نمط يختلف عن الذي تخافه الولايات المتحدة.. الثورة الليبية تفرز هجيناً جديداً اسمه "إسلامي صديق للغرب"

مشاكل الليبيّين بعد القذافي... من أين نبدأ ؟

تاريخ الإضافة الإثنين 19 أيلول 2011 - 5:01 ص    عدد الزيارات 3091    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

تحديات بالجملة على رأسها العلمنة والأسلمة والأمن والإرهاب وإعادة الأعمار
مشاكل الليبيّين بعد القذافي... من أين نبدأ ؟
إسماعيل دبارة من تونس
تطوي ليبيا صفحة معمر القذافي بكثير من الدماء والتضحيات والألم، لكن بكثير من التفاؤل بالمستقبل. ليبيا التي تخلصت من حكم (عقيدها) تجابه اليوم مشاكل قد يعجز أهل البلد أنفسهم عن حصرها، ولعلّ أبرز التحديات فرض الأمن وإعادة الإعمار ومحاكمة القذافي وتجنب الانتقام وبناء دولة القانون والمؤسسات.
القذافي ولّى وليبيا حرّة
طرابلس: حيثما ولى الليبيون وجوههم، إلا واعترضتهم التحديات التي تجابه شعبا تخلّص للتوّ من حكم ديكتاتور جثم على البلاد والعباد لأكثر من 4 عقود.
وفي الوقت الذي يخوض فيه الثوار آخر معاركهم ضدّ فلول كتائب القذافي في بني وليد وسرت وبعض المناطق التي ترفض الخضوع للأمر الواقع، يفكّر الليبيون ساسة ومواطنين في مصير العشرات من الملفات التي تنتظر الحلّ.
من أين نبدأ ؟ هل بتحدي فرض الأمن وسحب السلاح ممّن يرفعه؟ أم من احتدام الخلاف بين الليبراليين والإسلاميين وما قد يخلفه من مخاطر على استقرار البلد؟ أم من معضلة إعادة إعمار البلد الذي خربته حرب ضروس ؟
ليس هذا فحسب، فقضايا الانتقام ومحاكمة القذافي وأركان حكمه، ملف لا يقل أهمية لدى كثيرين من بقية الملفات، في حين يلوح آخرون بملف "أحمر" يتضمن تحذيرات تحول ليبيا إلى بلد مفرّخ للإرهاب.
فرض الأمن وجمع السلاح
يواجه المجلس الانتقالي الليبي تحديات مختلفة لفرض الأمن وبسط نفوذه على كافة أنحاء البلد المترامي الأطراف، وإعادة الثقة للمواطن العاديّ، فالسيطرة على ما تبقى من مناطق خاضعة لفلول القذافي، وجمع السلاح المنتشر في كل مكان، وبسط السيطرة على الحدود والمنافذ أمر لا يحتمل التأجيل برأي كثيرين.
ورغم أنّ المجلس الانتقالي الذي يترأسه مصطفى عبد الجليل قلل من أهمية موضوع جمع السلاح، فإنّ الملف يستحقّ الوقوف والتأمل، إذ أنّ انتشار السلاح قد يعيق عدة مهام لفرض هيبة الدولة والانطلاق في عملية الإعمار والتنمية.
رئيس اللجنة السياسية بالمجلس الانتقالي فتحي البعجة قال في تصريح صحافي سابق انه لا خطة لدى المجلس في الوقت الحالي لجمع السلاح الخفيف من المدن في ليبي ، وأكد أنّ المجلس لم يطرح خطة لجمع السلاح من المدن مشيرا إلى أن "هذه المسألة ستأتي فيما بعد، وهي لا تهمنا ولا نخاف منها ".
يقول المحلل السياسي الليبي طارق القزيري لـ(إيلاف) في هذا الصدد: من المرجح بالنسبة لي ألا يكون موضوع جمع السلاح من مشمولات المجلس الانتقالي، فهو من المفترض أن ينتهي عمله بعد ثمانية أشهر من "إعلان التحرير"، وهذه الفترة لن يتوفر فيها عاملان مهمان، وهما إقرار شرعية حمل السلاح الشخصي وتقنينه، وكذلك سيولة مادية تسمح بالتعويض في حالة رغبة سحب السلاح وأغراء الناس على بيع سلاحهم كوسيلة وحيدة لنزعه، وبالتالي فهي مهمة مؤجلة للحكومة القادمة ما بعد الفترة الانتقالية، وهناك يمكن الحكم على مستوى تعقيد العملية وفقا للظروف آنذاك".
محاكمة القذافي
محاكمة عادلة للعقيد الهارب قد تكون مقدمة لمصالحة من نوع ما بين الليبيين
محاكمة العقيد الهارب تحمل أكثر من بعد في ليبيا، فهي بالنسبة لكثيرين تتويج لمسار تحرري ثوريّ أو ما يشبه (مسك ختام الثورة) تنتهي بجزاء يستحقه المستبدّ مع توفير شروط المحاكمة العادلة، في حين ينظر إليها البعض كـ"مخلص" للبلاد من عمليات الانتقام التي انتشرت مؤخرا بحسب عدد من التقارير الإعلامية.
إذ من المرجح أن يوقف مثول القذافي أمام المحاكم الليبية او الدولية "نزيف الانتقام" ويدفع نحو مصالحة من نوع ما.
الأفاق القانونية لمحاكمة معمر القذافي تبدو ضبابية للغاية، خصوصا فيما يتعلق بالاختصاص القضائي الذي يمكّن من محاكمته.
 قادة المجلس الوطني الانتقالي يصرون على أنّ من واجبات الحكومة المقبلة محاكمة القذافي عن الجرائم التي ارتكبتها ضد الشعب الليبي، وفي الوقت نفسه فان القذافي واحد أبنائه ورئيس مخابراته العسكرية السابق مطلوبون لدى المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي في جرائم مفترضة ضد الإنسانية.
يقول بعض أعضاء في الكونجرس الاميركيّ إنهم يريدون محاكمة القذافي في الولايات المتحدة عن تهم تتعلق بتفجير الرحلة 103 للطائرة التابعة لشركة (بان أميركان) والتي قتل فيه 270 شخصا والهجوم عام 1986 على مرقص في برلين لقي فيه جنديان أمريكيان حتفهما.
ومن المرجّح جدا أن تظهر أيضا مزاعم بريطانية وفرنسية وألمانية جديدة ضد القذافي في حين قد تقفز تشاد المجاورة وأعداء الماضي الآخرون إلى حلبة المطالبين بالقصاص من القذافي.
ويرى محللون انه من المحتمل أن" تحدد السياسة" وليس القانون الدولي مكان محاكمة القذافي.
الإعلاميّ والمحلل السياسي طارق القزيري
"تسليمه للمحكمة الدولية أفضل من متابعته داخليا"، هذا ما يخلص إليه الإعلاميّ والمحلل السياسي طارق القزيري، ويضيف لـ(إيلاف): "هناك مسؤولية أخلاقية لليبيين، بدعم المحكمة التي قدمت لقضيتهم والثورة بعدا جديدا ومهما، وتسليم القذافي سيعزز دور هذه المحكمة عالميا بالتأكيد.
ثم إن النظام القضائي الليبي سيعاني من عدم توازن لفترة ما، ما يتيح الطعن أو التنقيص من قيمة العدالة في إحكامه بخصوص طاغية من نوعية القذافي، وقصة صدام حسين مثال واضح بالصدد، لكن الأمر سيخضع لأمور كثيرة منها اعتقال القذافي فعلا، ثم موقع الحكومة آنذاك سياسيا وقدرتها على الحسم في مثل هذه القضايا ذات العمق في الرأي العام".
هل تتحوّل ليبيا إلى بؤرة للإرهاب؟
لا ينكر المتابعون أن ليبيا شهدت "أحداثا مقلقة" تجعلهم يحذرون من إمكانية بروز خطر الإرهاب كعامل مُجهض لمسار الثورة التي أطاحت بالعقيد.
 تم نهب مستودعات كبيرة للسلاح، والجهة التي حصلت على ذلك السلاح لازالت غير معروفة، كما تم ملاحظة توجه قوافل ذات طابع عسكري من الأراضي الليبية باتجاه الدول المجاورة مثل النيجر والجزائر وغيرهما.
 فالاحتمالات إذن بوقوع الأسلحة المسروقة في أيدي الفرع المحلي لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي تبدو قائمة ومبررة.
رغم التكتم... التناقضات المجتمعية في ليبيا لم تعد خافية عن المتابع
وهذا ما يؤكده طارق القزيري بالقول: "الخوف من تحول ليبيا إلى مأوى إرهابي مبرر جدا، ولكن المقلق هو توقع بروز هؤلاء من صفوف من يدعمون المجلس الانتقالي، اعتقد إن هذا يهمل التطورات على الأرض أولا، ثم إنه يتجاهل إمكانات القذافي ومجال مناورته في الظروف الحالية.
هزيمة قوات القذافي، وعلاقاته السابقة بدول الصحراء، كحركات انفصال ومتمردين، تمهد له الطريق لاستثمار المنطقة والتحالف مع القاعدة وغيرها، خاصة انه الآن يستثمر في مناطق معينة لصنع شرخ اجتماعي بين المجلس وباقي الجيوب ذات الطبيعة الاجتماعية المميزة، ليمكنه اللعب لفترة طويلة على التناقضات بين المجلس والمناطق التي تحررت بالقوة في هذه الآونة، وهو أمر يعود لطريقة معالجة المجلس وتعامله مع وضعية مدن بني وليد وسرت وسبها بعد تحريرها، وقدرته على دمجها في سياق تنموي ومساواتي واضح يشعر به سكان تلك المناطق بوضوح وبسرعة أيضا. لمنع الطريق أمام تفعيل تحالفات القذافي الإقليمية من لعب دورها في التناقضات الممكنة داخليا.
ومن المهم هنا الإشارة إلى أنّ التناقضات الاجتماعية برزت في ليبيا إلى درجة مقلقة، ويبدي العديد من المحللين والخبراء بالشأن الداخلي أن التناحر والثأر القبلي والمناطقي سيكونان أخطر التحديات التي ستواجه حكام ليبيا الجدد.
وتقول تقارير إعلامية إنّ عددا هاما من سكان العاصمة طرابلس باتوا يتحدثون اليوم عن احتلال "مصراتي" و"امازيغي" و"زنتاني" لمدينتهم، مما جعل المجلس الوطني الانتقالي يطلب من الثوار القادمين من خارج طرابلس العودة إلى مناطقهم، غير أن دعوته هذه لم تجد صدى لدى ثوار مصراتة والجبل الغربي.
وتشكو الخارطة الاجتماعية لليبيا من خلل واضح في العلاقات بين القبائل والمناطق، وما يزيد من تعقد الأمر ان القبائل العربية البدوية ترفض الخضوع للأمازيغ من أبناء الجبل الغربي ولذوي الجذور الشركسية من أهالي مصراتة.
ويتحدث البعض عن وجود خلافات ثقافية راسخة بين إقليمي برقة وطرابلس. أما سكان إقليم فزان الجنوبي فلا يخفون امتعاضهم من نظرة سكان الشمال وخاصة في المنطقة الشرقية.
ليبراليون ... إسلاميون
كما كان متوقعا، الصراع "التاريخي" بين الأصوليين والليبراليين الذي ظل خافيا خلال الأشهر الأولى للثورة على نظام العقيد الليبي معمر القذافي، طفا إلى السطح مؤخرا.
ونشب الصراع بين قيادات الثوار في ليبيا بما يعكس التنافس على السلطة وأيضا التحدي الجديد الذي ستواجهه أية حكومة مؤقتة جديدة في مسعاها لتوحيد المشهد السياسي المشتت.
الأصوليون في ليبيا: إننا قادمون !
وهاجم الشيخ علي الصلابي الأب الروحي للإسلاميين في ليبيا، وعضو الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين بزعامة يوسف القرضاوي أعضاء المجلس التنفيذي، واتهم بعضهم بالسعي إلى سرقة أموال الشعب الليبي، وطالب الصلابي رئيس المجلس محمود جبريل بالاستقالة و"ترك الليبيين والقوى الوطنية الحقيقية ليبنوا مستقبل بلادهم".
كما هاجم رموز الليبرالية العلمانية مثل محمود شمام المكلف بالإعلام وعلي الترهوني المكلف بملف النفط والمال وعبد الرحمن شلقم مستشار رئيس المجلس، واتهمهم باحتكار القرار المتعلق بالقطاعات المالية والصحية والخدماتية الأخرى.
ولعل المظاهرات غير المألوفة في السياق الليبي والتي شارك فيها بعض مئات من الليبراليين في مدينة طرابلس ضد تصريحات الشيخ الصلابي، تعكس حجم الانقسام الكبير بين التيارين واحتمالات تحوله إلى صدامات تهدد استقرار البلد في المرحلة الانتقالية.
يقلل المحلّل السياسي طارق القزيري من أهمية هذا الصراع الإيديولوجي ويعطيه منحى سياسيا بالقول: " ما يجب ملاحظته بخصوص الصراع بين الإسلاميين في ليبيا انه استنساخ سطحي للخلاف المعروف في دول أخرى، فهو صراع تقاسم سلطة أكثر منه أجندات مختلفة، فلا هؤلاء ولا هؤلاء، ينتمون لتيارات عميقة تملك إرثا تنظيريا محليا، بل في الجانب الليبرالي هم – غالبا - نخبة أكاديمية تكنوقراط، ليسوا من ذوي التنظير الفكري ولا التأطير السياسي سابقا.
والإسلاميون أيضا لا يملكون قدرات فكرية مميزة، وهم إما مقاتلون سابقون، أو شيوخ فقه عام وليسوا ذوي حمولات فكرية مثلما نعرف عن قادة ورموز الإسلاميين في تونس ومصر والمغرب مثلا ... فأنت لا تجد مكتبة إسلامية معاصرة في ليبيا على سبيل المثال.، ولذا اعتقد أن التوافق بينهما ممكن جدا، لأنه توافق سياسي، ودرجة الاستقطاب اقل بكثير من غيره، الخلاف الإيديولوجي في ليبيا ظاهرة سطحية، وتناقض صوتي خطابي، سيذوب جليده بالتوصل لتسوية سياسية بين قيادات هذا الخلاف.. وهو أمر ممكن لأنهم براغماتيين جدا كما يبدو".
النفط ...والطريق الطويل نحو الإعمار
يبدو الاقتصاد الليبيّ هشا للغاية مع اعتماده بصفة شبه كلية على النفط وإيراداته، لكن وضع ليبيا ما بعد القذافي اقتصاديا، قد يكون أفضل حالا من تونس ومصر وغيرها من البلدان.
تمتلك ليبيا أكبر الاحتياطيات من البترول الخفيف في القارة الأفريقية‏، وتستحوذ علي أصول خارجية تتجاوز قيمتها ‏170‏ مليار دولار‏، أي ما يمثل110% من قيمة الناتج المحلي الإجمالي، استنادا إلى تقارير، ولا تبدو ليبيا مثقلة بالديون، ثم إنّ كثافتها السكانية المحدودة- ستة ملايين نسمة- تجعل عملية توزيع الثروة بين أفراد المجتمع غير معقدة.
كما أنّ حكومات العالم خصوصا الغربيّ تسعي لكسب ودّ حكام البلد الجدد، فالفرص الاستثمارية البكر متوفرة وهو ما يجعل البلد في وضع قوي يمكنه من اختيار الأفضل بين العروض المتنافسة التي ستتوالى قريبا.
مشاريع إعادة الإعمار في ليبيا ما بعد القذافي تسيل لعاب المهتمّين
ومن التحديات التي تجابه قطاع النفط في ليبيا، إعادة الصادرات البترولية إلى معدلاتها قبل الثورة، وبناء هياكل وبنية أساسية تستجيب لاحتياجات المواطن في مواقع انتشاره المترامي جغرافيا وليس للنخبة الحاكمة كما كان سائدا في "العهد القذافي" وسرعة إعمار المناطق المتضررة في مصراتة والجبل الغربي، وغيرها من المناطق المُفقّرة، والنظر في بدائل أخرى لتوظيف الفوائض البترولية بدلا من استثمارها في صناديق تحوط أهدرت الأموال في رسوم باهظة وخسائر فادحة.
علاوة على البحث عن صيغ جديدة لإعادة توزيع الدخل بما يحقق العدالة والإنصاف للمواطن الليبي بغض النظر عن هويته القبلية أو معتقداته السياسية.
أما بخصوص الأموال الليبية في الخارج، فإن عودتها تتطلب وقتا وإجراءات قانونية معقدة للغاية، وإلى حين تحقّق ذلك، سيحتاج الحكام الانتقاليون إلى أموال كثيرة لإعادة خدمات المياه والكهرباء والاتصالات وإعادة بناء المنازل المهدمة والطرق والمرافق الأساسية والمستشفيات والمدارس والمؤسسات الخدمية، وهو أمر سيستغرق وقتا طويلا وبالتالي قد تضطر ليبيا إلى اللجوء إلى الاستدانة من مؤسسات دولية وإقليمية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبنك التنمية الإفريقي وهو ما يجب أن يسبقه اعتراف كل الدول الأعضاء في هذه المنظمات بالنظام الجديد، الأمر الذي لا يبدو متاحا في الوقت الحالي مع تحفظ عدد من الدول على الاعتراف بالحكام الجدد.
 
نمط يختلف عن الذي تخافه الولايات المتحدة.. الثورة الليبية تفرز هجيناً جديداً اسمه "إسلامي صديق للغرب"
عبد الاله مجيد من لندن
بعد اعلان رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل ان الاسلام سيكون مصدر التشريع الاساسي في ليبيا، يرى كثيرون ان تركة القذافي وتدخُّل حلف شمال الأطلسي الى جانب الثوار مهدا الطريق لنمط من التوجه الاسلامي يختلف عن الشكل الذي تخافه واشنطن، بحيث يأخذ الناس موقفا وديا تجاه الغرب.
اعلن رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل ان الاسلام سيكون وسطياً رافضا لطغيان اي ايديولوجيا متطرفة
لندن: حين وصل مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي الى طرابلس ألقى خطابا على اهلها اعلن فيه ان الثورة تسعى الى اقامة دولة القانون التي سيكون الاسلام مصدر التشريع الرئيس فيها. ولكنه أضاف أن إسلام ليبيا هو وسطي يرفض طغيان أي ايديولوجيا متطرفة.
 وفي بلد مسلم مثل ليبيا لم يكن مستغربا ان يشدد قادة المجلس الانتقالي على الهوية الاسلامية لحكومتهم المقبلة. ولكنّ كثيرين يرون ان تركة القذافي وتدخُّل حلف شمال الأطلسي الى جانب الثوار مهدا الطريق لنمط من التوجه الاسلامي يختلف عن الشكل الذي تخافه واشنطن.
ونقلت مجلة تايم عن مسؤول في المجلس الانتقالي طلب عدم ذكر اسمه ان الحقيقة الماثلة في أن القذافي استخدم الغرب عدوا مشتركا أكدت صلاحية القاعدة القائلة "عدو عدوي صديقي". وعند ربط ذلك بحقيقة "ان الغربيين قاموا بدور حاسم في دعم الثوار وخلع القذافي يمكن ان ترى ان الناس يتخذون موقفا وديا تماما في الواقع" تجاه الغرب ، بحسب المسؤول.
ويوم الخميس أصبح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أول رئيسي دولة غربيين يزوران طرابلس المحررة حيث لقيا استقبالا حارا من سلطات المجلس الانتقالي. وقال عبد الجليل في مؤتمر صحافي مشترك ان الليبيين لن ينسوا يوم 19 آذار/مارس الذي تحرك فيه المجتمع الدولي لحماية ليبيا وفرض منطقة الحظر الجوي. وتعهد عبد الجليل إقامة صداقة وثيقة في المستقبل مع هذه الدول.
 ويلاحظ مراقبون مفارقة تزداد جلاء في شوارع ليبيا. إذ اصبح الليبيون أكثر تعبيرا عن تدينهم في المناطق الواقعة تحت سيطرة الثوار حيث يعقدون ندوات دينية ونقاشات حول ادارة أموال المساجد في وقت يتحدثون عن حلف الأطلسي بود نادر في العالم العربي. وفي هذا السياق اعلن الجهادي السابق عبد الحكيم بلحاج الذي يقود المجلس العسكري في طرابلس اليوم، نبذه التطرف والتزامه بالتسامح إزاء الديانات الأخرى رغم ما عُثر عليه من وثائق رسمية ليبية تؤكد التحقيق معه على أيدي عناصر وكالة المخابرات المركزية وتسليمه الى أجهزة القذافي. وقال بلحاج في حديث لمجلة تايم انه ليس مدفوعا بنزعة الانتقام من الذين فعلوا به ذلك. وقال "نحن قريبون جدا من جيراننا الاوروبيين ونريد علاقات طيبة مع هذه البلدان ، اقتصاديا وحتى امنيا".
وقد تكون فكرة الديمقراطية بقيادة اسلامية فكرة غريبة من وجهة نظر الغرب بعد هجمات 11 ايلول/سبتمبر ولكن ليس فيها ما يثير الاستغراب في العالم الاسلامي. وقال المسؤول في المجلس الانتقالي الذي تحدث لمجلة تايم "انها ليست شيئا نخترعه نحن" مشيرا الى تركيا.
وقال الصحافي صالح ابراهيم ان الغرب عموما يخلط بين الاسلامي وبن لادن معربا عن اقتناعه بأن حكما معتدلا سيُقام في ليبيا "يعكس القيم الاسلامية لكنه لن يكون متطرفا".
يشكل المسلمون السنة الغالبية الساحقة من الليبيين ، وهي حقيقة تستبعد اندلاع نزاعات طائفية في المرحلة المقبلة رغم الانقسامات القبلية والمناطقية التي كانت مرئية حتى في صفوف الثوار أنفسهم. وظهرت بوادر نزاع بين الاسلاميين والعلمانيين داخل المجلس الوطني الانتقالي. إذ يسيطر من يُسمون علمانيين على المكتب التنفيذي ، بمن فيهم رئيس المكتب محمود جبريل الذي درس في الولايات المتحدة ، وعلي الترهوني وزير المالية والنفط ، الذي ترك عمله استاذا في الاقتصاد في الولايات المتحدة لينضم الى الثوار.
 وتعرض جبريل لانتقادات لاذعة من جانب بعض الثوار بينهم بلحاج ، لاستبعاده اصواتا اسلامية عن قيادة المجلس الانتقالي في وقت يسعى الى بسط سيطرة مركزية حازمة على قوات الثوار. ولكن جبريل يرى في هذه الخلافات فرقاء متنافسين يمارسون "اللعبة السياسية" ويدَّعون أحقيتهم في السلطة. ويقول منتقدوه ، من جهة أخرى ، إن المواجهة الحقيقية هي بين بقايا النظام القديم الذين ما زالوا قريبين من جبريل والثوار.
وأكد المسؤول في المجلس الانتقالي الذي طلب عدم ذكر اسمه لمجلة تايم انه ليس اسلاميا ولكنه يشعر ان ما يشترك به مع الاسلاميين أكثر مما يجمعه مع العلمانيين "الذين هم في الصورة الآن". والسبب ان الاسلاميين لا يرتبطون بالنظام السابق "وهم اكثر وطنية والمؤكد انهم لا يملكون ارصدة مجمدة" ، على حد تعبيره.
البعض يرى تصاعدا في حدة التوتر بين الفريقين ويعتبرون عبد الجليل صاحب النفوذ الأقوى في الحفاظ على تحالف الثوار موحدا. ويخشى بعض المحللين الغربيين ان يعود بلحاج وغيره من الاسلاميين الى تطرفهم مدفوعين بمشاعر الإحباط إزاء محاولات المكتب التنفيذي للسيطرة على الميليشيات التي تجوب المدن الليبية ، ومظاهر التدين المتزايدة.
وقالت فاطمة مفتاح وهي مبرمجة كومبيوتر متشحة بالسواد من قمة رأسها الى اخمص قدمها ، بما في ذلك قفاز اسود يغطي يدها ، ان القذافي ما كان ليسمح لها بارتداء هذه الملابس على الاطلاق مضيفة لمراسلة مجلة تايم ذات الأكمام القصيرة "أنا ليست عندي مشكلة مع ما ترتدين. فالمرأة ينبغي ان تكون حرة في ارتداء ما تريد".
واعرب المسؤول في المجلس الانتقالي عن تفاؤله بآفاق تطور ليبيا قائلا "ان ما يحدث هنا اياً يكن ستكون له خصوصية ليبية" وانه "لن يكون نموذجا مصريا أو نموذجا ايرانيا أو نموذجا سودانيا ، بل سيكون أقرب الى تركيا ولكن من دون كحول ومن دون ملاه ليلية". واضاف ان ليبيا هي "البلد العربي الوحيد الذي 100 في المئة من سكانه ذوو مذهب واحد والانقسام الذي يحاول البعض تصويره غير موجود".
 
المجلس الانتقالي يؤكد أن السيطرة على سرت وبني وليد ستكون خلا بضعة ايام
مقاومة شرسة للقوات الموالية للقذافي في معاقلها الأخيرة
أ. ف. ب.
يخوض الثوار الليبيون مواجهات عنيفة مع فلول النظام السابق في مدينتي سرت وبني وليد آخر معاقل العقيد معمر القذافي، وبحسب الناطق العسكري باسم المجلس الوطني الانتقالي فإن السيطرة على المدينتين ستستغرق فقط "بضعة ايام".
قوات القذافي تتحصن في اعالي الجبال
قرب سرت: واجه الثوار الليبيون مقاومة شرسة من قوات الزعيم الليبي الفار معمر القذافي في معقليه سرت وبني وليد اللذين شهدا مواجهات عنيفة السبت.
لكن المتحدث العسكري باسم المجلس الوطني الانتقالي احمد باني اكد من طرابلس ان السيطرة على سرت وبني وليد لا تعدو كونها مسالة "بضعة ايام".
وعلى الارض، تحدث مقاتلون عائدون من سرت وبني وليد عن مقاومة شديدة ابداها المقاتلون الموالون للقذافي الذين استخدموا الصواريخ والقذائف والمدفعية الثقيلة دفاعا عن معقليهما.
ففي بني وليد التي تبعد 170 كلم جنوب شرق طرابلس، افاد مراسل وكالة فرانس برس ان مواجهات عنيفة بالقذائف الصاروخية والمدفعية دارت السبت بين القوات الموالية للقذافي ومقاتلي المجلس الوطني الانتقالي.
واضاف المراسل ان مواقع الثوار الليبيين تتعرض لقصف بصواريخ غراد فيما يرد الثوار الليبيون بالمدفعية الثقيلة، في موازاة محاولات من جانبهم لتمشيط مواقع القناصة داخل المدينة.
وكانت القوات الموالية للقذافي شنت السبت هجوما مضادا بالصواريخ استهدف موقعا للثوار الليبيين، ما ادى الى وقوع اصابات في صفوف هؤلاء.
وقال احد المقاتلين ويدعى عمر علي رمضان لفرانس برس "مسحوا الموقع بالكامل بعدما استهدفوه بصواريخ من نوع +غراد+".
وكان الثوار الليبيون قاموا ليل الجمعة بانسحاب تكتيكي من مدينة بني وليد لتفادي التعرض لنيران القناصة المتمركزين في شوارعها.
من جانبه، اعلن مكتب رئاسة الوزراء التركية ان تركيا قدمت السبت 22 طنا من المساعدات الانسانية القتها بالمظلات على بني وليد.
وفي سرت، مسقط راس القذافي والتي تبعد 360 كلم شرق طرابلس، واصلت قوات المجلس الانتقالي تقدمها لكنها سرعان ما تراجعت بسبب تعرضها لنيران قوات القذافي.
وقالت مصادر طبية في مستشفى عسكري ان عشرة اشخاص على الاقل قتلوا واصيب اربعون اخرون، مرجحة ان يكونوا جميعا من الثوار الليبيين.
وقد اصيب المصور صحافي الفرنسي المستقل اوليفييه ساربيل ومقره في بانكوك، بجروح خطيرة خلال معارك بين كتائب القذافي والثوار الليبيين في مدينة سرت الليبية، حسب ما افادت مراسلة وكالة فرانس برس.
وكان قائد المجلس العسكري في مدينة مصراتة سالم جحا اعلن السبت لوكالة فرانس برس ان ستة الاف مقاتل على الاقل تابعين للسلطات الليبية الجديدة، منتشرون على جبهة سرت.
واضاف "اننا نركز الان على مجموعة من مباني المدينة وضواحيها لا سيما في وادي ابو هادي حيث تتجمع قوات القذافي".
وتابع حجا "ربما كانت هناك جيوب مقاومة لكنهم لن يتمكنوا من التفوق على القوات الثورية الكثيرة".
في المقابل، لم يبد عبد الرؤوف المنصوري احد المقاتلين العائدين من الجبهة تفاؤلا كبيرا بعد ظهر السبت، وقال ان احدا لم يسيطر بعد على المطار وعلى المدينة.
ولفت جحا الى ان نصف المدنيين غادروا المدينة، مشددا على ان الثوار الليبيين يبذلون ما في وسعهم لتجنب اي خسائر في صفوف هؤلاء.
واستمرت طائرات الحلف الاطلسي في التحليق في اجواء المدينة، وتحدث الحلف عن اصابة عشرين هدفا الجمعة في هذه المنطقة.
وفيما كانت المعارك محتدمة، منحت الجمعية العامة للامم المتحدة المجلس الوطني الانتقالي الذي تعترف به حتى الان 90 دولة، مقعد ليبيا.
واتاح هذا التصويت لرئيسه مصطفى عبد الجليل المشاركة في الاجتماع السنوي في نيويورك ولقاء الرئيس الاميركي باراك اوباما على هامشه الثلاثاء.
واعلن مجلس الامن الدولي من جهته الرفع الجزئي لتجميد الاموال الليبية وارسال بعثة لكتابة دستور جديد والمساعدة على تنظيم انتخابات.
واشادت البلدان الغربية التي دعمت تدخلا عسكريا في ليبيا، بهذا القرار "التاريخي" المزدوج للامم المتحدة.
الا ان مجلس الامن اعرب في قراره عن قلقه من "انتشار الاسلحة في ليبيا وتأثيرها المحتمل على السلام والامن في المنطقة".
ونص القرار مع ذلك على امكانية تسليم اسلحة خفيفة لحفظ الامن والنظام وتقديم مساعدة تقنية الى الحكومة الانتقالية في المجال الامني، وتأمين حماية موظفي الامم المتحدة ووسائل الاعلام والمنظمات غير الحكومية.

المصدر: موقع إيلاف الإلكتروني

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,166,508

عدد الزوار: 7,622,691

المتواجدون الآن: 0