إطلالة الأسد التلفزيونية تزيد الطين بلة في العلاقات مع تركيا

ناشطون سوريون لــ«الشرق الأوسط»: الثورة تجاوزت موضوع الإصلاحات

تاريخ الإضافة الأربعاء 24 آب 2011 - 5:44 ص    عدد الزيارات 2844    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

الأسد يشكل لجنة لشؤون الأحزاب.. والمعارضة تطالب بتعديل المادة 8 من الدستور
ناشطون سوريون لــ«الشرق الأوسط»: الثورة تجاوزت موضوع الإصلاحات
بيروت: بولا أسطيح
لم يلق قرار الرئيس السوري بشار الأسد تشكيل لجنة لشؤون الأحزاب برئاسة وزير الداخلية اللواء بسام عبد المجيد، وعضوية القاضي ونائب رئيس محكمة النقض محمد رقية، والمحامي إبراهيم محمد وجيه المالكي، والمحامي علي ملحم ومحمود حسن مرشحة، ترحيبا في صفوف المعارضة السورية، التي شدّدت على أن أي قرار إصلاحي بشأن التعددية الحزبية في سوريا يجب أن ينطلق من تعديل المادة الثامنة من الدستور والتي تنص على أن «حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة ويقود جبهة وطنية تقدمية تعمل على توحيد طاقات جماهير الشعب ووضعها في خدمة أهداف الأمة».
وفي هذا الإطار، قال أستاذ العلوم السياسية والناشط السياسي د. وائل ميرزا لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نعيش في هذه الدائرة المفرغة منذ أكثر من 10 سنوات على الأقل، تصدر إعلانات عن مشاريع إصلاحية متعددة، تحال إلى لجان لتدرس فتمضي السنوات لنعود إلى هذه الدائرة من جديد». وشدّد ميرزا على أن «الثورة تجاوزت موضوع الإصلاحات خاصة بعد انضمام المجتمع الدولي للانتفاضة السورية»، وأضاف: «هذا القرار وغيره وكل ما يسمى زورا بالقوانين الإصلاحية لم تعد تعنينا بعد كل ما قدّمه الشعب السوري من تضحيات لأننا نعلم تماما أن ما يصدر عن الأسد حاليا يندرج في خانة فقدان الأوراق واللعب على الوقت الضائع كما افتقاد الفكر السياسي»، معتبرا أن النظام السوري لم تعد لديه القدرة ليقوم بمبادرات حقيقية.
وأمل ميرزا «ألا نقع في الفخ الذي ينصبه الأسد من خلال تصريحاته ووعوده»، معتبرا أنّه «ولو كانت الإرادة موجودة لتمت هذه الإصلاحات منذ زمن»، وأضاف: «إصرار الأسد على الإبقاء على المادة الثامنة من الدستور كما هي دليل رئيسي على أنه لا نية لديه بالقيام بأي خطوة في الاتجاه الصحيح».
بدوره، اعتبر الناشط السياسي لؤي صافي أن إعلان الأسد تشكيل لجنة لشؤون الأحزاب «يعيدنا لقضايا اللجان وبالتالي التسويف بغياب أي رؤية واضحة أو أي جدول زمني». وفي اتصال مع «الشرق الأوسط»، قال صافي: «المشكلة الأبرز التي نواجهها تبقى على مستوى تنفيذ هذه القرارات في ظل انعدام الثقة بين الشعب والنظام ولعل إعلان الأسد في بداية الانتفاضة رفع حالة الطوارئ وإرسال الدبابات والقوى المسلحة إلى الشوارع في اليوم التالي أكبر دليل على أن ما يصدر عن هذا النظام لا يتم التقيّد به».
ولفت صافي إلى أن «صدور القانون تحت سقف المادة الثامنة يؤكد أن الأسد لا يزال غير مؤمن بالتعددية الحزبية لأنّه يجعل من باقي الأحزاب وإن قبل بوجودها أحزابا هامشية مما يعيدنا لفكرة الجبهة القومية التي لا تتعدى كونها جبهة مشلولة».
وكان الأسد وفي حديثه التلفزيوني الأخير وفي إطار تطرقه لقوانين الإصلاح، فأعلن أن «جزءا منها قد صدر»، وقال: «نحن في مرحلة انتقالية وسيكون هناك انتخابات بعد مراجعة الدستور، فهذه المرحلة حساسة وأهم شيء الاستمرار في الحوار»، معتبرا أن «الحوار خلال المرحلة الانتقالية مهم جدا، ونحن نحضر لأن يكون هناك حوار على مستوى المحافظة»، ولفت إلى أن «هناك من طرح تعديل المادة 8 التي هي جوهر النظام، إلا أن تبديلها فقط كلام غير منطقي، كما أن تبديل باقي المواد من دون المادة 8 أيضا غير منطقي، ومن البديهي أن يكون هناك مراجعة لكل الدستور، فعلى الأقل الحزمة المرتبطة ببعضها البعض»، وكشف في السياق نفسه أنه «في هذا الأسبوع حتى يوم الخميس المقبل، سيتم إصدار لجنة الأحزاب المؤلفة من وزير الداخلية وقاض و3 شخصيات مستقلة، وهذه اللجنة معنية بتلقي طلبات الأحزاب.
 
إطلالة الأسد التلفزيونية تزيد الطين بلة في العلاقات مع تركيا
كبير مساعدي الرئيس التركي لـ«الشرق الأوسط»: غل مستاء.. والرئيس السوري يلقي بأخطائه على الآخرين
بيروت: ثائر عباس
تتجه العلاقات التركية – السورية إلى مزيد من التدهور بعدما «صُدم» المسؤولون الأتراك بالترجمة السورية للوعود التي أغدقت على المسؤولين الأتراك، خصوصا وزير الخارجية داود أوغلو. وأتت الإطلالة التلفزيونية الأخيرة للرئيس السوري بشار الأسد لتزيد الطين بلة، بعدما تحدث فيما يشبه التشكيك بالدور التركي في الأزمة، رافضا لعب أنقرة ما سماه «دور المرشد».
وبينما قال مصدر رسمي تركي لـ«الشرق الأوسط»: إن القيادة التركية ترى أن «لا أمل» بعد كلام الأسد، وإنها ترى في هذا الكلام أنه «يرفض أن يسمع الرأي الصحيح وأنه مصر على إلغاء الأصوات الأخرى»، تحدثت تقارير صحافية تركية عن نية بـ«فك الارتباط» مع النظام السوري، بينما أكد أحد المحللين الأتراك أن «المنطقة العازلة» على الحدود السورية - التركية قد بحثت بشكل تفصيلي في الاجتماع الأخير لمجلس الأمن القومي التركي نهاية الأسبوع الماضي. وقال المحلل السياسي في صحيفة «زمان» التركية، عبد الله بوزكرت: إن المجلس وضع خطة «المنطقة العازلة على الطاولة وناقشها بشكل جدي كاحتمال قائم لمواجهة استفحال الأزمة في الجانب السوري وعجز النظام هناك عن ضبط الوضع».
وقال كبير مساعدي الرئيس التركي، إرشاد هورموزلوا، لـ«الشرق الأوسط»: إن الرئيس عبد الله غل «مستاء جدا مما وصلت إليه الأمور في سوريا واستمرار عمليات القمع وسفك الدماء»، داعيا «القوى الوطنية في سوريا»، في إشارة غير مباشرة للمعارضة، إلى أن «توحد صفوفها وأن تظهر للعالم كقوة موحدة تشكل أملا لمستقبل سوريا».
وأشار هورموزلوا إلى أن بلاده «تتابع التطورات الأخيرة في سوريا بقلق بالغ، وترى أن التصريحات (في إشارة إلى كلام الأسد) تظهر نية بعدم الاستماع إلى صوت الشعب وإلقاء مسؤولية الأخطاء على الآخرين وليس على النظام الذي ارتكب هذه الأخطاء». وتمنى أن «تخرج سوريا من هذه الأزمة ليست أقوى مما كانت فحسب، بل أنقى بدرجة واضحة».
كانت المعارضة السورية قد مددت، ليوم إضافي، اجتماعاتها المفتوحة من أجل تأليف «مجلس وطني». وتحدث ناشطون سوريون عن «ضغوط تركية قوية لحض المعارضة على الخروج بنتائج إيجابية وتجاوز الاختلافات»، مشيرين إلى أن وحدة المعارضة «تسهل عمل المجتمع الدولي والأتراك إلى حد كبير». وقال هؤلاء إن تركيا «لا تشترط إجماعا حول المجلس الوطني، بل أكبر قدر ممكن من التوافق».
وسعيا إلى توحيد حركتهم المتشظية تجمعت شخصيات معارضة في تركيا لترشيح مجلس ذي قاعدة عريضة لدعم الانتفاضة. وقال وائل ميرزا، وهو أستاذ جامعي وأحد المشاركين، لوكالة «رويترز»: إن المباحثات تركز على الابتعاد عن نظام الحصص إلى مجلس يقوم بدرجة أكبر على الكفاءات. وأضاف أنهم يتوقعون التوصل إلى توافق حول قائمة الأسماء بحلول نهاية الأسبوع الحالي. ولم تسفر مبادرات مماثلة في الماضي عن تشكيل جماعة كبيرة تنضوي تحت لوائها تجمعات المعارضة.
 
5 قتلى بنيران الشبيحة.. وارتفاع الإجمالي منذ اندلاع الانتفاضة إلى 2200
بان كي مون «منزعج».. والسفير الأميركي يزور حماه مرة ثانية.. * متظاهرون هتفوا أمام وفد الأمم المتحدة: شدوا الهمة يا ثوار بدنا نعيد بلا بشار
دمشق - بيروت - لندن: «الشرق الأوسط»
قتل خمسة أشخاص وأصيب آخرون بجروح أمس برصاص عناصر الشبيحة، الموالين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، وجاء ذلك بينما ارتفعت حصيلة القتلى في سوريا منذ اندلاع الانتفاضة في مارس (آذار) إلى 2200 حسب المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وذلك لدى عقد جلسة خاصة استثنائية لمجلس حقوق الإنسان حول الوضع في سوريا. وبينما اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس أن عدم وفاء الأسد بوعده أمر «مزعج»، زار السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد مدينة حماه مرة أخرى بعد زيارته الأولى في يوليو (تموز) الماضي، والتي استدعت ردود فعل ميدانية ورسمية.
وأفادت وكالة الأسوشييتدبرس أمس أن آلاف السوريين في أنحاء البلاد انطلقوا إلى الشوارع في الساعات الأولى من يوم أمس بعد اللقاء التلفزيوني مع الأسد، والذي بثته القناة السورية الرسمية، تنديدا بالأسد مطالبين إياه بالتنحي. وخرجت المظاهرات في مناطق عدة في سوريا، شملت مدينة تدمر وميدان دمشق ومنطقة تل رفعت في حلب، ومنطقة زملكا في محافظة ريف دمشق، وفي بلدات درعا وأنخل وتسيل وداعل والكسوة. وتزامن ذلك مع الأنباء التي كانت ترد حول سقوط العاصمة الليبية طرابلس بيد الثوار وانهيار نظام العقيد الليبي معمر القذافي، مما زاد من حماس المتظاهرين السوريين الذين هتفوا «القذافي رحل.. وجاء دورك يا بشار».
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «مواطنين قتلا وجرح أربعة آخرون عند الساعة الواحدة من فجر الاثنين (22,00 تغ مساء الأحد) في مدينة مصياف بالقرب من حماه (وسط) إثر إطلاق الشبيحة (عناصر مولية للنظام) المحتفلين بحديث الرئيس السوري بشار الأسد الرصاص الحي في شارع معارض للنظام السوري».
وأضاف المرصد أن «الشبيحة قاموا بالإضافة إلى ذلك بالاعتداء على محلات تجارية تابعة لمعارضين للنظام».
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية «إن 3 أشخاص قتلوا وجرح آخرون عندما أطلق رجال الأمن والشبيحة (عناصر موالية للنظام) النار على متظاهرين في حمص (وسط)» التي تزورها بعثة الأمم المتحدة الإنسانية.
وأوضح عبد الرحمن أن «مئات المتظاهرين خرجوا في شارع عبد الرحمن الدروبي في وسط حمص لدى سماعهم خبر زيارة بعثة إنسانية تابعة للأمم المتحدة».
وذكر ناشط من مدينة دوما (ريف دمشق) أن «عددا من أهالي المدينة تجمعوا أمام البعثة لدى زيارتها المدينة أمس (الأحد) وهتفوا بهتافات مناهضة للنظام السوري قائلين: شدوا الهمة يا ثوار بدنا نعيد بلا بشار».
كما أفادت صفحة الثورة السورية على موقع «فيس بوك» بأن مظاهرات حاشدة انطلقت لدى وصول اللجنة الأممية إلى حمص في ساحة الحرية، على وقع هتافات انطلقت من كل مكان وبشكل موحد، مكررة أن «الشعب يريد إعدام الرئيس».
وفي تلك الأثناء زار السفير الأميركي روبرت فورد مدينة حماه للمرة الثانية، وتزامنت زيارته مع جولة البعثة الدولية في مناطق سورية عدة، منها ريف دمشق، وذلك بهدف تفقد الأوضاع الإنسانية فيها. وزارت البعثة بلدتي داريا والمعضمية، حيث خرجت مظاهرة منددة بحملة القمع التي تقوم بها القوات السورية ضد المواطنين.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن دبلوماسي غربي إشارته إلى أن «القوات السورية أجرت عملية تطهير في مخيم للاجئين الفلسطينيين في مدينة اللاذقية لمحو أي أدلة على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية»، مشيرا إلى «التقارير بشأن عملية تطهير تمثل أدلة دامغة على ما ينفيه النظام، حيث هناك هجوم على مخيم اللاجئين الذين أجبروا على الفرار بعد أن تعرضوا لإطلاق نار».
في موازاة ذلك، واصل النظام عملياته العسكرية واستمرت العمليات العسكرية باتجاه مناطق عدة، فحاصرت الدبابات السورية مدينة الميادين في جنوب دير الزور تمهيدا لاقتحامها، فيما أعاد الجيش السوري اقتحام مدينة البوكمال وسراقب وشرق معرة النعمان والحولة وأحياء في اللاذقية، ونفذ فيها حملات اعتقال واسعة.
إلى ذلك، قالت المفوضة السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة نافي بيلاي أمس إن أكثر من 2200 شخص قتلوا في الحملة السورية على المحتجين المناهضين للحكومة منذ منتصف مارس (آذار).
بعد أن كان الإحصاء السابق للأمم المتحدة يتراوح بين 1900 وألفي قتيل.
وقالت بيلاي لمجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية الذي يعقد جلسة عاجلة بشأن الوضع في سوريا «حتى اليوم قتل أكثر من 2200 شخص منذ بدء الاحتجاجات الحاشدة في منتصف مارس مع ورود أنباء عن مقتل أكثر من 350 شخصا منذ بداية رمضان، إن الجيش وقوات الأمن تواصل استخدام القوة المفرطة بما في ذلك المدفعية الثقيلة لإخماد المظاهرات السلمية واستعادة السيطرة على سكان المدن المختلفة»، حسبما أوردته وكالة رويترز.
وكان مجلس حقوق الإنسان قد اضطر أمس إلى تأجيل جلسته الاستثنائية لبحث الوضع في سوريا، لمدة ثلاث ساعات بسبب عطل في أجهزة الصوت. وكتب على لوح الرسائل في المجلس عبارة «نظام المايكروفونات لا يزال معطلا. تم تأجيل الاجتماع إلى الساعة الثالثة مساء (14,00 تغ)».
وتقدم بالدعوة إلى هذه الجلسة الخاصة للمجلس وهو إجراء غير اعتيادي، 23 بلدا عضوا في المجلس من بينها أربعة بلدان عربية هي السعودية والأردن وقطر والكويت. وتندد مسودة القرار «بقوة بالانتهاكات المستمرة والخطيرة لحقوق الإنسان من جانب السلطات السورية» وتدعوها إلى «الوقف الفوري لكل أعمال العنف ضد الشعب».
ويطالب النص أيضا بـ«إرسال لجنة تحقيق مستقلة بشكل عاجل» على الأرض «لإجراء تحقيقات حول انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا منذ شهر مارس (آذار) الماضي» و«تحديد المرتكبين للتأكد من إمكانية محاسبتهم».
وفي تقرير نشر الخميس، عددت بعثة خبراء شكلتها المفوضية العليا لحقوق الإنسان سلسلة انتهاكات قالت إن القوات السورية ارتكبتها «قد ترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية» وبالتالي قد تفتح الباب أمام اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية.
من جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة أمس إن عدم وفاء الأسد بوعده بوضع نهاية لعمليات الجيش والشرطة ضد المحتجين أمر «مزعج». وكان الأسد قد قال لبان كي مون في اتصال هاتفي الأربعاء الماضي إن العمليات ضد المتظاهرين قد توقفت. وقال بان للصحافيين «من المزعج أنه لم يف بوعده. آمل صادقا أن يستجيب لكل مناشدات المجتمع الدولي ودعواته»، حسبما أوردته وكالة رويترز.
من جهة ثانية، أعلن المحامي ورئيس المركز السوري للدفاع عن معتقلي الرأي والضمير خليل معتوق أن السلطات السورية أفرجت أمس عن الناشط عبد الكريم الريحاوي الذي اعتقل بعد ظهر الخميس 11 أغسطس (آب) في مقهى في دمشق.
والريحاوي البالغ من العمر 43 عاما يدير الرابطة السورية لحقوق الإنسان منذ 2004 ويستند إلى شبكة واسعة من الناشطين في الرابطة موزعين على جميع أنحاء سوريا وأصبح مصدر معلومات مهما للصحافة الأجنبية في وقت تحد فيه السلطات من قدرتها على التحرك.
 
نشطاء سوريون في القاهرة يعلنون تأسيس «اتحاد الأحرار السوريين»
يقود جبهة شعبية لدعم الثوار في سوريا برعاية حزب الوفد المصري
القاهرة: محمد عجم
تحت رعاية حزب الوفد المصري، أطلق عدد من المعارضين السوريين في القاهرة أمس مبادرة «اتحاد الأحرار السوريين» الرامية إلى جمع كل الجهود الشعبية السورية حول دول العالم على هدف واحد وهو إسقاط النظام السوري القائم وبناء دولة ديمقراطية حديثة.
من جانبه، قال الناشط السوري شادي الخش المتحدث باسم «اتحاد الأحرار السوريين» إن بيان تأسيس الاتحاد يؤكد أن هذا الاتحاد جاء بمثابة مبادرة لكل القوى والتيارات السياسية والفكرية والشعبية السورية لعمل ملتقى تشاوري بالقاهرة يجمع كل النخب العلمية والسياسية والثقافية ليجتمعوا على هدف واحد وهو حب سوريا والعمل على بنائها.
كما أكد بيان «اتحاد الأحرار السوريين» أن مبادئ الاتحاد مستقاة من تشريعات القيم الإنسانية التي تنص على الحفاظ على مبادئ الوحدة الوطنية وتعزيزها وإرساء مبادئ الوطنية، وإبعاد الأفكار السلبية مثل الإقصاء والاستقطاب والتخوين.
 
وأوضح أن الاتحاد «سيعمل بكل طاقة أعضائه وبينهم إعلاميون ومثقفون ورجال أعمال لطرح القضية السورية ونشر فظائع النظام السوري وفضح أكاذيبه أمام الرأي العام العالمي الذي ما زال بعضه مضللا بفعل التعتيم الإعلامي الواسع الذي يمارسه النظام البعثي الحاكم وحالة القمع الشديدة التي يواجه بها أي شخص يعبر عن رأيه بحرية» على حد قوله.
وحول اختيار القاهرة مقرا للإعلان عن الاتحاد قال: «إن القاهرة قلب العروبة وإن الثورة المصرية منحت الثورة السورية وقودا للاستمرار على طريق التحرر، كما أنها تضم الكثير من رموز المعارضة السورية الناشطين إضافة إلى حالة التضامن الشعبي الواضحة من المصريين مع الثوار السوريين».
واستطرد شادي الخش مؤكدا أن اختيار مقر حزب الوفد المصري كمكان للمؤتمر جاء باستضافة كريمة من الحزب الذي يقع في مواجهة مقر السفارة السورية بالقاهرة التي شهدت عشرات الوقفات الاحتجاجية من متظاهرين مصريين وسوريين طيلة الأشهر الأربعة الماضية ضد نظام بشار الأسد.
من جانبه، قال ياسر حسان، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، لـ«الشرق الأوسط»، إن رئيس الحزب الدكتور السيد البدوي مهتم بتطورات الثورة السورية، وهو ما جعل الحزب يدعو إلى تشكيل مجلس انتقالي سوري أو اتحاد للثوار السوريين على غرار ما حدث في ليبيا عند تشكيل المجلس الانتقالي الليبي، مما مكنه من نيل الاعتراف الدولي، بما يمكن من التحدث بشكل موحد، مشيرا إلى أن الوضع في سوريا متأزم للغاية، وهو ما يحول دون إرسال المساعدات والمعونات إلى الأهالي في سوريا، وهو ما جعل حزب الوفد يقود جبهة شعبية لدعم الثوار. وكشف حسان عن عقد اجتماعات متتالية مع المعارضين السوريين حتى يتم الوصول إلى شكل الجبهة الموحدة، مبينا أن الاتحاد نال اعتراف حزب الوفد قبل الجميع.
كان رئيس حزب الوفد، السيد البدوي، قد التقى الأسبوع الماضي مع وفد من المعارضة السورية يضم عددا من أعضاء «اتحاد الأحرار السوريين» وأديب الشيشكلي عضو مجلس الإنقاذ، حيث أكد لهم أهمية أن يكون للثورة السورية مجلس يمثل الرأس بالنسبة إليها ويكون متحدثا باسمها ومعبرا عنها في سعيها لاكتساب الشرعية الدولية من خلال اعتراف دول العالم، وحينها تسقط شرعية النظام دوليا كما سقطت داخليا مما يساعد على إسقاط النظام الذي سيبقى حينها بلا أي شرعية. وأكد البدوي أن «الوفد» سيتولى الدعوة والاستضافة الكاملة لأعضاء الملتقى، وأن مقر حزب الوفد هو بيت الأمة المصرية والعربية.
 
الحراك الشعبي في سوريا يعطي دفعا للمعارضة التقليدية.. لكنه يرفض مصادرة إنجازاته
قيادي شيوعي: النظام ساهم في فشل أغلب الأحزاب
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
أعطت حركة الاحتجاجات الواسعة في الشارع السوري دفعا للمعارضة التقليدية التي لاحقها النظام وقام باعتقال أفرادها لعقود، إلا أن الناشطين الذين يقفون وراء الحراك الشعبي الضخم في الشارع لا يريدون بالمقابل أن تصادر إنجازاتهم التي دفعوا ثمنها غاليا.
ويقول رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية أنور البني لوكالة الصحافة الفرنسية إن «المعارضة التقليدية كانت موجودة لكنها فوجئت بالحراك في الشارع، وتحاول الآن اللحاق به وإعداد رؤيتها حسب التطورات الجديدة التي نتجت عنه».
ولفت البني الذي خرج من المعتقل في مايو (أيار) الماضي بعد أن أمضى فيه خمس سنوات: «في السابق كنا معارضين ضد النظام ولم نفكر يوما أنه سيسقط، إلا أن الحراك الشعبي تفوق اليوم وأثبت أن ذلك ممكن». وأضاف البني «إسقاط النظام لم يكن واردا على الإطلاق حتى أنني عندما كتبت رؤيتي حول تغيير النظام وأدرجت فيها ضرورة تغيير الدستور عام 2005 نعتني أصدقائي بالجنون».
وغابت المعارضة السورية بمختلف وجوهها عن الساحة السياسة السورية في بداية الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة التي انطلقت في منتصف مارس (آذار) الماضي قبل أن تتدارك نفسها وتبدأ بتنظيم نفسها وتشكيل ائتلافات وتحالفات من اتجاهات مختلفة.
وبرر القيادي في حزب العمل الشيوعي فاتح جاموس غياب المعارضة التقليدية بالقول: «النظام ساهم في فشل أغلب الأحزاب في نسج علاقة صحيحة مع الشارع السوري بسبب منعنا من العمل السياسي وسياسة القمع والاعتقالات»، وأضاف: «جرت محاولات لتوحيد صوت المعارضة السورية بالتوافق مع موجة ثورات الربيع العربي إلا أن الأمر فشل بسبب خلافات تتعلق بالتغيير الديمقراطي ووسائله، أي الموقف من النظام والموقف من العامل الخارجي»، وتابع قائلا: «إلا أنه وبعد انطلاق الحراك الشعبي في سوريا جرت محاولات جادة لتوحيد صوت المعارضة السورية بصفته أمرا مهما جدا لأن الحراك انطلق في سوريا بدرجة عالية من العفوية ولم تستطع المعارضة التقليدية مواكبته ونسج علاقة صحيحة معه».
ووسط هذا الغياب للمعارضة التقليدية ميدانيا، أعلنت مجموعات سورية معارضة في بيان صدر في 19 أغسطس (آب) الحالي عن تأسيس «الهيئة العامة للثورة السورية» التي تتألف من 44 مجموعة ولجنة تضم تجمعات المحتجين، خصوصا اللجان التنسيقية في المدن داخل سوريا والمعارضين في الخارج.
وجاء في بيان التأسيس أن هذه الهيئة أسست بعد «اندماج تجمعات الثورة كافة داخل سوريا وخارجها (...) لتكون ممثلا للثوار في كل أنحاء سوريا الحبيبة».
ولما عقد معارضون يتألفون خصوصا من التيار الإسلامي وغالبيتهم من المعارضين في المنفى ابتداء من السبت الماضي اجتماعا في إسطنبول أعلنوا أنه سيمهد لإعلان «المجلس الوطني السوري»، أصدرت «الهيئة العامة للثورة السورية» بيانا قاسيا ظهر وكأنه موجه ضد هذا الاجتماع.
وقالت الهيئة في بيان أول من أمس إن «انعقاد عدد من المؤتمرات والدعوات لمؤتمرات أخرى بعضها يدعو إلى تشكيل مجالس انتقالية أو حكومات منفى سورية (...) كان له تداعيات سلبية على الثورة».
وأكدت الهيئة أنها «تؤيد أي مسعى حقيقي لتوحيد جهود المعارضة السورية في الداخل والخارج بما يدعم الثورة السورية» لكنها أكدت «رغبتها في تأجيل أي مشروع تمثيلي للشعب السوري» من أجل «المصلحة الوطنية والثورة السورية». وبررت موقفها «بالعمل على التوافقية الكاملة لأطياف ومكونات الشعب السوري كافة في الداخل والخارج مما يمكن الثورة السورية من تحقيق أهدافها وتطلعات شعبنا بإسقاط النظام وبناء الدولة المدنية الديمقراطية لكل السوريين».
وأمام هذا الموقف أعلن المجتمعون في إسطنبول أنهم سيأخذون موقف الهيئة بعين الاعتبار وأنهم مددوا اجتماعهم وتمهلوا في إعلان تشكيل المجلس الوطني السوري ريثما يتم الاتصال بالهيئة.
وحرص الناشط السوري المعارض عبد الرحمن الحاج، أحد المشاركين في اجتماع إسطنبول على التأكيد أن المجلس الوطني سيضم «التيار الإسلامي والأكراد والليبراليين واليساريين وكل أطياف المجتمع السوري وسيكون للمرأة نسبة 16 في المائة من أعضائه».
وفي إطار الجهود الساعية لتوحيد نشاط المعارضين السوريين، كان أعلن في دمشق في 30 يونيو (حزيران) الماضي عن تشكيل هيئة للتنسيق الوطني تهدف إلى التغيير الوطني الديمقراطي في سوريا وتمثل المعارضة في الداخل والخارج.
وأشار جاموس الذي يشارك حزبه في هيئة التنسيق الوطني إلى أن «هذه المحاولات على شكل مؤتمرات تتصرف في الخارج بطريقة حذرة لأنها تعرف أن العمل الفعلي في الداخل»، وأكد على ضرورة «توحيد صف المعارضة في الداخل بشكل أساسي وتوحيد صوت المعارضة في الخارج بصفتها داعمة للحراك الشعبي للمعارضة في الداخل».
وذكر الناطق الرسمي باسم حزب الوحدة الديمقراطي الكردي (يكيتي) زردشت محمد أن «ظاهرة المؤتمرات التي عقدت مؤخرا أتت نتيجة غياب قانون ينظم عمل الأحزاب وعدم اعتراف السلطات بقوى المعارضة وتغييب المجتمع عن العمل السياسي»، وأضاف محمد أن «ظاهرة المؤتمرات أتت بعد موجة الاحتجاجات كنتيجة طبيعية لغياب الحريات العامة في سوريا» لافتا إلى أنها «بحاجة لخطوات لتوحيد التكتلات السياسية».
إلا أن محمد أكد بالمقابل أن «المؤتمرات يجب أن تكون داخل سوريا للقوى الفاعلة على الأرض، على أن تكون الأحزاب وممثلوها في خارج البلاد داعمة لهم».
ودعا إلى عقد مؤتمر عام لتوحيد المعارضة الغرض منه «الانتقال إلى دولة ديمقراطية مدنية علمانية تكرس سيادة الشعب والمساواة التامة بين المواطنين».
 
لبنان: مظاهرات يومية في مناطق شمالية وبقاعية دعما للسوريين
مفتي البقاع لـ«الشرق الأوسط»: النظام السوري ليس بحجم شعبه ولا يمثله
بيروت: يوسف دياب
أشعل الوضع السوري، غضب البلدات اللبنانية المتاخمة للحدود السورية في منطقتي الشمال والبقاع، التي قررت أن تفعّل تحركاتها في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، دعما للشعب السوري وتنديدا بأعمال القتل التي يتعرّض لها السوريون العزّل على مرأى ومسمع العالم كله، ولهذه الغاية انطلقت أمس مظاهرات من المساجد بعد صلاة التراويح في بلدات قب الياس ومجدل عنجر في البقاع الأوسط، وكفر زبد في البقاع الشرقي، وفي عدد من قرى عكار وفي مدينة طرابلس في شمال لبنان، تضامنا مع الشعب السوري.
وقد أطلق المشاركون في المظاهرات هتافات نددت بما سموه «الأعمال القمعية التي تقوم بها قوات الأمن السورية بحق المتظاهرين»، وألقيت كلمات أدانت «الصمت العربي والإسلامي تجاه المجازر التي ترتكب بحق المسلمين والصائمين في شهر رمضان المبارك في كل المحافظات السورية، من دون أن يحرّك المسلمون ساكنا وكأنهم غير معنيين بما يحصل لهذا الشعب الأعزل».
وكشفت مصادر إسلامية في شمال لبنان لـ«الشرق الأوسط»، أن العلماء وأئمة المساجد والجمعيات والهيئات الإسلامية «اتفقوا على تفعيل المظاهرات الليلية وبشكل يومي بعد صلاة التراويح، في كل مناطق طرابلس، وفي عدد من البلدات العكارية التي هي على تماس يومي بما يحصل للإخوة السوريين من قتل وتعذيب وتنكيل على أيدي النظام السوري وشبيحته وجيشه وأمنه، خصوصا أن هذا النظام بات غير مكترس بما يعرض على الفضائيات من فظاعات القتل والتعذيب وإهانة كرامات المتظاهرين».
وشددت المصادر على «واجب كل مسلم أن يشارك في المظاهرات المتضامنة مع الشعب السوري، وأن يطلق صرخة مدوية لإنقاذ الدم المسفوك في سوريا، ولتحريك ضمائر بعض الأنظمة العربية والإسلامية، والمطالبة بالإسراع باتخاذ مواقف حازمة وصارمة ضدّ هذا الإجرام المتمادي بحق الشعب السوري بكل فئاته ومناطقه».
وفي هذا الإطار أعلن مفتي البقاع الشيخ خليل الميس، مباركته «هذه التحركات الداعمة لانتفاضة الشعب السوري»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «من واجبنا أن ننصر إخواننا في سوريا الذين يدفعون الثمن غاليا نتيجة مطالبتهم بالحرية والكرامة، وهؤلاء لهم علينا الحق في أن ننصرهم ولو بالكلمة والموقف بعد الظلم الكبير الذي لحق بهم، انطلاقا من الحديث الشريف الذي يقول (انصر أخاك ظالما كان أو مظلوما)، ونحن ندعو لهم بالفرج القريب لأننا شعب واحد»، ورأى أن «هذا النظام (السوري) ليس بحجم هذا الشعب العظيم الذي لا بد أنه سيحقق أهدافه، ويأخذ موقعه ليرقى إلى مستوى الشعوب المتقدمة في العيش بأمن وكرامة وحرية». وأضاف «نحن لا نستغرب ممارسات هذا النظام والأساليب الإجرامية التي يستخدمها ضدّ الشعب السوري، لأنه ليس من هذا الشعب ولا يمثله، ولو كان يعنيه شعبه ومواطنوه لما واجه الكلمة بالبندقية والصرخة بالمدفع وبالدبابة». داعيا المسلمين إلى أن «يبرأوا ذمتهم أمام الله مما يتعرض له إخوتنا في سوريا، ويقولوا كلمة الحق». وخاطب الميس الشعب السوري بالآية الكريمة «أُذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير».
إلى ذلك، أعلن النائب جمال الجراح عضو كتلة المستقبل التي يرأسها رئيس الحكومة السابق سعد الحريري أنه سيكون سعيدا جدا «عندما يسقط النظام السوري ويكون هناك نظام ديمقراطي في دمشق»، وقال «لقد قلنا منذ البداية إننا لسنا بوارد التدخل في الشأن الداخلي السوري، وحتى الشعب السوري ليس في حاجة إلى أحد، فهو يعرف كيف يتصرف، ولكن أنا كمواطن لبناني معني عندما يتعرض أصدقاؤنا إلى أفظع التعديات، ولا يمكن القول كمواطن لبناني إن الذي يحصل في سوريا إنجاز أمني كما قال الرئيس (السوري بشار) الأسد».
 
بنك الاستثمار الأوروبي يوقف قروضا لدمشق بمئات ملايين اليوروات
الحكومة السورية تقلل من شأن العقوبات الأميركية والأوروبية على قطاع الطاقة
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
كشفت إحصاءات غير رسمية نشرتها وسائل إعلام سورية مؤخرا عن أن «الاتحاد الأوروبي أوقف تعاون بنك الاستثمار الأوروبي مع سوريا، بما يقدر بمئات ملايين اليوروات»، بينما قللت وزارة النفط السورية، أمس، من شأن العقوبات الأميركية تحديدا والغربية عموما على قطاعي النفط والغاز.
وأشارت الإحصاءات إلى أن معظم القروض كانت مخصصة لمشاريع تنموية أو مساندة لتطوير وتحديث البنى التحتية ووسائل النقل لا سيما تمويل جزء من صفقة طائرات مدنية أوروبية لتحديث أسطول شركة الطيران السورية.
وكان بنك الاستثمار الأوروبي يسهم في تمويل مشروعين للرعاية الصحية والمياه بقيمة 185 مليون يورو، كما أن هناك مشاريع للرعاية الصحية تصل بمجملها إلى 260 مليون يورو، وتهدف المشاريع إلى بناء وتجهيز 8 مستشفيات جديدة واستبدال بعضها.
وتبلغ قيمة قرض مشروع «مياه سوريا آفاق 2020» 55 مليون يورو من أصل القيمة الإجمالية للمشروع البالغة 110 ملايين يورو إضافة إلى 5 ملايين يورو يقدمها الاتحاد الأوروبي كمنحة وسيستفيد من المشروع أكثر من 370 ألف نسمة في مائتي قرية ويهدف إلى تمتين الاستدامة البيئية من خلال تخفيض ترسبات مياه الصرف الصحي التي تصب في البحر المتوسط، حسبما أوردته وكالة الأنباء الألمانية.
ومن ضمن القروض أيضا قرض تطوير الإدارة البلدية للبلديات في سوريا بتمويل يزيد على 150 مليون يورو، وكذلك قرض بقيمة 200 مليون يورو مخصص لبناء محطة توليد كهرباء بالاعتماد على الغاز الطبيعي بقوة 750 ميغاواط قرب مدينة دير الزور على نهر الفرات شرق سوريا. وقرض لإقامة محطة توليد طاقة في منطقة دير علي قرب دمشق، كما يعتبر الرابع في قطاع الكهرباء السوري خلال السنوات الست الأخيرة.
وهناك قرض لتمويل نصف قيمة صفقة شراء الطائرات (على الأرجح «إيرباص») التي تعتزم مؤسسة الطيران العربية السورية شراءها والبالغة 600 مليون دولار.
وتغطي معظم القروض التي يمنحها بنك الاستثمار الأوروبي ما لا يزيد على 50 في المائة من التكلفة الاستثمارية للمشروع كما ستبلغ نسبة الفائدة التي سيتم تقاضيها من المستفيد النهائي 7.5 في المائة فقط.
من جانبها، قللت وزارة النفط السورية، أمس، من شأن العقوبات الأميركية تحديدا والغربية عموما على قطاعي النفط والغاز «لأنها ليست جديدة على القطاع النفطي السوري وتأثيرها سيكون محدودا وسيلحق الضرر ببعض الشركات الأوروبية المنتجة للنفط كون لهذه الشركات حصص من الإنتاج».
وقالت صحيفة «الثورة» الحكومية في سوريا التي أوردت النبأ أمس إنه يتم «تصدير فائض الإنتاج السوري من النفط الذي يعادل نحو 120 ألف برميل يوميا من أصل 384 ألف برميل فيما الباقي يكرر محليا فإن هذا الرقم 120 ألف برميل الجاهزة للتصدير فيمكن التعاطي معه في عدة خيارات أبرزها أن تلجأ سوريا إلى مقايضة النفط الخام بمشتقات نفطية مع إحدى الدول التي لديها علاقات جيدة مع سوريا، أما الخيار الآخر فهو أن تبرم سوريا اتفاقا مع إحدى المصافي الخارجية تقوم بتكرير النفط الخام السوري وتحوله إلى مشتقات نفطية وتتقاضى هذه المصفاة أجرة التكرير، أما الخيار الثالث فهو أن تقوم سوريا بإبرام عقود طويلة الأجل مع دول صديقة مثل روسيا والصين لاستجرار النفط السوري وتزويد سوريا بالمشتقات وهو خيار مطروح وقد يكون من أفضل الخيارات فيما لو حسمت الدول الأوروبية موقفها من العقوبات النفطية على سوريا».
وتابعت الصحيفة الحكومية «أما الخيار الأكثر ضررا للقطاع النفطي السوري أن تستمر سوريا في بيع الخام عن طريق عقود مباشرة لشركات غير أميركية وأوروبية، وفي هذه الحالة يخضع النفط لضعف شروط التفاوض فمثلا بدل بيع البرميل بـ107 دولارات حسب الأسعار العالمية فيمكن أن يباع بـ100 دولار يقابل ذلك عند شراء المشتقات في حال الاحتياج قد تشتري سوريا المشتقات بأسعار أعلى».‏‏ ونقلت الصحيفة السورية عن وزير النفط الأسبق مطانيوس حبيب تقليله أيضا من «تداعيات الحظر الأميركي على استيراد النفط السوري بعد أن أكد أن الولايات المتحدة لا تستورد نفطا سوريا».
وقال حبيب «إن السيناريو المقلق أن تفرض أوروبا حظرا على استيراد النفط السوري باعتبار أن معظم النفط يذهب إلى أوروبا في محاولة لخنق الاقتصاد السوري، وذلك ليس بعيدا عن أوروبا المستكبرة»، على حد وصفه. ‏ ويعمل في البلاد عدد من شركات النفط الأميركية، وهي شركة «لينكولن سوريا المحدودة المسؤولية» متخصصة في عمليات الاستكشاف وإدارة وتوزيع وتنمية حقول النفط، و«كورال بتروليوم سوردانك» وشركة «ماراثون سوريا للنفط المحدودة»، وشركة «بيكتن سوريا للنفط» تعمل في مجال التنقيب عن النفط، وشركة «أويل ريم أند ستريز» و«ديفون سوريا» المحدودة التنقيب عن البترول وتطويره وإنتاجه، و«بكتن الشام» المتخصصة في أعمال الاستكشاف النفطي.
ومن المنتظر أن يعلن الاتحاد الأوروبي اليوم عقوبات أوروبية بحق قطاعي النفط والغاز الحكوميين في سوريا، وذلك على خلفية قمع نظام الحكم للاحتجاجات السلمية المطالبة بـ«الحرية والديمقراطية» في البلاد التي «يحتكر البعث الحاكم السلطة فيها» منذ نحو نصف قرن، بحسب الموقف الأوروبي.
 
نظام الشبيحة فضح نظام الممانعة
غسان الإمام
كان الشاعر الفلسطيني الكبير عبد الكريم الكرمي (أبو سلمى) صديقا لأبي، وأستاذا لي هو وغيره من الأساتذة الفلسطينيين، في المرحلة الثانوية. وكان الدكتور موسى الخوري مدرسا لي في قسم اللغة الإنجليزية الذي أسسه في كلية الآداب بجامعة دمشق.
لجأ إلى سوريا، في أربعينات النكبة، مائة ألف فلسطيني. وهو رقم كبير، في وقت لم يتجاوز عدد السوريين ثلاثة ملايين نسمة. وقد تداخلت الحياة السياسية والاجتماعية للسوريين والفلسطينيين، حتى قبل النكبة بعشرات السنين. وفي دائرة أسرتي، كمثال، أكثر من زواج واحد.
في سوريا اليوم 600 ألف فلسطيني (وسطي معدل الولادة خمسة أطفال لكل امرأة فلسطينية). لكن ليست هناك حساسية التعايش المشترك التي تطبع حياة أكثر من مليوني فلسطيني في الأردن، حيث يتمتعون بحقوق متساوية في المواطنة مع أشقائهم الأردنيين. وهي الحقوق ذاتها التي يتمتع بها فلسطينيو سوريا، باستثناء حق الانتخاب والتجنيس، حرصا على انتمائهم للأرض السليبة.
في الجغرافيا، كنا ندرس مادة «سوريا الطبيعية» أي ولاية الشام التي كانت تضم، منذ العصر الأموي إلى العصر التركي، سوريا الحالية. لبنان. فلسطين. الأردن. من هنا، كان الاعتقاد الراسخ لدى السوريين، بأن النضال من أجل فلسطين واجب قومي ووطني.
ومن هنا أيضا، كان هناك سوريون في قيادة الثورات الفلسطينية. استشهد سعيد العاص (من حماه) وعز الدين القسام (من الساحل السوري)، وهما يقودان مع البطل الفلسطيني عبد القادر الحسيني أكبر تلك الثورات (1936)، تحت وطأة حصار ثلاثة آلاف جندي بريطاني لهما. ودفنا في أرض فلسطين.
غير أن افتراقا حدث بعد هزيمة النكسة (1967). فقد حصل ياسر عرفات على اعتراف عربي (1974) بأن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي الوحيد للفلسطينيين. في الرؤية السورية، كانت هذه الاستقلالية الذاتية مخالفة لمنطق التاريخ. فلسطين في الحقب الصليبية وغيرها لم يحررها الفلسطينيون، إنما حررتها وحدة مصر وسوريا في عهد صلاح الدين الأيوبي وغيره.
استقلالية القضية الفلسطينية، في المنطق القومي، وفي المفهوم السوري، هي التي أغرت السادات بعقد صلح الكامب الذي فصل بين القضيتين المصرية والفلسطينية. وهي التي جعلت الأسد وصدام ينشئان تنظيمات فلسطينية محسوبة على سوريا والعراق. وكانت آخر نصيحة للسياسي السوري المعتزل أكرم الحوراني هي تلك التي أزجاها لعرفات (1968) بعدم فصل القضية الفلسطينية عن القضية السورية.
استقلالية عرفات (الممثل الشرعي) جعلته ينهج سياسة عملية. لكن عدم استشارة العرب مسبقا في خطواته، خوفا من مزايدتهم عليه، أوقعه في أخطاء استراتيجية: الاعتراف المبكر بإسرائيل في الثمانينات، من دون اعتراف إسرائيلي مقابل. الخروج على الإجماع العربي في مؤتمر مدريد التفاوضي (1991). وعقده اتفاقا منفردا مع إسرائيل في أوسلو. ثم معاهدة صلح أبقت على الاحتلال العسكري. كل ذلك أدخله في متاهة مفاوضات عقيمة، انتهت بانطفائه جسديا وسياسيا في حصار رام الله. وموته (2004).
الاتفاق تسبب في اختلاف بين الأسد رجل الدولة. وعرفات رجل الفوضى. غير أن الخلاف كان في الواقع حول أسلوب وتكتيك إدارة الصراع العربي / الإسرائيلي، ثم في العلاقة مع أميركا. وضع عرفات والسادات بيضهما في السلة الأميركية، معتبرين أن أميركا هي الخصم. وهي الحكم.
لم يكن الأسد يفترق كثيرا عن هذه الرؤية. في مفاصل السياسة الاستراتيجية، كان الأسد أميركيا. في التفاصيل، كان الأسد مناكفا لأميركا، رغبة في كسب مصداقية لنظامه لدى شارع عربي مشبع بثقافة العداء لأميركا (الإسرائيلية). ها هو الأسد يدخل لبنان (1976) بضوء أخضر أميركي، خلافا لرأي موسكو. وها هو يشارك بقوات سورية في إخراج صدام من الكويت (1990). وفي مؤتمر مدريد العربي / الإسرائيلي، تحت المظلة الأميركية.
تركز الصراع السوري - الفلسطيني في لبنان، خلال الحرب الأهلية. لإدامة الهيمنة العرفاتية على لبنان، ومواصلة الحرب بتمويل ليبي، خسر عرفات حليفه اليساري اللبناني كمال جنبلاط. وخسر الأسد حليفه الشيعي موسى الصدر المعارض للحرب.
بعد الفشل السياسي للغزو الإسرائيلي للبنان (1982)، سلمت أميركا بدور الأسد كشرطي هناك، بعد حرب استنزاف قادها مع الشيعة والدروز ضد القوات الأميركية والإسرائيلية، فرض الأسد على الرئيس أمين جميل بلع مشروع اتفاق الصلح مع إسرائيل. ونفى العماد عون إلى فرنسا.
كان الأسد في غاية الذكاء والمناورة في قبوله اتفاق الطائف، من دون أن ينفذ مضمونه بالانسحاب العسكري من لبنان.
بعد إخراج أميركا وإسرائيل لعرفات من لبنان، عاد محاولا التقرب من الأسد في دمشق. كان الرفض مطلقا. أنقذ رفعت الأسد (المختلف مع شقيقه) حياة عرفات، بإخراجه من دمشق حيا. فطارده حافظ في لبنان من مخيم إلى مخيم. اغتيل سعد صايل (أبو الوليد) أفضل ضابط فلسطيني. قادت منظمة «أمل» بقيادة نبيه بري دبابات تي 55 السورية على المخيمات الفلسطينية. فقتل 2500 فلسطيني ولبناني في الثمانينات.
لم يكن الابن على مهارة الأب في إدارة الصراعات، وعقد وفك التحالفات. تعرضت العلاقة الفلسطينية إلى خلل أكبر خصوصا، وعلاقة سوريا العربية عموما. حافظ بشار على سياسة الأب في احتضان منظمات الرفض والممانعة الفلسطينية، كورقة تفاوضية قوية في التفاوض مع أميركا وإسرائيل، لكن بتمويل وتعاون أكبر مع إيران، بحيث مكنها من اختراق المشرق العربي، وحماس في دمشق وغزة، فجعلت الحياة صعبة على العرب وعلى النظام الفلسطيني في رام الله.
وهكذا، لأول مرة يدخل النظام العلوي في مواجهة حقيقية مع أميركا وأوروبا، كان الأب يتفاداها بحنكة، حرصا على استمرار واستقرار نظامه القائم على قاعدة شعبية وطائفية ضيقة. الآن بدا واضحا أن الغرب يميل إلى ترحيل هذا النظام، بعدما فقد قدرته على إبقاء سوريا والمنطقة في حالة من الاستقرار، تمكن إسرائيل من البقاء في الجولان.
لم أعرف شعارا سياسيا أردأ من معادلة (الممانعة والاعتدال) التي نحتتها آلة الدعاية السورية / الإيرانية. كانت الانتفاضة السورية محكا. اختبارا. امتحانا لنظام الشبيحة. هجومه على مخيم الرمل في اللاذقية عرى نظام «الممانعة». وكشف بشار. ونجاد وحسن حزب الله، أمام الفلسطينيين.
الهجوم على المخيم الفلسطيني، أسقط قناع «الممانعة» الذي خدع العرب والفلسطينيين، بالتظاهر باحتضان المقاومة الفلسطينية، وكشف انحياز حزب الله وإيران ضد انتفاضة ملايين السوريين، بدعوتهم إلى الصبر على المجازر، ريثما يتفرغ نظام الشبيحة لتحقيق الإصلاح الموهوم!
ثم يأتي الهجوم الفلسطيني المنطلق من إمارة حماس في غزة على منتجع إيلات، لينقذ حكومة نتنياهو من الانتفاضة الإسرائيلية الداخلية ضدها، ولإحراج القيادة العسكرية المصرية التي تتأهب لإصدار وثيقة مدنية الدولة المصرية التي يعارضها الإخوان.
ثم أخيرا لإحراج سلطة محمود عباس الذي سوف يحمل بعد أيام طموح الفلسطينيين إلى إعلان دولتهم، عبر الأمم المتحدة. إنها الممانعة الإيرانية / السورية التي تحرص على استخدام العنف مرة أخرى، لتقدم الفلسطينيين إلى العالم، وكأنهم غير مؤهلين وغير جديرين بدولة مستقلة.

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

آمال كبيرة: مستقبل الإنفراج الإيراني–السعودي...

 الثلاثاء 18 حزيران 2024 - 8:17 ص

آمال كبيرة: مستقبل الإنفراج الإيراني–السعودي... مجموعات الازمات الدولية..طهران/ الرياض/واشنطن/برو… تتمة »

عدد الزيارات: 161,623,076

عدد الزوار: 7,206,665

المتواجدون الآن: 160