الرستن: مدينة من رماد بعد تدمير ثلث مبانيها وتقارير عن مقتل 140 وآلاف المعتقلين

دعم دولي لـ«الانتقالي» السوري.. وواشنطن: سقوط الأسد مسألة وقت

تاريخ الإضافة الأربعاء 5 تشرين الأول 2011 - 5:01 ص    عدد الزيارات 3119    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

دعم دولي لـ«الانتقالي» السوري.. وواشنطن: سقوط الأسد مسألة وقت
نظام الأسد يرد على «المجلس الوطني» باستهداف عائلة غليون * ناشطون يعلنون الرستن «مدينة منكوبة» * طلاب يحطمون تمثال حافظ الأسد في مدرستهم * الخزانة الأميركية تحظر بيع اجهزة الاتصالات الى سوريا
واشنطن: مينا العريبي باريس: ميشال أبو نجم بيروت: بولا أسطيح
عمت مظاهرات حاشدة أمس مختلف مدن سوريا تأييدا لـ«المجلس الوطني السوري» الذي أعلن عن تشكيله في إسطنبول، أول من أمس، بهدف اسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. وفي حين وجدت الخطوة ترحيبا ودعما دوليا، خاصة من الولايات المتحدة وفرنسا، رد نظام الاسد باستهداف عائلة المفكر والمعارض برهان غليون الذي اعلن اول من امس عن تشكيل المجلس المعارض في مؤتمر صحافي. وأفادت تقارير بأن قوات الأمن اعتقلت شقيقه ونجله، بينما اختطفت قريبة له.
ومن جانبه، قال النائب السوري خالد عبود لوكالة الأسوشييتد برس، إن هدف المعارضة بإسقاط النظام «حلم لن يصبح حقيقة».
ومن جانبها أعلنت تنسيقية الرستن على صفحة الـ«فيس بوك» الرستن «مدينة منكوبة»، بعد أن سيطر عليها النظام، أول من أمس، إثر معارك دامية مع منشقين. وأفادت مصادر محلية بأنه تم تحطيم تمثال للرئيس حافظ الأسد، والد الرئيس بشار الأسد، داخل مدرسة رشيد محيي في دمشق، وهو أول تمثال يحطم في العاصمة وداخل مبنى المدرسة، وشنت قوات الأمن إثر الحادث حملات اعتقالات عشوائية داخل المدرسة أمس.
من جهته، أعلن وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا، أمس، أن سقوط النظام السوري برئاسة الأسد بات «مسألة وقت»، وجاء ذلك بينما رحبت واشنطن بتأسيس «المجلس الوطني السوري»، ولكن في الوقت نفسه، توخت الحذر من الاعتراف الفوري به. واتخذت فرنسا الموقف نفسه، لكنها اعتبرت تشكيل المجلس «خطوة حاسمة». من جهتها اعلنت وزارة الخزانة الاميركية انه في اطار العقوبات فان بيع اجهزة الاتصالات الى سوريا بات محظورا.
 
طلاب يحطمون تمثال حافظ الأسد.. واعتقال شقيق ونجل المعارض غليون واختطاف قريبته
مظاهرات تأييد لـ«المجلس الوطني السوري» في أنحاء سوريا باعتباره الممثل «الشرعي والوحيد» للثورة
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
بينما نقل رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق عمر كرامي عن الرئيس السوري بشار الأسد وصفه للأوضاع في سوريا بأن «القصة انتهت، وأننا مرتاحون إلى طي صفحة هذه الأحداث، وهي تحت السيطرة، وأن بالنا ليس مشغولا»، في إشارة إلى قدرة السلطات الأمنية والسياسية في سوريا على ضبط الأمور، وخصوصا في الأيام الأخيرة، تستمر السلطات الأمنية السورية في حملات الاعتقالات، مع خروج المظاهرات المناهضة لنظام الأسد والمطالبة بإسقاطه وتأييد المجلس الوطني باعتباره الممثل الوحيد والشرعي للشعب السوري والذي أعلن عن تشكيله في إسطنبول أول من أمس. وفي غضون ذلك أفادت تقارير بأن قوات الأمن اعتقلت شقيق المعارض السوري البارز برهان غليون ونجله، فيما اختطفت قريبة له في حمص.
وبحسب صحيفة «النهار» اللبنانية قال كرامي «إن الصورة التي وضعه في أجوائها الرئيس السوري بشار الأسد تختلف كليا عن المعلومات التي تصل إلى لبنان والعالم حول حقيقة الأحداث في سوريا». وبحسب مصادر محلية فقد تم ليلة أول من أمس تحطيم تمثال للرئيس حافظ الأسد، والد بشار الأسد، داخل مدرسة رشيد محيي، وهو أول تمثال يحطم في دمشق وداخل مبنى المدرسة، وشنت قوات الأمن إثر الحادث حملات اعتقالات عشوائية داخل المدرسة أمس، في حين خرجت مظاهرة في الصباح الباكر في بلدة داريا في ريف دمشق، ونادى المتظاهرون بإسقاط النظام ودعم المجلس الوطني السوري، قامت عقبها قوات الأمن بشن حملة مداهمات للبيوت في شارع الدحاديل وحارة الحمام وقرب منطقة سكة القطار، ومن الذين تم اعتقالهم الشاب عامر علاوي وضياء علاوي (أبو رائد)، 35 سنة، متزوج ولديه أربعة أولاد، كما جرت حملة اعتقالات.
وفي مدينة دوما في ريف دمشق خرجت عدة مظاهرات طلابية من ثلاث مدارس، بكورة، ضرار، حسن البصري. وفي زملكا خرجت مظاهرة طلابية قام الأمن بمحاصرتها على الفور.
وفي بلدة كفرنبل في محافظة إدلب قال ناشطون إن الجيش حاصر المدرسة الريفية لدى قيام الطلاب بالتظاهر داخل المدرسة، وتم اعتقال أكثر من أربعة تلاميذ، وإن امرأة راحت تصرخ في وجه قوات الجيش التي اعتقلت الأطفال، فهددوها بأنهم سيعودن لاعتقالها.
وفي مدينة دير الزور خرجت مظاهرة في منطقة القصور لطلاب المدارس الإعدادية والثانوية طالبت بإعدام الرئيس وهتفت للمدن المحاصرة وفي مقدمتها مدينة الرستن، وبحسب مصادر حقوقية فقد تم اعتقال التلميذ الطفل محمود حسان الأسمر 13 عاما من منطقة العرفي في دير الزور بعد خروج مظاهرة للطلاب هناك.
وفي مدينة الرستن التي سيطرت عليها قوات الجيش، قالت مصادر محلية إن سيارات إطفاء استخدمت أمس لغسل الشوارع من آثار العملية العسكرية، قبل وصول فريق تلفزيوني محلي، لتصوير تقرير يؤكد أن الحياة بدأت تعود إلى طبيعتها، إلا أن أطفالا من المدينة خرجوا في مظاهرة ضد النظام الأسد وقاموا برشق فريق التلفزيون بالحجارة.
وفي مدينة حماه قامت قوات الأمن بحملة اعتقالات في حي الصابونية بعد مظاهرات خرجت مساء أول من أمس طالت أكثر من 12 شخصا، وقالت مصادر محلية إنه خلال العملية تم تخريب الممتلكات الخاصة وتحطيمها وتكسير الأبواب بالإضافة إلى النهب.
وفي حمص قال ناشطون إن سيارة أجرة (تاكسي) قامت باختطاف الصبية بشرى الزين (21 عاما) في حي جب الجندلي، جانب مدرسة حطين، وفيما أكد الناشطون أن ذوي الفتاة تكتموا على الحادث، قال آخرون إن الفتاة من عائلة غليون وهي قريبة المعارض السوري برهان غليون الذي أعلن أول من أمس عن تشكيل المجلس الوطني السوري، الذي لقي ترحيبا في الشارع، وكانت مصادر حقوقية أكدت في وقت سابق أن محمد خير غليون، مواليد حمص 1952 وهو الشقيق الأصغر للمعارض برهان غليون، وابنه مهاب غليون، مواليد حمص 1984 حاصل على شهادة عليا في هندسة إلكترون السيارات، تم اعتقالهما من محلهما في المنطقة الصناعية في مدينة حمص، من قبل المخابرات الجوية بتاريخ 1-10-2011.
يشار إلى أن اختطاف الفتيات شاع في الأيام الأخيرة في مدينة حمص، وهناك معلومات تشير إلى تجاوز عدد حالات الاختطاف الـ24 حالة، ويتحفظ ذووهم على نشر أسماء الفتيات لاعتبارات اجتماعية، ومن تلك الحالات حادث اختطاف الشابة زينب الحسني التي عثر عليها ذووها بعد عشرة أيام مقطعة الأوصال ومسلوخة الجلد وأثارت قضيتها الشارع السوري، ولا تزال قضية اختطاف الفتيات تتفاعل في الشارع الحمصي وإلى نحو خطير، حيث هددت مجموعة من الناشطين باسم أهالي حمص النظام السوري بالرد على تلك العمليات، حيث اتهم ناشطون قوات الأمن والشبيحة بالقيام باختطاف الفتيات للضغط على أشقائهن من الناشطين والمطلوبين للنظام. وشهد عدد من المدن السورية أول من أمس مظاهرات تأييد للمجلس الوطني السوري، وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «مظاهرات تأييد» جرت مساء أول من أمس في حي القدم في دمشق وفي ريف دمشق على الرغم من الانتشار الكثيف لقوات الأمن، وكذلك في حماه وحمص وإدلب ودرعا ودير الزور. وظهر في تسجيلات وضعت على صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011» على «فيس بوك»، متظاهرون في الزبداني على بعد 50 كلم شمال دمشق، يؤكدون دعمهم لـ«المجلس الوطني السوري ممثلنا الوحيد والشرعي».
وكتب على لافتة في إنخل في محافظة درعا (جنوب) «نؤيد المجلس الوطني السوري الممثل الشرعي والوحيد للثورة السورية».
من جهة أخرى، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن القوات السورية تنفذ منذ منتصف ليل الأحد/ الاثنين عمليات أمنية واسعة النطاق في مدينتي دوما بريف دمشق ودير الزور (شرق) تتخللها مداهمات وإطلاق نار كثيف، مما أسفر عن سقوط «عدد من الجرحى».
وقال المرصد في بيان تلقت وكالة الصحافة الفرنسية نسخة منه، إن «الأجهزة الأمنية تنفذ حملة اعتقالات واسعة في شارع إبراهيم بمدينة دوما تترافق مع تعذيب في الطرق العامة وإطلاق رصاص كثيف». وأضاف المرصد الذي يتخذ من لندن مقرا له، أنه في مدينة دير الزور «تنفذ قوات الأمن حملة مداهمات في شارع التكايا وشارع النهرين بحثا عن مطلوبين للأجهزة الأمنية، وترافقت الحملة مع إطلاق رصاص كثيف أدى إلى سقوط عدد من الجرحى».
من جانبها، أعلنت لجان التنسيق المحلية أن دبابات الجيش السوري اقتحمت مدينة سراقب في محافظة إدلب (شمال غربي) «وسط إطلاق نار كثيف»، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل.
من جانبه، أعلن النظام السوري مقتل عنصرين من قوات حفظ النظام وجرح آخرين «بكمين نفذته مجموعة إرهابية مسلحة في حي الصابونية بمدينة حماه».
ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر مسؤول في محافظة حماه، أن «المجموعة الإرهابية باغتت عناصر حفظ النظام وفتحت عليهم نيران الأسلحة الرشاشة وألقت عليهم القنابل مما أدى إلى استشهاد عنصرين على الفور وجرح اثنين آخرين حالتهما خطرة نقلا على أثرها إلى مشفى حماه الوطني».
 
الرستن: مدينة من رماد بعد تدمير ثلث مبانيها وتقارير عن مقتل 140 وآلاف المعتقلين
ناشطون لـ«الشرق الأوسط»: مدارسها تعج بالمعتقلين.. والطائرات المقاتلة لا تفارق سماءها
بيروت: بولا أسطيح
أفاد ناشطون سوريون بأن مدينة الرستن، التابعة لمحافظة حمص والتي تقع شمال مدينة حمص وجنوب مدينة حماه، تحولت وبعد القصف الذي تعرضت له في الأيام الماضية من الدبابات والطائرات «لمدينة من رماد بعدما دمرت ثلث مبانيها وسويت تماما بالأرض». وكشف ناشطون لـ«الشرق الأوسط»، أن «عدد القتلى تجاوز الـ140 والمعتقلين بالآلاف»، وقالوا: «أهالي بعض الشهداء تسلموا جثامين أبنائهم، بينما ينتظر الباقون أن تفرج السلطات السورية عن باقي الجثامين التي تعود بقسم كبير منها لأطفال ونساء».
وشنت قوات حفظ النظام حملة أمنية واسعة في المدينة لبسط السيطرة عليها، بينما وقعت اشتباكات واسعة بين قوات الأمن ومنشقين عن الجيش من المناهضين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.
ولفت الناشطون إلى أن «الرماد يملأ شوارع وسماء المدينة»، متحدثين عن «شلل ضارب فيها مع انقطاع الاتصالات عنها وتحول مدارسها لمعتقلات تعج بالآلاف»، وأضافوا: «الطائرات (المقاتلة) لا تفارق سماء حمص وهي تخرق جدار الصوت لتخويف المواطنين، علما أن قسما من الدبابات تركت الرستن باتجاه الحولة وتلبيسة التي انقطع الاتصال بها».
وإذ أعلنت تنسيقية الرستن على صفحة الـ«فيس بوك» أن الرستن «مدينة منكوبة»، توقعت أن تزيد خسائر «حملة التدمير الممنهج للبيوت والمحال التجارية والاعتقالات المنظمة في المنطقة عن مليار ليرة سورية»، متحدثة عن «ستة آلاف معتقل وعن صور وفيديوهات وشهادات حية تثبت كيف يقوم الشبيحة بسرقة البيوت والمحال التجارية».
وطالب الناشطون المجتمع الدولي بإرسال «لجنة تقصي حقائق إلى مدينة الرستن لمعاينة الدمار والمجازر التي حصلت فيها بفعل كتائب النظام وقوات الشبيحة»، مشددين على «ضرورة ألا ترافق هذه اللجنة أي من العناصر الأمنية حتى لا ترهب الناس وتجبرهم على عدم قول الحقيقة».
وأوضحت تنسيقية الرستن أن «الكهرباء والاتصالات لا تزال مقطوعة بشكل كامل عن المدينة مع انقطاع جزئي لمياه الشرب»، لافتة إلى أن «الأهالي ما زالوا غير قادرين على التحرك لتأمين احتياجاتهم الأساسية مع وجود عدد كبير من مخلفات القذائف المنفجرة وغير المنفجرة على الطرقات وفي المنازل وانتشار آثار القمامة والدمار في الشوارع، مما يهدد بانتشار بعض الأمراض الوبائية».
بدورها، نقلت وكالة «سانا» تصريحات عن التلفزيون السوري قال إنها «لعدد من جرحى الجيش وحفظ النظام بعدما تعرضوا له على يد المجموعات الإرهابية المسلحة في منطقة الرستن خلال محاولة قوى حفظ النظام مدعومة بوحدات الجيش إعادة الأمن والطمأنينة للمدينة وحماية المواطنين والمنشآت العامة والخاصة من استهداف وتخريب هذه المجموعات»، وقال الرائد سامر مهنا في تصريح للتلفزيون السوري: «كلفنا مهمة في الرستن لمطاردة المجموعات الإرهابية المسلحة فأطلق علي أحد القناصة رصاصة أصابتني في قدمي وأسعفني زملائي إلى المشفى». وأضاف مهنا أن «أفراد المجموعات المسلحة يحملون قواذف آر بي جيه وحشوات ثنائية للقواذف وطلقات متفجرة وألغاما كبيرة الحجم ودروعا ومناظير ليلية والعديد من الأسلحة المتطورة والدقيقة»، لافتا إلى أن «أفراد هذه المجموعات حاولوا انتحال صفة قوات الجيش بارتداء الملابس العسكرية». من جهته، قال الجريح عبد الله حمدان عمران للتلفزيون السوري: «تعرضنا في الرستن لإطلاق نار كثيف فأصبت في رجلي برصاصة من أحد القناصة»، مشيرا إلى أن «المخربين كانوا يرتدون لباسا عسكريا ويحملون قواذف ورشاشات».
 
المعارضة السورية في مصر ترفض أي حوار مع النظام الإيراني وحزب الله
حذرت من أي خروج على خيارات الشعب
القاهرة: «الشرق الأوسط»
حذرت المعارضة السورية في مصر، أمس، المجلس الانتقالي السوري، الذي أعلن عن إعادة تشكيله في تركيا أول من أمس، من الخروج على خيارات الشعب، مشددة على رفضها أي حوار مع النظام الإيراني وحزب الله اللبناني، كما حذرت من أي خروج على خيارات الشعب السوري وقراراته بإسقاط النظام وإقامة سوريا دولة مدنية ديمقراطية وسط الأسرة العربية.
وقال المعارض والناشط السوري محمد مأمون الحمصي في تصريح له بالقاهرة أمس: «إننا نرفض أي تعاون أو حوار مع أي طرف ارتكب جرائم قتل بحق الشعب السوري، خاصة النظام الإيراني وحزب الله».
وأضاف الحمصي أن المعارضة السورية في القاهرة تحمل الجزء الأكبر من المسؤولية لجماعة الإخوان المسلمين الذين أداروا عملية تشكيل هذا المجلس الانتقالي، قائلا: «يجب أن لا تكون علاقات (الإخوان) بتركيا على حساب مصلحة الشعب السوري وسيادة سوريا».
وأكد أن «شعب سوريا لن يقبل التلاعب بالألفاظ والمواقف.. فدماء الشعب لها قدسيتها ولها حرمتها.. وعلى المجلس الانتقالي الذي تتبناه بعض الفضائيات التي تعمل لصالح أجندات خاصة أن يراعي ذلك بكل قوة ووضوح».
يشار إلى أن المعارضة السورية أعلنت في إسطنبول التركية أول من أمس عن إعادة تشكيل المجلس الانتقالي وتوسيع عضويته ليصبح 230 عضوا ويضم مختلف أطياف المعارضة في الداخل والخارج بعد الانتقادات التي واجهت عملية الإعلان عن تشكيله لأول مرة قبل عدة أسابيع.
 
البيت الأبيض: نرحب بجهود توحيد صف المعارضة السورية.. لكن من المبكر الاعتراف
مسؤول لـ«الشرق الأوسط»: نحن بحاجة إلى وجود سفيرنا بدمشق أكثر من أي وقت مضى* دمشق: إسقاط الأسد حلم لن يصبح حقيقة
واشنطن: مينا العريبي
رحبت الولايات المتحدة، أمس، بتوصل قيادات المعارضة السورية إلى اتفاق على تأسيس «المجلس الوطني السوري» في إسطنبول أول من أمس. لكن، في الوقت نفسه، توخت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الحذر من الاعتراف الفوري بالمجلس الوطني، منتظرة معرفة المزيد من التفاصيل حول أعضائه والمبادئ التي سيعمل عليها. وبينما تشدد الإدارة الأميركية على موقفها المطالب بتنحي الرئيس السوري بشار الأسد وتأييدها للمعارضة، تحرص في الوقت نفسه على عدم الظهور بأنها تؤيد طرفا محددا في سوريا في الفترة الانتقالية.
وقال مسؤول من البيت الأبيض لـ«الشرق الأوسط» أمس: «نحن نرحب بجهود المعارضة السورية لتوحيد صفها». لكنه امتنع عن الترحيب بالمجلس الوطني السوري تحديدا أو الاعتراف به، قائلا: «ما زالت العملية في مرحلة مبكرة، المهم هو أن تتحد المعارضة وأن تقف من أجل الحقوق العالمية وأن تكون مبنية على الثقة والشراكة الحقيقية من أجل مستقبل سوريا». وأضاف: «هذه هي الرسالة التي نوجهها إلى السوريين». وحول الخطوات المطلوبة قبل أن تعترف واشنطن بالمجلس السوري، على غرار ما حدث في ليبيا مع الاعتراف الرسمي بالمجلس الانتقالي الليبي الربيع الماضي، قال: «هناك خطوات قانونية عدة، نحن لا نعرف كل الأعضاء أو ما يؤمنون به وإذا كانوا يمثلون كل الشعب السوري». وأضاف: «اهتمامنا هو أن تكون المعارضة تمثل كل السوريين وتحفظ حقوقهم العالمية».
وبينما كان المجلس الوطني السوري قد طالب إسطنبول أول من أمس باعتراف دولي و«حماية دولية» للمعارضة داخل سوريا، هناك تردد أميركي من إعطاء أي ضمانات للمعارضة بحمايتها، كما أن غالبية المسؤولين الأميركيين ما زالوا يحذرون من أي تدخل خارجي في سوريا. وشدد المسؤول الأميركي على أنه «من غير الواضح أن الشعب السوري متحد في رأيه حول أي دور دولي لما يحدث، هذه ثورة الشعب السوري وليست ثورتنا، لكننا نريد أن نساعدهم في تحقيق الانتقال وتحقيق طموحهم».
وفيما يخص التساؤلات حول إبقاء السفير الأميركي روبرت فورد في دمشق، كرر المسؤول الأميركي الموقف الأميركي المصر على إبقائه في دمشق. وقال المسؤول الأميركي: «إن السفير فورد يتمتع بالثقة الكاملة من هذه الإدارة.. نحن بحاجة إلى وجوده أكثر من أي وقت مضى». وعلى الرغم من تعرض فورد لمضايقات عدة آخرها الأسبوع الماضي عندما تعرض متظاهرون مؤيدون للنظام السوري لسيارات السفارة الأميركية، فإن واشنطن مصرة على إبقائه في منصبه في دمشق، وأوضح المسؤول الأميركي أن «التهديدات ضد السفير فورد غير مبررة وغير مقبولة ونذكر بمسؤولية الحكومة السورية عن حماية الدبلوماسيين فيها». وأضاف أن فورد يقوم «بمهمة في غاية الأهمية ليشهد على ما يحدث في سوريا» في هذه المرحلة الحساسة.
وفي دمشق، قال نائب في البرلمان السوري إن المجلس الوطني الذي أعلن عدد من قوى المعارضة عن تشكيله في إسطنبول، أول من أمس: «لن يكون قادرا على الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد».
وقال النائب خالد عبود في تصريحات مقتضبة لوكالة «أسوشييتد برس» إن هؤلاء الذين أعلنوا عن تشكيل المجلس «يخدعون أنفسهم». وعبر عن رفضه لخطوة المعارضة قائلا: «إنه حلم لن يتحول إلى حقيقة أبدا».
 
ناشطون يحددون أولويات المجلس الوطني: حماية المدنيين والمنشقين.. وانتزاع الاعتراف
مواقع المعارضة تزدحم باستفتاءات حول تأييده.. وتستقبل مقترحات حول أهم مهامه
بيروت: ليال أبو رحال
ترك تشكيل المجلس الوطني السوري بوصفه «إطارا لوحدة قوى المعارضة والثورة السلمية»، على ما جاء في بيانه التأسيسي، ارتياحا لدى الناشطين السوريين الذين أعربوا عبر المظاهرات الليلية والتعليقات التي كتبوها على صفحات الإنترنت وموقع «فيس بوك» عن سعادتهم للتوصل إلى ولادة مجلس يمثل مختلف أطياف الشعب السوري. وبينما يأتي تشكيل المجلس بعد مرور ستة أشهر ونصف على اندلاع الانتفاضة الشعبية في سوريا، وما خلفته من قتلى ومعتقلين ومفقودين ونازحين، تبدو مطالب الناشطين ليست بقليلة، خصوصا أنهم يعلقون آمالا كبيرة على الدور المزمع أن يقوم به في المرحلة المقبلة.
وكانت مظاهرات ليلية خرجت مساء الأحد في العديد من المناطق السورية ترحيبا بتشكيل المجلس الوطني، حيث أطلقت الهتافات ورفعت اللافتات المؤيدة والداعمة للمجلس، معتبرة إياه الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري. وقد خرجت المظاهرات في كل من إدلب، وجبل الزاوية، وحي القدم والعسالي في دمشق، وداعل، والصنمين، وحي القصور في حمص وتسيل في درعا. ولم تقل حماسة الناشطين الإلكترونيين عن حماسة الناشطين ميدانيا، وأفاد القيمون على صفحة «الثورة السورية» على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، بأن «لا شيء يغيظ (الرئيس السوري) بشار الأسد الآن أكثر من ولادة مجلس يمثل الشعب السوري بمختلف أطيافه، مجلس يشكل بديلا شرعيا ومعترفا به من مختلف الجهات». وأضافوا «لأن بشار الأسد يتحدى 23 مليون سوري، فنحن نتحداه ونعلن أننا مع المجلس».
وبينما ازدحمت مواقع وصفحات الإنترنت الخاصة بالانتفاضة السورية باستفتاءات حول تأييد المجلس الوطني، على غرار «هل تعترف بالمجلس الوطني السوري ممثلا وحيدا لمطالب الثورة السورية»، طرحت «صفحة الثورة السورية» على «فيس بوك» نقاشا حول سؤال مفاده: «ما هي المهمة الأولى للمجلس الوطني في طريقه لإسقاط النظام».
ولاقى السؤال تعليقات كثيرة عكست حجم الدور المطلوب من المجلس القيام به في المرحلة المقبلة، وهي تمحورت في معظمها حول عناوين ثلاثة أساسية: «حصول المجلس على الاعتراف الدولي، وتأمين الحماية الدولية للمدنيين في سوريا، وتوحيد الصفوف ودعم الثوار في الداخل».
وفي هذا السياق، كتبت إحدى الناشطات وتدعى غصون تعليقا على السؤال أن «المهمة الأولى والأهم هي العمل على تأمين حماية دولية للمدنيين»، وأيد إلياس «الشروع في الحصول على الاعتراف الدولي به كممثل شرعي للشعب السوري»، بينما اقترحت إحسان «خلق منطقة عازلة يأوي إليها أفراد الجيش الأحرار». وأيد كثيرون الاقتراح الأخير، معربين عن قناعتهم بأن تأمين الحماية لعناصر الجيش المنشقين من شأنه أن يشجع جنودا آخرين على القيام بهذه الخطوة. وأشار أحد الناشطين إلى أن «النظام يحاول أن يقمع الانشقاقات من شرفاء الجيش أولا بأول لكي لا تكبر»، مقترحا على المجلس أن «يطلب من تركيا أن تستقبل المنشقين من الجيش لكي يعيدوا تنظيم أنفسهم داخل تركيا، وأعتقد أن هذه الخطوة سوف تشجع المترددين من أفراد الجيش على عبور الحدود للانضمام إلى رفاقهم».
وشددت ناشطة باسم «شام حرة» على أن الأولوية هي «للتنسيق مع الجيش الحر للدفاع عن المواطنين العزل، وبعدها السعي لاستبدال عضوية النظام السوري بعضوية المجلس الوطني في جامعة الدول العربية، وبالتالي الحصول على اعتراف دولي بالمجلس الوطني».
ورأى محمد أن أولويات المجلس يجب أن تحدد بـ«تنظيم المجلس وتوزيع الكراسي على الأعضاء والتوافق عليها، والحصول على الدعم الدولي من مختلف قوى دول العالم الفاعلة، والعمل في مجلس الأمن نحو إصدار قرار إدانة لمجازر النظام وتحويل الملف إلى المحكمة الدولية للجرائم ضد الإنسانية، فضلا عن إصدار قرار لحماية المدنيين في سوريا بإرسال المراقبين الدوليين وفرض حظر للطيران».
وطالب ناشط أطلق على نفسه اسم «أبو جوزيف محمد» بالإفراج «عن معتقلي الرأي والمظاهرات، والكشف عن مصير المختطفين». أما عماد فكتب: «ليعن الله هذا المجلس على ما هو مطلوب منه، فكل ما ذكر سابقا ضروري وملح ويجب العمل به، ولكن بشكل أساسي ما نتمناه منه هو وضع خريطة طريق لمستقبل سوريا تتماشى مع الحد الأدنى الممكن، وبالتالي وضع آليات تنفيذية لها». وأكد محمد «الثقة بأعضاء المجلس الوطني مهما كانت انتماءاتهم الآيديولوجية أو الدينية»، داعيا المجلس إلى أن «يحاول اتخاذ أي قرار قابل للتطبيق داخل سوريا من قبل الشعب ليحدد مدى تأييده، من دون أن يتمكن الأمن في سوريا من وقفه».
 
باريس تعتبر قيام المجلس الوطني «خطوة حاسمة» تقرب المعارضة من قيام دولة ديمقراطية في سوريا
تحاشت إعلان الاعتراف للتشاور مع واشنطن والاتحاد الأوروبي.. وسلة عقوبات أوروبية ثامنة ستستهدف القطاع المصرفي
باريس: ميشال أبو نجم
رأت باريس أن قيام المعارضة السورية بتوحيد أجنحتها في إطار المجلس الوطني يشكل «خطوة حاسمة». غير أنها امتنعت عن الذهاب أبعد من ذلك في المرحلة الراهنة على الأرجح بانتظار التطورات الداخلية والميدانية وردود الفعل على بروز المجلس في حلته الجديدة.
وليس سرا أن باريس التي تلتزم خطا متشددا إزاء نظام الرئيس بشار الأسد سواء على الصعيد الفردي أو في إطار الاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن الدولي، نصحت منذ أشهر المعارضة السورية «إذا أرادت أن يساعدها العالم» أن توحد صفوفها. وفي هذا الإطار استقبلت معارضين سوريين من كافة الأطراف كان من ضمنهم المحامي هيثم المالح المعتبر قريبا من تيار الإخوان المسلمين. وسبق للخارجية الفرنسية، قبل أيام، أن استقبلت الدكتور برهان غليون، أحد أبرز المعارضين المستقلين والذي انضم مؤخرا إلى المجلس الوطني. وغليون، الذي قرأ بيان المجلس في إسطنبول وكذلك بسمة قضماني الناطقة باسم المجلس يقيم كلاهما في فرنسا.
غير أن باريس التي ربطت، وفق بيان صادر عن خارجيتها، بين «وحدة المعارضة وإنشاء بنية ممثلة لها» وبين «إقامة دولة ديمقراطية تحترم كل مواطنيها» لم تذهب إلى حد الاعتراف بأن المجلس، بصيغته الجديدة، هو الممثل الشرعي أو الممثل الوحيد للشعب السوري على غرار ما فعلت في حالة ليبيا. والجدير بالذكر أن فرنسا كانت أول دولة اعترفت بالمجلس الليبي المؤقت «ممثلا شرعيا ووحيدا» للشعب الليبي ما استدعى قطع كافة الاتصالات مع نظام العقيد القذافي وسحب السفير الفرنسي من طرابلس.
والحال أن الأمور لم تصل بعد إلى هذه المرحلة في موضوع سوريا حيث السفير الفرنسي ما زال في دمشق وسفيرة سوريا في باريس. وترى مصادر واسعة الاطلاع في باريس أن خطوة الاعتراف بالمجلس الوطني «ستأتي لاحقا»، خصوصا أن باريس تحرص على التشاور مع شريكاتها في الاتحاد الأوروبي ومع الولايات المتحدة ومع عدد من البلدان العربية بصدد الخطوات اللاحقة ومنها الاعتراف. وينظر إلى هذه المسألة من باريس على أنها يجب أن تندرج في إطار «التصعيد» المتعاظم للضغوط على النظام السوري بالتوازي مع الضغوط في مجلس الأمن الدولي ومع العقوبات المتلاحقة المفروضة على سوريا.
وكما تحاشت الخارجية الاستعجال في الاعتراف بالمجلس، كذلك فإنها تحاشت الرد مباشرة على مطلبه الأول وهو توفير الحماية الدولية للمتظاهرين السلميين من غير أن يعني ذلك القيام بعمليات عسكرية لا ترغب فيها باريس لا بل تحرص دوريا على تأكيد استبعادها. واكتفت فرنسا بالقول إنها «تقوم بكل ما هو ممكن في إطار القانون (الدولي) وفي كل المحافل من أجل أن تلبى طموحات الشعب السوري في الحرية والديمقراطية». وشددت مجددا على الحاجة إلى قرار من مجلس الأمن الذي اعتبرت سابقا سكوته بمثابة «فضيحة».
وكانت باريس أول من اعتبر أن النظام السوري الذي لعبت دورا كبيرا في إعادته إلى المسرح الدولي منذ عام 2007، قد «فقد شرعيته» وأول من دعا إلى رحيله رسميا وفي رسالة مشتركة أواسط أغسطس (آب) للرؤساء، الفرنسي نيكولا ساركوزي، والأميركي باراك أوباما ورئيس الحكومة البريطانية كاميرون.
وتعمل باريس من داخل الاتحاد الأوروبي على فرض سلة عقوبات ثامنة على سوريا ستستهدف هذه المرة القطاع المصرفي السوري. وكانت السلة السابعة قد حرمت أي استثمارات إضافية في قطاع النفط والغاز السوريين وطباعة العملة السورية واستهدفت شركتين أساسيتين مرتبطتين بعائلة الأسد وهما شركة «شام القابضة» وشركة «سيرياتيل للخليوي» وتلفزيون «الدنيا» ووزيري العدل والإعلام. ويبلغ مجموع الأشخاص والشركات المستهدفة حتى الآن 66 شخصا وشركة بينهم الرئيس السوري بشار الأسد شخصيا وكبار المسؤولين من العسكريين والمدنيين وشخصيات نافذة مرتبطة بالنظام. وأعلنت الخارجية الفرنسة أنها مصممة على أن «كل الأشخاص والشركات بما فيها الاقتصادية التي تقدم دعما ماليا لعمليات القمع يمكن أن يتعرضوا لعقوبات». وبالمقابل، فإن «كل الأشخاص والشركات التي تضع حدا لدعمها للنظام يمكن أن تسحب من اللائحة الأوروبية» للعقوبات.
وبحسب باريس، فإن التدابير والإجراءات الأوروبية غرضها «مواجهة الذين يقودون عمليات القمع في سوريا وتجفيف مواردهم (المالية) التي يضعونها لممارسة العنف ضد الشعب السوري». ويرى مسؤولون رسميون فرنسيون أن العقوبات بدأت بالتأثير على الاقتصاد السوري وعلى صلابة النظام. لكنهم لا يتوقعون أن تكون وحدها كافية لتهديد بقائه بل يرون أن فاعليتها تكمن في دفع الملتفين على النظام من البرجوازية التجارية والصناعية والخدمية على الابتعاد عنه باعتباره لم يعد يحمي مصالحها بل إنه يهددها.
وعلى صعيد آخر، دخلت الفرنسية الأولى كارلا بروني ساركوزي على الأزمة في سوريا من خلال رسالة تضامن ودعم بعثت بها إلى الدكتور عبد الله، زوج عالمة النفس السورية رفاه ناشد التي قبضت عليها قوات الأمن في مطار دمشق وهي متجهة إلى فرنسا. ونشرت الرسالة على موقع مجلة «La Règle du Jeu» «أي قواعد اللعبة» الإلكتروني التي يديرها المفكر الفرنسي برنار هنري ليفي الذي كان له دور مهم في دفع الرئيس ساركوزي للانخراط في الموضوع الليبي والدفع باتجاه التدخل العسكري.
 
تشييع نجل مفتي سوريا في حلب بمشاركة ممثل الأسد.. والمعارضة تتهم النظام بقتله
عضو في المجلس الوطني السوري لـ«الشرق الأوسط»: النظام يريد حرف الأنظار عن مجزرة الرستن
بيروت: يوسف دياب
شيع أمس في مدينة حلب السورية جثمان سارية حسون، نجل مفتي عام سوريا الشيخ أحمد بدر الدين حسون، الذي قتل في كمين مسلح على طريق عام إدلب - حلب ليل أول من أمس، بمشاركة وزير الأوقاف محمد عبد الستار السيد، ممثلا للرئيس السوري بشار الأسد.
وفي كلمة ألقاها خلال التشييع، اعتبر المفتي حسون، أن «الذين يرتكبون هذه الأفعال لا يستهدفون أشخاصا وإنما يستهدفون الوطن ويريدون لسوريا أن تركع أمام الصهاينة وأميركا»، مؤكدا أنهم «لن يصلوا إلى غايتهم وأنه حتى ولو لم يبق في سوريا إلا رجل واحد فإنه لن يتنازل عن فلسطين ولن يركع أمام أعداء الأمة ولن يكون جبانا ولن يقتل الأبرياء». وإذ اعتبر حسون أن «الوطن هو الذي يذبح».. سأل «لماذا تقوم طائرات حلف الناتو بقصف المدن الليبية ويلقون القنابل على أبنائها؟ وهل هؤلاء الذين لا يريدون لسارية ورفاقه الشهداء أن يحيوا بأمان يريدون الخير للأمة ويؤمنون بقضايا الشعوب؟».
في هذا الوقت، اتخذ بعض حلفاء سوريا في لبنان، من حادثة مقتل نجل المفتي حسون مناسبة لشن حملة على الثورة السورية، واتهام الثوار بأنهم «مجموعة من الإرهابيين والقتلة». فبعد أن أبرق رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري من طهران معزيا المفتي حسون بمقتل نجله سارية حسون، عبر الوزير السابق وئام وهاب عن عميق حزنه لـ«نبأ استشهاد نجل المفتي العام لسوريا الشيخ أحمد بدر الدين حسون، الذي امتدت إليه يد التحريض والغدر والإجرام من قبل عناصر مرتزقة وإرهابية أرادت بهذا العمل الإجرامي استهداف أسرة المفتي حسون المعروف بمواقفه القومية الثابتة والشجاعة إلى جانب الوطن ووحدته وأمنه واستقراره». وقال وهاب «إن هذا العمل الإرهابي جريمة لا يقرها دين ولا شرع ولا عادات وتقاليد أبناء سوريا، وهو ينم عن حقد دفين لمن خطط ودبر له في محاولة يائسة للنيل من وحدة الشعب السوري وترويع المواطنين وتنفيذ عمليات الاغتيالات الإجرامية».
إلى ذلك، أكدت المعارضة السورية أنه «لا علاقة للثوار بالجريمة التي أودت بحياة نجل المفتي حسون». وأوضح عضو المجلس الوطني السوري أديب الشيشكلي أن «الثورة السورية بريئة تماما من هذه الجريمة، ولا تقبل بها لأنها ثورة سلمية بامتياز». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لقد أوضحنا أكثر من مرة أن ثورتنا سلمية لم تحمل السلاح ولم تلجأ إليه، وأن مبدأ اللاعنف هو كان وسيبقى شعارها، فنحن ننأى بأنفسنا عن هذه الأعمال المشينة، والثورة لا علاقة لها بهذه الجريمة القذرة التي ندينها بشدة»، مؤكدا أن «النظام السوري الذي يلجأ دائما إلى إثارة النعرات الطائفية ويسعى اليوم إلى إثارة الفتنة بين مكونات الشعب السوري ليس بعيدا عن هذه الجريمة». وأضاف الشيشكلي «ربما أراد النظام السوري من هذه الجريمة حرف الأنظار عن المجزرة التي ارتكبها في الرستن، وأودت بحياة العشرات من المدنيين الأبرياء ومن الجنود السوريين الأحرار الذين انشقوا عن الجيش بهدف حماية أهلهم من القتل». وتتهم المعارضة النظام بارتكاب مجازر في مدينة الرستن بحمص بعد السيطرة عليها إثر معارك ضارية بين قوات الأمن وعناصر منشقة عن الجيش. ولفت الشيشكلي إلى أن «كل جرائم القتل وكل المجازر التي يرتكبها نظام (الرئيس السوري) بشار الأسد بحق أبناء شعبنا، لن تزيدنا إلا إصرارا على مواصلة النضال إلى أن تحقق ثورتنا السلمية كل أهدافها، ولن تثني إخوتنا في الجيش السوري عن مواصلة الانشقاق عن صفوف الجيش والتبرم مما يرتكب بحق الأبرياء». وختم الشيشكلي مقدما التعازي لعائلة حسون.
 
الإعلامي إبراهيم الجبين يستقيل من التلفزيون السوري بعد أن اعتبره «شاشة العصابة»
اتخذ الخطوة «كرما لعيون حمزة الخطيب وهاجر وإبراهيم القاشوش وشهداء طريق الحرية»
بيروت: «الشرق الأوسط»
أعلن الإعلامي السوري إبراهيم الجبين استقالته من التلفزيون السوري الذي «لم يعد تلفزيون دولة، بل شاشة عصابة وآلة قتل وسفك دماء»، على حد تعبيره في بيان أصدره أول من أمس، أكد فيه أن «ثورة الشعب السوري العظيم الذي نعتز به ونرفع رؤوسنا عاليا بما أنجزه في طريق حريته وبحثه عن كرامته التي أهدرها النظام المجرم، دخلت شهرها السابع، وأصبح من الضروري أن يلتحق بهذه الثورة الشريفة من بقي صامتا طيلة الوقت، أو من اختار أن يعمل في خفاء عن أعين المستبدين ومخالبهم، كي يتيح لنفسه حرية الحركة في خدمة الشعب والمستقبل وسوريا الدولة المدنية والمتحضرة التي نعمل من أجلها جميعا».
وقال الجبين، الذي كان يُعدّ ويقدم برنامج «علامة فارقة» على شاشة التلفزيون السوري: «لقد اخترت أن أنخرط من البداية، ومن خلف سواتر كثيرة، في ثورة شعبي في كل الأحياء والمدن والأرياف، وعملت ما أستطيع على دعمها والترويج لها وشرحها بكل الأشكال الممكنة، دون أن يكون لي أي طموح في التحوّل إلى العمل السياسي، الذي لا أراه وسيلتي للتغيير، ولا أؤمن بقدرتي على الفعل من خلال صفوفه، وتجنبت الغواية الإعلامية التي لا تقدّم للثورة الكثير على أهميتها، بقدر ما يفعل التحرك في الشارع والمحافل الدولية».
وأعلن الجبين، في البيان الذي تم تداوله على الـ«فيس بوك»، أنه يقدم استقالته «كرما لعيون حمزة الخطيب وهاجر وإبراهيم القاشوش وشهداء طريق الحرية المشرقة»، معتبرا أن «التلفزيون العربي السوري لم يعد تلفزيون الدولة، بل شاشة العصابة وآلة القتل وسفك الدماء وانتهاك حرمات الشعب السوري والتحريض على تفكيكه ونشر الطائفية والفرقة بين مكوناته».
وقدم الجبين كذلك استقالته من اتحاد الكتاب العرب، المؤسسة التي وصفها بأنها «لم تقف مع الشعب ولا مع الثورة ولا مع ما يفترض بها أن تنحاز إليه من نصرة للفكر الجديد الذي يبشّر به شباب سوريا وشاباتها، وتحوّل اتحاد الكتاب من رابطة تجمع المثقفين إلى مفرزة تحاسب العقول وتحكم عليها بالإعدام والنفي لمجرّد الاختلاف والتفكير، ومؤسسة لا تفكير ولا حرية فيها لا يشرفنا البقاء تحت يافطتها ولا الانتماء إليها».
كما أوضح أن استقالته تتضمن اتحاد الصحافيين السوريين، الذي تضاءل تأثيره وحضوره «حتى صار مجرد حفنة أبواق تمجّد الطاغية وتسجد لسلطانه، وتعمي عيونها عن دماء الأطفال والأرواح التي أزهقت على أيدي سفاحي بشار الأسد وعصابته»، على حد قوله. وأكد أنه يتقدم باستقالاته هذه «غير آسف على شيء سوى على من بقي في تلك المؤسسات من الشرفاء السوريين من كتاب ومثقفين، أجد لهم الأعذار وأراهم أسارى خلف سور الأسد الوحشي وإرهابه»، داعيا زملاءه «في التلفزيون السوري وفي اتحاد الكتاب واتحاد الصحافيين إلى التبرؤ من هذا النظام ونبذه والامتناع عن التعامل مع مؤسساته التخريبية التي تنتمي إلى عصور انتهت من الأرض، ولم يعد لها مكان في الخارطة الحضارية المتمدنة، وليعلم كل من لا يزال يفكّر بالأمر أن سوريا الجديدة قادمة، وأن هذا النظام زائل لا محالة، وأن صرخات طلاب الحرية لن تذهب سدى».
تجدر الإشارة إلى أن التلفزيون السوري، الذي يتبنى وجهة نظر النظام السوري بشكل كامل، ينشر باستمرار تقارير إخبارية تظهر المدن والقرى السورية في حالة هدوء واستقرار، إضافة إلى بث اعترافات يقول التلفزيون الرسمي إنها لإرهابيين يسعون لضرب أمن البلد.
 
مخاوف من أن يلقى الناشط أنس الشغري مصير غياث مطر بعد أنباء عن تعذيبه وإصابته بجروح
أول من دعا للتظاهر في بانياس.. وخدعه النظام بوعده بالإفراج عن ناشطين من بلدته إذا سلم نفسه
بيروت: «الشرق الأوسط»
أعرب المرصد السوري لحقوق الإنسان عن «قلقه العميق» على حياة الناشط السوري أنس الشغري الذي كان محرك المظاهرات في مدينة بانياس الساحلية قبل اعتقاله في أبريل (نيسان) الماضي من قبل أجهزة الأمن السورية.
وكشف المرصد، الذي يتخذ من لندن مقرا له، أن «معلومات جديرة بالثقة تؤكد أن أنس قد تعرض للتعذيب وأصيب بجروح في رأسه في مقر أجهزة الأمن الذي يعتقل فيه منذ 14 مايو (أيار) الماضي»، ويبدي ناشطون قلقا من أن يلقى الشغري مصير الناشط الدمشقي غياث مطر الذي اقتلعت أجهزة الأمن حنجرته وسلمته إلى أهله جثة هامدة.
وكان ناشطون سوريون قد أنشأوا العديد من الصفحات على شبكة «فيس بوك» دعما للناشط الشاب أنس الشغري، الموقوف في السجون السورية بتهمة «التخطيط لإقامة إمارة إسلامية» هو وزير داخليتها، وفقا لتلفزيون «الدنيا» السوري.
ويتحدث أصدقاء أنس الشغري والمقربون منه عن أخلاقه العالية وحبه لأبناء منطقته ومساعدته الدائمة لهم؛ فهو، وفق ما يروون عنه صاحب شخصية قوية ومميزة وثقافة واسعة تثير الإعجاب.
ويتحدر أنس، الذي يدرس الاقتصاد في جامعة تشرين الحكومية، من قرية البيضا التي اقتحمتها أجهزة الأمن السورية منذ فترة واقتادت شبابها إلى ساحة، حيث نكلت بهم وأهانتهم وداستهم بالأقدام. وتداولت وسائل الإعلام أكثر من شريط يظهر هذه الممارسات بالصوت والصورة. وكان أنس، منذ اندلاع الثورة السورية برز في واجهة الأحداث، إذ إنه، وفق أحد أصدقائه، أول من دعا للتظاهر في بانياس بالتزامن مع انطلاق مظاهرة درعا، حيث كان يصلي يوم الجمعة في مسجد الرحمن في بانياس بتاريخ 18 مارس (آذار) الماضي، وبعد انتهاء الصلاة وقف في المسجد وقال: «أيها الناس.. من يرِد أن يطالب بحريته فليذهب معنا.. ومن لا يرِد الحرية فليعد إلى بيته». وما إن بدأ بالتكبير حتى تبعه عدد كبير بدأ يتزايد مع خروج الناس واتصالهم ببعض من مناطق أخرى في بانياس. واستفاد أنس كثيرا من الكاريزما التي يتمتع بها وعلاقاته الواسعة، لجذب الناس وإقناعهم بالتظاهر والمطالبة بالحرية.
ويؤكد ناشطون أن أنس، الذي تم اعتقاله يوم السبت 14 من مايو الفائت، هو من ذهب إلى أجهزة الأمن وسلم نفسه بعد تلقيه وعدا بالإفراج عن جميع معتقلي قرية البيضا، لكن سرعان ما تبين أن الوعد كاذب، وتعرض لحملة تشويه عبر تلفزيون «الدنيا» الذي اتهمه «بتزعم عصابة مسلحة وتوزيع السلاح على الإرهابيين وتنصيب نفسه وزير داخلية للإمارة الإسلامية التي يزعم النظام وجودها». وهذه المعلومات، وفق الناشطين، عارية عن الصحة، والسبب الحقيقي لاعتقال أنس دعوته للتظاهر والمطالبة بالحرية، وكونه المنظم الرئيسي لمظاهرات بانياس والمحرك الفعال الذي يجمع الناس ويدعوهم للتظاهر السلمي، فضلا عن أنه من أبرز الناشطين إعلاميا في مدينة بانياس وعلى اتصال شبه دائم مع عدد من الفضائيات ووكالات الأنباء العالمية.
ويبدي أصدقاء أنس الشغري قلقهم على حياته، فهو يعاني قصورا كلويا، كما يقولون، وقد تضاربت الأنباء في الأيام الأولى لاعتقاله عن تعرضه لتعذيب شديد وإجباره على الظهور على التلفزيون الرسمي للإدلاء باعترافات تحت الضغط، في وقت تخوف ناشطون من أن ينفذ النظام حكم الإعدام بحقه بعد تضارب الأنباء بهذا الشأن؛ وأنشئت مجموعة على موقع التواصل الاجتماعي «فايس بوك» تطالب بعدم تنفيذ الحكم.
ويبدي ناشطون اعتقادهم أن «النظام السوري قد يعمد إلى استخدام استراتيجية إضافية لقمع المظاهرات وردع الناس عن النزول إلى الشارع والمطالبة بحقوقهم، تقضي بإعدام مجموعة من منظمي المظاهرات، ليس بشكل علني إنما داخل المعتقلات، ليكونوا عبرة لسواهم ويخاف البقية، تماما كما فعل النظام الإيراني في قمع مظاهرات الثورة الخضراء ونجحوا في ذلك». ويضيف الناشطون أن «هذه الخطوة لن تنفع في ردع المحتجين عن المطالبة بحريتهم، بل إنها ستثير غضب أهالي بانياس وتجعلهم أكثر تصلبا في مطالبهم».
ويُذكر أن مدينة بانياس شهدت قمعا ممنهجا من قبل أجهزة الأمن السورية، كما شهدت موجة اعتقالات واسعة استهدفت أعدادا كبيرة من الشباب الذين شاركوا في المظاهرات أو دعوا إليها، كما عانت المدينة الساحلية الصغيرة ولا تزال تعاني حصارا خانقا يمنع عنها المواد الأساسية ويخضع سكانها للتفتيش على الحواجز الأمنية أثناء دخولهم وخروجهم من المدينة.
 
وزير الدفاع الأميركي يحذر إسرائيل من تزايد عزلتها
بانيتا: سقوط النظام السوري «مسألة وقت».. وأبو مازن يطلب منه تغيير الموقف من عضوية الدولة.. والسلطة تقلل من أهمية قبول تل أبيب بيان «الرباعية»
رام الله: كفاح زبون تل أبيب: نظير مجلي لندن: «الشرق الأوسط»
طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، من وزير الدفاع الأميركي، ليون بانيتا، شروحات حول موقف واشنطن المعارض لضم الدولة الفلسطينية للأمم المتحدة، كما طلب منه تغيير موقف بلاده من الطلب الفلسطيني بشأن ذلك.
ورفض أبو مازن مجددا طلبا أميركيا بالعودة إلى المفاوضات، في ظل الوضع القائم حاليا، وأكد أن العودة إلى المفاوضات تحتاج إلى اعتراف إسرائيلي واضح بالمرجعيات الدولية، ووقفا للاستيطان.
وأخذ الاستيطان مساحة واسعة من نقاش أبو مازن وبانيتا، وأبلغ أبو مازن ضيفه أن اهتمام أميركا بالحفاظ على تفوق إسرائيل النوعي لا يعني دعم الاستيطان أو السكوت عنه.
والتقى أبو مازن ببانيتا، بعد لقاء الأخير بوزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في زيارة سريعة قبل أن يطير إلى مصر، ليغادرها في وقت لاحق من هذا الأسبوع إلى بروكسل للمشاركة في اجتماع لحلف شمال الأطلسي.
وأكد وزير الدفاع الأميركي في إسرائيل أنه لا يمكن لتل أبيب الاعتماد على القدرات العسكرية فحسب وإنما يجب عليها التوجه إلى المسار الدبلوماسي أيضا.
وأضاف بعد لقائه باراك: «يجب على الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني التوجه إلى حل النزاع على أساس مبدأ دولتين لشعبين»، مؤكدا أن الإدارة الأميركية تدعم ذلك.
وكان بانيتا، الذي ناقش مع باراك قضايا أمنية ثنائية، وتحرك الفلسطينيين لنيل اعتراف الأمم المتحدة بدولتهم، وتداعيات «الربيع العربي»، والبرنامج النووي الإيراني، حذر في تصريحات صحافية من فوق متن الطائرة التي أقلته من اليمن إلى إسرائيل من ازدياد عزلة إسرائيل إقليميا عقب المتغيرات الحاصلة في المنطقة.
وطالب بانيتا إسرائيل بالتحرك لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين وتحسين العلاقات مع مصر وتركيا، وأردف قائلا: «من المهم فعلا القيام بكل ما يمكن فعله من أجل مساعدتها على استعادة علاقاتها مع دول مثل تركيا ومصر».
وأكد بانيتا للصحافيين، أنه ليس لديه الكثير من الشكوك حول احتفاظ إسرائيل بتفوقها العسكري في المنطقة، «ولكن السؤال الذي يجب علينا طرحه هو ما إذا كان الاحتفاظ بالتفوق العسكري كافيا إذا كنتم تعزلون أنفسكم على الصعيد الدبلوماسي».
وتابع: «في هذه الأوقات الاستثنائية في الشرق الأوسط، في الوقت الذي تحصل فيه كل هذه التغييرات، ليس من مصلحة إسرائيل أن تزداد عزلة في الشرق الأوسط، ولكن هذا ما يحصل اليوم».
وأوضح بانيتا أنه سيحض المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين على العودة إلى طاولة المفاوضات، وقال: «رسالتي الأساسية للطرفين هي: لن تخسروا شيئا إذا استأنفتم المفاوضات».
وقبل وصوله إلى إسرائيل كانت الحكومة هناك أعلنت موافقتها على بيان اللجنة الرباعية، لاستئناف المفاوضات، وهو ما رحبت به الولايات المتحدة التي قالت على لسان الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند: «إن الإدارة الأميركية تكرر دعوتها إلى الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني باستئناف المفاوضات المباشرة بينهما من دون شروط مسبقة وذلك حسب الجدول الزمني الذي اقترحته (الرباعية) الدولية».
غير أن الفلسطينيين بقوا على موقفهم، وقللوا أيضا من أهمية قبول إسرائيل ببيان اللجنة الرباعية.
من جهتها، حذرت حركة حماس الرئيس الفلسطيني وقيادة منظمة التحرير من قبول دعوة اللجنة الرباعية لاستئناف المفاوضات المباشرة مع إسرائيل.
وفي بيان أصدرته أمس، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، قالت الحركة: «نحذر الرئيس عباس وقيادة منظمة التحرير من الانخداع بالمناورات الصهيونية، فترحيب نتنياهو بدعوة اللجنة الرباعية لاستئناف المفاوضات تهدف إلى إعادة السلطة إلى المسار التفاوضي العبثي، الذي ثبت فشله على مدى 20 عاما».
وأضافت حماس: «إننا في الوقت الذي نحذر فيه من الانخداع بالمفاوضات، ندعو الرئيس عباس وحركة فتح والفصائل والقوى الفلسطينية كافة إلى حوار وطني شامل للوصول إلى استراتيجية فلسطينية على قاعدة التمسك بالحقوق والثوابت في مواجهة الاحتلال الصهيوني». وفي غضون ذلك، قالت أوساط أميركية وإسرائيلية إن بانيتا حضر إلى المنطقة لكي يحرر المواطن المزدوج الجنسية، (إسرائيلي وأميركي)، ايلان جرابل، المتهم بالجاسوسية في مصر، إلا أن أوساطا أخرى اعتبرت موضوع الجاسوس «غطاء إعلاميا»، وقالت إن الزيارة تهدف إلى البحث في مواضيع محرقة وخطيرة.
وتساءل الكثيرون في إسرائيل عن سبب تكرار اللقاء بين بانيتا والمسؤولين الإسرائيليين، خصوصا أن اللقاء السابق تم فقط قبل أسبوعين، لدى وصول باراك إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة عشية بحث المطلب الفلسطيني الاعتراف بالدولة. ورد الناطق بلسان وزارة الدفاع الإسرائيلية، أن هذه الزيارة تم التخطيط لها منذ عدة أسابيع. لكن الرأي السائد في إسرائيل هو أن سبب تكرار الزيارات يعود إلى خلافات حادة قائمة بين البلدين بشأن معالجة البرنامج النووي الإيراني، فالمعروف أن رئيس الحكومة الإسرائيلي، ووزير دفاعه، باراك، يتبنيان موقفا موحدا يؤيد توجيه ضربة عسكرية ضد إيران.
وهما يصران على موقفهما ويدخلان في مواجهة حتى مع الجيش الإسرائيلي في هذا الموقف. وقد تسببا في إنهاء عمل جابي أشكنازي في رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي، لأنه عارضهما في هذا الموقف. وعينا رئيس أركان يؤيد هذه الحرب، هو يوآف غالانت، ولكنهما اضطرا إلى إلغاء تعيينه، بعد أن كشفت الصحافة الإسرائيلية فضيحة له تتعلق بسيطرته على أراضي الدولة بشكل غير قانوني. وتم تعيين بيني غانتس رئيسا للأركان، ويقال إنه لا يؤيد ضرب إيران، إلا كحل أخير.
وبدا أن إسرائيل ستضطر إلى التخلي عن خططها الحربية ضد إيران لفترة طويلة، ولكن في الأسبوعين الأخيرين أشعل الضوء الأحمر في واشنطن مرتين، المرة الأولى عندما أعلن نائب الرئيس الأميركي ووزير الدفاع الأسبق، ديك تشيني، أن إسرائيل تنوي ضرب إيران بشكل مؤكد، والمرة الثانية عندما خطب نتنياهو في الأمم المتحدة وركز في خطابه على خطورة وجود أسلحة نووية بأيدي إيران، وقال إن هذه الأسلحة قد تصل بسهولة إلى تنظيمات الإرهاب.
وذكرت مصادر إسرائيلية أن روبرت غيتس، وزير الدفاع الأميركي السابق، تحدث عدة مرات ضد الهجوم الإسرائيلي على المنشآت الإيرانية، وقال إن ذلك له أبعاد خطيرة، ضمنها توحيد الشعب الإيراني خلف القيادة. والأدميرال مايك مولين، الذي أنهى الشهر الماضي عمله كرئيس لهيئة الأركان المشتركة للجيوش الأميركية، الذي زار إسرائيل نحو 10 مرات خلال 3 سنوات، صرح للصحافة الأميركية بأنه أبلغ الحكومة الإسرائيلية عدة مرات برسائل قاطعة من الإدارة الأميركية مفادها أن «لا ضوء أخضر» لشن الهجوم على إيران. وأشارت صحيفة «هآرتس» إلى أن كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية في واشنطن يقللون في الفترة الأخيرة من التطرق مباشرة إلى مسألة الهجوم. وكان بانيتا قد صرح الشهر الماضي بأن الثورة في إيران هي «مسألة وقت»، وأن «مؤيدي الإصلاح ومعارضي النظام يتعلمون الكثير مما حصل في تونس ومصر وليبيا وتونس».
إلى ذلك، أعلن بانيتا أن سقوط النظام السوري برئاسة بشار الأسد بات «مسألة وقت». وقال في ختام اجتماع مع نظيره الإسرائيلي إيهود باراك إن واشنطن وعدة عواصم غربية سبق أن قالت بشكل واضح «إن على الأسد التنحي»، حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وأضاف بانيتا «على الرغم من استمراره في المقاومة، أعتقد أنه من الواضح جدا أنها مسألة وقت قبيل حدوث ذلك. متى؟ لا نعرف».
وأشار وزير الدفاع الأميركي إلى أن نظام الأسد فقد كل مصداقيته بعد الحملة الوحشية التي قتلت 2700 شخص على الأقل وفق آخر إحصاء للأمم المتحدة قبل عشرة أيام. وقال بانيتا «عندما تقوم بقتل شعبك عشوائيا كما يقومون به منذ الأشهر الأخيرة، فإنه من الواضح أنهم خسروا شرعيتهم كحكومة».
وتعهد بانيتا، الذي شغل منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الـ«سي آي إيه» حتى توليه منصبه في يوليو (تموز) الماضي، بأن الولايات المتحدة والدول الأخرى ستستمر في الضغط على النظام السوري لإفساح الطريق أمام تشكيل حكومة أكثر استجابة لاحتياجات الشعب. ومن ناحيته، قال باراك أيضا إن أيام النظام معدودة وإن سقوط الأسد سيمثل «ضربة كبرى» لما وصفه بـ«بمحور التطرف» للمسلحين المدعومين من إيران في المنطقة.
 
وبدأت الثورة المسلحة في سوريا
عبد الرحمن الراشد
شهدت سوريا أول عملية اغتيال رئيسية ضد أحد أبناء رموز النظام السوري، سارية ابن المفتي بدر الدين حسون، لتعلن بذلك انعطاف الاحتجاجات السلمية نحو الكفاح المسلح، في هذا البلد الذي غرقت تربته بدماء المحتجين السلميين لأكثر من نصف عام دون أن يظهر في الأفق بارقة أمل بحل ينهي الأزمة.
وفي المقابل اعترفت السلطات السورية بوجود الحركة المسلحة وتريد القضاء عليها في بداياتها. ففي صفحة تحمل اسم الرئيس السوري بشار الأسد على «فيس بوك» يحررها موالون للنظام ذكرت أنه تم اصطياد «الفار عميل العثمانيين والناتو والموساد رياض الأسعد الذي كان بطل الفيديوهات والتهديدات لجيشنا الباسل.. وهو الآن في ضيافة السلطات السورية». والمقصود به هنا من يسميه الثوار برئيس الجيش السوري الحر. وهناك أخبار أخرى تقول إن المنشق رئيس جيش الثوار يوجد طليقا خارج البلاد.
أعتقد أننا عمليا دخلنا في مرحلة جديدة؛ من سلمية الانتفاضة السورية إلى الثورة المسلحة، وهذا ما كان عدد من المعارضين يخافونه ويتمنون ألا يأتي اليوم الذي يضطرون إليه. لكن النظام العنيد فوت الكثير من الفرص للتوصل إلى حل سلمي، وأعتقد أن الأمور خرجت عن تمنيات قادة الحركة السلمية المعارضة. ولا أستبعد أن القيادة السورية كانت ترجو أن تصل المعارضة إلى حمل السلاح وإنهاء الحركة السلمية التي أحرجتها في العالم، وسببت دعوات التدخل الدولي وإسقاط النظام. ربما يعتقد النظام السوري أنه قادر على مقارعة أي تمرد عسكري مسلح ضده، وسيجد المبررات للمزيد من القتل والاعتقال بحجة أنه يحارب جماعات إرهابية.
وهذا ما كان يفكر فيه النظام الليبي السابق، حيث راح يردد سيف الإسلام القذافي أنه يحارب جماعات إرهابية وخلايا قاعدة، وأن ما يفعله من تدمير وقتل تقتضيه ضرورات مواجهة الإرهاب. لكن في النهاية لم يعد المبرر يغطي النظام حيث سقط فعليا. وهذا ما سيحدث لاحقا في سوريا حيث سينهار النظام على أيدي المنشقين والثائرين عليه.
ومن أهم التطورات في الشأن السوري، أنه أخيرا اتفقت معظم الجماعات السياسية على مجلس يضمها (المجلس الوطني السوري)، وقد ينجح هذه المرة، بعد فشل المحاولات السابقة، في تكوين مرجعية سياسية يسهل على الشعب السوري التعبير عن مطالبه ومواقفه من خلالها، وثانيا يسهل على العالم التعامل معها كبديل للنظام المحاصر.
ولا أريد أن أبيع وهما للقراء بأن النظام على وشك الانهيار لأننا أمام حالة صعبة، نظام أمني قمعي مدجج بالسلاح لا يمكن مقارنته بأي نظام آخر في المنطقة على الإطلاق، في جبروته وشراسته. وثانيا أن المحيط العالمي، بما فيه العربي، متردد في تقديم أي عون للشعب السوري بسبب تعقيدات الوضع. وتعقيدات الوضع تتضمن الداخل الطائفي، وتعقيدات الخارج حيث إن إيران لم تخف استعدادها للتدخل لحماية النظام السوري ضد أي تهديد خارجي، كما سمته ذات مرة، والكلام كان موجها ضد الناتو والجارة تركيا. إنما، ورغم كل هذه الإشكالات التي تعترض إسقاط النظام السوري، فإن حجم الرفض والاستعداد الشعبي لمواجهته يجعل نهاية النظام محتومة، إلا أن الوقت غير معروف وقد يستغرق عاما.
 
سوريا.. هل طويت الصفحة؟
طارق الحميد
بحسب ما نقلته صحيفة «النهار» اللبنانية عن الرئيس الأسبق عمر كرامي فإن الرئيس بشار الأسد يرى أن «القصة انتهت، وأننا مرتاحون إلى طي صفحة هذه الأحداث، وهي تحت السيطرة، وأن بالنا ليس مشغولا». فهل فعلا استتبت الأوضاع للنظام الأسدي بسوريا؟
أشك، ففي ظرف ثمان وأربعين ساعة حصلت أحداث تنفي ذلك، حيث أعلن عن تشكيل المجلس الوطني السوري باسطنبول، وكانت فرنسا من أوائل المرحبين به، وعلى أثر هذا الإعلان عمت المظاهرات مختلف مدن سوريا تأييدا للمجلس، كما انتشرت الأخبار بأن النظام الأسدي قد باشر باستهداف أعضاء من عائلة المعارض السوري البارز برهان غليون، كما أشارت تقارير سورية إلى أنه تم تحطيم تمثال للرئيس حافظ الأسد، والد بشار الأسد، ليس بإحدى القرى السورية، بل بالعاصمة، وهو أول تمثال يحطم بالعاصمة!
هل هذا كل شيء؟ بالطبع لا، فما زال المتابعون بانتظار التفاصيل الضرورية لمعرفة أبعاد اغتيال ابن مفتي سوريا، فهناك شك كبير حول الرواية الرسمية الصادرة من دمشق، وعملية استهداف ابن المفتي ستكون مؤشرا على أمر ما يحاك في الظلام، ومؤشرا على انشقاقات أكبر، خصوصا وقد بدأت استقالات في صفوف الإعلاميين السوريين! وبالطبع هنا التزايد المستمر بمسلسل الانشقاقات العسكرية، واستمرار المواجهات بين أمن النظام الأسدي، والمنشقين عنه.
كل ما سبق، وهو حصيلة يومين فقط، يدل على أن الصفحة التي طويت بسوريا هي صفحة أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه قبل اندلاع الثورة السورية، كما أن قول الأسد بأنه مرتاح، وباله ليس مشغولا، يعني أن النظام الأسدي لن يقوم بأي إصلاحات، ولا يمكن أن يرجى منه ذلك، لأن كلام الأسد يعني أن الحل الأمني هو الخيار الوحيد للنظام، وبالتالي فإن كل الأحاديث عن الإصلاحات السياسية لم تكن إلا للمناورة، وهنا قد يتساءل البعض: وهل من جديد في أن النظام الأسدي غير مؤهل للقيام بإصلاحات سياسية، أو هل كنا نرجو منه ذلك؟
الإجابة لا بالطبع، لكن أهمية هذا الأمر اليوم أنه دليل إضافي للدول التي تعتقد أن النظام الأسدي سيقوم بإصلاح حقيقي لاستدراك الأوضاع في سوريا، وأبرز تلك الدول التي كانت تؤمل بإصلاحات سيقوم بها النظام الأسدي هي روسيا. ولذا فإن قول الأسد بأنه مرتاح، ويعتبر أن صفحة الثورة قد طويت هو دليل على أنه لا أمل في هذا النظام، وهذه هي الرسالة التي على الروس فهمها اليوم، مثلما أدرك الأتراك قريبا أن لا مصداقية للنظام الأسدي. فالروس كانوا وإلى فترة قريبة يتأملون أن يقوم النظام الأسدي بخطوات من شأنها خلق حوار بين النظام والثوار السوريين، لكن النظام الأسدي يرى اليوم أن الأمور قد حسمت، وهو غير قلق، فأي إصلاحات تلك التي سيقوم بإنجازها، وعن أي حوار يتحدث النظام، أو من يحاولون التوسط له؟
وعليه فإن صفحة الثورة لم تطو، وربما تكون الصفحة التي طويت هي صفحة من يريدون تصديق النظام الأسدي، ووعوده الإصلاحية المزعومة.

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,117,027

عدد الزوار: 7,621,597

المتواجدون الآن: 1