السوريون هتفوا: الشعب يريد إسقاط خلاف المعارضة.. وطالبوا منظمات دولية بحماية أطفال سوريا

مظاهرات ضخمة في أنحاء سوريا.. والرستن خارج سيطرة الأمن.. وأنباء عن اشتباكات بين منشقين في تلبيسة والقصير

تاريخ الإضافة الأحد 25 أيلول 2011 - 4:34 ص    عدد الزيارات 2853    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

مظاهرات ضخمة في أنحاء سوريا.. والرستن خارج سيطرة الأمن.. وأنباء عن اشتباكات بين منشقين في تلبيسة والقصير
9 قتلى حصيلة جمعة «وحدة المعارضة».. بينهم طفلة
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
مثل كل يوم جمعة، ثمة من يراهن على أن حركة التظاهر في سوريا ستسجل تراجعا كبيرا، أمام استمرار النظام في فرض حله الأمني والعسكري، ولكن مثل كل يوم جمعة، يخرج المتظاهرون السوريون معلنين ثباتهم أمام القمع واستمرارهم في الثورة حتى إسقاط النظام، وعادت بعض بؤر الاحتجاجات التي شهدت تراجعا في الأسابيع الماضية لتثبت حضورها في مظاهرات يوم أمس، مثل أحياء القابون والحجر الأسود والميدان في دمشق. وتواصلت الانشقاقات في صفوف الجيش السوري، حيث أعلن عن انشقاق 25 جنديا في درعا والزبداني ودركوش في جسر الشغور.
وكان المشهد في حمص مثل كل أسبوع، مظاهرات رغم الدبابات والقناصة. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 9 مدنيين قتلوا في منطقة حمص على يد قوات الأمن السورية. وأضاف في بيان أن عدد قتلى أمس ارتفع إلى 9 في محافظة حمص، حيث قتل 6 أشخاص في أحياء الخالدية وباب الدريب والبياضة، كما قتلت طفلة في مدينة القصير وقتل شاب في تلبيسة وقتل ظهرا شاب في قرية الزعفرانية. وفي ريف حماه ومحافظة إدلب كانت المظاهرات الحاشدة في بلدات طيبة الإمام وحلفايا ومعرة النعمان وكفر نبل، تعويضا لتراجعها في مدينة حماه بسبب القمع الشديد. وظلت الأوضاع الأمنية متوترة في مدينتي دوما والكسوة في ريف دمشق، وفي بلدات تلبيسة والرستن والقصير في محافظة حمص. وقالت مصادر محلية إن الرستن كانت يوم أمس «خارج سيطرة النظام».
وفي القصير في حمص، خرجت مظاهرات من عدة جوامع المدينة لتلقي في ساحة المدينة، حيث جرى إطلاق نار كثيف لتفريق المتظاهرين أسفر عن سقوط نحو 5 إصابات اثنتان منها خطيرة. وتحدثت مصادر محلية عن حصول انشقاق كبير في الجيش وتدمير 4 عربات للجيش، حيث احتدم الوضع هناك في ساعات بعد الظهر. وقال ناشطون إن إطلاق نار كثيف من رشاشات ثقيلة جرى في القصير من قبل قوات الأمن والجيش والشبيحة، لتفريق أكثر من 10 آلاف متظاهر جابوا شوارع القصير في جمعة «وحدة المعارضة»، كما وردت أنباء انشقاقات في الجيش.
واستمر إطلاق النار في المنطقة الغربية من المدينة والبساتين المحيطة بها، كما تم إطلاق النار بشكل عشوائي على المنازل أثناء ملاحقة المنشقين، مما أسفر عن 7 جرحى على الأقل في الساعات الأولى، بينهم الطفلة رقية الإسماعيل البالغة من العمر 5 سنوات.
وفي مدينة حمص، ورغم الوجود الكثيف للجيش والأمن في الشوارع وفي مختلف الأحياء، خرجت مظاهرات في أحياء دير بعلبة والقرابيص والإنشاءات وباب السباع وكرم الزيتون، ومن جامع الخيرات في الحمرا وتير معلة. وفي الغوطة قامت قوات الأمن بحملة مداهمات للمنازل، واعتقالات عشوائية على الهوية، بحسب ما قالته مصادر محلية، التي أوضحت أن عناصر الأمن انتشروا في كل أنحاء حي الغوطة وفي الحدائق. وقالت المصادر إن شهيدين على الأقل سقطا في حمص يوم أمس برصاص قوات الأمن.
وفي مدينة الرستن في ريف حمص خرجت مظاهرة عدت الأكبر بين المظاهرات التي شهدتها المدينة منذ بداية الاحتجاجات، وقدرت الأعداد بـ30 ألف متظاهر غصت بهم الساحة والشوارع التي تصب فيها، في حين فقد الأمن السيطرة على المدينة.
كما خرجت مظاهرة حاشدة في بلدة تلبيسة القريبة من الرستن، وجرت اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش ومنشقين. وخرجت مظاهرة في مدينة تدمر التاريخية وسط البادية السورية. ولا يوجد أنباء عن احتكاكات مع قوات الأمن هناك.
وفي دمشق، خرجت مظاهرة طيارة قبل صلاة الظهر قرب مقبرة الجورة في حي الميدان، وبعد الصلاة خرجت مظاهرة أخرى من جامع الغواص وهتفت لنصرة الشيخ كريم الذي عزل عن الخطابة وكان مريدوه ينتظرون أن يعود للخطابة يوم أمس، الجمعة، إلا أنهم فوجئوا أن ابنه خطب بدلا منه، فخرجت معظم المظاهرات في الميدان تهتف للشيخ راجح: «لعينك راجح لعينيك نحن رجالك حواليك». وخرجت مظاهرة ثالثة في الميدان من جامع زين العابدين، واتجهت باتجاه الحقلة عقب صلاة الجمعة وأخرى من جامع الحسن. وفي حي نهر عيشة القريب من الميدان، انطلقت مظاهرة حاشدة من مسجد عبد الله بن أبي حذافة السهمي بعد أن امتلأ المسجد والشوارع المؤدية له، وأخرى خرجت قبل الصلاة من أمام مسجد الماجد في القاعة واتجهت نحو ساحة الحرية (الحقلة)، ومظاهرة حاشدة من جامع حسين خطاب بالقاعة. وفي منطقة كفرسوسة، حي اللوان، انطلقت مظاهرة بعد الصلاة من جامع الفاتح. وفي حي القابون انطلقت المظاهرة من جامع الفتح وتم إحراق العلم الروسي وهتف المتظاهرون مطالبين بإعدام الرئيس. وفي حي القدم انطلقت مظاهرة من جامع القدم، وعلى الفور هاجمتها قوات الأمن وجرى إطلاق الرصاص الحي، مما أجبر المتظاهرين على اللجوء إلى الجامع، حيث تمت محاصرتهم واقتحام الجامع. وفي الحجر الأسود خرجت مظاهرة انتصرت للكسوة المحاصرة وهتفت مطالبة بإعدام الرئيس. وكذلك في حي العسالي والماذنية.
وفي تطور جديد خرجت مظاهرة طيارة من جامع المعري في شارع بغداد وسط العاصمة، دمشق، وجرى إطلاق نار على المتظاهرين أسفر عن سقوط أنس الفقيه قتيلا. وفي منطقة الصالحية خرجت مظاهرة حاشدة من جامع موسى سكر.
وفي ريف دمشق قالت مصادر محلية إنه تم قطع الاتصالات الأرضية والجوالة بشكل تام عن مدينة دوما منذ ساعات الصباح الأولى. وقامت قوات الأمن بتنصيب حاجز مؤقت أول شارع القوتلي وتم إطلاق الرصاص على سيارة مدنية. وقالت مصادر محلية إن هناك انتشارا كثيفا لعناصر الأمن والشبيحة بجميع أرجاء المدينة وبشكل مكثف في أغلب الشوارع، وبالأخص عند جامع الكبير، حيث جرت محاصرة الجوامع مع انتشار أمني قرب محمصة سكاف ومدرسة العناتر ومدرسة الهاشمية. وقد منعت حركة الدخول والخروج في المدينة، قبل اقتحام مسجد الساعور قرب مدرسة الهاشمية لتفريق المصليين، وجرت اعتقالات عشوائية، بينما جابت سيارات الإسعاف تقل قوات الأمن والشبيحة، كما نصب رشاشات «بي كيه سي» عند بوظة صلاح. ونشر القناصة والشبيحة على أسطح المنازل عنوة في شارع القوتلي وخورشيد. وحصل إطلاق نار كثيف عند جسر مسرابا وعند المساكن وفي محيط مدرسة تشرين وجانب البلدية وعند مسجد النعمان أيضا.
ورغم الوضع الأمني المتأزم خرجت مظاهرة من منطقة الحجارية عند جامع الفوال ومن مسجد الروضة ومن مسجد قاقيش، وتم تفريقها من قبل قوات الأمن بإطلاق الرصاص الحي، قبل أن تنسحب قوات الجيش لتتمركز في ساحة البلدية.
وفي الزبداني (45 كلم شمال دمشق)، توفيت امرأة متأثرة بجروحها، أمس، الجمعة. وكانت قد أصيبت بجروح مساء الخميس برصاص قوات الأمن أثناء مطاردة ناشطين، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وخرجت يوم أمس مظاهرة في الزبداني، وفي بلدة كفر بطنا، قامت قوات الأمن والجيش بمحاصرة المتظاهرين في الجامع الكبير ومنعوا خروجهم من الجامع، لكن مظاهرة صغيرة عادت للخروج من مكان آخر في البلدة، وتفرقت قبل وصول قوات الأمن إليها. هذا وتجمع أهالي بلدات وادي بردي كفير الزيت - ديرقانون - دير مقرن للتضامن مع المدن المحاصرة.
كما تظاهر بعض المصلين داخل الجامع العمري في درعا البلد حيث انطلقت منه الاحتجاجات في مارس (آذار) الماضي وذلك بعد طول انقطاع جراء احتلال الأمن للجامع طوال الأشهر الماضية.
وفي البوكمال على الحدود السورية - العراقية أصيب اثنان برصاص قوات الأمن، أحدهم جراحه خطرة، إثر إطلاق قوات الأمن النار على مظاهرة خرجت من عدة مساجد باتجاه الساحة العامة واعتقلت قوات الأمن 6 من المتظاهرين. وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا): «إن 6 من عناصر قوات حفظ النظام أصيبوا في كمين في منطقة القورية في شرق البلاد». وخرجت مظاهرة حاشدة من حي شواخ في دير الزور واتجهت إلى شارع التكايا حيث تجمع المتظاهرون هناك، بينما قال ناشطون إن مظاهرات أخرى خرجت في عدة أحياء في المدينة.
وفي اللاذقية طوقت قوات الأمن منطقة بستان الصيداوي ونفذت حملة اعتقالات واسعة. ومع ذلك خرجت المظاهرات في قرى حوران مثل داعل واليادودة والصنمين وغيرها. وكان هناك انتشار كثيف للأمن والشبيحة في أرجاء المدينة وتمت محاصرة جامع الرحمن في الطابيات والحسين في مشروع الصليبة وجامع الفتاحي وجامع حورية - غريب - في الصليبة لمنع المصلين من الخروج.
أما في إدلب فقد طوق الجيش المسجد الكبير في بلدة حاس، وتم منع المصلين من الخروج في مظاهرة بعد الصلاة. وفي مدينة معرة النعمان انطلقت مظاهرة حاشدة بعد صلاة الجمعة من جامع بلال رغم وجود كثيف لعناصر الجيش والأمن على سطح نقابة المعلمين واتحاد شبيبة الثورة وفي ساحة الحرية.
إلى ذلك، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن جهاز المخابرات الجوية في مدينة حمص السورية أفرج فجر أمس عن المعارض السوري البارز محمد صالح الذي كان اعتقله أول من أمس.
واعتقل صالح في كمين نصب له بعد تلقيه اتصالا هاتفيا من شخص ادعى أنه صحافي من قناة «الجزيرة» القطرية ويود مقابلته. وأضاف المرصد أن التحقيق مع صالح دار حول لقائه الوفد البرلماني الروسي الذي زار مدينة حمص قبل أيام، مشيرا إلى أن صالح تعرض للضرب المبرح من قبل عناصر خلال ساعات اعتقاله.
وكان صالح التقى قبل أيام بأعضاء الوفد البرلماني الروسي الذي زار مدينة حمص وشرح لهم معاناة سكان المدينة والمعارضة السورية. يشار أن صالح (54 عاما)، سجين سياسي سابق لمدة 12 سنة (1988 - 2000) وهو الناطق باسم لجنة التضامن الوطني في حمص، وقد لعب دروا بارزا في منع الفتنة الطائفية التي حاول النظام إشعالها بالمدينة في شهر يوليو (تموز) الماضي. وأدان المرصد السوري لحقوق الإنسان بشدة استمرار السلطات الأمنية السورية في ممارسة سياسة الاعتقال التعسفي بحق المعارضين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني وحقوق الإنسان والمتظاهرين السلميين على الرغم من رفع حالة الطوارئ.
وكرر المرصد مطالبة السلطات السورية بالإفراج الفوري عن كافة معتقلي الرأي في السجون والمعتقلات السورية احتراما لتعهداتها الدولية الخاصة بحقوق الإنسان التي وقعت وصدقت عليها.
 
السوريون هتفوا: الشعب يريد إسقاط خلاف المعارضة.. وطالبوا منظمات دولية بحماية أطفال سوريا
الحماصنة للطائفة العلوية: حقائب آل الأسد لا تتسع لكم.. مكانكم بيننا
دمشق – لندن: «الشرق الأوسط»
«الشعب يريد إسقاط خلاف المعارضة»، كان هذا هو المطلب الأبرز الذي ظهر على لافتات مظاهرات أمس (الجمعة)، التي خصصت لتكون جمعة «توحيد المعارضة»، حيث أكد الشارع السوري المتظاهر أمس أن توحيد المعارضة بات مطلبا ملحا، لأنه، وبحسب لافتة رفعت في بلدة طيبة الإمام في ريف حماه، فإن «المعارضة تتعارض والنظام يقتلنا». ولعل هذه العبارة تختزل المشهد السياسي السوري الذي بات على حافة منعطف خطير، في ظل فراغ سياسي كبير. ويؤكد ذلك ما ورد في لافتة أخرى رفعت في بلدة طيبة الإمام أن «الشعب سئم من وجود زعماء وزعامات.. الشعب يريد معارضة وطنية».
وفي المظاهرات التي خرجت أمس في مختلف أنحاء البلاد، انصب اهتمام المتظاهرين على إيصال رسائل للمعارضة السورية تتضمن مواقفهم من المجلس الوطني السوري الذي أعلن عنه في إسطنبول الأسبوع الماضي. فظهرت أكثر من منطقة مؤيدة لهذا المجلس، مثلا في حمص حيث رفع المتظاهرون في حي الوعر لافتة كتبوا عليها «مساهمة في توحيد المعارضة.. حمص تدعم المجلس الوطني السوري». وفي حي آخر في حمص، قال المتظاهرون «نطالب المجلس الوطني السوري والمعارضة السورية بتوحيد الصف مع برهان غليون».
وفي حي الميدان في العاصمة دمشق، وجه المتظاهرون رسالة إلى المعارض والباحث السوري برهان غليون تؤكد له أن «المجلس الوطني يمثل شريحة واسعة من الشعب السوري». وكتبوا أيضا «نعم للمجلس الوطني السوري». وطالب المتظاهرون في الميدان بمعارضة «معارضة شريفة لا تبيعنا للنظام بثمن بخس». أما في حي الحجر الأسود في دمشق فتم توجيه نداء للمعارضة أن «التحدي للقضاء على هذا النظام».
وفي مدينة الزبداني في ريف دمشق أكد «ثوار الحرية في الزبداني»، تأييد المجلس الوطني السوري، وهم يهتفون «علو الصوت علو الصوت يا بنعيش بكرامة يا إما بنموت»، و«فتح فتح يا بشار مطرح ما بتمشي الأحرار.. بدك تركع يا بشار»، في حين اشترط متظاهرون آخرون في مدينة حمص على المعارضة أن «أي مبادرة لا تنص على رحيل النظام مرفوضة».
وفي بلدة كفر نبل في محافظة إدلب، اشترطوا على أعضاء أي مجلس انتقالي عدم اعتلاء المناصب بعد الفترة الانتقالية ورفعوا لافتة أوضحوا فيها موقفهم بالقول «نعم المجلس الانتقالي لا يحق لأعضائه اعتلاء المناصب».
وفي حي باب السباع في مدينة حمص، الحي الذي أثبت أهله قدرة كبيرة على الصمود والثبات في وجه الحملات الأمنية والعسكرية المستمرة منذ أكثر من ثلاثة أشهر، خرجت أمس مظاهرة تضمن الكثير من الرسائل والتي تلخص مطالب ومواقف المتظاهرين في عموم البلاد، وعلى وقع هتاف التحدي «يا بشار اسمع اسمع.. حمص كلها باب سباع»، علقت لافتات على الحبال تتضمن رسائل متعددة، الأولى للمعارضة التي عقدت مؤتمرا في مزرعة في ريف دمشق، ونم بيانها عن احتمال الخوض في حوار مع النظام. وأعرب باب سباع عن رفضه لما سماه «مؤتمر حوار المزارع». وعلى غرار اللاءات الثلاث التي رفعها مؤتمر المعارضة «لا للتدخل الخارجي، لا للعنف، لا للتدخل الطائفي»، رفع المتظاهرون في حمص «لا لمؤتمر حوار المزارع، ولا للمعارضة الخضوعة، ولا للدمى المتحركة».
كما وجهوا رسالة إلى أبناء الطائفة العلوية تقول «إلى الطائفة العلوية: حقائب آل الأسد لا تتسع لطائفتكم الكريمة.. مكانكم بيننا». وأخرى للنظام تقول «بشرى غير سارة للنظام حي الزهراء في حمص تظاهر لإسقاط النظام»، مع الإشارة إلى أن حي الزهراء يتركز فيها أبناء الطائفة العلوية من الموالين للنظام. كما وجهوا رسالة ثالثة للجامعة العربية تقول «لو لم تخذلنا قريش والأعراب.. لما استباحت دماءنا الكلاب». ثم أوضحوا رأيهم من مسألة المطالبة بحظر جوي باعتبار «الحظر الجوي هو الذي يفتح باب الانشقاق الكبير لأحرار الجيش العربي السوري». ودعوا إلى دعم المجلس الوطني السوري. ولم يغفل الحماصنة من أهالي الخالدية عما يجري من سجال حول المسيحيين السوريين فهتفوا مؤكدين على وحدة المصير «يا مسيحي اسمع اسمع.. دمي ودمك ما بينباع».
بالإضافة لتوحيد المعارضة، اهتمت المظاهرات أمس بموضوع إرسال الأبناء إلى المدارس، وكانت الهتافات في غالبية المناطق الاحتجاجية الساخنة، حيث الوجود العسكري والأمني الكثيف «لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الخسيس». ففي حمص رفعوا لافتات تقول بتعجب «أبناؤنا في خطر.. مدارسنا محتلة ويا أمي كيف أذهب إلى مدرسة فيها شبيحة!».
وفي حي القابون في دمشق كتب المتظاهرون «لن نقبل بأن تكون الإدارات في المدارس أجهزة قمعية»، في إشارة إلى قيام إدارات المدارس بمعاقبة الطلاب أو تسليمهم للقوى الأمنية. وحملوا لافتة زينت برسوم ثورية وكتب عليها «بشار الأسد ديكتاتور مجرم دموي»، وطالبوا «اليونيسكو واليونيسف بحماية الطلاب» وهم يهتفون «حرية.. حرية.. بدنا حماية دولية» و«ياللعار ياللعار.. عالشب القاعد بالدار». وهذه هي المرة الأولى التي ترفع فيها لافتات تطالب منظمات أممية بعينها لحماية الأطفال والتلاميذ. بينما أكد المتظاهرون في حي الحجر الأسود في دمشق على أن سوريا تنزف وكتبوا «أغيثونا سوريا تنزف». وفي بلدة عامودا ذات الأغلبية الكردية في محافظة الحسكة، غنى المتظاهرون أغنية سميح شقير وهم يرفعون لافتة كتب عليها «الأيادي المرتعشة لا تقوى على البناء»، وأعلاما وطنية كتب عليها «سوريا لا للأسد»، لافتات تنطق بلسان حال الأطفال «سجلي اسمي عاليا مع حمزة وهاجر» وحمزة الخطيب طفل من قرية الجيزة في درعا قتل تحت التعذيب وتحول إلى واحدة من أيقونات الثورة في سوريا. وهتف المتظاهرون في عامودا «أهلا بيكم.. رجال الثورة بتحييكم» لتكون اللافتة الأطرف تلك التي رفعت في بلدة كفر نبل في إدلب، وعليها رسم كاريكاتوري للرئيس الأسد بعنق طويل وأمامه ديناصور وكتب عليها من «أسباب الانقراض طول الرقبة وقلة الفهم».
ولعل هذا ما جعل أهل قرية مارع في ريف حلب يكتبون «فرعون الفراعنة صار عبرة وأنت يا بشار لست على الله بعزيز» ويقصدون بفرعون الفراعنة الرئيس المصري السابق حسني مبارك. أما في قرية حلفايا في ريف حماه فكانوا أكثر ثقة بنصحهم للأسد «صدقني ما في فايدة بدك ترحل» في حين يهتفون «يا عاصي حماه زيد زيد.. بدنا فرحة وبدنا عيد».
 
اللاجئون السوريون في لبنان يعيشون في قلق.. وخوف من أن تطول مدة إقامتهم خارج بلادهم
سجل 3784 سوريا أسماءهم كلاجئين في لبنان لدى المفوضية العليا للاجئين.. وجهود كبرى لتأمين رعايتهم المعيشية والتربوية
بيروت: ليال أبو رحال لندن: «الشرق الأوسط»
يعيش السوريون اللاجئون في لبنان في قلق مستمر مما يحمله لهم المستقبل، ويتخوفون من أن تطول إقامتهم في لبنان لفترة طويلة تتكدس فيها مشكلاتهم المعيشية والصحية، ومشكلات أولادهم الذين من المفترض أن يعودوا إلى المدارس.
وسجل 3784 سوريا أسماءهم كلاجئين جراء أعمال العنف في سوريا، لدى المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة في شمال لبنان، بحسب تقرير للمفوضية صدر أمس. وتقدر المفوضية أن أكثر من 900 شخص بين هؤلاء اللاجئين تتراوح أعمارهم ما بين أربعة أعوام و17 عاما، يفترض إيجاد مدارس لهم.
ونقل التقرير عن نازحين سوريين تخوفهم من أن يردع إقفال السلطات السورية لنقاط العبور غير الرسمية سوريين آخرين من الفرار إلى لبنان نتيجة الاضطرابات بسبب خشيتهم من أن يعرفوا عن أنفسهم على نقاط العبور الرسمية. كما أعرب نازحون آخرون عن قلقهم من إطلاق النار الذي يسمع دويه من حين لآخر في القرى المجاورة للحدود السورية كالكنيسة ونصوب وحنيدر. وأشارت المفوضية إلى استمرار تداول التقارير الإعلامية بتهريب السلاح في المناطق الحدودية، موضحة بأن جهود السلطات اللبنانية والسورية تتواصل من أجل ضبط التهريب.
وفي ما يتعلق بالمساعدات الغذائية، لفت التقرير إلى أن جولة جديدة لتوزيع الحصص الغذائية وغير الغذائية بدأت في الثاني والعشرين من الشهر الجاري، ومن المقرر أن توزع الفرق الميدانية هذه الحصص في الأسبوعين المقبلين من خلال تسليمها يدا بيد إلى النازحين والعائلات اللبنانية المضيفة. وفي حين تهتم الهيئة العليا للإغاثة، المكلفة من قبل الحكومة اللبنانية بمتابعة أوضاع النازحين السوريين، بالتعاون مع مفوضية شؤون اللاجئين، بتأمين الحصص الغذائية، تؤمن منظمة اليونيسف حصص النظافة.
وتواصل الفرق الميدانية زياراتها الدورية إلى النازحين والعائلات اللبنانية المضيفة، وهي تتابع الاحتياجات الخاصة في قرى وادي خالد والبيرة وطرابلس. وتظهر الزيارات والاجتماعات التي تعقد بشكل منفصل مع النازحين من رجال ونساء خوفهم المستمر من العودة إلى قراهم انطلاقا من شعورهم بعدم الأمان للقيام بذلك، فضلا عن خوفهم من الاعتقال والترحيل، في ظل عدم قدرتهم على التنقل بحرية أو العثور على عمل، بسبب عدم منحهم إذنا بالتنقل من الحكومة اللبنانية كما كان متوقعا.
ويقول نائب ممثل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان جان بول كافالييري لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «وزارة التربية اللبنانية وافقت على السماح للنازحين السوريين بدخول المدارس الرسمية، وستؤمن المفوضية رسوم التسجيل». إلا أن هؤلاء السوريين قلقون ليس على المسائل المادية فحسب.
وتقول نزهة (35 عاما) القادمة من بلدة هيت السورية الحدودية، إنها تخشى على ولديها من معاملتهما بتمييز داخل المدارس اللبنانية التي تبدأ عامها الدراسي رسميا الأسبوع المقبل. وتضيف لوكالة الصحافة الفرنسية «أخشى عليهما على مستويات عدة (...) لذلك، قررت ألا أرسلهما إلى المدرسة هذه السنة». وتبدو نزهة، بحسب تقرير وكالة الصحافة الفرنسية، كالكثير غيرها من اللاجئين، مقتنعة بأن النظام السوري يتمتع بنفوذ بالغ في لبنان عبر حلفائه وأبرزهم حزب الله.
وتقول في إشارة واضحة إلى معارضتها النظام في سوريا «كلما خرج زوجي من هنا للقيام بنزهة، أشعر بالهلع وأخاف أن يعثر عليه النظام أو أصدقاء النظام اللبنانيون».
وتشير المفوضية العليا للاجئين إلى دخول نحو مائتي نازح سوري إلى لبنان خلال الأسبوع الأخير من سبتمبر (أيلول)، معظمهم من منطقتي تلكلخ وحمص.
ويقول كافالييري إن بعض السوريين يجدون أنفسهم عالقين على الحدود، موضحا أن «هناك تقارير تفيد بأن رجال الأمن في الجانب السوري يحكمون الرقابة على المعابر».
ويسلك النازحون إجمالا معابر غير شرعية في طرق جبلية وعرة تستخدم عادة في عمليات التهريب بين البلدين، أو يعبرون على الأقدام مجرى النهر الكبير الفاصل بين شمال لبنان والأراضي السورية.
وسجلت حوادث إطلاق نار عدة خلال الأشهر الأخيرة ترافقت مع حركة عبور لهاربين، إحداها عند معبر البقيعة الترابي وقد سقط فيه قتيل وعدد من الجرحى.
واستقر معظم هؤلاء السوريين عند أقارب لهم في منطقة وادي خالد، حيث تتداخل الأراضي والعائلات بين البلدين. إلا أن آخرين مثل عبير وعائلتها يعتمدون في معيشتهم على المساعدات من وكالات الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية.
في المدرسة المهجورة في مشتى حمود بعكار، لم يستحم عدد كبير من الأطفال منذ أيام بسبب انقطاع المياه وتقاسم كل العائلات حمامين اثنين. كما يفتقر هؤلاء إلى الأحذية المناسبة لفصل الشتاء المقبل. في الوقت الضائع، يلهو الأطفال بلعبة «وقعت الحرب». وقد استعانوا لذلك برسم خريطة لسوريا يلقون عليها الحجارة. وتقع الحرب في البلدة التي يصيبها الحجر، فيهرب أبناؤها ويلحق بهم الآخرون. ويخشى الكثير من اللاجئين أن يطول النزاع في بلادهم، ما لم يحصل تدخل دولي حاسم. وتترقب عبير بدورها، مع أفراد عائلتها الذين قدموا إلى لبنان منذ بضعة أشهر هربا من أعمال العنف في سوريا، بقلق، اقتراب فصل الشتاء الذي ستمضيه العائلة مع غيرها من اللاجئين السوريين، في غرفة غير مجهزة في مدرسة مهجورة على تخوم منطقة وادي خالد الشمالية الفقيرة. وتكاد عبير (29 عاما) لا تصدق أنها ستمضي الشتاء مع ابنيها وزوجها في غرفة مدرسة في مشتى حمود. وتقول لوكالة الصحافة الفرنسية «أعجز حتى عن طلب كنزات دافئة لولدي» من المنظمات التي تقدم مساعدات للاجئين.
ثم تضيف وهي تشعل موقدا صغيرا على الغاز لطهي البطاطس المسلوقة «اللاجئون هنا في المدرسة يستعدون لفصل الشتاء، لكنني في قرارة نفسي لم أقبل بعد فكرة أنني لن أعود إلى منزلي قريبا، وأن موسم البرد سيبدأ ونحن لا نزال هنا». وتقطن نحو عشرين عائلة سورية في المدرسة التي تنقصها التدفئة والتجهيز.
وتقول عبير بحسرة إنها اضطرت إلى مغادرة بلدها، حيث تركت والديها ومنزلها في تلكلخ بعد اختفاء شقيقيها الأصغرين خلال مظاهرة قبل ثلاثة أشهر.
وعاد أحد الشقيقين إلى المنزل في وقت لاحق مصابا بكسور في كل أنحاء جسمه بعد تعرضه للاعتقال والضرب. أما شقيقها الآخر، فقد عثر عليه في مشرحة مستشفى محلي، مقتولا. ودفن قبل 24 ساعة من مغادرة عبير إلى لبنان. وتروي دامعة وهي تشير إلى صورة شقيقيها على هاتفها الجوال، أن ابنيها «أصيبا بالرعب، وعاد ابني الأكبر (4 سنوات) إلى (التبول) في سريره. وكانا يصرخان ويختبئان في غرفتهما عندما يبدأ إطلاق الرصاص». وتضيف «يجب أن يعرف العالم أجمع أننا هربنا بسبب حرب مفتوحة يشنها بشار الأسد على الشعب السوري».
 
سوريا تعلق استيراد السيارات وبعض الكماليات للحفاظ على احتياطي العملات الصعبة
مصادر تجارية: دمشق تعرض مقايضة النفط الخام بوقود
لندن: «الشرق الأوسط»
أعلن وزير الاقتصاد والتجارة السوري أن سوريا قررت تعليق استيراد السيارات وبعض الكماليات، وبرر هذه الإجراءات برغبة الحكومة في المحافظة على احتياطي العملات الصعبة.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن الوزير محمد نضال الشعار قوله: «في إطار اتخاذ الإجراءات الوقائية لحماية الاقتصاد الوطني وحماية المنتجات المحلية، اعتمد مجلس الوزراء قرارا يقضي بتعليق استيراد بعض المواد التي يزيد رسمها الجمركي على خمسة في المائة ولمدة مؤقتة وذلك باستثناء بعض السلع الأساسية التي يحتاجها المواطن ولا تنتجها الصناعة المحلية».
وأضاف الوزير في تصريح للصحافيين عقب جلسة مجلس الوزراء أن القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء أول من أمس حول «تعليق استيراد المواد.. التي تشمل بمعظمها الكماليات والسيارات السياحية يهدف إلى الحفاظ على مخزون البلد من القطع الأجنبي»..
وأضاف الوزير أن هذا القرار «وقائي ومؤقت وسيسهم في تنشيط العملية الإنتاجية من خلال إعطاء الفرصة للمصانع لإنتاج السلع التي توقف استيرادها وبالتالي خلق فرص عمل جديدة أو إعادة تشغيل العمال في بعض المصانع التي توقفت عن العمل». وأشار الشعار إلى أن هذا القرار «لن يؤثر على استيراد المواد الخام والمواد الغذائية وكل المواد الأساسية التي يحتاجها المواطن في حياته المعيشية».
وأعلنت الدول الغربية مؤخرا عقوبات جديدة على نظام الرئيس بشار الأسد بسبب قمعه حركة الاحتجاج التي ذهب ضحيتها آلاف القتلى.
إلى ذلك، قالت مصادر تجارية لوكالة «رويترز» أمس إن سوريا تسعى للالتفاف على العقوبات التي تعرقل المعاملات مع الشركات الأجنبية بعرض لمقايضة النفط الخام بوقود تشتد حاجة البلاد إليه. ورغم أن عقوبات الاتحاد الأوروبي لا تشمل حظرا على بيع الوقود إلى سوريا لأسباب إنسانية، فإن الشركات ترفض المشاركة في مناقصات لأنه أصبح من شبه المستحيل تسليم شحنات الوقود وتسلم المدفوعات من خلال البنوك الدولية.
وقالت المصادر إن الخام السوري الخفيف وخام السويداء الثقيل معروضان للمقايضة بمنتجات نفطية مطلوبة لتشغيل محطات الكهرباء التي تعمل بمشتقات نفطية لإبقاء الاقتصاد السوري على قدميه ومنع تعطيل واسع النطاق للحياة المدنية.
 
عقوبات أوروبية جديدة على النظام السوري
قرار يمنع الاستثمار الأوروبي في قطاع النفط السوري وإضافة شخصين و6 هيئات إلى لائحة العقوبات
بروكسل: عبد الله مصطفى
قال الاتحاد الأوروبي إن استمرار الحملة الوحشية من جانب النظام السوري، وبشكل متواصل ضد المواطنين، جعله يتبنى عقوبات إضافية ضد النظام السوري. وقرر الاتحاد الأوروبي تشديد عقوباته على سوريا، عبر منع أي استثمار أوروبي في قطاع الصناعات النفطية السوري، بالإضافة إلى حظر استيراد النفط الخام من سوريا.
وقال بيان صدر عن مكتب كاثرين أشتون منسقة السياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي، «لقد قلنا مرارا وتكرارا، إنه لا بد من الوقف التام للقمع الذي يمارسه النظام ضد المواطنين، وكذلك لا بد من الإفراج الفوري عن المعتقلين من المتظاهرين، وإجراء حوار وطني حقيقي شامل، وسبق للاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي أن طالبوا بهذه الأمور في وقت سابق، وفي أكثر من مناسبة، ولم يستجب النظام، فقرر الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات إضافية، تشمل الاستثمار في قطاع النفط، وتضاف إلى العقوبات التي فرضت مطلع الشهر الجاري».
وأوضح بيان صادر عن المجلس الوزاري الأوروبي في بروكسل بهذا الشأن، أن قرار منع الاستثمار الأوروبي في القطاع النفطي يقضي منع التعامل مع الشركات السورية التي تنشط في مجال التنقيب عن النفط الخام وإنتاجه وتكريره. وينسحب هذا القرار على الشركات السورية العاملة سواء على الأراضي السورية أو في الخارج. ويفسر البيان القرار بقوله إن الاتحاد الأوروبي «يحظر من الآن فصاعدا على شركاته ومؤسساته أو الشركات الموجودة على أراضيه الدخول في علاقة شراكة من أي نوع من الشركات السورية المعنية أو منحها أي شكل من أشكال القروض».
كما حظر الاتحاد الأوروبي في قراره، تزويد المصرف المركزي السوري بأوراق مالية أو قطع نقدية من العملة السورية تم طباعتها أو إنتاجها في دول أوروبية. بالإضافة إلى ذلك، قرر الاتحاد الأوروبي إضافة شخصين إلى لائحة العقوبات الأساسية يتم تجميد أموالهما ومنعهما من دخول أراضي الاتحاد، كما تمت إضافة أسماء ست هيئات سوريا على اللائحة، «يحظر على الدول الأوروبية التعامل معها». وذكر البيان أن العقوبات ستدخل حيز التنفيذ الفعلي اليوم بعد نشرها في الجريدة الرسمية الأوروبية، بالإضافة إلى نشر تفاصيل إضافية حول هوية الأشخاص والهيئات المشمولة بالعقوبات.
وجاء ذلك في وقت عززت فيه سويسرا عقوباتها ضد سوريا عبر حظر استيراد وشراء ونقل النفط السوري والمنتجات النفطية السورية. وصرحت وزارة الاقتصاد السويسرية في بيان «في مواجهة القمع الذي يمارس بلا هوادة ضد السكان من قبل قوات الأمن السورية، قرر المجلس الاتحادي (الحكومة) تعزيز العقوبات المفروضة على سوريا». وسيبدأ تطبيق العقوبات التي تتوافق مع القيود التي فرضها الاتحاد الأوروبي في سبتمبر (أيلول) 2011، اعتبارا من اليوم.
 
هكذا يفكر الأسد!
عبد الرحمن الراشد
لم أنسخ العنوان نقلا عن نيتشه في كتابه «هكذا يفكر زرادشت»، فشتان بين زرادشت والأسد، وشتان بين ما ألفه نيتشه عن زرادشت وما أحاول تخيله هنا، مع أن هناك بعض الأسطر قد تجمع بينهما؛ حيث «أدان نيتشه، على لسان بطله، الجبن والهزيمة والاستسلام مهما كانت الدوافع»! ويبدو أن الأسد سائر على دربه عندما قرر مبكرا أن يستخدم كل قوته لسحق خصومه. ثم سيقول ما قال نيتشه على لسان زرادشت: لست غولا أو وحشا أخلاقيا بل همي تحسين البشرية!
لا أتصور أن بين خيارات الأسد وقراراته أن يركب طائرته ويغادر دمشق هاربا، كما فعل الرئيس التونسي زين العابدين، مع أنه خيار جيد وعقلاني. إذن، كيف يفكر؟
حتى نفكر كما لو كنا ننتعل حذاءه، كما يقول المثل، لا بد أن نتقمص بيئته؛ فهو النظام، ومسؤول عن النظام كله، ولا بد أن يفكر في حمايته ككيان متكامل، مسؤول عن الجيش وأجهزته الأمنية، ولن يرضى أن يفرط في شيء منها؛ لأنها ستتحول إلى أداة ضده. عليه، أيضا، أن يمسك بقيادة النظام التي يجلس فيها على يمينه أخوه وعلى يساره قادة من الحلقة الضيقة التي تدير الدولة. وبقدر قلقه من الشارع، يريد ألا تصل المظاهرات إلى وسط دمشق وحلب، كذلك لا يستطيع أن يغفو عن رصد قياداته ولو لدقيقة، خشية أن ينقلبوا عليه فيقدموه كبش فداء للمحرقة.
عليه أن يمارس مهامه العادية حتى يؤكد أن الوضع طبيعي، ويبدو أنه ممسك بالقيادة؛ لأن المظهر لا يقل أهمية عن الحقيقة خلف الجدران، خاصة مع كثرة الشائعات التي تدور في بيوت دمشق عن إصابة شقيقه ماهر وإرساله للعلاج في موسكو، واغتيال اللواء رستم غزالة، ولجوء بعض أفراد عائلته إلى أحد الأديرة، وغيرها من الحكايات التي لا أسانيد لها.
نلاحظ أن الأسد يفكر بطريقة واضحة؛ حيث لم يقدم تنازلا من أي نوع كان، فلم يبدل أحدا من القيادات الأساسية، باستثناء وزير الدفاع، ولم يعطل حزب البعث كما كان منتظرا، ولم يعلن عن انتخابات. أعطى الكثير من الوعود لضيوفه الأتراك والروس والجامعة العربية من دون تنفيذ أي منها. وهذا يعني أنه يفكر وينفذ حلا واحدا، بالأمن والجيش يريد القضاء على الانتفاضة مهما طال الزمن. يعتقد أنه نجا من الأخطار التي أحاقت به بعد اغتيال رفيق الحريري. فقد تمسك بموقفه وتحدى العقوبات الدولية، باستثناء سحب قواته من لبنان، ونجح فعلا في الخروج من الحصار بكامل قدراته. ويريد أيضا أن يكرر التجربة الإيرانية؛ حيث واجه النظام الأمني هناك انتفاضة المحتجين بعد الانتخابات التي كسبها أحمدي نجاد تزويرا، وعلى الرغم من المظاهرات الحاشدة تمت السيطرة فأفرغت الشوارع من المحتجين، وملئت السجون بهم، وهكذا أطفئت الثورة في مهدها.
طبعا أي مطلع يدرك الفارق الكبير بين أزمة اغتيال الحريري في الماضي وأزمة الداخل السوري اليوم، وبين انتفاضة الشعب السوري وانتفاضة الشعب الإيراني. ما يحدث في سوريا ثورة حقيقية هو يعتقد أنه قادر على أن يعيد جنيها إلى القمقم، أي إخضاع المتظاهرين، وهذا أمر صعب إن لم يكن مستحيلا.
ولا بد أن يفكر في خيارات أخرى إضافية غير حشر عشرات الآلاف من النشطاء وأقاربهم في السجون والمعتقلات والملاعب الرياضية والمدارس التي اكتظت بهم، فالحل الأمني هو خياره الأول، والحل السياسي خياره الإضافي؛ حيث سيقدم بعض الحلول السياسية التجميلية بتكليف معارضين مقبولين له بتشكيل حكومة، وانتخابات برلمانية، في حين يستمر بالإمساك بالسلطة الحقيقية، الرئاسة والأمن والجيش ومراكز القرارات السيادية الأخرى.
لا بد أنه يفكر في حلول فيما لو انتقل المحتجون إلى العمل المسلح لمواجهة القمع الذي يتعرضون له. يتصور أنه قادر على مقارعة السلاح بالسلاح بأجهزته الأمنية المتطورة وجيشه الجرار، وثانيا: سيسعى لتصوير الجماعات المسلحة على أنها جهادية بما يخيف الفرقاء في العالم ويدفعهم لتأييده في فترة لاحقة، كما حاول القذافي أن يفعل في مواجهة قوات «الناتو» وفشل.
وماذا لو فشل هو أيضا في مواجهة الثورة المسلحة؟ أتصور أنه يفكر في خياره الأخير؛ الاحتماء بطائفته والأقليات القلقة الأخرى التي حرص على تخويفها من بداية الانتفاضة، زاعما أن جماعات سلفية إسلامية متطرفة ستقوم بذبحهم. وقد فعلها القذافي، لكن لا يبدو أنها ستنقذه طويلا.
هكذا يفكر الأسد في معالجة الثورة ضد نظامه؛ لأنه يعتقد أن أي إصلاحات سيقدمها ستؤدي إلى انهيار نظامه، كما لا توجد إصلاحات أقل من ذلك يمكن أن ترضي الثائرين عليه. وبالتالي تبقى بالنسبة له «يا قاتل يا مقتول»، أو يقول ما يقوله نيتشه: «في العبور إلى الجهة المقابلة مخاطرة، وفي البقاء وسط الطريق خطر، وفي الالتفات إلى الوراء وفي كل تردد، وفي كل توقف خطر في خطر».

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

A Gaza Ceasefire..

 الأحد 9 حزيران 2024 - 6:33 م

A Gaza Ceasefire... The ceasefire deal the U.S. has tabled represents the best – and perhaps last… تتمة »

عدد الزيارات: 160,851,309

عدد الزوار: 7,179,900

المتواجدون الآن: 103