن فيه «حزب الله»، في بيانات متفرقة، عن تنفيذه عملية استهدفت التجهيزات ‏التجسسية في موقعي الراهب والجرداح، وكذلك عن استهداف «المنظومات الفنية في موقع العاصي»، وموقع الرادار في مزارع شبعا، وقوة استخبارات عسكرية إسرائيلية في محيط موقع الراهب، إضافة إلى إعلانه انتشار جنود إسرائيليين في محيط موقع السماقة في تلال كفرشوبا.

العودة إلى التهدئة مع استمرار المواجهة

وفي ظل هذا الواقع، يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية الأميركية، عماد سلامة، أنه يمكن وصف الوضع القائم في الجنوب اللبناني بعد رد «حزب الله» على عملية اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر، وإطلاقه مئات الصواريخ باتجاه الداخل الإسرائيلي في 25 أغسطس (آب) الماضي، بـ«حالة من المراوغة والعودة إلى واقع التهدئة مع استمرار المواجهة». ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «طرفا النزاع يدركان أن التصعيد قد يكون باهظ الثمن لهما، وأن أي تغيير نحو اتفاق يرتبط بشكل كبير بنتائج صفقة وقف إطلاق النار في غزة، لذلك، يبدو أن الجانبين يسعيان للتعامل مع الواقع الحالي على الحدود، مع الحفاظ على مواجهات ضمن أقل الخسائر الممكنة». ويضيف: «هذه الاستراتيجية تعكس تراجعاً في نبرة التصعيد والتهديد، والانتقال إلى حالة من التريث والمراوغة ضمن أطر أكثر انضباطاً، انتظاراً لتوضيح الصورة النهائية للوضع في غزة». من هنا، يرى سلامة أن المرحلة الحالية تعدّ مرحلة ترقب وانتظار؛ «ليس فقط لما قد تؤول إليه المفاوضات التي ترعاها الولايات المتحدة حول غزة، ولكن أيضاً لما ستنتجه الانتخابات الأميركية من إدارة جديدة، وما قد تحمله من توجهات نحو التسوية في الشرق الأوسط؛ بما في ذلك الملف الإيراني».

«حزب الله»: المقاومة فرضت معادلة الردع مع العدو الصهيوني

ويرى «حزب الله»، على لسان النائب حسن عز الدين، أن «المقاومة فرضت معادلة الردع مع العدو الصهيوني»، مهاجماً في الوقت عينه معارضي «الحزب» في لبنان، حيث قال: «بعض شركاء الوطن الذين ينتقدون أداء المقاومة... هؤلاء يتنكرون لـ(وثيقة الوفاق الوطني)، وهم يبدون انزعاجهم إذا ما حققت المقاومة تفوقاً أو إنجازاً أو انتصاراً على العدو...». كما قال إن المقاومة ردت على «اغتيال الشهيد القائد فؤاد شكر. وما قالته المقاومة صدقت فيه، فكان ردها في العمق»....

جعجع يحاكي شارعه بتعديل الدستور وأسئلة حول تغييبه لـ«الطائف»

مصادر «القوات اللبنانية» تؤكد أن عدم استحضاره سقط سهواً

الشرق الاوسط...بيروت: محمد شقير.. فاجأ رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بعض حلفائه قبل خصومه، بالطروحات التي أوردها في خطابه بمناسبة ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية، وتحديداً بـ«عدم ممانعته تعديل الدستور، على أن ننتخب أولاً رئيساً للجمهورية تبعاً للدستور، وندعو بعدها إلى طاولة حوار في قصر بعبدا تُطرح فيها كل شؤوننا وشجوننا الوطنية، ويتركز النقاش على عنوان أوحد: أي لبنان نريد فيما البلد يواصل انهياره، وهل نحن في حاجة إلى تركيبة جديدة؟». ومع أن خصومه وبعض حلفائه فوجئوا بطروحاته هذه، فإن «التيار الوطني الحر» لم يشاركهم رأيهم بتلقف موقف جعجع بإيجابية، موحياً، بحسب بيان «التيار»، بأنه التحق بموقفه. ويُجمع بعض حلفاء جعجع، وهم من النواب الذين شاركوا في احتفال «القوات اللبنانية» أو غابوا عنه، على أنه خص بطروحاته الشارع المسيحي، ما يفسر قول «التيار الوطني الحر» بأنه التحق به، بدلاً من أن يتوجه إلى شريكه المسلم في الوطن الذي يشاركه بسواده الأعظم انتقاده لتفرد «حزب الله» بقرار الحرب والسلم. ويؤكد هؤلاء لـ«الشرق الأوسط» أنهم يتفهمون الهواجس التي يشكو منها الشارع المسيحي بجميع مكوناته من موقع اختلافهم في مقاربتهم لانتخاب الرئيس وقضايا أخرى ما زالت عالقة بلا حلول، لكنهم لا يرون مبرراً لرهانه منذ الآن على دور لـ«حزب الله» فور انتهاء الحرب في جنوب لبنان، وكان من الأفضل التريث ليكون على بينة مما سينتهي إليه الوضع، محملاً الحزب مسؤولية ما لحق بالجنوب من دمار وخسائر، لئلا يفسّر موقفه وكأنه يحاول عزل الطائفة الشيعية التي ينتمي إليها الحزب.

لماذا تجنب جعجع ذكر الطائف؟

ويسألون: لماذا تجنّب جعجع الإشارة إلى اتفاق الطائف بقوله إنه لا يمانع طلب البعض تعديل الدستور؟ وهل تغييبه يعني أن مفاعيله السياسية انتهت؟ ومن هي الجهة السياسية المستفيدة من عدم استحضاره؟ وما هو البديل؟ وما المانع من أن يصّنف كلامه في خانة تشجيع الدعوات المطالبة بالفيدرالية، وإن كان ربط تعديله بالحفاظ على وحدة لبنان وحدوده؟ ...... ويؤكد هؤلاء أن الطائف لم ينفذ كما يجب، وهناك ضرورة لاستكمال تطبيقه وتنقيته من الشوائب التي أصابته جراء تجاوزات ارتكبها بعض القيمين على تنفيذه، ويلفتون إلى أن الظروف الصعبة التي يمر بها البلد على إيقاع الحرب المشتعلة في الجنوب بين «حزب الله» وإسرائيل ليست مواتية للحديث عن تعديل الدستور وأي لبنان نريد؛ كون هذه الطروحات تشكل خروجاً على روحية الطائف الذي لا يزال يتمتع بحصانة عربية ودولية، باعتباره الناظم الوحيد للعلاقات بين المكونات اللبنانية، ويأخذون على حليفه عدم مخاطبته شريكه المسلم في ظل العلاقة غير السوية القائمة بينه وبين الغالبية في الشارع السني، وإن كانت تتقاطع وإياه على معارضتها لتفرد الحزب بقرار السلم والحرب.

هواجس مشروعة

ويرى بعض حلفاء جعجع أن مجرد إشارته إلى عدم ممانعته تعديل الدستور، يمكن أن يدغدغ مشاعر الذين يتصدّرون الدعوات للفيدرالية التي أخذت تتزايد في الشارع المسيحي، بذريعة أنها الحل الوحيد في ظل استحالة التعايش مع فائض القوة التي يتمتع بها «حزب الله». ويؤكدون أن مخاوف الشارع المسيحي لا تعالج بتقسيمات يمكن أن تأخذ البلد نحو المجهول، وإنما بوجود دولة قوية عادلة تفرض كامل سيطرتها على أراضيها لقطع الطريق على إقحام البلد في مزيد من الاحتقان والتطييف، فيما المطلوب أن تبحث كل هذه الهواجس، وهي مشروعة، في ظروف مستقرة ليست متوافرة حتى الساعة. ويتوقف هؤلاء أمام الغياب السني عن المهرجان الذي اقتصر على النائب أشرف ريفي، الذي فوجئ ببعض ما طرحه جعجع، ويقولون إن غياب بعض حلفائه من النواب السنة عن الاحتفال يفسر بعدم سوية العلاقة بينهم وبين «القوات»، وإن كانوا على توافق يتعلق بالإطار الدبلوماسي لانتخاب الرئيس. وعلمت «الشرق الأوسط» أن المعارضة تقف حالياً أمام استحقاق سياسي يستدعي الالتفات لإعادة تصويب موقفها، في ظل ما يتردد عن الخلاف الذي حصل بين النائب الزحلاوي بلال الحشيمي وزميله القواتي إلياس اسطفان، الذي سعى إلى تسويته رئيس حركة «الاستقلال» النائب ميشال معوض بجمعهما في منزله بحضور النائب جورج عقيص، ولم يخلُ اللقاء من تبادلهما العتب لتنقية الأجواء بينهما. لذلك، فإن نواباً في «القوات»، كما ينقل عنهم زملاؤهم في المعارضة، يدعون إلى عدم تحميل جعجع، بتغييبه للطائف في خطابه، أثقالاً سياسية، فهو باقٍ على التزامه به، وكان أول من أيده منذ أن توافق النواب في اجتماعهم في الطائف بالمملكة العربية السعودية على وثيقة الوفاق الوطني، وبالتالي فإن عدم إشارته للطائف، كما يقول هؤلاء، سقط سهواً ولم يكن عن سابق تصور وتصميم، ولا بد من «توضيح موقفنا في أقرب فرصة». فهل يعاد الاعتبار للنظام اللبناني بعد تنقيته من الشوائب على نحو يبدد الهواجس التي تعتري الشارع المسيحي ويطمئنه لمستقبله، خصوصاً أن هناك صعوبة في تحويل لبنان إلى مقاطعات غير قابلة للحياة، وأن مجرد إعادة النظر بالتقسيمات الإدارية المفتوحة على مشاريع ذات نكهة سياسية سيؤدي إلى انقسام المعارضة على نفسها، وهي تواجه، كما تقول مصادرها، هيمنة «حزب الله» على القرار السياسي للبنان؟

التمديد لقائد الجيش اللبناني..خلاف متجدد مع استمرار الفراغ الرئاسي

«الوطني الحرّ» يعارض ويلمّح لإمكانية تعيين قائد ومجلس عسكري جديدين

الشرق الاوسط...بيروت: يوسف دياب.. تبدو مهلة الأربعة أشهر قبل موعد إحالة قائد الجيش اللبناني، العماد جوزاف عون، إلى التقاعد في 10 يناير (كانون الثاني) المقبل، بعيدة ومريحة نسبياً، للبحث في خيارات ملء هذا الموقع الحساس، لكنها في الحسابات السياسية ضاغطة، مما دفع بعض القوى إلى طرح التمديد مرة أخرى لولاية عون وقادة الأجهزة الأمنية الأخرى على الطاولة، حتى لا يصل الأمر إلى الوقت القاتل الذي يُدخل قيادة الجيش والمؤسسات الأمنية في فراغ يصعب ملؤه بالإنابة. وتتعدد الخيارات المطروحة لحلّ هذه الإشكالية في ظل استمرار الفراغ الرئاسي، انطلاقاً من أن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وتنص «المادة 49» من الدستور على أنه هو من يزكّي اسم القائد ويتابع الأوضاع العسكرية معه، وهو ما يبدو أنه سيكون متعذراً مع انتهاء ولاية قائد الجيش واستمرار الخلافات السياسية. وبين هذه الخيارات أن تتخذ الحكومة قراراً بالتمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، والمدير العام للأمن العام بالوكالة اللواء الياس البيسري، إلا إن هذا الأمر دونه عقبات سياسية. ورأى مصدر وزاري أن الحكومة «ليست بوارد فتح معركة جديدة، خصوصاً مع المسيحيين، ما دام المجلس النيابي قادراً على إنجاز هذه المهمّة». وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن التمديد لقائد الجيش «يحتاج إلى اقتراح يقدّمه وزير الدفاع موريس سليم، والأخير لن يقدم على هذه الخطوة لسببين؛ الأول: خلافه المستحكم مع قائد الجيش، والثاني رفض رئيس التيار (الوطني الحرّ) النائب جبران باسيل هذا التمديد، باعتبار أن جوزاف عون لا يزال مرشحاً رئاسياً والتمديد له على رأس المؤسسة العسكرية يعزز فرص وصوله إلى الرئاسة». ومع استمرار الفراغ في رئاسة الجمهورية والخشية من خسارة المسيحيين أهم منصب لهم في الدولة بعد خسارة موقع «حاكم مصرف لبنان»، ترددت معلومات مفادها بأن باسيل «لا يمانع التمديد لقائد الجيش هذه المرّة بخلاف المرة السابقة، حتى لا يتسلّم رئيس الأركان اللواء حسّان عودة (درزي) هذا المنصب»، إلا إن مصدراً في «التيار» أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن الأخير «لديه موقف مبدئي يتصل بانتظام عمل المؤسسات، وأن مؤسسة الجيش لا تقف عند شخص واحد». وأكد المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن «المسألة لم تبحث بشكل جدّي من قبل قيادة (التيار)، ولا نزال عند الطرح الذي قدمناه قبل التمديد السابق بأنه في حال غياب القائد يتولّى رئيس الأركان مهمته، وفي حال عدم وجود رئيس أركان يتولى المسؤولية الضابط الأعلى درجة في المجلس العسكري». لكنّ المصدر استطرد قائلاً: «في حال حصل توافق سياسي كامل على تعيين قائد جديد للجيش ومجلس عسكري ضمن سلّة واحدة، فإن (التيار) لا يمانع، ومستعدّ ليشارك وزراؤه في مجلس الوزراء من أجل إقرار هذا التعيين»، لافتاً إلى أن «الوضع الاستثنائي، والخطر الإسرائيلي الذي يهدد الجنوب وكلّ لبنان، يفرضان مثل هذا التوافق السياسي على تعيينات على هذا المستوى». وسبق للبرلمان اللبناني أن أقرّ قانوناً قبل نهاية العام الماضي مدد فيه سنّ التقاعد لقائد الجيش الذي كانت تُفترض إحالته إلى التقاعد في 10 يناير الماضي، وانسحب هذا التمديد على رؤساء الأجهزة الأمنية، وقد قوبل هذا التمديد باعتراض شديد من باسيل وكتلته النيابية، ويبدو أن هذا الواقع لا يزال على حاله؛ إذ أوضح مصدر متابع لهذا الملف أن «رئيس (التيار) يسعى بكل الطرق لقطع الطريق على التمديد للعماد جوزاف عون مرة جديدة». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن باسيل «قد يترك الأمور حتى الساعات الأخيرة من ولاية العماد عون ويطلب من وزير الدفاع (موريس سليم) توقيع مرسوم تعيين رئيس الأركان الجديد اللواء حسّان عودة ليحلّ مكان القائد»، لكن المصدر نفسه لفت إلى أن رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق، وليد جنبلاط، «أبلغ من يعنيهم الأمر بأنه يرفض تسلّم رئيس الأركان مهام قائد الجيش». ولا يزال اقتراح القانون المقدّم من كتلة «اللقاء الديمقراطي» (الاشتراكي) التي يرأسها النائب تيمور جنبلاط، الذي يطلب تمديد سنّ التقاعد لموظفي القطاع العام لسنتين إضافيتين، هو الأكثر قابلية للنقاش. وأعلن عضو الكتلة النائب بلال عبد الله (أحد النواب الموقعين على هذا الاقتراح) أن الكتلة «تقدمت باقتراحين؛ الأول يتعلّق بالتمديد لجميع ضبّاط ورتباء الأسلاك العسكرية والأمنية. والثاني للموظفين المدنيين». وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الاقتراحين «يلبيان الحاجة الماسّة لاستمرار عمل المؤسسات؛ لأنه في الوقت الحاضر لا توجد تعيينات، ولا إمكانية لضخّ دم جديد في المؤسسات»، مشدداً على أن هذين الاقتراحين «يجب العمل بهما لفترة زمنية معينة وإلى حين انتظام الحياة الدستورية في لبنان». وأضاف النائب عبد الله: «همّنا الأول والأخير استقرار المؤسسة العسكرية في ظلّ عدم تثبيت مرسوم تعيين رئيس الأركان، وثبات دور الأجهزة الأمنية في أداء مهامها في هذه الظروف الصعبة، وذلك انطلاقاً من حرصنا على استقرار البلد بغضّ النظر عن الحسابات الشخصية لدى البعض»، عادّاً أن «التفريط في موقع قائد الجيش هو تفريط في وحدة المؤسسة العسكرية». ويشكّل الاقتراحان، في حال إقرارهما، متنفساً لجميع موظفي القطاع العام، خصوصاً في الأجهزة العسكرية والأمنية، الذين يفضلون تأخير تسريحهم في انتظار تحسّن الأوضاع الاقتصادية وارتفاع قيمة تعويضاتهم المالية التي تلاشت مع انهيار العملة الوطنية، ولفت النائب عبد الله إلى أن «اقتراح القانون للعسكريين يشمل قائد الجيش وكل قادة الأجهزة الأمنية وجميع الضباط والرتباء، ويحافظ على التراتبية داخل هذه المؤسسات، ليكون أكثر عدالة وأكثر شموليّة». وعمّا إذا كان النائب السابق وليد جنبلاط يعارض فعلاً تسلّم رئيس الأركان مهام قائد الجيش، أوضح عبد الله أن «هذا الموقف علني؛ لأن وليد جنبلاط معني بالحفاظ على الجيش ودوره في حماية الاستقرار، وهذا الأمر غير خاضع للتجاذبات السياسية».

الفيول الجزائري للتخزين لا للتشغيل: الكهرباء إلى 10 ساعات يومياً في تشرين الثاني

الاخبار..فؤاد بزي... بعد بلوغ العتمة في منتصف آب الماضي، وبقاء شبكة الكهرباء العامة بلا تغذية لنحو 15 يوماً، تدفّق الوقود من كلّ حدب وصوب على مؤسّسة كهرباء لبنان مع مطلع شهر أيلول الجاري. ففي يوم واحد، وصلت باخرة محمّلة بمادة «الفيول أويل» مرسلة من الجزائر إلى لبنان على سبيل الهبة، وباخرة أخرى محمّلة بمادة «الغاز أويل» الذي اشترته وزارة الطاقة بمناقصة عمومية في تموز الماضي. إذاً، كيف ستتعامل وزارة الطاقة مع الوفر النسبي في الوقود؟في مطلع هذا الأسبوع، وصلت هبة النفط الجزائرية إلى لبنان، وأعطت وزارة الطاقة والمياه الإذن بتفريغ 30 ألف طن من مادة «الفيول أويل» في منشآت النفط في طرابس. وبدأت الباخرة «عين أكر»، يوم الإثنين، بتفريغ حمولتها بعد الانتهاء من تنظيف خزانات النفط وأنابيب المصبات البحرية، وفقاً لبيان مؤسسة كهرباء لبنان. ومن المتوقّع أن تنتهي العملية خلال 48 ساعة، إنما من دون أن تدخل مادة «الفيول أويل» الجزائرية في عملية إنتاج الكهرباء. وفي الوقت نفسه، وصلت باخرة من مادة «الغاز أويل»، مدفوع ثمنها من رصيد مؤسّسة كهرباء لبنان، إلى معمل الزهراني، وبدأت بتفريغ حمولتها، على أن تنتقل لاحقاً إلى معمل دير عمار لتفريغ ما تبقّى من الحمولة في خزاناته، ما أتاح لمؤسسة كهرباء لبنان رفع القدرة الإنتاجية للمعامل الحرارية لتصل طاقتها إلى 400 ميغاواط، فضلاً عن 65 ميغاواط من المعامل المائية، ما يعني إعادة التغذية إلى ما كانت عليه قبل العتمة الشاملة، 4 ساعات يومياً. ومع ذلك، طرأ في الأيام الأخيرة سؤال مهم حول سبب عدم استخدام الهبة الجزائرية في توليد الكهرباء، وتخزينها في منشآت النفط في طرابلس بدلاً من استعمالها في إنتاج الكهرباء؟ يقول وزير الطاقة والمياه وليد فياض إن «الفيول أويل المُقدّم من الجزائر مطابق للمواصفات اللبنانية، لا بل هو أفضل من الفيول grade B المستخدم في معملي الجية والزوق الجديدين»، إلا أنّ «المعامل الحرارية الكبيرة في دير عمار والزهراني لا تستخدم مادة الفيول أويل، بل الغاز أويل، وتشغيل هذه المعامل أساسي لتثبيت الشبكة». وفي المقابل، إن قدرة المحرّكات العكسية في معملي الجية والزوق تبلغ 270 ميغاواط، بينما تبلغ قدرة معملي الزهراني ودير عمار 930 ميغاواط «أما الشبكة فتحتاج إلى 500 ميغاواط على الأقل لتثبيتها» بحسب مصادر في مؤسسة الكهرباء. لذا، يشير فياض إلى أنه سيتم «تخزين الهبة الجزائرية في طرابلس مؤقّتاً، إما لاستبدالها بالوقود اللازم لتشغيل الزهراني ودير عمار، أو لاستعمالها لاحقاً لتشغيل المحرّكات العكسية في معملي الزوق والجية». بمعنى أوضح، وزارة الطاقة ستتصرف مع الهبة الجزائرية «وفقاً للجدوى الاقتصادية»، إذ إن «قيمة الفيول الجزائري أعلى من الموجود في لبنان، لذا بعد تفريغ الحمولة سندرس أيّهما أفضل، حرق هذه المادة في المعامل الحرارية التي تتواءم معها، أو استبدالها» يقول فياض. ومن جهة ثانية، يشير فياض إلى أن «مادة الفيول أويل grade B متوافرة في خزانات الجية والزوق بنحو 25 ألف طن، لكن لم تبدأ الشركة المشغّلة لهذين المعملين MEP بالتشغيل» يضيف فياض. بالتالي «علينا معاينة عمل هذا المتعهد أولاً قبل إعطائه المزيد من الوقود».

المعامل الحرارية الكبيرة في دير عمار والزهراني تعمل بواسطة الغاز أويل لا الفيول

أمام هذا المشهد، تدخل وزارة الطاقة في المرحلة الثالثة من خطّتها المكوّنة من 5 مراحل، وتؤدّي في نهايتها للوصول إلى تغذية بقدرة تزيد عن 800 ميغاواط، أي تغذية بنحو 10 ساعات يومياً. ففي منتصف آب إثر العتمة الشاملة قامت وزارة الطاقة والمياه بتحويل 100 ميغاواط من الطاقة المنتجة عبر المعامل المائية إلى الشبكة العامة لتغذية خطوط الخدمات العامة، أي المرافق الحيوية من مطار ومرفأ ومضخات مياه رئيسية وعدد من المستشفيات الحكومية الأساسية، وهذه كانت المرحلة الأولى من الخطة. ثمّ طلبت مؤسّسة كهرباء لبنان «إقراضها» 4 آلاف طن من مادة «الغاز أويل» من منشآت النفط، استُخدمت لإعادة تشغيل معمل الزهراني، ومعها بدأت المرحلة الثانية من الخطة التي أدّت إلى وضع طاقة بقدرة 300 ميغاواط على الشبكة. وفي مطلع شهر أيلول الجاري، بدأت المرحلة الثالثة من الخطة مع إفراغ حمولة مادة «الغاز أويل» في معملي دير عمار والزهراني، وخلال هذه المرحلة ستصل التغذية بالكهرباء إلى حدود 6 ساعات يومياً مع وصول الإنتاج إلى قدرة 600 ميغاواط، وهذا ما لمسه مواطنون في مناطق لأكثر من 15 يوماً من دون كهرباء مثل الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت. ويتوقع فياض أن تبدأ المرحلة الرابعة من الخطة نهاية شهر أيلول الجاري مع وصول 60 ألف طن من مادة «الغاز أويل». فوفقاً لشركة النفط العراقية «SOMO»، تمّت تعبئة الباخرة بالفيول المخصّص للمبادلة في 24 من شهر آب الماضي. ومع بداية شهر تشرين الثاني المقبل، تبدأ المرحلة الخامسة والأخيرة من الخطة، يقول فياض، وفي حال استمرت الشحنات العراقية بالوصول بسلاسة، وبدأ المتعهد «MEP» بتشغيل المحرّكات العكسية في معملي الزوق والجية ستزيد قدرة الطاقة الموضوعة على الشبكة عن 800 ميغاواط، وتصل التغذية إلى حدود 10 ساعات يومياً.

مزايدة لمبادلة الفيول الجزائري

أعلنت وزارة الطاقة والمياه الأسبوع الماضي، عبر هيئة الشراء العام، إجراء مزايدة عمومية بغية «توريد كمية من مادة الغاز أويل، مقابل 30 ألف طن من مادة الفيول أويل، بطريقة المبادلة SWAP». وستؤمّن الوزارة مادة الفيول من الهبة الجزائرية المخصّصة لمؤسسة كهرباء لبنان، ونظراً إلى أهمية تشغيل معملي دير عمار والزهراني وعدم ملاءمة مادة «الفيول أويل» لهذين المعملين، ستتم مبادلة الوقود بمادة «الغاز أويل» الملائمة. وبحسب وصف الصفقة الصادر عن وزارة الطاقة والمياه، على الفائز بالمزايدة تحميل مادة «الفيول أويل» من «واحد أو أكثر من المصبات الآمنة في لبنان»، فالشحنة الجزائرية أُفرغت في منشأة النفط في طرابلس، ومن ثمّ تفريغ كمية من مادة «الغاز أويل».

وبحسب نص دعوة المشاركة في المزايدة، ستقوم وزارة الطاقة بعملية الاستبدال خلال مهلة 44 يوماً. ولكن، بناءً على تطورات خطة الكهرباء، توقّع وزير الطاقة والمياه وليد فياض «تأجيل موعد البت في عروض المبادلة». ويُذكر أنّه بدأت مدة العرض من السادس والعشرين من شهر آب الماضي، وتنتهي في الثامن من شهر تشرين الأول المقبل، على أن تُعقد جلسة التلزيم، وتُفتح العروض يوم الإثنين الواقع فيه التاسع من شهر أيلول المقبل.



السابق

أخبار وتقارير..بوتين: «هجوم كورسك» سرّع تقدمنا في شرق أوكرانيا..القوات الروسية تحقّق أكبر تقدّم منذ عامين في أوكرانيا..بوتين يتحدى المحكمة الجنائية الدولية.. ويزور منغوليا..اعتقال مسؤول عسكري روسي كبير بتهمة الفساد..تقدّم اليمين المتطرف شرقاً «يُزلزل» ألمانيا..ماكرون «الحائر» يقترب من تعيين رئيس حكومة..أربعة قتلى بالرصاص بقطار ركاب في شيكاغو وتوقيف مشتبه فيه..تقرير : «القاعدة» توسّع وجودها في أفغانستان..6 قتلى و13 جريحاً بهجوم انتحاري في العاصمة الأفغانية كابل..توافد القادة الأفارقة إلى الصين لحضور منتدى لتعميق العلاقات..

التالي

أخبار فلسطين..والحرب على غزة..بينهم هنية والضيف..لائحة اتهامات أميركية ضد قادة حماس..أميركا: نشدد مجدداً على أن اتفاق غزة بات ضرورة..نتنياهو ينسف «صفقة غزة» ويتحدى الداخل والخارج..الجيش الإسرائيلي يُعلن استقالة قائد القوات البرية..نتنياهو ليس مستعداً للتخلّي عن محور فيلادلفيا ومخاوف من سيناريو 7 أكتوبر في الضفة..قرار «مُذكّرات» اعتقال نتنياهو وغالانت..قد يصدر قريباً!..سلطات الاحتلال تداهم منزل خطيب المسجد الأقصى..مقتل فتاة فلسطينية في عملية إسرائيلية بالضفة..ارتفاع سريع في عدد البؤر الاستيطانية بالضفة..جنود إسرائيليون يعتدون على سائقي شاحنات الإغاثة لأهل غزة..

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,160,760

عدد الزوار: 7,622,607

المتواجدون الآن: 0