المجلس الوطني الانتقالي.. قائد مرحلة ما بعد القذافي

الثوار في منزل القذافي

تاريخ الإضافة الخميس 25 آب 2011 - 4:25 ص    عدد الزيارات 3195    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

الثوار في منزل القذافي
تحرير العزيزية والثوار يتجولون في مكتب العقيد * قائد كتائب الثوار في طرابلس: فروا كالجرذان * الهوني لـ«الشرق الأوسط»: 3 أماكن يمكنه اللجوء إليها * الناتو: لا نعلم مكان القذافي
القاهرة: خالد محمود
* الثوار أعدوا خطة دخول طرابلس لعدة أسابيع وهربوا أسلحة إلى داخل المدينة وحددوا ساعة الصفر للتوافق مع تاريخ فتح مكة
* فتح الشعب الليبي، أمس، صفحة جديدة في تاريخه المعاصر بعدما اقتحمت جحافل الثوار ثكنة باب العزيزية، المقر الحصين لعميد الحكام العرب وملك ملوك أفريقيا وقائد ثورة الفاتح العقيد معمر القذافي، في قلب العاصمة الليبية، طرابلس، بعد 42 عاما من السلطة. وحرم الثوار العقيد الليبي من الاحتفال بالذكرى الـ42 للفاتح من سبتمبر (أيلول) قبل 8 أيام من موعدها عندما وصل إلى سدة الحكم في 1969 ودخلوا منزله ومكتبه في باب العزيزية بعد قتال شرس استغرق ساعات تمكنوا في النهاية من اختراق بواباته وتحطيم جدران المجمع الإسمنتية ودخلوه مدعومين بمقاتلات حلف شمال الأطلسي (الناتو) التي قصفت في وقت سابق المجمع. ووسط ترحيب دولي بالتطورات، احتفل الليبيون في أنحاء البلاد، وخصوصا بنغازي، عاصمة الثوار في الشرق، بالنصر الذي حققه المقاتلون رغم أن مصير القذافي وأولاده بقي مجهولا مع عدم العثور عليهم داخل باب العزيزية.
وأعلن أحمد باني، المتحدث العسكري باسم الثوار الليبيين، أن الثوار سيطروا مساء أمس على مقر إقامة القذافي بكامله ولم يجدوا أثرا للعقيد الليبي أو لأبنائه في باب العزيزية، وأضاف «باب العزيزية بات بكامله تحت سيطرتنا، العقيد القذافي وأبناؤه لم يكونوا في المجمع.. ولا أحد يعلم أين هم».
ووفقا لرواية الشيخ عبد الحكيم بلحاج، آمر كتائب الثوار في طرابلس، فإن القذافي وعائلته هربوا إلى مكان مجهول، وقال: «هناك آثارهم، لكنهم فروا فرار الجرذان أمام زحف الثوار»، مشيرا إلى أن الثوار اعتقلوا العديد من جنود وقيادات قوات القذافي.
كما قال الكولونيل رولاند لافوي المتحدث باسم الناتو إن الحلف لا يعلم مكان القذافي وإنه لا يعده هدفا.
وكشف عبد المنعم الهوني، ممثل المجلس الوطني الانتقالي لدى الجامعة العربية ومصر، في المقابل لـ«الشرق الأوسط» عن معلومات مفادها أن «القذافي ربما قد توجه إلى مسقط رأسه في مدينة سرت الساحلية، حيث يتوقع أنه يستعد لمعركة أخيرة ونهائية». مؤكدا أن «الثوار لن يتركوا القذافي أبدا وسيلقون القبض عليه حيا أو ميتا». وأشار إلى أنه أمام القذافي 3 أماكن فقط يمكنه اللجوء إليها في هذا الوقت، وهي أولا: منطقة الجفرة في الجنوب الليبي حيث مقر رئاسة هيئة الأركان، وثانيا: واحة تراغن في أقصى الجنوب وبلد مدير مكتبه، بشير صالح، بالإضافة إلى الخيار الثالث وهو مدينة سرت حيث قبيلة القذاذفة التي ينتمي إليها. وكشفت تقارير عن أن قادة الثوار أطلقوا اسم «ساعة الصفر» على اللحظة التي سيقوم فيها سكان طرابلس بالانتفاض ضد القذافي. وبدأو خلال الأسابيع العديدة الماضية، بتهريب أسلحة إلى طرابلس وإخفائها في منازل آمنة، وانهم اختاروا يوم 20 أغسطس (آب) للقيام بهذا العمل، وتصادف ذلك مع ذكرى فتح مكة على يد النبي محمد صلى الله عليه وسلم. إلى ذلك، أعلنت واشنطن، انها تستعد لتسليم المجلس الانتقالي الليبي مليار دولار كجزء من أموال القذافي المحتجزة لديها.
 
ظهور سيف الإسلام الوجيز خلط الحسابات الأمنية
أعاد قصة هرب شقيقه بطريقة دراماتيكية أربكت الجميع وزادت الوضع غموضا
طرابلس - لندن: «الشرق الأوسط»
منتصف ليل الثلاثاء، ظهر سيف الإسلام القذافي في طرابلس ليزيد المشهد الليبي غموضا. فنجل العقيد معمر القذافي، كان معتقلا لدى الثوار الليبيين منذ الأحد الماضي، بحسب إعلانات متلاحقة من جانب الثوار الليبيين وقياداتهم، بما فيها رئاسة المجلس الوطني الانتقالي الليبي، التي أكدت الاعتقال، فاتحة الباب أمام اتصالات جرت مع المحكمة الدولية الجنائية في لاهاي.
وقال رئيس المجلس الانتقالي، مصطفى عبد الجليل، إنه يملك معلومات أكيدة بأن سيف الإسلام قد اعتقل، مؤكدا أنه في مكان آمن بحراسة مشددة بانتظار إحالته إلى القضاء، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. مفضيا إلى جدل حول محاكمته في ليبيا، أم تسليمه للمحكمة الدولية.
لكن المشهد تغير عند منتصف الليل فجأة، حين دعا سيف الإسلام ثلاثة صحافيين، بينهم مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، إلى الاجتماع به في باب العزيزية المجمع السكني الذي يقيم فيه والده.
السائق الذي نقل الصحافيين الثلاثة، الذين جلسوا في المقعد الخلفي من السيارة، وهو يقودهم للقاء سيف الإسلام القذافي خاطبهم مطمئنا: «لا تخافوا السيارة مصفحة».
وروت وكالة الصحافة الفرنسية تفاصيل الحكاية المثيرة: «في العتم وبسرعة هائلة، غادرت السيارة فندق ريكسوس الذي يقيم فيه الصحافيون في قلب طرابلس، ودارت حوله معارك (يومي) الأحد والاثنين، بين القوات الموالية للقذافي والثوار. الوجهة مجهولة، لكنها لم تكن بعيدة عن الفندق في نهاية المطاف، والرحلة جرت في الظلام لأن عددا كبيرا من أحياء طرابلس محروم من الكهرباء.
«وطوال كيلومترين يفصلان بين الفندق ومقر العقيد معمر القذافي، عمل السائق على التكيف في سلوكه، مع مختلف القطاعات التي يعبرها. في بعض الأحيان يطفئ الأنوار ومرات أخرى يضيئها، وقد يبطئ السير أو يزيده بشكل جنوني.
وأخيرا، تصل السيارة إلى أحد مداخل المقر الكبير في باب العزيزية. ويضطر السائق للسير على رصيف بسيارته تجنبا لحاجز إسمنتي.
فتح الحراس الحاجز. في وسط باب العزيزية تجمع الصحافيون، بينما تتحدث شائعات عن قصف وشيك لمقر الزعيم الليبي من قبل حلف شمال الأطلسي.
في الظلام وعلى جانبي الطريق اصطفت عشرات من آليات البيك آب والسيارات الرباعية الدفع التي نصبت عليها رشاشات ثقيلة أو مدفعيات مضادة للطيران.
وأخيرا، تتوقف السيارة أمام «المنزل المقاوم» للقذافي، كما يسميه بنفسه، المنزل المدمر بعدما قصفته طائرات أميركية في 1986 مما أدى إلى مقتل ابنته بالتبني، حسبما يؤكد النظام.
في الساحة أمام المدخل أخذ عشرات المؤيدين للزعيم الليبي يحيطون بالسيارة، محاولين التعرف على من بداخلها عبر الزجاج القاتم، وهم يهتفون «الله.. معمر.. ليبيا وبس».
وحين وصل سيف الإسلام بسيارة رباعية الدفع، حياه الحشد بحماس ثم رحل. ويصرخ أحد مرافقيه للصحافيين «هيا اصعدوا بسرعة»، مشيرا إلى سيارة ثانية رباعية الدفع. وعلى بعد مئات الأمتار تتوقف السيارتان في أرض خالية مضاءة ببضعة مصابيح. يترجل الجميع من السيارتين ويتوجه سيف الإسلام إلى الصحافيين ليتحدث إليهم بعيدا عن مرافقيه: «أنا هنا لتكذيب الإشاعات والكلام». وأكد سيف الإسلام الذي كان الخليفة المرجح لوالده، أن «طرابلس تحت سيطرتنا». وأضاف «ليطمئن العالم كله، كل شيء تمام في طرابلس».
وتابع أن «الغرب عندهم تقنية عالية. شوشوا على الاتصالات وبعثوا رسائل للشعب الليبي. إنها حرب إلكترونية وإعلامية لبث الفوضى والذعر في ليبيا».
وأضاف: إن القوات الموالية للنظام كبدت «المتمردين الذين يهاجمون باب العزيزية خسائر جسيمة».
وأعلن سيف الإسلام لصحافيين أيضا أن «العقيد معمر القذافي لا يزال موجودا في طرابلس حيث تدور معارك الثلاثاء بين الثوار والقوات الموالية للنظام لا سيما حول مجمع باب العزيزية».
وقال بعد مروره فجرا إلى فندق ريكسوس في طرابلس، حيث مقر الصحافيين الأجانب: «القذافي وكل العائلة في طرابلس». ولم يوضح مكان وجود والده، لكنها أول معلومة تصدر عن عائلة القذافي حول وجود الزعيم الليبي في طرابلس منذ هجوم الثوار السبت.
ينتهي المشهد البوليسي في ظلام طرابلس لينفتح على التحليلات والتأويلات والصدمات أيضا، التي انتابت المعارضة والثوار عموما، وآلاف الليبيين خصوصا في بنغازي، التي احتفلت قبل أيام باعتقال سيف الإسلام القذافي.
أوساط المحكمة الجنائية التي وجدت نفسها أمام حقائق جديدة، بعد هرب سيف الإسلام، مكررا، ولكن بطريقة دراماتيكية هرب شقيقه محمد، الابن الأكبر للعقيد القذافي، سارع متحدث باسمها إلى نفي تلقي تأكيدات حول اعتقال سيف الإسلام. وقال الناطق فادي العبد الله لوكالة الصحافة الفرنسية: «بعد إعلان أمس (الاثنين) أجرينا اتصالا مع المجلس الوطني الانتقالي للحصول على تأكيد للاعتقال من (قبله)، لكننا لم نحصل أبدا على تأكيد».
وتتهم المحكمة الجنائية الدولية سيف الإسلام القذافي، بلعب «دور رئيسي في تنفيذ خطة» وضعها والده وتهدف إلى «قمع الانتفاضة الشعبية التي بدأت في فبراير (شباط) الماضي، بجميع الوسائل ومن بينها اللجوء إلى العنف والقتل».
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية في 27 يونيو (حزيران) الماضي، مذكرات توقيف بحق معمر القذافي ونجله سيف الإسلام (39 عاما) وصهره رئيس المخابرات الليبية عبد الله السنوسي (62 عاما).
وهم متهمون بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في ليبيا منذ 15 فبراير (شباط) تاريخ اندلاع الثورة الليبية التي تحولت إلى نزاع مسلح.
 
وأخيرا.. طرابلس حرة والثوار يقتحمون مقر القذافي في باب العزيزية ويتجولون في مكتبه ومنزله
دفاعاته انهارت بسرعة.. و3 خيارات أمامه للاختباء.. والهوني لـ «الشرق الأوسط»: سنلقي القبض عليه حيا أو ميتا
القاهرة: خالد محمود
فتح الشعب الليبي، أمس، صفحة جديدة في تاريخه المعاصر بعدما اقتحمت جحافل الثوار ثكنة باب العزيزية، المقر الحصين للعقيد معمر القذافي في العاصمة الليبية طرابلس، للمرة الأولى منذ اندلاع الثورة الشعبية ضده في السابع عشر من شهر فبراير (شباط) الماضي.
ومع حلول مساء أمس، كان منزل عميد الحكام العرب وملك ملوك أفريقيا وقائد الثورة في متناول الثوار، الذين نجحوا في وضع نهاية لحكم القذافي وعائلته منذ عام 1969.
ومع اجتياح الثوار لطرابلس، التي تعاني منذ يومين من انقطاع الكهرباء والاتصالات الهاتفية، وفقا لما أكده ناشطون وسكان في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، فقد عمت الفرحة أرجاء المدينة، التي كان سكانها يتفادون على الدوام المرور من أمام مقر باب العزيزية الرهيب، ناهيك عن الدخول إليه.
وسيطر الثوار، بشكل كامل، على العاصمة طرابلس، إيذانا بتحريرها من قبضة القذافي، الذي يتجه في المقابل إلى التجهيز لمعركة أخرى، على ما يبدو، في سرت الساحلية، حيث عامة نظامه السياسي والمكان المفضل لكل القمم والاجتماعات الإقليمية والعربية والدولية التي استضافها القذافي مؤخرا.
وفي لحظة دراماتيكية مفاجئة انهارت مساء أمس مع أذان المغرب بالتوقيت المحلي لطرابلس كل دفاعات القذافي أمام الثوار، الذين تدعمهم مقاتلات حلف شمال الأطلسي (الناتو) التي قصفت في وقت سابق مجمع القذافي، الذي يضم منزله ومكتبه وخيمته.
وهرب القذافي وأبناؤه وما تبقى من قواته العسكرية وكتائبه الأمنية إلى مكان غير معلوم، فيما كانت قوات الثوار المحمولة على متن سيارات مدرعة وعربات من طراز الدفع الرباعي تطارد فلول كتائب القذافي في المناطق القريبة من المجمع، الذي ظل رمزا على مدى نحو 42 عاما لسلطة القذافي وجبروته.
ووفقا لرواية الشيخ عبد الحكيم بلحاج آمر كتائب الثوار في طرابلس، فإن القذافي وعائلته هربوا إلى مكان مجهول، وقال «هناك آثارهم لكنهم فروا فرار الجرذان أمام زحف الثوار»، مشيرا إلى أن الثوار اعتقلوا الكثير من جنود وقيادات قوات القذافي. وسئل عما إذا كان القذافي قد توجه مع مرافقيه وما تبقى من قواته إلى منطقة حي أبو سليم، فقال «كانت هناك معلومات بأن عددا منهم اتجه إلى حي أبو سليم، ربما هناك بعض الموالين، لكننا وصلنا صباحا إلى هذا الحي وقلنا لهم إن عليهم مسؤولية وطنية يجب القيام بها لصالح ليبيا».
لكن عبد المنعم الهوني، ممثل المجلس الوطني الانتقالي لدى الجامعة العربية ومصر، كشف في المقابل لـ«الشرق الأوسط» عن معلومات مفادها أن «القذافي ربما قد توجه إلى معقل رأسه في مدينة سرت الساحلية، حيث يتوقع أنه يستعد لمعركة أخيرة ونهائية».
وقال الهوني لدينا تقارير بأن «القذافي أمر بسحب كل قواته إلى سرت، حيث نخشى أن يدفع سكانها البسطاء آخر فاتورة لجنونه من أجل السلطة»، مؤكدا أن «الثوار لن يتركوا القذافي أبدا، وسيلقون القبض عليه حيا أو ميتا».
ولفت الهوني إلى أن المرجح أن القذافي لم يكن موجودا بالأساس في طرابلس طيلة الأسابيع القليلة الماضية، وتحديدا من أول ما بدأ يغيب عن الصورة ولا يظهر في كلماته الصوتية التي اعتاد أن يوجهها لمناصريه عبر شاشات التلفزيون الرسمي.
وأبلغ الهوني «الشرق الأوسط» بأن أمام القذافي 3 أماكن فقط يمكنه اللجوء إليها في هذا الوقت، وهي: أولا منطقة الجفرة في الجنوب الليبي حيث مقر رئاسة هيئة الأركان، وثانيا واحة تراغن في أقصى الجنوب وبلد مدير مكتبه بشير صالح وفيها مقر خاص واستراحات كبيرة وغرفة بث إذاعي وتجهيزات جيدة على الحدود الليبية مع النيجر، بالإضافة إلى الخيار الثالث، وهو مدينة سرت حيث قبيلة القذاذفة التي ينتمي إليها.
وعزز من رواية الهوني لـ«الشرق الأوسط» انسحاب قوات القذافي إلى الوادي الأحمر غربا نحو بلدة سرت بعدما سيطر الثوار على رأس لانوف والمنشآت النفطية.
وعبرت الرسائل القصيرة التي تداولها الليبيون فيما بينهم عبر أجهزة الهاتف الجوال عن الرغبة في حسم الأمر باعتقال القذافي، بيد أنها لم تخلُ من الطابع الكوميدي، حيث ورد في إحدى هذه الرسائل: «عاجل. عاجل. الثوار يلقون القبض على التوك توك».
وأعلن الشيخ عبد الحكيم بلحاج، مسؤول الكتائب التابعة للثوار في طرابلس، بثقة أن المعركة العسكرية ضد القذافي وقواته قد حسمت تماما لصالح الثوار، الذين قال إنهم «دخلوا إلى باب العزيزية من أكثر من محور، وبدأوا الهجوم بقصف البوابات قبل أن يتقدموا بسرعة وبخطى ثابتة نحو البوابات الرئيسية». وأضاف بلحاج، الذي كان يتحدث من داخل مقر القذافي بينما مقاتلوه المحيطون به يكبرون ويرفعون شعارات النصر وعلم الثوار، «انهارت صفوف القذافي بصورة فجائية جدا.. هذا نصر عظيم». وتابع «بفضل الله وضربات الثوار تهاوت دفاعات القذافي، التي تعامل معها الثوار بكل جرأة ومن دون تراجع، وهدمنا الأسوار وتراجعوا (قوات القذافي) أمامنا وفروا فرار الجرذان»، وهي الصفة التي كان يطلقها القذافي على معارضيه.
وفي تأكيد على خطورة الوضع الحالي بعد سقوط القذافي في ظل حالة عدم الاستقرار، وجه بلحاج نداء إلى سكان طرابلس وإلى الثوار المقاتلين اعتبر فيه أن «المعركة العسكرية قد حسمت، والأهم أن نحافظ على أمن المدينة، وأن لا يصدر منا أي تصرف غير مسؤول».
واستطرد قائلا «في هذه الساعة التاريخية يا أهالينا ويا أبناء بلدنا العظيم، أنتم الآن أمام لحظة تاريخية ومسؤولون أمام شعبكم وأمام العالم بأن تحفظوا وتعيدوا الاستقرار حتى نبني صرح بلدنا السعيد، لقد حررنا بلدنا والآن أمامنا عمل شاق وأهداف عظيمة يجب أن تتكاتف الجهود لبناء ليبيا».
وقال المسؤول العسكري الأبرز في صفوف الثوار في العاصمة طرابلس مخاطبا مقاتليه «أمامكم مسؤوليات عظيمة جدا إما أن تكونوا على قدر المسؤولية وإما، لا قدر الله، أن تسمحوا بفجوة لمن لا يريد أن يحقق الأمن لبلدنا، هذه أمانة عظيمة ونحن مسؤولون عنها أمام الله وأمام شعبنا». وحث بلحاج الثوار المقاتلين على «الالتزام بما قامت عليه ثورة 17 فبراير من أجل الانطلاق إلى آفاق عظيمة رحبة ننشد فيها العدل والمساواة».
وفي المجمع الذي يمتد مئات الأمتار ويتألف من مبان عدة عثر الثوار على كميات من الذخائر والمسدسات والبنادق الرشاشة، وفقا لتقارير واردة من عين المكان. وبعد اجتياح الثوار لمقر القذافي الحصين في باب العزيزية، صدر نداء عاجل من المجلس الوطني الانتقالي لضباط الشرطة والأمن بالبقاء في أماكنهم للحفاظ على الأمن في العاصمة طرابلس. وانطلقت المكبرات في معظم مساجد ليبيا بالتكبير والتهليل شكرا لله على سقوط الطاغية وتحرير العاصمة من قبضته بعد نحو 42 عاما.
ووصلت قوات الثوار إلى معقل القذافي بعد معارك عنيفة ضد الكتائب الأمنية والقوات العسكرية الموالية له، لكنهم في نهاية المطاف وبعد نحو سبع ساعات من القتال ظهروا وهم يتجولون حاملين الأعلام والأسلحة في الشوارع الموجودة داخل المجمع دون أي ظهور لكتائب القذافي أو حصول أدنى مقاومة.
ووطئ الثوار بأحذيتهم تمثالا لرأس القذافي وهم يكبرون ويطلقون الأعيرة النارية في الهواء، أمام منزل القذافي المسمى بالبيت الصامد حيث اعتاد القذافي أن يلقي خطبه ويعقد اجتماعاته فيه. وكانت قوات الثوار قد شددت هجومها على المجمع الذي يقع في جنوب طرابلس ويضم مقر إقامة القذافي وثكنات عسكرية ومنشآت أخرى.
وأغلقت المتاجر بالعاصمة وتكدست أكوام القمامة بالشوارع وامتلأت الجدران بكتابات مؤيدة للمعارضة ورفرفت أعلامها بألوانها الأحمر والأخضر والأسود من عدة مبان وأخذت مجموعات من الرجال والفتية تردد هتافات مؤيدة للمعارضين. وقال متحدث باسم حلف شمال الأطلسي إن الحلف لا يعلم مكان القذافي وإنه لا يعده هدفا. وتابع الكولونيل رولاند لافوي، في إفادة صحافية من قاعدته في نابولي، ردا على سؤال عما إذا كان الحلف يعلم مكان القذافي «إذا كنتم تعلمون.. أعلموني. ليس لدي أي معلومات، ولست متأكدا حقا إذا كان هذا الأمر يهم، لأن حل هذا الموقف سيكون سياسيا».
 
الثوار خططوا لانتفاضة طرابلس لمدة أسابيع وأخفوا أسلحة في منازل آمنة
اختاروا يوم 20 أغسطس ليوافق تاريخ فتح مكة.. وقطر وبريطانيا وفرنسا زودتهم بالإمدادات
طرابلس - لندن: «الشرق الأوسط»
أطلق قادة الثوار اسم «ساعة الصفر» على اللحظة التي سيقوم فيها سكان طرابلس بالانتفاض ضد قوات معمر القذافي بعد حرب دامت ستة أشهر في الصحراء وفشلت في القضاء على حكمه الذي استمر لاثنتين وأربعين سنة. ووفقا لتقرير في «نيويورك تايمز»، بدأ قادة الثوار التخطيط لثورتهم داخل العاصمة الليبية. وخلال الأسابيع العديدة الماضية، قاموا بتهريب أسلحة إلى طرابلس وإخفائها في منازل آمنة، كما نشروا بين الثوريين داخل العاصمة أن مظاهرات واسعة سوف تبدأ بعد صلاة التراويح في اليوم الموعود. واختاروا يوم 20 أغسطس (آب) للقيام بهذا العمل، وتصادف ذلك مع ذكرى فتح مكة على يد النبي محمد. في النهاية، تغلبت الثورة في طرابلس يوم السبت الماضي، التي صحبها تقدم الثوار المسلحين عبر ثلاث جهات نحو العاصمة، على جنود القذافي المحاصرين، على الرغم من من استمرار القتال داخل العاصمة. وقد قامت بريطانيا وفرنسا وقطر بتزويد الثوار بإمدادات من الأسلحة والوقود والدواء والغذاء، كما زادت وتيرة القصف الذي تشنه طائرات حلف شمال الأطلسي، بالإضافة إلى هجمات لطائرات البريداتور الأميركية من دون طيار. كما شارك مئات من الثوار في تدريب عسكري داخل قطر.
وتقدمت قوات الثوار نحو طرابلس بواسطة القوارب، حيث توجه أسطول صغير من مصراتة، في عملية أطلق عليها الثوار اسم «فجر عروس البحر». ومع انهيار النظام، قال مسؤولون أميركيون إن مساعدين قريبين من القذافي اتصلوا بالعديد من المسؤولين في إدارة أوباما، بما فيهم السفير الأميركي جين كريتز وجيفري فيلتمان، مساعد وزير الخارجية، في محاولة للتعجيل بعقد هدنة. وقال المسؤولون الأميركيون إنه مع ذلك لم يقدم الليبيون وعدا بأن يتنازل القذافي عن السلطة، لذا لم تؤخذ هذه الاتصالات على محمل من الجد. وقال مسؤولون أميركيون إنه عندما وصل القتال في شرق ليبيا إلى طريق مسدود، كانت القوات في جبل نفوسة في الغرب تكسب أرضا من قوات القذافي وتقوم بمنع وصول الإمدادات إلى العاصمة الليبية. وقد حقق الثوار في الغرب وفقا لـ«نيويورك تايمز» تقدما مطردا خلال الشهر الماضي، حيث اتجهوا شمالا نحو ساحل البحر المتوسط وقاموا بالاستيلاء على مصفاة للنفط في الزاوية، التي تقع على بعد 30 ميلا غرب طرابلس. وعلى طول الطريق، بحسب مسؤول بارز في قوات حلف شمال الأطلسي، اشتبك الثوار مع جنود مرتزقة من تشاد وغيرها من الدول الأفريقية الأخرى، كان القذافي قد قام بتجنيدهم لتعزيز قواته المنهكة. وذكر العديد من المسؤولين الأميركيين أن سقوط الزاوية ربما كان نقطة التحول الرئيسية للحملة، حيث إنه أعاق جميع إمدادات الوقود المتبقية تقريبا مما يعد مشكلة رئيسية أمام الحكومة في طرابلس. وقال مسؤول دفاعي أميركي بارز يوم الاثنين الماضي: «أشار ذلك إلى اقتراب النهاية». وتم إمداد الثوار مرة أخرى بالأسلحة من جانب القوات القطرية، بالإضافة إلى تزويدهم بصور الأقمار الصناعية من جانب مستشارين عسكريين فرنسيين وبريطانيين. وقامت الولايات المتحدة بنقل أجزاء من محادثات تليفونية تم اعتراضها كان فيها قادة ليبيون يشتكون من نقص الأغذية والماء والمعدات، وذلك لتعزيز الروح المعنوية للثوار.
وعندما بدأت المظاهرات مساء السبت، كانت قوات القذافي في انتظارهم خارج المساجد وبدأوا إطلاق النار على المتظاهرين، حسب ما ذكر العديد من السكان زعموا أنهم شاهدوا أعمال العنف. وذكر قادة الثوار أنهم قاموا بإرسال نحو 600 مقاتل من طرابلس، صباح الأحد، وذلك لتعزيز المجموعة التي تتقدم نحو العاصمة الليبية من ناحية الغرب. وقال محمد، مستشار الثوار، إن نحو 100 عضو من هذه الوحدة تلقوا تدريبات متخصصة في قطر. وكانت محاولة تقدم الثوار نحو العاصمة الليبية صباح الأحد على وشك الإجهاض عندما حاولت فرقة من قوات الحكومة الليبية الالتفاف حول الثوار والدخول إلى الزاوية مرة أخرى. وأثناء تقدم قوات القذافي من الزاوية، قامت طائرات «الناتو» بقصف القوات قبل أن تصل إلى هناك. وكان هذا جزءا من قصف جوي مكثف شنته قوات «الناتو» على مدار يوم الأحد، حيث قامت الطائرات الحربية لحلف شمال الأطلسي بشن 50 عملية على مدار هذا اليوم. ومن بين أكثر العمليات حساسية تلك العملية التي شنتها قوات «الناتو» على مراكز القيادة والسيطرة في طرابلس، وكانت الحكومة قد أسست هذه المراكز في بنايات مدنية لتجنب هجمات الحلفاء. وكانت الطائرات البريداتور الأميركية، تقوم بمراقبة ما يحدث في هذه المباني على مدار الساعة لأيام أو أسابيع، مما ساعد قوات حلف شمال الأطلسي على شن هجوم على هذه المباني بعد التأكد من استخدام الجيش لها، وذلك حسب ما ذكر المسؤولون البارزون في حلف شمال الأطلسي. وكانت أحد أهداف حلف شمال الأطلسي هي قاعدة كان يستخدمها اللواء الـ32، وهي وحدة هجوم يقودها خميس القذافي، أحد أبناء العقيد الليبي. وتوقع قادة الثوار أن يشكل لواء خميس «حلقة من الصلب» حول العاصمة الليبية، ويعد هذا آخر وسيلة دفاع لنظام القذافي المحاصر.
ولكن مقاتلين مع الثوار قالوا إنه مع نهاية الأسبوع كان هناك نحو 50 جنديا يدافعون عن القاعدة. ولذا، تساءلت قيادات الثوار عما إذا كانت مجموعة الموالين للقذافي قد هزمت أم أنهم تفرقوا حتى يمكنهم القتال في يوم آخر. في الوقت ذاته، ساعد حلف شمال الأطلسي وحلفاؤه الثوار الليبيين في هجوم «الكماشة» على قوات القذافي خلال الأسابيع الأخيرة، مقدما لهم المعلومات الاستخباراتية والمشورة والغارات الجوية المكثفة التي ساعدت على انهيار قوات القذافي في العاصمة الليبية طرابلس، حسب ما صرح به مسؤولون في حلف «الناتو» ومسؤولون أمريكيون لـ«واشنطن بوست».
وشملت هذه الاستراتيجية تقدم الثوار خلال الأيام الأخيرة من ثلاثة اتجاهات: مصراتة والبريقة من الشرق، والزاوية من الغرب، وغريان من الجنوب. وقال المسؤولون إن تراجع القوات الحكومية قد سمح للثوار بالتقدم وأصبحت الأهداف واضحة للقوات الجوية التابعة لـ«الناتو».
وقال مسؤول بارز في حلف شمال الأطلسي، الذي يعد واحدا من العديد من المسؤولين في الحلف والمسؤولين الأميركيين الذين تحدثوا، شريطة عدم الكشف عن هويتهم لأنهم يناقشون مسائل عسكرية واستخباراتية حساسة، بعدما تركت قوات القذافي مواقعها للدفاع عن العاصمة «تحول الهدف نحو طرابلس خلال الأيام الأربعة أو الخمسة الماضية، وأصبح الهدف المحدد (في العاصمة) أكبر».
وقال الكولونيل ديفيد لابان، المتحدث باسم البنتاغون: «لدينا صورة عملياتية جيدة للمكان الذي توجد به القوات في ساحة المعركة».
وقال دبلوماسي أوروبي بارز إن القوات الحكومية قد بدأت بالاختفاء بمجرد وصول الثوار إلى العاصمة، وأضاف: «وصل الثوار إلى نقطة تحول واضحة في طرابلس، بدلا من الجمود الذي ساد لفترة طويلة». وأضاف الدبلوماسي: «إننا ننتهي من هذه المهمة بأسرع مما تخيله بعض الناس الذين كانوا يشعرون بالخوف مما نقوم به»، في إشارة إلى القلق المتزايد في عواصم الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي هذا الصيف مع دخول الصراع لشهره السادس. وبعد استيلاء الثوار على مساحات شاسعة من طرابلس، قال مسؤولون أميركيون إن المدة التي سيتسمر فيها القتال في العاصمة لم تتضح بعد، وأعربوا عن قلقهم من أن يستخدم الموالون للقذافي تكتيكات إرهابية في المعركة النهائية. وقال مسؤول في الاستخبارات الأميركية: «ما زال هناك بعض القتال في العاصمة، ولكن بالنسبة للجزء الأكبر تبدو قوات النظام الليبي غير مشاركة في القتال. يكمن التحدي الآن في أنك حصلت على مدينة بها مليوني شخص، وأصبحنا في حرب مدن الآن».
وصرح المسؤولون بأن ما يتبقى الآن هو معرفة مكان القذافي وإلى أي مدى يحتفظ بالقدرة على التحكم أو الاتصال بقواته.
وأضاف المسؤولون أن القوات الخاصة البريطانية والفرنسية والقطرية تعمل على الأرض في ليبيا لبعض الوقت وساعدت الثوار على تطوير وتنسيق استراتيجية الكماشة. وفي الوقت نفسه، يقوم عملاء وكالة الاستخبارات المركزية داخل البلاد - جنبا إلى جنب مع اعتراض الاتصالات بين مسؤولي الحكومة الليبية – بتوفير فهم أعمق لكيفية انهيار قوات القذافي.
وقال أحد كبار المسؤولين العسكريين في الولايات المتحدة إنه يمكن اقتفاء أثر هذا الانهيار من خلال «شيئين يتمثل أحدهما في المعلومات التي كانت لدينا بشأن تفكك قيادة قوات القذافي».
وقد أدت هذه المعلومات إلى تقوية عزم الثوار ومنحهم الثقة بأن الحرب تدور في صالحهم، حسب تصريحات المسؤولين. وأضاف المسؤول: «الشيء الثاني، في الفترة التي سبقت دخول طرابلس، هو أننا قدمنا فعلا الكثير من الصور حول مواقع قوات القذافي. وعندما اتخذ الثوار مواقعهم في جميع أنحاء الجنوب وحتى في الجانب الغربي من طرابلس، كان لدينا إحساس جيد بأماكن وجود قوات القذافي».
وصرح مسؤولون بأنه قد تمت إعاقة تدفق المعلومات الاستخباراتية على مدار أغلب الأشهر الأولى من النزاع، ويرجع ذلك جزئيا للقيود المفروضة على كمية المعلومات التي يمكن تزويد حلفاء «الناتو» بها، ولكن الإدارة وصلت إلى قرار قبل نحو ستة أسابيع يمكنها من تبادل المعلومات الأكثر حساسية مع حلف شمال الأطلسي، بما في ذلك الصور والإشارات التي يمكن تقديمها للقوات الخاصة البريطانية والفرنسية على الأرض، بالإضافة إلى الطيارين في الجو.
وقال مسؤول بحلف «الناتو» إنه على الرغم من أن المسؤولين العسكريين الأميركيين لم يكونوا على اتصال مباشر مع الثوار، فإن حلفاء «الناتو» «ولا سيما القطريون» قد عملوا بشكل وثيق مع القيادة العسكرية والسياسية للثوار. وكان حلف شمال الأطلسي، الذي يتمتع بتفويض من الأمم المتحدة يقتصر على حماية المدنيين الليبيين، قلقا من ألا يتم النظر إليه بوصفه القوة الجوية للثوار من خلال استراتيجية منسقة، ولكن اعترف مسؤول «الناتو» بأن «تأثير ما كنا نقوم به لم يكن يختلف، فما رأيناه كان نوعا من انهيار النظام وقدرته على توجيه قواته».
،وقال مسؤول أميركي آخر، وفقا لـ«واشنطن بوست»، إن الولايات المتحدة وحلفاءها كانوا «يتابعون من كثب مخزونات الأسلحة الكيميائية في ليبيا منذ بدء الصراع، وخاصة خلال هذه الفترة العصيبة، وهناك أولوية لليقظة والحذر في ما يتعلق بهذه المسألة». وأشار المسؤول إلى أن القذافي قد دمر من قبل العديد من أسلحته الأكثر خطورة وأن «الكثير من الأسلحة المتبقية قديمة أو يصعب تشغيلها». وقال الدبلوماسي الأوروبي: «من الواضح أننا أصبحنا نفكر الآن في نقطة ما بعد القذافي. وفي حين أصبح انهيار النظام العراقي بعد الغزو الأميركي للعراق (في أذهان الجميع)، تم وضع خطط لتحقيق الاستقرار».
 
باب العزيزية.. حصن القذافي
شهد معركة مع المعارضين في 1984.. ودكته الطائرات الأميركية بعد عامين
القاهرة: محمد عبده حسنين *
باب العزيزية، هو ثكنة عسكرية تقع في الضواحي الجنوبية لمدينة طرابلس، عاصمة ليبيا، وهي المعقل الرئيسي للعقيد الليبي معمر القذافي، يقع فيها بيته إلى جانب عدد من الثكنات العسكرية والأمنية، حيث ترابط الكتائب التي يقود أغلبها أبناء القذافي شخصيا. ومنذ اندلاع ثورة 17 فبراير (شباط) تركزت القوات الموالية للقذافي في هذه القاعدة المحصنة.
تبلغ مساحة القاعدة 6 كيلومترات مربعة (2.3 ميل مربع)، وتحتل موقعا استراتيجيا جنوب طرابلس في الطرف الشمالي من طريق المطار، مما يتيح سهولة الوصول إلى المؤسسات الحكومية داخل المدينة، فضلا عن الطريق المباشر فائق السرعة لمطار طرابلس الدولي.
وتعد قاعدة باب العزيزية من أشد المواقع الليبية تحصينا على الإطلاق، فهي محاطة بثلاثة أسوار إسمنتية مضادة للقذائف، إضافة إلى ضمها أكثر التشكيلات العسكرية والأمنية تطورا من حيث التدريب والتسليح. كما أن بها غرف تحكم بجميع شبكات الاتصالات. لكنها مع ذلك توصف من قبل المخابرات الأميركية ووفقا لوثائق «ويكيليكس» بأنها مكان «ليس مسرفا في أي وسيلة»، بالمقارنة بأمور التفاخر التي توليها بعض الدول النفطية الأخرى لقصورها.
وللمنطقة بعد تاريخي كبير مهم في ليبيا، فقد شهد باب العزيزية معركة شهيرة في مايو (أيار) عام 1984 بين معارضين وقوات موالية لنظام القذافي راح على أثرها عشرات الضحايا، إثر محاولة لهؤلاء المعارضين للتخلص من نظام القذافي، بعد أن أعلن عام 1980 عن عزمه تصفية كل المعارضين في الخارج وأطلق عليهم صفة «الكلاب الضالة».
لكن الأشهر هو تعرض بيت القذافي في باب العزيزية لهجوم أميركي في أبريل (نيسان) 1986 في عهد الرئيس رونالد ريغان ردا على اتهام الأجهزة الليبية بالتورط في تفجير ملهى ليلي بالعاصمة الألمانية برلين، وهو التفجير الذي أدى إلى مقتل وإصابة عسكريين أميركيين. ورغم إجلاء أسرة القذافي قبيل الهجوم بقليل فإن القنابل التي ألقتها الطائرات الأميركية أدت إلى مقتل ابنة القذافي بالتبني وإصابة اثنين من أبنائه. وقد أمر القذافي بالإبقاء على آثار الهجوم على الجدران إلى اليوم حتى تكون شاهدا على الغارة.
وفي 17 فبراير الماضي، ألقى العقيد معمر القذافي خطابه الشهير من هذا البيت، للرد على الاحتجاجات التي تشهدها البلاد، واستخدمه كخلفية في خطابه للتعبير عن العدوان الغربي ضد ليبيا، وقال حينها عباراته الشهيرة وأبرزها أنه باق في ليبيا ولن يغادرها أبدا، واصفا المحتجين بـ«الجرذان»، ودعا أتباعه إلى «الزحف المقدس» لمداهمة الثوار «دار دار.. بيت بيت.. زنقة زنقة.. شبر شبر».
وفي 20 مارس (آذار) 2011، حاولت قوات حلف شمال الأطلسي تدمير المجمع عبر إطلاق صواريخ «توماهوك» عليه. لكن المهمة أجهضت بسبب وجود مدنيين في محيط المبنى، وحينها تعمد التلفزيون إظهار تجمعات احتفالية خارج المجمع باستمرار. لكنه تعرض للقصف بالفعل منذ 24 أبريل الماضي، بعد أن أعطى الحلف تحذيرا للمدنيين في الداخل عدة مرات.
* وحدة أبحاث «الشرق الأوسط»
 
أوغلو في بنغازي: العمليات الأمنية للناتو ستستمر حتى توطيد الأمن في ليبيا
مصادر: شرف يعتزم زيارة بنغازي لكن الموعد لم يتحدد بعد * ليبيا تطلب من مصر تطهير ألغام القذافي قرب المنشآت النفطية
القاهرة: سوسن أبو حسين وحسام سلامة بنغازي: «الشرق الأوسط»
قال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو إن تركيا ستقف إلى جانب ليبيا ومجلسها الانتقالي. وشدد أوغلو في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل في بنغازي أمس، على ضرورة «تحقيق ليبيا حرة ديمقراطية وفق مطالب الشعب الليبي»، داعيا «للحفاظ على وحدة ليبيا لتعود إلى دورها الدولي».
وقال الوزير التركي إن أنقرة ستقدم 300 مليون دولار للمعارضة الليبية، منها 100 مليون في شكل منحة و100 مليون «لدعم تشكيل حكومة جديدة وتمويل الاحتياجات العاجلة خاصة في شهر رمضان»، وكذلك 100 مليون ستخصص لتمويل «مشاريع مختلفة».
كما وعد داود أوغلو بتحرير الأرصدة المجمدة للمواطنين الليبيين قبل نهاية الشهر الحالي. وأشار وزير الخارجية التركي إلى أن «هناك اتصالات مع المجموعة الدولية للتشاور بشأن مستقبل ليبيا، ودعمها وعقد لقاء عاجل بصدد الوضع»، الأسبوع المقبل في إسطنبول، لافتا إلى أن «عمليات حلف شمال الأطلسي الأمنية ستتواصل حتى تحقيق الأمن تماما»، موضحا أنه «يتعين الإفراج عن الأرصدة الليبية المجمدة في الخارج». ولا تزال الاشتباكات مستمرة بين الثوار الليبيين وبقايا كتائب القذافي في أحياء طرابلس، مع توارد أنباء عن تقدم الثوار تجاه مقر القذافي في باب العزيزية.
كما شدد أوغلو على ضرورة إعادة إعمار ليبيا بأكملها، مؤكدا «مساندة تركيا للمجلس الانتقالي الليبي ودعمه حتى النهاية».
وأشاد أوغلو بكلمة رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل، وأثنى على المجلس بقوله «إنه وضع البنية التحتية لبناء ليبيا وتأسيس مستقبلها».
وقال الوزير التركي أول من أمس إن «التغييرات في ليبيا» يجب أن تعتبر «درسا للجميع». وسبق لداود أوغلو أن زار بنغازي في الثالث من يوليو (تموز).
وشدد أوغلو على ضرورة تحقيق ليبيا حرة وديمقراطية، وتلبية مطالب شعبها، والحفاظ على وحدة الدولة الليبية لتعود إلى دورها الدولي، إلى جانب رفع العلم الليبي في جميع المحافل الدولية.
وذكر الوزير أنه يقوم خلال زيارته بنقل رسالة من رئيس تركيا عبد الله غل ورئيس وزرائه رجب طيب أردوغان إلى عبد الجليل، مفادها أن تركيا ستقف بجانبه وبجانب المجلس الانتقالي والشعب الليبي في المرحلة الانتقالية. من جانبه، وصف عبد الجليل زيارة أوغلو بأنها ترسخ الدور التركي الداعم للثورة الليبية، مؤكدا على عمق العلاقة المستقبلية بين أنقرة وطرابلس.
وأشار رئيس المجلس الانتقالي إلى أن الأتراك قاموا بنقل الأموال التي تعهدوا بها للشعب الليبي نقدا ومباشرة، مما يدل على الرغبة الحقيقية في دعم شعب ليبيا.
وفي القاهرة، قال سفير المجلس الانتقالي الليبي في القاهرة، عبد المنعم الهوني، إن رئيس مجلس الوزراء المصري الدكتور عصام شرف يعتزم زيارة بنغازي خلال الفترة القليلة المقبلة، لكن السفير محمد حجازي، المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري، رد بالقول إنه لا توجد معلومات محددة عن مثل هذه الزيارة، وأردف أن موعدها «لم يتحدد بعد».
يأتي هذا في وقت يسعى فيه المجلس الانتقالي المتأهب لتولي السلطة بعد سقوط نظام العقيد الليبي معمر القذافي للاستعانة بمصر في تطهير الألغام المتخلفة من الحرب بين الليبيين، خاصة في منطقة البريقة النفطية.
وكان الهوني قد صرح لـ«الشرق الأوسط» أمس بالقول إن رئيس الوزراء المصري سوف يقوم بزيارة إلى بنغازي خلال الأيام القليلة المقبلة. يأتي ذلك بعد يوم من مباحثات قام بها الهوني مع الحكومة المصرية، في وقت تشهد فيه ليبيا تطورات فارقة للقضاء على نظام حكم القذافي وبدء مرحلة جديدة.
وقال الهوني إن الدكتور شرف يقدم التهنئة للمجلس الانتقالي بعد نجاح الثورة وأضاف: «نحن نرحب بهذه الزيارة ونعتبرها بداية طريق لعلاقات مميزة». وأكد أن المباحثات بين الدكتور شرف والمجلس الانتقالي تبدأ بالتفاهم على سيناريو العمل المشترك خلال الأشهر والأسابيع المقبلة، لوضع العلاقات في مكانها الصحيح واللائق. وأضاف الهوني أن استقبال شرف في بنغازي سوف يليق بحجم مصر ومشاعر المصريين تجاه ليبيا، وشدد على أن الزيارة ستكون ناجحة بكل المقاييس.
ورد السفير محمد حجازي بشأن موعد زيارة شرف لبنغازي، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إنه لا توجد معلومات محددة عن زيارة بنغازي، وإن الموعد «لم يتحدد بعد».
على صعيد متصل، قالت مصادر ليبية مطلعة عقب لقاء الهوني بالمسؤولين المصريين مؤخرا، إن القاهرة وافقت على تلبية مطالب تقدم بها الهوني، باسم المجلس الوطني الانتقالي، كان على رأسها الاعتراف بالمجلس الانتقالي وتسليم السفارة الليبية بالقاهرة ومندوبية ليبيا الدائمة لدى الجامعة العربية إلى المجلس الانتقالي.
وأضاف أن الطلب الثالث هو دعوة مصر لتقديم المساعدة العاجلة في تطهير الممرات والطرق المؤدية من وإلى مدينة البريقة ومداخلها من الألغام الأرضية التي زرعتها كتائب القذافي، إضافة إلى طلب المجلس الانتقالي من القاهرة استئناف شركة «مصر للطيران» رحلاتها إلى بنغازي وطرابلس، بعد دخولها في العمل.
ومن المعروف أن مصر تأثرت كثيرا بالأزمة التي حدثت في ليبيا، حيث اعتمد نحو 1.5 مليون مصري على العمل في ليبيا، ويقومون بتحويلات نقدية إلى مصر كل عام تقدر بمبلغ 254 مليون دولار، وفقا لوزارة العمل المصرية.
 
المجلس الوطني الانتقالي.. قائد مرحلة ما بعد القذافي
حصل على تأييد شعبي.. وارتبك عمله مع مقتل اللواء يونس
بنغازي - لندن: «الشرق الأوسط»
حصل المجلس الوطني الانتقالي المعارض في ليبيا على اعتراف أكثر من 30 دولة منها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وقطر ويبدو الآن مقدرا له أن يتولى قيادة البلاد.
وتشكل المجلس بعد اندلاع الانتفاضة ضد حكم معمر القذافي في فبراير (شباط) والتي شارك فيها في الأغلب محامون وأطباء وأكاديميون ورجال أعمال ليبراليون من شرق ليبيا ورأس المجلس مصطفى عبد الجليل الذي كان وزيرا سابقا للعدل في نظام القذافي.
وحسب تقرير لوكالة رويترز فإن المجلس يحكم المناطق «المحررة» ويوفر إمدادات الطعام والخدمات الأساسية ومرتبات موظفي الحكومة، لكن ثارت مخاوف من حدوث انقسامات، خاصة منذ مقتل عبد الفتاح يونس القائد العسكري للمعارضة الذي لم تعرف ملابساته حتى الآن.
وفيما يلي بعض الأسئلة والأجوبة المتعلقة بالمجلس:
كيف تشكل المجلس؟
قال زعماء تحالف 17 فبراير وهي حركة معارضة تتخذ من بنغازي مقرا لها تشكلت مع انتشار الانتفاضة إن مجالس محلية تشكلت في البلدات التي تخلصت من حكم القذافي وإنها أرسلت ممثلين لها لتشكيل المجلس الوطني الانتقالي. وضم المجلس 40 عضوا كل منهم مسؤول عن تمثيل منطقة جغرافية أو شريحة اجتماعية مثل الشبان والنساء والسجناء السياسيين. وجاء أعضاء آخرون من مناطق ظلت حتى أيام قليلة تحت سيطرة القذافي بما في ذلك العاصمة طرابلس وقال المجلس إن الكشف عن أسمائهم سيعرضهم للخطر.
ما هي مهمات المجلس؟
يقول المجلس إن مهمته هي ضمان أمن الأراضي وأن يقود جهود «تحرير» كل البلاد ودعم المجالس البلدية حتى تعيد الحياة الطبيعية والإشراف على الجهود الأولية لتشكيل مجلس دستوري يضع مسودة دستور جديد يطرح في استفتاء وأن يشارك في توجيه السياسة الخارجية، وشكل المجلس لجانا في مجالات منها الاقتصاد والشؤون السياسية والشؤون القانونية والأمن والدفاع.
وبشكل منفصل تشكلت هيئة تنفيذية أو حكومة وإن كانت قد حلت رسميا هذا الشهر بعد إخفاقات ذات صلة بمقتل يونس. وقال مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي مؤخرا إنه نظرا لأن المجلس لم ينتخب فهو سيستمر فقط لمدة 8 أشهر من فترة انتقالية مدتها 20 شهرا تؤدي إلى الانتخابات.
ما هي شرعيته؟
قال مسؤولو المعارضة إنهم حصلوا على تأييد شعبي مؤقت في الأيام الأولى للانتفاضة الدامية حين احتشد آلاف أمام مقر محكمة بنغازي - معقل الانتفاضة - وهتفوا مؤيدين حين أعلن تحالف 17 فبراير بمكبرات الصوت عن أولى خطواته لحماية المدينة وإدارة المستشفيات وتوفير الخدمات الأساسية.
وقامت شخصيات كبيرة من المعارضة بجولات في البلدات والقرى الشرقية في الأيام التالية لحشد التأييد للمجلس الوطني الذي تشكل في الخامس من مارس (آذار).
ويقول مسؤولو المعارضة إن المجلس يعكس توازنا بين الجدارة والتوافق، لكنه واجه تحديا منذ البداية وهو كيفية تحقيق توافق بين التطلعات الديمقراطية لمواطنين معظمهم شبان يرفضون حكم القذافي مع آراء شيوخ القرى والبلدات الذين يخشون على النظام الاجتماعي التقليدي في ليبيا.
من يتولى القيادة؟
- مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس، وهو رجل دمث في أواخر الخمسينات من العمر كان وزيرا للعدل في حكومة القذافي لكنه استقال في فبراير احتجاجا على ما اعتبره استخداما مفرطا للعنف ضد المحتجين في بنغازي. ويقول أناس يعرفونه إنه قدم استقالته عدة مرات بعد أن قاوم ضغوطا من جهات عليا لإعدام محتجزين كان يؤمن ببراءتهم. وفي فترة من الفترات مال عبد الجليل الذي يرتدي عادة الطربوش الليبي التقليدي إلى التفاوض مع طرابلس لكن الفكرة رفضت سريعا من جانب مسؤولين آخرين.
- محمد جبريل رئيس الهيئة التنفيذية للمجلس أو الحكومة، ويشار إليه على هذا الأساس على أنه رئيس وزراء المجلس الوطني الانتقالي. وهو استشاري للسياسة الاستراتيجية، قضى معظم سنوات عمله في الخارج في مركز أبحاث اقتصادي تابع للدولة لكنه استقال بعد أن رفض القذافي اقتراحاته لتحرير الاقتصاد، له اتصالات خارجية واسعة وأصبح ممثل المعارضة المتجول. لكن كثرة سفرياته ضايقت بعض زملائه وداعمين أجانب.
- عكس الارتباك الذي اكتنف مسألة من يقود الجناح العسكري للمعارضة حالة الفوضى الاستراتيجية على الأرض. ويتولى عمر الحريري، الذي كان من الضباط الذين شاركوا القذافي في الإطاحة بالملك إدريس السنوسي عام 1969 لكنه سجن بعد ذاك، الشؤون العسكرية في المجلس الوطني الانتقالي.
وكان رئيس الأركان المشتركة هو عبد الفتاح يونس الذي كان وزيرا للداخلية في حكومة القذافي وكان رجلا عسكريا ذا خبرة قبل أن ينشق وينضم إلى المعارضة إلى أن اغتيل. وطلب من نائبه سليمان محمود تولي المهام وهو يفكر في تولي المنصب. ويشغل جلال الدغيلي منصب القائم بأعمال وزير الدفاع في الهيئة التنفيذية للمجلس الوطني الانتقالي.
- علي الترهوني، هو أكاديمي مقيم في الولايات المتحدة وشخصية معارضة في المنفى عاد إلى ليبيا لتولي الشؤون الاقتصادية والمالية والنفطية في الهيئة التنفيذية.
- عبد الحفيظ غوقة المتحدث الرسمي باسم المجلس الوطني الانتقالي ونائب رئيس المجلس، هو محام مدافع عن حقوق الإنسان قام بتمثيل أسر الضحايا في مذبحة وقعت في أحد السجون عام 1996.

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

على الولايات المتحدة منع قيام حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله..

 الأربعاء 25 أيلول 2024 - 12:53 م

على الولايات المتحدة منع قيام حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله.. في الأسبوع الماضي، وبعد أحد عشر ش… تتمة »

عدد الزيارات: 171,619,057

عدد الزوار: 7,640,131

المتواجدون الآن: 0