لبنان إحدى المناطق الساخنة إذا تطوّرت المواجهة الأميركية عسكرياً مع إيران

إنجاز مشروع التشكيلات الدبلوماسية.. جنبلاط يلتقي نصر الله ويثبِّت خياراته اليوم

تاريخ الإضافة السبت 15 تشرين الأول 2011 - 6:45 ص    عدد الزيارات 2211    التعليقات 0    القسم محلية

        


 

إنجاز مشروع التشكيلات الدبلوماسية.. جنبلاط يلتقي نصر الله ويثبِّت خياراته اليوم
أيقنت مختلف الاطراف من الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية الى الروابط والهيئات النقابية الاخرى، ولا سيما هيئة التنسيق ان ما رسم بالنسبة لتصحيح الاجور قد رسم، وان هيبة الدولة لا تسمح بالتراجع عن قرار او تعديله ما لم يكن يتضمن اخطاء كتابية او نصية، على ان يتم استدراك الثغرات بدءاً من العام المقبل، في ضوء ما تتوصل اليه لجنة المؤشر التي تقرر احياؤها، واجراء تصحيحات سنوية او كل سنتين للحفاظ على ثبات نسبي للقدرة الشرائية لدى اللبنانيين
واعتبر مصدر شبه رسمي، في معرض الرد على ما وصفه رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن انه محاولة لاستلحاق ثغرة ما بعد المليون و800 الف ليرة، بأن وزير العمل شربل نحاس كلف باعداد مرسوم تصحيح الاجور كما اقر في مجلس الوزراء من دون اي اضافات او فذلكات، وبالتالي فلا شيء مما ذكره غصن اتفق عليه مع الرئيس نجيب ميقاتي
في المقابل، اعلنت الهيئات الاقتصادية انه ليس بإمكانها الالتزام بتطبيق القرار، لان ذلك يعني صرف عمال ومستخدمين بنسبة تساوي نسبة الزيادة، او ضمور القدرة الانتاجية للمؤسسات، مما يعني اقفال ما نسبته بين 16 و20 في المائة منها، وهو امر خطير تستند اليه الهيئات للمضي في تمنعها عن الالتزام بالمرسوم الذي من المتوقع ان يبدأ ساري المفعول بدءاً من اول الشهر الجاري، على ان تدفع رواتب اول الشهر، آخذه بعين الاعتبار الزيادة
وسط ذلك، تمضي نقابات المعلمين والهيئات القطاعية الاخرى المقربة من اليسار في التحضير للضغط عبر الاضراب والشارع في محطة ثانية الاربعاء المقبل، اعتراضاً على الخطوة الحكومية
وبعيداً عن هذا الملف الثقيل الذي تعتقد الهيئات الاقتصادية ان الحكومة زاحته عن كاهلها للتفرغ للموازنة بدءاً من الاسبوع المقبل، وسط ترقب يقضُّ مضاجع المسؤولين من الازمة الناشئة بين الولايات المتحدة وايران وبين ايران والمملكة العربية السعودية مدعومة من المجموعة العربية، مع تحفظ سوري، بسبب ما وصفته الرياض بأنه <المؤامرة الشنيعة> التي كانت تستهدف اغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل جبير على ايدي عميلين مرتبطين <بفيلق القدس> العمود الفقري للحرس الثوري الايراني
ويشعر مرجع لبناني كبير أن هذا التطور، مضافاً إليه التداعيات الدراماتيكية لازمة النظام في سوريا، يضع لبنان في عين العاصفة، سواء اشتعلت دبلوماسيا، أو تطورت ميدانياً على جبهة الخليج أو الجنوب اللبناني
لقاء جنبلاط - نصر الله وبتأثير من هذه المعطيات، وعشية إطلاق مواقف إزاء سوريا والأزمة المستجدة بين إيران والسعودية والولايات المتحدة، والحكومة والمحكمة والانتخابات واستقرار لبنان، زار النائب وليد جنبلاط الامين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله ليلاً
واكتفى تلفزيون <المنار> الناطق بلسان الحزب الذي كشف عن اللقاء في نشرته الإخبارية قبيل منتصف الليل، بالاشارة إلى ان اللقاء المسائي <تناول مختلف ملفات الساعة>•
غير أن مصدراً قريباً من الطرفين، كشف أن ترتيبات اللقاء والاطلالة التلفزيونية لجنبلاط على شاشة <المنار> مساء اليوم، جاءت في إطار سلّة واحدة، تركزت عليها الاتصالات منذ عودة جنبلاط من باريس، واتفق على التوقيت والرسائل التي يمكن أن توجه، في ضوء تفاهم بين <حزب الله> والحزب التقدمي الاشتراكي، على تحييد لبنان عن التأزمات الجارية في المنطقة، وهذا ما سيتوضح في المواقف التي سيطلقها جنبلاط مساء اليوم، في إطار الترتيبات المشار إليها
وتعتقد مصادر مطلعة أن اللقاء سيؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات بين جنبلاط والحزب التي ظلت جيدة رغم انه اعتورها بعض الفتور في الآونة الأخيرة، بسبب مواقف المختارة من الثورات العربية، ولا سيما إزاء الاحداث في سوريا، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المحكمة الدولية وتمويلها، وهو الموضوع الذي قد يطرح رسمياً مع طرح ملف مشروع موازنة العام 2012 على بساط البحث في الاسبوع المقبل
تمويل المحكمة وإذا كانت الإطلالة الإعلامية لجنبلاط مساء اليوم، عبر تلفزيون <المنار>، ستكشف جوانب من المواضيع او المداولات التي تمت ليلاً مع نصر الله، وترسم بالتالي ملامح ما يمكن ان يستجد من مواقف إزاء الحكومة والمحكمة وقانون الانتخابات والذي كان من ضمن اهتمامات نصر الله أخيراً، فإن المناقشات التي ستجري داخل مجلس الوزراء بصدد تمويل المحكمة الذي يلحظه مشروع موازنة الوزير محمد الصفدي، ستبيّن المسار الذي سيسلكه هذا الموضوع الذي قال عنه الرئيس كرامي أمس ما كان قد أكد عليه قبل يومين <بأنه لن يمر لا في الحكومة ولا في المجلس النيابي>، متسائلاً: <على ماذا استند الرئيس ميقاتي ليلتزم بالتمويل، وكيف سيفي بوعوده وعن أي طريق؟>
وبدا أن سؤال الرئيس كرامي، دفع بعض الأوساط إلى أن تطرح تساؤلاً عما إذا كان يمكن أن تتحول الحكومة الميقاتية إلى مرحلة تصريف الأعمال، استناداً إلى حالة العجز والشلل التي أصبحت عليها بسبب الخلافات المستحكمة بين مكوناتها، وهو الأمر الذي أدى إلى تأجيل العديد من الملفات المهمة، وفي مقدمها ملف التعيينات لملء الشواغر في الإدارات العامة
وتوقعت هذه الأوساط أن يكون موضوع تمويل المحكمة هوا لشرارة التي تفجّر الخلاف داخل مجلس الوزراء مما قد يدفع رئيس الحكومة إلى الاستقالة، والتي قد يسبقه إليها وزراء <حزب الله> والتيار العوني، علماً أن التكتيك المعتمد حالياً هو سحب هذا الموضوع من التداول وتأخير طرحه إلى حين الاستحقاق في نهاية الشهر، وهو الموعد الذي حدده الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في كتابه إلى الحكومة اللبنانية
رئيسة إيرلنده مهما كان من أمر، فإن الدولة ستكون منهمكة خلال اليومين المقبلين، واللذين يصادفان عطلة نهاية الأسبوع، في اللقاءات والمباحثات التي ستتم مع كل من رئيسة إيرلنده ماري ماك أليس التي تصل الى بيروت مساء اليوم في زيارة لتفقد كتيبة بلادها العاملة ضمن قوات الطوارئ الدولية في الجنوب منذ 30 عاماً وذهب منها 47 قتيلاً، وسيقيم لها رئيس الجمهورية ميشال سليمان مأدبة عشاء في قصر بعبدا، على أن تزور السبت الجنوب، وتعقد لقاءات مع رئيسي الحكومة والمجلس النيابي وتغادر الأحد
وسيسبق وصول الرئيسة الايرلندية التي ستنهي ولايتها الرئاسية الثانية قريباً، وصول وزير خارجية اليونان ستافروس لامبرينيديس الذي سيجري ايضا محادثات مع الرؤساء الثلاثة، ذات طابع انتقادي واستثماري لتطوير العلاقات بين البلدين
التشكيلات الدبلوماسية من جهة ثانية، وعلى الصعيد الديبلوماسي علمت <اللواء> من مصدر مطلع ان وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور انجز المسودة النهائية للتشكيلات الدبلوماسية والتي تشمل 42 مركزا دبلوماسيا بما في ذلك الامين العام للوزارة والسفراء في الدول الكبرى
ولفت المصدر الى ان المراكز الشاغرة في الفئة الاولى برتبة سفير في البعثات الدبلوماسية في الخارج، ومن بينها عواصم القرار وفي الادارة المركزية تبلغ 42 مركزا سيتم ملؤها، بحسب مشروع الوزير منصور، بعد ترفيع عدد من الدبلوماسيين من الفئة الثانية الى الاولى وتعيينهم مباشرة في مراكزهم الجديدة، اضافة الى ترفيع عدد آخر من الفئة الثالثة الى الثانية
واشار الى ان التعيينات في السلك الدبلوماسي ستتركز على موظفي السلك، على ان تتم تسوية معضلة الاتيان بسفراء من خارج الملاك، عبر صيغة اقترحها الرئيس بري وتقضي بتعيين سفير واحد من خارج الملاك
وقال المصدر ان الوزير سيعرض المسودة على الرئيسين سليمان وميقاتي قبل صدور المرسوم في غضون الايام المقبلة، علما ان التوافق على هذه التشكيلات لم يسر على اسم امين عام اصيل للوزارة في ظل خلاف حول عدد من المرشحين من ملاك الوزارة، ورفض آخرين تولي هذا المهام، مع ترجيح الاستعانة بأحدهم من خارج الملاك
 
 
لبنان إحدى المناطق الساخنة إذا تطوّرت المواجهة الأميركية عسكرياً مع إيران
تداعيات سلبية لاستمرار جذب لبنان تجاه المحور السوري الإيراني قسراً واستعمال سلاح <حزب الله> في الصراع
<تخشى الأوساط السياسية أن يكون لبنان مسرحاً مهيّئاً لأي مواجهة عسكرية أو أمنية محتملة>
تُبدي أوساط سياسية رفيعة المستوى قلقاً جدياً من احتمال تأثّر لبنان سلباً بتداعيات الكشف عما قيل عن مخطط إيراني يرمي إلى اغتيال سفير المملكة العربية السعودية في واشنطن وتفجير مقري السفارتين السعودية والاسرائيلية في العاصمة الأميركية، في ضوء التحضيرات الأميركية الجارية على قدم وساق بتنفيذ رزمة من الاجراءات الديبلوماسية والعقابية التي تنوي الإدارة الأميركية وحلفاؤها من دول الغرب عموماً والعالم العربي اتخاذها ضد إيران رداً على هذا المخطط في الأسابيع القليلة المقبلة والخشية من أن تتدرج هذه الاجراءات تباعاً نحو ردود مماثلة وانتقامية باتجاه مواجهة عسكرية شاملة واحتمال تمدّد هذه المواجهة الى مناطق نفوذ وانتشار الدول المشاركة فيها ومعظمها متداخل وخصوصاً في المنطقة العربية، ولبنان من ضمن هذه المناطق وكان على الدوام يتفاعل مع أي مواجهة أو حدث على هذا المستوى كما حصل خلال العقود الثلاثة الماضية
وترى الأوساط المذكورة وجود أكثر من سبب يدعو الى مثل هذا القلق المبرّر في المرحلة الراهنة ومنها، أن إيران والنظام السوري إستبقا احتمال حصول أي مواجهة متوقعة مع الولايات المتحدة بالانقضاض على الواقع السياسي في لبنان بقوة سلاح <حزب الله>، في محاولة مكشوفة لإبقائه ساحة مستباحة لمصالح هاتين الدولتين وتصفية الحسابات مع دول الغرب عموماً على حساب مصالح اللبنانيين، وأكبر مثال على ذلك، التدخل السوري - الإيراني المباشر والسافر بالترهيب وبقوة السلاح غير الشرعي للحزب لمصادرة الحياة السياسية العامة في لبنان وتشكيل حكومة جديدة موالية بالكامل وتحت سلطة هاتين الدولتين معاً نهاية العام الماضي، بالتزامن مع إقصاء جميع القوى السياسية الاستقلالية المنتخبة دستورياً عن المشاركة فيها عمداً، وذلك ليتسنى لهما ضم لبنان بالقوة الى محور هاتين الدولتين في أي مواجهة محتملة مع العالم الخارجي، خلافاً لتوجهات ورغبات معظم اللبنانيين، وهو ما وضع لبنان في موقع حرج وخطير إزاء ما يمكن أن يحصل مستقبلاً في ضوء التطورات الدولية المتسارعة واحتمال أن يكون إحدى المناطق الساخنة ومسرحاً لأي مواجهة عسكرية يمكن أن تحدث من جراء ما تتكشف عنه التحضيرات الجارية في الولايات المتحدة الأميركية حالياً
أما السبب الثاني، حسب الأوساط المذكورة فهو وجود حكومة اللون الواحد التي لا تمثل كل اللبنانيين وتجسّد الانقسام اللبناني سياسياً وشعبياً بكل معانيه، بعد أن أظهرت ممارساتها طوال الأشهر الماضية إنصياعها لقبضة وهيمنة المحور السوري - الإيراني بالكامل وعدم قدرتها على تجاوز هذه الهيمنة باستثناء بعض الخروقات المحدودة التي قام بها النائب وليد جنبلاط وفريقه، في حين باءت كل محاولات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي للتمايز ورسم هالة مستقلة للدلالة على حيثية الوسطية للدلالة على قدرته بالانفراد عن ممارسات ومؤثرات المحور المذكور بالفشل واضطر في كل مبارزة تحصل للانصياع في النهاية لما يقرره <حزب الله> بوصفه الاداة التنفيذية بقوة السلاح غير الشرعي لمحور <الممانعة> السوري الايراني في لبنان كما حصل في التعيينات الادارية والامنية الاخيرة، في حين لم يستطع حتى اليوم تنفيذ تعهداته والتزاماته المتكررة امام مجلس الامن الدولي والعديد من المسؤولين والشخصيات الاجنبية والعربية الذين التقاهم في نيويورك، بتمويل المحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة مرتكبي جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بسبب الرفض القاطع من قبل النظام السوري وايران لهذه الخطوة والتحريض المنظم من قبل حليفهما <حزب الله> لكل اتباعه في الحكومة بالاعتراض عملياً على هذه الخطوة وقطع الطريق على أي اجراء يتخذ في هذا الخصوص، اعتقاداً بأن تعطيل تمويل المحكمة سيؤدي الى تعطيل مهماتها بملاحقة المتهمين الاربعة من <حزب الله> بهذه الجريمة الارهابية خلافاً للواقع، لان المحكمة ستستمر بتمويل لبنان او بعدمه، في حين ان تداعيات عدم التمويل قد ترتب انعكاسات سلبية ضارة اكبر بكثير من تنفيذ خطوة التمويل كما هو مرسوم لها
أما السبب الثالث من وجهة نظر الأوساط السياسية المذكورة، وهو الأهم، وجود <حزب الله> المسلح من قبل إيران في لبنان والذي يأتمر ويتحرك عسكرياً وأمنياً وفق خطط ومصالح المحور السوري الإيراني، كما هو معلن من قبل قياديي الحزب في أكثر من مناسبة، وكما تؤكد المواقف المعلنة كذلك، من المسؤولين الكبار في هذا المحور في أكثر من مناسبة وحدث امني وعسكري حصل في لبنان منذ تأسيس الحزب وحتى اليوم، ومنها ما حدث إبان قيام عناصر من الحزب بخطف الجنود الإسرائيليين الثلاثة من وراء الخط الأزرق في تموز العام 2006، بناء على تعليمات مباشرة من هذا المحور، وبمعزل عن اي قرار لبناني رسمي بهذا الخصوص، وفي العديد من الاحداث التي حصلت في لبنان في ثمانينات القرن الماضي ضد مصالح الولايات المتحدة وفرنسا وبعض الدول العربية الشقيقة
وفي ضوء الأسباب والوقائع المذكورة، تخشى الأوساط السياسية المذكورة، أن يكون لبنان مسرحاً مهيئاً لأي مواجهة عسكرية أو أمنية محتملة، في ظل عدم قدرة المسؤولين الكبار في السلطة من اتخاذ موقف حازم وقادر على تفكيك عناصر وادوات مسبباتها، واستمرار انقسام اللبنانيين لاختلافهم على وجود السلاح غير الشرعي بأيدي الحزب ووجوب وضعه في عهدة الشرعية اللبنانية، وكان بالإمكان إبعاد لبنان عن كل هذه المخاطر المحتملة، لو لم يستعمل هذا السلاح للانقضاض على السلطة السياسية وتقسيم اللبنانيين وضم لبنان قسراً إلى المحور السوري الإيراني، وكان بالإمكان تجنّب الكثير من المخاطر المحدقة بلبنان في هذه الظروف، لو قدم <حزب الله> مصلحة لبنان العليا على مصالح المحور السوري - الإيراني
معروف الداعوق
 
 جريدة السفير
 جنبلاط في مواقفه الأخيرة: «إسمع تفرح... جرّب تحزن»
 رامي الامين
لوليد جنبلاط، قدرة هائلة على الاستفزاز. وتلك القدرة يستمدها من استسهاله القول في وقت يفعل نقيض ما يقول. وهو في موقفيه الأخيرين، أولهما، في احتفال انتساب اشتراكيين جدد إلى حزبه، والثاني، في مقالته الأسبوعية في جريدة «الأنباء» الصادرة عن حزبه، بدا كأنما «ينهى عن خلق ويأتي مثله».
في الموقفين، لا يستطيع عاقل إلا أن يتأمل ويفكر في استخفاف جنبلاط بعقول متابعيه، فهو في الاحتفال، الذي كرر خلفه شبان وصبايا قسم اليمين للحزب، قرأ عن الأوراق مبادئ حزب أبيه، وبدا عليه الضجر وهو يمحّص في الكلمات، حتى أنه توقف مرات عدة، متهجئاً بعضها، ولما انتهى من كلمته، راح «رفاقه» الجدد في الحزب يهتفون بأنهم يعبدونه من بعد الله، وبأنهم يفدونه بالروح والدم. وهنا، عاجزا عن اخفاء ابتسامة افلتت من محياه، راح يعظ مناصريه، ويحاضر فيهم بضرورة التخلي عن عبادة الشخص، وبأن هتافاتهم هذه تناقض ما أقسموا عليه للتو، ثم ما لبث أن أعلن عن جمعية عمومية لـ«الاشتراكي»، تكون بمثابة مراجعة نقدية للواقع التنظيمي للحزب، الذي ضاق به رئيسه ذرعاً. فهو، على ما يبدو، اختنق بموقعه، ولا بدّ أنه يريد أن «يتخلى تماماً ونهائياً عن أي منصب رسمي وأي دور سياسي» وأن «يعود» «إلى صفوف الجماهير».
و«عودة» البيك هنا لا تصحّ، فهو لم يكن يوماً في صفوف الجماهير حتى «يعود» إليها، فقد ورث الزعامة عن أبيه الذي ورثها عن جدّه، وهو إن قرر التخلي، والأمر مستبعد في الظروف الحالية، عن دوره السياسي، فليورّثه، كما أعلن غير مرة إلى نجله تيمور، الذي يقال إن والده يدفعه دفعاً إلى ما لا يريد أو يحب... تماما كما حصل مع وليد الابن عندما كان كمال جنبلاط على قيد الحياة.
تسمع كلام جنبلاط يعجبك، ترى أفعاله تستعجب. فلا شك أن كلام جنبلاط أمام مناصريه عن أن «اللحاق بالشخص غلط»، وعن أن «الحزب هو الحزب، والشخص يمر عبر الحزب»، يثير الإعجاب، ويحمل من «النقد الذاتي» ما لا نسمعه كثيراً من الزعماء اللبنانيين، الذين يباهون بزعاماتهم وتمسّكهم بالسلطة.
غير أن جنبلاط، الزاهد بالسلطة، كما أراد أن يقنعنا، والمتفكّر بالشأن العربي و«العناوين الاستراتيجية»، وبحقوق المرأة وإنجازاتها، والفرح بنيل امرأة يمنية جائزة «نوبل للسلام»، والمتعفف عن الزواريب الداخلية اللبنانية، يعرف تماماً أن أحداً لا يتجرأ في حزبه على مجرد التفكير بالحلول مكانه، وأن اقصى طموحات «رفاقه» الجدد المساكين، هو مقعد نيابي أو وزاري، كما هو حال قيادات حزبه ممن رافقوه في مسيرته المستمرة على رأس الحزب من العام سبعة وسبعين، تاريخ اغتيال والده. ولا يقبل محازبو جنبلاط، أو «رفاقه» في الحزب، على اختلاف مستوياتهم، الحديث في هذه المسائل وهذه التناقضات في مواقف زعيمهم، ويتهربون من أية نقاشات إعلامية تقرب من السؤال الأهم المطروح على أي حزب يدّعي الديمقراطية، وهو سؤال «تداول السلطة» الغائب جوابه تماماً عن معظم الأحزاب اللبنانية، وخصوصاً حزب جنبلاط «التقدمي».
بهذا المعنى، يمكن توقع أي شيء من جنبلاط إلا التخلي عن زعامته، وكل التقلّب والدوران والانتقال المستمر من ضفة إلى أخرى والعكس بالعكس، يصب في مشروع الحفاظ على الزعامة، وتكريسها وتوضيبها (على افتراض انها بضاعة) وتوريثها لكبيره تيمور.
لكن جنبلاط في تقلّبه ودورانه، يذهب بعيداً في استخفافه بعقول متابعيه، حينما يكتب في مقالته الأسبوعية لجريدة حزبه منتقداً منع فيلم «الأحمر والأبيض والأخضر»، وهو ما «يتناقض مع المسار التاريخي في لبنان كمساحة للحريات الثقافية والإعلامية والسياسية»، متناسياً أنه وحزبه ومناصريه الغاضبين، كانوا، مؤخرا، وراء منع عرض فيلم «طيارة من ورق» للمخرجة الراحلة رنده الشهّال على قناة «الجديد»، وإعقاب ذلك باستنكار المنع من قبل جنبلاط نفسه، منسلاً من جمهوره وبيئته، طالباً، مع زميله النائب طلال ارسلان، «تفهم الحساسيات التي يمكن أن تكون لدى بعض الجهات الدينية».
فعلا «اسمع تفرح... جرّب تحزن».
 

المصدر: جريدة اللواء

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,333,041

عدد الزوار: 7,628,516

المتواجدون الآن: 1