فيلق القدس.. خليفة «الحرس الإمبراطوري الإيراني»

عاصفة غضب دولية تضرب إيران .. ووسائل إعلام حزب الله وقوى 8 آذار تغيّب خبر محاولة الاغتيال

تاريخ الإضافة الجمعة 14 تشرين الأول 2011 - 5:19 ص    عدد الزيارات 2609    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

عاصفة غضب دولية تضرب إيران
السعودية: مؤامرة دنيئة وننظر في خطوات حازمة * واشنطن تتوعد طهران.. والبيت الأبيض: مسؤولون كبار في قوة «القدس» على علم بالمحاولة * بريطانيا تدعم محاسبة إيران والاتحاد الأوروبي يحذر طهران من عواقب وخيمة جدا * أميركا تتجه لإحالة الملف إلى مجلس الأمن
واشنطن: مينا العريبي بروكسل: عبد الله مصطفى لندن - الرياض: «الشرق الأوسط»
واجهت إيران أمس عاصفة من الغضب الدولي تطالب بمحاسبتها على محاولة اغتيال السفير السعودي لدى الولايات المتحدة عادل الجبير.
وقال دبلوماسيون إن الولايات المتحدة بدأت أمس إطلاع سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن بشكل فردي على اتهاماتها بضلوع إيران في مخطط لاغتيال السفير السعودي في واشنطن في اتجاه لاحالة الملف الى المجلس.
وصرح مصدر مسؤول في العاصمة الرياض أن المملكة العربية السعودية تدين وتستنكر بشدة المحاولة الآثمة والشنيعة، التي لا تتفق مع القيم والأخلاق الإنسانية السوية ولا مع الأعراف والتقاليد الدولية. وقال أن السعودية في الوقت ذاته تنظر من جانبها في الإجراءات والخطوات الحاسمة التي ستتخذها في هذا الشأن لوقف هذه الأعمال الإجرامية، والتصدي الحازم لأي محاولات لزعزعة استقرار المملكة وتهديد أمنها وإشاعة الفتنة بين شعبها.
من جانبه أدان مجلس التعاون الخليجي أمس التخطيط الإيراني، مؤكدا أنه يضر «بصورة جسيمة» بالعلاقات بين طهران ودول المجلس. من جهتها، أكدت الإدارة الأميركية أمس عزمها «الرد بشدة ضمن جهود متوازية لعزل إيران ومحاسبتها على محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن». وفي حين كشف مسؤولون أميركيون لوكالة «أسوشييتد برس» احتمال أن يكون الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ورئيس الاستخبارات على علم بهذه المؤامرة، قال متحدث باسم البيت الابيض ان التآمر تم على مستوى عال في قوة القدس الايرانية. من جانبها قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن المخطط الإيراني يتطلب ردا دبلوماسيا وليس عسكريا، في وقت فرضت فيه وزارة الخزانة الأميركية عقوبات جديدة على شركة «مهان» الإيرانية للطيران واتهمتها بنقل أعضاء من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله سرا إلى واشنطن مؤخرا. ووصفت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس المخطط الإيراني بأنه «تصعيد خطير»، داعية إلى إدانة دولية لإيران. وفي غضون ذلك، قال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن بلاده ستدعم «أي إجراءات تساعد على محاسبة إيران على أفعالها», بينما، حذر الاتحاد الأوروبي إيران من «عواقب وخيمة جدا».
 
السعودية تستنكر المحاولة الآثمة لاغتيال سفيرها في واشنطن.. وتتوعد بإجراءات حاسمة
مجلس التعاون: انتهاك سافر للقوانين والأعراف الدولية ومضرة بصورة جسيمة بالعلاقات بين دول «التعاون» وإيران
الرياض: «الشرق الأوسط»
استنكرت السعودية أمس، وبشدة، محاولة اغتيال عادل الجبير سفيرها لدى الولايات المتحدة الأميركية، واصفة المحاولة بأنها آثمة وشنيعة.
وصرح مصدر مسؤول أن المملكة العربية السعودية تدين وتستنكر بشدة المحاولة الآثمة والشنيعة لاغتيال سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة الأميركية، التي لا تتفق مع القيم والأخلاق الإنسانية السوية ولا مع الأعراف والتقاليد الدولية.
وقال المصدر في بيان صدر أمس، إن حكومة السعودية تقدر الجهود التي قامت بها السلطات الأميركية - والتي كانت محل متابعة من المملكة - في الكشف عن محاولة الاغتيال؛ وإن المملكة ستستمر في اتصالاتها وتنسيقها مع الجهات الأميركية المعنية بخصوص هذه المؤامرة الدنيئة ومن يقف وراءها.
كما أنها في الوقت ذاته تنظر من جانبها في الإجراءات والخطوات الحاسمة التي ستتخذها في هذا الشأن لوقف هذه الأعمال الإجرامية، والتصدي الحازم لأي محاولات لزعزعة استقرار المملكة وتهديد أمنها وإشاعة الفتنة بين شعبها. كما تدعو المملكة الأمتين العربية والإسلامية والمجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياتهم أمام هذه الأعمال الإرهابية ومحاولات تهديد استقرار الدول والأمن والسلم الدوليين.
من جهته، أدان الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني محاولة اغتيال سفير خادم الحرمين الشريفين في واشنطن، معتبرا إياها انتهاكا سافرا ومرفوضا لكل القوانين والاتفاقيات والأعراف الدولية، ومضرة بصورة جسيمة بالعلاقات بين دول مجلس التعاون من جهة وإيران من جهة أخرى.
وأشاد بالتعاون الفعال بين الأجهزة الأمنية المختصة في كل من الولايات المتحدة وجمهورية المكسيك، الذي وضع حدا لهذا الفعل الشائن.
ودعا الأمين العام إيران إلى إعادة بناء علاقاتها مع دول المجلس على أساس من الصراحة والوضوح والتعاون البناء وحسن الجوار، بعيدا عن منهجها السلبي الحالي.
 
«عادل الجبير» دبلوماسي منذ الصغر
تشرب الدبلوماسية من والده.. ثم مارسها طوال 21 عاما بالخارجية السعودية
الرياض: نايف الرشيد
المتمعن في السيرة الذاتية للسفير السعودي في أميركا، يجد أنه استهل عمله الدبلوماسي والسياسي منذ الصغر، ولد عادل بن أحمد الجبير في مدينة حرمة التابعة لمحافظة المجمعة (شمال الرياض) عام 1962.
وحاز درجة الماجستير من جامعة جورج تاون في تخصص العلاقات الدولية عام 1984، وبدأ ممارسة الحياة السياسية مبكرا، وتحديدا عام 1986 عندما عينه الأمير بندر بن سلطان بن عبد العزيز، السفير السعودي لدى أميركا حينها، مساعدا خاصا، وفي عام 1990 ظهر للعالم بوصفه الناطق بلسان سفارة خادم الحرمين الشريفين لدى أميركا حتى صيف عام 1994، حينها انضم إلى الوفد الدائم للسعودية في جمعية الأمم المتحدة.
وفي عام 1999 عاد إلى السفارة السعودية في واشنطن للإشراف على إدارة المكتب الإعلامي في السفارة، وبعدها بعام تم تعيينه مستشارا خاصا لشؤون السياسة الخارجية في ديوان الأمير عبد الله بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي آن ذاك.
وخلال أحداث الـ11 من سبتمبر (أيلول) عام 2001، ظهر الجبير بشكل مكثف في وسائل الإعلام الأميركية، للدفاع عن البلاد، بعد الهجمات الإعلامية التي استهدفت المملكة.
وفي عام 2005 عُين مستشارا في الديوان الملكي حتى بداية 2007 عين سفيرا سعوديا لدى أميركا، وعمل لعدة سنوات مستشارا للشؤون الخارجية للملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز آل سعود منذ أن كان وليا للعهد، ثم سفيرا للرياض في واشنطن.
وألقى عمل والد السفير السعودي، وهو أحمد بن محمد الجبير، بظلاله على حياته، إذ نهل من عمل والده ملحقا ثقافيا في عدد من السفارات السعودية حول العالم، عددا من العلوم السياسية والدبلوماسية، واستقر به المقام في السبعينات من القرن الماضي في أميركا، حيث نشأ السفير آنذاك في أميركا مع باقي أسرته.
وعينه الأمير بندر بن سلطان بن سعود، السفير السعودي حينها، مساعدا له لشؤون الكونغرس وفي الشؤون الإعلامية التابعة للسفارة عام 1986.
وكان أول ظهور للسفير الجبير أمام وسائل الإعلام أثناء حرب الخليج الثانية في عام 1990، حيث ظهر بصفته متحدثا باسم السفارة السعودية، وفي عام 1999 تم تعيينه مديرا لمكتب الإعلام السعودي في واشنطن.
عُين بعد ذلك عضوا في البعثة السعودية للجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي الفترة من 1994 و1995، وعُين عام 1999 مديرا للمكتب الإعلامي السعودي في الولايات المتحدة.
وأصدر ولي العهد السعودي، الأمير عبد الله بن عبد العزيز حينها، عام 2000 قرارا يقضي بتعيينه مستشارا لولي العهد السعودي، إلى أن أصدر قرارا عام 2005 بتعيينه مستشارا في الديوان الملكي بمرتبة وزير.
ظهر الجبير على شبكة التلفزيون الأميركية «سي إن إن» وغيرها من شبكات التلفزة في عام 2005، ليدحض الهجمات الإعلامية التي انهالت على السعودية.
وفي أوائل عام 2007 وتحديدا في 29 يناير (كانون الثاني) صدر قرار بتعيين الجبير سفيرا لبلاده في واشنطن، خلفا للأمير تركي الفيصل آل سعود.
وشارك السفير السعودي في لقاءات سياسية مهمة، إذ التقى في الـ5 من أبريل (نيسان) 2011 بأعضاء وفد مجلس الشورى السعودي برئاسة المهندس أسامة بن محمد مكي الكردي، الذين كانوا يقوم بزيارة رسمية إلى أميركا، وذلك لدعم وتعزيز العلاقات السعودية الأميركية، لا سيما على الصعيد البرلماني بين مجلس الشورى والكونغرس الأميركي.
وقال حينها: «إن مسيرة العلاقات السعودية الأميركية شهدت الكثير من التحديات، إلا أنها تمكنت من مواجهتها وخرجت منها أكثر قوة؛ نظرا لما تتميز به من صدق وأمانة وشراكة استراتيجية تحقق من خلالها المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الصديقين في شتى المجالات».
وفي الـ16 من يونيو (حزيران) 2008 ترأس سفير خادم الحرمين الشريفين لدى أميركا، عادل بن أحمد الجبير، وفد السعودية إلى اجتماعات الدورة الثامنة عشرة لمؤتمر الأمم المتحدة لقوانين البحار، التي بدأت أعمالها في 13 من شهر يونيو واستمرت حتى 20 من الشهر ذاته.
والسفير الجبير يحرص على إقامة تجمع إفطار في شهر رمضان من كل عام، فيما عقد 10 يوليو (تموز) من العام الماضي مجلس إدارة أندية الطلاب السعوديين في الجامعات الأميركية اجتماعه الثلاثين برئاسة عادل بن أحمد الجبير، رئيس المجلس سفير خادم الحرمين الشريفين لدى أميركا، وذلك في جامعة جورج ماسون بولاية فرجينيا الأميركية.
وجدد السفير السعودي في 30 أبريل من العام الماضي دعوات بلاده إلى تعاون عالمي وتبادل للمعلومات؛ من أجل تحسين الجهود لمكافحة الإرهاب وتعزيز السلامة العامة.
وتابع حينها: «إن المعلومات هي من أكثر الأسلحة تأثيرا في محاربة الإرهاب، وإن على الدول الملتزمة بمحاربة الإرهاب بذل المزيد من الجهود لتبادل المعلومات من أجل تحسين السلامة العامة».
وزاد: «السعودية ظلت تؤيد بانتظام تعزيز التعاون العالمي لمكافحة الإرهاب، وقد بادرت المملكة في فبراير (شباط) 2005 بتنظيم المؤتمر العالمي لمكافحة الإرهاب، الذي انعقد في الرياض وحضره مسؤولون وخبراء من أجهزة الأمن من أكثر من 60 دولة، وترأست وفد الولايات المتحدة للمؤتمر مستشارة الأمن الوطني، فرانسيس تاونسند آنذاك، وكان من التوصيات الرئيسية التي صدرت عن مؤتمر الرياض الاقتراح الذي كان أول من أوضحه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لتأسيس مركز دولي لمكافحة الإرهاب؛ ليكون محورا لتبادل المعلومات بين الدول».
وشارك السفير الجبير عام 2009 في اجتماع الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية رئيس وفد المملكة إلى اجتماعات الدورة 64 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك حينها، مع وزراء خارجية الدول العربية المشاركين في حضور اجتماعات الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وفي عام 2005 حضر استقبال خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، وكان عادل الجبير مستشارا في الديوان الملكي. وأصدر العاهل السعودي قرارا بتاريخ 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 2010 بتمديد خدمة عادل بن أحمد الجبير سفيرا لدى أميركا بمرتبة وزير في وزارة الخارجية لمدة 4 سنوات، اعتبارا من 16 ديسمبر (كانون الأول) 2010.
وفي 29 يناير عام 2007، وبناء على رغبة الأمير تركي الفيصل بن عبد العزيز، سفيرنا لدى الولايات المتحدة الأميركية حينها، تم إعفاؤه من منصبه، وتعيين عادل بن أحمد الجبير سفيرا للسعودية لدى أميركا بمرتبة وزير في وزارة الخارجية.
 
المطعم يرتاده رجال أعمال وأعضاء من الكونغرس الأميركي
مطعم «كافيه ميلانو» مكان تنفيذ المؤامرة الإيرانية لقتل السفير السعودي
واشنطن: هبة القدسي
أشارت تحقيقات مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى أن المؤامرة الإيرانية لقتل السفير السعودي في واشنطن تركزت على تفجير المطعم الذي يرتاده السفير عادل الجبير، باستخدام متفجرات «سي 4»، حتى مع احتمال أن يؤدي التفجير إلى مقتل عدد كبير من الضحايا من مرتادي المطعم، ويبدو الأمر مشهدا من فيلم سينمائي في هوليوود.
وفي المؤتمر الصحافي بوزارة العدل الأميركية أعلن إيريك هولدر تفاصيل المؤامرة دون أن يشير إلى اسم المطعم واكتفى بالإشارة إلى أن المطعم يرتاده أعضاء من مجلس الشيوخ الأميركي لتناول العشاء، وأن السفير السعودي عادل جبير يتناول عشاءه بالمطعم بانتظام.
وهو ما أثار تساؤلات حول المطعم المزدحم بهذه الشخصيات المهمة من السفراء الأجانب وأعضاء الكونغرس، وخرجت تكهنات أن يكون المطعم هو مطعم «كافيه ميلانو» الشهير في منطقة جورج واشنطن. وقد عرف عن السفير عادل الجبير (49 عاما) أن اعتاد التردد على هذا المطعم مصطحبا عددا من أصدقائه من البيت الأبيض والخارجية الأميركية. وأشارت صحيفة «واشنطن بوست» أن السفير السعودي تميز بذوق راق في المطاعم.
وقال مالك مطعم ميلانو فرانكو نوشيس إنه لم يسمع شيئا عن التحقيق، وأكد أن السفير السعودي كان يتردد على المطعم، لكنه قلل من زياراته للمطعم في الآونة الأخيرة. ونفى صاحب المطعم الإيطالي وجود تأثير لهذه القصة على مطعمه وقال «إننا لا نستطيع أن نعيش في خوف». وأضاف أن الناس يأتون إلى هنا لأنهم يعرفون من نحن ويعرفون أننا نحمي خصوصيتهم ويشعرون بالراحة هنا لأننا لا نضع أجهزة الكشف عن المعادن، لكننا دائما يقظون».
ويقع المطعم في شارع بروسبكت بمنطقة جورج تاون ويحوي صالة واسعة للطعام إضافة إلى حجرات خاصة تتسم بالخصوصية للمجموعات. وكشأن معظم المطاعم في المنطقة الحيوية من واشنطن فإن ساعات العمل تمتد فيه إلى ما بعد منتصف الليل. ويعد المطعم من أرقى المطاعم في واشنطن ويقدم أنواعا مختلفة من الأطعمة الإيطالية، ويرتاده عادة عدد من رجال الأعمال ورجال الكونغرس.
 
«دليل دامغ» على أن إيران وراء مخطط اغتيال السفير
تركي الفيصل قال: «لا بد أن يدفع أحد الثمن أيا كان مقامه»
لندن: «الشرق الأوسط»
قال الرئيس السابق للاستخبارات السعودية أمس: إن ثمة أدلة دامغة على أن إيران تقف وراء مخطط قتل السفير السعودي في واشنطن ولا بد «أن تدفع الثمن». وقال الأمير تركي الفيصل خلال مؤتمر صحافي حول النفط في لندن: «الأدلة المتوافرة دامغة.. وتظهر بوضوح مسؤولية إيرانية رسمية عن ذلك. سيتعين أن يدفع أحد في إيران الثمن، أيا كان مقامه». وأضاف الأمير، الذي عمل أيضا سفيرا للسعودية لدى الولايات المتحدة وبريطانيا، أن المخطط المفترض لقتل السفير الحالي لبلاده في واشنطن «شديد الجرم بما لا يوصف». وكانت وزارة العدل الأميركية اتهمت أول من أمس رجلين بالتآمر مع فصائل بالحكم في إيران لتفجير السفير السعودي عادل الجبير على الأراضي الأميركية. وكانت دعوى جنائية في واشنطن قد أوردت أول من أمس في إطار المخطط المفترض اسم منصور أرباب سيار وهو إيراني يحمل الجنسية الأميركية، فضلا عن غلام شكوري وهو عضو في فيلق القدس يتمركز في إيران. ويتبع فيلق القدس الحرس الثوري الإيراني.
 
واشنطن تدرس التوجه لمجلس الأمن لمحاسبة إيران
واشنطن تفرض عقوبات على شركة طيران إيرانية نقلت عناصر من الحرس الثوري وحزب الله * البنتاغون: الرد على المحاولة الإيرانية دبلوماسيا وليس عسكريا
واشنطن: مينا العريبي
أكدت الإدارة الأميركية أمس عزمها الرد بشدة على محاولة اغتيال السفير السعودي لدى الولايات المتحدة عادل الجبير ضمن جهود متوازية لعزل إيران ومحاسبتها على هذه الخطة. وفيما تدرس واشنطن إمكانية التوجه إلى مجلس الأمن لمحاسبة إيران، أشار مسؤولون أميركيون لوكالة «أسوشييتد برس» إلى احتمال أن يكون الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ورئيس الاستخبارات على علم بهذه المؤامرة.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن المخطط الإيراني يتطلب ردا دبلوماسيا وليس عسكريا، مقللة من احتمال شن عمل عسكري، في وقت فرضت فيه وزارة الخزانة الأميركية عقوبات جديدة على شركة «مهان» الإيرانية للطيران واتهمتها بنقل أعضاء من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله سرا إلى واشنطن مؤخرا.
وقال نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تعمل على توحيد الرأي العالمي وراء رد أميركي محتمل. وقال بايدن أمس: «إنه عمل مشين لا بد أن يحاسب الإيرانيون عليه». وأضاف في مقابلة مع قناة «إيه بي سي» الأميركية: «الأمر مشين مخالف لإحدى الركائز الأساسية التي تتعامل بموجبها الدول مع بعضها بعضا وهو حرمة وسلامة دبلوماسييها». وقال بايدن إن الإدارة تعمل على توحيد قوى العالم وراء رد عالمي من خلال إظهار للشركاء الدوليين «ما الذي كان يفكر فيه الإيرانيون بالضبط». واعتبر أن الوحدة الدولية أمر أساسي في المرحلة المقبلة، موضحا أنه «أيا كان الإجراء الذي يتخذ في النهاية سواء عقوبات إضافية - والتي اتخذنا بعضا منها بالفعل - ولم يتم استبعاد أي احتمال.. لن يكون الوضع هو أن الولايات المتحدة تقف وحدها في مواجهة إيران».
وقال دبلوماسيون إن الولايات المتحدة بدأت أمس إطلاع سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن بشكل فردي على اتهاماتها بضلوع إيران في مخطط لاغتيال السفير السعودي في واشنطن. ومن المقرر أن تجري السفيرة الأميركية سوزان رايس اجتماعات مع مبعوثي الدول الخمس عشرة الأعضاء في مجلس الأمن، كلٌ على حدة. ولم يتضح على الفور ما إذا كانت الولايات المتحدة ستسعى لاستصدار إدانة من مجلس الأمن أو فعل آخر على خلفية المخطط المفترض الذي نفته إيران بشدة. وقال دبلوماسي غربي «نتقدم خطوة خطوة».
ولفت مسؤول أميركي مطلع على القضية لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الولايات المتحدة تنظر إلى السعودية «لقيادة الرد على الإيرانيين مع دعم دولي». وكان أوباما قد اتصل بالسفير الجبير أمس وأكد له التضامن الأميركي مع السعودية. وأبلغ الرئيس الأميركي بهذا التهديد في يونيو (حزيران) الماضي ووجه السلطات الأميركية للتعامل معه بأهمية عالية.
من جانبها قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون: «نتشاور مع أصدقائنا وشركائنا حول العالم حول إمكانية إرسال رسالة واضحة حول وقف مثل هذه الانتهاكات وكيف يمكن إرسال رسالة قوية إلى إيران وزيادة عزلتها». وفي مقابلة لها مع وكالة «أسوشييتد برس»، قالت كلينتون «هذا في الواقع، في رأي كثير من الدبلوماسيين والمسؤولين الحكوميين، يعتبر تجاوزا للحدود وينبغي محاسبة إيران على ذلك». وأضافت «لا أحد يستطيع أن يختلق فكرة أنهم حاولوا إغراء عصابة مخدرات مكسيكية بالمال لقتل السفير السعودي، أليس كذلك؟» وقالت كلينتون إن هذا المخطط «يؤدي إلى إمكانية ردود فعل دولية من شأنها أن تزيد من عزلة إيران». وأفادت مصادر دبلوماسية أميركية لـ«الشرق الأوسط» بأن واشنطن تدرس مقترحات عدة من بينها عقوبات جديدة ضد إيران بالإضافة إلى الضغط على دول عدة لاتخاذ إجراءات أحادية ضد إيران وعزلها. وتشدد واشنطن في الوقت نفسه على نجاح العملية الأميركية في إفشال هذه الخطة. وقال مسؤول من البيت الأبيض لـ«الشرق الأوسط» إن هذا «تحقيق ناجح من قواتنا الأمنية ويبرهن على نجاح عملياتها الدقيقة». وأضاف المسؤول «هذا انتهاك للقانون الدولي قامت به إيران ويجب محاسبتها عليه».
من جهته قال جون بينر رئيس مجلس النواب الأميركي أمس إنه يتعين على إدارة الرئيس باراك أوباما اتخاذ إجراءات ضد إيران «تجعلها تشعر بالألم». وطالب عضو الكونغرس الجمهوري ورئيس لجنة مجلس النواب الأميركي للأمن القومي بيتر كينغ بمحاسبة إيران. واعتبر كينغ في بيان أمس أن المخطط الإيراني يشكل «عملا حربيا» ضد الولايات المتحدة، مضيفا «يجب إبقاء كل الخيارات مطروحة على الطاولة للرد»، بما فيها الخيار العسكري. وقامت وزارة الخارجية الأميركية أمس باستدعاء السفراء المندوبين لدى الولايات المتحدة وأكدت لهم عزم السلطات الأميركية حماية الدبلوماسيين لديها. وقدم مسؤولون أميركيون شرحا للخطة المزعومة بالتفصيل بالإضافة إلى إعطاء الضمانات لحماية الدبلوماسيين. كما التقت كلينتون أمس بالسفيرة السويسرية لدى طهران ليفيا ليو أغوستي لبحث الشأن الإيراني، حيث إن سويسرا راعية المصالح الأميركية في إيران. ومن اللافت أن الولايات المتحدة حاولت عدم التصعيد ضد إيران خلال اعتقال الشابين الأميركيين جوش فاتال وجوش سترود في إيران، للتأكد من سلامتهما. ولكن منذ إطلاقهما نهاية الشهر الماضي أخذت الإدارة الأميركية تصعد ضد النظام الإيراني.
وأصدرت واشنطن أمس تنبيها دوليا إلى رعاياها من تهديد الإرهاب، حيث صعدت حالة الإنذار في البلاد. وأفاد بيان من وزارة الخارجية الأميركية بأن «وزارة الخارجية الأميركية تنبه المواطنين الأميركيين من احتمال عمليات ضد الولايات المتحدة بعد إفشال الخطة المرتبطة بإيران للقيام بهجوم إرهابي كبير في الولايات المتحدة».
من جانبها قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن المخطط الإيراني المفترض لقتل السفير السعودي في واشنطن يتطلب ردا دبلوماسيا وليس عسكريا، مقللة من احتمال شن عمل عسكري. وصرح جون كيربي المتحدث باسم وزارة الدفاع للصحافيين أن «الجيش الأميركي لديه مخاوف منذ فترة طويلة بشأن التأثير السيئ لإيران في المنطقة. ولكن فيما يتعلق بهذه القضية فإنها مسألة قضائية ودبلوماسية». وفرضت وزارة الخزانة الأميركية أمس عقوبات على شركة «مهان» الإيرانية للطيران واتهمتها بنقل أعضاء من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله سرا إلى واشنطن. وجاء الإعلان بعد يوم من اتهام واشنطن عددا من عناصر الحرس الثوري بالضلوع في مخطط لقتل السفير السعودي في واشنطن.
وتعتبر الولايات المتحدة أن خطة الاغتيال تشكل محاولة إرهابية ضد مصالح الولايات المتحدة على أراضيها. وعقد أوباما اجتماعا مع مجلس الأمن القومي صباح أول من أمس وتشاور مع مسؤوليه الأمنيين صباح أمس حول الخطوات المقبلة. وقالت السلطات الأميركية إنها كشفت مؤامرة دبرها رجلان مرتبطان بأجهزة أمنية إيرانية لاغتيال السفير السعودي. وألقي القبض على أحدهما في الشهر الماضي بينما يعتقد أن الآخر موجود في إيران الآن. وأعلنت السلطات المكسيكية أنها تعاونت بشكل وثيق مع التحقيقات الأميركية، مؤكدة أنها منعت عرببسيار من دخول البلاد وأعادته إلى نيويورك في طائرة حيث اعتقلته السلطات الأميركية.
وأعلن وزير العدل الأميركي إيريك هولدر أول من أمس اتهام إيرانيين اثنين بمحاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن في إطار «مؤامرة خططت لها ونظمتها وأدارتها» إيران. وقال هولدر في مؤتمر صحافي إن منصور عرببسيار وغلام شاكوري متهمان بالمشاركة في هذه المؤامرة «بقيادة عناصر في الحكومة الإيرانية». وقالت وزارة العدل الأميركية في بيان إن الإيرانيين ملاحقان خصوصا بتهمة «التآمر لقتل مسؤول أجنبي» و«استخدام سلاح دمار شامل (متفجرات) » و«التآمر بهدف ارتكاب عمل إرهابي دولي».
ومن جهتها، وصفت إيران الاتهامات الأميركية لها في مخطط لاغتيال السفير السعودي في واشنطن بـ«المؤامرة الشيطانية»، وذلك في رسالة إلى الأمم المتحدة نشرت أول من أمس.
واتهم عدد من كبار مسؤوليها الولايات المتحدة بمحاولة تحويل الانتباه عن مشاكلها الداخلية وزرع الخلاف بين إيران والدول العربية المجاورة لها. وقال رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني إن الاتهامات الأميركية «لعبة صبيانية» لتحويل انتباه الرأي العام الأميركي.
اغتيالات سياسية في واشنطن: حقائق وصور خيالية
قبل 35 عاما اغتيل في شارع السفارات وزير خارجية تشيلي
واشنطن: محمد علي صالح
في شهر سبتمبر (أيلول) نفسه الذي كان مقررا فيه اغتيال السفير السعودي في واشنطن، وقبل خمسة وثلاثين سنة، اغتيل في واشنطن أورلاندو لاتيير، وزير خارجية تشيلي سابقا. وفي الشهر الماضي، بمناسبة ذكرى اغتياله، صدر فيلم أميركي عنه، بالإضافة إلى كتب، وسلسلة محاضرات ومناقشات في الإنترنت. وذلك لأن اغتيال دبلوماسي أجنبي في واشنطن شيء نادر جدا.
وأيضا، مثل محاولة اغتيال السفير السعودي، كان المتآمرون لاتينيين، غير أن حادث سنة 1976 قام به رجال من تشيلي، بينما محاولة هذه السنة كان مقررا أن يقوم بها رجال من المكسيك.
يوم 21 سبتمبر 1976، في دائرة «شيريدان» على شارع ماساجوستيس، الملقب بشارع السفارات (بسبب كثرة السفارات الأجنبية فيه)، انفجرت سيارة كان فيها الدبلوماسي التشيلي السابق والأميركية روني موفيت، مستشارته، وزوجها الأميركي مايكل موفيت. وقتل الدبلوماسي والزوجة وجرح الزوج. وفي وقت لاحق، أدين التشيلي مانويل كونتيراراس وزميله التشيلي بدرو إسبينوزا. وأيضا، الأميركي مايكل تونلي، الذي كان يعمل في وقت سابق مع وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه).
في ذلك الوقت، وحتى اليوم، تشير أصابع إلى دور «سي آي إيه» في الاغتيال. وذلك لأن الدبلوماسي التشيلي كان عمل مع رئيس تشيلي اليساري سلفادور ألليندي، الذي قضى عليه انقلاب الجنرال أغسطو بينوشيه، وقتله. وهرب وزير الخارجية لاتيير إلى واشنطن، لكن صار واضحا أن استخبارات بينوشيه (وربما «سي آي إيه») تابعته حتى قضت عليه.
غير أن واشنطن ظلت مسرحا لعمليات اغتيال سياسية كثيرة لمسؤولين أميركيين وأجانب كبار، لكنها كلها في صورة روايات خيالية. ولأن واشنطن هي عاصمة السياسة والإثارة، كتب بعض هذه الروايات سياسيون أميركيون مشهورون؛ منهم السناتور السابق بوب غراهام (ديمقراطي من ولاية فلوريدا)، مؤلف رواية «مفاتيح للمملكة»، وملخصها أن إرهابيين سعوديين تسللوا من السعودية إلى واشنطن، واغتالوا عضوا في الكونغرس.
وأمس، علق السناتور المؤلف على محاولة اغتيال السفير السعودي، وقال إن الناس يجب أن تفصل بين الخيال والواقع. وتندر على أن واشنطن هي «مدينة للتجسس». وأضاف: «لأن واشنطن هي العاصمة الوطنية، هناك هيبة كبيرة تضاف إليها»، وقال إنه استفاد في الرواية من أنه كان رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ. وكان عضوا في اللجنة التي حققت في هجوم 11 سبتمبر.
لكن، بالإضافة إلى اغتيال الدبلوماسي التشيلي، وقبل أكثر من نصف قرن، شهدت واشنطن اغتيالا سياسية حقيقية. في عام 1941، عثر على جثة والتر كريفيتسكي، جاسوس الاستخبارات الخارجية الروسية (كي جي بي) الذي كان فر إلى الولايات المتحدة، في فندق بيلفيو في واشنطن.
وفي عام 1954، أطلق النار داخل الكونغرس وطنيون من جزيرة بورتوريكو، مما أسفر عن إصابة خمسة من أعضاء الكونغرس. وكان هؤلاء يطالبون باستقلال جزيرتهم التي كانت، ولا تزال، تابعة للولايات المتحدة، لكنها ليست جزءا منها.
وفي عام 1976، اغتيل الدبلوماسي التشيلي لاتيير.
بالإضافة إلى واشنطن، شهدت عواصم أخرى اغتيالات سياسية.. انتقلت المؤامرات إلى قارات أخرى، مثل اغتيال الاستخبارات الروسية في لندن مذيع القسم البلغاري في إذاعة «بي بي سي» البريطانية بمظلة في مؤخرتها مادة سامة، ومثل محاولة اغتيال، عن طريق تسميم عشائه، لمرشح الرئاسة السابق في أوكرانيا فيكتور يوتشينكو.
 
العد التنازلي للمؤامرة
* حسب وثيقة الاتهام، فإن العد التنازلي للمؤامرة بدأ يوم 24 مايو (أيار) الماضي، بلقاء المتهم الأول منصور عرببسيار بمخبر لوكالة المخابرات الأميركية على أنه عضو في شبكة المخدرات المكسيكية.
* يوم 23 يونيو (حزيران) حسب مزاعم المتهم الأول تمت في طهران مناقشة تفاصيل اغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير.
* يوم 24 يونيو 2011، سافر عرببسيار أكثر من مرة بين المكسيك والولايات المتحدة، خاصة من ولاية تكساس المجاورة. وفي المكسيك، قابل المخبر أكثر من مرة.
* يوم 14 يوليو (تموز)، تقابل عرببسيار المتهم الأول مرة أخرى مع المخبر، وحسب التسجيلات الصوتية المسجلة، وافق المخبر على اغتيال السفير السعودي، وقال إنه سيستعين بخمسة أشخاص، وإنه يريد مبلغ مليون ونصف المليون دولار.
* يوم 17 يوليو تقابل الرجلان مرة أخرى في المكسيك، وتناقشا حول قتل السفير السعودي في أحد مطاعمه المفضلة، مشيرا إلى أن أحد الذين سيقتلون السفير السعودي وصل إلى واشنطن للقيام بعمليات مراقبة. وسأل عرببسيار المخبر عن طريقة قتل السفير، وأجاب المخبر: «سأفجره أو سأقتله مباشرة، كما تريد».
وأيضا، تناقش الرجلان حول ضمانات دفع مبلغ المليون ونصف المليون، وكرر عرببسيار أن «المبلغ موجود».
* 1 أغسطس (آب)، أرسل مبلغ 50 ألف دولار «من جهة أجنبية» عن طريق بنك «موجود في دولة أجنبية» إلى بنك في نيويورك، ثم إلى بنك المخبر الذي يعتقد أنه في ولاية تكساس.
* يوم 9 أغسطس، وصل «النصف الثاني» من المبلغ المتفق عليه الـ100 ألف دولار بنفس الطريقة.
* يوم 20 سبتمبر (أيلول)، اتفق الرجلان على اللقاء في المكسيك، لحسم ضمانات دفع كل المبلغ.
* يوم 28 سبتمبر، وصل عرببسيار إلى المكسيك. لكن، لسبب ما، رفضت سلطات الجوازات السماح بدخوله إلى أراضيها.
* يوم 5 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، يوم الأربعاء الماضي، اتصل عرببسيار المعتقل مرة أخرى مع شكوري، وتحدث عن سيارة «شفروليه»، إشارة إلى قتل السفير السعودي، وقال عرببسيار «الشفروليه جاهزة».
بدأت القضية في مايو (أيار)، حينما أخبر مخبر تابع لإدارة مكافحة المخدرات الأميركية تربطه صلات بأفراد رفيعي المستوى في عصابة «لوس زيتاس» عاملين في الإدارة بمحادثة مريبة. فقد ذكر أن صديقا إيرانيا لعمته في «كوربوس كريستي» - وهو عرببسيار - حضر إليه وعرض عليه استئجار العصابة الإجرامية لتنفيذ هجمات إرهابية داخل الولايات المتحدة. وحينها، ظن عرببسيار أنه عضو بالفعل في عصابة «لوس زيتاس».
وعلى مدار الشهرين التاليين، عقد عرببسيار والمخبر صفقة يدفع بموجبها عرببسيار 1.5 مليون دولار لعصابة لوس زيتاس مقابل اغتيال السفير السعودي في مطعم في واشنطن، بحسب مسؤولين.
 
صحف غربية تتوقع مواجهة أميركية ـ إيرانية
«التايمز» تستعرض تاريخ إيران الحافل بمؤامرات مشابهة لمحاولة اغتيال السفير
لندن: نادية التركي
تصدرت أخبار محاولة اغتيال السفير السعودي لدى الولايات المتحدة عادل الجبير الصفحات الافتتاحية لأغلب الصحف الأوروبية، التي نقلت الخبر مفصلا، وعرضت موقف الولايات المتحدة الذي أتى بلهجة اتهامية «حادة» نحو إيران. واتفقت الصحف الأجنبية على أن مثل هذه المواجهة سترفع من حدة التوتر بين البلدين ووصفتها أخرى بـ«الخطيرة».
وقالت صحيفة «الغارديان» البريطانية في مقالها الافتتاحي إن الولايات المتحدة الأميركية «أمام مواجهة خطيرة» مع إيران بعد أن صرحت إدارة الرئيس أوباما بأنها تتهم وبشكل مباشر الحكومة الإيرانية بالتخطيط لاغتيال السفير السعودي في واشنطن.
كما تحدثت الصحيفة عن تصريحات الحكومة البريطانية حول دعمها لأي إجراءات قد تساعد على محاسبة إيران، ومتابعتها للموضوع من خلال اتصالاتها المتواصلة مع الولايات المتحدة. وعلى صفحات موقعها الإلكتروني تحدثت الصحيفة عن الخطوات التي اتخذتها أميركا للمزيد من الضغط على إيران والسعي لفرض مزيد من العزلة عليها، واستعرضت الصحيفة تفاصيل عملية الاغتيال.
كما ذكرت أن هيلاري كلينتون أكدت الحاجة لـ«رسالة قوية» للنظام الإيراني والتي حاولت تأكيدها من خلال فرض عقوبات اقتصادية على خمسة إيرانيين. وقالت إنها هي والرئيس أوباما يعملان على توسيع قائمة الدول التي ستعمل على مواجهة التهديدات الإيرانية.
صحيفة «الديلي تليغراف» وفي صفحتها الأولى نشرت خبرا حول موضوع خطة الاغتيال وعنونته بـ«إيران متهمة بهجمات إرهابية في الولايات المتحدة»، وعرضت أن هذا العمل يزيد التوترات بين البلدين حدة، مع عرض لتصريحات وزير العدل الأميركي.
ومن جهته وفي مقال حول الموضوع، نقلت صحيفة «التايمز» البريطانية موقف مدير الـ«إف بي آي» روبرت مولير الذي قال إنه وعلى الرغم من أن بعض أجزاء القصة تبدو خيالية فإن الأثر لها لو تحقق «واقعي جدا وكان سيتسبب في خسارة العديد من الأرواح». كما نشرت الصحيفة تعليق لهج توملينسون حول الموضوع عرض فيه تاريخ إيران الحافل بمثل هذه العمليات مذكرا بالسيارة المفخخة التي انفجرت في لندن سنة 1980 وتسببت في قتل شخصين وقتها. مضيفا أن أحد المتهمين وهو كوروش فولادي الذي أوقف وسجن أصبح بعدها عضوا في البرلمان الإيراني. وبعدها بثلاث سنوات صدمت سيارة شحن مملوءة بالمتفجرات مدخل السفارة الأميركية في بيروت وتسبب التفجير في قتل 63 شخصا منهم 17 أميركيا، وواصل استعراضه لأهم العمليات التي قامت بها إيران في العالم موضحا أنه ليس من الغريب على إيران دعم منظمات تقوم بمثل هذه العمليات.
«الإندبندنت» تحدثت في مقدمة مقالها عن اتهام الولايات المتحدة لإيران يضعها أمام اتهام بانتهاك القانون الدولي بتخطيطها لمثل هذه العملية.
أما مواقف الصحف الفرنسية فلم تختلف كثيرا عن البريطانية حيث اعتبرت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية خطة الاغتيال تصعيدا سيتسبب في ارتفاع حدة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، كما نقلت الصحيفة تفاصيل عن «نيويورك تايمز» شارحة علاقة منصور عرببسيار المشتبه به بالحرس الثوري الإيراني، كما تحدثت الصحيفة عن تساؤلات في الحكومة الأميركية حول هذا الرجل وإذا كان قد تلقى الضوء الأخضر من الحكومة الإيرانية قبل القيام بهذه العملية.
أما صحيفة «لوموند» الفرنسية فنشرت مقالا ركزت فيه على التحذيرات التي أطلقتها الحكومة الأميركية لرعاياها أول من أمس طالبة منهم توخي الحذر إزاء هجمات إرهابية محتملة على خلفية محاولة اغتيال السفير السعودي. وعرضت الصحيفة تصريح مسؤول أميركي رفيع المستوى والذي كان قد رجح احتمال أن تلي عملية الاغتيال المحتملة سلسلة من العمليات.
ونقلت الصحيفة أيضا رد الفعل الإيراني والشكوى التي رفعتها الحكومة للأمم المتحدة حول الموضوع واعتبارها لها «مؤامرة شيطانية». وعلقت الصحيفة بأن «ظل الحرس الثوري» يخيم على أجواء الخطة مستعرضة تفاصيل عملية محاولة الاغتيال ومعلومات مفصلة عن المتهمين فيها.
 

كراتشي شاهد عيان على محاولات الاعتداء على دبلوماسيين سعوديين

اعتقال ناشط من منظمة شيعية متطرفة

 
إسلام آباد: عمر فاروق
شهدت مدينة كراتشي الباكستانية خلال شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران) هجمات غير مسبوقة على دبلوماسيين سعوديين أسفرت عن مقتل دبلوماسي سعودي بارز، فيما انقسم الرأي العام الباكستاني حول الجهة التي تقف وراء الهجوم.

وقد شككت الشرطة الباكستانية في المزاعم بمسؤولية حركة طالبان عن الهجمات، في الوقت الذي اعتقلت فيه الشرطة في كراتشي ناشطا من منظمة شيعية متطرفة وقامت باستجوابه لصلته بالهجوم الذي راح ضحيته القنصل السعودي في كراتشي في مايو من العام الجاري.

وكان الرجل الثاني في القنصلية السعودية في كراتشي، حسن القحطاني، قد لقي مصرعه إثر إصابته بطلقات نارية من مسلح يستقل دراجة نارية في 16 مايو، وقبل ذلك بأيام قلائل ألقى مهاجم مجهول قنبلة يدوية على القنصلية السعودية في كراتشي، رغم وقوع إصابات خلال الحادث.

وقال خبراء أمنيون في كراتشي لـ«الشرق الأوسط» إن الهجوم على المسؤولين السعوديين في كراتشي أمر غير مسبوق في باكستان ولم يحدث من قبل أن استهدف قنصل سعودي أو عضو في السفارة أو دبلوماسي بمثل هذه الصورة.

بيد أن خبراء أشاروا إلى أن الخوف من الهجوم على السفارة السعودية أجبر الدبلوماسيين السعوديين على الانسحاب جزئيا من العاصمة الأفغانية كابل في سبتمبر (أيلول) الماضي. وجاءت الخطوة في أعقاب الهجوم الجريء الذي نفذه مقاتلون مدججون بالسلاح وانتحاريون تابعون لحركة طالبان في قلب كابل، عندما نجح مقاتلو طالبان في احتلال مبنى متعدد الطوابق تحت الإنشاء في منطقة تخضع لحراسة مكثفة، وأطلقوا قذائف آر بي جي على السفارة الأميركية ومقر الناتو ومبان حيوية أخرى. وقد استمر قتالهم مع قوات الأمن قرابة 20 ساعة. وتقع السفارة السعودية بالقرب من ميدان عبد الحق، حيث استخدمت طالبان المبنى لاستهداف السفارة الأميركية الذي يقع على بعد 300 ياردة من موقع الهجوم. وكان الرئيس الأفغاني حميد كرزاي قد سعى مرارا إلى طلب مساعدة السعودية لإقرار السلام في بلده الذي مزقته الحرب. ويعتقد خبراء أن ذلك ربما يكون سببا محتملا وراء تخطيط بعض أعداء السلام لمهاجمة المصالح السعودية في كابل.

بيد أن خبراء باكستانيين يعتقدون أن الموقف مختلف تماما، فيقول خبير أمني: «الهجمات على الدبلوماسيين أو أعضاء السفارة في باكستان أمر غير مسبوق، فلم يحدث من قبل أن تعرضت المصالح السعودية لهجوم في باكستان».

وقد تزامنت الهجمات على القنصلية السعودية في كراتشي بتعبئة شيعية وحملة مظاهرات نظمها الشيعة الباكستانيون للاحتجاج على الوضع السياسي في البحرين وهو ما أضفى نوعا من المصداقية على مخاوف مسؤولي الأمن الباكستانيين من تطور بعض المجموعات الشيعية المتطرفة في الهجوم. وقال مسؤول بارز في شرطة كراتشي لوسائل الإعلام إن المتطرف الشيعي، منتظر إمام، عضو منظمة سيفا محمد باكستان، المنظمة الشيعية المقاتلة، قد اعتقل على خلفية الاتهامات بقتل الدبلوماسي السعودي في المدينة.

 
وسائل إعلام حزب الله وقوى 8 آذار تغيّب خبر محاولة الاغتيال
قناة «المنار» انشغلت ببث المظاهرة الداعمة للنظام السوري من الشام
بيروت: بولا أسطيح
غيّبت معظم وسائل إعلام حزب الله وقوى الثامن من آذار المرئية والمسموعة عن نشراتها الإخبارية المسائية المتأخرة ليلة أمس وأول من أمس، خبر إحباط واشنطن محاولة إيرانية لاغتيال السفير السعودي لديها عادل الجبير رغم أن الفضائيات اللبنانية والعربية تناولت هذا الخبر بشكل عاجل وحصرت برامجها السياسية باستضافة المحللين السياسيين للتعليق على هذا الخبر المفاجئ وأبعاده.
وفي حين تصدر هذا الخبر «مانشيتات» الصحف اللبنانية المحايدة وتلك التي تدور في فلك قوى 14 آذار، اكتفت الصحف الموالية للسياسة الإيرانية والصادرة صباح أمس بتناول هذا الخبر بشكل مقتضب جدا وكخبر غير أساسي في أدنى صفحاتها الدولية. فهو مثلا حلّ في الصفحة الثامنة من الصفحات الدولية في جريدة «الأخبار» المقربة من حزب الله وبالتحديد في أسفل الصفحة الأخيرة من صفحات أخبار «العالم» في العدد كخبر لا يتخطى الـ12 سطرا وكأنّه خبر عادي لا يستحق الإبراز أو حتى التعليق عليه. وفيما غيّبت جريدة «البناء» الناطقة باسم الحزب السوري القومي الاجتماعي الخبر بالكامل عن صفحاتها، تصدر الخبر دوليات جريدة «السفير» المقربة من 8 آذار.
أما فيما يخص وسائل الإعلام المرئية، فتعاطت تلفزيونات «المنار» - التابع لحزب الله – و«الجديد» والـ«OTV» التابعان لقوى 8 آذار بخفة غير مسبوقة مع الخبر من خلال إيراده كخبر رابع أو أخير بالنشرة الدولية، وركّزت نشرات هذه التلفزيونات على الرد الإيراني الذي وصف كل الاتهامات بـ«الباطلة» محاولة تجنب بث أحاديث المسؤولين الأميركيين من واشنطن.وفي الوقت الذي انشغلت فيه القنوات المحلية اللبنانية والدولية بالحديث عن تداعيات وآثار محاولة الاغتيال على العلاقات السعودية - الإيرانية، انهمكت قناة «المنار» في نقل وقائع المظاهرة الداعمة للنظام السوري من الشام، وقد فتحت هواءها لنقل مداخلات مؤيدي النظام من دمشق لساعات وساعات.
بدوره تناول الموقع الإلكتروني لقناة «الجديد»، الخبر من منطلق تقرير حمل عنوان «اشتعلت بين إيران وأميركا والسبب السعودية» تم التركيز فيه على دحض إيران لكل الاتهامات الموجهة إليها ومن خلال أكثر من مصدر رسمي.
وفيما تخطى الموقع الإلكتروني لقناة «المنار» الأخبار الواردة من واشنطن بهذا الخصوص، اكتفى بنشر الردود الواردة من طهران. وتصدر العنوان المعيشي وملف زيادة الأجور النشرات الإخبارية اللبنانية دون استثناء ولكن بقي خبر إحباط واشنطن محاولة الاغتيال عنوانا دوليا أولا على كل التلفزيونات المحسوبة على قوى المعارضة اللبنانية وقد تصدر الخبر الصفحات الأولى من صحفها.
 
فيلق القدس.. خليفة «الحرس الإمبراطوري الإيراني»
يضم نخبة من قوات الجيش وواشنطن تعتبره منظمة إرهابية * تقرير هجمات سبتمبر: «زواج متعة» مع «القاعدة»
القاهرة: عالية قاسم
اشتهر «فيلق القدس الإيراني» بمهمة تصدير الثورة الإسلامية الإيرانية وهو وحدة النخبة لحرس الثورة الإسلامية الإيرانية ومكلف بالعمليات خارج الحدود الإيرانية، ويأخذ أوامره مباشرة من المرشد الأعلى للثورة الإسلامية.
وكان يشار إلى الفيلق في بعض الأحيان بأنه خليفة «الحرس الإمبراطوري الإيراني» إذ يعد نخبة قوات الجيش الإيراني، وتصفه الولايات المتحدة الأميركية بالمنظمة الإرهابية التي تساند الفصائل الإرهابية في العراق ولبنان وأفغانستان.
تكون «فيلق القدس الإيراني» إبان حرب الخليج الأولى في ثمانينات القرن الماضي كوحدة عمليات خاصة تابعة لحرس الثورة الإيرانية الإسلامية، وبعد الحرب واصل الفيلق مساندته للأكراد ضد نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وساعدوا الأكراد في محاربة القوات العسكرية العراقية.
وتوسعت عمليات فيلق القدس في المنطقة إذ ساند أحمد شاه مسعود خلال الحرب السوفياتية على أفغانستان عام 1988 وبعد الحرب ساندوه في حربه ضد طالبان.
وتطور مركز الفيلق بعد ذلك لقوات خاصة رئيسية مسؤولة عن تنفيذ عمليات خارجية وأصبح الفيلق يشكل تهديدا غامضا ومميتا على القوات، الأميركية بالعراق بعد الغزو الأميركي عام 2003 وذلك لقيامه بمهاجمة القوات الأميركية بالعراق، وذلك وفقا لتصريحات مسؤولين من الولايات المتحدة، بالإضافة إلى مساعدة الجماعات الشيعية المسلحة في العراق في تخطيط الغارة على القوات الأميركية في مدينة كربلاء عام 2007، وفي أواخر عام 2006 ألقت القوات الأميركية القبض على أربعة إيرانيين، كان اثنان من كباري ضباط الفيلق في شمال العراق وهما العميد محسن الشيرازي والعقيد أحمد دفاري وفقا للبنتاغون تم اتهامهما بأنهما كانا متورطين في توصيل أسلحة مرتجلة من إيران إلى العراق.
وكانت «الشرق الأوسط» قد أشارت في عدد سابق إلى أن علاقة إيران أو الحرس الثوري والاستخبارات بتنظيم القاعدة أشبه بحديث عن زواج متعة أو مصلحة مؤقتة بين اتجاهين آيديولوجيين متناقضين من الصعب نظريا تصديق إمكانية حدوثه.
وبعد الاعتداء الذي جرى في الخبر في السعودية عام 1996 وقتل فيه 19 أميركيا، بدأت تطفو على السطح دلائل جديدة على العلاقات بين تنظيم القاعدة وفيلق القدس وهو ما أشار إليه واضعو تقرير هجمات 11 سبتمبر (أيلول) في الولايات المتحدة، الذين أشاروا إلى أن الخلافات الشيعية السنية لم تكن حاجزا أمام التعاون في أعمال إرهابية.
وبعد هجمات 11 سبتمبر أصبحت هذه العلاقات أكثر وضوحا، بعد أن وجد مئات من عناصر تنظيم القاعدة وعائلاتهم ملاذا آمنا في إيران.
وفي فبراير (شباط) 2007 اتهم الرئيس الأميركي السابق جورج بوش علنيا «فيلق القدس التابع للحكومة الإيرانية بأنه يتزود بقنابل مرتجلة تؤذي قواتنا بالعراق».
كما أدانت حكومة الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما قوات الفيلق في شهر أبريل (نيسان) الماضي بأنها تساعد في الجرائم الوحشية التي يمارسها النظام السوري برئاسة بشار الأسد ضد شعبه المطالب بالحرية في موجة الربيع العربي التي تجتاح بعض البلاد العربية منذ بداية العام الحالي. ونشرت الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي في 24 يونيو (حزيران) الماضي قائمة الولايات المتحدة للإرهاب، وضمت قاسم السليماني القائد الحالي لفيلق القدس إلى جانب شركات سورية تمول نظام الأسد والعميد محمد علي الجفري، ونائب قائد قوات استخبارات الحرس الثوري حسن طيب. وتم كذلك إدراج فيلق القدس ضمن لائحة الأشخاص والهيئات التي فرض الاتحاد الأوروبي عليها عقوبات واتهمه الاتحاد الأوروبي بتقديم مساعدة تقنية إلى أجهزة الأمن السورية، إضافة إلى معدات لمساعدتها على قمع حركات الاحتجاج، وسبق أن فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على سوريا شملت تجميد ممتلكات وأصول 35 شخصا بينهم الرئيس السوري بشار الأسد وحرمانهم من السفر إلى الدول الأوروبية، إضافة إلى 4 كيانات.
كما أشارت تقارير إلى أن فيلق القدس كان يساعد مسلمي البوسنة ضد الصرب أثناء الحروب اليوغسلافية، وبعد الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006 قام الفيلق بتمويل حزب الله بملايين الدولارات لإعادة بناء قواته.
وفي عام 1994 اشتبه في أحمد فاهيدي وزير الدفاع الإيراني الحالي وقائد فيلق القدس في هذا الوقت بأنه قام بتنظيم وتمويل عملية مهاجمة جماعة حزب الله لمركز ثقافي يهودي ببيونس أيريس أسفر عن مقتل أكثر من 80 شخصا، وبسبب هذه التهمة واجه فاهيدي أمر اعتقال من البوليس الدولي (الإنتربول) عام 2007.
ولا توجد أرقام محددة أو معلنة عن عدد قوات الفيلق إلا أن البعض يرجح أنها تتراوح ما بين 3000 إلى 5000 شخص. وجاء في وثيقة صدرت عن اتحاد العلماء ، الأميركيين في عام 1998 أن المهمة الرئيسية للفيلق هي تنظيم وتدريب وتجهيز وتمويل الحركات الثورية الإسلامية الأجنبية إلى جانب الجماعات المسلحة بحماس في قطاع غزة وحزب الله في لبنان، وأضاف التقرير أن الفيلق ينشئ علاقات مع المنظمات الإسلامية السرية المتشددة حول العالم. ووصف ديفيد ديونزي الضابط السابق بقوات المخابرات بالجيش الأميركي الفيلق بأنه نشط في عدة دول وأنه مقسم إلى ثماني مديريات بمناطق مختلفة، وهي الدول الغربية، والعراق، وتركيا، وشمال أفريقيا، وشبه الجزيرة العربية، وجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، ومديريات مشتركة بدول عدة قريبة جغرافيا من بعضها البعض مثل أفغانستان وباكستان والهند، ومديرية أخرى في لبنان والأردن وإسرائيل.
وفي الماضي دعم فيلق القدس إقامة فروع لحزب الله في الأردن وإسرائيل. وتقع مراكز القوى للفيلق في حزب الله بلبنان وإقليم كردستان العراق وكشمير وأفغانستان واليمن انضمت مؤخرا. وأجزم ديونزي في كتابه «هيروشيما أميركا» بأن المقر الرئيسي في العراق انتقل عام 2004 إلى الحدود الإيرانية العراقية ليحكموا المراقبة على العمليات في العراق، وجاء أيضا في كتاب ديونزي أن للفيلق مقرا رئيسيا يقع على إحدى أراضي السفارة الأميركية في إيران قبل أن تجتاح السفارة في عام 1979 فيما عرف بـ«أزمة رهائن إيران».
ونشر سيمور هيرش في7 يوليو (تموز) 2007 مقالة في مجلة «New Yorker» كشف فيها أن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش وقع على مرسوم رئاسي يفوض فيه كتيبة العمليات الخاصة بجهاز المخابرات الأميركية بتولي عمليات أولية خارج الحدود من العراق وأفغانستان وصولا إلى إيران ضد فيلق القدس. وركز المرسوم على تقويض الطموح الإيراني في امتلاك السلاح النووي.
وأخيرا وجهت أميركا لفيلق القدس تهمة محاولة اغتيال عادل الجبير السفير السعودي بالولايات المتحدة. وصرح مسؤولون أميركيون بأنهم لا يعرفون من في إيران وراء هذه المحاولة، كما تضمنت المؤامرة تفجير السفارتين السعودية والإسرائيلية بالأرجتين والسفارة الإسرائيلية بواشنطن.
 
طهران نفذت ومولت وخططت لعمليات في الأرجنتين وتايلاند وألمانيا
تاريخ طويل من الإرهاب عبر القارات
القاهرة: هيثم التابعي
جاء كشف السلطات الأميركية عن محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن، الذي تتهم واشنطن إيران بالوقوف خلفه، ليُذكر العالم بالمحاولات الإيرانية السابقة في مجال رعاية وتنفيذ الإرهاب، الذي لا يمكن وصفه سوى بإرهاب الدولة المنظم، اللافت أن المؤامرة التي كشفت عنها جهات التحقيق في واشنطن، تؤكد أن طهران مستمرة على نفس النهج العدواني تجاه المملكة العربية السعودية بشكل فج. ومنذ 1984، تدرج الولايات المتحدة إيران على قوائم الدول الراعية للإرهاب.
وسبق أن وجهت لإيران اتهامات عدة تتعلق بضلوعها في تنفيذ عمليات إرهابية عبر العالم، منها مقتل أربعة معارضين أكراد في برلين عام 1992، وهي القضية المتهم فيها رجل الدين علي فلاحيان، الذي كان وزير المخابرات والأمن في الجمهورية الإسلامية حينها، وهي ذات القضية التي كشفت عن أن منفذيها خططوا لاغتيال السفير السعودي لدى السويد.
وتعد قوائم الإيرانيين المطلوبين لجهاز الإنتربول، أكبر دليل على ممارسة طهران لسياسة إرهاب الدولة، حيث تضم 48 اسما، بينهم «المرشد الأعلى» علي خامنئي والرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، ووزير الخارجية السابق علي أكبر ولايتي.
وفي يوليو (تموز) الماضي، جدد القضاء الأرجنتيني مطالبته لإيران بتسليمه جميع المتهمين بالتورط في الهجوم على المركز التعاضدي اليهودي في بيونس آيرس في الثامن عشر من يوليو 1994، الذي أسفر عن سقوط 85 قتيلا و300 جريح، والذي تشير أصابع الاتهام فيه إلى طهران، وهو ليس التفجير الوحيد الذي يعتقد أن طهران تقف وراءه حيث سبقه في السابع عشر من مارس (آذار) 1992 تفجير سيارة مفخخة أمام سفارة إسرائيل في بيونس آيرس، وهو ما أدى لمقتل 22 شخصا وسقوط 200 جريح، وهو ما أعلنت منظمة الجهاد الإسلامية، وثيقة الصلة بطهران، مسؤوليتها عنه. وهي التهم التي تنفيها طهران لكن كثيرا من الدلائل تشير إلى تشابه طرق التنفيذ المتبعة في الواقعتين بالطرق الإيرانية. وتعتبر الطائفة اليهودية الأرجنتينية الأكبر في أميركا اللاتينية، حيث يقدر عددها بـ300 ألف يهودي. ومن أبرز المطلوبين للقضاء الأرجنتيني وزير الدفاع الإيراني الحالي الجنرال أحمد وحيدي.
وفي عام 1989، قتل رجل أعمال سعودي رميا بالرصاص في العاصمة التايلاندية بانكوك، وهو ما أعلنت مجموعة شيعية وثيقة الصلة بإيران في بيروت مسؤوليتها عنه لاحقا، وهو الاعتراف الذي يزيد من احتمالية أن يكون 3 دبلوماسيين سعوديين قتلوا بنفس الطريقة في بانكوك في عام 1990 أيضا بتوجيهات إيرانية عبر تنظيم وسيط، وهي الرواية التي يتبناها المحققون الأميركيون والتايلانديون في القضية التي لا تزال قيد التحقيق في بانكوك.
وسبق لمجموعات من الحرس الثوري الهجوم على السفارة السعودية في طهران، حيث تم تدمير معظم محتوياتها وحرق السيارات الموجودة في فنائها، وإنزال العلم السعودي ورفع العلم الإيراني عليها، وقد نتج عن ذلك إصابات بالغة للدبلوماسيين ومقتل الدبلوماسي مساعد الغامدي.
ودائما ما تتهم واشنطن طهران بتمويل وتسليح الجماعات المسلحة التي تقوم بعمليات إرهابية ضد قواتها العاملة في العراق وأفغانستان، وهو ما أوقع مئات القتلى في صفوف الجيش الأميركي.
المفجع أن الأراضي المقدسة لم تسلم من أيدي التخريب والإرهاب الإيرانية، حيث شهدت مواسم الحج لبيت الله أعمالا عدوانية من قبل الحجاج الإيرانيين، فلإيران باع طويل ودموي في تحريض حجاجها على إثارة الفوضى والعنف أثناء مراسم الحج رغم أن القرآن الكريم ينهى حتى عن الجدال في الحج: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) [البقرة: 197]، ففي الحادي والثلاثين من يوليو عام 1987، قام بعض الحجاج الإيرانيين بمظاهرات عارمة أثناء موسم الحج، حيث نددوا بالولايات المتحدة، وقاموا بسد الطرقات وإحراق السيارات ومنع الحجاج الآمنين والأهالي من الذهاب إلى مقاصدهم، وأسفرت المواجهات بين قوات الأمن السعودية والمتظاهرين الإيرانيين عن مقتل 402 شخص (275 من الحجاج الإيرانيين، 85 من السعوديين، 45 حاجا من بلدان أخرى)، وعن إصابة 649 شخصا. وهو ما عرف إعلاميا بأحداث مكة 1987، قبلها بعام، كلف الحرس الثوري أحد عملائه، وهو رضا توكلي، بتفجير الحرم المكي، حيث أخفى 150 كيلوغراما من المادة المتفجرة في 94 حقيبة من حقائب الحجاج، وتنبهت قوى الأمن السعودية للمخطط وأفشلته. وبالتحقيق مع الجناة اعترف كبير ركاب هذه الطائرة، الحكمدار محمد حسن دهنوي بأنه ومجموعته كُلِّفوا من قبل القيادة الإيرانية باستخدام تلك المتفجرات في الحرمين الشريفين وفي المشاعر المقدسة.
وفي 25 يونيو (حزيران) 1996، وقع انفجار ضخم بالقرب من مجمع سكني يقطن فيه أميركيون يعملون مع سلاح الطيران في مدينة الظهران، وأدى إلى مقتل 19 أميركيا وسعوديا وجرح 372 شخصا، وحامت الشبهات حول دور إيران في الحادث، لكن في ديسمبر (كانون الأول) 2006، وجه القاضي الأميركي، رويس لامبيرس، الاتهام إلى إيران بالضلوع في التفجيرات، وأصدر حكما بذلك. وكانت تلك المرة الأولى التي توجه فيها جهة رسمية أميركية الاتهام إلى إيران بالتورط في تلك التفجيرات.
واعتبر لامبيرس في نص قراره أن «مجموع الأدلة التي قدمت في المحاكمة تؤكد بصورة قوية أن تفجيرات الخبر قد تم التخطيط لها وتمويلها ورعايتها من قبل المستويات العليا في حكومة جمهورية إيران الإسلامية». وأوضح القاضي لامبيرس في قراره الواقع في 209 صفحات أن «التخطيط لعملية تفجيرات الخبر تم في السفارة الإيرانية في دمشق، حيث تم تزويد المشاركين في العملية بجوازات السفر والوثائق والأموال اللازمة لتنفيذ العملية».
 
علاقة ساسة إيران بالإرهاب.. كالتصاق الإيراني بسجادته
عكرت شعيرة الحج واحتضنت «القاعدة» بين ظهرانيها.. واعتدت على الدبلوماسيين السعوديين
مكة المكرمة: طارق الثقفي
وصف مراقبون سياسيون علاقة ساسة إيران بالإرهاب بأنها «كالتصاق الإيراني بسجادته»، فتاريخها، بحسب متابعين، مليء بالسجالات والمماحكات مع الإرهاب، واصفين إيران بالبيت الآمن الذي احتضن الإرهاب وآوى أزلامه.
سيف العدل، سليمان بوغيث، وزمرة من إرهابيي «القاعدة»، الذي اختلوا مع شياطينهم في طهران، كانوا العلامة الفارقة لتحالف إيران مع الإرهاب، حيث ما برحت إيران تعتبر نفسها الملاذ الآمن الذي وجدت فيه «القاعدة» ضالتها، وبات المشهد الإيراني يتحالف مع ألد أعدائه بغية تحقيق أهدافه الاستراتيجية حتى ولو رام هدفه عبر شلالات من الدماء.
لم يرق للحاضنة الإيرانية الاكتفاء بتربية «أثاليل» تنظيم القاعدة، بل شكلت وزرعت فرق الموت على امتداد خرائط جيرانها، فباتت سياسة التصفيات الجسدية، وتصدير الثورة، هدفا استراتيجيا، لا مناص منه، وتعمدت إيران منذ الثورة الخمينية قبل ثلاثة عقود ونيف من الزمن، أن تزكم أنوف جيرانها، عبر ما عرف سياسيا بـ«تصدير الثورة» خارج طهران، حيث فرغت وزارة ماليتها، وجندت شآبيب شرها، ورمت بهم في حضرة جيرانها، مرتكبة «الخطيئة الكبرى» إزاء التدخل الصارخ بدعم الحوثيين في اليمن، وحزب الله في لبنان، وحماس في فلسطين، لتمرير مخططاتها الاستراتيجية في المنطقة.
ولأنه «لا عطر بعد عروس»، فقد تسنمت إيران زمام الإرهاب شكلا ومضمونا، فعمدت من خلال احتضانها ثلة خرجت على المواثيق والأعراف الدولية في طهران، لأن تضمن لنفسها الاحتفاظ كذلك بأوراق أمنية استراتيجية، تخرجها من جعبتها في الوقت المناسب، كيفما شاءت وأينما شاءت، ولتتخذ من جانب آخر، سياسة المال أداة فاعلة في تحريك «أوراق النرد» التي تريد، مع «حزب الله»، وكيلها الشرعي في لبنان، ومع حماس التي «رهبنة» أذرعها، لتوسع نفوذها بعد ذلك عبر دعم النظار السوري الذي انسلخ بعدئذ عن الحاضنة العربية عن بكرة أبيه. وقد أدت التهم التي أعلنتها وزارة العدل الأميركية يوم الثلاثاء إلى إحياء ذكريات مخطط آخر لقتل دبلوماسيين سعوديين قبل عقدين. ففي عام 1990، سافر ثلاثة دبلوماسيين سعوديين إلى تايلاند وتم قتلهم بالرصاص في بانكوك في اليوم نفسه. وقبل عام من ذلك، قتل رجل أعمال سعودي في بانكوك.
وتم التأكد من أن جماعة شيعية في بيروت متصلة بإيران مسؤولة عن مقتل رجل الأعمال. وذكر مسؤولون أميركيون وتايلانديون أن قتل الدبلوماسيين جاء نتيجة وجود نزاع سعودي مع حزب الله. كما تم اتهام إيران بالتخطيط لسلسلة من الهجمات الإرهابية ضد أهداف دبلوماسية وسياسية في العقد الذي تلا ذلك، بما في ذلك تفجيرات عام 1992 للسفارة الإسرائيلية في بيونس آيرس وتفجير شاحنة عام 1996 في الظهران بالمملكة العربية السعودية أدت إلى مقتل 17 جنديا أميركيا في مجمع أبراج الخبر السكنية. وفي السنوات الأخيرة، رغم ذلك، اتجهت إيران إلى المعارك التقليدية، حيث قامت بتزويد المتمردين بأسلحة ومتفجرات لقتال القوات الأميركية في العراق وأفغانستان.
الدكتور عبد الله البريدي، أستاذ السلوك التنظيمي في جامعة القصيم، قال لـ«الشرق الأوسط»: «إيران تتحكم فيها ذاكرة جمعية دينية متطرفة»، وزاد: «المخطط الإيراني لاستهداف السفير السعودي لدى أميركا يوجب علينا النظر للسلوك الإيراني في عقود الملالي (ما بعد ثورة الخميني) في إطار نهج تحليلي ثقافي سياسي».
وأوضح البريدي: «حين نروم تفعيل ذلك النهج في سياق ذلك المخطط بشكل خاص والسلوك الإيراني بشكل عام، فإنه يمكننا القول إن ذلك السلوك يخضع لذاكرة جمعية حدية، لها رأسان: ذاكرة سلفية شيعية متطرفة، وذاكرة قومية شيفونية بغيضة؛ الأمر الذي ولد نوعا من (الاستعلاء الديني القومي)، وهو استعلاء ينفخ فيه المتطرفون من الملالي السياسيين والدينيين، ليثبتوا دعائم دولتهم الثيوقراطية الاستبدادية العنصرية».
وأضاف أستاذ السلوك التنظيمي: «شهد العالم كله موجة من الجرائم البشعة التي مارسها الملالي بحق الأبرياء في بعض البلاد كالعراق سابقا وسوريا حاليا، وكل ما سبق جعلهم يبررون لأنفسهم اختطاف الجمهورية الإيرانية وتغييبها في سرداب لا يعرف أحد مدخله ولا مخرجه، سوى توجيه الثروة الإيرانية الضخمة نحو أهداف يزعمون أنهم يتلقون معالمها من السماء، ويخدعون بها البسطاء في أماكن متفرقة من عالمنا العربي والإسلامي».
وأشار الدكتور البريدي: «حذرنا قبل عدة أشهر من أن موجة التدخل الإيراني في شؤون الدول الأخرى ستزداد، وذلك لشعور الملالي بأن المنطقة العربية باتت مهيأة - حسب زعمهم - للتدخل والتأثير وإعادة رسم الخارطة وفق ما يشتهون، وذاك أمر يدفعهم إلى دعم وكلائهم المتفرقين في بلاد عديدة، كما أنهم باتوا أكثر تفعيلا للذاكرة الدينية (الغيبية) التي تجعل المشهد مفتوحا لـ(إملاءات سماوية)، وفق عقولهم الدوغمائية».
واستطرد البريدي في القول: «ترتب على هذا السلوك الإيراني نتيجتان مرتان: الأولى داخلية؛ وتتجسد في اغتيال المد التنموي النهضوي، وتفشي الفقر والبطالة في أوساط الشعب الفارسي. والثانية خارجية؛ وتتمثل في تدخلاتها التي لا تليق بالجوار ولا بالأعراف، فضلا عن المواثيق الدولية. وهنا أعيد تأكيدي على وجوب تخلي الإخوة الشيعة في كل مكان عن التشيع الفارسي القومي المتطرف، وعدم اصطفاف البعض في خندق داعم أو حتى ساكت عن النهج الإيراني المتطرف، الذي يطفح به المشهد برمته».
وذهب أستاذ السلوك التنظيمي للقول: «البعد الطائفي - مهما كانت الدواعي في نظر البعض - لا يسوغ أن يتغلب على عقولنا في عملية التقييم والحكم على الأفكار والسلوكيات والأشخاص، فإيران (الملالي) ليست مهيأة ألبتة لأن تقدم أي برامج متحضرة على الإطلاق، ولا هي صادقة في خطاباتها لبعض العرب ولا لغيرهم، بدليل تعاملها العنصري الاستبدادي تجاه كل ما يخرج عن خطها الطائفي القومي العنصري، مع تأكيدي الجازم على أن حديثي السابق لا ينصرف منه شيء إلى الشعب الإيراني، ولا إلى القومية الفارسية التي نعتز بها، ونعدها إحدى القوميات الإنسانية المحترمة ذات الشأن والتاريخ والحضارة، ونحن نكن لها تقديرا واحتراما بالغين».
ولأن دماء معركة القادسية الشهيرة، موغرة في عمق الإمبراطورية الفارسية، ظلت أحقاد ساسة طهران ترمي سدولها على أقدس شعيرة لدى المسلمين وهي شعيرة الحج، التي ما فتئت، وعبر تاريخ طويل، تمس قدسيتها، محاولة في ذلك تجييش «السذج» من حاقديها، لتعكير ما يمكن تعكيره في أيام وصفها الخالق سبحانه بأنه لا رفث فيها ولا فسوق.
واشنطن تفرض عقوبات على شركة «مهان» الإيرانية للطيران
نقلت ضباطا من الحرس الثوري وعناصر من حزب الله ما بين إيران وسوريا من أجل التدريب العسكري
واشنطن: «الشرق الأوسط»
فرضت وزارة الخزانة الأميركية، أمس، عقوبات على شركة «مهان» الإيرانية للطيران، واتهمتها بنقل أعضاء من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله سرا.
وبموجب هذه العقوبات سيتم تجميد أي أرصدة لهذه الشركة في الولايات المتحدة، كما يحظر على المواطنين الأميركيين التعامل تجاريا مع هذه الشركة.
وجاء الإعلان بعد يوم من اتهام واشنطن عددا من عناصر الحرس الثوري بالضلوع في مخطط لقتل السفير السعودي في واشنطن.
وقامت الوزارة بتجميد أرصدة 5 أشخاص لهم علاقة مباشرة بمخطط الاغتيال المفترض الذي أحدث صدمة في العالم.
واتهمت الوزارة شركة «مهان» للطيران بنقل عملاء إيرانيين ما بين إيران وسوريا من أجل التدريب العسكري، ونقل ضباط من الحرس الثوري الإيراني من وإلى العراق، ونقل عناصر من حزب الله اللبناني، الذي تصنفه الولايات المتحدة على أنه منظمة إرهابية.
وقال مسؤول فرض العقوبات في الوزارة، ديفيد كوهين، إن «تعاون شركة (مهان) للطيران الوثيق مع (فيلق القدس) التابع للحرس الثوري الإيراني، عن طريق النقل السري لعملاء وأسلحة وأموال على طائراتها، يكشف عن وجه آخر للاختراق الواسع للحرس الثوري الإيراني للقطاع التجاري الإيراني من أجل تسهيل دعمه للإرهاب».
وأضاف أنه «بعد الكشف عن استخدام (فيلق القدس) التابع للحرس الثوري الإيراني للنظام المالي الدولي لتمويل المخطط لتأجير قتلة لتنفيذ جريمة قتل، فإن العمل الذي نتخذه اليوم يظهر بشكل أوضح مخاطر التعامل التجاري مع إيران».
إلى ذلك، نفى مسؤول عسكري بارز في الحرس الثوري الإيراني، أمس، أي ضلوع لتلك القوات في المخطط الذي تقول الولايات المتحدة إن طهران دبرته لاغتيال السفير السعودي في واشنطن.
وقال نائب قائد الحرس الثوري الجنرال حسين سلامي إن «المزاعم الأميركية حول ضلوع بعض أعضاء الحرس الثوري في الخطة الإرهابية (التي تستهدف) دبلوماسيا من بلد عربي في واشنطن، لا أساس لها من الصحة».
وأضاف أن هذه المزاعم بمثابة «سيناريو ليس له أساس، وتسعى الولايات المتحدة في الحقيقة إلى تحويل الرأي العام عن حركة (الاحتجاجات) في وول ستريت، وإخفاقات الولايات المتحدة في تنفيذ سياساتها في منطقة الشرق الأوسط والعالم».
 
إيران عدو حقيقي
طارق الحميد
محاولة اغتيال إيران للسفير السعودي في واشنطن عادل الجبير، والذي أعلنته السلطات الأميركية الرسمية، يحتاج إلى قراءة دقيقة من قبل الجميع، سعوديين وعربا، وحتى الغرب. فخبر المخطط الإرهابي الإيراني ضد السفير السعودي يجب أن يقرأ كالتالي:
فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني خطط من خلال تجار مخدرات مكسيكيين لاغتيال السفير السعودي في واشنطن. فهذه هي الحقائق، وهكذا يجب أن تقرأ، ووفقا لتصريحات رسمية وليس إعلامية. وقراءة الخبر بالصياغة أعلاه، من شأنها مساعدة القارئ، والمهتم، على رؤية الصورة الكبرى، التي تقول - وبكل بساطة - إن فيلق القدس الإيراني النافذ في العراق، والمتهم بسلسلة الاغتيالات بحق الساسة والطيارين وأساتذة الجامعات، منذ إسقاط نظام صدام حسين، هذا الفيلق المؤتمر بقيادة قاسم سليماني المعني بإدارة لبنان عبر حزب الله، سليماني صاحب الصولة والجولة اليوم في سوريا دفاعا عن نظام بشار الأسد، والرجل المكلف أيضا، أي سليماني، بالتواصل والتنسيق مع تنظيم القاعدة الإرهابي في كل من أفغانستان، وحتى إيران، هذا الفيلق يتحالف مع تجار مخدرات في المكسيك لاغتيال السفير السعودي، واستهداف سفارة الرياض في واشنطن.
وهذا يعني، وكما قلت قبل أمس على قناة «العربية»، أن إيران باتت تعتمد الاغتيال كإحدى الأدوات الأساسية لإنهاك وإضعاف خصومها، وأبرزهم السعودية بالطبع، كما فعلت في العراق ولبنان. ولو نجح المخطط الإيراني في عملية اغتيال السفير السعودي - لا قدر الله - لكنا رأينا بيانا صادرا عن «القاعدة» يقول إن العملية تمت انتقاما لمقتل بن لادن، وتضيع القصة كالمعتاد. وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فهناك معلومات استخباراتية تقول إن فرق الاغتيال المدربة في إيران قد انتقلت من العراق إلى سوريا لتصفية رموز المعارضة السورية الداخلية، والمتعاطفين مع الثورة، وهو ما نراه اليوم في سوريا، فلم يعد هناك حاجة لمزيد من الأدلة على أن إيران تمارس إرهاب الدولة.
فاستهداف إيران للسعودية، مثلا، ليس وليد اليوم، وإن تصاعد مؤخرا، فهو أمر مثبت، ومنذ الثورة الخمينية، لكن الأهم اليوم أن طهران تريد استهداف المبنى الوحيد الشاهق الارتفاع في منطقتنا وهو السعودية، أكثر من أي وقت مضى. فمع الزلزال العربي الضارب تتابعا، لجل الدول العربية الرئاسية، لم يبق هناك صرح شامخ عربي إلا السعودية، بثقلها الديني والاقتصادي والسياسي، وبالطبع فكلما ارتفع المبنى بات سهلا للرماة، وهذا ما تفعله إيران اليوم، خصوصا مع ترنح حليفها الأبرز بشار الأسد، الذي كان يسهل مهمتها باختراق المنطقة ودولها، سواء لبنان أو العراق.
فخسارة إيران لنظام الأسد تعني أن حلم تصدير الثورة انتهى، مما يعني أن طهران أمام استحقاق تاريخي لدفع فواتير لطالما تأخرت عن سدادها. ولذا فقد استشعر ملالي إيران ذلك من خلال الصفعة السعودية المدوية لهم في البحرين، مما جعل طهران تفقد صوابها. ولذا فإن النظام الإيراني بات لا يتوانى حتى عن استهداف رجال السعودية، بعد أن استهدفها داخليا، مثل العوامية، وكذلك من خلال استهداف حلفاء السعودية، مثل البحرين، وكذلك أصدقاؤها دولا وساسة.
والسؤال هو: هل استوعب المغفلون والمخادعون أن إيران هي العدو الحقيقي؟ نتمنى ذلك!
 
 

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,234,133

عدد الزوار: 7,625,326

المتواجدون الآن: 1