البيانوني لـ «الشرق الأوسط» : السوريون حسموا موقفهم.. ولا تسوية مع الأسد

سوريا: اتجاه للعصيان المدني.. ومؤتمر للمعارضة في دمشق

تاريخ الإضافة الإثنين 19 أيلول 2011 - 4:24 ص    عدد الزيارات 3119    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

سوريا: اتجاه للعصيان المدني.. ومؤتمر للمعارضة في دمشق
مسؤول أميركي يقدر الانشقاقات في الجيش بـ 10 آلاف حالة
لندن – دمشق: «الشرق الأوسط» بيروت: انتوني شديد
بدأت الأزمة السورية تتجه نحو التصعيد مع إعلان ناشطين سوريين في حمص وريف دمشق رفضهم إرسال أبنائهم إلى المدارس، خوفا من الملاحقات الأمنية من جهة، وبسبب تحولها إلى «معتقلات ومراكز تعذيب» من جهة أخرى. وجاء ذلك في وقت عقدت فيه المعارضة السورية بالداخل مؤتمرا في ريف دمشق، لوحت فيه أيضا بخطوات تصعيدية إذا لم ينته العنف وتتحقق مطالب بحثتها أمس، ومن بينها الدعوة لعصيان مدني شامل.
وفي دوما بريف دمشق التي شيع فيها يوم أمس قتيلان بمشاركة الآلاف، أعلن الأهالي نيتهم عدم إرسال ابنائهم إلى المدارس. وقال ناشطون هناك إن أهالي دوما لن يعودوا إلى ممارسة حياتهم العادية حتى يسقط النظام.
وقال بيان صادر عن الاجتماع إنه «في ظل احتلال قوات الأمن لأغلب المدارس وتوزع الحواجز على مفارق الطرق وتمركز القناصة على أسطح المباني والمدارس، يعلن أهالي محافظة حمص رفضهم القاطع إرسال أبنائهم وبناتهم للالتحاق بالعام الدراسي الحالي». وفي ريف دمشق، عقدت المعارضة السورية في الداخل (هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الوطني والمجلس الوطني الموسع)، مؤتمرا شارك فيه نحو 250 من شخصيات المعارضة في الداخل وممثلون عن تنسيقيات الثورة السورية في الداخل. وعقد الاجتماع تحت شعار اللاءات الثلاثة «لا للتدخل الخارجي، لا للعنف، لا للطائفية» وترأس الجلسة المعارض السوري حسين العودات. وأصدر المجتمعون وثيقة تضمنت خطوات تصعيدية من بينها «الإضراب العام والعصيان المدني الشامل».
وقد أفاد ناشطون بحدوث انشقاقات منذ بدء الانتفاضة, فيما قدر مسؤول اميركي عدد الانشقاقات منذبدء الثورة بنحو 10 آلاف حالة.
وفي باريس، أبصر النور تجمع سوري معارض جديد تحت اسم «تحالف القوى العلمانية والديمقراطية السورية» ويضم نحو 15 هيئة وحزبا جديدا غالبيتها ظهرت مع انطلاق الثورة السورية, فضلا عن شخصيات مستقلة من مفكرين وأدباء وأصحاب المهن الحرة الموزعين في أوروبا وأميركا والخليج.
 
المعارضة السورية في الداخل تعقد المؤتمر الأول للمجلس الوطني الموسع في ريف دمشق
الإعلام الرسمي حضر من دون دعوة.. ولجان التنسيق تنفي حضورها وتؤكد تمسكها بإسقاط الأسد
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
عقدت قوى معارضة سورية (هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الوطني والمجلس الوطني الموسع)، أمس، مؤتمرا في ريف دمشق، شارك فيه نحو 250 من شخصيات المعارضة في الداخل وممثلون عن تنسيقيات الثورة السورية في الداخل، التي دعي منها نحو 130 شخصا، بحسب ما قال رئيس المؤتمر، حسين العودات، في افتتاح المؤتمر الذي استمر ليوم واحد.
وقال العودات إن المدعوين من التنسيقيات كانوا أمام 3 خيارات؛ «إما الحضور على مسؤوليتهم لأسباب أمنية، وإما أن يكلفوا من ينوب عنهم، وإما تقديم مشاركاتهم عبر برنامج (سكايب) عبر الإنترنت».
وأشار إلى أن الدعوات وجهت لنحو 300 شخصية، تمثل المعارضة الساعية إلى الانضمام للهيئة. وافتتح المؤتمر بحضور عدد من مراسلي وسائل الإعلام الخارجية المعتمدين في دمشق بالإضافة إلى وكالة الأنباء السورية (سانا) والتلفزيون السوري اللذين حضرا دون دعوة، كما قال حسين العودات حين نبه الحضور إلى وجود وسائل إعلام رسمية جاءت من دون دعوة، فاحتج البعض وراح يهتف «الإعلام السوري كاذب».
وترأس الجلسة المعارض السوري حسين العودات، وأمين سر هيئة التنسيق الوطنية حسن عبد العظيم، نائبا لرئيس الجلسة، وأعلن العودات أن نحو 130 عضوا من التنسيقيات تمت دعوتهم إلى المؤتمر، لكن ظروفهم الأمنية حالت دون حضور معظمهم، إلا أنهم فوضوا من يتحدث باسمهم، أو تواصلوا مع المؤتمر بالطرق الإلكترونية حرصا على عدم اعتقالهم.
وقال حسن عبد العظيم في كلمة مقتضبة له: «إن جميع أطياف المعارضة هم مشروع شهيد أو مفقود أو معتقل، لذلك نحن ندعو إلى توحيد صفوف قوى المعارضة بعد أن وصل (الربيع العربي) إلى سوريا، الذي يجب أن لا يتوقف هنا».
وأضاف عبد العظيم: «نحن نرفض قول بعض إخواننا في المعارضة الذين نختلف معهم في الرأي إن انعقاد مؤتمرنا في الداخل (يعني أننا في حضن النظام)، فالوثائق السياسية لهيئة التنسيق الوطنية موجودة ومعلنة وهي تؤكد موقفنا من التغيير الديمقراطي السلمي الذي يعني تفكك النظام وإنهاء بنيته القمعية الاستبدادية الفاسدة».
وعقد المؤتمر بالقرب من منطقة دريج (شمال شرقي دمشق نحو 40 كيلومترا)، ذلك أن المؤتمر، وبحسب ما قال بعض أعضائه، لم يحصل على ترخيص لانعقاده في أي مكان عام، ما اضطرهم إلى عقده في إحدى المزارع الريفية بريف دمشق.
وقالت مصادر قريبة من هيئة التنسيق لـ«الشرق الأوسط» إنه لم يتم التقدم بطلب للسلطات بخصوص عقد المؤتمر، وبالتالي لا تعتبر السلطة موافقة أو غير موافقة على عقده، وذلك ردا على سؤال عما إذا سمحت السلطة بانعقاده، لا سيما أن عددا من السيارات الأمنية كانت متوقف في أكثر من منطقة على الطريق الواصل إلى المزرعة حيث تم اللقاء، من دون أن يتعرض الأمن لأي من سيارات المشاركين.
وأعلن في اللقاء عن السعي إلى تشكيل ائتلاف يضم أقطاب المعارضة التي في الداخل «لتوحيد موقفها» من «الانتفاضة/ الثورة» في سوريا كما سمتها وثائق المؤتمر. ويهدف اللقاء إلى وضع خارطة طريق لتجنب سيناريوهات كارثية. وناقش المؤتمر في جلسته الثانية وثائق المجلس الوطني الموسع للتوصل إلى صيغة نهائية. والوثائق، في خطوطها العريضة، وصفت ما يجري في سوريا بأنه «انتفاضة/ ثورة»، وشددت على أن «لا طريق للتراجع في الثورة السورية بعد وجود ضحايا بالآلاف، وجرحى ومعتقلين بعشرات الآلاف، وملاحقين لا يعرف عددهم من أبناء الشعب، وصور تنكيل وإهانات وإذلال، وجيش جرار يترك ثكناته ليتوجه نحو الداخل لقمع شعبه، واقتصاد منهوب يتدهور بسرعة، وثروات تهدر على القتل والقمع، ونظام يمعن في إنكار حق الشعب في الحرية والكرامة».
ودعت إلى عدم الفصل بين قوى الفعل الميداني الثائرة وخزان الخبرة السياسي والنضالي والتنظيمي الذي تمثله قوى المعارضة، مع التأكيد على 3 لاءات: «لا عنف، لا تدخل عسكري، لا طائفية». كما تضمنت الوثائق 7 نقاط تسلسلية ضمن مهلة زمنية لتجنب سيناريوهات كارثية في سوريا. وتشمل النقاط، أولا: اعتراف النظام بالحراك الشعبي ومشروعية أهدافه، وحق الشعب في بناء النظام السياسي الديمقراطي التعددي. ثانيا: وقف العنف والتعامل الأمني العسكري وسحب الجيش وقوى الأمن من المدن، وإسناد مهمة حفظ الأمن إلى قوى الأمن الداخلي فقط. ثالثا: إطلاق سراح المعتقلين السياسيين والموقوفين جميعا، وتسمية كل من فقد حياته في الحراك شهيدا. رابعا: إحالة المسؤولين عن الخيار العسكري - الأمني ومرتكبي جرائم القتل والتعذيب إلى المحاكم. وتكمن النقطة الخامسة في الاعتراف بحق التظاهر السلمي وتنظيمه دون أي شروط، والسادسة بتعليق العمل بالمادة الثامنة من الدستور حتى إقرار دستور جديد، والسابعة، والأخيرة، هي إعلان دخول البلاد في مرحلة انتقالية تتولى السلطة التنفيذية فيها حكومة وحدة وطنية تتمتع بكل الصلاحيات اللازمة لقيادة مرحلة الانتقال نحو النظام الجديد المنشود، وما يتطلبه من إجراءات سياسية واقتصادية وقانونية وثقافية وإعلامية.
وذكرت الوثيقة أنه «في حال لم تتحقق هذه الخطوات في مهلة قريبة قبل أن يفوت الأوان وتفلت الأمور من يد الجميع، فلن يكون هناك خيار أمام الحراك الشعبي وقوى المعارضة الوطنية الديمقراطية سوى التصعيد بكل السبل السياسية والقانونية والدبلوماسية السلمية، وسيدعو إلى الإضراب العام والعصيان المدني الشامل».
من جهتها، قالت «لجان التنسيق المحلية» في سوريا، إن الأخبار التي تناقلتها بعض وسائل الإعلام حول مشاركة لجان التنسيق المحلية في مؤتمر هيئة التنسيق الوطنية الذي عقد في ريف دمشق، عار من الصحة، وأكدت اللجان في تصريح صحافي نشرته على صفحتها في موقع «فيس بوك» «تمسكها بمطالب الثوار بإسقاط النظام شرطا أساسيا لمشاركتها في أي تحالف أو ائتلاف مع قوى المعارضة التقليدية».
وبدأ اللقاء بالنشيد السوري، كما رفع العلم السوري في أنحاء الصالة الخارجية، وكتبت شعارات: «لا للطائفية..لا للتدخل الأجنبي.. لا للعنف». ودعا حسن عبد العظيم، منسق هيئة التنسيق والناطق باسم التجمع الوطني الديمقراطي، إلى توحيد الجهود بين المعارضين، منتقدا الاتهامات التي وجهت للهيئة باعتبارها «من حضن النظام أو بأنها لا تريد إسقاطه». وقال عبد العظيم: «الرد على هؤلاء بسيط، فأحزاب هذه الهيئة معروفة وتاريخية وشخصياتها الوطنية عالية المستوى ورؤاها واضحة، والتغيير الوطني الديمقراطي يسعى إلى تفكيك شمولية النظام وإسقاط نهجه الاستبدادي والفساد وبناء نظام ديمقراطي ودولة مدنية حديثة».
من جهته، دعا المعارض سمير عيطة، المقيم في باريس، إلى الحذر من دعوات التدخل الخارجي، مشيرا إلى أهمية «السيادة الوطنية باعتبارها رمز الحرية والكرامة». ولكنه قال إن ما يجري في سوريا يشكل «مفترق الربيع العربي»، داعيا المعارضة والمحتجين «إلى الصمود وتحدي إرادة النظام». وقال إن المرحلة المقبلة «مرحلة سياسية تحتاج إلى الصبر». وأعلن العيطة قبوله بالحوار ولكن «بعد سحب الجيش وتوقف القتل». ودعا إلى «توحيد الجهود ووضع وثيقة دستورية تضم الأسس السياسية للنقاش». وقال العيطة: «إننا لسنا ضد الحوار، ولكن الحوار يحتاج إلى أسس سياسية فيجب أن يوقف العنف وأن يسمح بالتظاهر، وأنه يجب أن يكون هناك نضال ذكي لمواجهة تذاكي الطرف الآخر، فإذا قالوا لنا إن مسؤوليتنا حماية المتظاهرين نقول لهم إن حماية المتظاهرين هي مسؤولية السلطة»، داعيا في الوقت ذاته إلى «عدم مواجهة الجيش إلا بالزهور لأنه لا يجوز إهانة الجيش».
ودعا المعارض السوري البارز، ميشيل كيلو، إلى «عدم تقاسم جلد الدب قبل اصطياده»، وقال: «نحن في منعطف تاريخي خطير»، معتبرا هذا الجيل من الشباب «تتويج لكل ما حلمنا به». وحيا الجيل الذي وصفه بالعظيم «الذي صحح أخطاءنا في الماضي ويتحمل أخطاءنا في الحاضر». وقال: «إن في ألمانيا مثل يقول: (الذي تخربه السياسية يصححه العسكر)، ونحن نقول الذي تخربه المعارضة يصحح هذا الجيل»، محذرا من أنه «إذا استمرت أخطاؤنا كمعارضة فسيضيع جهد الشباب في الشارع»، مؤكدا على ضرورة «اتحاد المعارضة الوطنية».
من جانبه حذر ممثل عن التيار الإسلامي، رياض درار، من وجود تيارات إسلامية الآن «ركبت الموجة باتجاه التسلح»، داعيا إلى مواجهة هذا الأمر، وقال: «نحن مع واقعية إسلامية في دولة علمانية»، وأكد أنهم يرون الحل «علمانيا.. علمانيا.. علمانيا».
وتحدثت الروائية السورية والناشطة، روزا ياسين، عن شباب في التنسيقيات رأتهم خلال الشهور الـ6 الماضية، مشيرة إلى أنها تمثلهم بشكل غير رسمي، لتوجه ملاحظتين منقولتين إلى اللقاء، أولاهما أن سقف المؤتمر ليس عال بما يكفي، في إشارة إلى تجنبه الحديث عن إسقاط النظام في وثيقته السياسية، وأن خطاب المؤتمر يجب أن يكون أكثر جدية ووضوحا، وأيضا ضرورة توحيد جهود المعارضة، وقالت إنه المطلب الأساسي للشباب والشارع. ودعت باسم الشعب السوري والشباب والأبطال الفدائيين المعارضة إلى العمل على إنقاذ البلاد من الكارثة المقبلة عليها.
وقالت الناشطة والمعتقلة السابقة ناهد بدوية إنها كلفت من قبل كل من علم بحضورها المؤتمر، نقل رسالة واحدة بأن على المجتمعين أن يخرجوا من الاجتماع متفقين على توحيد المعارضة، وإذا لم يتمكنوا من ذلك فعليهم أن لا يخرجوا أبدا.
من جهته، قال الشيخ فرحان السلامات، من عشيرة عنزة: «إن ما يجري الآن جدل بيزنطي بينما الغزو يهدد بيزنطة، ناجم عن أن النظام في مأزق وكذلك الثورة في مأزق، وأنه إذا كان لا بد من حوار مع السلطة، ليذهب 20 شخصا أو أكثر إلى رئيس الجمهورية لسؤاله إلى أين هو ذاهب، وإذا تمت الموافقة على اللقاء فسنتكلم بكل تهذيب، وإذا لم تتم الموافقة فسنسأله لماذا هو جالس يلتقي أناسا كثيرين من لبنان وغير لبنان؟».
كما قرئت في المؤتمر رسالة من المعارض البارز نجاتي طيارة أرسلها من معتقله في حمص إلى المؤتمر باسم معتقلي الرأي هناك، وعبر فيها عن الأمل بأن يكون اللقاء على مستوى التضحيات والمسؤولين وطالب المجتمعين بالاهتمام بالمطالبة بإطلاق سراح جميع المعتقلين مع تعويضهم والاعتذار لهم، وأيضا المطالبة بوقف الإهانة والتعذيب في المعتقلات، والعمل على مناهضة التعذيب الذي يناقض القوانين والمواثيق الدولية.
 
إطلاق تحالف القوى العلمانية والديمقراطية السورية من باريس
يضم نحو 15 هيئة وحزبا جديدا غالبيتها ظهرت مع انطلاق الثورة
باريس: ميشال أبو نجم
أبصر النور في باريس أمس تجمع سوري معارض جديد تحت اسم «تحالف القوى العلمانية والديمقراطية السورية» بمناسبة مؤتمر عقد في أحد الفنادق الباريسية وتنادت إليه شخصيات وهيئات وتجمعات حزبية من عدد من الطوائف والقوميات تمثل، كما يقول المؤتمرون، الطيف الديني والقومي في سوريا. ويأتي إطلاق هذا الائتلاف بعد يوم واحد من ظهور «الهيئة الخارجية للثورة السورية» في فندق يقع مقابل الفندق الذي أعلن فيه قيام التحالف.
ويضم التحالف الجديد نحو 15 هيئة وحزبا جديدا غالبيتها ظهرت مع انطلاق الثورة السورية فضلا عن شخصيات مستقلة من مفكرين وأدباء وأصحاب المهن الحرة المتوزعين في عواصم الانتشار السوري في أوروبا وأميركا والخليج.
وشدد المؤتمرون على غنى تنوعهم بما يعكس تركيبة المجتمع السوري إذ تضم المسلمين والمسيحيين والأكراد والأشوريين والسريان كما شددوا على «الفلسفة» السياسية التي تقود خطاهم وهي التزامهم التعددية والديمقراطية.
واعترف بعض المؤتمرين بأن قيام التحالف العلماني غرضه «إثبات» وجود هذا التيار بوجه التيارات الدينية الفاعلة في أوساط الثورة السورية وأولها تيار «الإخوان المسلمين». وقد شارك في مؤتمر الأمس بعض الشخصيات والتيارات التي انضمت إلى «الهيئة الخارجية للثورة السورية».
وكما الهيئة الخارجية، فإن أطراف التحالف العلماني يريدون هم أيضا أن يكونوا الذراع الخارجية الضاربة للثورة السورية مع الحرص على أن تبقى في خط التعددية والديمقراطية والعلمانية كأفضل «صيغة» يمكن أن تحضن المجتمع السوري بتنوعه وغناه.
ورغم إصرار الحاضرين على القول إنه «من الضروري» إثبات حضور التيار العلماني الديمقراطي في الثورة السورية وفي المراحل اللاحقة، فإن بعضهم لا يتردد في التعبير عن أسفه من تكاثر الهيئات والمجالس التي تنشأ في الكثير من العواصم العالمية ما يعطي انطباعا بتشتت المعارضة وانقسامها إلى «معارضات»، خصوصا أن ستة أشهر مرت على انطلاقة الثورة السورية وحتى اليوم ولم تنجح بعد في تكوين إطار جامع لها على غرار ما فعلته الثورة الليبية التي سريعا ما حصلت على اعتراف دولي بها.
ويبدو الهدف المشترك الذي يشد هذه التجمعات بعضها إلى بعض هو سعيها إلى إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. وإذا كانت بعض الهيئات لم تعد تخفي طلبها الحماية الدولية، إلا أنها ترفض تكرار السيناريو الليبي وتصر على الإبقاء على سلمية التحرك. غير أن أصواتا بدأت تسمع وتؤكد على حق الدفاع عن النفس بقوة السلاح بوجه قمع النظام. فضلا عن ذلك ثمة «فروقات» بين طروحات الأفرقاء للمرحلة التالية ما يفسر سعي كل طرف للتموضع والدفاع عن طروحاته فيما الشرخ الأول البين كما هو الحال في مصر موجود بين العلمانيين وذوي التوجهات الدينية.
وأمس، أعلنت الخارجية الفرنسية أنها استقبلت الدكتور برهان غليون، رئيس المجلس الوطني الانتقالي وذلك في إطار الاتصالات التي بدأتها باريس مع أطراف المعارضة الذين تحثهم على توحيد صفوفهم.
 
البيانوني لـ «الشرق الأوسط» : السوريون حسموا موقفهم.. ولا تسوية مع الأسد
تركيا تستضيف اجتماعات مجلس شورى «إخوان سوريا»
لندن: محمد الشافعي
أكد المراقب العام السابق لحركة الإخوان المسلمين في سوريا، علي صدر الدين البيانوني، أن «التيار الإسلامي المؤمن بالمنهج الوسطي له حضور في كل المحافظات السورية»، مشيرا إلى أن «الإخوان» لديهم تواصل مباشر مع كافة التنسيقيات في الداخل، وكذلك المعارضة السورية في الخارج. وأوضح البيانوني، المعروف أيضا بأبو أنس: «لا يوجد لدينا قواعد في الداخل بسبب صدور قانون جائر رقم 49 لعام 1980 يحكم على المنتمين لـ(الإخوان) بحكم الإعدام».
وقال البيانوني الموجود في تركيا على خلفية مشاركته في اجتماعات «مجلس شورى الإخوان» لـ«الشرق الأوسط»: «لقد فات الأوان على أي حل سياسي أو إصلاحي في سوريا، لذلك لم يعد من حل الآن سوى رحيل النظام، وهذا له ضريبة سيدفعها الشعب حتى تتحقق أهدافه في الحرية والعدالة والديمقراطية».
وعاد إلى التأكيد أن المتظاهرين رفعوا في البداية شعارات تطالب بالإصلاح والحرية، «لكن الطريقة التي تعامل بها النظام مع المتظاهرين، دفعت هؤلاء إلى رفع سقف المطالب ولن تتوقف إلا برحيل النظام». وبالنسبة إلى اعترافات المقدم حسين هرموش التي بثها التلفزيون السوري في ظروف لا يزال يكتنفها الغموض بعد انشقاقه عن الجيش في يونيو (حزيران) الماضي، قال مرشد عام «إخوان سوريا» السابق: «ليست لدينا معلومات مفصلة ولكننا نحن مع بيان الخارجية التركية الذي نفى تسليم المقدم السوري المنشق للسلطات في دمشق». وأشار البيانوني إلى أن «قمع نظام بشار الأسد تسبب في وفاة أزيد من 3 آلاف مواطن سوري، واعتقال ما لا يقل عن 15 ألفا آخرين يقبعون في السجون والمعتقلات السورية، بحسب منظمات حقوقية، يتعرضون لشتى أنواع التعذيب والإهانة». وقال: «(الإخوان) متلاحمون مع الثورة في الداخل والخارج ولن نقبل بأقل من إسقاط النظام». وأكد أن الجماعة «لا ولن تقبل فكرة تقاسم السلطة مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد»، وقال: «لا صحة مطلقا لما يتردد عن احتمال وجود تسوية بين (الإخوان) ونظام الأسد بإشراف تركي ومباركة أميركية، هذا الكلام لا أصل له، لا الأتراك يسعون ولا نحن عندنا علم بهذا، وهذه كلها تسريبات من بعض أركان النظام». وأضاف: «نحن لا نشترك مع مجرمين، هذا النظام مجرم ويجب أن يرحل، مهما كانت الإغراءات بالوعود والمناصب أو الإصلاحات، فنحن لن نشترك مع قاتل الشعب ولا توجد حتى نية للحوار معه، فالحوار معه أمر مرفوض وممنوع وقد اتخذنا قرارا بذلك».
 
مقتل اثنين في مداهمات بإدلب.. وسماع دوي انفجارات في دير الزور
سوريون في حمص ودمشق يرفضون إرسال أبنائهم لمدارس تحولت إلى «معتقلات وغرف تعذيب»
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
غداة مقتل العشرات في جمعة «ماضون حتى إسقاط النظام»، قتل شخصان أمس في حملة مداهمات نفذتها الأجهزة الأمنية السورية في محافظة إدلب بشمال غربي سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال المرصد السوري إن «رجلا وامرأة قتلا خلال حملة مداهمات في بلدة خان شيخون القريبة من مدينة حماه والواقعة في محافظة إدلب».
وذكر نشطاء أنه سمع دوي انفجارات وإطلاق نار كثيف يوم أمس في محافظة دير الزور، شرق سوريا، وقال عمر إدلبي المتحدث باسم لجان التنسيق المحلية، وهي شبكة من نشطاء المعارضة، لوكالة الأنباء الألمانية إن «قوات الأمن السورية تشن هجوما وحشيا آخر على منطقة الجورة بحثا عن نشطاء». وأضاف أن نحو 20 شخصا اعتقلوا في المنطقة.
وفي محافظة درعا جنوب البلاد، خرج محتجون إلى الشوارع في بلدة الثورة فيما أجرت قوات الأمن اعتقالات في بلدة نمر وفقا لما ذكره نشطاء على الإنترنت. وأضاف إدلبي أن ثلاثة أشخاص كانوا قد تعرضوا لإصابات خطيرة في حملة القمع التي شنتها قوات الأمن أول من أمس في مختلف أنحاء البلاد توفوا. وأصيب العشرات في مدينتي حماه وحمص وبلدات خارج دمشق.
وتضاربت الأنباء أمس حول عدد القتلى الذي سقطوا يوم الجمعة، ففي حين ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن 38 شخصا قتلوا، ذكر ناشطون آخرون أن عدد القتلى وصل إلى 47 شخصا.
وقال ناشطون إن حملة الاعتقالات لا تزال مستمرة في حمص، حيث تم يوم أمس محاصرة أحياء جب الجندلي، والنازحين ومنطقة عشيرة واعتقل أكثر من 24 شابا في مداهمات للمنازل أسفرت عن تخريبها ونهبها. كما دخلت المدرعات حي المريجة من جهة مدرسة المثنى وأطلقت النار من رشاشاتها الثقيلة بالتآزر مع الحواجز التي ساندتها بإطلاق النار. وفي باب السباع قامت العناصر الأمنية الموجودة عند الحواجز بإطلاق النار عشوائيا وبشكل هستيري من جهة حاجز أحياء باب الدريب والعدوية والفاخورة، وذلك عقب مرور شاب على دراجة نارية.
إلى ذلك، أعلن ناشطون سوريون في حمص وريف دمشق رفضهم إرسال أبنائهم إلى المدارس، مع اقتراب موعد بدء العام الدراسي. ففي دوما التي شيع فيها يوم أمس قتيلان بمشاركة الآلاف، وجنازة ثالثة قيل إنها لمخبر للنظام لم يشارك فيها سوى أهله، أعلن الأهالي نيتهم عدم إرسال أولادهم إلى المدارس. وقال ناشطون هناك إن أهالي دوما لن يعودوا إلى ممارسة حياتهم العادية حتى يسقط النظام، في حين أعلن في حمص رفض إرسال الأولاد إلى المدارس وذلك بعدما اجتمعت «لجان أحياء مدينة حمص» و«تجمع أحرار حمص» لبحث مسألة التحاق الطلاب والطالبات بالعام الدراسي الجديد الذي أصبح على الأبواب.
وقال بيان صادر عن الاجتماع إنه «في ظل احتلال قوات الأمن لأغلب المدارس وتوزع الحواجز على مفارق الطرق وتمركز القناصة على أسطح المباني والمدارس، يعلن أهالي محافظة حمص رفضهم القاطع لإرسال أبنائهم وبناتهم للالتحاق بالعالم الدراسي الحالي في كل المراحل ابتداء من الصف التحضيري حتى الصف الثانوي وذلك حتى إشعار آخر».
وطالب البيان الذي نشر يوم أمس على الصفحات الموالية للثورة في سوريا على موقع «فيس بوك»، «بإزالة جميع المظاهر اللاأمنية وسحب القوات من المدارس والطرقات وأسطح المباني نهائيا». وأوضح البيان أن هذا المطلب جاء من باب الحرص والخوف على أبنائهم وعلى سلامتهم، وأنه «بعد الدراسة الدقيقة للواقع الصعب الذي يفتقد لكل مقومات ومستلزمات العملية التربوية وأهمها الأمان على أرواح الطلاب، توصلوا إلى توصيف الواقع اللاأمني في مدينة حمص بأن أغلب المدارس تحولت لثكنات عسكرية ومعتقلات وسجون وغرف تعذيب، وأن القناصة تتمركز على أسطح الأبنية والمدارس في أغلب الأحياء والحواجز الأمنية المشهود لها بسفالة الأخلاق وكثرة الإجرام وإطلاق النار على المارة بشكل عشوائي وهمجي». وأضاف أن «بعض الموالين للنظام يشيعون أخبارا عن نية بعض الشبيحة اختطاف أبناء وبنات حمص أثناء ذهابهم إلى المدارس وذلك كورقة ضغط على الأهالي والمطلوبين ليوقفوا المظاهرات ويسلموا أنفسهم». كما حمل مصدرو البيان النظام مسؤولية ونتائج عدم قدرة الطلاب على الالتحاق بالعام الدراسي الجديد.
 
القرى الحدودية في شمال لبنان تعيش قلقا من «تعديات» الجيش السوري المتكررة عليها
مصدر في الجيش اللبناني لـ «الشرق الأوسط»: لا خلفيات لبعض الحوادث.. وحدودنا مع سوريا ليست جبهة
بيروت: يوسف دياب
دعا أمس السكان الذين يعيشون بالقرب من الحدود الشمالية للبنان مع سوريا، الجيش اللبناني لنشر مزيد من قواته في المنطقة لحمايتهم من نيران الجيش السوري، وذلك بعد يومين من إطلاق القوات السورية النار على بلدتي الكنيسة وحنيدر عند الحدود الشمالية للبنان مع سوريا، مما أدى لإصابة مدني من أبناء حنيدر بشظية قذيفة سورية سقطت قرب منزله.
وأعلنت مصادر متابعة للوضع على الحدود ميدانيا لـ«الشرق الأوسط»، أنه «منذ انطلاقة الانتفاضة الشعبية في سوريا، يعيش أبناء القرى والبلدات اللبنانية الشمالية المتاخمة للحدود السورية قلقا أمنيا يزداد يوما بعد يوم، بسبب التعديات التي يتعرض لها اللبنانيون من وقت لآخر من الجانب السوري، وآخرها اجتياز عدد من الجنود السوريين للحدود ودخولهم الأراضي اللبنانية، في بلدة المونسة في جبل أكروم، وإطلاق القذائف والأعيرة النارية على بلدتي الكنيسة وحنيدر، وهو ما لم يسلم منه أيضا الجيش اللبناني عندما أطلق جنود سوريون النار على دورية لبنانية أول من أمس، مما أدى إلى تعطيل آلية عسكرية. وقد برر السوريون إطلاق النار بأنه وقع عن طريق الخطأ، معتقدين أنهم (الجنود اللبنانيين) منشقون سوريون».
وردا على مطلب انتشار الجيش في تلك المنطقة، أكد مصدر في الجيش اللبناني لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجيش اللبناني موجود أساسا في هذه المنطقة بشكل كاف، منذ زمن، وقبل أن يطالبه أحد بذلك». وقال المصدر «الحدود الشمالية ليست جبهة، وهي ليست حدود لبنان مع إسرائيل، كل ما هو مطلوب من الجيش مراقبة الحدود والمحافظة على الأمن بشكل دائم ومنع عمليات التهريب في الاتجاهين لا أكثر ولا أقل». وردا على سؤال عما إذا كان الجيش اللبناني أجرى تحقيقا في الخرق السوري الأخير للحدود وحادثة إطلاق النار على دورية لبنانية، أجاب المصدر «بكل تأكيد جرى تحقيق، وأفادنا الجانب السوري بأن ما حصل كان مجرد خطأ ولا خلفيات له، وأن الجنود السوريين اشتبهوا في منشقين أو فارين، واعتذروا عما حصل وانتهى الأمر عند هذا الحد، ولا لزوم لتكبير الموضوع وإعطائه أكثر مما يستحق».
إلى ذلك، اعتبر كمال ضاهر، وهو بلدة النصوب اللبنانية الواقعة على الحدود مع سوريا، أن «عمليات إطلاق القذائف الصاروخية والرصاص من رشاشات حربية على البلدات اللبنانية، ليست عملا بريئا كما يدعي الجيش السوري، بل هي اعتداء متعمد ناتج عن حقد على هذه المنطقة التي تستقبل العائلات السورية النازحة قسرا بسبب عمليات القتل والنهب لبيوتهم وممتلكاتهم وأرزاقهم». وقال ضاهر لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لا يمكننا التنكر لحق الجيرة والروابط العائلية التي تجمع بيننا وبين الأسر النازحة من سوريا، فمعظم هؤلاء أقاربنا وأهلنا ونتقاسم وإياهم أفراحنا وأتراحنا منذ عشرات السنين». وسأل «كيف يريد منا الجيش السوري أن نتخلى عن هؤلاء في هذه المحنة؟.. وهل يعقل أن نترك النساء والأطفال يقتلون ولا نحتضنهم أو نحميهم؟ هذا أمر مستحيل، صحيح أننا لا نتدخل في السياسة، لكن هذا لا يحجب غضبنا حيال ما نشاهده يوميا بأم العين للشعب السوري الذي كل ذنبه أنه طالب بحقه في الحرية والحياة الكريمة وبإنسانيته».
وكانت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قد أعلنت في تقريرها الأسبوعي الذي أصدرته أمس، أن «عدد اللاجئين السوريين المسجلين في شمال لبنان زاد خلال الأسبوعين الماضيين من 2898 في نهاية أغسطس (آب) الماضي إلى 3580 بحلول الرابع عشر من سبتمبر (أيلول) الحالي». وقال التقرير «خلال الأسبوعين الماضيين وصل لاجئون جدد معظمهم من بلدتي هيت وتلكلخ في محافظة حمص السورية، حيث تندلع أعمال عنف في هاتين المنطقتين»، مشيرا إلى أن «السوريين الفارين يستخدمون المعبر القانوني مع لبنان نظرا لأن المعابر غير الرسمية تردد أنها تخضع لحراسة مكثفة من السلطات السورية، وأن بعض اللاجئين يعيشون الآن في مدارس حكومية بشمال لبنان».
 
«حي الميدان» في دمشق تحول إلى بؤرة للاحتجاجات السلمية في العاصمة
يشكل «كابوسا» للأجهزة الأمنية.. وسكانه يستمرون في التظاهر رغم قمع النظام
بيروت: «الشرق الأوسط»
اتسم حي الميدان، جنوب مدينة دمشق، بخصوصية في مشهد الانتفاضة السورية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد. في كل يوم جمعة، تتوجه أنظار الدمشقيين نحو الحي العريق بانتظار خروج المصلين من الجوامع والهتاف للحرية والكرامة وإسقاط النظام، لا سيما من جامع الحسن الذي يعد من أهم المساجد في العاصمة السورية، إضافة إلى جامع الدقاق والخانقية ومنجك، والتي تتسم كلها بطابع تراثي.
«الحي بات يشكل كابوسا بالنسبة لأجهزة الأمن السورية، إذ يتحول كل يوم جمعة إلى ثكنة عسكرية، تتوافد إليها باصات كبيرة تمتلئ بعناصر الأمن والشبيحة تتمركز عند أبواب الجوامع ومفارق الطرقات المؤدية إليها»، هكذا قال أحد الناشطين لـ«الشرق الأوسط». ويلفت إلى أنه «غالبا ما تبدأ الإجراءات الأمنية مساء الخميس، فتحضر بعض الدوريات وتمشط المنطقة بحذر».
وكان الكثير من مقاطع الفيديو نشر على مواقع المعارضة السورية، وهي تظهر اعتداء أجهزة الأمن و«الشبيحة» على المصلين الخارجين من جوامع الحي والمنادين بإسقاط نظام الأسد وتحقيق الديمقراطية في البلاد. ويقول الناشط السوري، إن «الأمن والشبيحة يستخدمون العصي الكهربائية والسكاكين، وغالبا ما يطلقون النار في الهواء لتخويف المتظاهرين، خصوصا أنه من السهولة بمكان محاصرة المتظاهرين في هذا الحي وملاحقتهم وضربهم واعتقال الكثير منهم».
ومع إصرار السوريين على الخروج في مظاهرات منددة بنظام بشار الأسد ومطالبة بإسقاطه، وبعد ما يزيد على ستة أشهر من القمع والتعذيب والتنكيل وإهانة الناس بأساليب وحشية، تحول الحي الذي يمتد على مسافة كيلومترين ونصف الكيلو متر إلى بؤرة للاحتجاج السلمي تستقطب أفرادا من أحياء دمشقية أخرى يرغبون في التعبير عن تضامنهم مع الثورة السورية ويتطلعون إلى تحقيق أهدافها.
يقول حسان، وهو شاب ثلاثيني لـ«الشرق الأوسط»: «كنت أرغب في التظاهر والتعبير عن رأيي المندد بهذا النظام القمعي الذي قتل الناس واعتقل الشباب وهجر الكثير من السوريين من بيوتهم». ويعرب عن رغبته الدائمة في المشاركة في مظاهرات الميدان بعد أن بات الحي بالنسبة لأهالي الشام مكانا ذا رمزية في ثورتهم ضد بشار الأسد.
ولم يتوقف أهل حي الميدان عن التظاهر منذ بداية الثورة السورية، على الرغم من أن الأمن يهاجم المتظاهرين فيه «بشكل وحشي»، على حد تعبير حسان الذي يضيف: «كنا نركض بطريقة جنونية حتى لا يتمكنوا من اعتقالنا، لكني شعرت لحظة وقفت مع المئات وصرخت (الشعب يريد إسقاط النظام) بشعور غريب تملكني للمرة الأولى، شعور أخبرني عنه صديقي فيما بعد بأنه الشعور بالحرية التي لم يعرفها السوريون يوما».
ويتوجه مراد، برفقة ابن خالته إلى الميدان للمشاركة في المظاهرات السلمية، ويروي عن تجربته لـ«الشرق الأوسط»: «لحظة وصولنا استوقفنا حاجز للأمن وطلبوا هوياتنا وحين وجدوا أن قيد نفوسنا في منطقة تلكلخ التي استباحت أجهزة الأمن مرات عدة، طلبوا منا الصعود إلى الباص الذي يمتلئ بالشباب المعتقلين». ويتابع: «لا أعرف كيف خطر ببالي أن أتحايل عليهم وأخبرهم بأنني أعمل لصالح مؤسسة اجتماعية تعود إدارتها لأسماء الأسد زوجة الرئيس، فما كان منهم إلا أن أفرجوا عنا أنا وابن خالتي، لكنني حتى اللحظة لا أستطيع أن أنسى مشهد المعتقلين في الباص، كان يدوسون على رؤوسهم بأحذيتهم، ويشتمونهم، كان المشهد قاسيا».
ويوضح مراقبون أن أهمية حي الميدان وإصرار أهله على التظاهر ضد نظام الأسد، تأتي بسبب وجود جامع الحسن في وسطه، والذي يتسع لأكثر من ثلاثة آلاف مصل، ويمتلك تاريخا طويلا في معارضة حكم عائلة الأسد. وكان شيخ يدعى حسن حبنكة بنى الجامع وسمي على اسمه، ولم يظهر معظم المشايخ الذين توالوا على المسجد ولاء صريحا للنظام الحاكم.
ويسرد عبد الرحمن حبنكة، ابن الشيخ حسن في كتاب أصدره بعد نفيه خارج البلاد، أن والده تصادم كثيرا مع الرئيس الراحل حافظ الأسد ولم يتمكن الأسد من إيذائه بسبب الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها داخل المجتمع الدمشقي المتدين، ليتوالى على الخطابة في المسجد فيما بعد الشيخ كامل الحافي والشيخ حسين خطاب والشيخ عبد القادر الأرناؤوط والشيخ محمد شقير والشيخ الدكتور مصطفى البغا والشيخ عمر حوري، وجميعهم سار على نهج الشيخ حبنكة في انتهاج الوسطية الدينية ورفض ممالأة نظام الحكم.
ولعل الشيخ محمد كريم راجح الذي يتولى الخطابة في مسجد الحسن هذه الفترة أبرز من جسد وفقا للمراقبين هذا النهج، حيث قدم استقالته لوزارة الأوقاف احتجاجا على ممارسات رجال الأمن بحق المتظاهرين، ليعود فيما بعد ويتراجع عنها تحت ضغط أهالي الميدان وحبهم له، لكن ذلك لم يمنعه من أن يوجه منذ قرابة الشهر تنبيها إلى الرئيس الأسد بأن «إجبار المعتقلين على السجود لصوره والتفوه بكلمات كفر هو لعب بالنار».
وكان حي الميدان، قد قصفه الفرنسيون مرتين في فترة الانتداب ودمر الكثير من معالمه، بسبب مقاومة أهله للاحتلال ومطالبتهم إياه بالخروج من أرضهم. ولعل واحد من العناصر التي تجعل الحي عصيا على أجهزة الأمن بما يخص إيقاف المظاهرات فيه هو الترابط الأسري والاجتماعي الذي يمتاز به أهالي الحي، وهو ما يجعل التجمع والخروج في مظاهرات أسهل بكثير من بقية المناطق.
 
وفد نيابي روسي يصل إلى دمشق للتوسط في حوار وطني.. شرط إنهاء العنف
رئيس المجلس الاتحادي: روسيا لا تقف لا مبالية إزاء ما يحصل للشعب السوري
لندن: «الشرق الأوسط»
وصل وفد نيابي روسي أمس إلى دمشق على أن يلتقي في وقت لاحق الرئيس السوري بشار الأسد وممثلين للمعارضة في محاولة لبدء عملية تفاوض، بحسب ما أفادت به وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) ووكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء. وقالت الوكالة السورية إن وفد المجلس الاتحادي الروسي وصل إلى دمشق في زيارة تستغرق أربعة أيام.
ونقلت الوكالة عن نائب رئيس المجلس الاتحادي الروسي ورئيس الوفد إيلياس أوماخانوف قوله «انطلاقا من السياسة المبدئية لروسيا الاتحادية التي تؤكد على عدم قبول التدخل في شؤون الدول الأخرى فنحن نؤكد استعدادنا للمشاركة والتعاون لدفع الحوار الوطني في سوريا والذي يجب أن يحدث في مناخ طبيعي دون عنف». وأضاف أن الزيارة «تتضمن برنامج عمل مكثفا ولقاءات متنوعة مع ممثلي مختلف الفعاليات السياسية والمستقلة والمعارضة للاطلاع على توجهات هذه القوى السياسية».
من جهتها، نقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية عن أوماخانوف قوله «روسيا لا تقف لا مبالية إزاء ما يحصل للشعب السوري، لذلك نريد إيجاد الطرق التي تحول دون تطور الأمور نحو الأسوأ». وأضاف البرلماني الروسي «ننوي التعرف على الوضع والقيام بمشاورات مع مختلف القوى السياسية»، من دون أن يوضح هوية هذه القوى.
ولا تزال روسيا تعارض صدور أي قرار عن مجلس الأمن يدين نظام بشار الأسد على قمعه العنيف للانتفاضة وتكتفي بدعوة النظام والمعارضة إلى ضبط النفس. لا بل أشارت روسيا إلى وجود «إرهابيين» ناشطين داخل المعارضة السورية ولا تجد ضرورة لممارسة «أي ضغط إضافي» على دمشق، وتطالب النظام في المقابل ببدء تطبيق إصلاحات.
 
الانتفاضة السورية أتمت شهرها السادس بـ2934 قتيلا
حمص تتفوق بعدد ضحاياها.. تليها درعا.. ورصد مقتل 148 طفلا واعتقال 9885 شخصا
بيروت: «الشرق الأوسط»
6 أشهر مضت على انطلاقة الثورة السورية، شهد خلالها الشعب السوري، المنتفض على نظام الرئيس بشار الأسد، الكثير من الممارسات القمعية على يد آلة القتل والقمع الرسمية التي ارتقت ممارساتها، وفقا لمنظمات حقوق الإنسان، إلى «جرائم ضد الإنسانية».
ووفق مركز توثيق الانتهاكات في سوريا، فإن حصيلة الحل الأمني الذي يعتمده النظام السوري منذ بدء الانتفاضة المطالبة بالحرية في 15 مارس (آذار) الماضي أسفرت حتى الآن عن سقوط 2934 قتيلا، منهم 2453 مدنيا و481 عسكريا، علما بأن هذه الأرقام ليست نهائية، خصوصا مع استمرار اكتشاف المقابر الجماعية واستمرار اختفاء آلاف المعتقلين المعرضين للتصفية في أقبية فروع الأمن السورية.
ويرصد مركز توثيق الانتهاكات في سوريا مقتل 148 طفلا سوريا خلال الأشهر الستة الماضية، بلغ عدد الإناث منهم 80 طفلة. ووفقا للإحصاءات المتوافرة، احتلت حمص المرتبة الأولى من حيث تسجيلها العدد الأكبر من الضحايا، مع مقتل 761 شخصا، مقابل 594 شخصا في درعا، و350 في حماه، و319 في إدلب، و243 في ريف دمشق، و182 في اللاذقية، و125 في دير الزور، و90 في دمشق، و44 في حلب، و28 في طرطوس، و10 في السويداء، و8 في الرقة، و7 في الحسكة و5 في القامشلي.
وبلغ عدد الذين قضوا تحت التعذيب، حتى هذه اللحظة، 108 قتلى توزعوا بشكل أساسي بين درعا وحمص وريف دمشق واللاذقية. وتقدر أعداد المعتقلين بعشرات الآلاف، وثَّق المركز أسماء 9885 منهم، من بينهم 107 معتقلات من الإناث ومئات الأطفال والفتية الذين لم يبلغوا سن الرشد بعدُ.
ويشير ناشطون إلى أن الأمن السوري لا يستخدم في عمليات القمع التي يمارسها ضد المظاهرات السلمية العصي الكهربائية والقنابل المسيلة للدموع، وإنما يطلق الرصاص الحي على المتظاهرين العزل، مما يخلف الكثير من الضحايا والجرحى.
وقد شهدت الثورة السورية ممارسات قمعية فاقت بوحشيتها ما شهدته ثورات البلدان الباقية؛ حيث صدم العالم بمشهد الطفل حمزة الخطيب الذي تعرض لتعذيب وحشي على يد الأمن السوري فسلخ جلده وقطع عضوه الذكري، إضافة إلى المغني الشعبي إبراهيم قاشوش الذي اقتلع رجال الأمن حنجرته ردا على ترداده أغاني تطالب الأسد بالرحيل، والاعتداء الوحشي على رسام الكاريكاتير علي فرزات وتكسير أصابعه.
كان مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، قد أبلغ «الشرق الأوسط» بوجود معلومات حول ممارسات خطيرة ضد المتظاهرين السلميين، لكن يتم التحفظ على إعلانها حفاظا على الوحدة الوطنية.
وتمنع السلطات السورية كل منظمات حقوق الإنسان، منذ فترة طويلة، من ممارسة نشاطها داخل سوريا والحصول على تراخيص قانونية للعمل بالحرية.
وازدادت، منذ اندلاع الانتفاضة السورية، عمليات الاعتقال والملاحقة والتصفية بحق ناشطين حقوقيين يسعون إلى توثيق الانتهاكات والممارسات القمعية التي تمارَس بحق المتظاهرين السلميين.
ويعتمد الناشطون السوريون، بسبب الحصار الذي يفرضه النظام السوري على المعلومات، على وسائل التكنولوجيا الحديثة لتوثيق جرائم النظام السوري وأعماله الوحشية؛ حيث يتم نشر فيديوهات عبر موقع «يوتيوب» تبين حجم الانتهاكات التي تمارَس بحق المحتجين المطالبين بالحرية.
وبحسب تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأميركية حول حقوق الإنسان لسنة 2004، تتمتع سوريا بسجل سيئ في مجال حقوق الإنسان؛ فحالة الطوارئ معلنة منذ سنة 1963. ويواصل جهاز الأمن (المخابرات) ارتكاب خروقات خطيرة لحقوق الإنسان، منها: الاعتقال التعسفي والتعذيب والاعتقال والاحتجاز لمدد طويلة من دون توجيه تهم أو محاكمة، ومحاكمات ظالمة تشرف عليها أجهزة أمن الدولة وغياب النزاهة والخصوصية. كما تشير تقارير أخرى إلى انتشار الفساد داخل الشرطة وقوى الأمن، وسوء أوضاع السجون التي لا ترقى إلى المعايير الدولية.
 
خدام ينفي اتهامه بتقديم المال والسلاح للضابط المنشق هرموش
منشق عن الأمن السوري: هرموش وقع في مصيدة بعض الخونة
بروكسل: عبد الله مصطفى بيروت: يوسف دياب
نفى عبد الحليم خدام، النائب السابق للرئيس السوري، ما أوردته مصادر إعلامية سوريا رسمية عن اتهامه بأنه عرض على الضابط المنشق حسين هرموش تمويله بالمال أو السلاح، وأقر خدام في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه أجرى بالفعل اتصالا بهرموش بناء على طلب الأخير، ولكنه أكد أنه لم يتحدث معه في أي أمور تتعلق بالتمويل أو السلاح أو غير ذلك، مشيرا إلى أن «عمليات الانشقاق بالشكل الذي صارت عليه ليست مدروسة».
وقال خدام إن «أحد الأشخاص المقربين أبلغني أن الضابط هرموش يريد التحدث معي، وأعطاني رقمه، وبالفعل اتصلت به، وحتى الاعترافات التي أذاعها التلفزيون السوري لم يذكر فيها أنني تحدثت معه في هذه المواضيع، وليس صحيحا على الإطلاق لا من قريب ولا من بعيد أني عرضت عليه تمويله بالمال أو السلاح، فأنا لا أمول أحدا، وليس عندي ما أمول به آخرين، وإنما النظام السوري الذي أراد الترويج لهذا، فهو لا يستحي من كثرة الكذب».
وأضاف: «وآخر الأشياء التي قالوها كذبا أيضا أنني أرسلت أسلحة إلى بانياس، وأنا أتساءل؛ هل هذه الأسلحة عبارة عن علبة كبريت يمكن لشخص أن يخفيها في جيبه ويدخل بها؟ النظام السوري وقواته يسيطرون على الجو والبحر والأرض، وأنا هنا أقيم في باريس لا أستطيع أن أقوم بمثل هذه الأعمال، وليس لي أي علاقة بمثل هذه الأمور».
وبث التلفزيون السوري مساء الخميس الماضي «اعترافات» المقدم حسين هرموش الذي عاد إلى سوريا في ظروف لا يزال يكتنفها الغموض، بعد انشقاقه عن الجيش في يونيو (حزيران) الماضي. وقالت مصادر في المعارضة السورية إنه تعرض على ما يبدو للخطف في تركيا، وأعيد بالقوة إلى بلاده، ولكن هذه المقابلة التلفزيونية قال فيها حسين هرموش إنه قرر «العودة» إلى سوريا تلقائيا. ونفت تركيا أن تكون قد سلمت هرموش للقوات السورية من دون أن تفصح عن طريقة وصوله إلى أيدي السلطات السورية.
إلى ذلك، قال أحد المنشقين عن جهاز الأمن السوري، قال إنه المساعد أول أبو علي حسن، إن «الوضع الميداني على الأراضي السورية يسير من سيئ إلى أسوأ، لجهة سقوط المزيد من الضحايا وارتفاع عدد المعتقلين والمعذبين، لكن الثورة تسير بخطى ثابتة نحو أهدافها». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الثوار في سوريا، ومنذ الأيام الأولى للانتفاضة، كانوا مدركين أن الوضع في سوريا لن يكون مشابها لما حصل في مصر أو تونس، وهم أعدوا أنفسهم لنضال قد يستغرق سنوات، وهم مستعدون لتقديم مئات آلاف الشهداء، لأنهم يعرفون أنهم دخلوا في مواجهة محرمة بالنسبة لنظام مجرم باع شعبه منذ عقود من أجل بقائه في السلطة، ولذلك هو (النظام) لا يخجل من العالم كله بشان المجازر التي يرتكبها يوميا بحق العزل من أبناء شعبه». وأضاف المنشق أبو علي، الذي قال إنه من مدينة حمص ويقيم حاليا في بلدة سورية قريبة جدا من لبنان، ليكون على تواصل دائم مع عائلته اللاجئة إلى شمال لبنان: «منذ البداية لم نكن نراهن على أي دعم خارجي، وليس لنا إلا الله، فبالأمس (أول من أمس) وفي جمعة (ماضون حتى إسقاط النظام) سقط 62 شهيدا سوريا وليس 47 كما تداولت وسائل الإعلام، وباعتقادي ستتفاعل التحركات الشعبية من الآن وصاعدا بشكل كبير، خصوصا بعد اعتقال العقيد المنشق حسين هرموش».
وقال إن هرموش كان «جريئا أكثر من اللزوم، وتحركاته المتواصلة وحماسته وتنقلاته بين الأراضي السورية لتفقد أهله ورفاقه، وبين تركيا للاهتمام بالسوريين المقيمين بالمخيمات، أوقعته في كمين أو مصيدة نصبها له بعض الخونة».
 
وزير الخارجية اللبناني: لن نسير بقرار يدين سوريا في مجلس الأمن
بيروت: «الشرق الأوسط»
أكد وزير الخارجية اللبناني عدنان منصور أن «لبنان لن يسير بقرار يدين سوريا في مجلس الأمن»، مشيرا إلى أنه «حتى روسيا لن ترضى بقرار ضد سوريا في الشكل الذي يريده الغرب». ورأى منصور أن «الوضع الأمني اليوم في سوريا أفضل مما كان عليه منذ خمسة أشهر».
وقال منصور في تصريح له «إن لبنان سيستثمر ترؤّسه لمجلس الأمن دبلوماسيا»، مشددا على أن «الحكومة لن تتنصل من القرارات الدولية، فعلى الرغم من الأصوات غير المعترفة بالمحكمة الدولية لا بد من أن يكون هناك قرار في الحكومة، لكن ملف المحكمة لن يفجّر الحكومة». وأشار إلى أن «التعيينات في وزارة الخارجية ستتم من خارج الملاك فقط في المراكز الشاغرة لطوائف معينة، في حين أن التعيينات والترفيعات الدبلوماسية ستكون في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، والعمل جار على إشغال المراكز الشاغرة».
 
الحكومة السورية تدفع المحتجين للعنف.. ومسؤول أميركي يقدر عدد العسكريين المنشقين بـ 10 آلاف
ناشط في دمشق: اعتقلوا المتظاهر حامل الراية والذي اشترى القماش وكاتب الشعار وبعض أقاربهم وأصدقائهم
بيروت: أنتوني شديد*
أخذت الانتفاضة السورية توجها أكثر عنفا في مناطق البلاد الأكثر اضطرابا، مما قد يكون إشارة إلى بدء صراع مسلح طويل الأجل، بعد 6 أشهر من الاحتجاجات، السلمية إلى حد كبير، في مواجهة حملة قمع حكومية شرسة، وفقا لما يقول دبلوماسيون وناشطون ومسؤولون.
وتفيد التقارير بتصاعد حدة الاشتباكات في حمص، وفي ضواحي العاصمة دمشق، وفي منطقة حوران الجنوبية، وعلى الحدود بالقرب من تركيا. كما تحدث مسؤولون ودبلوماسيون عن نصب 3 كمائن لمركبات عسكرية - حافلتين وسيارة جيب - في حمص، التي قتل فيها ما لا يقل عن 5 جنود. وأفاد ناشطون بوقوع اشتباكات أخرى بين جنود وفارين في مناطق عدة من سوريا.
وعلى الرغم من أن درجة العنف لا تزال غير واضحة، فإن الديناميكيات المتغيرة تؤكد الحقيقة التي أصبحت واقعة، وهي أن سوريا قد باتت في مأزق لا فكاك منه؛ فكلما طال أمد بقاء الرئيس بشار الأسد في السلطة أصبحت البلاد أكثر عنفا، حتى لو لم يكن أحد يعلم ما الذي سيحدث إذا تمت الإطاحة به من السلطة. وربما يخدم لجوء المعارضة للسلاح، نتيجة لما تشعر به من إحباط، مصالح الحكومة، من خلال تأكيد صحة زعمها، المشبوه بخلاف ذلك، أنها تواجه تمردا مسلحا، ممولا من الخارج، وتقوده مجموعة من أكثر الإسلاميين تشددا.
ويقول بيتر هارلينغ، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية، الذي يسافر إلى سوريا كثيرا: «إنه ببساطة فخ سيقع فيه المحتجون».
وقد شهدت البلاد، كما حدث في أيام الجمع الماضية، موجة من أعمال العنف؛ حيث سعت قوات الأمن إلى قمع الاحتجاجات التي فقدت، حسب الكثير من التحليلات، الكثير من زخمها في الأسابيع الأخيرة. وقد قتل ما لا يقل عن 44 شخصا، واستمرت الهجمات العسكرية، بالدبابات والعربات المدرعة، حول مدينة حماه، وشمال غربي سوريا، وهي منطقة وعرة بالقرب من الحدود التركية. وزاد القتلى الجدد لتصبح أسوأ حصيلة قتلى في المنطقة؛ حيث قتل أكثر من 2600 شخص على أيدي القوات الحكومية، وفقا لإحصاء الأمم المتحدة، واعتقل ما يقدر بعشرات الآلاف من الأشخاص منذ بدء الانتفاضة.
ومعرفة ما يحدث في سوريا أمر بالغ الصعوبة؛ حيث تمنع الحكومة معظم الصحافيين من الدخول، لكن النشطاء يقولون إن الأسابيع القليلة الماضية شهدت وقوع اشتباكات مسلحة أيضا مرتين في مدينة حرستا، قرب دمشق، بين جنود حكوميين وجنود منشقين. وقال مسؤول في الإدارة الأميركية، طلب عدم ذكر اسمه: إن المتمردين المسلحين ما زالوا يمارسون نشاطهم في إدلب، شمال غربي البلاد، ويعتقد الدبلوماسيون أن اشتباكات متفرقة قد اندلعت أيضا في درعا، المدينة الجنوبية التي بدأت منها الانتفاضة، ودير الزور، وهي منطقة شرقية تربطها العشائر الموسعة، والرستن، وهي مدينة واقعة بين حمص وحماه، وضواحي دمشق، التي لا تزال من أكثر المناطق السورية اضطرابا. ويسود الاعتقاد أن سكان مدينة حمص، على وجه الخصوص، قد يبدأون في التسلح.
ولا توجد تقديرات دقيقة لأعداد المتظاهرين الذين حملوا السلاح. وفي الحقيقة، وعلى الرغم مما يبدو أنه مبالغات حكومية، فإن عدة هجمات قد وقعت منذ بدء الانتفاضة، خاصة في البادية الفقيرة المنكوبة بالجفاف، في الجنوب. لكن المسؤول الأميركي قال إن البعد العسكري للانتفاضة قد نما بشكل ملحوظ في الأيام الأخيرة.
وقال المسؤول، الموجود في واشنطن: «نحن نشهد بالفعل بداية هذا الأمر، وكلما امتدت فترة الصراع سيزداد الأمر سوءا. وهو تطور مقلق للغاية». وأضاف: «لن أذهب إلى حد القول إن ما يحدث الآن هو نقطة تحول، لكنني أشعر وكأننا نشهد بداية هذا التحول».
ويبدو العنف أكثر وضوحا في حمص؛ حيث يقول نشطاء إن المتظاهرين أفضل تنظيما هناك.
وقال المسؤول الأميركي، في معرض حديثه عن حمص: «كل ما نعرفه هو أن المعارك هناك ضارية، بشكل واضح جدا، بين طرفين مسلحين. ونحن لا نريد لحمص أن تصبح هي السيناريو المحتمل لبقية أنحاء سوريا، فلو أنها أصبحت كذلك، فقد يسقط كل شيء فعلا في حالة من الفوضى».
وقد أفاد ناشطون بحدوث انشقاقات منذ بدء الانتفاضة، على الرغم من أن القوات العسكرية والأمنية ظلت متماسكة إلى حد كبير. وقدر المسؤول عدد الانشقاقات بنحو 10 آلاف حالة، وقال إن بضع مئات منهم قد اندمجوا في مجموعتين، متنافستين على ما يبدو، وهما: الجيش السوري الحر، وحركة الضباط الأحرار.
وقد أظهرت الاحتجاجات، منذ اندلاعها في منتصف شهر مارس (آذار)، مرونة ملحوظة، على الرغم من نوبات القمع، التي تعد من بين النوبات الأكثر شراسة في المنطقة. لكن هناك شعورا باليأس في هذه الأيام؛ حيث تأتي وتذهب اللحظات التي تبدو حاسمة، ويتضح للبعض ما يبدو أنه حدود للاحتجاجات السلمية.
وقال إياد شارباجي، أحد الناشطين في دمشق: «المحتجون يقولون للسلطات إن لديهم صبر أيوب. وهم لديهم إيمان، ويعتقدون أن الاحتجاجات إذا توقفت، سيكون هناك انتقام وعمليات قتل لن ينجو منها أحد». وأضاف: «هذا هو السبب الذي يجعل الناس يصرون على الاستمرار حتى النهاية».
لكن لؤي حسين، وهو شخصية معارضة بارزة، أوضح بما لا يدع مجالا للشك الجانب الذي سيختاره إذا خُيِّر بين احتمال نشوب حرب أهلية أو عقد اتفاق مع الحكومة؛ حيث قال حسين: «إذا كان علينا أن نختار بين أسوأ الشرَّين، فإننا سوف نختار المصالحة مع الرئيس. وسوف نتصالح ونغفر إذا كان ذلك هو ما يتعين علينا القيام به لحماية البلاد من الحروب الأهلية والانقسام».
وقد يحدث التحول للعنف بعد ما يعتقد النشطاء والدبلوماسيون والمحللون أنه حملة قمع جديدة مكثفة، تركز فيها قوات الأمن، على نحو أفضل، على زعماء الناشطين. ففي بلدة داريا، قرب دمشق، تم اعتقال قيادة الحركة الاحتجاجية بالكامل - الذين لا يقل عددهم عن 20 شخصا – وتم قتل واحد منهم. وفي دوما، وهي بلدة أخرى قرب العاصمة المضطربة، تمت إقامة 5 نقاط تفتيش على طول الطريق يوم الجمعة، وكان عملاء المخابرات في هذه النقاط يحملون قوائم بالنشطاء الذين كانوا يحاولون اعتقالهم.
وروى شهرباجي، الناشط الموجود في دمشق، أنه تم اعتقال ناشط يحمل راية، وبعد ذلك تم اعتقال 16 آخرين، منهم الشخص الذي اشترى النسيج، والشخص الذي كتب الشعار، وبعض أقاربهم وأصدقائهم. ووصف المسؤول الأميركي هذا التكتيك بقوله: «إلقاء القبض عليهم، ثم احتجازهم، ثم قتلهم في بعض الحالات». واقترح هارلينغ أن يكون الهدف من وراء استراتيجية الحكومة هو جعل الاحتجاج عملية شديدة الخطورة. وقال: «بكل بساطة، يعمل النظام على رفع تكاليف المظاهرات السلمية لإجبار المتظاهرين على الكف عن التظاهر، وفي هذه الحالة تكون الحكومة قد فازت، أو اللجوء إلى السلاح، وفي هذه الحالة يمكن للحكومة أن تثبت صحة روايتها عن وجود تمرد مسلح، ومن المرجح أن تفوز أيضا».
 
* خدمة «نيويورك تايمز»

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,178,380

عدد الزوار: 7,622,833

المتواجدون الآن: 0