المتنافسان على ترشيح الحزب الاشتراكي الفرنسي للانتخابات الرئاسية
"الغاضبون" من الأزمة الاقتصادية يخرجون في عواصم العالم
الثلاثاء 18 تشرين الأول 2011 - 4:42 ص 2556 0 دولية |
اتخذت حركة "الغاضبين" المحتجين على الازمة وعلى النظام المالي العالمي في نهاية هذا الاسبوع بعدا عالميا اذ دفعت عشرات آلاف الاشخاص الى الشارع في العديد من دول العالم في تظاهرات تخللتها حوادث واعتقالات في روما ونيويورك، كما اقام المئات مخيمات في وسط لندن وفرانكفورت وامستردام.
وأمضى نحو 500 شخص ليلتهم امام كاتدرائية سانت بول في حي المال في لندن حيث نصبت نحو 70 خيمة. كما اقام نحو 200 شخص في خيام امام مبنى البنك المركزي الاوروبي في فرانكفورت، وشوهدت 50 خيمة امام مبنى البورصة في امستردام. واقيمت مسيرات في 951 مدينة في 80 بلدا في انحاء العالم السبت في امتداد لحركة ولدت في 15 ايار (مايو) بتظاهرة في ساحة بورتا ديل سول في مدريد من مجموعة اطلق عليها اسم مجموعة "الغاضبين".
وجرت معظم المسيرات بسلام، لكن في روما اشعل الاف المحتجين الذين يقيمون في عشرات الخيام النار في عدد من السيارات وحطموا عددا من البنوك ورموا الحجارة على شرطة مكافحة الشغب التي ردت باطلاق الغاز المسيل للدموع واطلاق خراطيم المياه.
واصيب نحو 70 شخصا بجروح من بينهم ثلاثة في حالة خطرة، كما تم اعتقال 12 شخصا. كذلك وقعت اشتباكات في نيويورك حيث تجري حركة "احتلوا وول ستريت"، وجرى اعتقال 88 شخصا. وقالت صحيفة الباييس الاسبانية ان "حركة الغاضبين تظهر مرة اخرى بقوة عالمية". واضافت "هذه هي المرة الاولى التي تتمكن فيها حركة شعبية من تنظيم هذا العدد الكبير من المسيرات في هذا العدد الكبير من الاماكن المختلفة والبعيدة وبطريقة منسقة". وفي ايطاليا قالت صحيفة لاستامبا ان "العالم يخرج الى الشوارع متحدا وسلميا ومنوعا". اما ايغينيو سكالفاري الكاتب في صحيفة ريبابليكا فكتب يقول ان "الحقيقة هو انه توجد الان حركة عالمية. وكانت مقدمها الربيع العربي". واضاف ان هذه الحركة "تعبر عن غضب جيل ليس له مستقبل ولا يثق بالسياسات التقليدية، ولكن الاهم من ذلك انه يعتبر جميع المؤسسات المالية مسؤولة عن الازمة وتتربح من تضرر المصلحة العامة".
وكانت اكبر المسيرات في لشبونة ومدريد وروما حيث خرج عشرات الالاف. كما خرج الالاف في واشنطن ونيويورك. وقالت كارمن مارتن اثناء سيرها باتجاه ساحة بورتا ديل سول "اعتقد انه من الرائع ان تكون هذه الحركة ولدت هنا وامتدت الى انحاء العالم. لقد حان الوقت لينتفض الناس".
وذكرت صحيفة بوبليكو انه "في البرتغال كما في باقي انحاء العالم فان مسيرات يوم 15 تشرين الاول
(اكتوبر) اندمجت مع الاجندة المحلية".
وفي لندن، اندلعت شجارات بعد ان تجمع عدة الاف من الاشخاص في حي المال والاعمال بالقرب من كاتدرائية سانت بول رافعين لافتات كتب عليها "ردوا الصفعة" و "لا للتخفيضات" و"غولدمان ساكس هو من عمل الشيطان".
وانضم مؤسس موقع ويكيليكس جوليان اسانج الى المسيرة. وقال للمتظاهرين عن ادراج الكاتدرائية انه يدعمهم "لان النظام المصرفي في لندن يتلقى اموالا فاسدة".
وفي واشنطن قال مارتن لوثر كينغ جونيور ابن المدافع عن الحقوق المدنية الشهير، امام المجتمعين في ساحة "ناشونال مول" ان والده كان سيفخر بهم لو رآهم. وجرت تظاهرات كبرى كذلك عند مؤسسات الاتحاد الاوروبي في بروكسل وفرانكفورت وكذلك اثينا حيث اثار الخفض المؤلم للميزانية التي فرضتها الجهات المقرضة مقابل صفقة لانقاذ اليونان، موجة واسعة من الغضب.
وفي روما التي شهدت اعنف اعمال العنف، تحولت المسيرة بسرعة الى معارك في الشوارع بين جماعات من المتظاهرين الذين يرتدون الاقنعة وشرطة مكافحة الشغب التي اجبرت المتظاهرين السلميين على الفرار وايديهم مرفوعة في الهواء. وقال المتظاهر اندري مورارو (24 عاما) الذي يدرس الهندسة في بادوا "اليوم (امس) هو مجرد البداية. ونامل في ان نتحرك الى الامام مع الحركة العالمية. ويوجد العديد منا وجميعنا نريد الشيء ذاته".
وفي كندا قام اكثر من عشرة الاف شخص بنفخ الفقاعات والعزف على القيثارة واطلاق الهتافات المناهضة للشركات في تظاهرات سلمية في مدن في انحاء البلاد. وقالت انابيل تشابا (30 عاما) وهي تجر ابنها البالغ من العمر عاما واحدا في عربة في تورونتو "اعتقد ان الثورة اندلعت".
وتلقى المتظاهرون دعما غير متوقع من حاكم البنك المركزي الايطالي ماريو دراغي، المدير التنفيذي السابق في بنك غولدمان ساكس البريطاني العملاق في لندن والمتوقع ان يتولى رئاسة البنك المركزي الاوروبي الشهر المقبل. وقال دراغي في اجتماع لمجموعة العشرين في باريس السبت "انهم غاضبون على عالم المال. انا افهمهم"، معربا عن اسفه عن الانباء بوقوع اعمال عنف.
وفي العاصمة البرتغالية حيث خرج نحو 50 الف شخص في تظاهرات، قال ماثيو ريغو (25 عاما) "نحن ضحايا المضاربات المالية، وبرامج التقشف ستدمرنا. علينا ان نغير هذا النظام المتعفن". وجرت تظاهرات اصغر واكثر سلمية في امستردام وجنيف وميامي ومونتينيغرو وباريس وساراييفو وصربيا وفيينا وزيوريخ حيث هتف المتظاهرون بشعارات معادية للراسمالية وارتدوا اقنعة ساخرة.
وفي المكسيك وبيرو وتشيلي خرج الالاف في تظاهرات احتجاجا على ما وصفوه بانه نظام مالي غير نزيه وبطالة مرتفعة. وتظاهر المئات في هونغ كونغ وطوكيو واعربوا عن غضبهم من حادث مفاعل فوكوشيما الياباني. واقام المئات مخيما امام البنك المركزي الاسترالي في مدينة سيدني.
(اف ب)
المتنافسان على ترشيح الحزب الاشتراكي الفرنسي للانتخابات الرئاسية
مارتين أوبري "ميركل اليسارية" الفرنسية
اثبتت مارتين اوبري التي قيل مرارا انها "انغيلا ميركل اليسارية" لاسلوبها المتواضع والرزين، خلال الانتخابات التمهيدية الاشتراكية انها منافسة قوية وعنيدة قامت بحملة هجومية تكاد تكون عدائية.
وعندما اعلنت في 28 حزيران (يونيو) ترشيحها الى "الانتخابات الرئاسية" كانت مارتين اوبري متأخرة بستة اشهر على اكبر منافسيها فرنسوا هولاند.
وتصاعدت وتيرة حملتها التي انطلقت فاترة في بدايتها، على مر الاسابيع لتنتهي وهي تردد بانها ستكون ممثلة يسار "قوي" في وجه فرنسوا هولاند الذي اتهمته بانتمائه الى يسار "مائع" وهي اكبر شتيمة في اوساط الاشتراكيين، وبانه يستخدم "عبارات اليمين".
وشكك منتقدوها عندما اعلنت ترشحها في تصميمها. وقال بعضهم انها ترشحت "مترددة" وبدون حماسة وانها مرشحة بديلة بعد خروج دومينيك ستروس-كان من السباق بينما قال المقربون منها انها كالعدائين المحنكين الذين يدخرون جهودهم خلال السباق.
واقر ستروس-كان شخصيا بانه كان بينهما "اتفاق" ولو لم يتم اقصاؤه بسبب توقيفه في الولايات المتحدة في قضية محاولة اغتصاب لما كانت ترشحت رغم انها هي زعيمة الحزب الاشتراكي منذ 2008.
وفي مواجهة هولاند، تفتخر مارتين اوبري بتجربتها في القطاع الخاص والمناصب التي تولتها في عدة حكومات وفي رئاسة بلدية مدينة كبيرة (ليل، شمال).
وفي هجوم ضمني على اكبر منافسيها الذي يؤخذ عليه افتقاره الى الخبرة في مناصب وزارية، قالت قبل الجولة الاولى "في هذا الزمن المتازم، كانك تقود سيارة تسير بسرعة فائقة على طريق مكسوة بالجليد، لا يمكنك التحكم بالمقود بدون ان تعرف كيف تقود".
وتكثر الهجمات من اليمين على هذه المرأة القصيرة القامة (61 سنة) المعروفة دوليا بلقب "سيدة الـ35 ساعة" الذي يلازمها منذ ان اقرت قبل عشر سنوات قانون خفض دوام العمل الاسبوعي الى 35 ساعة عندما كانت وزيرة نهاية التسعينيات.
ويعتبر معسكر نيكولا ساركوزي ذلك الاصلاح رمز يسار متسلط و"بال".
وبدون انكار اي شيء تجهد مارتين اوبري في تحسين صورتها منذ ان تولت رئاسة حزب اشتراكي كان في حالة حرب داخلية، وقد حصلت في هذا الموقع على دعم العديد من كبار قادة الحزب. وقد بدات عملا صبورا لتجديد الحزب كسبت منه مصداقية.
ويساند يسار الحزب الاشتراكي وزيرة العمل السابقة والشخصية الثانية في حكومة ليونيل جوسبان (1997-2002).
وفي هذا الصدد تعتبر يسارية اكثر من والدها رئيس المفوضية الاوروبية سابقا جاك دولور الذي تقاسمه ايمانه باوروبا.
وقال الرجل الذي يرمز الى التيار الاجتماعي الديموقراطي الاوروبي، مؤخرا ان ابنته هي "الافضل" مؤكدا ان "من يعرفني يعلم انني لو لم اعتقد ذلك لكنت سكتت ببساطة".
ويقال عنها في الحكومة او في مدينة ليل التي تراس بلديتها انها "متسلطة لا تجامل" واحيانا "فظة" ونزقة.
واعتبر خصمها فرنسوا هولاند انها شرسة ويجب الاحتراس منها وهمس يوما لاحد مقربيه "اذا تناولت العشاء معها فذلك جيد. لكنك عندما تلتقي بها في اليوم التالي تطعنك بسكين في الظهر، بلا اي مبرر".
وقد اجهشت بالبكاء امام كاميرات التلفزيون عندما خسرت الانتخابات التشريعية في 2002 واضطرت الى الانكفاء الى مدينتها فحققت بعد ذلك نجاحا حيث انتخبت مجددا عمدة ليل سنة 2008 بنحو 66% من الاصوات في خطوة كانت بداية عودتها على الصعيد الوطني.
وقد اعادت تاسيس حياتها في مدينتها الكبرى بشمال فرنسا حيث تعيش مع المحامي جان لوي بروشن. (ا ف ب)
فرنسوا هولاند المنافس الأوفر حظاً ضد ساركوزي
نجح فرنسوا هولاند الذي انطلق مبكرا في الحملة الانتخابية، في اقناع فرنسيي اليسار ان في امكانه حشد "التجمع" ضد نيكولا ساركوزي في 2012 رغم افتقاره الى الخبرة الحكومية وصورة رجل جهاز الحزب الذي يفضل الاجماع.
وعندما اعلن ترشحه في 31 اذار (مارس) من معقله في تول (15 الف ساكن) بمقاطعة كوريز (وسط)، كانت انظار قادة الحزب الاشتراكي موجهة الى مكان يبعد ستة الاف كيلومتر، الى واشنطن، تحدق في ادنى مؤشر من دومينيك ستروس-كان مدير عام صندوق النقد الدولي الذي كانت الاستطلاعات تفيد بانه افضل المرشحين وبفارق كبير. لكن فرنسوا هولاند الذي يجوب مختلف ارجاء فرنسا منذ اشهر لم يكترث لذلك، وفي سن السابعة والخمسين وبعد ان تخلص من الكيلوغرامات الزائدة التي كلفته وصفه بعبارة "فلامبيه" تيمنا بنوع من الحلوى بالكراميل يحبذها الاطفال، كان مصمما على المثابرة حتى النهاية.
ومكنته مثابرته من اغتنام الثغرة التي تركها دومينيك ستروس-كان اثر اعتقاله في ايار (مايو) في نيويورك وسرعان ما خلفه في موقع الاوفر حظا والذي لم يتخل عنه حتى هذه الجولة الثانية من الانتخابات التهميدية غير المحسومة النتائج في مواجهة مارتين اوبري.
وخلال الحملة الانتخابية يردد فرانسوا هولاند ان واجبه هو "جمع الاشتراكيين ثم اليسار واخيرا الفرنسيين" مقتديا بالرئيس السابق فرنسوا ميتران الذي كثيرا ما يقلده خلال مهرجاناته الانتخابية.
ومن على المنصات يصيب هذا الخطيب البارع المبتسم والودود بفكاهته اللاذعة التي جعل منها طوال مشواره ورقة رابحة، اهدافه. ويقول هولاند ان "الرئيس المقبل يجب ان يكون نقيض نيكولا ساركوزي" ويدعو الى "رئيس عادي" وهو الذي يتنقل في باريس على دراجة نارية من نوع "سكوتر" نقيض اسلوب البذخ الذي عرف به "الرئيس الخارق" نيكولا ساركوزي.
ويركز هولاند الذي يدافع عن انتمائه الى التيار الاجتماعي الديموقراطي، ويتقن مناقشة المواضيع الاقتصادية، اقتراحاته على المسائل "الجوهرية" التي قال انها تتمثل في الشباب والعدالة الضريبية والتربية والصرامة في الميزانية في مواجهة ازمة الديون.
وكان طموحه الترشح الى الرئاسة يبدو مستحيلا عندما تخلى فرنسوا هولاند عن رئاسة الحزب الاشتراكي في نهاية 2008 بعد 11 سنة من توليه، تاركا حصيلة مخيبة: فرغم فوز الحزب على الصعيد المحلي خسر الانتخابات الرئاسية في 2002 و2007 وانقسم سنة 2005 حول مشروع الدستور الاوروبي.
واخذت عليه منافسته في الانتخابات التمهيدية مارتين اوبري التي خلفته في رئاسة الحزب سنة 2008، انه ترك حزبا "ممزقا" واتهمه "بالغموض" وبانه يشخص "يسارا مائعا" عاجزا عن البت في الامور.
ورغم ذلك تمكن من تحقيق تجمع اولي بين الجولتين بحصوله على دعم المرشحين الاربعة الذين تم اقصاؤهم من الجولة الاولى في التاسع من تشرين الاول (اكتوبر) بمن فيهم سيغولين روايال رفقيته السابقة في الحياة وام ابنائه الاربعة التي ساندته بعد ان انتقدت "انعدام نتائجه" طيلة ثلاثين سنة من حياته السياسية.
وقد التقيا سنة 1979 في المدرسة الوطنية للادارة، معهد النخبة الفرنسية في بداية مشوار عاطفي وسياسي ثنائي طويل في الحزب الاشتراكي.
واعتبارا من 1981 وفي سياق فوز ميتران بالانتخابات الرئاسية سنة 1981، خاض ابن الطبيب القريب من اقصى اليمين، والمساعدة الاجتماعية، في سن السادسة والعشرين الانتخابات التشريعية ضد جاك شيراك في كوريز، ورغم انه هزم حينها فقد جعل من تلك المنطقة الريفية قاعدته الانتخابية.
وفي الحزب الاشتراكي يعتبر فرنسوا هولاند من الاوفياء لجاك دولور، والد مارتين اوبري، حتى انسحاب الاخير عام 1995، قبل ان يواكب ليونيل جوسبان الذي سلمه زعامة الحزب الاشتراكي سنة 1997 عندما تولى رئاسة الحكومة.
لكنه لم يتول مرة منصبا وزاريا، وهو ما اخذ عليه لاعتباره "يفتقر الى الخبرة" كما قالت اوبري التي كانت الشخصية الثانية في حكومة جوسبان وهي رئيسة بلدية ليل التي تعد مليون نسمة.
ودفعه بعضهم سنة 2007 الى خوض حملة الانتخابات الرئاسية لكنه قال حينها انه "غير جاهز" بينما كانت سيغولين روايال تتصدر الاستطلاعات.
وقد دعمها بدون حماسة في وقت كانا على شفير الانفصال واعلن طلاقهما بعيد هزيمة سيغولين روايال امام ساركوزي، ومن حينها يعيش هولاند مع الصحافية السياسية فاليري تريرفيلر. (اف ب)
المصدر: جريدة المستقبل