الرستن مدينة أشباح.. ونزوح الآلاف من سكانها.. وحملة عسكرية في ريف دمشق

المعارضة تتوحد لإسقاط الأسد وتطلب الحماية الدولية

تاريخ الإضافة الثلاثاء 4 تشرين الأول 2011 - 5:48 ص    عدد الزيارات 2803    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

المعارضة تتوحد لإسقاط الأسد وتطلب الحماية الدولية
الطلبة السوريون يلبون دعوة «أحد انتفاضة الجامعات».. ودعوات لـ«جمعة دعم المجلس الوطني» * الرستن مدينة أشباح.. ونزوح الآلاف * مقتل نجل مفتي سوريا في إطلاق نار
إسطنبول: ثائر عباس بيروت: بولا أسطيح
نجحت المعارضة السورية، أمس، في توحيد صفوفها لأول مرة منذ اندلاع الاحتجاجات في سوريا في مارس (آذار) الماضي، وأعلنت تشكيل مجلس وطني لها بهدف العمل من أجل إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. ودعت المعارضة التي تضم معظم أطياف السياسية السورية بما فيها الإخوان المسلمون والليبراليون، دول العالم للاعتراف بالمجلس الجديد، كما طالبت بـ«حماية دولية»، كشعار «غير قابل للمناقشة»، من أجل حماية المدنيين السوريين. وسمحت صيغة تم التوصل إليها خلال اجتماع ماراثوني عقد في إسطنبول استمر يومين، بإلغاء منصب الرئيس في المجلس، لصالح هيئة رئاسة جماعية يعتمد فيها مبدأ «المداورة». وأكد المراقب العام للإخوان المسلمين، رياض شقفة لـ«الشرق الأوسط»، أن المعارضة تريد الحماية الدولية «لأنه لم يعد مسموحا باستمرار النظام بما يقوم به من قتل وسفك لدماء الشعب السوري»، لكنه حرص على توضيح أن الحماية «لا تعني التدخل العسكري لأن الشعب السوري يرفض الاحتلال»، مشيرا إلى أن هذه الحماية يمكن أن تتضمن حظرا للطيران، كما يمكن أن تكون ضمن قرارات دولية تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
وخرج مئات السوريين، أمس، في «أحد انتفاضة الجامعات»، ليعلنوا دعمهم وتأييدهم للمجلس الوطني السوري ونصرة للرستن. ويُتوقع أن تتم الدعوة لمظاهرات واسعة يوم الجمعة المقبل، اطلق عليها «جمعة دعم المجلس الوطني» لحشد التأييد له في الداخل والخارج، ولحض الدول العربية والغربية على الاعتراف به.
من جهة ثانية أصبحت مدينة الرستن في محافظة حمص مدينة أشباح، بعد أن هجرها الآلاف من سكانها إثر سيطرة الجيش السوري عليها، وتعرضت المدينة لحملة عسكرية ضخمة قادتها القوات الموالية للأسد، وكان نتيجتها حصار المدينة وقطع الخدمات العامة. ونتيجة للقصف العشوائي هدمت عشرات البيوت وسقط مئات القتلى والجرحى، وهجر الآلاف منازلهم.
من جهتها نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن سارية حسون ابن مفتي الجمهورية السورية أحمد بدر الدين حسون قتل في كمين على الطريق بين حلب وادلب. وقالت الوكالة إن «مجموعة إرهابية مسلحة أقدمت بعد ظهر الأحد على اغتيال الدكتور محمد العمر أستاذ التاريخ في جامعة حلب بإطلاق النار عليه برفقة سارية حسون نجل المفتي العام للجمهورية الشيخ أحمد بدر الدين حسون الذي قتل أيضا».
 
المعارضة السورية تتوحد.. وترفع شعار «الحماية الدولية والاعتراف»
شكلت مجلسا وطنيا وتتجه للمطالبة بنزع عضوية سورية في الجامعة العربية والأمم المتحدة * شقفة لـ«الشرق الأوسط»: نعم للحماية الدولية ولا للاحتلال
إسطنبول: ثائر عباس
نجحت المعارضة السورية أمس في الوصول إلى صيغة حل سمحت لها بالتوحد تحت سقف «المجلس الوطني السوري» الذي قضت التسوية بإلغاء منصب الرئيس فيه، لصالح هيئة رئاسة جماعية يعتمد فيها مبدأ «المداورة». لكن هذه الصيغة سمحت للمعارضة السورية بالتوحد للمرة الأولى منذ اندلاع الاحتجاجات بسوريا في مارس (آذار) الماضي، بما يمكنها من السعي إلى الاعتراف الدولي بالتزامن مع طلب «الحماية الدولية» الذي رفعه المعارضون السوريون شعارا «غير قابل للمناقشة».
وأكد المراقب العام للإخوان المسلمين رياض شقفة، لـ«الشرق الأوسط»، أن المعارضة تريد الحماية الدولية «لأنه لم يعد مسموحا استمرار النظام بما يقوم به من قتل وسفك لدماء الشعب السوري»، لكنه حرص على التوضيح أن الحماية «لا تعني التدخل العسكري لأن الشعب السوري يرفض الاحتلالات». وقال شقفة بعيد انتهاء المؤتمر الصحافي للمعارضة: «لقد قطعنا الخطوة الرئيسية والأهم في عملية الإطاحة بالنظام عبر توحد قوى المعارضة، باعتبار أن العقبة الأساسية كانت تفرق المعارضة، وبدءا من اليوم سوف نبدأ في وضع برنامج الحراك المستقبلي ودينامية العمل المقبلة للمعارضة السورية». ووعد الشعب السوري بأن «نبذل كل جهدنا من أجل دعم الثورة وسنقدم كل ما نملك وأغلى ما لدينا من أجل تخليص شعبنا من الظلم الواقع عليه والذي لم يشهد التاريخ المعاصر مثله. وسوف نبدأ الاتصالات مع الدول والمنظمات لهذه الغاية».
وشدد شقفة على أن «المجلس يمثل معظم الشعب السوري، سواء على مستوى الحراك الداخلي، أو المعارضة في خارج الوطن»، قائلا إن «(الإخوان)، ومنذ بداية الثورة، يسعون لوحدة المعارضة، لكن توزع المعارضة في أنحاء العالم وتفرقها ساهم في تصعيب تحقيق هذا الموضوع الذي تحقق الآن بإذن الله».
وقال: «لقد استعملنا النظام كفزاعة لتخويف الآخرين من أبناء الطوائف الأخرى في هذا الوطن، لكن هذه الفئات تثق بنا الآن، وهذه الفزاعة التي اخترعها النظام ورفعها شعارا تبين للجميع أنها غير حقيقية. الإخوان المسلمون ليسوا إسرائيل، وهذا يثبت مدى تفاهة الشعارات التي يرفعها النظام ومدى استخفافه بمكونات الوطن». وإذ أكد شقفة أنه لا يوجد برنامج منفصل لـ«الإخوان»، علنيا أو سريا، قال إن الحركة تلتزم برنامج المعارضة والثوابت التي اجتمعت حولها وتسعى لتحقيق نفس الأهداف.
وقال شقفة إن الحماية الدولية باتت مطلبا ملحا بعدما تجاوز النظام كل الخطوط الحمراء وداس كل المحرمات، فلم يترك شيئا إلا فعله. وأضاف: «الشعب مصر على سلمية الثورة والنظام مصر من جهة أخرى على القتل وسفك الدماء وترويع الآمنين»، مشيرا إلى أن هذه الحماية يمكن أن تتضمن حظرا للطيران الذي يستعمل في قتل المدنيين، كما يمكن أن تكون قرارات دولية تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، مشددا على أن هذا الأمر أصبح ضرورة ولم يعد خيارا، فلا يمكن السماح للنظام بالاستمرار في قتل شعبه. لكن شقفة حرص على «التوضيح» بأن الحماية الدولية يجب أن تكون من دون تدخل عسكري على الأرض، فـ«الشعب السوري لا يريد احتلالات وهو يرفضها».
وأوضح ممثل القوى الشبابية في الداخل حسان شلبي، أن الدراسات والمشاريع التي جرى العمل عليها في الوقت السابق، سوف تعرض الآن على المجلس الجديد، آملا بأن تحصل هذه المشاريع بشكل سريع، مشيرا إلى أن أسماء في المجلس من الداخل لم تعلن، كاشفا لـ«الشرق الأوسط» عن أن من بينها شخصيات علوية وأخرى درزية بدأت التنسيق مع بقية أطراف المعارضة «لإيمان الشباب بأن هذا النظام لم يعد يمثل أحدا»، معتبرا أن اجتماع المعارضة الآن وتوحدها بات بمثابة «ضمانة للجميع بأن الاختلافات الفكرية والمذهبية لن تعني شيئا في سوريا الجديدة».
وأوضح شلبي أن الخطوة التالية للمعارضة السورية، ستكون في اتجاهين، الأول هو الاعتراف الدولي الذي توقع الحصول عليه بسهولة بعد «التوحد الإعجازي الذي حصل»، والخط الثاني هو الحماية الدولية التي لا نستطيع التراخي في طلبها، مشيرا إلى اتجاه المعارضة إلى طلب نزع الشرعية عن النظام في جامعة الدول العربية ومن ثم في الأمم المتحدة. وأشار شلبي إلى أن سيناريو «قوة الردع العربية أو الإسلامية» مطروح بقوة، مشيرا إلى أن المعارضة سوف تلحق بالشعب في هذا المجال، فكما تبنينا الآن مطلبها بالحماية الدولية سنتبنى أي مطلب ترفعه الثورة في الداخل ونسعى لتحقيقه، مشيرا إلى أن التدخل العسكري الخارجي يجب أن يكون آخر الحلول، لكنه ليس خيارا ساقطا من حساباتنا، بل لا بد من استنفاد كل الأوراق قبل ذلك. وأعرب عن تفاؤله بالحصول سريعا على اعتراف عربي ودولي بهذا المجلس، معتبرا أن هذه المهمة «ستكون سهلة».
وبعد أيام عدة من الاجتماعات في إسطنبول ضمت أطرافا متنوعة من المعارضة السورية لنظام الرئيس بشار الأسد أعلن المفكر السوري المستقل المعارض برهان غليون البيان التأسيسي للمجلس الوطني السوري. وقال غليون في مؤتمر صحافي إن «القوى الموقعة على هذا البيان تعلن عن تشكيل المجلس الوطني إطارا لوحدة قوى المعارضة والثورة السلمية». وأضاف غليون أن هذا المجلس هو «العنوان الرئيسي للثورة السورية ويمثلها في الداخل والخارج، ويعمل على تعبئة فئات الشعب السوري وتوفير الدعم اللازم من أجل تقدم الثورة وتحقيق تطلعات شعبنا بإسقاط النظام القائم بكل أركانه بما فيه رأس النظام، وإقامة دولة مدنية دون تمييز على أساس القومية أو الجنس أو المعتقد الديني أو السياسي.. وهو مجلس منفتح على جميع السوريين الملتزمين بمبادئ الثورة السلمية وأهدافها».
والشخصيات التي وقعت على البيان بحسب ما أعلن في المؤتمر الصحافي هي سمير نشار رئيس الأمانة العامة لإعلان دمشق، وبسمة قضماني الناطقة الإعلامية عضو الهيئة الإدارية للمجلس الوطني السوري، والمفكر برهان غليون، ومحمد رياض شقفة المراقب العام للإخوان المسلمين، وعبد الباسط سيدا ممثل القوى والأحزاب الكردية، وعبد الأحد صطيفو عن المنظمة الآشورية الديمقراطية.
وإضافة إلى هذه الشخصيات يشارك أيضا في هذا المجلس ممثلون للناشطين في الداخل السوري مثل لجان التنسيق المحلية والمجلس الأعلى لقيادة الثورة السورية و«بدعم من الهيئة العامة للثورة السورية». وكانت الهيئة الأخيرة أعربت في بيان قبل نحو شهر عن تحفظها عن إعلان مجلس وطني يضم المعارضة، معتبرة أنه «لا يزال من المبكر» تشكيله.
وأعلن غليون ردا على سؤال حول ما إذا كان هذا المجلس اختار رئيسا له، قال «نحن لم ننه المشاورات حول هذا الموضوع وسنعلن عنه عندما ينتهي البحث فيه»، مشيرا إلى أنه سيكون هناك رئيس للمجلس وأمانة عامة وهيئة تنفيذية. وأضاف غليون أن هذا المجلس هو «هيئة مستقلة ذات سيادة تجسد استقلال المعارضة السورية وسيادة الشعب السوري الذي تمثله في سعيه لتحقيق حريته المنشودة».
وحول النقطة المثيرة للجدل المتعلقة بالتدخل الخارجي أو الدعم الخارجي الذي يمكن أن تحصل عليه المعارضة السورية، قال البيان «يعمل المجلس الوطني مع جميع الهيئات والحكومات العربية والإقليمية والدولية وفق مبدأ الاحترام المتبادل وصون المصالح الوطنية العليا، ويرفض أي تدخل خارجي يمس بالسيادة الوطنية». إلا أن البيان أضاف مميزا بين «التدخل» و«الحماية»، «واستجابة لنداء الثورة يطالب المجلس الوطني المنظمات والهيئات الدولية المعنية بتحمل مسؤولياتها تجاه الشعب السوري والعمل على حمايته من الحرب المعلنة عليه ووقف الجرائم والانتهاكات لحقوق الإنسان التي يرتكبها النظام بجميع الوسائل عبر تفعيل المواد القانونية في القانون الدولي».
وردا على سؤال أوضح غليون هذه النقطة قائلا «عندما نطالب بالحماية الدولية أي حماية شعبنا الأعزل أمام آلة الحرب التي لا تزال تعمل منذ أشهر عديدة، إنما نطالب بتطبيق شرعة الأمم المتحدة خاصة البند المتعلق بحماية المدنيين والذي ينطبق على جميع الدول ولا يعد خرقا لسيادة دولة، لأن قوانين حقوق الإنسان فوق سيادات الدول». وأضاف غليون أن «أي تدخل سيحصل مهما كان نوعه وشكله ينبغي أن يكون بالاتفاق مع المجلس الوطني الذي يمثل الشعب السوري ويكون بالتعاون مع القوى الدولية، ولا نقبل أي تدخل خارج إطار الاتفاق مع المجلس الوطني».
وردا على سؤال حول السعي إلى الاعتراف الدولي بالمجلس قال غليون إن «الأصعب كان تشكيل هذا المجلس في حين أن الاعتراف به هو الخطوة الأسهل»، مضيفا أن «الجميع ينتظرون ولادة إطار موحد للمعارضة لتأييده والاعتراف به بعد أن فقد النظام (السوري) ثقة العالم».
وأدان البيان «سياسة التجييش الطائفي الذي يمارسه النظام والذي يهدد الوحدة الوطنية ويدفع البلاد نحو الحرب الأهلية والتدخل الأجنبي»، معتبرا أن «سوريا الجديدة والحل الديمقراطي يشكلان أفضل ضمانة لجميع مكونات الشعب ضمن الوحدة». كما أعلن البيان تمسكه بـ«الحفاظ على مؤسسات الدولة ولا سيما مؤسسة الجيش التي حاد بها النظام عن وظائفها الحقيقية»، قبل أن يعلن «إيمانه بالانتصار الحتمي للشعب».
وسيعقد المجلس اجتماعه الموسع الأول في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني)، «ولن يكون في تركيا على الأرجح».
وقال حسن الهاشمي عضو المجلس الوطني، إن الأمانة العامة ستتشكل من 29 عضوا يمثلون سبع مجموعات تتوزع على الشكل الآتي: ستة ممثلين للجان التنسيق المحلية، وخمسة للإخوان المسلمين والعشائر، وأربعة عن إعلان دمشق، وأربعة عن التيار الليبرالي برئاسة غليون، وأربعة أكراد، ومسيحي، وخمسة مستقلين. كما أوضح أن هذه المجموعات السبع ستتمثل داخل هيئة تنفيذية من سبعة أعضاء يشكلون الهيئة الرئاسية للمجلس الوطني.
 
ناشطون على «فيس بوك» يعلنون تأييدهم للمجلس الوطني
اقتراح بإطلاق اسم أول دولة تعترف بالمجلس على أحد شوارع حمص
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط» بيروت: بولا أسطيح
رحب الناشطون السوريون وغالبية مؤيدي الثورة، في سوريا بإعلان قوى المعارضة السورية تأسيس المجلس الوطني السوري.
وفور إعلان الاتفاق كتبت الناشطة السورية سهير الأتاسي على صفحتها في موقع «فيس بوك»: «غصب عنك يا بشار.. مبروك علينا المجلس الوطني السوري الموحّد» معلنة تأييدها للمجلس. وسهير الأتاسي الناشطة المتوارية في سوريا كانت أول من أعلن عن انطلاق شرارة الثورة في 15 مارس (آذار) الماضي من خلال اتصال هاتفي لها مع عدة فضائيات عربية. أما الكاتب السياسي المعارض ياسين حج صالح وهو أيضا متوار في سوريا، فقد كتب على صفحته في موقع «فيس بوك» جملة مقتضبة: «أؤيد المجلس الوطني الذي أعلن اليوم».
وتداول الناشطون على نطاق واسع موقف ياسين حج صالح وسهير الأتاسي وغيرهما من المعارضين والناشطين الميدانيين المتوارين عن الظهور لأسباب أمنية، حيث يمارسون نشاطهم بشكل سري، ويتواصلون مع جماهيرهم عبر «فيس بوك» ومواقع أخرى تتيح التواصل الآمن.
وبعد أسبوع من الإحباط والمشاعر السلبية، وقيام النظام السوري بعملية عسكرية واسعة النطاق في محافظة حمص لا سيما في مدينة الرستن، وتنامي الاعتقالات في صفوف الناشطين، وارتفاع حجم الخسائر البشرية، في ظل تخبط طويل للمعارضة، جاء الإعلان عن تشكيل مجلس وطني طال انتظاره، جمع حدا مقبولا من التوافق بين مختلف الاتجاهات والتيارات السياسية وأعطى دفعا جديدا للحراك الشعبي.
واعتبرت المعارضة الناشطة خولة دنيا أن المجلس الوطني السوري المعلن عنه في اسطنبول أمس «أول تجمع حقيقي للمعارضة السورية في الداخل والخارج». وتمنت في تعليق كتبته على صفحتها في موقع «فيس بوك» أن يكون هذا المجلس الأخير الذي يشكل بعد مجلسين سبق وأعلن عنهما ولم يحوزا التوافق، متمنية «أن يستقطب باقي الأطراف التي لم توافق عليه حتى الآن». وأكدت أن «المجلس الوطني يمثلنا بمقدار ما يمثل طموح السوريين وبمقدار ما يقدمه على الأرض من خطوات عملية».
وأيد مثقفون سوريون المجلس. وكتب الأديب خطيب بدلة: «أنتمي إلى الشعب السوري، والشارع السوري، وليس لي أية علاقة بحزب سياسي، أو تيار، أو تجمع، أو ائتلاف.. وأعلن تأييدي للمجلس الوطني السوري الذي أعلن اليوم في اسطنبول». وكذلك الكاتبة والناشطة ريما فليحان التي تمكنت من الهرب من سوريا إلى الأردن الأسبوع الماضي بعد فترة عصيبة من الملاحقات، وكتبت على صفحتها في «فيس بوك»: «أؤيد وبقوة المجلس الوطني.. وأشد على أيدي كل من ساهم في ولادة بداية نهاية النظام السوري».
وتسارعت خطوات التأييد، وعبر الناشط عيسى مصطفى عن فرحته بالمجلس، وكتب قائلا: «ليس بوسعي أن أمنع دموع الفرح بوحدة وطنية حرة ممثلة بالمجلس الوطني»، فيما أكدت الناشطة زاهير آكاد أن «المجلس الوطني يمثلني.. وبرهان غليون يمثلني كرئيس للمجلس الوطني وأعترف به ممثلا شرعيا لي». ومن جانبه كتب الناشط قاسم العمار: «المجلس الوطني السوري لن يهمش أحدا وسيكون اللبنة الأساسية لسوريا دولة القانون والمواطنة العادلة لكل السوريين الذين ولاؤهم للوطن فقط».
أما «كنا قوجا»، من حمص، ويعيش في الخارج، فقد أعلن تأييده للثورة، واقترح أن يطلق اسم أول دولة تعترف بالمجلس السوري على أحد شوارع حمص. كما اقترح مروان حمود تأييد ودعم المجلس الوطني باعتباره «فرصة لترسيخ وحدتنا ومأسسة عملنا». أما مصطفى حديد فقد كتب قائلا، موجها حديثه للرافضين للمجلس: «شعبنا متعدد ومتنوع، واتجاهاتنا السياسية وأفكارنا كذلك، المؤمن والليبرالي والعلماني والمحافظ والتقدمي والرجعي واليميني واليساري.. من يطلب تمثيلا حصريا للجميع، يطلب المستحيل.. التوافق على الحد الأدنى هو الممكن وهو الكافي».
لفت ناشطون إلى أن دعمهم للمجلس الوطني «ينطلق أولا وأخيرا من كونه منسجما مع مبادئ الثورة السورية، ولأنه مثل المحاولة الأكثر جدية لتمثيل وتوحيد المعارضة»، وقالوا: «نتمنى من كل الأطراف في الداخل والخارج أن تتعاون وتدعم هذا المجلس، من أجل تحقيق أهداف ثورتنا في إسقاط النظام، وإقامة دولة مدنية ديمقراطية».
وقد لاقى المجلس تأييد 90% ممن شاركوا في التصويت على شرعيته خلال استفتاء واسع شارك فيه الآلاف عبر موقع التواصل الاجتماع «فيس بوك».
 
الرستن مدينة أشباح.. ونزوح الآلاف من سكانها.. وحملة عسكرية في ريف دمشق
المرصد السوري: الوضع الإنساني سيئ جدا في الرستن.. لدينا معلومات عن دفن عشرات المدنيين في حدائق المنازل * مقتل أستاذ جامعي وإصابة نجل مفتى سوريا في كمين
بيروت: بولا أسطيح دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
أصبحت مدينة الرستن القريبة في محافظة حمص مدينة أشباح، بعد أن هجرها الآلاف من سكانها إثر سيطر الجيش السوري عليها، وحصول مواجهات عنيفة بين القوات السورية وعسكريين منشقين استمرت لعدة أيام.
وتعرضت المدينة التي كانت مركزا عسكريا لحزب البعث الحاكم، وانقلبت عليه، لحملة عسكرية ضخمة قادتها القوات الموالية للرئيس بشار الأسد، وكان نتيجتها حصار المدينة وقطع الخدمات العامة من اتصالات وماء وكهرباء. ونتيجة للقصف العشوائي هدمت عشرات البيوت وسقط مئات القتلى والجرحى وهجر الآلاف منازلهم.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «الجيش السوري سيطر بالكامل على الرستن»، المدينة التي تبعد 160 كلم شمال دمشق، موضحا أن «خمسين دبابة غادرت المدينة الأحد». وأضاف أن «منازل عدة دمرت والوضع الإنساني سيئ جدا. لدينا معلومات عن عشرات المدنيين الذين قتلوا ودفنوا في حدائق المنازل خلال قصف الجيش الذي استمر أربعة أيام للمدينة». وقال ناشطون إن قوات الأسد قامت بحملة اعتقالات عشوائية شملت الأشخاص البالغة أعمارهم ما بين 14 و60 سنة، وقد بلغ عدد المعتقلين أكثر من ثلاثة آلاف معتقل. وطالب هؤلاء كل المنظمات الحقوقية والهيئات الدولية التابعة للأمم المتحدة والدول الكبرى بسرعة التحرك لإنقاذ الرستن من الكارثة الإنسانية التي تتعرض لها، والإسراع بالعمل للإفراج عن المعتقلين والأسرى الذين اعتقلوا في أماكن سيئة ولا إنسانية. وأعلن ضباط منشقون عن الجيش مساء أول من أمس في بيان «الانسحاب من الرستن» بسبب «التعزيزات الكبيرة والأسلحة التي تستخدمها عصابات الأسد.. فقررنا الانسحاب كي نواصل الكفاح من أجل الحرية».
ومن جهتها قالت وكالة الأنباء السورية (سانا) إن «الأمن والهدوء عادا إلى الرستن وبدأت المدينة في استعادة عافيتها ودورة حياتها الطبيعية بعد دخول وحدات من قوات حفظ النظام، مدعومة بوحدات من الجيش إليها وتصديها للمجموعات الإرهابية المسلحة». وأضافت الوكالة أن هذه المجموعات «روعت الأهالي واعتدت بمختلف صنوف الأسلحة على قوات حفظ النظام والجيش والمواطنين، وأقامت الحواجز في المدينة وأغلقت طرقاتها الرئيسية والفرعية وعزلتها عن محيطها».
إلى ذلك خرج مئات السوريين في «أحد انتفاضة الجامعات» ليعلنوا دعمهم وتأييدهم للمجلس الوطني السوري ونصرة للرستن. وفي مدينة دوما خرج الآلاف، معظمهم من النساء بدعوة من تنسيقية نساء دوما الحرة، ليشكروا أعضاء المجلس الوطني وليتشاركوا معهم في رفع الشعلة لاستكمال الطريق باتجاه إسقاط النظام.
وفي بلدة كفرشمس في محافظة درعا تظاهر المئات، مشكلين سلاسل بشرية طويلة للتعبير عن تضامن قوى المعارضة في سبيل إسقاط النظام، رافعين اللافتات التي تدين المجازر التي ترتكب في الرستن والداعمة للمجلس الوطني. أما في مدينة تدمر في محافظة حمص فلبّى عشرات الطلاب دعوة المعارضة للتظاهر في «أحد انتفاضة الجامعات». فخرج الصغار بلباسهم وحقائبهم المدرسية مرددين الهتافات الداعية لإسقاط نظام الأسد. وبعد تشييع الناشط مأمون حسين الديك خرجت عشرات النسوة في بلدة كفرومة في محافظة إدلب، رافعات لافتات كتب عليها «الله أكبر»، ومرددات هتافات: «بالروح، بالدم، نفديك يا شهيد».
وتنظم المعارضة السورية هذا الأسبوع مظاهرات واسعة تحت مسمّى «أسبوع نصرة الرستن»، وقد خصّص الناشطون اليوم الاثنين لنصرة أهل تلبيسة، على أن تخرج المظاهرات يوم غد الثلاثاء وفاء للشيخ أحمد الصياصنة، بينما أطلق على يوم الخميس المقبل «خميس التآخي»، ويُتوقع أن تتم الدعوة لمظاهرات واسعة يوم الجمعة المقبل دعما للمجلس الوطني السوري وحشدا لتأييد الداخل والخارج له ولحض الدول العربية والغربية للاعتراف به والتعامل معه.
وفي «محافظة إدلب سلمت السلطات السورية جثماني مواطنين اثنين إلى ذويهما في مدينة خان شيخون كانت السلطات الأمنية السورية قد اعتقلتهما قبل أيام خلال ملاحقة مطلوبين للأجهزة الأمنية»، حسبما ذكر المرصد السوري. وذكر أيضا أن «قوات الأمن السورية تنفذ حملة مداهمات واعتقالات منذ صباح أمس في مدينة حرستا بريف دمشق، وأسفرت الحملة المستمرة عن اعتقال 27 شخصا حتى الآن».
من جهتها، نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن سارية حسون ابن مفتي الجمهورية السورية أحمد بدر الدين حسون أصيب بجروح في كمين على الطريق بين حلب وإدلب. وقالت الوكالة إن «مجموعة إرهابية مسلحة أقدمت بعد ظهر أمس على اغتيال الدكتور محمد العمر أستاذ التاريخ في جامعة حلب بإطلاق النار عليه أثناء توجهه إلى الجامعة برفقة سارية حسون نجل المفتي العام للجمهورية الشيخ أحمد بدر الدين حسون الذي أصيب بجروح نقل على أثرها إلى المشفى الوطني بإدلب». ونقلت الوكالة عن مصدر في قيادة شرطة إدلب أن «المسلحين نصبوا كمينا لسيارة الدكتور العمر بالقرب من جامعة ايبلا على طريق إدلب - حلب وقاموا بإطلاق النار عليها بكثافة مما أدى إلى مقتل الدكتور العمر وإصابة نجل مفتي الجمهورية».
من جهة أخرى أفاد المرصد أنه «علم أن دورية تابعة لفرع المخابرات الجوية في حمص اعتقلت ظهر السبت المعارض منصور الأتاسي من مكتبه في حي الخالدية، ولا يزال مصيره مجهولا». ودعا إلى الإفراج عن المعارض منصور الأتاسي (63 سنة) القيادي في هيئة التنسيق لقوى التغيير الوطني الديمقراطي، «وعن كل معتقلي الرأي والضمير في السجون والمعتقلات السورية، ويدين المرصد بشدة استمرار السلطات الأمنية السورية في ممارسة سياسة الاعتقال التعسفي بحق المعارضين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني وحقوق الإنسان والمتظاهرين السلميين على الرغم من رفع حالة الطوارئ».
 
طهران تجدد الدعوة لإجراء إصلاحات في سوريا وإطلاق الحوار
طهران - لندن: «الشرق الأوسط»
جددت طهران أمس دعوتها للنظام السوري بإجراء إصلاحات وعقد حوار مع قوى المعارضة في سوريا، لكنها وجهت في الوقت نفسه انتقادات للغرب بالتدخل في شؤون دمشق باعتبارها «في خط المواجهة» مع إسرائيل.
واستقبل علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان)، محمود الأبرش رئيس مجلس الشعب السوري، في طهران أمس، «وتباحث معه في العلاقات الثنائية والتطورات في المنطقة»، وأفادت وكالة أنباء «مهر» الإيرانية، شبه الرسمية، أن لاريجاني «أشاد بمواقف الحكومة والشعب السوري ودعمهما للشعب الفلسطيني»، وأضاف أن «السبب الرئيسي لعداء الغرب لسوريا هو وقوفها في خط المواجهة الأول مع الكيان الصهيوني ودعمها لانتفاضة الشعب الفلسطيني».
ووجه لاريجاني، الذي تخوض بلاده نزاعا مع الغرب بسبب ملفها النووي المثير للجدل وسجلها الحافل بانتهاكات حقوق الإنسان، انتقادات إلى بعض الدول الغربية بسبب «تدخلها في الشأن الداخلي السوري الذي يزيد من تعقيدات الوضع هناك»، ووصف ذلك التدخل بأنه «غير مقبول»، قائلا إن «هذه الدول تتحدث عن الديمقراطية وهي فاقدة لها، والأولى أن تصلح أوضاعها الداخلية». وفي ختام اللقاء «تمنى» لاريجاني أن تجد الإصلاحات التي طرحها الرئيس السوري بشار الأسد «طريقها للتطبيق وأن تحل المشكلات بالحوار البناء».
 
حظر سوريا الصادرات الصناعية اللبنانية يهدد بخسائر تفوق الـ300 مليون دولار
وزير الاقتصاد لـ«الشرق الأوسط»: هو تدبير مؤقت.. ونحن على اتصال يومي مع السوريين لحل المشكلة
بيروت: بولا أسطيح
شكل قرار الحكومة السورية الأسبوع الماضي منع استيراد عدد كبير من السلع من جميع البلدان بما فيها لبنان، صفعة قوية للمصدرين اللبنانيين وبالتحديد للصناعيين الذين وفي حال لم يتم الرجوع عن القرار سيتكبدون خسائر تفوق الـ300 مليون دولار.
وكان وزير الاقتصاد والتجارة السوري محمد نضال الشعار أعلن مؤخرا أنه «وفي إطار الإجراءات الوقائية لحماية الاقتصاد الوطني والمنتجات المحلية، أصدر مجلس الوزراء قرارا يقضي بتعليق استيراد بعض المواد التي يزيد رسمها الجمركي على 5 في المائة ولمدة مؤقتة وذلك باستثناء بعض السلع الأساسية التي يحتاجها المواطن والغير المتوفرة محليا».
وقد دقت كتلة «نواب زحلة» المعارضة ناقوس الخطر معربة عن تخوفها من أن «ينعكس قرار السلطات السورية بوقف استيراد الصناعات اللبنانية إلى سوريا سلبا على الصناعات الغذائية الزراعية في منطقة البقاع»، معتبرة أن «القرار الأحادي من الجانب السوري يخالف اتفاقية التيسير للتجارة العربية ويلحق خسائر مباشرة تطال شريحة واسعة من أهل البقاع». وتوجهت الكتلة للحكومة داعية إياها أن «تبادر للاتصال بالجانب السوري ومعالجة القرار قبل ظهور عواقبه السيئة».
وفي اتصال مع «الشرق الأوسط»، شدد وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني نقولا نحاس على أن «التدبير السوري مؤقت»، معلنا أنه «اتصل بنظيره السوري وأن هناك اتصال وتنسيق يومي مع السوريين لحل المشكلة». ووعد الوزير نحاس المصدرين بأن «الوزارة والحكومة لن تألوا جهدا في إعادة الأمور لنصابها»، وقال: «سنستكمل البحث في الأسبوع الحالي مع المسؤولين السوريين ونأمل خيرا».
بالمقابل، لفت عضو كتلة «نواب زحلة» عاصم عراجي إلى أن المعلومات المتوافرة لديهم تؤكد أن «فترة منع الاستيراد من لبنان من قبل سوريا ستكون طويلة»، معربا وفي اتصال مع «الشرق الأوسط» عن «تخوفه من استمرار الوضع على ما هو عليه لأن منطقة البقاع تعتمد وبشكل رئيسي على تصدير المنتجات الزراعية والغذائية»، لافتا إلى أن «الخسائر قد تفوق الـ400 مليون دولار في حال لم يتم الرجوع عن القرار». وقال: «على الحكومة اللبنانية الحالية التي تعتبر حليفة ووليدة النظام السوري والتي من المفترض أن تمون عليه دعوته للعودة عن هذا القرار المجحف».
وكان رئيس جمعية الصناعيين نعمت أفرام أعلن مؤخرا أن «5 في المائة من حجم الصادرات الصناعية اللبنانية تتوجه إلى سوريا وبالتالي وإذا لم يجر العدول عن هذا القرار أو تعديله، فستصبح نسبة التصدير إلى سوريا صفرا، وهذا من شأنه أن يترك انعكاسات شديدة السلبية على القطاع الصناعي، وقد يؤدي إلى إقفال عدد من المصانع في لبنان، ولا سيما المصانع التي تعتمد أساسا على التصدير إلى سوريا». ولفت أفرام إلى أنه «فوجئ بالخطوة السورية لأن هناك اتفاقية لبنانية - سورية واتفاقية تيسير التجارة العربية»، داعيا إلى السير في معالجة ثنائية بين لبنان وسوريا لهذا الأمر.
يذكر أن القطاع الزراعي اللبناني نجا من القرار السوري الأول الذي أرفق بقرار آخر يستثني من الحظر المواد التي رأتها الوزارة أساسية لاستمرار المنشآت الصناعية بأعمالها، وخاصة صناعة الألبسة، كذلك، شمل الاستثناء الخضر والفواكه الطازجة، وذلك «لتأمين هذه المواد للمواطنين السوريين من دون أن يطرأ عليها ارتفاع في الأسعار أو فقدانها من الأسواق»، بحسب ما أوضحت وزارة الاقتصاد السورية. وبالتالي أصبحت الشاحنات اللبنانية المحملة بالمنتجات الزراعية مستثناة من قرار حظر الاستيراد السوري. علما أن عدد الشاحنات المحملة بالمنتجات الصناعية قليل، إذ إن غالبية الصادرات اللبنانية إلى سوريا هي من الخضر والفاكهة.
 
نذر حرب تجارية بين دمشق وأنقرة.. وتحذيرات متبادلة بمقاطعة البضائع
حجم التبادل التجاري بينهما بلغ العام الماضي 2.5 مليار دولار معظمها صادرات تركية إلى سوريا
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
الأزمة التركية - السورية تتجه إلى مزيد من التصعيد، بعد إعلان الحكومة السورية تعليق استيراد المواد التي يزيد رسمها الجمركي على 5 في المائة، تزامنت مع حملة إعلامية شنتها وسائل الإعلام شبه الرسمية لمقاطعة البضائع التركية، في حين ارتفعت أصوات في جلسات الحوار التي عقدها النظام في المحافظات السورية لتطالب بإلغاء الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة بين سوريا وتركيا في السنوات الأخيرة، والتي يراها كثير من السوريين أنها مجحفة وتميل لصالح الطرف التركي، ما دفع الحكومة السورية للتلويح بإمكانية إعادة النظر بتلك الاتفاقيات.
وفي المقابل لوح رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، بمقاطعة تجارية مع سوريا، وإغلاق الأسواق التركية أمام المنتجات السورية، وأعلن أردوغان أنه ينسق مع المسؤولين الأميركيين لزيادة الضغط على سوريا. وإزاء هذه التطورات يرى الخبراء أن الأزمة بين البلدين، باتت تتجه إلى تصعيد جدي، ويوحي بأن «ما يخبئه المستقبل سيكون أعظم».
وشنت وسائل الإعلام السورية شبه الرسمية حملة تدعو إلى مقاطعة البضائع التركية في الأسواق السورية، وقامت بإجراء استطلاعات رأي في الشارع، قالت إن السوريين، يريدون مقاطعة البضائع التركية، ولكن هذه الحملة أخطأت في إصابة الهدف، وحصل خلط بين قرار تعليق الاستيراد الذي اتخذته الحكومة مضطرة لحماية احتياط القطع الأجنبية في مواجهة العقوبات الاقتصادية، وبين العلاقات السياسية مع تركيا.
وخرج وزير الاقتصاد التركي ظفر كاجليان ليحذر سوريا بشدة متوعدا برد مناسب إذا قاطعت البضائع التركية، وقال كاجليان إن «بلاده لن تتردد في توجيه الانتقام المناسب إذا ما قررت دمشق مقاطعة السلع التركية»، مهددا بأنه إذا «حدث هذا فإن تركيا ستفعل نفس الشيء بالنسبة للسلع السورية»، داعيا دمشق إلى «تصحيح هذا الخطأ في أسرع وقت». وقال كاجليان: «إن هذا القرار سيكون له آثار أكبر على الاقتصاد السوري أكثر من أثره على اقتصاد تركيا أو أي دولة معنية.. فليس هناك دولة على وجه الأرض تدير اقتصادها من دون واردات».
وتعتبر تركيا الشريك التجاري الأول لسوريا، واحتلت مشاريعها في البلاد العام الماضي المرتبة الأولى. وتشير أرقام رسمية إلى أن حجم التبادل التجاري بينهما بلغ العام الماضي 2.5 مليار دولار، بينها نحو 1.6 مليار دولار صادرات تركية إلى سوريا. علما أن البلدين وقعا في عام 2004 اتفاقا للتجارة الحرة دخل حيز التنفيذ عام 2007، فأدى إلى زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 30 في المائة سنويا. وبلغ التبادل التجاري خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي نحو 1.4 مليار دولار، بانخفاض 1.1 في المائة عن الفترة ذاتها من العام الماضي. ودخل نحو 1.5 مليون سائح تركي إلى سوريا العام الماضي، منهم 865 ألفا أمضوا على الأقل ليلة واحدة في البلاد، بينما زار تركيا نحو مليون سائح سوري.
ويشار إلى أنه في العام الماضي ومع تدفق البضائع التركية إلى السوق السورية، ارتفعت أصوات تطالب بالمعاملة بالمثل إذ إن البضائع التركية كانت تتدفق بتسهيلات كبيرة في حين توضع العراقيل أمام الصادرات السورية. وقد اشتكى من هذا أكثر من مرة نائب رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها عصام زمريق عبر تصريحات صحافية، حذر فيها من غزو البضائع التركية المدعومة لأسواق سوريا لأن الأبواب مفتوحة بوجهها، في حين تقيد الصادرات السورية لدول الجوار بالكثير من التعقيدات.
وطالب المسؤول «بتشجيع الصناعة المحلية وتفعيل قانون مكافحة الإغراق. وخاصة بعد تزايد الإقبال الشعبي على البضائع الأجنبية ذات النوعية الرديئة التي غزت الأسواق السورية بأسعار رخيصة». إلا أن الحكومة السورية لم تكن تستجيب لتلك الشكاوى، ولكن بعد تأزم العلاقات السياسية خلال الأشهر الأخيرة، بدأت تفكر بإعادة النظر في الاتفاقيات الاقتصادية مع الدولة الجارة، إلا أنها لم تعلن صراحة عن ذلك بل تم نفي أن قرار تعليق الاستيراد المقصود به تركيا، وصدرت عدة توضيحات حيث نفى معاون وزير الاقتصاد والتجارة خالد سلوطة في تصريح صحافي أن «تكون وزارة الاقتصاد السورية أبلغت الشركات التركية وقف استيراد السلع والمنتجات التركية كلها». وأوضح أن «قرار الحكومة هو تعليق الاستيراد من دول العالم كلها»، وفي السياق ذاته صرح رئيس اتحاد غرف التجارة السورية غسان القلاع للصحافة أن «سوريا في قرارها تعليق المستوردات شملت دول اتفاقيات منطقة التجارة الحرة والدول التي تربطنا معها اتفاقيات تجارة حرة ثنائية، وعلى ذلك من الممكن أن تقوم تلك الدول بإجراء مماثل وسوريا علقت الاستيراد ولم تلغه أو حتى تحظره وإنما علقته حتى إشعار آخر».
وعدا المشكلة السياسية التي وجهتها الحكومة السورية جراء قرار تعليق الاستيراد، واجهت مشكلة اقتصادية داخلية كبرى، فمع أن الهدف من القرار بحسب تصريحات حاكم المصرف المركزي السوري أديب ميالة «توفير ما لا يقل عن 6 مليارات دولار بينها 4.5 مليار دولار من استيراد السيارات»، مع الإشارة إلى أن «البضائع التي يشملها القرار تمثل نحو 25 في المائة من الواردات»، إلا أنه قرار جاء صادما لسوق العمل، وتوقع اقتصاديون أن يلحق القرار مزيدا من الأضرار بالاقتصاد السوري خاصة في ظل فرض عقوبات من دول غربية، حيث بادر الكثير من التجار إلى رفع أسعار المواد الاستهلاكية احتجاجا على القرار، الأمر الذي ألحق ضررا مباشرا بالمواطن. ودفع وزارة الاقتصاد السورية إلى إعلان استعدادها لتعديل القرار استنادا لحاجات الصناعة والتجارة ولتوفير السلع الأساسية في الأسواق، معتبرة أن القرار ليس منزلا، وأنه قابل للتعديل أكثر من مرة، وفقا لحاجة الأسواق، وطلبت من غرف الصناعة والتجارة إبداء ملاحظاتها لدراستها، في إطار مسؤول، بحيث يتم تخفيف الضغط على الاحتياطي من العملات الأجنبية، وخاصة أن الحكومة ملتزمة بشكل كامل باستمرار الدعم للمواد الغذائية الأساسية ومادة المازوت، مما يشكل عبئا متزايدا على القطع الأجنبي، الذي يحتاج إلى إدارة واعية ومسؤولة. وذكرت مصادر صحافية أن مساعد وزير الاقتصاد والتجارة السوري خالد سلوطة التقى في مقر غرفة التجارة بحلب حشدا من التجار الذين أجمعوا على رفض قرار تعليق الاستيراد، حيث أعرب البعض عن دهشته من إصدار مثل هذه القرارات بشكل مفاجئ دون أي سابق إنذار وعدم الإعلان عنه ولو بفترة قصيرة مما سبب إرباكا للتجار الذين كانت لديهم طلبات استيراد بمواعيد محددة، وإذا ما طالت مدة هذا المنع فإن التجار سيضطرون لفسخ العقود التي أبرموها مع الجهات الموردة وبالتالي خسارة ملايين الليرات.
يشار إلى أن الاقتصاد السوري تأثر إلى حد كبير بالأحداث التي تشهدها البلاد منذ أكثر من 6 أشهر، حيث تضررت عدة مجالات فيه، أهمها السياحة، التي انخفض مردودها إلى الصفر، إضافة إلى ركود يسود الأسواق التجارية. وكان صندوق النقد الدولي توقع الأسبوع الماضي أن ينكمش الاقتصاد السوري 2 في المائة هذا العام بعد أن كان يتوقع نموا نسبته 3 في المائة في أبريل (نيسان).
 
شبح حرب أهلية يخيم على حمص.. ومعارضة قوية لحمل السلاح
معارضون يخشون من أن حمل السلاح سيمثل ذريعة للحكومة كي تعمد إلى إجراءات قمعية وحشية
بيروت: أنتوني شديد*
ترفرف أشباح حرب أهلية على مدينة حمص، ثالث أكبر المدن السورية، حيث يطلق محتجون مسلحون على أنفسهم لقب «ثوار»، وتحدث كل ساعات قليلة معارك بالأسلحة النارية، وتنفذ القوات الأمنية وخصوم عمليات اغتيال، وبلغ سعر البندقية 2000 دولار، وبدأت تغمر المدينة من الخارج، وذلك بحسب ما أشار إليه سكان بالمدينة.
ومنذ بدء الانتفاضة في مارس (آذار) الماضي، ظهرت مدينة حمص كأحد أهم المدن السورية المتنازع عليها، ويأتي شبابها من بين أكثر الشباب تنظيما وعنادا في مواقفهم، ولكن في وسط الطيف السياسي، يتحدث سكان محليون عن تحول حاسم خلال الأسابيع الماضية، حيث تفسح انتفاضة سلمية بدرجة كبيرة الطريق أمام صراع طاحن جعل مدينة حمص عنيفة ومخيفة.
وينبه محللون إلى أن النزاع داخل حمص لا يزال خاصا بهذه المدينة، ويعارض الكثيرون في المعارضة العنف، لأنهم يخشون من أن ذلك سيمثل ذريعة للحكومة كي تعمد إلى إجراءات قمعية وحشية.
ولكن على ضوء عمليات القتل المستهدفة، ونقاط التفتيش الأمنية المنافسة، والمشاعر الطائفية المحتدمة، تقدم المدينة مشهدا كئيبا قد يخبر عن مستقبل الانتفاضة السورية، حيث تستعد الحكومة والمعارضة على السواء لصراع طويل الأمد يختبر استمرارية أربعة عقود من الديكتاتورية.
وقال طالب بكلية الهندسة، يبلغ من العمر 21 عاما، شريطة عدم ذكر اسمه خشية الانتقام: «لقد انتهينا من مرحلة الاحتجاج، وندخل الآن إلى مرحلة أكثر أهمية». وتعد مدينة حمص نموذجا مصغرا لسوريا بالكامل، حيث توجد بها أغلبية من المسلمين السنة وأقليات مسيحية ومن الطائفة العلوية، وهي الطائفة التي يعتمد عليها الرئيس بشار الأسد في الكثير من قياداته.
وقد قوضت ستة أشهر من الاحتجاجات والإجراءات القمعية العلاقات بين هذه المجتمعات، ووفرت الظروف لنزاع حضري، وتقوم معارضة مسلحة بالدخول في معارك مع القوات الأمنية بالمناطق الأكثر اضطرابا. وقد حاول متمردون حماية المتظاهرين السلميين الذين تسعى الحكومة لإلقاء القبض عليهم، وقد باتت التوترات كئيبة لدرجة أن أفراد إحدى الطوائف يترددون في السفر إلى أحياء يعيش فيها أفراد طوائف أخرى، وداخل بعض أجزاء المدينة يمشي الرجال حاملين الأسلحة بشكل صريح.
وربما يظهر أحد أكثر صور الصراع درامية في سلسلة من عمليات الاغتيال، خلال الأسبوع الماضي، خلفت نحو اثني عشر قتيلا، بينهم أساتذة جامعيون وأطباء ومخبرون، في نوبة مفاجئة من أعمال العنف تذكر بأعمال عنف طائفي لا تزال تحدث في العراق. وفي عكس الأيام الأول للانتفاضة، عندما كانت الحكومة تحتكر تقريبا أعمال العنف، بدأ الخوف ينتشر في الاتجاه الآخر، بينما يسعى متمردون لقتل أنصار الحكومة ومخبرين، بحسب ما يذكره أهل المدينة.
ومن بين القتلى الدكتور حسام عيد، رئيس قسم جراحة الصدر في المستشفى الوطني داخل دمشق، المنتمي للطائفة العلوية، وكان يعيش في حي الزهراء، وهو من الأحياء التي تشكل فيها طائفته العلوية أغلبية، وما زالت الشوارع والمباني عليها صور الأسد. قُتل عيد بطلق ناري أمام منزله بينما كان عائدا من عمله، بحسب ما ذكره سكان محليون.
ووصفته صحيفة «العروبة»، وهي صحيفة موالية للحكومة، بأنه «رمز للإخلاص»، وقالت إنه كان يعالج ضحايا أعمال العنف «من دون تمييز بين أي منهم»، ولكن في مناطق المسلمين السنة، يصفه السكان بأنه مخبر حكومي ساعد القوات الأمنية على اعتقال الجرحى الذين كانوا يعالجون في مستشفاه.
وبحلول الليل، ظهرت مسحة شعور بالنصر داخل المدينة، بينما كان بعض السكان يحتفون بموته. وذكر شخص يبلغ من العمر 65 عاما، قال إن اسمه رجب: «كان مسؤولا عن موت الكثير من الشباب، لقد قُتل لأنه يستحق ذلك». وبعد فجر اليوم التالي، علا صوت إطلاق النيران بينما كان الأطفال في طريقهم إلى المدرسة. وقال رجل كبير السن يجمع القمامة وينظف الشوارع في المنطقة: «لقد أطلقوا النار على أبو علي». وذكر سكان بالمدينة أن أبو علي مخبر آخر. وقال ناشط في أواخر الأربعينات، قال إن اسمه أبو غالي: «كنا نحن الشباب منتبهين إليه منذ وقت طويل، ولكن الوضع مختلف تماما، فقد استمر في كتابة تقارير، ولذا اضطروا لقتله، ولا أعتقد أنه مات فورا»، وقال أبو غالي إنه ليس من الصعب الحصول على معلومات عن المخبرين، وأضاف: «يمكنك القيام بأي شيء باستخدام المال.. ما عليك إلا أن تقدم رشوة لضابط شرطة، وأن تكون سخيا معه، ويمكنك الحصول على ما تود».
وقد وقعت حوادث القتل خلال يومين دمويين في حمص، وهي مدينة تقع على طول نهر العاصي، وليست بعيدة عن قلعة الحصن التاريخية، التي تعود لحقبة القرون الوسطى، وقال السكان إنه بعد موت أبو علي قتل ثلاثة مدرسين علويين في مدرسة في حي بابا عمرو (صحف الحكومة لم تؤكد هذه الوفيات). وعثر في فترة بعد الظهر على محمد علي عقيل، وهو عميد مساعد في جامعة البعث في حمص، ميتا في سيارته على الطريق السريع. وقد قال الطلاب إنه أبدى تأييده للانتفاضة وانتقد قيادة الرئيس الأسد في محاضراته.
وقد كتب أحد الطلاب على موقع «فيس بوك»: «صحيح أننا كنا نخاف أثناء محاضراتك، ولكنك كنت أستاذا رائعا، فلترقد في سلام، ونحن لن ننساك أبدا».
وتأخذ حمص وضعا غريبا بالقرب من الحدود اللبنانية، حيث يقول السكان إن الأسلحة تتدفق عبر الحدود السهلة الاختراق من تركيا، فالكثير من السكان يشعرون في آن واحد بالخوف والفخر، مستمدين القوة من معارضتهم للديكتاتورية، بينما الكثير من العلويين مرعوبون، فهم غالبا ما يكونون ضحايا وضعهم في صور نمطية مبتذلة وربطهم في الأحاديث الشعبية بالنظام الحاكم.
ولا يشاهد السكان في القرى العلوية سوى قنوات التلفزيون الحكومية، ولكن القيام بمثل هذا الفعل في الأحياء السنية يصل إلى مرتبة الخيانة، حيث قناتا «الجزيرة» و«العربية» هما القناتان المفضلتان. ويعطي الشك الفرصة لانتشار أغرب الشائعات، ويقال إن جزارة في حمص تدعى أم خالد تطلب من العصابات المسلحة أن تجلب لها جثث العلويين الذين يأسرونهم حتى تقطعهم وتبيع لحموهم إلى زبائنها. وتعمل العلاقات التاريخية الممتدة منذ قرون بين الطوائف على بقاء المدينة متماسكة، حتى مع نذر الحرب الأهلية التي تهدد بقطع هذه العلاقات للأبد، ويشتعل الريف، كما يقول السكان، بدرجة أشد من الكراهية الطائفية، حيث تفصل نقاط تفتيش حكومية بين السنيين والعلويين.
وقال ناشط (46 عاما): «عندما يقتل أحد الجانبين علويا، يقتل الجانب الآخر سنيا». وقد كانت الحصيلة الإجمالية للانتفاضة قاتمة، فقد لقي أكثر من 2700 شخص حتفهم، حسب إحصاء الأمم المتحدة، ولا تزال الانتفاضة تستمد الكثير من قوتها من الريف، بينما لا تزال المدينتان الكبيرتان، حلب ودمشق، هادئتين نسبيا. وعلى الرغم من ضعف موجة الاحتجاجات في الآونة الأخيرة، فإن حمص لا تزال على تحديها. وفي كثير من الأحيان يحمي رجال مسلحون نطاق الاحتجاجات في أماكن مثل باب السباع والخالدية وبابا عمرو، حيث تم إغلاق بعض المحلات، وحيث تشوه النوافذ المكسورة وثقوب الرصاص شكل المباني. وقد قام بعضهم بتنفيذ عمليات الاغتيال ضد بعض الواشين، أو «العوانية» كما يسمونهم، بينما قام البعض الآخر بمراقبة نقاط التفتيش الحكومية وعمل نقاط تفتيش مؤقتة خاصة به.
وقال سائق في أواخر الخمسين من العمر ويعيش في حي الخالدية: «إن لديهم قذائف صاروخية وبنادق كلاشينكوف، وينبغي أن يكونوا مسلحين ليتمكنوا من حمايتنا».
وقد أبقى إطلاق النار امرأة قالت إن اسمها هو سليمة، تقطن في شارع الجورة في بابا عمرو، وتكسب عيشها من بيع الكبة، وهو طبق من اللحم المفروم مع البرغل، في منزلها لمدة ثلاثة أيام، بينما كانت خطوط الهاتف مقطوعة، وقالت: «لا نعرف متى سيبدأ إطلاق النار مرة أخرى»، وقد كانت غاضبة ومنهكة، وأعلنت عن حيادها في صراع يزيد من صعوبة مفهوم الحياد.
وقالت بينما هي جالسة في منزلها الذي تسكن فيه مع ابنتها: «الجيران يتهمونني بأنني موالية للنظام، فلا أملك سوى الضحك، إذ ما الذي أعطاه لي هذا النظام؟ فهو لم يعطني شيئا على الإطلاق، والثوريون كذلك لم يعطوني شيئا. وأنا آكل من عمل يدي، وإذا لم أعمل فسأجوع.. وأنا على الأقل كنت أعمل في السابق، أما الآن فأنا أجلس في المنزل، ونادرا ما أغادره، وأكسب رزقي بالكاد».
* خدمة «نيويورك تايمز» (أرسل هذا التقرير مراسل «نيويورك تايمز» في حمص.. وكتبه أنتوني شديد من بيروت)
 
نبيه «السري»!
طارق الحميد
تساءل رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري في إيران: «أين المقاطعة العربية لإسرائيل بدلا من سوريا؟ ولماذا ينصب جهد الإعلام العربي على زيادة التوترات في سوريا بدلا من إظهار الاعتداء الإسرائيلي؟»، مضيفا: «هل لأن سوريا مثل إيران، هي دولة ممانعة؟»!
ربما يبدو هذا الكلام «مفهوما»، وليس مقبولا، لكون بري يقوله من إيران، لكن ما فات على بري، الذي يقول إن النظام الأسدي ومعه إيران يمثلان المقاومة والممانعة، وغيره من الشعارات المزيفة، أن من يقتل السوريين هو أمن بشار الأسد وليس إسرائيل، كما يبدو أن بري لم يتنبه إلى أنه في يوم تصريحه في طهران كان هناك تصريح للمتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني كاظم جلالي يقول فيه إن الجزر الإماراتية المحتلة من قبل إيران ما هي إلا «جزر إيرانية وستبقى إيرانية للأبد، وسنقطع أي يد تتجاوز عليها»!
فإذا كان بري يعترض على المحتل الإسرائيلي، فماذا عن المحتل الإيراني؟ وإذا كان بري يرفض القمع الإسرائيلي للفلسطينيين، فماذا عن القمع الأسدي للسوريين؟ وماذا عما تفعله طهران في العراق؟ وماذا عن استقبال طهران لطالبان؟ بل ماذا عما قاله نبيه بري نفسه، أو قل نبيه «السري»، عن حزب الله الإيراني للسفير الأميركي وقتها لدى لبنان وكشفت عنه وثائق «ويكيليكس»؟ وماذا قال بري أيضا عن بشار الأسد، الذي يدافع عنه اليوم في إيران، في تلك الوثائق؟
فقد نقل «ويكيليكس» وثيقة أميركية سرية يقول فيها نبيه بري إن حرب 2006 التي شنتها إسرائيل على لبنان بسبب حزب الله شكلت فرصة لتوجيه ضربة قاسية للحزب الإيراني في لبنان، وحليف النظام الأسدي في سوريا. ونقلت البرقية عن السفير الأميركي السابق لدى لبنان، جيفري فيلتمان، أن بري أقر بأن نجاح العملية العسكرية الإسرائيلية سيشكل فرصة جيدة لتدمير تطلعات حزب الله العسكرية والسياسية. وأضاف بري في ذلك اللقاء أن الضربات الإسرائيلية على حزب الله «مثل العسل، قليله مفيد، لكن الإكثار منه ضار». ثم انفجر السيد بري ضاحكا، بحسب البرقية التي نقلت عنه أيضا قوله إنه من الصعب أن يجلس مع حسن نصر الله، لأنه خدعه بعدما وعد بصيف هادئ في لبنان قبيل قيام عناصر حزب الله بعملية خطف الجنديين الإسرائيليين. وبالتالي، فإن بري يقول في الوثيقة إنه لا يمكن الجلوس مع نصر الله «على طاولة الحوار مجددا.. لقد كذب علينا».
وهذا ليس كل شيء، بل قد نُسب إلى بري في وثيقة أخرى - حاول مكتبه نفيها - أنه، أي بري، انتقد الخطاب الذي ألقاه بشار الأسد في 15 أغسطس (آب) 2006، والذي ساند فيه حزب الله، وهاجم قوى «14 آذار» والسعودية، حيث قال بري، وفقا للوثيقة، عن ذلك الخطاب: «لقد ارتكب بشار خطأ، إنه خطاب أحمق».
وعليه، فمن نصدق اليوم.. نبيه بري المتحدث من طهران دفاعا عن إيران والنظام الأسدي، أم بري «السري» الذي اعتبر نصر الله كاذبا، ووصف خطاب الأسد بأنه خطاب أحمق؟
أعتقد أن نبيه «السري» أقرب للدقة من نبيه الإيراني.

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,124,719

عدد الزوار: 7,621,847

المتواجدون الآن: 0