تحليل إخباري
شبكات الفساد المالي والإداري في العراق أقوى من مؤسسات الدولة وسلطة القضاء
الإثنين 25 تموز 2011 - 8:40 ص 3890 0 عربية |
بغداد - «الراي»
لطالما أفرز الحديث عن آفة الفساد المالي والاداري المستشري منذ سنوات في مفاصل ومؤسسات الدولة العراقية، تساؤلات عدة تطرحها الأوساط المهتمة بمعالجة هذه الآفة التي اخذت تنخر عميقا في جسد الدولة.
هذه التساؤلات التي غالبا ما يسبقها اقرار رسمي يصدر عن مسؤولين حكوميين وساسة يقرون فيها بـ «المستوى الكارثي» الذي وصلت اليه هذه الظاهرة المستفحلة، لم تجد لها السلطات المعنية اجوبة شافية رغم الجهود المبذولة في هذا الآطار.
وفي أحدث إقرار على ما وصلت اليه آفة الفساد «السرطانية» من حجم مهول، أكد هاني عاشور المستشار القانوني لقائمة «العراقية» بزعامة اياد علاوي، أن «فشل الحكومة في محاربة الفساد جعل شبكاته اقوى من مؤسسات الدولة والقضاء».
وقال عاشور في تصريح مكتوب تلقت «الراي» نسخة منه أمس، ان» الفساد المالي والاداري بلغ مرحلة لم يبلغها في تاريخ العراق... حتى اصبح يهدد الامن والاستقرار ومستقبل البلاد»، مؤكدا ان شبكات الفساد «الاخطبوطية» أصبح لها من يحميها ويشارك فيها من المؤسسات الرسمية.
القوانين الصارمة التي وضعت لمعاقبة المفسدين والجهود الحكومية لم تفلح بالقضاء على هذه الظاهرة او التخفيف من حدتها، فلا يزال الفساد المالي والإداري ينخر في جسد المؤسسات العراقية باعتراف الحكومة وجميع مسؤوليها مشفوعا بتقارير محلية ودولية.
مستشار قائمة علاوي، أشار الى أنه باستطاعة تلك الشبكات «المافيوية» تحدي قرارات الدولة وسلطة القضاء، كما وبامكانها توقيف تلك القرارات أو حتى الغائها، على حد قوله.
واتهم عاشور الحكومة الحالية برئاسة نوري المالكي بـ «عرقلة قرارات هيئة النزاهة في محاسبة وزراء ووكلاء وزارات ومفتشين ومديرين عامين ثبت فسادهم وما زالوا يحظون بالحماية»، مضيفا «ما يعني ان هناك شركاء لهم في المواقع العليا يخشى من افتضاحهم أو أن الحكومة أصبحت اضعف من ان تحاسب مفسدا مارس الفساد علنا».
«هيئة النزاهة العامة»، وهي الجهة المسؤولة عن مكافحة الفساد الإداري والمالي، أكدت مرارا على أن الفساد يمثل التحدي الاول الذي يقف في وجه بناء المؤسسات وإعادة الإعمار وتنفيذ مشروعات التنمية، موضحة ان خسائر البلاد خلال السنوات الماضية التي أعقبت سقوط النظام السابق نتيجة هذا الفساد «كارثية بكل معنى الكلمة» وتبلغ ملايين الدولارات.
عاشور أوضح ان «كثيرا من العراقيين اضحوا يبحثون عن شبكات الفساد لإنجاز معاملاتهم او اطلاق سراح سجناء او تغيير قرارات او ايقافها، بدل اللجوء الى التعامل الرسمي ظنا منهم ان الدولة لم تعد قادرة على تلبية مطالبهم وانجاز معلاملاتهم واسترداد حقوقهم».
وأشار الى ان «مئات القرارات القضائية التي افرج بموجبها عن معتقلين لم يتم تنفيذها من قبل هئيات السلطة الحكومية... كما ان مشاريع متوقفة عن الانجاز بسبب مطالبة مفسدين برشاوى عالية لتمريرها»، مستغربا من «صمت الحكومة وتغافلها» عن مطالب ملايين العراقيين وعلماء الدين ومنظمات المجتمع المدني في محاسبة المفسدين. وأبدى عاشور تخوفا مماثلا لما يبديه بعض المسؤولين الحكوميين، من ان تتحول «شبكات الفساد الى دولة داخل الدولة وتتحكم مستقبلا بمصير العراق ومسيرته الديموقراطية وتحرفها عن أهدافها، وينتهي الامر الى تمزيق العراق وضياع حقوق اهله».
وشكك بتوجهات السلطات الحكومية في معاقبة المفسدين، قائلا ان «الحكومة لو كانت جادة في محاربة الفساد عليها ان تحاكم المفسدين الذين ثبت تورطهم وصدرت عليهم احكام قضائية»، وهو يغمز في هذا الاطار من قناة وزراء ومسؤولين مقربين من رئيس الحكومة متهمين بالتورط في قضايا فساد.
وحسب آخر تقرير لمنظمة الشفافية الدولية صدر العام الماضي، أن العراق ما زال يصنف في المرتبة الرابعة بين أكثر دول العالم فسادا في العالم.
المصدر: جريدة الرأي العام الكويتية