تحليل إخباري

حزب الله والثورات العربية من مارون الراس

تاريخ الإضافة الثلاثاء 30 آب 2011 - 4:59 ص    عدد الزيارات 2825    التعليقات 0    القسم محلية

        


تقرير إخباري
حزب الله والثورات العربية من مارون الراس
صدمة المعايير الملطخة بالتاريخ!

في الأندية والمحافل، وفي تعليقات المحلّلين والكتّاب، أصحاب الرغبة في الإحراج والأحجيات، يتعاظم الجدل والنقاش حول مسألة، بالغة الأهمية والتأثير، تتعلّق بما يمكن تسميته <حزب الله والثورات العربية<، وامتداداً <حزب الله، وما يجري في سوريا> أو بلغة <آنية> حزب الله والثورة السورية·

ويتبدّى من النقاشات أن الحزب وأمينه العام السيّد حسن نصر الله يساهم في قمع حركات الإحتجاج في سوريا، فيما يدعمها في البحرين، وبلاد أخرى، وثمّة مَنْ لا يرغب <بالحيف>، فيلاحظ أن الحزب مُحرج، أو عاجز عن دعم حق الشعب السوري بالإطاحة بنظام البعث أو حكم عائلة آل الأسد··

وبصرف النظر عن أوجه الصواب والخطأ في رؤية هذا أو ذاك، من المصنّفين أو المعلّقين، أصحاب النيّات البريئة أو الخبيثة، فإن سياسات حزب الله أو أدائه الإعلامي أو الميداني أو حتى السياسي، لا يتأثّر بردود الفعل أو لعبة المصالح في حيّزها السجالي أو الدعائي، إنما باعتبارات و<معايير> وأنظمة قياس، تتّصل أساساً بماهية الحزب، تشكيلاً وجسماً ومساراً وهوية، لا تنفصل البتّة عن تحوّلات الصعود والهبوط، ومسارات المواجهة الجارية في المنطقة، و<حرب الاستراتيجيات> بكل مفاجآتها، في مشارف انتهاء الولاية الأولى للرئيس باراك أوباما، الذي يعيش أجواء من القلق الهائل على فرصته بولاية ثانية، في حين ينازع نظيره الفرنسي نيقولاي ساركوزي في غير مكان من العالم، لا سيّما في شمال أفريقيا والشرق الأدنى للحصول على <جواز سفر> يؤهّله للانخراط مجدداً في السباق إلى الإليزيه··

وما ينطبق على <حزب الله> في هذا المجال، ينطبق بالتأكيد على سواه من قوى وأحزاب وتكتلات طائفية أو نيابية أو سياسية· فالسياسات غير محكومة بالأخلاق أو <المبادئ السامية> بل بالمصالح، والتوازنات و<الاستراتيجيات الصغرى> أيضاً··

شكّلت <الجمعة الأخيرة> من رمضان 26/8/2011، والتي يحتفل بها الحزب، كسواه من الأحزاب والقوى الملتزمة بتعاليم الإمام الخميني، وخلفه الإمام الخامنئي مرشد الثورة في إيران، مناسبة، لأن يُظهر الحزب موقفه، على نحو أكثر وضوحاً من قبل، تجاه ما يُعرف <بالثورات العربية>، وصولاً إلى تفصيل الحيثيات المتصلة بالوضع في سوريا··

من ناحية الصورة، ليس أمراً عفوياً، أن ينتخب الحزب <مارون الراس> أبعد بلدة في <جبل عامل> البعيد مكاناً للحديث عن رؤيته، فهي، أي البلدة، خارج رمزيتها المختزنة في تواريخ العامليين (جنوب بنت جبيل، على رأس جبل عالٍ، هواها غاية في الجودة، قريبة من حدود فلسطين، أهلها معروفون بالشجاعة، خرج منها علماء من تلامذة أحمد بن فهد الحلّي)، تحتل رمزية في حرب تموز 2006، كإحدى القلاع الأسطورية في الصمود والحرب، وتحتل رمزية كنقطة كتبت <حق العودة> للفلسطينيين بالدم قبل أشهر (أيار الماضي)·· لكن الأهم من زاوية فهم الحزب وخياراته، أنها إعادة تصويب للبوصلة، في ظل تبدّل الخيارات في الداخل (المحكمة، الحكومة، الفراغ السياسي، الانتخابات المقبلة، التوازنات الداخلية)، وإعطاء التبرير لجمهور واسع من العرب والمسلمين حول قبول الإعتبارات التي يقدّمها <للسكوت عما يوصف بقمع دموي غير مقبول ضد الشعب السوري> في الأحداث الدامية الجارية في البلد الذي <ما كانت المقاومة تنتصر لولا دعمه (الدعم السوري)>·

في دلالة المكان أيضاً، رسالة انتباه وتركيز، حول مستقبل المواجهة في الجنوب وعموم المنطقة·· من زاوية أن الثورات العربية وما تحمله من تحولات جارية في الشرق الأوسط العربي·· <تصبّ في مصلحة فلسطين والقضية الفلسطينية>· فعودة إلى أعوام 1976 و 1977 و1978 (قبل الاجتياح الاسرائيلي الأول للجنوب) تكشف عن أن الوصول إلى عمق الجنوب المشرف على الأراضي المحتلة، نقطة قوة في إرهاب اسرائيل، التي لم تترك الفرصة للحظة عندما أزفت لتنصرف إلى اجتياح أول وثانٍ و<عناقيد الغضب< و<سلامة الجليل>، وهي الآن تترقب حربا مقبلة ما وراء الحدود··

على أن المسألة، ليست هنا، فحزب الله هو بيت القصيد، ينصرف إلى قضيتين مترابطتين، على نحو محكم هما:

1- مآل التطورات في لبنان في ضوء <مزاجية الائتلاف الوزاري الحاكم>، والذي يرعاه هو، تحت ارتجاجات القرار الاتهامي، الآخذة في الإزعاج و<الضعضعة> ولو قال مسؤولو الحزب أشياء مغايرة لذلك·

2- التطورات في سوريا، التي لن يبقى لبنان بمنأى عنها، فهي <ستطال المنطقة كلها· أي تطوّر سلبي أو سيّء سيطال المنطقة، وأي تطوّر إيجابي سيكون لمصلحة المنطقة كلها> (والتشخيص للسيّد نصر الله من خطاب مارون الراس)·

من شمال أفريقيا إلى القطر الشامي، الذي ينتسب إليه جبل عامل (أرض الشعراء والعلماء) رسم السيّد نصر الله لوحة الموقف من الثورات بمعايير لا تنتسب إلى الحاضر فقط بل تمتد إلى التاريخ، من لحظة التشيّع، إلى أيام التحزّب، والانقسام السياسي الحاد في الإسلام بين عليّ ومعاوية، وكل مجريات الصراع على السلطة على طول التاريخ الاسلامي والعربي وعرضه··

فكما تحمّس شيعة لبنان وعاملة إلى الثورة الإيرانية التي انتصرت مع الإمام الخميني بعودته إلى طهران عام 1979، وتحوّلت معها طريق الأوزاعي وشوارع الضاحية إلى خطوط تماس مع <شط العرب> أيام الحرب العراقية - الإيرانية (في عهد صدام حسين)، فهم يأنفون من رؤية النظام السوري يتداعى على غرار ما حصل في تونس ومصر وليبيا· والرؤية في العمق، تمتد على هذا النحو، فهي محكومة بالاعتبارات المذهبية - السياسية، وبالاعتبارات التاريخية - السياسية المفتوحة على عمق استراتيجي، يتمثّل في قوة الجمهورية الإيرانية، كقوة دولية عظمى، تمثّل الصعود الشيعي، بقراءة الجماعات النافذة في رسم مصائر الكوكب وأنظمته··

في المعمعة هذه، يدعم الحزب المعارضة بالكامل في البحرين، ويتريّث مع اليمن رغم التعاطف مع الحوثيين، الذين لا يتحركون الآن، ومع مصر، يرى في إسقاط مبارك (الرئيس حسني مبارك) <مؤشّر على مرحلة جديدة تواكب عظمة مصر وعظمة شعبها وعظمةجيشها (وهذا صحيح)، ومع ليبيا حيث أخذ القذافي بلده بعيداً عن فلسطين وتنكّر لقضيتها>، يبدو أن الأهم جريمة <احتجاز الإمام موسى الصدر ورفيقيه خدمة للمشروع الاسرائيلي> وهي من جملة جرائم نظام القذافي· أما مع سوريا فالمطلوب الموقف القومي·· <كلنا نريد سوريا القوية بالإصلاحات والتطور>·· ومن <يدّعي الصداقة والحرص على سوريا وشعبها أن تتضافر الجهود لتهدئة الأوضاع ولدفع الأمور إلى الحوار والمعالجة السلمية>··

في الشكل، يدافع السياق في المواقف عن نفسه، ولكن في الأساس تحكم السياسة مسار الأداء، ويستحيل منطق الثورة إلى منطق القوة ومنطق السلطة·· وبين سياق الشكل وصوريته يستحيل الموقف إلى ضدّه·· وهناك <تراجيديا> اصطدام الأخلاق بالسياسة وصدمة اكتشاف قوة التاريخ في صناعة ثورات الشرق الأوسط واستراتيجياته المقبلة في عالم تشكّل طوائفه وجماعاته وقومياته وأعراقه ودياناته وثقافاته عناصر الجذب في السياسات الكبرى، وزوايا رؤية مقبلة لفهم أكثر موضوعية لصراعات العصر ومستقبله!

 


المصدر: جريدة اللواء

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,215,667

عدد الزوار: 7,623,957

المتواجدون الآن: 0