12 قتيلا بينهم طفل في جمعة «أحرار الجيش».. و20 ألف كردي يخرجون في القامشلي تكريما لذكرى تمو

الآلاف يتظاهرون في جمعة «أحرار الجيش».. والأمم المتحدة تحذر من حرب أهلية

تاريخ الإضافة الأحد 16 تشرين الأول 2011 - 3:26 ص    عدد الزيارات 2415    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

الآلاف يتظاهرون في جمعة «أحرار الجيش».. والأمم المتحدة تحذر من حرب أهلية
اشتباكات عنيفة مع منشقين قرب الحدود اللبنانية.. ووزراء الخارجية العرب يبحثون الأحد الأزمة السورية
لندن - بيروت - القاهرة: «الشرق الأوسط»
خرج آلاف السوريين في مظاهرات في أنحاء البلاد أمس، في جمعة «أحرار الجيش»، ليحثوا الجنود على الانشقاق والانضمام إلى ثورتهم، فيما خرج نحو 20 ألف كردي في مظاهرات في القامشلي، تكريما لذكرى مشعل تمو، الزعيم الكردي الذي اغتيل الأسبوع الماضي.
وتصدت القوات الأمنية للمظاهرات التي خرجت في المناطق السورية، بالرصاص الحي، وقتلت 12 شخصا بينهم فتى يبلغ من العمر 11 عاما. وقالت مصادر سورية لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة القصير بحمص، «شهدت أمس اشتباكات عنيفة بين منشقين عن الجيش، وقوات الأمن والشبيحة الذين أطلقوا النار عشوائيا».
جاء ذلك في وقت دعت فيه المفوضة العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي، أمس، الأسرة الدولية إلى اتخاذ «تدابير عاجلة» لحماية المدنيين في سوريا، وحذرت من أن «القمع القاسي» للاحتجاجات المناهضة للحكومة في سوريا قد يدفع البلاد إلى «حرب أهلية شاملة»، وقالت إن عمليات القمع أسفرت عن سقوط أكثر من 3 آلاف قتيل منهم 187 طفلا.
من جهة أخرى، اتفق وزراء الخارجية العرب على عقد اجتماع طارئ يوم غد الأحد، بناء على طلب دول مجلس التعاون الخليجي لبحث تطورات الأزمة السورية.
 
12 قتيلا بينهم طفل في جمعة «أحرار الجيش».. و20 ألف كردي يخرجون في القامشلي تكريما لذكرى تمو
مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»: اشتباكات بين الشبيحة والمنشقين في القصير تسبق واحدة من أكبر المظاهرات ضد النظام
لندن - بيروت: «الشرق الأوسط»
دعا المتظاهرون السوريون الذين خرجوا في مظاهرات في أنحاء البلاد في جمعة «أحرار الجيش»، الجنود إلى الانشقاق والانضمام إليهم في ثورتهم للإطاحة بنظام بشار الأسد. وتصدت القوات الأمنية للمظاهرات التي خرجت بشكل كبير في المناطق السورية، بالرصاص الحي، وقتلت 12 شخصا بينهم فتى يبلغ من العمر 11 عاما أصيب بطلق ناري في صدره.
وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أن 12 شخصا قتلوا أمس، بينهم فتى وسيدة وجرح آخرون عندما أطلق رجال الأمن النار لتفريق متظاهرين كانوا يشاركون المظاهرات في مدن سورية عدة. وأكد عبد الرحمن في اتصال هاتفي أن سبعة قتلى سقطوا في داعل الواقعة في ريف درعا (جنوب)، بينما قتلت سيدة وفتى في انخل (ريف درعا) ومتظاهر في سقبا (ريف دمشق)، ومتظاهر في حي القدم في دمشق وآخر في عندان الواقعة في ريف حلب (شمال).
ولفت عبد الرحمن إلى «إصابة أكثر من ثلاثين شخصا بجراح خمسة منهم حالتهم حرجة في داعل وآخرين في ريف دمشق برصاص الأمن الذي أطلق النار لتفريق متظاهرين نددوا بالنظام السوري». ونقل المرصد عن نشطاء من داعل أن «الأمن يحتجز جثث قتلى داعل في مشفى طفس (ريف درعا) عدا جثة الفتى التي تمكن الأهالي من سحبها قبل أن يأخذها الأمن».
وقال شهود لوكالة «رويترز» إن حوادث إطلاق النار وقعت قرب حلب والعديد من ضواحي دمشق وأضافوا أن 20 ألف كردي على الأقل شاركوا في مسيرة بمدينة القامشلي قرب الحدود التركية تكريما لذكرى مشعل تمو وهو زعيم كردي قتل في وقت سابق من الشهر. ويقول أنصار تمو إن السلطات تقف وراء القتل الذي أثار غضبا في الشوارع حتى بعد سبعة أشهر من بدء الاحتجاجات في سوريا. وقال شاهد يصف المظاهرة «كانت الصفوف الثلاثة الأولى في المظاهرة لشبان وشابات يحملون صورا لتمو. وكانت اللافتات التي تدين النظام كلها سوداء تعبيرا عن الحداد». وذكرت «رويترز» أنه سمعت أصوات المحتجين وهم يرددون هتاف «الشعب يريد إعدام الرئيس» بينما كان الشاهد يتحدث عبر الهاتف.
ورغم استمرار القمع الأمني ومحاصرة عدد كبير من المدن، خرجت «مظاهرات حاشدة في العديد من المدن السورية رغم الانتشار الأمني الكثيف» بحسب المرصد الذي أكد أن «المدن التي لم تشهد مظاهرات كانت تشهد حملات اعتقالات أمنية». وأوضح عبد الرحمن أن «مظاهرة حاشدة خرجت في مدينة دير الزور (شرق) هي الأكبر منذ خروج الجيش السوري من هذه المدينة في شهر أغسطس (آب) وفي عدة أحياء في حمص (وسط) حيث أطلق رجال الأمن النار في أحياء الغوطة وباب السباع».
وخرج عدة آلاف من المحتجين في بلدة الحراك في سهل حوران بجنوب سوريا وكانت هذه هي أول منطقة تقتحمها الدبابات والقوات في بداية الاحتجاجات سعيا لوقفها. وقال محمد العربي وهو ناشط سوري، إن هناك تفاؤلا متزايدا بأن أيام النظام أصبحت معدودة وأن الغرب يمارس الضغط وهناك المزيد من التحرك من جانب الدول العربية. وأشار إلى انشقاق ضابط مخابرات كبير الأسبوع الماضي.
وأضاف أن روسيا والصين أصبحتا أقل تمسكا بدعم الأسد. وأظهرت لقطات فيديو في مدينة حمص بوسط سوريا آلاف الأشخاص يتظاهرون في حي الخالدية.
من جهتها، ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن «مشاجرة جماعية بين عصابات مسلحة في داعل أدت إلى وفاة المدعو محمد قاسم الجاموس وجرح سبعة آخرين». ونفت الوكالة «حدوث أي مظاهرات في المدينة» مؤكدة أن «قوات حفظ النظام والجيش لم تدخل المدينة وهي غير موجودة في المنطقة». إلا أن الوكالة نقلت في الوقت نفسه عن مصدر مطلع في درعا أن «مجموعة مسلحة هاجمت حاجزا للجيش في داعل وقام أفرادها بإلقاء قنبلتين انفجرت إحداهما فقط موضحا أن عناصر الحاجز ردوا على المهاجمين وقتلوا اثنين منهم».
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «اشتباكات عنيفة وإطلاق رصاص كثيف سجل بين الجيش والأمن السوري النظامي من جهة ومسلحين من جهة ثانية يعتقد أنهم منشقون في مدينة سقبا (ريف دمشق)، كما أصيب ثلاثة أشخاص بجراح جراء إطلاق الرصاص الكثيف من مبنى بلدية القصير (ريف حمص) بعد انفجار سمع في المدينة» بحسب المصدر.
وقالت مصادر ميدانية سورية لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة القصير على الحدود مع لبنان، «شهدت أمس اشتباكات عنيفة بين منشقين عن الجيش، وقوات الأمن والشبيحة الذين أطلقوا النار عشوائيا»، لافتة إلى أن المنشقين «ضربوا سيارة عسكرية على جسر المشتل الذي يبعد مسافة كيلومتر واحد جنوب القصير، مما أدى إلى وقوع سبعة من الشبيحة بين قتيل وجريح»، مشيرة إلى أن جرحى الشبيحة «نقلوا إلى المشفى الوطني في القصير قبل نقلهم إلى المشفى العسكري في حمص».
وجاءت تلك الاشتباكات بعد يوم على اشتباكات مماثلة قرب المركز الثقافي المقابل لثانوية عمر المختار في القصير، حيث أطلق الشبيحة الذين يقيمون في المركز الثقافي النار باتجاه منشقين عن الجيش، مما أدى إلى وقوع إصابات بين قتيل وجريح في صفوف الطرفين. وشهدت القصير أمس عقب صلاة الجمعة، بحسب مصادر ميدانية، واحدة من أكبر المظاهرات المنددة بالنظام والمطالبة بالحرية ورحيل الرئيس السوري بشار الأسد. وقالت المصادر في اتصال مع «الشرق الأوسط» إن «أربعين ألف متظاهر اجتمعوا في ساحة الفاروق مطالبين بالحرية».
وفي ريف ادلب (شمال غرب)، خرجت مظاهرات في «معرة النعمان وسراقب وسرمين وكفرنبل وبنش وحيش ومعرة حرمة وكفرسجنة وكفرخرمة ومعرمصرين وخان السبل وتفتناز كما في اللاذقية (غرب) وفي ريف دمشق». وفي بانياس، قال مدير المرصد إن «الأمن قام باقتحام مسجد أبو بكر الصديق في بانياس (غرب) بعد أن لجأ إليه متظاهرون وقام باعتقال خمسة منهم».
من جهتها، أفادت لجان التنسيق المحلية عن «إطلاق نار كثيف في حي القصور في حماه (وسط) وفي عندان في ريف حلب (شمال)» مشيرة إلى «أنباء عن سقوط جرحى». وتحدثت عن «إطلاق نار كثيف في كل من حي النازحين وبابا عمرو في مدينة حمص»، مشيرة إلى أن «السلطات قطعت التيار الكهربائي عن حي الخالدية ردا على بثهم المباشر للمظاهرة» في هذه المدينة.
من جهة ثانية، أفادت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أن «عبوة ناسفة زرعتها المجموعات الإرهابية المسلحة انفجرت بجانب الطريق الواصل بين مسجد أبو بكر والجامع العمري في درعا (جنوب) مما أدى إلى وقوع إصابات بين المواطنين». وأضافت الوكالة أن «العبوة زرعت إلى الجنوب من الجامع العمري بحدود 200 متر وبعدها بخمسين مترا زرعت عبوة أخرى» مشيرة إلى أن «وحدة الهندسة التي توجهت إلى المكان تمكنت من تفكيك العبوة الثانية وتأمينها قبل أن تنفجر». ولفتت الوكالة إلى أن «مكان زراعة العبوتين عادة ما يشهد كثافة مرورية للمواطنين قبل وبعد صلاة الجمعة».
إلى ذلك، أكدت مصادر ميدانية من شمال لبنان أن جريحين سوريين أصيبا برصاص القوى الأمنية السورية خلال مظاهرة أول من أمس «أدخلا إلى لبنان بغرض المعالجة»، مشيرة إلى أن «حال أحدهما خطرة». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الجريحين «عبرا خلسة إلى شمال لبنان فجر أمس، عبر الطرق البرية الوعرة المؤدية إلى وادي خالد، بمساعدة شابين من التنسيقيات السورية، وتم إيصالهما إلى أحد المستشفيات اللبنانية، حيث خضعا لإجراءات طبية، وغادر أحدهما إلى سوريا فيما بقي الآخر ريثما تتحسن حالته».
وأكدت المصادر عينها أنه خلال الأيام العشرة الماضية «عَبَر أكثر من عشرة مصابين سوريين من حمص وتلكلخ والقصير إلى لبنان بغرض العلاج، وعاد قسم منهم إلى بلداتهم، منهم عمار عامر (32 عاما)، فيما يحتاج آخرون إلى الراحة واستكمال العلاج، مثل إبراهيم رعد الذي يحتاج إلى فترة علاج أطول بسبب الكسور في قدميه».
في السياق نفسه، أعلنت مديرية التوجيه في قيادة الجيش اللبناني في بيان أن اللجنة العسكرية المشتركة بين الجيشين اللبناني والسوري «عقدت اجتماعًا أول من أمس في معبر الدبوسية في حضور عدد من ضباط الجانبين، بحثت خلاله الأوضاع على الحدود وآلية ضبطها من مختلف النواحي الأمنية، كما جرى التوافق على تفعيل التنسيق المشترك واتخاذ المزيد من الإجراءات الميدانية لمنع عمليات التهريب والتسلل في الاتجاهين عبر المعابر غير الشرعية».
 
بعض أكراد سوريا يريدون حكما ذاتيا بعد إسقاط «النظام البعثي»
رئيس «حركة حرية كردستان» لـ«الشرق الأوسط»: تجربة كردستان العراق فريدة وناجحة
بيروت: سوسن الأبطح
«اغتيال الناشط السوري الكردي مشعل تمو كان القشة التي قصمت ظهر البعير، بعد أن صبر النظام السوري طويلا على مظاهرات الأكراد وتحركاتهم، محاولا تحييدهم عن الثورة»، قال لـ«الشرق الأوسط»، أمس، الناشط السياسي والصحافي الكردي السوري المقيم في لبنان، صالح دمي غر. وأضاف: «بعد اغتيال تمو من قبل النظام ها هي دبابات الجيش كما حشود عسكرية، يسيرها النظام في الوقت الحالي باتجاه مدن كردية وبشكل خاص إلى القامشلي عن طريق الحسكة، مما يجعلنا نعتقد أن الأيام المقبلة لن تكون كالتي سبقتها». ويقول دمي غر: «إن إسقاط تمثال حافظ الأسد في عمودا أغضب النظام بشكل كبير، ويبدو أنه عازم على الانتقام».
ويتحدث ناشطون أكراد فروا إلى لبنان، عن قمع شديد تتعرض له مناطقهم، وعائلاتهم، وتهديدات يتلقونها في لبنان على هواتفهم، مما يضطرهم إلى تغيير أماكن إقامتهم بشكل مستمر. كما أن المداهمات لمنازل عائلاتهم في سوريا باتت أمرا طبيعيا مع تهديد الأقرباء بالسجن، معتبرين أن هذا العنف المستجد الذي يبديه النظام تجاههم، والذي يخشون تصاعده، «دليل على إرباك شديد يعيشه النظام، وتخبط في التعامل مع الثوار الأكراد».
ويقول كادار بيري، وهو رئيس «حركة حرية كردستان»، الهارب إلى لبنان: «مخاوفنا تتزايد لأن الإعلام الرسمي السوري بات يتحدث عن عثوره على سيارات مفخخة، يكتشفها الأمن السوري في اللحظات الأخيرة قبل انفجارها. ويخشى أن يكون هذا تمهيدا من النظام لاستخدام سيارات مفخخة ضد الثوار. وهذه كانت طريقته في العراق». ويضيف كادار بيري: «أنا ابن القامشلي، ونحن سكان المناطق الحدودية مع العراق كنا نرى بأم العين السيارات التي تعبر، ونعرف جيدا أن بعضها كان يأتي سوريا ليعود معبأ بمادة (تي إن تي)، فالحدود لا يمكن لأي أحد ضبطها أو التحكم بها».
كادار بيري أسس مع 3 من النشطاء الأكراد حركة مسلحة إثر انتفاضة القامشلي عام 2004 التي يقول «إن النظام استخدم خلالها القبائل العربية للاعتداء علينا». ويشرح قائلا: «قامت الحركة لحماية الأكراد من اعتداءات النظام السافرة، التي تجلت في نهب وقتل واغتصاب النساء»، كما يقول. ويكمل بيري أن «السلاح كنا نحصل عليه من تجار السلاح في كردستان العراق وما أكثرهم، لكن النظام السوري طاردنا، واعتقل 36 شخصا وفر الباقون وكنت أحدهم حيث أتيت إلى لبنان».
ويضيف: «وحين خرجت المجموعة من السجن بعد العفو الرئاسي، منذ 3 أشهر، استقبلوا استقبال الأبطال. وهو ما يعني أن أكراد سوريا ملتفون حولنا». وعما إذا كان السلاح لا يزال يتدفق على سوريا من كردستان العراق يقول: «في هذه المرحلة لا مصلحة لنا باستخدام السلاح، لأنه سيجعل الثورة دموية جدا». ويشكو الأكراد من اضطهاد مزدوج لهم تحت حكم النظام البعثي، فمن ناحية يعانون ما يعانيه أي سوري من قمع سياسي، ومن ناحية أخرى تم تغيير أسماء مدنهم وقراهم لتصبح عربية الأسماء، كما يحظر عليهم استخدام اللغة الكردية التي يتعلمونها في منازلهم سرا. كما يعاني الأكراد أيضا من تدخل الأمن السوري حتى في تسمية أولادهم، الذين يفرض عليهم أن تكون عربية. هذا عدا اعتبار لغتهم لغة أجنبية في سوريا. ويقول بيري: «أمي وأبي يجهلان العربية تماما، وعلاقتهما بالدوائر الرسمية غير ممكنة، لأن العربية هي اللغة الوحيدة المعترف بها. حين ذهبت إلى المدرسة كنت لا أتكلم غير الكردية. وفوجئت حين قال لي الأستاذ ممنوع استخدام اللغة الأجنبية». هذا الجرح يحز في قلب كل كردي.
ويقدر البعض عدد الأكراد الموجودين في سوريا بمليوني نسمة، إلا أن الأكراد أنفسهم يقولون إن الإحصاءات غير دقيقة ولها أهداف سياسية ويقدرون عددهم بنحو 3 إلى 4 ملايين نسمة، بقي عدد منهم يصل إلى 350 ألفا من دون جنسية. إلا أن النظام السوري كان قد أصدر قرارا مع بداية الثورة بمنحهم الجنسيات، غير أن عدد من حصلوا على الجنسية فعلا لا يزال قليلا ولا يزيد على 8 آلاف، «عدد من أصحاب الطلبات تستمهلهم الدولة بحجة أن المعاملات تحتاج وقتا طويلا، وعدد آخر يرفض تقديم طلب للحصول على هوية مكتوب عليها (عربي سوري)». ويضيف بيري: «أنا لست عربيا، وهوية كهذه لا تعني كثيرين».
يعتبر عدد كبير من الأكراد السوريين أن كردستان العراق الذي تربطهم بأهله صلات رحم وتنسيق دائم وعلاقات سياسية، إذ إن الأحزاب العراقية الكردية لها رديفها في الجانب السوري، هو النموذج الذي يجب أن يحتذى. يقول بيري: «نحن نريد، بعد سقوط النظام، حكما ذاتيا أو اتحادا اختياريا، أو فيدراليا. هذا هو الحل الأنجع. الحركات الكردية متوافقة على هذا الطرح وتطالب بإدارة ذاتية تشمل اللغة والتقاليد والأسماء وتحفظ الخصوصية الكردية».
يتفق بيري مع دمي غر على أن «تجربة كردستان العراق، فريدة وناجحة، خصوصا أن الأكراد باتوا هم من يحلون مشاكل السنة والشيعة ولولاهم لتفتت العراق»، يجمع الاثنان، وهما يؤكدان كناشطين كرديين أن هذا المطلب سيكون قائما بعد سقوط النظام. وعما إذا كان هذا الأمر قد بحث في المجلس الوطني السوري الذي يتمثلون فيه بـ20 عضوا؟ يقول الناشط دمي غر، الذي يعمل مراسلا لتلفزيون كردستان العراق من بيروت: «هناك تباين في الآراء، البعض يقول علينا أن نضع شروطنا من الآن والبعض الآخر، يرى أن علينا انتظار سقوط النظام. نحن نمثل 15 في المائة من الشعب السوري، أي أننا يجب أن نتمثل بعدد أكبر في المجلس الوطني الذي يضم أكثر من 230 عضوا، لكن لا تزال الأمور في بداياتها».
مطالبتكم بالحكم الذاتي سترعب كل المنطقة، ويكون خطوة ثانية بعد كردستان العراق، ويشجع أكراد تركيا وإيران على الانفصال؟ يجيب بيري: «سأكرر ما قاله مسعود بارزاني حين طرح عليه هذا السؤال: هذا حلم الشعب الكردي، لكن هناك واقع لا بد من احترامه». تقدر المساحة التي يعيش عليها الأكراد شمال شرقي سوريا بأكثر من 10 آلاف كيلومتر مربع، أي ما يقارب مساحة لبنان، وهي أرض زراعية خصبة ذات إنتاج عال وتتركز فيها آبار البترول السورية. مما يعني أن إعطاء الحكم الذاتي للأكراد لن يكون أمرا سهلا. جدير بالذكر أن ثمة تباينات بين الأحزاب الكردية التي يعلن غالبيتها عداءه للنظام باستثناء حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي لا يزال يمثل عددا لا بأس به من أكراد سوريا، يترأسه صالح مسلم، وهو أحد أجنحة حزب العمال الكردستاني في العراق. ويبدو أن حساسية هذا الحزب من تركيا، وتحديدا أردوغان، تدفع بزعيمه، صالح مسلم، إلى اتباع نهج وسطي مع النظام السوري حيث يطالب بإصلاحات ولا يشترط إسقاط النظام. «لكن الوضع على الأرض هو الذي سيحكم التوازنات المقبلة»، يقول محللون، إذ إن الشباب الكردي الذين شكلوا تنسيقيات خاصة بهم، هم الذين يحكمون الأرض وهؤلاء رغم أن بعضهم ينتمي إلى مختلف الأحزاب الكردية، إلا أنهم يسبقون قياداتهم الهرمة، وما عادوا ينتظرون الأوامر العليا، ولا يتوانون عن حمل شعارات تطالب بـ«إسقاط النظام وإعدام الرئيس».
 
مفوضية حقوق الإنسان في الأمم المتحدة تدعو المجتمع الدولي لحماية المدنيين في سوريا وتحذر من حرب أهلية
اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب غدا لبحث الأزمة السورية
لندن - القاهرة: «الشرق الأوسط»
دعت المفوضة العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي أمس الأسرة الدولية إلى اتخاذ «تدابير عاجلة» لحماية المدنيين في سوريا، وحذرت من أن «القمع القاسي» للاحتجاجات المناهضة للحكومة في سوريا قد يدفع البلاد إلى «حرب أهلية شاملة»، وقالت إن عمليات القمع في سوريا أسفرت عن سقوط أكثر من ثلاثة آلاف قتيل منهم 187 طفلا.
وجاء ذلك في وقت اتفق فيه وزراء الخارجية العرب على عقد اجتماع طارئ يوم الأحد المقبل في 16 أكتوبر (تشرين الأول)، بناء على طلب دول مجلس التعاون الخليجي لبحث تطورات الأزمة السورية. وقال نائب الأمين العام للجامعة العربية السفير أحمد بن حلي لـ«الشرق الأوسط»، إن الاجتماع سيتناول تطورات ما يحدث على الساحة السورية، وأفاد أن الأمانة العامة للجامعة أبلغت الدول العربية بطلب دول مجلس التعاون الخليجي، واتفق على عقده يوم الأحد 16 أكتوبر لمراجعة القرارات التي اتخذها وزراء الخارجية بشأن سوريا منتصف مارس (آذار) الماضي، وطالب بوقف العنف والبحث عن عدد من الأفكار لمعالجة الأزمة وتنفيذ عدد من الإصلاحات. وقال بن حلي إن الاجتماع سيكون فرصة لتشاور وزراء الخارجية حول كل القضايا المطروحة على الساحة العربية.
من جهتها، قالت بيلاي إنه «يتعين على جميع أعضاء المجموعة الدولية اتخاذ تدابير حماية بطريقة جماعية وحاسمة، قبل أن يقود القمع (...) القاسي وعمليات الاغتيال البلاد إلى حرب أهلية فعلية». وأضافت: «على غرار ما يحصل دائما، يرفض عدد متزايد من عناصر الجيش مهاجمة مدنيين» وباتوا يقفون إلى جانب المعارضين، «والأزمة تكشف حتى الآن عن مؤشرات مقلقة تفيد أن الوضع يغرق في صراع مسلح».
وأوضحت بيلاي أن «المجموعة الدولية تستطيع التحدث بصوت واحد والتحرك لحماية الشعب السوري»، مشيرة إلى أن «النظام السوري أخفق في مهمته التي تقضي بتأمين الحماية للشعب».
وقالت بيلاي إن «عدد الأشخاص الذين قتلوا منذ بدء أعمال العنف في مارس قد تخطى الآن الثلاثة آلاف بينهم 187 طفلا على الأقل». وأضافت أن «أكثر من مائة شخص قتلوا خلال الأيام العشرة الماضية فقط. من جهة أخرى تم توقيف الآلاف واعتقالهم أو اختفوا أو تعرضوا للتعذيب». وقالت إن «أفراد عائلات» المعارضين والمتظاهرين الذين يعيشون «في داخل البلاد وخارجها تعرضوا للمضايقة والتخويف والتهديدات والضرب».
واعتبرت المفوضية أن العقوبات التي فرضتها المجموعة الدولية على دمشق لم تؤد إلى تغيير موقف السلطات السورية حتى الآن كما قال الناطق باسمها روبرت كولفيل في تصريح صحافي. وأضاف أنه لهذا السبب دعت بيلاي الدول إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية السوريين الذين يحتجون ضد نظام الرئيس بشار الأسد. وشددت بيلاي على القول «منذ بداية الانتفاضة في سوريا، استخدمت الحكومة باستمرار القوة المفرطة لسحق الاحتجاجات السلمية». وأشارت إلى وجود «قناصة على الأسطح والاستخدام العشوائي للقوة ضد المتظاهرين المسالمين بما في ذلك استخدام الرصاص الحي وقصف الأحياء السكنية» الذي أصبح «أمرا مألوفا في كثير من المدن السورية».
واستخدمت روسيا والصين العضوان الدائمان في مجلس الأمن، في الرابع من أكتوبر حقهما في النقض ضد مشروع قرار للبلدان الغربية يهدد النظام السوري بـ«تدابير محددة الأهداف» لحمله على وقف القمع الدامي للمظاهرات.
وردا على سؤال حول التحرك الدولي الذي ينبغي اتخاذه قال روبرت كولفيل المتحدث باسم بيلاي في مؤتمر صحافي: «من الواضح أن القرار يرجع إلى الدول. ما تم عمله حتى الآن لا يحقق نتائج وما زال الناس يقتلون كل يوم بشكل فعلي».. وبسؤاله عن شن عمل عسكري أجنبي مثلما حدث مع ليبيا للإطاحة بمعمر القذافي قال كولفيل «هذا قرار يبت فيه مجلس الأمن».
وتحدث تحقيق حقوقي مبدئي أجرته الأمم المتحدة في أغسطس (آب) عن مزاعم ذات مصداقية عن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في سوريا من بينها عمليات إعدام. وقال فريق التحقيق إن لديه أدلة ضد 50 مشتبها بهم أدرجت أسماؤهم في قائمة سرية. وشجعت بيلاي في ذلك الوقت مجلس الأمن الدولي على إحالة ملف سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية للنظر في احتمال وقوع جرائم ضد الإنسانية.
وشكل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بعد ذلك بأسابيع لجنة تحقيق دولية تعتزم الذهاب إلى المنطقة قريبا لإجراء مقابلات مع شهود وجمع مزيد من الأدلة. وقال كولفيل إن فريق التحقيق المكون من ثلاثة أشخاص يرأسهم الخبير البرازيلي سيرجيو بينهيرو طلب دخول سوريا لكن دمشق لم تتعاون حتى الآن.
وفتحت سوريا سجونها للمرة الأولى على الإطلاق أمام اللجنة في الرابع من سبتمبر (أيلول) الماضي، لكن مسؤولي اللجنة الدولية للصليب الأحمر زاروا سجن دمشق المركزي فقط حتى الآن. ويحتجز في هذا السجن معتقلون لأسباب جنائية وسياسية. وتشمل المعايير منح مسؤولي اللجنة الحق في زيارة كل منشآت الاحتجاز وإجراء أحاديث خاصة مع المعتقلين الذين يختارونهم دون وجود شهود وتكرار الزيارة كلما رأت اللجنة ضرورة لذلك. ولا يطلع على نتائج وتوصيات اللجنة سوى سلطات الاحتجاز.
 
السفير السوري في بيروت ينفي التورط في خطف معارضين سوريين
النائب الضاهر لـ«الشرق الأوسط»: السفارة السورية باتت وكرا للتجسس.. وندعو لطرده
بيروت: «الشرق الأوسط»
نفى السفير السوري لدى لبنان، علي عبد الكريم، أمس، الاتهامات حول تورط السفارة السورية في خطف معارضين سوريين في لبنان، معتبرا أنها «من دون أي دليل»، مدينا وجود عمليات تحريض وتهريب سلاح من لبنان إلى سوريا. كان نواب وأقارب للقيادي السوري السابق، شبلي العيسمي، الذي اختفى في لبنان قبل أشهر، قد نقلوا عن المدير العام لقوى الأمن الداخلي، اللواء أشرف ريفي، قوله في اجتماع للجنة حقوق الإنسان في البرلمان اللبناني الاثنين الماضي، بوجود معلومات حول تورط السفارة السورية في بيروت في خطف العيسمي و3 سوريين آخرين ينتمون إلى عائلة واحدة، وقد خطف الأربعة من لبنان خلال الأشهر الفائتة. والعيسمي أحد مؤسسي حزب البعث العربي الاشتراكي، وقد تولى مناصب رفيعة في سوريا قبل أن يغادرها عام 1966 بعد خلاف مع النظام. ثم تنقل بين العراق ومصر والولايات المتحدة ولبنان. واستغرب عضو كتلة المستقبل المعارضة، النائب خالد الضاهر، نفي السفير السوري لدى لبنان، معتبرا أن السفارة «باتت وكرا للتجسس، وثبت أكثر من مرة تورط سياراتها في اختطاف معارضين سوريين». وقال الضاهر، في اتصال مع «الشرق الأوسط»: «إنه لو كان لبنان يمتلك قراره السياسي، لطرد السفير السوري من لبنان»، مشددا على أن مدير عام قوى الأمن الداخلي «يمتلك معلومات أمنية تثبت صحة ما قاله، وهو المخول بالحديث عنها استنادا إلى موقعه الأمني».
واستغرب عبد الكريم، بعد لقائه وزير الخارجية عدنان منصور، الكلام الذي نُقل عن مدير عام قوى الأمن الداخلي حول ضلوع السفارة السورية في بيروت في خطف معارضين سوريين من لبنان، لا سيما خطف شبلي العيسمي. ورأى أن تلك الاتهامات تشكل إضرارا كبيرا بالتنسيق بين البلدين وبضرورة التكامل بالعمل الأمني بينهما، مشيرا إلى وجود تعاون مشكور ومقدر من جانب القيادات المعنية في هذا البلد.
من جهته، اعتبر الضاهر أن السفارة السورية «باتت وكرا للتجسس؛ إذ تبذل جهودها الاستخباراتية لجمع معلومات عن معارضين سوريين ولبنانيين متعاطفين مع الشعب السوري، وتعتقلهم»، مستشهدا بحادثة اختطاف «ثلاثة شبان سوريين من آل الجاسم الذين اختطفوا بسيارات السفارة السورية في بيروت، وبواسطة عناصر أمنية لبنانية مكلفة بحماية السفارة، وأدخلوهم إلى سوريا»، كاشفا عن أن الضابط المتورط في هذه العملية «هو صلاح الحاج، نجل مدير عام قوى الأمن الداخلي الأسبق علي الحاج، الذي يواجه عقوبة مسلكية في المديرية». بالإضافة إلى ذلك، «تورطت سيارات السفارة أيضا باختطاف سوريين اثنين من وادي خالد وأدخلا إلى سوريا».
واعتبر الضاهر أن «تعديات السفارة المتكررة على اللبنانيين والسوريين، واختطافهم، واتهاماتها بحق شخصيات لبنانية بارزة، تجعلها مقرا للجريمة المنظمة»، مشيرا إلى أن «السفارة تمارس بلطجة من خلال تحريكها مخبرين وعملاء لبنانيين وسوريين ضد السوريين المعارضين واللبنانيين المتعاطفين مع الشعب السوري». وإذ شدد الضاهر على أن اللواء أشرف ريفي «يمتلك من المصداقية ما يكفي لإثبات ما يقوله»، دعا إلى «طرد السفير السوري من لبنان؛ لأنه تجاوز حدوده على أكثر من صعيد، واتهم اللبنانيين بلا أدلة، وتجاوز كل الأصول والأعراف الدبلوماسية بين البلدين»، متهما إياه بأنه «يقود العصابة التي تمارس البطش بحق المعارضين السوريين».
في السياق نفسه، استغرب عضو كتلة المستقبل، النائب خالد زهرمان، عدم تحرك أي جهاز من الدولة بعد ما كشفه مدير عام الأمن العام، اللواء أشرف ريفي، عن أن سيارات من السفارة السورية اختطفت مواطنين سوريين من الداخل اللبناني وسلمتهم للسلطات السورية. واعتبر أن «كلام اللواء ريفي، خلال جلسة لجنة حقوق الإنسان، مستند لتقارير أمنية تمتلك نسخة عنها مخابرات الجيش ومؤسسات أمنية أخرى، وبالتالي إذا كانوا يشككون بصدق اللواء ريفي فليلجأوا إلى تلك المؤسسات».
إلى ذلك، رد ناشطون سوريون على كلام السفير السوري في لبنان حول تهريب السلاح من لبنان إلى سوريا، معتبرين أن كلامه «يندرج ضمن سياق الاتهامات التي يطلقها النظام للإيحاء بمظلوميته، ولتكريس نظرية المؤامرة التي يؤمنون بها»، مؤكدين أن «الشعب السوري المسالم ليس بحاجة إلى السلاح، ويواجه بطش النظام بالصدور العارية». وأوضح ناشط سوري من حمص، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن النظام «يجبر بعض الثوار السوريين على اقتناء السلاح بغرض الدفاع عن النفس»، مشيرا إلى أن «القوى الأمنية، حين تداهم البيوت، لا تتوانى عن قتل من فيها إذا أرادوا الاستفسار عن سبب الاعتقال»، مشددا على أن «السلاح الموجود في المنازل هو سلاح النظام نفسه الذي وزعه على مناصريه الحزبيين في الأيام الأولى لانطلاقة الانتفاضة». وأشار السفير السوري، أمس، إلى أن «عمليات تهريب السلاح والتحريض التي تظهرها وسائل الإعلام، إضافة إلى الأجهزة الأمنية والقضائية في لبنان، تستوجب مراجعة مسؤولة وحريصة وغيور؛ لأن هذا ينعكس على أمن لبنان كما على أمن سوريا». وأكد الناشط السوري لـ«الشرق الأوسط» أن «السلاح الموجود في أيدي مناصري النظام السابقين والحاليين، الذي يعرض على الناشطين، ينفي الحاجة إلى تهريبه من لبنان وغيره»، مشيرا إلى أخبار انتشرت في المدن السورية عن «عروض لبيع أسلحة فردية مثل البنادق الروسية، وصل سعرها إلى 1700 دولار للبندقية الواحدة، ويتولى ضباط معروفون عرضها للبيع».
كان النظام، بحسب الناشط نفسه، قد «وزع أسلحة فردية على محازبي حزب البعث في الأيام الأولى لانطلاقة الانتفاضة بغية مواجهتها»، كما تم توزيع «أسلحة رشاشة حديثة ومسدسات وأسلحة بيضاء على الشبيحة الذين لم يتوانوا عن قتل المتظاهرين والمعارضين».
 
الحريري يؤكد استحالة إقامته علاقة مع «نظام ديكتاتوري»
نافيا معلومات عن استعداده للقاء بشار الأسد
بيروت: «الشرق الأوسط»
أكد الرئيس السابق للحكومة اللبنانية سعد الحريري «استحالة إقامة علاقات مع نظام ديكتاتوري»، نافيا ما أوردته إحدى الصحف اللبنانية، أمس، عن استعداده للقيام بزيارة إلى سوريا ولقاء الرئيس السوري بشار الأسد.
وأوضح المكتب الإعلامي للرئيس سعد الحريري أن «الصحافي (كاتب المقالة) ذهب فيها إلى استنتاجات خاطئة منسوبة إلى شخصية مقربة من الرئيس سعد الحريري»، وأضاف مكتب الحريري في بيان: «لما كانت هذه الاستنتاجات مجرد آراء أو معلومات خيالية مركبة، بالتالي لا علاقة للرئيس الحريري ولا للمقربين منه بها، واقتضى التوضيح والتأكيد بأن المقالة المشار إليها لا تمت بأي صلة لمصادر الرئيس الحريري».
وأكد المكتب الإعلامي أنه «من المستحيل لدى الرئيس الحريري السعي لإقامة علاقات مع نظام ديكتاتوري لا يتوانى عن استعمال الوسائل القمعية والدموية كافة، والمنافية لكل القيم الإنسانية ضد شعبه الذي يطالب بتطبيق أبسط معايير الحرية والديمقراطية».
 
من «باب الحارة» إلى باب السباع!
حسين شبكشي
في مسلسلات الدراما التلفزيونية السورية، وتحديدا فيما عرف بمسلسلات البيئة الشامية، كانت تبرز فيها شخصيات الزعامة والقيادة بشكل هو أقرب للأسطورة، لعل أشهر تلك المسلسلات كان مسلسل «باب الحارة» الذي أبرز شخصيات «الزعيم» و«العكيد» ومجد ومدح في دور «المقاومة» ضد الخائن والمحتل حتى فتن المشاهدون بما شاهدوه في عالم «باب الحارة» الافتراضي الجميل، وسعدت بنجاح المسلسل أبواق النظام السوري وقتها لأن ذلك يساعد على استمرار ترويج فكرة أنه نظام الممانعة ونظام المقاومة في الذهنية العربية.
لكن عالم التلفزيون شيء والواقع شيء آخر، فها هو الجولان لا يزال محتلا دون أن يشهد تمثيلية مقاومة واحدة بحقه، ولم يظهر في الحقيقة لا زعيم ولا عكيد. ولكن مشهد المقاومة الحقيقي اليوم في سوريا انتقل من باب الحارة الافتراضي إلى باب السباع الحقيقي.. باب السباع ذلك الحي السوري العتيق في مدينة حمص التي تحولت بجدارة إلى عاصمة الثورة السورية الحالية.
باب السباع كما يعرفه أهل حمص هو موطن الرجال «القبضايات» أو «الزقرتية» لا يهابون أحدا في الحق، أبناء مدينة عرفها سكانها باسم «حمص أم الحجارة السود» كما يتغنى بها سكانها في عرضتهم الشهيرة التي يتفاخر أهلها بأنهم أحفاد خالد بن الوليد المدفون فيها. حمص «جننت» النظام ولم يستطع بعتاده وصواريخه وجنوده ودباباته وطائراته القضاء على الثوار فيها ولا القضاء على المنشقين من الجيش القمعي والمنضمين للثورة بحمص تحديدا بأعداد مهولة. باب السباع هو نواة مستقبل سوريا وليس باب الحارة الافتراضي.
الثورة في سوريا تتطور بشكل نوعي مهم، أعداد القتلى لم يتوقف ونظام الإبادة الذي يمارسه النظام مستمر، ولكن كذلك الأمر بالنسبة للتخبط في إصدار القرارات، وخصوصا في الجانب الاقتصادي، احتجاج رجال الأعمال بقوة أجبر الحكومة على أن تتراجع عن قرارها بحظر الاستيراد، والليرة تواصل هبوطها حتى خسرت ما يقارب العشرين في المائة من قيمتها، النظام فعليا تمكن من أن يخسر أي تعاطف له مع الأكراد والعشائر بعد أن اعتدى على أكبر رمزين لهما، وهذه كلها عناصر تسريع القضاء على النظام من الداخل.
استمرار تهريب الذهب والعملات الأجنبية إلى الخارج وتحديدا إلى إيران مستمر، وكذلك خروج كبير لأسر المسؤولين في سفر جماعي إلى أوروبا الشرقية، مع الاعتقاد بأن المعارضة السورية ممثلة في المجلس الوطني السوري سيُعلن عن قبولها والاعتراف بها كممثل شرعي وحيد للشعب السوري في فرنسا وبريطانيا وقطر قريبا جدا، مع زيادة الحديث عن وجود نواة انقلابية كبيرة داخل الجيش السوري وتستعد للحراك بعد الاعتراف الكافي بالمجلس الوطني السوري خارجيا، وهو أيضا سيكون متزامنا مع طلب تجميد عضوية النظام السوري في جامعة الدول العربية الذي قد يطرح في الأيام المقبلة.
الثورة الشعبية «كيفت» نفسها وشكلت نظاما متوازيا على الأرض، فهناك العشرات من المشافي السرية التي تعالج الجرحى بعيدا عن أعين النظام، وكذلك الأمر بالنسبة للطلبة يتم تعليم الكثير منهم في البيوت بعيدا عن المدارس، ودخلت البلاد بالتدريج في مرحلة العصيان المدني. وما إن قامت عناصر الاستخبارات الأمنية بصنع مسيرات التأييد في دمشق وجندت لها جميع الطاقات الأمنية وأخلت مدنا أخرى لأجل ذلك، حتى قامت مظاهرات ضد النظام في حلب بعد أن فكت سلطات الأمن يدها عنها، ويبدو أن حلب ستدخل الثورة نظرا للأزمة الاقتصادية الخانقة والضغط الشعبي المتزايد على أهلها.
استمرار استخدام النظام السوري للسلاح الجوي والطيران سيساعد على المطالبة بضرورة الحظر الجوي على سوريا، وهو ما يؤيد أن هناك حديثا متزايدا على أن الطيران التجاري سيتقلص وقد يتوقف عما قريب تمهيدا لذلك الأمر. العقوبات الاقتصادية باتت مؤثرة جدا، ومن المتوقع أن تزداد نقمة الناس على النظام وخصوصا مع دخول موسم الشتاء القاسي. تركيا والأردن وبعض الشرفاء في لبنان والعراق يدعمون الثوار بشكل واضح ويعلمون يقينا أن أيام النظام باتت معدودة. النظام السوري لا يزال يعيش في زمن المقاومة الافتراضي، ولكن هذا النظام يصلح على شاشات التلفاز في رمضان وليس على أرض الواقع طوال العام.
من باب الحارة إلى باب السباع هو المسافة بين عالم الافتراض وعالم الواقع الذي غاب عن النظام تماما، وهو الذي سيكون، ولكنه سيكون كذلك سببا مباشرا في نهاية سعيدة جدا لدراما الثورة السورية الحالية.

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,343,123

عدد الزوار: 7,629,064

المتواجدون الآن: 0