سنتان سيئتان لأوباما

حول التزام أوباما السلام والازدهار في الشرق الأوسط

تاريخ الإضافة الثلاثاء 28 كانون الأول 2010 - 6:03 ص    عدد الزيارات 3092    التعليقات 0    القسم دولية

        


حول التزام أوباما السلام والازدهار في الشرق الأوسط
 
الإثنين, 27 ديسيمبر 2010
جيفري د. فيلتمان *

لقد انتهت المهمّة القتالية التي اضطلعت بها الولايات المتحدة في العراق وأرسى كلّ من البلدين علاقة مدنية متينة ستبقى قائمة لمصلحتهما، وذلك بعد الانسحاب العسكري الأميركي الكامل من العراق العام المقبل. ونحن نقود مهمّتنا الديبلوماسية بموجب اتفاقية إطار العمل الاستراتيجي الثنائية التي تمّ توقيعها مع العراق عام 2008. ونجح العراقيون في تشكيل الحكومة التي تمثلهم على رغم أن عملية التشكيل كانت مضطربة. واعتمدت الولايات المتحدة الديبلوماسية والمساعدة لدعم القرارات التي اتخذها القادة العراقيون من أجل الترويج للوحدة الوطنية والاعتماد على الذات من خلال تحقيق تقدّم سياسي ونمو وتطور اقتصاديين.

على صعيد الأمن النووي، بذل الرئيس أوباما جهداً دولياً وحمل الولايات المتحدة على الالتزام بمسؤولياتها النووية وإرساء توافق دولي لا سابق له في شأن انتشار الأسلحة النووية. وإلى جانب الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا، سعت الولايات المتحدة إلى اعتماد التزام ديبلوماسي بنّاء مع إيران في محاولة لدفعها إلى الامتثال لواجباتها الدولية.

تُعتبر الولايات المتحدة المساهم الوحيد والأكبر في الجهود التي تبذلها السلطة الفلسطينية من أجل بناء المؤسسات التي ستعمل ضمن الدولة الفلسطينية المستقبلية. ونحن ندعم هذا العمل المهمّ إلى جانب المجتمع الدولي لأن من شأنه تطوير نمط عيش الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة والمساهمة في التحضير لقيام دولة فلسطينية من خلال المفاوضات. ويترافق هذا الجهد مع جهودنا المستمرة والثابتة في المضي قدماً باتجاه تحقيق سلام عادل ودائم وشامل في المنطقة يضمن مستقبلاً أفضل للإسرائيليين والفلسطينيين وللدول المجاورة لهم.

استثمرت الولايات المتحدة عام 2010 في التبادلات التربوية والثقافية في الشرق الأوسط أكثر من السنوات السابقة، علماً أنّ عدد الطلاب السعوديين الذين يدرسون في الولايات المتحدة مثلاً وصل إلى أعلى مستواه على الإطلاق. وساهمت الشراكات التي أرسيناها في ميدان الابتكار وريادة الأعمال والعلوم والتكنولوجيا في جذب الرائدين العرب في مجال الأعمال إلى واشنطن وفي إرسال وفود أميركية تُعنى بالعلوم إلى المغرب وفي بروز أفكار جديدة وفي إعطاء زخم لعلاقاتنا التجارية.

ومع حلول عام 2011، يتعيّن على منطقة الشرق الأوسط اتخاذ قرارات مهمة:

ستدخل الحكومة العراقية الجديدة عام 2011 في حقبة سياسية جديدة، فيما ستستمر الولايات المتحدة في تعزيز شراكتها الاستراتيجية مع العراق. فقد تخطت علاقتنا الثنائية التعاون الأمني لترقى إلى حدّ العلاقات الديبلوماسية المتينة والروابط الأوثق في ميدان التجارة والثقافة والعلوم وتكنولوجيا المعلومات والصحة والتربية. ويترتب على الدول العربية المجاورة للعراق مساعدة هذا البلد على الانخراط بإيجابية في المنطقة وعلى تعزيز علاقاتها بالشعب العراقي وبحكومته. وفي هذا الإطار، يعتبر قرار جامعة الدول العربية القاضي بعقد قمتها في بغداد في شهر آذار (مارس) 2011، خطوة مرحب بها من العالم العربي.

سيواجه الإسرائيليون والفلسطينيون عام 2011 خيارات صعبة ستكون ضرورية لتحقيق السلام الذي يحتاج إليه شعبيهما ويستحقانه. ويجب أن تدعم البلدان في المنطقة وفي أنحاء العالم جهود الفريقين في التوصل إلى اتفاق يتمّ التفاوض عليه. وأشار الرئيس أوباما ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى أنّ الوضع الراهن للنزاع ليس مستداماً. ويجب أن يبادر الفريقان إلى اتخاذ قرارات صعبة حيال المسائل الأساسية. ويجدر بنا جميعنا العمل من أجل مساعدتهما.

سيلجأ زعماء إيران عام 2011 إلى الاختيار ما بين الاستمرار في التنكر لواجباتهم الدولية وما بين أداء دور إيجابي على الساحة الدولية. ويترتب على كل الدول التقيّد بمعايير السلوك الدولية على صعيد حظر انتشار الأسلحة وحقوق الإنسان واحترام سيادة الدول الأخرى. وقد آن الأوان لتتحمل إيران مسؤولياتها.

وفي كلّ يوم من عام 2011، سيرسل ملايين من المواطنين في الشرق الأوسط من الأديان والخلفيات كافة أولادهم إلى المدارس وسيفتحون الشركات لإعالة عائلاتهم وللعمل على تحسين مجتمعاتهم. ستستمر الولايات المتحدة في دعم هؤلاء المواطنين من خلال برامج تعنى بالتربية وبريادة الأعمال وبالمجتمع المدني. فلا يمكن أن تزدهر التربية والأعمال والابتكارات من دون وجود الأسواق المفتوحة والأبحاث والمجتمعات الديموقراطية المنفتحة. وستساعد الحقوق العالمية وقاعدة القانون والإصلاحات السياسية والاقتصادية الأفراد في جميع أنحاء المنطقة على القيام بخطوات من أجل تحسين معيشتهم ومجتمعاتهم ومستقبل أولادهم.

لقد راهنت الولايات المتحدة على علاقاتها في الشرق الأوسط. تُعتبر المنطقة حيوية لازدهارنا وأمننا المشترك. فلا تعرف التحديات والمخاطر في القرن الحادي والعشرين حدوداً وطنية أو إقليمية. ومن أجل مواجهة هذه التحديات، يجب رفض "تكتيك" الخوف والانقسام. ويجب أن يبدي المجتمع الدولي جدية في تصميمه والعمل في روح من الشراكة والانفتاح.

تضمّ منطقة الشرق الأوسط قدرات بشرية واقتصادية هائلة. فبوسع هذه المنطقة التي كانت رائدة في العالم على صعيد التقدم العلمي والتجارة والثقافة، الاضطلاع بدور ريادي على الساحة العالمية. فتدعم دول الخليج مثلاً اعتماد الحلول الشاملة للمشاكل العالمية مثل الجهود التي تبذلها الإمارات العربية المتحدة وقطر بهدف تطوير الطاقة النظيفة ومعالجة مسألة الأمن الغذائي. سنستمر في إرساء الشراكات مع الحكومات والمواطنين في أنحاء المنطقة من أجل تقدّم تطلعاتنا المشتركة.

تشهد منطقة الشرق الأوسط بروز جيل جديد من الرجال والنساء يسعى إلى إيجاد مكان له في هذا العالم. ولا شكّ في أنهم لا يواجهون بمفردهم العقبات والتحديات إذ أنّ دولهم والبلدان المجاورة لهم تقدمّ لهم الدعم حتى يحققوا النجاح المطلوب. في السنوات المقبلة، سنستمر في تخطي هذه العوائق وفي إرساء أرضية مشتركة وفي ضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

* مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى.

 

 

سنتان سيئتان لأوباما
 
الإثنين, 27 ديسيمبر 2010
جون بولتون *

1. تراجعت العلاقات بين إسرائيل والفلسطينيين إلى مستوى متدنٍ خلال سنتين وذلك بسبب إخفاق جهود أوباما الواضح في ممارسة الضغوطات على إسرائيل لحملها على تقديم تنازلات جوهرية. ومن خلال محاولته إجبار إسرائيل على الامتثال للشرط المسبق الذي طرحه محمود عباس لاستئناف المفاوضات ألا وهو وقف بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وإخفاقه في تحقيق ذلك، تسبّب أوباما ببروز أسوأ العوالم على الإطلاق. فقد أخفق في استمالة إسرائيل إلا أنه قوّض سلطة عباس من خلال رفع التوقعات ومن ثمّ الإخفاق في تحقيق الأهداف التي وضعها.

بالتالي، لا تحظى السلطة الفلسطينية بسلطة وبشرعية جرّاء الانتخابات الحرة والنزيهة ولا أمل لديها سوى مبادرة عقيمة تقوم بها الأمم المتحدة لإعلان «قيام دولة» فلسطينية. فأنا أتمنى لها حظاً موفقاً في ذلك. يعمل أوباما في بيئة معقّدة ومضطربة وخطرة وقد جعلها أكثر سوءاً. ولو أنه لم يقم بأي شيء واكتفى باعتماد سياسة الإهمال الحميد، لتمّ إحراز تقدّم بين السلطة الفلسطينية وحكومة نتانياهو. ولسخرية القدر، يفرض تطرّف حركة «حماس» وروابطها بجماعة «الإخوان المسلمون» والمجموعات المتشددة الأخرى خطر زعزعة الاستقرار في الأراضي العربية أكثر منه في إسرائيل.

2. وعلى خطّ موازٍ، ساهم أوباما في جعل التهديد الذي تفرضه أسلحة إيران النووية أكثر خطورة. فدفع اعتقاده الساذج بإمكان إقنـــاع طهران بعدم المضي قدماً في برنامجها النووي الولايات المتحدة وأصدقاءها في المنطقة، الإسرائيليين والعرب على حدّ سواء، إلى إضاعة وقت وفرص ثمينة.

وخلال الســــنتين الماضيتين، استمرت إيران في إحراز تقدم باتجاه هدفها الذي وضعته نصب عينيها على مدى عشرين سنة والقاضي بحيازة أسلحة نووية مع العلم أنها لم تتأثر كثيراً بالعقوبات الاقتصادية التي فُرضت عليها جرّاء ذلك.

ويبدو أن موقف إدارة أوباما البديل يقضي باحتواء إيران نووية وردعها تماماً كما تعاملت مع الخطر النووي الذي فرضه الاتحاد السوفياتي خلال الحرب الباردة. إلا أنّ هذا الاعتقاد خاطئ بما أن زعماء إيران المتشددين لا ينظرون إلى الحياة البشرية بالطريقة نفسها التي كان ينظر إليها الملحدون في موسكو. فضلاً عن ذلك، حتى لو نجحنا في ردع إيران فلن يقف الخطر النووي عند هذا الحد لا سيما أنّ المملكة العربية السعودية ومصر وتركيا وبلدان أخرى ستسعى حتماً إلى حيازة الأسلحة النووية حين تحظى بها إيران. قد تحظى بالتالي عشرات البلدان في الشرق الأوسط بترسانات نووية، ما يعدّ وصفة لاندلاع معركة نووية في المنطقة.

3. فضلاً عن ذلك، لم تبذل إدارة أوباما أيّ جهد من أجل الحدّ من دعم إيران للإرهاب في المنطقة وفي أنحاء أخرى وذلك للأسباب نفسها. ويبدو أنّ الرئيس لا ينوي انتقاد الزعماء الإيرانيين خشية من أن يتمّ اعتباره معادٍ للمسلمين. ويعتبر هذا الأمر مستغرباً بما أنّ أبرز نقّاد إيران موجودون في بلدان إسلامية مجاورة. ولإزالة الشكوك حول هذا الموضوع، يجب قراءة البرقيات التابعة لوزارة الخارجية التي نشرها موقع «ويكيليكس».

دفع جمود أوباما إيران إلى إعادة تسليح «حزب الله» في لبنان بالكامل وتزويده بالذخائر والاستمرار في تسليح حركة «حماس» في قطاع غزة وتمويلها. كما تساعد إيران الإرهابيين في العراق وأفغانستان الذين يسعون إلى قتل الأميركيين فيما يبدو أنّ إدارة أوباما لا تحرّك ساكناً. وقريباً سيبدأ مدعي عام المحكمة الدولية في اغتيال الحريري بإصدار القرارات الاتهامية ضد الأشخاص الذين اغتالوا رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، وبات شبه مؤكد ذكر أسماء مسؤولين سوريين بارزين وآخرين تابعين لـ «حزب الله». وقد تؤدي هذه القرارات الاتهامية إلى تجدّد حرب عام 2006 بين إسرائيل و «حزب الله» ومن المحتمل أن تشارك فيها سورية هذه المرة. إلا أنّ الرئيس أوباما يبدو غائباً دون إجازة عن هذا الموضوع.

4. أما في ما يتعلق بالعراق وأفغانستان، فتبدو إدارة أوباما عازمة على سحب القوات الأميركية والتحالف وفق جدول زمني محدّد. ومن خلال إنكار الأوضاع الاستراتيجية الحالية، قد تؤدي هذه الانسحابات إلى زعزعة الاستقرار في كلا البلدين، الأمر الذي من شأنه تعزيز تأثير إيران وإمكان أن تستعيد حركة «طالبان» وتنظيم «القاعدة» سلطتهما في أفغانستان وتفرضان خطراً على الحكومة الديموقراطية في باكستان. وفي حال وقعت باكستان ومخزون أسلحتها النووية في يد المتطرفين، فسيزداد خطر الإرهاب النووي في الشرق الأوسط وفي أنحاء العالم.

يتعيّن على الأشخاص في الشرق الأوسط الذين أملوا في انتخاب أوباما وفي انتهاء «العجرفة» و «الإمبريالية» الأميركية، إعادة النظر في ذلك الآن. وقد يكتشفوا أنّ ما يثير الاستفزاز فعلياً في العالم ليس السلطة الأميركية بل الضعف الأميركي. إذ يساهم الضعف في تقوية خصومنا ويحبط عزيمة أصدقائنا وذلك ضد مصلحتنا الجماعية. وفي هذا الإطار، يُعتبر أوباما أحد أكثر الرؤساء استفزازية في التاريخ الأميركي.

* سفير الولايات المتحدة السابق لدى الأمم المتحدة. هو كبير الباحثين في «معهد المشروع الأميركي» ومؤلف كتاب بعنوان «الاستسلام ليس خياراً: الدفاع عن أمـيركا في الأمم المتحدة».

 

 

نصف عهد أوباما في الشرق الأوسط: خيبات أكثر من الإنجازات
 
الإثنين, 27 ديسيمبر 2010
ديفيد شانكر *

وشكّلت عملية تحقيق السلام الإسرائيلي - الفلسطيني العقبة الإقليمية الأكبر التي واجهت الإدارة. وبصرف النظر عن رأي المرء بالمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، لا يسعنا إلا أن نقرّ بأنّ مقاربة الرئيس أوباما أدت إلى نتائج عكسية. وساهم سوء معالجة الإدارة للملف في توقف المفاوضات المباشرة الإسرائيلية – الفلسطينية، بعد أكثر من خمس عشرة سنة على انطلاقتها، الأمر الذي تسبّب في إضاعة سنة ونصف سنة.

ولم تكن المبادرات الأخرى التي أطلقتها الإدارة في دول المشرق، على قدر التوقعات، وأدى ابتعاد الرئيس أوباما بالكامل عن سياسة سلفه، لا سيما قراره بتجديد الحوار الديبلوماسي مع إيران وسورية، إلى خيبة أمل حقيقية كانت متوقعة. وعلى رغم أنّ أوباما أقدم على خطوة تعتبر سابقة، وعلى رغم حسن النية، إذ قضت بإعطاء شرعية للنظام الديني في إيران، من خلال استخدام عبارة «الجمهورية الإسلامية»، أخفقت النقاشات التي أُجريت مع طهران في شأن نشاطاتها النووية غير الشرعية، وتحوّلت إلى عقوبات. وفيما تبدو هذه الإجراءات فعالة وذات تأثير فهي للأسف جاءت متأخرة.

ولم تؤتِ الجهود التي تبذلها الإدارة حالياً في سبيل التقرب الى سورية، ثمارها. وعلى رغم المبادرة الحسنة النية التي أطلقتها واشنطن، ووافقت بموجبها على بيع سورية قطع غيار أميركية الصنع لطائرات من طراز «بوينغ 747»، وعلى رغم الدعوة التي وجهها الرئيس بشار الأسد في تموز (يوليو) 2009 إلى الرئيس أوباما لزيارة سورية، لا تزال العلاقات الثنائية متوترة، بسبب حرص دمشق الدائم على إهانة واشنطن وحلفائها وتقويضهم. وعزّزت سورية سلوكها المتهوّر والمخلّ بالاستقرار في وجه التملّق.

فمنذ سنة مثلاً، بعدما حاولت واشنطن إعادة إرساء تعاون أمني على الحدود بين سورية والعراق، أدت السيارات المفخخة التي عبرت الحدود بعد أن حصلت على «موافقة سورية» كما قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، إلى مقتل حوالى مئة شخص في بغداد. ومن ثمّ، في آذار (مارس) 2009، أي بعد أسابيع قليلة على تعيين الإدارة الأميركية أوّل سفير لها في دمشق منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري عام 2005، استقبل الرئيس الأسد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وزعيم «حزب الله» حسن نصر الله، وسخر علناً من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون. واعتُبِر العشاء في دمشق بمثابة ردّ على تعيين سفير أميركي جديد.

وعبّر مسؤولون في الإدارة أخيراً، عن خشيتهم من أن تكون سورية أرسلت صواريخ «سكود» أو «فتح 110» إلى «حزب الله» في لبنان. كما يُقال إن نظام الأسد زوّد هذه الميليشيا الشيعية أسلحة أكثر تطوّراً. ولا تزال إدارة أوباما التي لم تنجح في ردع دمشق، تتودد اليها محاولةً التوسط في مفاوضات السلام السورية – الإسرائيلية، إلى جانب السعي إلى فصل سورية عن حليفها الإيراني الإستراتيجي منذ ثلاثين سنة.

الإدارة التي لم تصدر بيانات لتعبّر عن استيائها من دمشق، أو لتلومها بسبب تسهيل حركة مرور المتمردين إلى العراق، واصلت جهودها الرامية إلى سحب سورية خارج المدار الإيراني، علماً أنّ هذه الخطوة أكّدت موقف الرئيس الأسد القائل بأنه «لا يمكن حلّ أي مشكلة في الشرق الأوسط من دون الاستعانة بسورية». وساهم ذلك في تعزيز الائتلاف المعادي للغرب، في دمشق وطهران وفي صفوف «حزب الله»، الأمر الذي قوّض مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.

وكان لبنان بين الضحايا الأساسيين. فخلال السنتين الماضيتين، واجه أصدقاء واشنطن في بيروت عوائق كبيرة. وعلى رغم فوزها في الانتخابات النيابية عام 2009، يبدو أنّ قوى الرابع عشر من آذار الموالية للغرب، التي أطلقت ثورة الأرز، تقع تحت رحمة «حزب الله» وإيران وسورية. والواقع أن هذه العملية بدأت خلال عهد إدارة بوش، حين فشلت واشنطن في الردّ على اجتياح «حزب الله» لمدينة بيروت عام 2008. إلا أنّ ضعف قوى الرابع عشر من آذار ازداد خلال السنتين الماضيتين.

ولا شك في أنّ تراجعها يعزى إلى إمكان أن تكون إدارة أوباما أقل التزاماً من الإدارة السابقة حيال حلفائها الديموقراطيين في المنطقة. وربما بذلت واشنطن جهوداً أكبر لطمأنة أصدقائها اللبنانيين الى أن تعاطيها مع سورية لن يكون على حساب لبنان كما حصل عام 1991. وبعد تعاون واشنطن الوثيق مع الرياض حول ملف لبنان والذي شكّل دعماً لقوى الرابع عشر من آذار، جاءت التهدئة في العلاقات السعودية - السورية.

واليوم، فيما لا تزال إدارة أوباما تعبّر عن دعمها لقوى الرابع عشر من آذار، إذ أطلق مثلاً نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن تصريحاً مهمّاً في بيروت قبل انتخابات عام 2009، يبدو كأبرز مؤشر الى استمرار السياسة الأميركية تجاه لبنان، الدعم المالي الذي تحصل عليه القوات المسلحة اللبنانية التي بدت أكثر عناداً، لا سيما بعد مقتل جندي إسرائيلي بنيران قناص لبناني عبر الحدود، الصيف الماضي. ولا تزال الإدارة تدعم كلامياً ومادياً المحكمة الخاصة بلبنان، التي تحقّق في قضية اغتيال رفيق الحريري، ولكن ليس واضحاً ما الذي ستفعله واشنطن لدعم الحكومة المنتخبة ديموقراطياً في لبنان، في حال لجأ «حزب الله» إلى استخدام العنف للردّ على القرار الاتهامي للمحكمة.

وبعد مضي سنتين، تشير تجربة الإدارة في دول المشرق إلى ضرورة تغيير التوقعات، واعتماد نظرة أكثر واقعية للاحتمالات الممكنة. وثمة مقولة مفادها أنّ الزواج الثاني بعد الطلاق، هو انتصار الأمل على التجربة. فلنأمل بأن يحقّق الرئيس أوباما خلال السنتين المقبلتين انتصار التجربة على الأمل بالنسبة إلى واشنطن والشرق الأوسط.

* مدير برنامج السياسة العربية في «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، مدير شؤون دول المشرق في مكتب وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد بين عامي 2002 و2006.


المصدر: جريدة الحياة

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,348,243

عدد الزوار: 7,629,347

المتواجدون الآن: 0