مظاهر العيد تغيب عن المدن السورية

حي باب عمرو في حمص محاصر وتحت القصف.. وناشطون يوجهون نداءات لإغاثة الأهالي

تاريخ الإضافة الإثنين 7 تشرين الثاني 2011 - 5:20 ص    عدد الزيارات 3226    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

حي باب عمرو في حمص محاصر وتحت القصف.. وناشطون يوجهون نداءات لإغاثة الأهالي
الرابطة السورية لحقوق الإنسان: اعتقال عدد من النساء بينهم محامية.. واختفاء مخرج سينمائي
لندن - بيروت: «الشرق الأوسط»
رغم مرور 3 أيام على إعلان دمشق قبولها المبادرة العربية ووقف العنف ضد المدنيين، لا تزال مدينة حمص تحت القصف، وقال ناشطون إن حي باب عمرو في المدينة يتعرض لأقوى حملة أمنية منذ نحو 8 أشهر، وإن هناك عشرات الدبابات تتمركز في الحي الذي بات محاصرا بشكل كامل. وأضاف الناشطون أنه لا يمكن الدخول والخروج منه، والكهرباء والماء والاتصالات مقطوعة عنه منذ مدة.
وقالت لجان التنسيق المحلية أن عدد القتلى حتى مساء أمس، بلغ 24 قتيلا مدنيا، معظمهم في حمص.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن باب عمرو في حمص، تعرض لقصف بالرشاشات الثقيلة وإطلاق الرصاص. وأضاف أنه «عثر على جثمان شخص في حي الخالدية وعليه آثار التعذيب والتنكيل، كما عثر على جثمان آخر في حي باب الدريب وعليه آثار التعذيب والتنكيل أيضا».
من جهتها، أعلنت الرابطة السورية لحقوق الإنسان، أمس، أن أجهزة الأمن السورية اعتقلت هذا الأسبوع عددا من النساء، بينهن محامية، بينما اختفى مخرج سينمائي قبل يومين في دمشق. وأفادت الرابطة في بيان أن «أجهزة الأمن السورية قامت يوم الخميس باعتقال المحامية أسماء الساسة (28 عاما) من القصر العدلي في مدينة دمشق واقتادتها إلى جهة مجهولة»، مشيرة إلى أنه تم اعتقال 114 محاميا منذ انطلاق الحركة الاحتجاجية ضد نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، في منتصف مارس (آذار). وتابعت الرابطة أن «المخرج السينمائي نضال حسن تعرض للاختفاء القسري (الخميس) وتساور عائلته وأصدقاءه شكوك قوية بأنه تعرض للاختطاف على يد عناصر أمنية سوريا قامت باستهدافه نتيجة لنشاطه الداعم للثورة السورية».
كما أشار البيان إلى أن أجهزة الأمن اعتقلت أول من أمس، الجمعة، في دمشق 4 فتيات هن: باسمة مسعود، وسمر بيرقدار، ورزان عكاشة، وراما العسعس، في منطقة باب السريجة بدمشق «بعد محاولتهن إنقاذ أحد المتظاهرين الشباب من أيدي عناصر ميليشيات الأمن السوري (الشبيحة) أثناء تعرضه للضرب المبرح».
وأكد ناشطون في حمص أن الوضع الإنساني في حي بابا عمرو «صعب للغاية» بسبب النقص الحاد في الطعام والخبز وحليب الأطفال، بعد تعرض المخازن التجارية لعمليات سطو من قبل عناصر الأمن و«الشبيحة». كما يوجد نقص حاد في الدواء والمواد الدوائية الإسعافية مثل حقن الكزاز وأكياس الدم، حيث تم منع فرق الهلال الأحمر من دخول الحي. وأكد الناشطون أيضا أن هناك عائلات محاصرة وترزح تحت القصف وإطلاق النار المستمر منذ 4 أيام. كما قالت مصادر محلية في حمص إن قوات الأمن احتلت 3 منازل في محيط جامع الجوري، وهي: منزل أبو عمر الغنطاوي، ومنزل آل الطويل، ومنزل آل طرون.
وبدأ أهالي مخيم العائدين الفلسطيني في حمص بحملة تبرعات لتأمين إعانات غذائية سريعة لأهالي حي بابا عمرو، وقال ناشطون في المخيم إن كثيرا من الفلسطينيين تبرعوا بالموجود في منازلهم من خبز وطعام. ولم يذكر الناشط ما إذا كان قد تم التمكن من إيصال تلك الإعانات أم لا، إلا أنه أكد أن قوات الجيش والأمن «تنسحب من الحي ليلا إلى الأطراف، خشية هجمات الجيش السوري الحر، لكنها تعود نهارا وتضرب بعنف، مع اتباع أسلوب التضييق على أهالي المنطقة ليقوموا بطرد الناشطين والمنشقين في بعض المناطق مثل منطقة السلطانية التي تعيش بلا كهرباء منذ 13 يوم».
وقال «مجلس الثورة في حمص» إن امرأة نجحت في الخروج من حي بابا عمرو بعد أن أعطت جنديا في الجيش كل مصوغاتها المقدرة بأكثر من خمسمائة ألف ليرة سورية (10 آلاف دولار) كي تنجو بطفليها بعد اختفاء زوجها منذ 3 أيام، وإن الطفل الأصغر (3 سنوات) مصاب في الرأس والجرح ملتهب، والآخر (6 سنوات) في حالة صدمة لا يتكلم، أما المرأة فلم تأكل منذ يومين. وقالت إن اثنين من جيرانهم قتلا تحت القصف ولا تعرف شيئا عن زوجها الذي خرج من المنزل ولم يعد.
ووجه ناشطون نداءات استغاثة للمنظمات الإنسانية لنجدة الأهالي في حي بابا عمرو عبر صفحات الإنترنت، وأكدوا أن الوضع الإنساني صعب للغاية ولا يمكن وصفه، وأن الجرحى هناك يموتون بسبب عدم توفر المواد الطبية الإسعافية وأكياس الدم.
وفي السياق ذاته، قالت مصادر محلية إن تعزيزات عسكرية كبيرة تقدر بـ30 دبابة وعربة مدرعة وصلت يوم أمس إلى منطقة الحولة في حمص، وقد تمركزت في دوار الحرية. وفي معرة النعمان في محافظة إدلب قالت مصادر محلية إن مدير ناحية سنجار قتل على يد مسلحين بعد ظهر يوم أمس. وفي بلدة كناكر في ريف دمشق قال ناشطون إن 10 على الأقل قتلوا منذ يوم الأربعاء الماضي أي منذ وافق النظام السوري على مبادرة الجامعة.
من جانب آخر قالت «الهيئة العامة للثورة السورية» إن جمعة «الله أكبر» شهدت أكبر عدد نقاط مظاهرات على الإطلاق منذ بداية الثورة السورية قبل 8 أشهر، حيث وصل عدد المظاهرات إلى نحو 277 نقطة، وسجلت محافظة حمص أعلى عدد مظاهرات بـ52 مظاهرة تلتها درعا بـ50 نقطة ثم إدلب بـ45 نقطة. وشهد ريف دمشق 37 مظاهرة، ثم حماه 26 مظاهرة، فدمشق 20 مظاهرة ثم دير الزور 15 ثم حلب 12 مظاهرة، ثم على التوالي، اللاذقية 7 مظاهرات، والحسكة 6 مظاهرات، والرقة 5 مظاهرات، وطرطوس مظاهرتين.
 
النظام السوري يعلن إخلاء سبيل 553 موقوفا.. وبدء سحب الجيش من المدن اليوم
مسؤول سوري: حريصون على تنفيذ المبادرة العربية ولكن هناك جماعات مسلحة علينا حماية الشعب منها
لندن - واشنطن: «الشرق الأوسط»
أعلنت السلطات السورية مساء أمس عن إخلاء سبيل 553 من الموقوفين ممن قالت إنهم من «المتورطين بالأحداث ولم تتلطخ أيديهم بالدماء»، وذلك بمناسبة عيد الأضحى، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا). وتقول جماعات حقوقية وإنسانية إن هناك نحو 11 ألف معتقل في السجون السورية على خلفية الأحداث الأخيرة، إضافة إلى آلاف المختفين.
وجاء ذلك في وقت أعلن فيه معاون وزير الخارجية عبد الفتاح عمورة في تصريحات لصحيفة الـ«ديلي تلغراف» البريطانية نشرت أمس، أن «السلطات السورية ستسحب قوات الأمن والجيش من الشوارع اليوم (الأحد) في إطار مبادرة جامعة الدول العربية لإنهاء العنف في البلاد». وأكد عمورة أن «سوريا تعني ما تقول وسننفذ اتفاق جامعة الدول العربية، كل بند من بنوده، إذا ما وافقنا على شيء، فإننا نفعله». وأضاف: «نحن نعمل على تنفيذها، سنراها قريبا جدا ونأمل أن يكون ذلك مع أول أيام عيد الأضحى».
وذكر عمورة للصحيفة البريطانية أيضا، أنه سيتم العفو عن سجناء على مراحل. إلا أنه أضاف في ما فسرته الصحيفة على أنه تمهيد للتراجع عن الاتفاق مع الجامعة العربية، إن نجاح الاتفاق يتطلب «وقف العنف من قبل أي طرف»، وليس فقط من جانب النظام. وأضاف: «الحكومة والقيادة حريصون على تنفيذ الاتفاق، ولكنها مسؤولية أي حكومة حماية شعبها من الجماعات المسلحة. ومن الواضح جدا أن هناك جماعات مسلحة تهدد أمن سوريا».
وكان النظام السوري قد أعلن موافقته على المبادرة العربية يوم الأربعاء الماضي التي تنص على الوقف الكامل للعنف وإطلاق سراح المحتجين المعتقلين وسحب قوات الأمن والجيش من المناطق المدنية والسماح لوسائل الإعلام الأجنبية بحرية دخول البلاد. إلا أن أكثر من 25 شخصا قتلوا في مظاهرات يوم الجمعة، ونحو ثلاثة أشخاص قتلوا يوم أمس، في وقت واصلت فيه قوات الجيش والأمن السوري ممارسة القمع العنيف في أنحاء مختلفة من البلاد، لا سيما في حمص.
كما تداولت مصادر إعلامية شبه رسمية معلومات عن أن السلطات السورية «أبلغت وحدات الجيش بضرورة تطبيق انسحاب تدريجي من المناطق المأهولة إلى قواعدها أو مداخل المدن، حيث ستستعيض عنها للمرة الأولى بوحدات من قوات حفظ النظام، وهي قوات تدربت حديثا على مواجهات غير مسلحة مع مدنيين، وتضمّ ما يقارب الـ4 آلاف عنصر لملأ الفراغ الذي سيتركه الجيش، بحيث يكون لها لباسها الخاص الذي يغلب عليه اللون الأزرق، كما ستستخدم معدات خاصة مطلية باللون ذاته وتتبع لوزارة الداخلية السورية».
إلى ذلك، اتهمت الحكومة السورية أمس الولايات المتحدة بـ«إثارة الفتنة ودعم القتل والإرهاب الذي تمارسه المجموعات المسلحة بحق المواطنين السوريين» و«تمويل المجموعات الإرهابية» وذلك في ردها على نصيحة الناطقة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند للمواطنين السوريين بعدم الاستجابة لنداء وزارة الداخلية السورية للمواطنين السوريين «ممن حملوا السلاح أو باعوه أو قاموا بتوزيعه أو نقله أو شرائه أو تمويل شرائه ولم يرتكبوا جرائم القتل إلى تسليم أنفسهم وأسلحتهم إلى أقرب مركز شرطة في منطقتهم وسيصار إلى تركهم فورا». واعتبر مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية أن الإدارة الأميركية كشفت بذلك «مرة أخرى عن تدخلها السافر في الشؤون الداخلية لسوريا وعن سياستها الداعمة للقتل وتمويلها للمجموعات الإرهابية فيها». وعبر المصدر في تصريحات نقلتها «سانا»، عن إدانة حكومته لتصريحات نولاند ووصفها بأنها «لا مسؤولة» و«لا يمكن تفسيرها إلا بأنها تهدف إلى إثارة الفتنة ودعم القتل والإرهاب الذي تمارسه المجموعات المسلحة بحق المواطنين السوريين». وقال إن حكومته تطالب «المجتمع الدولي بالوقوف في وجه هذه السياسات التي تتناقض مع أحكام القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب وتمويله».
وكانت الخارجية الأميركية دعت أيضا جامعة الدول العربية لإصدار قرارات لمعاقبة حكومة الأسد بعد أن «رفض تنفيذ مطالب وفد جامعة الدول العربية»، وقالت إن هذه العقوبات على سوريا يمكن أن تكون، على الأقل، مثل العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة منذ بداية قمع حكومة الأسد للمظاهرات المعارضة. وقالت نولاند إن الأسد «لم ينفذ أي واحد من التزاماته التي كان قدمها لجامعة الدول العربية». وأضافت: «لدينا تاريخ طويل وعميق عن عدم الوفاء بالوعود من جانب نظام الأسد. ويبدو أن هذا متواصل دون انقطاع، وحتى الآن.. والحكومة الأميركية ليست متفائلة بحدوث تغييرات إيجابية في موقف الحكومة السورية».
وفي سياق ردود الفعل على نداء وزارة الداخلية السورية للمواطنين السوريين ممن حملوا السلاح لتسليم أنفسهم مقابل العفو عنهم، انتقد «تيار بناء الدولة السورية» المعارض هذا الإجراء. واعتبرته «إجراء جديدا تؤكد فيه الحكومة السورية أنها ماضية في تسلطها». وقال التيار في بيان له تسلمت «الشرق الأوسط» نسخة منه «هذا الإجراء يدل على أن السلطة ما زالت تعتبر أن المعارضين هم المخالفون للقانون والشرعية وليس هي»، وذلك بعد الإشارة إلى أن «موضوع جمع السلاح من المدنيين يحتاج إلى برنامج وطني - وليس سلطويا - بعد أن انتشر وتعمم جزء كبير منه عن طريق أجهزة السلطة الأمنية والتسلطية، وتشكيل ما سميناه في وقت سابق مجموعات (الشبيحة) المسلحة المحمية من السلطات الأمنية».
 
الجيش اللبناني ينفي مشاركته في قمع المتظاهرين السوريين بعد مشاهد لآلياته في حي الشاغور في دمشق
المعارضة تستغرب.. وتتمنى على قيادته «التروي ووعي دقة المرحلة»
بيروت: بولا أسطيح
نفى الجيش اللبناني، أمس، مشاركته في «قمع المتظاهرين السوريين» بعد نشر مواقع إلكترونية مشاهد لآليات الجيش اللبناني في أحد شوارع دمشق. لكن قيادة الجيش اللبناني أكدت خبر دخول شاحناتها إلى دمشق بهدف «تأمين قطع غيار للآليات العسكرية وعتاد لوجيستي آخر لصالح الجيش، وفقا لاتفاقات التعاون والتنسيق المعقودة بين البلدين»، بينما تخوفت المعارضة اللبنانية المؤيدة للناشطين السوريين من أن تكون المهمة معكوسة بمعنى «استرجاع الجيش السوري القذائف التي قدمها في وقت سابق للجيش اللبناني».
واستنكرت قيادة الجيش في بيان أصدرته مديرية التوجيه المسؤولة عن العلاقات مع الإعلام، ما تناقلته بعض وسائل الإعلام، وبالتحديد المقربة من المعارضة السورية، عن «مشاهدة شاحنة تابعة للجيش اللبناني داخل الأراضي السورية، وأن جهة سياسية خارجية تعتبر وجود هذه الشاحنة بمثابة دليل على اشتراك الجيش في الأحداث الجارية في سوريا». وأوضحت قيادة الجيش أن «دخول الشاحنات العسكرية التابعة للجيش اللبناني إلى الأراضي السورية، هو أمر طبيعي يحصل بين الحين والآخر، وذلك بهدف تأمين قطع غيار للآليات العسكرية وعتاد لوجيستي آخر لصالح الجيش، وفقا لاتفاقات التعاون والتنسيق المعقودة بين البلدين».
واعتبرت القيادة «أن الاستنتاج بوجود دور للجيش بالأحداث الجارية في سوريا من خلال مشاهدة تلك الآلية أو غيرها، هو من نسج خيال البعض ومحض افتراء بحق المؤسسة العسكرية اللبنانية، التي تضع في صلب ثوابتها عدم التدخل بأي شأن خارجي، واقتصار مهامها ضمن حدود الوطن».
وإذ أمل من «أصحاب الشأن عدم إقحام الجيش في مسائل لا علاقة له بها من قريب أو بعيد»، طلب الجيش اللبناني «الرجوع إليه في كل ما يتعلق بالمؤسسة العسكرية تيسيرا لوضع الحقائق أمام الجميع».
وكان أكثر من موقع إلكتروني تابع للمعارضة السورية تناقل صورة لشاحنة تابعة للجيش اللبناني في حي الشاغور في دمشق من دون تبيان ما تحمله من معدات. واتهم بعض المعارضين السوريين عبر هذه المواقع الجيش اللبناني بالقيام «بمهمة مساعدة نظام الرئيس السوري بشار الأسد على معارضيه»، بينما لم يستبعد قسم آخر منهم أن يقوم حزب الله «الذي يسيطر على الحكومة والجيش اللبناني، بتزويد نظام الأسد بالأسلحة والمقاتلين، وفاء للدين لنظام كثيرا ما مده بالسلاح والمال».
ووصف النائب عن تيار المستقبل، معين المرعبي، وجود شاحنات للجيش اللبناني على الأراضي السورية وبالتحديد في العاصمة، دمشق، في هذا التوقيت وخلال هذه الظروف، «بالأمر المستغرب، لأن السوريين حاليا وفي ظل الأزمة التي يرزحون تحتها ليسوا بوارد تقديم أي سلاح أو أي مساعدات عسكرية للجيش اللبناني».
وفي اتصال مع «الشرق الأوسط»، تمنى المرعبي على قيادة الجيش أن «تعي دقة المرحلة الحالية بالنسبة لمواضيع كهذه فتتعاطى برؤية أوسع مع أي عمل تقدم عليه»، وأضاف: «عسى أن لا يكون النظام السوري محشورا ليسترجع القذائف التي قدمها في وقت سابق للجيش اللبناني».
واعتبر المرعبي أن «كل اللبنانيين يعلمون تمام المعرفة أن هناك قطع غيار لدبابات تم شراؤها من سوريا قد يطلبها الجيش اللبناني، لكن التوقيت غير مناسب، وبالتالي أي مهمة للجيش اللبناني في هذا الإطار داخل الأراضي السورية غير منطقية، خصوصا في ظل المعطيات التي نمتلكها عن أن النظام السوري محشور وإلى أبعد الحدود».
وأضاف المرعبي قائلا: «تضاف إلى شكوكنا السابقة، ما صدر مؤخرا عن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من تعليمات باعتباره رئيسا للهيئة العليا للإغاثة بمنع الاستشفاء والطبابة عن المصابين من الإخوة اللاجئين السوريين لدينا، مما يوسع دائرة الشكوك عن مساع للحكومة اللبنانية لإقحام نفسها في الأحداث السورية من خلال دعم النظام السوري»، لافتا إلى أن «الاعتدال والوسطية التي يتحدث عنها ميقاتي لا تكون بمد اليد إلى القاتل ومعاقبة الضحية، لأنه وبعد صدور هذه القرارات الظالمة التي لا تؤدي فقط إلى حرمان اللاجئين من العلاج وإنما تؤدي عمليا إلى حصارهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية، يصبح يقينا لدينا أن الرجل يصر على الوقوف إلى جانب الظالم، وها هو يكمل عملية حصار هذا الشعب من أجل قتله وتركيعه وقهره».
 
مظاهر العيد تغيب عن المدن السورية
الإعلام الرسمي: الأسد تبادل التهاني مع ملوك ورؤساء الدول العربية والإسلامية
لندن: «الشرق الأوسط»
يستقبل السوريون عيد الأضحى اليوم بالدماء والحزن، وعدا مدينتي دمشق العاصمة وحلب، تكاد تغيب مظاهر العيد عن الأسواق في غالبية مناطق البلاد، لا سيما المنكوبة منها، في مقدمتها محافظتا حمص ودرعا اللتان تعيشان أياما عصيبة مع استمرار أعمال القمع الوحشي فيهما، وبعد سقوط مئات القتلى والجرحى فيهما، إضافة إلى آلاف المعتقلين والمفقودين. وتكاد لا توجد منطقة في سوريا، لم تفجع بفقدان أحد أبنائها سواء من المدنيين المعارضين للنظام أو من العسكريين أو قوات الأمن، من الذين يعلن رسميا كل يوم عن تشييع قافلة منهم، في حين يعلن الناشطون عن قوافل قتلاهم عبر مقاطع فيديو في الإنترنت. أما صفحات المعتقلين، فتولد منها العشرات يوميا للحصول على دعم من رفاقهم من المحتجين.
وحدها وسائل الإعلام الرسمية كانت تبث أمس خبر تبادل رئيس الجمهورية لبرقيات «التهنئة بمناسبة عيد الأضحى المبارك مع ملوك ورؤساء الدول العربية والإسلامية» دون ذكر اسم أي من قادة الدول التي قالت إنهم أرسلوا برقيات تهنئة، فيما نشرت نصوص برقيات التهنئة الثلاث كاملة التي أرسلها كل من القاضي الشرعي ووزير الأوقاف ومفتي الجمهورية، وكأنه الخبر ذاته الذي بث العيد الماضي.
وانتقد أمجد، وهو ناشط على المواقع الإلكترونية، وسائل الإعلام الرسمية التي «تصر على أن الحياة تسير بشكل طبيعي، وتحتفل بالعيد في حين يخيم الحزن على سوريا». وقال «لو أن الإعلام الرسمي يعبر عن الشعب كان سيعتبر أن هذا العيد هو عيد الشهداء، وأن الرئيس لن يتقبل التهاني حدادا على أرواح الشهداء على الأقل شهداء الجيش والأمن الذين ماتوا للدفاع عنه وعن نظامه إذا كان يعتبرهم شهداء كما يقولون».
وقالت الناشطة سهى (40 عاما) من درعا، إنها فقدت شخصين من عائلتها وخمسة من أصدقائها خلال الأحداث وإن «قلبها لم يعد يحتمل الحزن ولكنه فقد القدرة على الفرح لذا هي في عيد الأضحى لن تفعل شيئا سوى الصلاة لسلامة البلاد». أما هند (50 عاما) من ريف دمشق، والتي قالت لإن جيرانها فقدوا اثنين من خيرة أبنائهما، كتبت على صفحتها في موقع «فيس بوك»، أنها لم تشتر مستلزمات العيد وأنه «لا يمكن للعيد أن يمر في بيتها بينما جيرانها يطفئون أنوار بيتهم ويغرقون في الحزن».
في حمص وريفها، يقول الناشطون إن معظم المحال مغلقة وإن هناك نقصا في الأشياء الأساسية والضرورية، من بينها الخبز. ويقول أبو محمد صاحب سوبرماركت في ريف حمص إن «مدنا وقرى بأكملها توقفت فيها حركة البيع والشراء منذ عدة أشهر، وإنه بالكاد يستطيع تأمين بعض السلع الضرورية كالأغذية إذ ثمة صعوبة بالغة في نقل البضائع والسلع من منطقة إلى أخرى»، في حين أن «مناطق وقرى أخرى لا تشهد احتجاجات تبدو فيها الحياة طبيعية وكل السلع متوفرة إلا أن حركة السوق ضعيفة جدا بسبب تردي الوضع العام والقلق من المجهول».
غياب مظاهر العيد ترافق مع دعوات للناشطين على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي لجعل عيد الأضحى مناسبة للتضامن مع أهالي الشهداء وزيارتهم، فيما دعا آخرون إلى مقاطعة تبادل المعايدات عبر الرسائل القصيرة (إس إم إس) أو المكالمات عبر الجوال كي لا تزيد أرباح شركتي الخليوي اللتين يملكهما رجل أعمال من أعمدة النظام السوري. وتم توزيع مناشير تقول «لا تقتلني برسالة» لأن أرباح الخليوي تذهب لدعم الشبيحة وشراء رصاص لقتل المتظاهرين، لهذا اقترحت شابة حمصية أن تقتصر المعايدات على تعليم فقط، أي رنة واحدة دون مكالمة ولا رسالة. وقالت إنه بهذه الطريقة تبلغ صديقك أنك تذكرته في العيد وفي الوقت نفسه لا تدع شركة الخليوي تربح منك. إلا أن شركات الخليوي استبقت العيد وتلك الدعوات بالإعلان عن عروض ومسابقات لمن يستخدم الجوال أكثر عبر نظام نقاط تزيد كلما زادت مدة المكالمة وبالتالي تزيد فرص الربح.
لكن السوريين من المناهضين للنظام لا يرون في تلك العروض سوى نكات لا يمكن تصديقها وإنما تتم روايتها ضمن ما يروى من طرائف للتحايل على الألم.
 
لماذا هي مبادرة إنقاذ الأسد؟
طارق الحميد
عندما قلنا قبل أيام إن مبادرة الجامعة العربية تجاه سوريا ما هي إلا مبادرة من أجل إنقاذ بشار الأسد، لم نكن نبالغ. والدليل أنه منذ إعلان النظام الأسدي قبوله بالمبادرة لم يتغير شيء على الأرض، فقتل السوريين مستمر، ولم يتم سحب الجيش والشبيحة، ولم يطلق أيضا سراح السجناء.
وعلى العكس من كل بنود المبادرة العربية، فإن النظام الأسدي هو من أطلق دعوة للناشطين السوريين لتسليم أنفسهم من أجل أن يضمن لهم العفو، وهي حركة استغلال وتذاكٍ واضحة من النظام، وسبق أن فعلها (النظام) في كل اتفاق أبرمه، ليس في عهد بشار الأسد فقط، بل وعلى مدى أربعة عقود من عمر النظام البعثي في سوريا. فالنظام الأسدي يمارس اليوم لعبته المعتادة وهي الاتفاق ثم إفراغ الاتفاق من مضمونه.. فعلها في لبنان، والعراق، وفعلها كذلك مع السعوديين، والأتراك، والأميركيين، والفرنسيين، وها هو يفعلها اليوم بالجامعة العربية!
وعندما نقول إن المبادرة العربية - أيا كان من خلفها - لم تكن إلا مبادرة إنقاذ بشار الأسد، فالسبب واضح، وبسيط؛ فالمبادرة العربية ليست كالمبادرة الخليجية تجاه اليمن، والفارق هنا كبير جدا، وجوهري. لأن المبادرة الخليجية تجاه اليمن كانت تقول إن الحوار المقترح هو حوار حول انتقال السلطة، أي أن المبادرة تؤدي في الأخير إلى رحيل علي عبد الله صالح، أما المبادرة الخاصة بسوريا فهي تتحدث عن الحوار لكن من دون أن تضع سقفا، أو إطارا، له.. حوار على ماذا؟.. هل هو على رحيل بشار الأسد، وانتقال السلطة بشكل سلمي؟.. أم أن الحوار يهدف إلى تقديم المعارضة لبيت الطاعة، وبالتالي فعليها - أي المعارضة - أن تجد طريقا للاعتذار للنظام الأسدي عن المضايقة، وتعكير المزاج العام؟
أمر لا يستقيم بالطبع، فكيف يُطلب من المعارضة الجلوس على طاولة حوار بلا سقف، أو موضوع واحد محدد سلفا؟.. بل وحتى في حال استجاب الأسد - وهو لن يفعل - لمطلب سحب القوات من الشوارع، وإطلاق سراح المعتقلين، وإيقاف آلة القتل الوحشية، فماذا عن قرابة 4 آلاف قتيل سوري على يد النظام؟ هل يقال لذويهم عفا الله عما سلف؟ أمر لا يعقل، وغير مقبول، بل ومخجل أن ترتضيه الجامعة العربية بأي حال من الأحوال، خصوصا أنها هي التي هبت لنجدة الليبيين من معمر القذافي، وطالبت المجتمع الدولي بالتدخل من أجل ذلك. فلماذا ترفض الجامعة اليوم القيام بنفس الدور مع النظام الأسدي، وهو لا يقل إجراما، وتآمرا، ووحشية، عن نظام معمر القذافي البائد؟
لذلك، وعطفا على كل ما سبق، فإن ما فعلته الجامعة العربية مؤخرا لا يمكن وصفه إلا بأنه مبادرة من أجل إنقاذ بشار الأسد، وعلى حساب كل مآسي السوريين، ولا يمكن مقارنة المبادرة العربية تجاه سوريا بالمبادرة الخليجية تجاه اليمن، فالفارق كبير، حيث إن الحوار المقترح بالملف اليمني هو حول انتقال السلطة ورحيل صالح، أما الحوار الخاص بسوريا فيبدو أنه من أجل إطالة عمر نظام الأسد، لا أكثر ولا أقل.

 

 

على هامش المبادرة العربية والمعارضة السورية
الأحد, 06 نوفمبر 2011.. جريدة الحياة
ياسين الحاج صالح
 

إذا نفذ النظام السوري بنود المبادرة العربية، شكل ذلك نصراً مرحلياً للثورة، ووفر حماية نسبية للتظاهرات السلمية، بما من شأنه أن يجدد زخمها ويوسع قاعدتها، ويفلّ سلاح النظام الأقوى، العنف المنفلت. وإذا لم ينفذ النظام البنود انكشف عربياً، وشكل هذا خطوة إضافية لرفع الغطاء الدولي، بما فيه الروسي والصيني، عنه.

في الحالين النظام في مأزق. لقد استطاع طوال شهور أن يواجه الثورة بعنف مهول، من دون أن تواجهه غير مواقف عربية ودولية متوانية. المبادرة العربية تشير إلى أن هذا لم يعد ممكناً. مزيد من العنف الأهوج من طرف النظام سيعني إباحة عربية للتعامل معه كمنبوذ، ما يفتح الباب لتجريمه دولياً. من المحتمل أصلاً أن قبول النظام المبادرة جاء تحت ضغط روسي، لأن روسيا لن تكون قادرة على حمايته مرة أخرى من اللوم الدولي إذا رفض المبادرة العربية.

ومن المستبعد هذه المرة أن ينجح النظام في الخروج من المأزق وفق الآلية المعتادة: قبول المبادرة وعدم قبولها في آن، أو القبول الشكلي وعدم الالتزام الفعلي، واختراع الحجج والذرائع للتملص من التنفيذ. هامش المناورة أضيق أمام النظام من أي وقت سبق، ويبدو أن ساعة الحقيقة تقترب.

وإن لم تحدد مرجعية لما يفترض أن يجري من «حوار» بين المعارضة والنظام، توفر المبادرة العربية إطاراً للاعتراف بالمعارضة السورية كطرف سياسي فاعل. هذا شيء يبنى عليه. وخلال الأسبوعين الفاصلين عن «الحوار»، يمكن المعارضة أن تقدم تصوراً لمرجعيته. ولا يمكن هذا التصور إلا أن يجمع بين مطلب الديموقراطية الذي تعرّف المعارضة السورية نفسها به منذ سنوات أو عقود، وبين قضية الثورة اليوم. وما يستجيب لهذا التطلب المزدوج هو التحول نحو سورية ديموقراطية خلال أمد زمني محدد، مع ضمانات عربية ومن الأمم المتحدة في هذا الشأن، ومع الضمانة السورية التي لا غنى عنها: التظاهر السلمي غير المرخص.

ليس من حسن السياسة أن يسارع معارضون، بعضهم محسوبون على المجلس الوطني السوري، إلى رفض المبادرة العربية. يمكن المبادرة والتفاعلات الجارية حولها أن تكون مناسبة لطرح القضية السورية وما لحق بالشعب السوري من اضطهاد ومهانة مديدين، وتقديم رؤية عن سورية المستقبل. قبل كل شيء، التسرع إلى رفض المبادرة خطأ شكلاً، ويدل على تواضع غير مفاجئ لمستوانا السياسي. لماذا لا نستطيع القول إننا أخذنا علماً بالمبادرة، ونحتاج الى مزيد من الوقت لبلورة موقف واضح في شأنها؟ أو أننا سنتدارس الموضوع ونراقب كيف سيتصرف النظام قبل أن نقرر ما نفعل؟ وهناك خطأ في الجوهر أيضاً. فالمبادرة وتفاعلاتها فرصة لمخاطبة الشعب السوري وللتدرب على السياسة، وتثبيت وضع المعارضة السورية كطرف لا يمكن القفز فوقه. السلبية لا تجدي في هذا الشأن، وهي مؤشر ضعف وليس قوة. وهذا كله لا يقتضي أن تسارع المعارضة إلى قبول المبادرة العربية، بل يلزمها بسياسة أكثر إيجابية وديناميكية. فالمهم ليس المبادرة العربية بحد ذاتها، بل ما نفعله بها أو منها.

والواقع أن المعارضة السورية بكل أطيافها تجد نفسها في وضع أخرق منذ بداية الثورة. فهي لم تفجر الثورة، ومشاركتها فيها محدودة، وتأثيرها فيها محدود بدوره، لذلك فإنها لا تكتسب وزناً إلا من اعتناق هدف الثورة المباشر: إسقاط النظام. إن قصرت عنه أو ترددت في شأنه تخسر اعتبارها، وقد سُمعت في التظاهرات السورية هتافات تندد بأسماء معارضة معروفة، تقول أشياء غير واضحة. لكن من شأن انضباط المعارضة بمزاج الجمهور الثائر أن ينال من قدرتها على أداء دور سياسي أكثر مرونة واستقلالية عن الانفعالات الشعبية، ويفقدها أيضاً القدرة على القيادة والمبادرة. هذا هو الوضع الذي تجد المعارضة السورية نفسها فيه اليوم، والأصل فيه أن عملية تكوّن تشكيلات المعارضة كلها منفصلة عن عملية تفجر الثورة وتطورها. وقد حالت الظروف السورية خلال الشهور الثمانية الماضية دون نسج شبكة من الروابط الوثيقة بين العمليتين. لكن الشيء الوحيد الذي يمنح معنى ودوراً للمعارضة التقليدية، وينقذ اعتبارها، اليوم، هو الانحياز القاطع إلى الثورة ودعمها بكل السبل. وهو ما لا يتعارض مع الانفتاح على مسارات سياسية قد تدفع قضية التحرر السورية إلى أمام، بل قد يكون تثميراً لبعض أفضل مؤهلات المعارضين السوريين التقليديين.

فتحت المبادرة العربية أفقاً للربط بين الثورة والمعارضة لم يكن متاحاً، فعبر ما تشترطه المبادرة من وقف العنف وسحب الآليات العسكرية والإفراج عن معتقلي الثورة، وإتاحة مجال لمراقبين عرب ولوسائل الإعلام العربية والدولية في تغطية الأوضاع السورية، تتوافق المبادرة مع انتشار حركة الاحتجاج واحتلالها مساحات أوسع في الفضاء العام واتساع المشاركة فيها. وهو ما من شأنه أن يثقّل وزن المعارضة في أي تفاوض محتمل مع النظام، وتالياً أن يكون عنصر دفع نحو تغيير سياسي حقيقي في سورية. بذلك، فإن المبادرة العربية «ثورية» أكثر من الجامعة العربية والنظام العربي، وأكثر مما يتصور معارضون يخلطون بين الراديكالية والسلبية.وخلافاً للانطباع المتعجل، لا يعترض الثائرون الميدانيون على العمل السياسي بحد ذاته، ولكن على التباس المواقع والمواقف وأنانيتها. فإذا كان لا لبس في احتضان التشكيلات السياسية قضية الثورة، وسّع ذلك هامش مبادرة هذه التشكيلات وأعطاها حرية حركة أوسع.

وفي حال بدأ النظام بالمماطلة واللعب على الحبال، وهذا مرجح، ستكون المعارضة التي أظهرت انفتاحاً أكبر على المبادرة العربية، ثبتت نفسها كطرف لا يمكن تجاهله. ولكن سيقع عليها في هذه الحال عبء أكبر للسير بالثورة السورية وبالبلد إلى أوضاع أصلح أو أكثر قابلية للإصلاح.

في كل حال، تبدو المبادرة العربية نقطة انعطاف مهمة في سير الأزمة السورية، ولا يبعد أن تدخل سورية في الأيام والأسابيع المقبلة في وضع معقد كثير المجاهيل.

انقضت سنوات طويلة لم يكن سهلاً خلالها أن يكون المرء سورياً. وفي غير قليل من الحالات كان هذا شاقاً كل المشقة. قد نكون اليوم مقبلين على طور أشد مشقة بعدُ ولعدد أكبر من السوريين.

ولكنْ أكثر من ذي قبل، لا مخرج اليــوم غير مواجهـة هـذا الشــرط وتغييره، والمجازفة بكل ما يتحتم أن يحمله ذلك من أخـــطاء وأخطار وعدم يقين.

 

 

الجامعة تحذّر من «نتائج كارثية» لفشل الحل العربي في سورية
الأحد, 06 نوفمبر 2011
القاهرة، دمشق، الدوحة - «الحياة»
 

أعرب الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي عن «بالغ أسفه وقلقه الشديد إزاء استمرار أعمال العنف» في سورية، محذراً من «نتائج كارثية» في حال فشل خطة الحل العربي التي وافقت عليها دمشق، فيما سقط ثلاثة قتلى على الأقل بقصف مدفعي على حي بابا عمرو في مدينة حمص.

وحذر العربي في بيان بعد لقاء جمعه في القاهرة أمس ورئيس «المجلس الوطني السوري» المعارض برهان غليون والناطقة باسم المجلس بسمة قضماني، من «مخاطر استمرار أعمال العنف في سورية وعدم إحراز التقدم المنشود في تنفيذ بنود خطة الحل العربية»، لافتاً إلى أن فشل الخطة ستكون له «نتائج كارثية» على الوضع في سورية والمنطقة.

ودعا إلى «الوقف الفوري لنزيف الدم الجاري في سورية»، مطالباً الحكومة بـ «اتخاذ الإجراءات الفورية طبقاً لما التزمت به لتنفيذ بنود خطة العمل العربية، وتوفير الحماية للمدنيين حتى يطمئن الجميع ويشعروا بأن هناك مناخاً أمنياً للحوار والانتقال الى مرحلة من العمل السياسي السلمي تتيح تنفيذ برنامج الإصلاحات المطلوبة».

وناشد مختلف الأطراف المعنية بالشأن السوري إلى «تضافر الجهود من أجل إنجاح الخطة العربية ووضعها موضع التنفيذ الفوري». وأكد أن «الجامعة تعمل على تجنب فشل الحل العربي، حفاظاً على أمن سورية واستقرارها وتجنباً للفتنة وللتدخلات الخارجية».

وأعلن غليون أمس رفضه القاطع الحوار مع النظام. وقال في كلمة وجهها إلى السوريين لمناسبة عيد الأضحى وبثتها قناة «الجزيرة» الليلة الماضية، إنه تقدم الى الجامعة العربية والأمم المتحدة «بطلب لحماية المدنيين عبر قرارات ملزمة بإرسال مراقبين دوليين».

وبدا لافتاً أنه تجاهل الإشارة إلى المبادرة العربية. وقال: «نحن في المجلس الوطني نؤمن بأن غاية النظام وراء أي تحرك كسب مزيد من الوقت... لن نساوم ولن نقع في مطبات النظام». ودعا الجيش السوري إلى «أن يحذو حذو العسكريين الذين انضموا إلى الثورة لحماية الوطن والمواطن، لا حماية طغمة فاسدة، وألا يطلقوا النار على الشعب». وحيا العسكريين «الذين رفضوا تنفيذ الأوامر الجائرة».

وطمأن «المترددين والخائفين (من الأقليات) بأن الثورة ثورتكم». واعتبر أن «نظام الطغيان سقط ويغرق في النفق المظلم ويحاول دفع البلاد إلى الفوضى والحرب الأهلية». وأكد أن «الدستور الجديد سيشكل دولة الحق والقانون وسيحمي الاقليات وسينال الكرد ما حرموا من حقوق».

وأجرى العربي مشاورات واتصالات مع أعضاء اللجنة الوزارية العربية في شأن مستجدات الوضع في سورية وما آلت إليه الجهود المبذولة لتنفيذ بنود الخطة العربية. وقالت قضماني لـ «الحياة» إن اللقاء الذي جمعها وغليون مع العربي «تشاوري»، على خلفية «عدم التزام النظام منذ الأربعاء الماضي بما وعد به وزراء الخارجية العرب في خطة العمل». وأضافت: «أبدينا مخاوفنا وأكدنا أن هناك أعمالاً خطيرة تجري على الأرض وحذرنا من تسويق النظام لفكرة وجود طرفين متعادلين في الصراع».

ميدانياً، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن ثلاثة مدنيين قتلوا صباح أمس في حمص التي تشهد حركة احتجاج واسعة ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، في قصف كثيف بالمدفعية الثقيلة، فيما قتل أربعة مسلحين موالين للنظام في محافظة ادلب في اشتباكات مع فارين من الجيش، كما «عثر على جثتي شخصين في حيي الخالدية وباب الدريب... تحملان آثار تعذيب وتنكيل». وتحدث عن «أصوات انفجارات في حي كرم الزيتون».

إلى ذلك، ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» أن السلطات أخلت سببيل 672 موقوفاً بينهم 553 شخصاً «تورطوا في الأحداث الاخيرة التي تشهدها سورية ولم تتلطخ أيديهم بالدماء»، لمناسبة عيد الأضحى المبارك.

واتهمت دمشق واشنطن بالعمل على «إثارة الفتنة ودعم القتل والإرهاب الذي تقوم به المجموعات المسلحة»، غداة دعوة الناطقة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند السوريين إلى عدم الاستجابة لعرض وزارة الداخلية تسليم أنفسهم للحصول على عفو فوري. ونقلت «سانا» عن مسؤول في وزارة الخارجية السورية قوله أمس، إن الإدارة الأميركية «كشفت مرة أخرى عن تدخلها السافر في الشؤون الداخلية لسورية وعن سياستها الداعمة للقتل وتمويلها للمجموعات الإرهابية فيها».

ودلل على ذلك بتصريح نولاند بأنها «لا تنصح أحداً من المسلحين بتسليم نفسه إلى السلطات السورية، رداً على قرار الحكومة السورية بالعفو العام عن كل من يسلم سلاحه غير المشروع إلى السلطات». وقال: «تدين الحكومة السورية هذه التصريحات اللامسؤولة التي لا يمكن تفسيرها إلا بأنها تهدف إلى إثارة الفتنة ودعم القتل والإرهاب الذي تمارسه المجموعات المسلحة بحق المواطنين السوريين».

 

 

آل الشيخ يدعو المسلمين إلى حل مشاكلهم من دون تدخل أعدائهم
الأحد, 06 نوفمبر 2011
مشعر عرفة (مكة المكرمة) - زياد العنزي وأحمد آل عثمان
 

دعا المفتي العام في السعودية رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ الأمة الإسلامية إلى التمسك بنهجها ونبذ الفرقة، وقال: «إن الإسلام يرفض التخريب والغلو والإخلال بالأمن وسفك الدماء، ويغرس الانتماء».

ولفت المفتي في خطبة يوم عرفة في مسجد نمرة في مكة المكرمة إلى أن «الأمة الإسلامية تواجه تحديات عظيمة»، داعياً المسلمين إلى «السعي لحل مشكلاتهم من دون تدخل من أعدائهم»، محذراً إياهم «من الميل إلى الطائفية»، وقال: «على علماء الأمة أن يقوموا بواجبهم المأمول حرصاً على حماية المجتمع المسلم وتقديم برامج واقعية لحل مشكلاتهم وتجنب الفتن والمصائب».

وأوضح آل الشيخ أن المجتمع الإسلامي «مبني على التكامل والأخلاق إذا أدى كل فرد منا مسؤوليته الاجتماعية، مشدداً على أن دور رجال الحسبة هو «إصلاح المجتمع وإصلاح الأخطاء والأخذ بيد المخطئ وتوجيهه بحكمة وموعظة حسنة وطريقة سليمة، إقناعاً له بأن هذه أخطاء وضرر».

ولفت إلى أن «الولاية بين المسلمين قائمة على الحقوق الإسلامية لا على الوطنية والقبيلة والجنس»، مشدداً على أن «الدين الإسلامي لا يفرّق بين الجنسين»، وأن المجتمع الإسلامي مجتمع «مدني وديني في آن واحد».

وأكد أهمية إقامة العدل في المجتمعات الإسلامية ومحاربة الفساد، وقال: «أيها المسلمون، على قادة الشعوب الإسلامية أن يعملوا على إقامة العدل ومحاربة الفساد وجعل أولوياتهم مصالح الشعوب»، وزاد: «وعلى الرعية أن يلتفوا حول قيادتهم ويسعوا إلى حل مشكلاتهم بالطرق السلمية بعيداً عن الفوضى وسفك الدماء».

وتحدث آل الشيخ عن الإعلام المعادي للمسلمين الذي يرمي إلى إضعاف العقيدة والإيمان في قلوب الناشئة، وقال: «لقد ترك هذا الغزو الإعلامي أثره السيئ على الشباب والناشئة فأضعف الشخصية»، مطالباً المسلمين بأن «يقابلوا الغزو الإعلامي الشرس على الأمة الإسلامية بعمل منظم يتمثل في أحد جوانبه بإنشاء قنوات إسلامية تشرف عليها طواقم إعلامية تجمع بين التأصيل الشرعي والخبرة الإعلامية».

وشدد على أن «الإسلام سبق المبادئ المنادية بالحرية والعدالة والمساواة والديموقراطية بأكثر من أربعة عشر قرناً»، وقال: «إن هناك دعوات تجرى في بعض الدول الإسلامية تنادي بالعدالة والمساواة بدعوة تحت مظلة ديموقراطية، نقول لهؤلاء إن الإسلام سبق تلك المبادئ كلها من أكثر من أربعة عشر قرناً»، وأضاف: «الحرية في الإسلام تحرير العبد من عبادة البشر ومن عبادة الشيطان والقبور واتباع الشهوات إلى أن يكون عبداً صالحاً».

وحذر من «مكائد المندسين بينهم الذين يريدون قتلهم وإشعال الفتنة بينهم وبين قادتهم، وأن يحترموا الدماء والأموال والأعراض، وأن يجعلوا المصالح العليا فوق كل اعتبار، وأن يتناسوا لأجلها أي خلاف فكري». وطالب مالكي القنوات الفضائية بأن «يتقوا الله بأنفسهم، وأن يعلموا أن مسؤوليتهم نحو دينهم ومجتمعهم جسيمة، وأن يحرصوا على أن تكون قنواتهم جامعة للأمة محذرة لها من الاختلاف».

وخاطب صناع القرار في المسائل الدولية، بقوله: «لا يخفى عليكم أن خلاص المسلمين تمسكهم بدينهم وثباتهم عليه، فكونوا على حذر أن نصل بأي سبيل في أي قانون يخالف شرع الله، بألا يكون مؤذياً للأمة وألا تمارس عليها ضغوط لأجل قبول هذه الآراء التي تخالف دينها وعقيدتها».

وهنا جانب من الخطبة: «أمة الإسلام، بعث الله محمداً صلّى الله عليه وسلّم بالهدى ودين الحق، بشيراً ونذيراً برسالته إلى جميع الخلق، ليُخرج الناس من ظلمات الكفر والضلال إلى نور التوحيد والإيمان، ومن ظلمات الجهل إلى نور العلم والرشاد، ومن عبادة النفس والشيطان إلى عبادة الملك الديان، ومن النزوات الشهوانية إلى سمو الأخلاق الإسلامية، ومن طغيان العقل والهوى إلى ضفاف الشرع ووحي السماء، ومن التعلق بالدنيا الفانية إلى التعلق بالدار الباقية في النعيم بالدرجات العلى».

وأوضح المفتي أن الإسلام قد رسم هذا المنهج بأعظم بيان وأقوم أدلة وأوضح معالم، قال الله تعالى «وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون»، بيّن لهم عقائدهم في الإيمان بالله وإخلاص التوحيد له وفرض كل العبادة له جلّ وعلا، وبيّن لهم أسماء الله وصفاته بأن تنسب لله الأسماء والصفات وما يليق بجلال الله، قال الله تعالى «ليس كمثله شيء وهو السميع البصير»، مشيراً سماحته إلى الإيمان بكتب الله التي أنزلها على أنبيائه ومنها التوراة والإنجيل والقرآن والزبور، إلا أن القرآن الكريم أفضلها وأجمعها مهيمناً عليها كلها، يحق الحق، ويبطل الباطل».

ودعا إلى «الإيمان برسل الله الذين اصطفاهم لهداية البشرية جميعاً»، وقال: «لا نفرق بينهم وهم متفاوتون بالفضل وأفضلهم سيدهم وخاتمهم محمد صلّى الله عليه وسلم، مشيراً إلى أن الإيمان به إيمان بجميع الرسل والكفر به كفر بجميع الرسل».

وقال: «إن الله أعطى العبد إرادة واختياراً في الأسباب يختار فيها ما يشاء، فإن اختار الخير جزي به وإن اختار غير ذلك عوقب عليه».

وأكد أن «الإسلام أوضح للأمة الفوائد التي تقوم على الأسرة كونها الخلية الأولى لبناء المجتمع، وبيّن لهم الاقتران بين الزوجين بالزواج المشروع وما لكل من الزوجين من واجب وما عليه من حق، ودعاهم إلى تربية الأولاد تربية إيمانية لإنشاء جيل صالح في نفسه نافع لأمته، أفراده لبنات صالحة لبناء مجتمع صالح، وبيّن حقوق الآباء من البر والإحسان».

وأضاف: «أرشدنا ديننا الإسلامي إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب، وإلى محاسن الأخلاق في الصدق والإخلاص والبر والإحسان والعدل والصبر والحلم والكرم والجود، وحرم عليهم الخصال الذميمة من الغيبة والنميمة والسخرية والاستهزاء وقذف المسلمين، وحرم عليهم الفواحش صغيرها وكبيرها، وكل ما يقرب إليها، وحرم الزنا وما يقرب إليه من خلوة بلا محرم أو سفر بلا محرم أو علاقة تخالف الشرع، كما حرم عليهم السرقة والقتل والعدوان والظلم على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، قال الله تعالى «قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن».

ولفت إلى أن «الله عز وجل شرع لنا عقوبات شرعية لمن سلك طريق الإجرام وانتهاك الحدود والمحرمات ليكون رادعاً وليكون عقوبة لمن وقع فيها وعظة لمن لم يقع فيها، وشرع الله سبحانه وتعالى الحرابة في القتل والعدوان، مشيراً إلى أن الدين الإسلامي بيّن لهم أن الولاية بين المسلمين قائمة على الحقوق الإسلامية، لا على الوطنية والقبيلة والجنس، وبيّن لهم حقوق الحاكم على رعيته بوجوب طاعة ولي الأمر فيما أمر، وفيما نهى، ما لم يأمر بمعصية أو ينهى عن خير، وحثهم على عدم منازعة الحاكم، وأرشدهم إلى الوقوف معه في كل الشدائد والتعاون معه فيما يحفظ الأمة ومكاسبها، وحث الحاكم على العدل في رعيته وتحقيق الحياة الكريمة لهم والإحسان والعدل بينهم وعدم ظلمهم وعدم المحاباة بينهم، كما حث مجتمع المسلمين على التعاون والتآلف».

وتابع أن «المجتمع الذي أقامه الإسلام على منهج رباني يميزه عن كل مجتمع لا يدين بالإسلام يختص بشيوع الأمن فيه وذلك لوجود رادع إيماني للمسلم يردعه عن الجريمة، لأن دين الإسلام يوجب على أتباعه احترام الدماء والأموال والأعراض، أما القوانين البشرية فإنها وإن قويت فلا تقوى على كل جريمة».

وأكد أن «من خصائص الشريعة الإسلامية الالتحام بين الراعي والرعية، الراعي يسعى لتفقد رعيته وحل مشكلاتهم، والرعية بمحبة راعيهم والدعاء له، وهكذا يريد الإسلام من المجتمع المسلم، مشيراً إلى تكاتف المجتمع المسلم بجميع مؤسساته كاملة الشرعية والتعليمية والثقافية والاقتصادية والقضائية والأمنية، فالجميع في حمى الدين والحفاظ على هويته ومنعه من التميع والتغريب».

وقال: «من خصائص هذا الدين أنه لا يفرق بين الجنسين، فالمسلم يصوم ويصلّي ويحج ويذكر الله سواء في مسكنه أو في مزرعته أو مصنعه، فالدين معه في كل شؤون الحياة، والدين يدعوه إلى ذلك كي يكون مؤمناً صالحاً، فهو قائم بما طلب منه، وهكذا المسلم، إنه مجتمع مدني وديني في آن واحد».

وبيّن سماحة المفتي أن مميزات المجتمع المسلم تقود إلى مجتمع سعيد وتتكامل إذا أدى كل فرد منا مسؤوليته الاجتماعية وأمانته الوظيفية، فالمعلم يعلم تلاميذه ويغرس فيهم حب الخير والطريقة المستقيمة، ودعاة الخير فيفتون الناس في أمور دينهم ويحلّون قضاياهم ويجيبون عن مشكلاتهم بما في الكتاب والسنّة وقواعد الشرع العامة، والدعاة إلى الله يدعون الناس إلى البر والتقوى وينهون عن المنكر ويأمرون بالمعروف، ورجال الحسبة دورهم إصلاح المجتمع وإصلاح الأخطاء والأخذ بيد المخطئ وتوجيهه بحكمة وموعظة حسنة وطريقة سليمة إقناعاً له بأن هذه أخطاء وضرر».

وأشار إلى «ما يمر به العالم الإسلامي اليوم من مراحل هي أخطر ما يكون في حياته حيث يواجه ظروفاً وتحديات صعبة ويعاني من انقسام بين أبنائه ونزاع بينهم وهجوم شرس من أعدائه وتدخل سافر في شؤونه».

وأضاف: «ما يحزن المسلم هو ما يشاهده من هذه الفوضى والبلاء الذي أدى إلى انعدام الأمن واختلاف النظام والحياة اليومية ومصالح الأمة، وما حصل من تبديد الأموال ونهب للممتلكات وسفك للدماء البريئة، حتى ترك بعض المسلمين ديارهم فراراً من تلك الفتن والمصائب، إن ما يقض مضاجع العبد المسلم الذي يحمل شفقة على أمته ورحمة بهذه الدماء التي تسفك بغير حق، ولنا في هذه الأحداث الأليمة المحزنة وقفات لنتذكر ما حصل للخروج من هذه الأزمات والتحديات».

وأوضح ان «التحديات عظيمة، ولا يخفى على المسلم تمسك الأمة المسلمة بكتاب ربها وسنّة نبيها صلّى الله عليه وسلم، فكلما تمسكت بدين ربها كانت قوية عزيزة، ويحسب لها حسابها، وكلما تخلت عن دينها ضر بشأنها وانقسم أبناؤها وتكاثر أعداؤها».

ولفت إلى أن «الإسلام يرفض التخريب والإرهاب والغلو والإخلال بالأمن وسفك الدماء ويغرس الانتماء، مؤكداً أن الدين الإسلامي هو دين الحق حاجات الأمة، وتحديد مطالب أبنائها في وجود مجتمع تسوده العدالة وتتكاثر ظروف الحياة الكريمة بتحقيق العدالة وحفظ الحقوق».

ودعا «المسلمين جميعاً أن يتقوا الله في أنفسهم ويسعوا في حل مشكلاتهم من غير تدخل من أعدائهم، وحذّرهم من ميل الطائفية»، وقال: «على علماء الأمة أن يقوموا بواجبهم المأمول، حرصاً على حماية المجتمع المسلم وتقديم برامج واقعيه لحل مشكلاتهم وتجنب الفتن والمصائب».

وأهاب بقادة الشعوب الإسلامية أن «يعملوا على إقامة العدل ويحاربوا الفساد وقال: أيها المسلمون، على قادة الشعوب الإسلامية أن يعملوا على إقامة العدل ومحاربة الفساد، وجعل أولوياته مصالح الشعوب، وعلى الرعية أن يلتفوا حول قادتهم ويسعوا إلى حل المشكلات بالطرق السلمية بعيداً من الفوضى وسفك الدماء».

وأضاف: «إن من واقع هذا البلد الطيب المبارك ما نرى من اهتمام ولاة أمره بالشعب في سبيل راحتهم وسلامتهم، وتجنيبها الفتن، دليل ذلك ما نشاهده من التحام الرعية مع رعيتهم والعلاقة الأخوية بين الراعي والرعية، وأثر ذلك من أمن واستقرار البلاد، لنعلم أن هذا هو نموذج الحق، ويجب أن تتجه إليه الدول التي تعاني من الفوضى».

وتحدث عن دور وسائل «الإعلام المعادي لأمة الإسلام الذي يرمي إلى إضعاف العقيدة والإيمان في قلوب الناشئة وإضعاف شخصياتهم.

وقال: لقد ترك هذا الغزو الإعلامي أثره السيئ على الشباب والناشئة فأضعف الشخصية».

وطالب المسلمين بأن «يقابلوا الغزو الإعلامي الشرس على الأمة الإسلامية بعمل منظم يتمثل في أحد جوانبه بإنشاء قنوات إسلامية تشرف عليها طواقم إعلامية تجمع بين التأصيل الشرعي والخبرة الإعلامية، لتكون منارة عدل وصوت حق إلى العالم أجمع».

وقال مخاطباً المسلمين: «الواجب على المسلمين أن يحافظوا على هويتهم المسلمة والثبات على مبادئهم ومسلّماتهم عقيدة وشريعة وأخلاقاً مما أنزل في الكتاب والسنّة عليه، فهو يتعلق بالعقيدة أو بالعبادة أو بالشريعة أو بالحلال والحرام أو شأن المرأة أو بالأخلاق والقيم، يجب أن نحافظ على هذه محافظة عظيمة وألا نتنازل عنها تحت أي ظرف من الظروف».

وبيّن سماحته أن من معاني السلفية الصالحة اعتماد الصحابة للنصوص الصحيحة وأخذهم ذلك من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، مع سلامة معتقدهم واستقامتهم».

وزاد: «أيها المسلم من معاني السلفية أيضاً أن الإسلام منظومة متكاملة عقيدة وعبادة وتشريعاً وقيماً وأخلاقاً سياسية واقتصادية وأخلاقية واجتماعية، فالسلفية حركة متجددة، فمن زعم أن السلفية جامدة لا تصلح للحياة؟! وخير دليل على ذلك الملك عبدالعزيز - غفر الله له - لما أقام الدولة الإسلامية الجديدة على كتاب الله وسنّة رسوله صلّى الله عليه وسلم امتداداً للدعوة الإسلامية الصالحة التي قام بها الإمامان محمد بن عبدالوهاب ومحمد بن سعود - رحمهما الله -، أقاما هذه الدولة وأرسيا قواعدها وفق الكتاب والسنّة وعلى مبادئ ناصعة وعلى نهج سلفي صالح، الأمن يعمّها والاستقرار والطمأنينة مع الأخذ بمستجدات العصر وتطوراته في كل المجالات حتى أصبحت الدولة دولة يشار اليها بالبنان مع تقدمها والرقي مع التحرر والتمسك بهذه العقيدة السلفية الصالحة».

وأكد أن «الإسلام ساوى بين البشر وبيّن الذكر والأنثى في الكرامة الإنسانية والحياة الكريمة والتكاليف الشرعية والعقوبات الأخروية، إلا أن هناك لكل من الرجل والمرأة خصوصية في بعض الأحكام مع مراعاة الظاهر الخلقي والاجتماعي والنفسي، وقد حفظ للمرأة مصلحتها وحماها من ظلم الجاهلية، داعياً المسلمين للاعتزاز والثقة بدينهم والتمسك به كونه جمع خيري الدنيا والآخرة وأغناهم عمّا سواه من أنظمة البشر».

ودعا القادة الى اتقاء الله في شعوبهم، وقال: «عالجوا قضاياهم الاجتماعية من الفقر والجهل والبطالة والحرمان، إياكم وإضعافهم، وإياكم أن ترعبوهم أو توجهوا الأسلحة التي اتخذتموها لعدوكم في وجوههم، وإياكم أن تصرخوا في وجوههم من طريق التقتيل والحرمان والتجويع لأجل إسكات كلمتهم، فهذا أمر باطل لا يقره مسلم، أمر باطل لا يقبله الله جلّ وعلا».

وحض «حجاج بيت الله الحرام على أداء هذه الشعيرة بصدق وإخلاص واتباع كتاب الله وهدي نبيه صلّى الله عليه وسلم، مبرزاً ما منّ الله به على المملكة من أمن واستقرار واتفاق بين الراعي والرعية، منوهاً بما قدمته حكومة خادم الحرمين الشريفين من خدمات وتسهيلات كتوسعة للحرمين والمشاعر».

وقال: «إن هناك من بين الأمة من يريدون إفسادها، يريدون إفساد الحج والشغب والبلاء فكونوا عيناً ساهرة ويداً واحدة وكونوا سداً منيعاً أمام المفسدين».

وأكد أن الحج «لم يأتِ للمهاترات والمساومات والشعارات الجاهلية والشخصية إنما جاء لعبادة الله جلّ وعلا والتقرب إليه وجمع الكلمة وتوحيد الصف ووعي الأمة المسلمة، وقال: «احذروا مكائد الأعداء، لم يأتِ في سنَّة الحج أن يكون منبراً سياسياً منبراً للمهاترات، فكل هذا مما يمقته الإسلام فاتقوا الله في أنفسكم».


المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

على الولايات المتحدة منع قيام حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله..

 الأربعاء 25 أيلول 2024 - 12:53 م

على الولايات المتحدة منع قيام حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله.. في الأسبوع الماضي، وبعد أحد عشر ش… تتمة »

عدد الزيارات: 171,698,592

عدد الزوار: 7,642,740

المتواجدون الآن: 0