البغداديون أعلنوا عن حزنهم وغضبهم وحبهم أيضًا... نعم بغداد أسوأ مدينة في العالم... لكن الأسباب كثيرة

العراق تسلّم قواعد عسكرية في القصور الرئاسية وأم قصر من القوات الأميركية ,المالكي: اليوم تحقق الانسحاب الكامل

تاريخ الإضافة الجمعة 2 كانون الأول 2011 - 10:42 ص    عدد الزيارات 2565    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

العراق تسلّم قواعد عسكرية في القصور الرئاسية وأم قصر من القوات الأميركية ,المالكي: اليوم تحقق الانسحاب الكامل
أسامة مهدي من لندن
استلمت القوات العراقية اليوم الخميس القصور الرئاسية التي استخدمت كقواعد عسكرية أميركية كما تسلمت القاعدة البحرية في مدينة أم قصر. واعتبر المالكي هذا الانسحاب سيؤسس لمرحلة جديدة بين البلدين. وقال بايدن إن العراق والولايات المتحدة نجحا في تحدي كل الصعوبات.
 لندن: خطا العراق والولايات المتحدة اليوم الخميس خطوة هامة على صعيد جلاء كامل القوات الاميركية من البلاد، وذلك باستلام القوات العراقية القصور الرئاسية التي استخدمت كقواعد عسكرية أميركية طيلة السنوات الثماني الماضية وكذلك القاعدة البحرية في مدينة ام قصر جنوب البلاد، حيث اعتبر المالكي ذلك انتصاراً تاريخياً فيما قال بايدن إن تضحيات الجنود العراقيين والأميركيين أنهت الحرب في هذا البلد.
وتم تنظيم احتفالية كبيرة أطلق عليها "يوم الوفاء" لمناسبة تسليم القواعد العسكرية ومقر العمليات الأميركية إلى القوات العراقية. وجرت الإحتفالية في مطار بغداد الدولي في ضواحي العاصمة الغربية، بمشاركة قيادات عراقية واميركية، حيث تسلمت الحكومة العراقية القصور الرئاسية وفي مقدمتها قصر الفاو ومقر عمليات القوات الأميركية في المطار من القوات الاميركية تنفيذا لبنود الاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين أواخر عام 2008 .
 وشارك في الاحتفال الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي ونائب الرئيس الاميركي جوزيف بايدن، الذي يقوم بزيارة إلى العراق منذ يوم الثلاثاء الماضي إضافة إلى عدد من الوزراء والنواب. ويعتبر قصر الفاو وبقية القصور من أهم مقرات القوات الأميركية، اما اليوم فقد تم تسليمه بشكل كامل للحكومة العراقية حيث أخلت القوات الأميركية جميع القصور بشكل نهائي منذ يومين .
المالكي: اليوم تحقق الانسحاب
وفي كلمة له قال المالكي إن إكمال عملية انسحاب القوات الأجنبية من جميع الأراضي العراقية وفق الجداول الزمنية المتفق عليها بين العراق والولايات المتحدة الأميركية "يعد انتصارا تاريخيا لخيار المفاوضات الذي كنا قد اعتمدناه في فترة صعبة وحساسة من تاريخ العراق الحديث في التعاطي مع قضية وجود القوات الأجنبية".
وأضاف أن انسحاب القوات الأميركية سوف يؤسس لمرحلة جديدة في العلاقة بين العراق والولايات المتحدة تكون فيها اتفاقية الإطار الاستراتيجي حجر الزاوية في العلاقات الثنائية بين البلدين والتي ستشمل الجوانب السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والعلمية، بما يدفع بالعلاقات الثنائية إلى مزيد من التعاون والتفاهم في المرحلة المقبلة "والتي نعتقد جازمين أنها ستكون متوازنة ومتكافئة بين بلدين ذات سيادة وعلى أساس المصالح المشتركة". وقال "اليوم تحقق الانسحاب الكامل الذي كان مجرد الحديث عنه قبل سنوات ضرباً من ضروب المستحيل، لكن العراق وكما عهدناه في الشدائد نهض بهمة أبنائه بقوة وبسرعة فاقت التوقعات واثقاً من قدراته الذاتية وإمكانياته وبالإرادة الصلبة لأبنائه وبحب العراقيين لوطنهم، ولن يطول الزمن حتى يتحول العراق إلى بلد فاعل في مسيرة البناء والأعمار والتنمية، ونقطة جذب اقتصادية واستثمارية كبيرة وعامل استقرار وسلام في محيطه الإقليمي وفي الأسرة الدولية" . 
وأوضح "إننا في هذه المناسبة العزيزة نمدّ أيدينا إلى جميع الدول الشقيقة والصديقة، وبالأخص دول الجوار وندعوها إلى إقامة أفضل العلاقات على أساس حسن الجوار والاحترام المتبادل وعدم التدخل، وحل المشاكل العالقة بالحوار والطرق السلمية، وتعزيز أواصر التعاون في جميع المجالات التي تخدم المصالح المشتركة للجميع".
ودعا المالكي جميع القوى السياسية وعلماء الدين وشيوخ العشائر والمثقفين والفنانين والإعلاميين ومنظمات المجتمع المدني إلى الوقوف بجانب القوات الأمنية في هذه المرحلة الحساسة التي يمرّ بها العراق، وأن يقدموا لها جميع أنواع الدعم والمساندة وأن يبتعدوا عن كل ما من شأنه أن يؤدي إلى إضعاف المؤسسة العسكرية التي أثبتت ولاءها للوطن ولم تعد أداة بيد حزب او طائفة او شخص. وناشد المالكي أبناء الشعب العراقي كافة بضرورة الحفاظ على هذا الإنجاز الوطني بوحدة الصف ونبذ الخلافات من اجل سلامة الوطن ووحدة أراضيه وسلامته.
طالباني: العراق سيظل وفيا لعهوده مع الولايات المتحدة
ومن جانبه أكد الرئيس طالباني في كلمة له أن العراق سيظلُّ وفيا للعهودِ والمواثيق التي أبرمها مع الولايات المتحدة التي سيبقى صديقا لها. وأضاف طالباني أنه في حياةِ الشعوب لحظاتٌ يتكثّف فيها التاريخ، تُطوى مراحل وتُفتحُ آفاق جديدة تُغيّر مجرى الحياة وتعدّل مسيرتَها، ولقد كان يوم التاسع من نيسان عامَ 2003 واحدةً من تلك اللحظاتِ الفاصلة في تاريخِ العراق الذي عانى طوال عقودٍ من طغيانِ نظامٍ ظالم هيمنَ على كلِّ مرافقِ الحياة و جعل من بلادِنا سجناً يُسام فيه الشعبُ صنوفَ العذابِ و الحرمان وعُطِّلت الحياةُ الحزبية و جرى احتكارُ الإعلام، وغدت القوانينُ مجردَ ورقةٍ تُكتَب بأمرِ الحاكم وتُعَدُّ وفقَ مشيئتِهِ. وبدلاً من استخدام مواردِ العراق،الطبيعية منها و البشرية، في تنمية الاقتصاد وتحسينِ أوضاعِ المواطنين، سُخِّرت تلك المواردُ لشراء الذمم والتدخّلِ في شؤونِ دولٍ أخرى فشنَّ حرباً أهلية و شنَّ عدواناً خارجياً و بفعل ذلك أصبحَ الحكمُ في العراق مكروهاً في الداخل ومعزولا على الصعيدين الإقليمي و الدولي الأمر الذي زادَ من معاناةِ شعبنا، وحفَّزَ القوى الوطنية على تصعيد نضالِها من اجلِ التخلصِ من الطغيان.
وقال إن انجازُ هذه المهمة كان أمراً فائقَ الصعوبة، ومحفوفا بتضحياتٍ جسام لكنَّ دعمَ الحلفاءِ وفي مقدمتِهم الولاياتُ المتحدة والاصدقاء، ساعدَ في انهاءِ التسلّطِ والإستبداد وفتحَ آفاقاً رحبة لبناءِ عراقٍ ديمقراطي إتحادي مستقل.
وقد ساهمت دولُ التحالف و بخاصةٍ الولايات المتحدة بقسطٍ كبير في تعزيزِ الأمن، ومواجهةِ الهجمةِ الارهابية الشرسة التي كانت القوى المحركة لها والمحرضة عيها تدفعُ البلادَ نحو هاويةِ حربٍ أهلية طاحنة. وبفضل الجهود المشتركة تمَّ ضمانُ الاستقرار في العراق ما بعد صدام وإعادة تشكيل وتسليح وتجهيز قواتِنا المسلحة. وقدّم منتسبو قوات التحالف، العاملين يداً بيد مع أفراد القوات العراقية، الكثيرَ من التضحياتِ و الشهداءِ الذين نبجِّلُ دوماً ذكراهم و نجدّدُ اليومَ تقديمَ التعازي لأسرِهم وذويهِم و مواطنيهم .
و بفضل تلك الجهودِ و التضحيات تهيأت المناخاتُ اللازمة لوضعِ الركائز والأسس لإعادةِ بناء الدولة وسنِّ الدستور الدائم وإقرارِه والشروعُ في إعمار ما هدمته سنواتُ الحروب الماضية. ولم تكن معركةُ الإعمار أيسرَ و أهونَ من معركةِ التحرر من النظام الجائر، وقد خضناها بإسنادٍ قوي و مساعدةٍ كبيرة من أصدقائِنا من مختلفِ بلدان العالم وفي مقدمتها الولاياتُ المتحدة الاميركية.
وأوضح أن إتمام الجزءِ الأكبر من هذه المهمات الصعبة قد هيّأ الأجواءَ الكفيلة بعقد اتفاقيةِ انسحاب القوات عام 2008 والتي كانت إقراراً فعلياً بأن الطرفين، العراقي والأميركي قد نجحا في تحقيقِ الأهدافِ المنشودة، والانتقال الى مرحلةٍ جديدة من التعاونِ وُضِعتْ ملامحُها و آفاقُها في اتفاقيةِ الإطار الاستراتيجي المعقودةِ بين الدولتين والتي صارت أساساً للعلاقاتِ المستقبلية بين بلدينا.
وقال "إننا اذ نعبّرُ عن الشكرِ الجزيل لاصدقائِنا الذين كان لهم دور فائق الأهميةِ في صَونِ الأمن و الاستقرار وتأهيلِ قواتِنا المسلّحة، فإننا نُعرب عن قناعتِنا الراسخة بانّ الجيشَ العراقي باسل وقوات الشرطة و سائر الأجهزةِ الأمنية ستواصلُ بذلَ مزيدٍ من الجهود من أجلِ الحفاظِ على أرواحِ المواطنين وممتلكاتِ الدولة والدفاعِ عن أرضِ العراق و سمائِه و مياهِه، معوّلين أيضاً على أن يواصلَ المدرّبون الأجانب مهماتِهم في الإرتقاءِ بجاهزيةِ القوات المسلحة في إتقانِ أفرادِها استخدامَ الأسلحةِ الحديثة". 
وقال طالباني إن المُراجعَ المُنصف للتاريخ سوف يسجّل أن إسقاطَ الدكتاتورية في بلادِنا لم يكن نقطةَ تحوّلٍ في العراق وحده بل كان إيذانا بحلولِ عصر انتفاضِ الشعوب في منطقتنا على مضطهديها، ومطالبتِها بالكرامةِ والعدلِ والمساواة والمشاركة في تقريرِ مصيرِها وصُنع مستقبلِها. وقال "إننا اذ نودّع اصدقاءَنا الأميركيين الذين ساهموا بقسطٍ وافرٍ في تحقيق تلك النقلةِ نعربُ لكلٍّ منهم عن الإمتنان ونحمّلُهم تحياتنا الى الشعب الأميركي العظيم والرئيس باراك اوباما والكونغرس معاهدينهم أن العراقَ الذي حقّقَ السيادةَ الوطنية الناجزة سيظلُّ وفيا للعهودِ والمواثيق وصديقاً للولايات المتحدة".
 بايدن: تضحيات الجنود أنهت الحرب
وفي كلمة له قال بايدن ان تضحيات القوات العراقية والأميركية قد وضعت نهاية للحرب في العراق. وأشار إلى ان العراق والولايات المتحدة نجحا في تحدي كل الصعوبات ورسما علاقات استراتيجية لمصلحة شعبي البلدين.   
وكان الرئيس الأميركي باراك اوباما أعلن أواخر تشرين الاول/ اكتوبر الماضي انتهاء الحرب في العراق، وقال إن القوات الأميركية ستنسحب من العراق نهاية عام 2011 تطبيقاً للإتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين، حيث لايزال في العراق حوالى 14 الف جندي أميركي في سبع قواعد عسكرية سيتم تسليمها إلى القوات العراقية مع نهاية الشهر المقبل.
البحرية العراقية تتسلم من الأميركية قاعدة ام قصر
وفي وقت سابق اليوم الخميس تسلمت القوات البحرية العراقية قاعدة أم قصر في محافظة البصرة (550 كم جنوب بغداد). وشارك في مراسم تسلم القاعدة البحرية عدد من القادة العسكريين العراقيين والأميركيين حيث تم إنزال العلم الأميركي ورفع العلم العراقي مكانه في القاعدة.
وقال قائد القوات البحرية الأميركية في العراق الأدميرال كيلفن دكسن في كلمة له، إنه تم افتتاح معمل تصليح السفن البحرية بكلفة أربعة ملايين دولار و توفير آليات وأجهزة حديثة لتصليح السفن بإشراف أميركي. واشار إلى أن هناك ملاكات عراقية ستقوم بإدارة المصنع موضحاً انه بتسليم هذا المصنع ستنتهي مهام القوات البحرية الأميركية في قاعدة ام قصر فيما ستبقى القوات الأميركية في المياه الإقليمية العراقية حتى نهاية الإنسحاب الأميركي الكامل نهاية العام الحالي 2011.
من جانبه أكد نائب قائد القوات البحرية العراقية اللواء الركن موفق نجم استلام القوات البحرية العراقية المسؤولية كاملة من القوات الاميركة. وأضاف أن المصنع الذي افتتح اليوم يعتبر مهماً وضرورياً في تطوير القدرات البحرية العراقية. وأشار إلى ان مهام القوات البحرية العراقية ستتركز منذ الان على حماية المياه الإقليمية والموانئ النفطية العراقية في الخليج العربي.
وكانت القوات البحرية العراقية التي احتفلت في الرابع عشر من ايلول/ سبتمبر الماضي بمرور 74 عاماً على تأسيسها، تمتلك حاليا 60 سفينة وقارب سريع وأكثر من اربعة الاف فرد من قوات البحرية. وتنفذ البحرية العراقية أكثر من 50 دورية أسبوعيا لحماية المياه الإقليمية و البنى التحتية النفطية للعراق، واعتباراً من نهاية العام الحالي فإنها ستتولى كامل المسؤوليات في توفير الأمن في المياه الإقليمية وحماية الموانئ النفطية.
ومن جهته شكل رئيس الوزراء نوري المالكي لجنة برئاسته للتفاوض مع الجانب الأميركي حول توفير الحماية للأجواء العراقية. وقال عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب النائب عن القائمة العراقية فلاح حسن زيدان إن لجنة تفاوضية برئاسة المالكي أخذت على عاتقها مهمة التفاوض مع الجانب الأميركي لضمان حماية الأجواء العراقية وذلك بالتزامن مع قرب إنهاء الإنسحاب الأميركي من العراق. وأضاف النائب أن أعضاء مجلس النواب سيسألون رئيس الوزراء خلال استضافة البرلمان له منتصف الشهر الحالي عما تردد عن بقاء قاعدة جوية أميركية في العراق. وقد أعلنت الحكومة مؤخراً عزمها إبرام صفقة شراء طائرات أميركية لتعزيز قدرات القوات الجوية العراقية.
يذكر أن الاتفاقية الأمنية الموقعة بين بغداد وواشنطن في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2008 تنص على وجوب انسحاب كل قوات الولايات المتحدة من الأراضي والمياه والأجواء العراقية كافة في موعد لا يتعدى 31 كانون الأول/ ديسمبر عام 2011 الحالي، بعدما انسحبت المقاتلة منها بموجب هذه الإتفاقية من المدن والقرى والقصبات العراقية في 30 حزيران/ يونيو عام 200.
كما وقّع العراق والولايات المتحدة أيضاً خلال عام 2008 اتفاقية الإطار الإستراتيجية لدعم الوزارات والوكالات العراقية في الإنتقال من الشراكة الإستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة إلى مجالات اقتصادية ودبلوماسية وثقافية وأمنية.. إضافة إلى تنفيذ برنامج تطوير الشرطة والإنتهاء من أعمال التنسيق والإشراف والتقرير لصندوق العراق للإغاثة وإعادة الإعمار.
 
البغداديون أعلنوا عن حزنهم وغضبهم وحبهم أيضًا... نعم بغداد أسوأ مدينة في العالم... لكن الأسباب كثيرة
عبدالجبار العتابي
بقدر ما انتاب البؤس البغداديين واغتاظوا وحزنوا لسماعهم نبأ اعتبار مدينة بغداد (أسوأ الأماكن للعيش في العالم)، إلا أنهم أكدوا على قناعتهم بكون المدينة لم تشهد أي تطورات خلال السنوات الأخيرة، التي تمتد على أقل تقدير إلى ما بعد عام 2003 بعد سقوط النظام السابق، حيث وبالنظر إلى صحة ما جاءت به منظمة "ميرسر" الدولية، يجد البغداديون أنفسهم إزاء واقع لا يمكنهم المبالغة فيه أو مخالفته، لأنهم أدرى بشعاب بغداد، التي تمتلك ملامح كئيبة وثياب كالحة، ولا يعرف وجهها الابتسام، وليس من سهر هنالك، إذ ما زالت الليالي تخلد إلى النوم في وقت مبكر، فتخلو الشوارع من المارة، ويسكن الليل تمامًا إلا من الوحشة.
الحرب والإهمال ساهما في احتلال بغداد مركز أسوأ مدينة للعيش في العالم
عبد الجبار العتابي من بغداد: تمنى بغداديون في أحاديث مع "إيلاف" أن يحفز استبيان أو مسح "ميرميس" المسؤولين إلى النظر إلى بغداد بعين الاهتمام، والعمل على أن تكون غير ما ظهرت عليه، وأن يكون هذا اللقب السيء حافزًا إلى تقديم الأفضل من أجل أن تكون بغداد أجمل وأنظف، وهو الشعار المرفوع دائمًا، ولكن من دون جدوى.
وكانت منظمة "ميرسر" العالمية لجودة مستويات المعيشة، التي تتخذ من نيويورك مقرًا لها، وتعتبرها المدينة المعيارية (المثالية!!!)، التي تحمل الرقم 100، قد اعتبرت في تقرير أن بغداد أسوأ مدن العالم من حيث جودة مستويات المعيشة، واحتلت الرقم 221 من بين مدن العالم.   ونقل الموقع الرسمي للأمم المتحدة عن التقرير قوله إن "عدم الاستقرار وتدني مستويات الأمن ما زال يؤثر سلبًا على جودة مستويات المعيشة في المدينة، كما إن نقاطها لاتزال بعيدة جدًا عن ثاني أسوأ مدن القائمة، وهي بانغوي في جمهورية أفريقيا الوسطى". وأوضحت أن "بغداد بقيت في أسفل القائمة، على الرغم من تحسن نقاطها بشكل ضئيل من 14 فاصلة أربعة إلى 14 فاصلة سبعة خلال هذا العام، حيث لا يزال لعدم الاستقرار وتدني مستوى الأمن الأثر السلبي على مستويات المعيشة في المدينة.
وقد أبدى العديد من المواطنين البغداديين من مختلف الشرائح ممن التقيناهم حزنهم وأسفهم بكلمات معبرة عن مشاعرهم حول هذا اللقب، الذي نالته بغداد مدينتهم، واشاروا الى أن بغداد خرّبتها الحروب، وسقاها الحصار الاقتصادي في التسعينيات كأس الانهيار والدمار، ومن ثم ضربها الإرهاب الأعمى، الذي تزامن مع إهمال ولا مبالاة كبيرة من قبل القائمين عليها، وأعرب هؤلاء المواطنون عن حبهم للمدينة بغداد التي لم يستطيعوا مفارقتها على الرغم من كل شيء.
وقالت المهندسة والناشطة المدنية شروق العبايجي، مديرة مركز عراقيات للدراسات والتنمية: بغداد اختيرت، ولأكثر من مرة على التوالي، باعتبارها أسوأ مدينة للعيش في العالم، من خلال هذه المنظمة، التي تختار معايير حيادية، 16 معيارًا إنسانيًا وخدميًا وأمنيًا، وكل ما يتعلق بتوفير أساسيات العيش الكريم في مدينة، وخصوصًا عاصمة مثل بغداد، بكل هذه المقاييس والمعايير تخرج بغداد الأسوأ للعيش، وهذا يدلل على أننا فعلاً لا نزال متخلفين جدًا عن الوصول إلى مستوى من المعيشة، يوفر أبسط المقومات للإنسان البغدادي، فكيف في المناطق الريفية وغيرها.
إضافة الى ذلك فإن بغداد كمدينة لا تستحق أن تكون أسوأ مدينة في العالم، بغداد عمرها ألف سنة، بغداد مدينة مرت عليها حضارات عديدة، وهي عاصمة لدولة نفطية، ومعروف أن البغداديين يفتخرون ويعتزون بانتمائهم اليها، فلماذا هذا الإهمال، لماذا يتم فعلاً ترسيخ الصورة عن بغداد بأنها أسوأ مدينة في العالم؟، أعتقد أن المسؤولية مسؤولية الدولة العراقية، وتحديدًا أمانة بغداد.
أما نهلة الندواي، أستاذة جامعية، فقالت: بالتأكيد إن بغداد الآن من الأسوأ، حينما تنزل من المطار في أي مدينة من مدن العالم يصيبك الذهول حين تشاهد الخضرة وجمال شوارعها وسعتها، ولكن حين تدخل إلى بغداد لا ينتابك غير الكآبة، حيث الملامح الداكنة واللون الرصاصي، الذي يصبغ الأبنية ولا تعرف لماذا، والقاذورات التي على الطريق، وبغدادا أيضًا أصبحت كئيبة بناسها، أنا كل يوم حين أذهب إلى كليتي وأنا اقود السيارة تصادفك الزحامات الشديدة التي تجعلك تتأمل طويلاً في الوجوه، فأحاول أن أحسب من منطقة (الوزيرية) إلى الجادرية عدد السيارات المارة، واحاول احسب عدد الوجوه المبتسمة، ومن الصعب أن تجد في اليوم الواحد من ثلاثة إلى اربعة مبتسمين من مئات وآلاف الناس، بغداد كالحة بشوارعها وبشرها.
وأضافت: وأنا أسمع أن بغداد هي الأسوأ أتساءل: هل لك أن تتخيل مشاعر شخص عنده أب يحبه ويعشقه، وأم يحبها ويعشقها، ويلاحظ عليهما ملامح المرض والعجز، ولا اقول الكهولة. اما كيف نقاوم، فنحن نعتقد كمثقفين ونخب أن من لديهم مسؤولية لا بد أن يتحملوها، فترى عددًا من التجمعات الخاصة، يحاولون التواجد إلى ساعة متأخرة من الليل، لأنهم يعتقدون ان الأمن وإشاعة فكره هي مسؤوليتهم، فيتواجدون الى اقصى حد يسمح به حظر التجوال، واعتقد ان المجتمع المدني ودوره يعادل الكثير مما أنجزته مؤسسات حكومية، وبالتالي هذا من حب بغداد، حتى وإن كان معلنًا، ولكن للمدينة والمكان حبًا لسبب بسيط هو أن الذي لا يحب المكان يغادره، وهناك اناس متاحة لهم فرص كثيرة للخروج، وربما البعض لديه جنسيات، ويجيء الى بغداد، وهذا لا نترجمه إلا حبًا لبغداد.
وقال الكاتب والصحافي شمخي جبر: بغداد تاريخ وحضارة وتنوع حضاري ومحط انظار العالم، محط انظار الباحثين، فأي عالم من علماء الدنيا لا تصبح شهادته صحيحة إلا حين تختم من بغداد أو يزور بغداد أو يأخذ العلم من بغداد، ولكن ان تصل بغداد الى هذا المستوى من الإهمال فهذا ما يحزننا، هناك آثار مهمة في بغداد تهدم وتخرب، وشوارع مهمة وتراثية منها تهمل، ومراكز ثقافية مهملة، لهذا بغداد وصلت الى هذا المستوى من الإهمال، الذي يشير إلى شيوع ثقافة انحطاط، وضياع ثقافة التنوع، الثقافة العراقية الحقيقية للعراق الموجودة في بغداد.
من جانبه قال الكاتب معقولة جلال حسن: ليس من المستبعد أن تكون بغداد أسوأ عاصمة في العالم، هذا ما أظهره استبيان (مجموعة ميرسر) الذي ذكر أنها مكان لا يصلح للعيش بعدما كانت مدينة السلام. وأبسط دليل حي النصر، وهو حي لا يبعد 10 كيلومترات عن الباب الشرقي. حي لا يمكن وصفه نهائياً، ليس للبؤس الذي فيه، وإنما لحجم الكارثة المرسومة في عيون الأطفال، مدارس خاوية، وبيوت من صفيح، وجوع يصرخ في عيون الأرامل.
ويتساءل: فهل من المعقول أن يحدث هذا في وطن يصدّر مليوني و100 ألف برميل نفط يومياً، وعاصمته الأسوأ في العالم وشعبه بائس؟!،
لكن الكاتب سامي كاظم يرى أنه مهما بلغ حجم المشاكل التي تعانيها مدينة بغداد فلايمكن بأي حال من الاحوال وضعها في ذيل القائمة على مستوى العالم، فهناك في قارة أفريقيا على سبيل المثال العديد من العواصم، التي لاتحمل أي ميزة تدل على كونها عاصمة بلد، بل إننا لو قارننا بين تلك العواصم مع أفقر حي في بغداد، سنجد أن هذا الحي البغدادي (التعبان) أفضل بكثير من تلك العواصم، ناهيك طبعًا عن الكثير من عواصم دول في أميركا الجنوبية، وكذلك في آسيا التي يزخر العديد من مدنها بالسوء فعلاً، فهل يمكن أن تكون بغداد أقل جمالاً من العاصمة الأفغانية كابول مثلا؟.
ويرى كاظم ان هذه التقارير "مسيسة" بالكامل، وغرضها الواضح وهو بفعل فاعل بالتأكيد، وتقف وراءه دول، تكره العراق، هدفها إعطاء دفعة إعلامية كبيرة للمناوئين للتغيير، الذي حدث في العراق، لذا هم يحاولون جاهدين أن يضعوا العراق في ذيل أي قائمة تصدر، سواء عبر المنظمات الانسانية او غيرها، كي يقال ان العراق في ظل النظام السابق كان أفضل بكثير، وهم يعلمون أن البلاءات بدأت مع ذلك النظام.
أما الخبير الاقتصادي الدكتور ستار البياتي فيقول إن حصول مدينة بغداد على لقب أسوأ مدينة للعيش في العالم جاء نتيجة لعدم مراعاة التصاميم الحضارية وقضايا التلوث البيئي والتنظيف في موضوع مواقع المناطق الصناعية، إضافة إلى عدم الاستخدام الامل للفضاءات والشوارع والباحات.
واضاف: إن شيوع حالات الفسادي المالي والإداري على حساب سيادة القانون يعدّ من اهم الاسباب، مبيناً أن هذا اللقب يجعل من بغداد بيئة طاردة للاستثمار، كما يقلل من فرص الجذب السياحي.
 وقد أحالني البعض الى قراءة الملاحظات التي كتبها المهندس المعماري والأكاديمي موفق جواد الطائي، وقد كتبها تحت عنوان "ملاحظات شاهد عصر"، ليوضح كيف أن بغداد صارت أو تحولت إلى واحدة من اسوأ مدن العالم ، وذهبت الى الملاحظات وقرأت فيها قول الطائي :في تقرير للمؤسسة ميرسر للاحصائيات العالميه وضعت بغداد واحدة من أسوأ الأماكن للعيش في العالم، إنها أسوأ صفعة وشتيمة توجّه إلى العراق، كان من المفروض الرد عليها من قبل الدولة ووسائل الإعلام والمؤسسات شبه الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، الذين يتألمون في الغربة على العراق.
وأوضح أن التقرير قد اعتمد لأجل التقيم المتطلبات الآتية:
1) البيئة الاجتماعية والسياسية (الاستقرار السياسي، والجريمة، وإنفاذ القانون، الخ)
2) البيئة الاقتصادية (لوائح صرف العملات، والخدمات المصرفية، إلخ)
3) البيئة الاجتماعية والثقافية (الرقابة والقيود المفروضة على الحرية الشخصية، الخ)
4) الصحة والصرف الصحي (اللوازم والخدمات الطبية والأمراض المعدية والصرف الصحي والتخلص من النفايات، وتلوث الهواء، الخ)
5) مدارس والتعليم (القياسية وتوافر المدارس الدولية، الخ)
6) الخدمات العامة والنقل (الكهرباء والماء والنقل العام، وازدحام حركة المرور، الخ)
 7) الاستجمام (المطاعم والمسارح ودور السينما والرياضة والترفيه، الخ)
8) السلع الاستهلاكية (توافر الغذاء/سلع الاستهلاك اليومي، والسيارات، الخ)
9) إسكان (السكن، والأجهزة المنزلية، والأثاث، وخدمات الصيانة، الخ)
10) البيئة الطبيعية (المناخ، وسجل للكوارث الطبيعية)
 وتابع "في نظرة متأنية للتقرير نجد أن المنظمة لم تكن بتقويمها بعيدة عن الواقع، شئنا أن نصمم أحسن التصاميم، وقد ننفذها، ثم نغفل قليلاً، فيتعطل كل المشروع، وهذا ما حدث في معظم مشاريع البنية التحتية الفنية في بغداد، وهذا أشبه بمن يرتدي أحلى بدلة (سموكن)، وبعدها يلبس (بسطالاً) أويخرج حافيًا لإغفاله جزء بسيط من الكل أو عدم استعماله الشيء المناسب.
وخير مثال على ذلك تصميم الطرق في بغداد، الذي كان قد أعدّ من قبل أكبر مكتب استشاري بريطاني في مجال تصميم الطرق سكوت ولسن في بداية الثمانينات، وقد أنجز منه الكثير، ولم يبق منه سوى بعض العقد الضرورية لجعله نظاًا متكاملاً، مثل توصيلة جسر الأعظمية المعلق بساحة عنتر، وتوصيل شارع المرور في الكرخ قرب المطار بالطريق السريع قرب الدورة.
بعد ذلك يمكن لاحقًا تنفيذ جسر مستشفى الرشيد العسكري، ونفق ساحة كهرمانة، وجسر الكريعات، و جسر هور رجب، وجسر المسبح والدوار المحيط في بغداد. وقال إن التأخير في تنفيذ هذه المفاصل المهمة جعل النظام المروري غير متكامل، رغم إنجاز معظم أجزائه، وتعطل المرور، رغم وجود الشوارع ونظامها المروري المدروس، ونفذت جسور أخرى، لا تعمل على تكامل النظام المروري، وكان سبب تنفيذها هو أن تشاهد من قبل الناس، وليس لسبب استراتيجي تنموي، وانما كسب إعلامي.
واستطرد: لقد بدأت هذه المأساة في بداية الثمانينات عندما طلب الفريق الاستشاري للتصميم الإنمائي الشامل لمدينة بغداد، والذي كان بقيادة المخطط الياباني يمادا (وكنت حينها أحد أعضائه) من وزارة التخطيط التوجيه الاستراتيجي للدولة، فقد أخبر يمادا بضرورة التصميم لعاصمة لدولة ذات اقتصاد متقدم، لأن البلد في عام 1990 سوف يترك حظيرة الدول النامية، ويصبح من الدول المتقدمة.
ترتب على هذا القرار إعداد بنى تحتية من النوع المتقدم (الأبهة) والابتعاد عن الخدمات، التي تعتمد التنمية المستدامة والتكنولجية المناسب، واختير لتنفيذها أغلى الشركات، مثل مدماك الكورية، وما إن جاء عام 1990 حتى أتت معه كل الكوارث من حروب وحصار وخراب، فلم نتمكن من إنجاز العمل، ولا حتى تنفيذ المتبقي بتكنولوجيا مناسبة. وقد صاحب ذلك فساد إداري فقد كانت شركة مدماك قد رشت في حينها أكبر مسؤول في أمانة بغداد، وتسببت بعدها في سجنه، وأخيرًا عادوا مناضلين، وهم يقودون العمل الأستشاري الآن. لكن هذا لا يعني عدم وجود كوادر مجربة ومخلصة، قد يكونون استبعدوا أو استبدلوا بمسؤولين وأصحاب قرار غير كفوئين.
وقال أيضًا: لقد قدمت اليابان أخيرًا دراسات تعني بالمجاري المناسبة للعراق، وبدورات (ممتعة) في اليابان، لكننا لم نجد انعكاس هذه الدورات على تصاميم المجاري، وخصوصًا في مركز بغداد، حيث أكدت الدراسة على تصميم خاص لتلك المناطق، ولعل هذه الدورات كانت للنزهة والاستجمام.

المصدر: موقع إيلاف الإلكتروني

آمال كبيرة: مستقبل الإنفراج الإيراني–السعودي...

 الثلاثاء 18 حزيران 2024 - 8:17 ص

آمال كبيرة: مستقبل الإنفراج الإيراني–السعودي... مجموعات الازمات الدولية..طهران/ الرياض/واشنطن/برو… تتمة »

عدد الزيارات: 162,050,213

عدد الزوار: 7,225,937

المتواجدون الآن: 77