شباب القوى الثورية خارج المنافسة...الجيش المصري يقرض البنك المركزي بليون دولار
مصر: الجيش «منزعج» من النتائج لكنه يقبل بها...النتائج الرسمية للانتخابات تؤكد اكتساح الإسلاميين
الأحد 4 كانون الأول 2011 - 5:45 ص 2538 0 عربية |
رغم التزام المجلس العسكري في مصر الصمت تجاه نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية التي اكتسحها «الإخوان» والسلفيون، إلا أن مصادر مطلعة كشفت لـ «الحياة» أن النتائج «سببت انزعاجاً وقلقاً داخل المؤسسة العسكرية، خصوصاً أن التوقعات في جولة الإعادة وكذلك في المرحلتين الثانية والثالثة تشير إلى زيادة فرص الإسلاميين» إلى درجة تجعل حصول القوى المدنية على الثلث المعطل أمراً مشكوكاً فيه.
وأعلن رئيس اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات المستشار عبدالمعز إبراهيم مساء أمس نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات التي جرت في تسع محافظات، مشيراً إلى أن نسبة المشاركة فيها بلغت 62 في المئة. وأظهرت النتائج تفوقاً ساحقاً للإسلاميين، إذ نال حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لـ «الإخوان المسلمين»، أكثر من 40 في المئة من الأصوات ونال حزب «النور» السلفي نحو 20 في المئة من الأصوات بالنسبة إلى القوائم، ويخوض مرشحون إسلاميون جولة الإعادة في كل الدوائر الباقية تقريباً على المقاعد الفردية.
وقالت المصادر لـ «الحياة»: «رغم قبول الجيش للنتائج كونها تعكس إرادة الناخبين، إلا أن شعوراً بالقلق يسود المؤسسة العسكرية، خصوصاً أن التيار الإسلامي لديه حظوظ وافرة في محافظات الدلتا ومنها الدقهلية والغربية والشرقية التي سيجري فيها الاقتراع في المرحلتين الثانية والثالثة ويتوقع حصول المرشحين الإسلاميين فيها على نسب تفوق ما حققوه في المرحلة الأولى». واعتبرت أن «النتائج تصعب من موقف الجيش في مواجهة الإخوان والسلفيين في معركة مدنية الدولة في الدستور بعد الانتخابات».
ونقلت «عتاباً من المؤسسة العسكرية على القوى المدنية التي ركزت جهودها في مواجهة المجلس العسكري واعتبرت أن معركتها مع العسكر». وقالت إن «سبب تفوق التيار الإسلامي في المرحلة الأولى مرجعه حال الضعف والفرقة وعدم الاتفاق بين قوى التيار الليبرالي، وانشغالها بالعمل على مواجهة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، رغم أن المجلس أرسل رسائل عدة بأن مشكلة العسكر ليست معهم، إلا أنهم لم يفطنوا لذلك».
ورأت أن «الليبراليين اعتقدوا أن برحيل الجيش، ستخلو الساحة لهم، ولم يدركوا مدى ترابط التيار الإسلامي وخبرته الكبيرة في عملية الانتخابات». ولفت إلى أن «النتائج التي ظهرت حتى الآن لم تجعل القوى المدنية تعدل من مسارها وتغير من استراتيجيتها... والغريب أن نشهد، مثلاً، تحريضاً من أصوات ليبرالية لقوى التيار الإسلامي في شأن صلاحيات البرلمان المقبل يفوق ما صدر عن الإسلاميين من مطالب في هذا الشأن».
وإذ شددت المصادر على أن المؤسسة العسكرية «ليست في صراع مع أي تيار وستتعامل في النهاية مع الأمر الواقع»، إلا أنها أكدت أن «المجلس العسكري يهمه في نهاية الأمر اتخاذ القرارات التي في مصلحة مصر، وأنه لن يتنازل عن أمرين هما وضع الجيش في الدستور الجديد ومدنية الدولة التي تعتبر خطاً أحمر».
على صعيد آخر، كثف رئيس الوزراء المكلف كمال الجنزوري مشاوراته لاختيار الوزراء المنتظر أن يؤدوا اليمين الدستورية اليوم أو غداً. وأفيد بأن الجنزوري يعتزم إجراء حركة تغييرات في المحافظين أيضاً. وبات في حكم المؤكد أن تضم التشكيلة الجديدة عدداً من الوجوه الجديدة، لكن السمة الأبرز عدم انتمائهم إلى أي تيارات سياسية والاعتماد على الأكاديميين.
وعُلم أن الجنزوري استقر على إسناد حقيبة التموين والتجارة الداخلية للقيادي في حزب «التجمع» وزير التضامن الحالي جودة عبدالخالق والاستثمار لحسين الشبوكشي والتعليم لجمال العربي والعدل لعادل عبدالحميد والثقافة لشاكر عبدالحميد والمال لممتاز السعيد والتعليم العالي لوائل الدجوي، والصحة لعادل العدوي والآثار لمحمد إبراهيم والتأمينات الاجتماعية لنجوى خليل والبيئة لعبدالمسيح سمعان والانتاج الحربي لعلي صبري.
وأسند الجنزوري حقيبة الداخلية للواء عبدالرحيم القناوي مساعد وزير الداخلية السابق للأمن العام. وقرر استمرار وزير الكهرباء حسن يونس ووزيرة التعاون الدولي فايزة أبو النجا، علماً بأن الاثنين شاركا في حكومات نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، كما احتفظ بحقيبته كل من وزراء البترول عبدالله غراب والأوقاف محمد القوصي والصناعة محمود عيسى والري هشام قنديل والاتصالات محمد سالم والإعلام أسامة هيكل والسياحة منير فخري عبدالنور والخارجية محمد كامل عمرو.
القاهرة - ا ف ب - أعلن عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يتولى إدارة مصر منذ تنحية الرئيس المخلوع حسني مبارك أن الجيش أقرض البنك المركزي بليون دولار. وذكرت صحيفة «الأهرام» الحكومية أن اللواء محمود نصر مساعد وزير الدفاع قال في ندوة نظمها المجلس العسكري عن مستقبل الاقتصاد المصري إن «القوات المسلحة أقرضت البنك المركزي بليون دولار من عائد مشاريعها الإنتاجية».
واعتبر المسؤول العسكري في الندوة التي شارك فيها خبراء اقتصاديون ورجال أعمال أن «أخطر ما يواجه الاقتصاد المصري على المدى القصير هو الانخفاض المتواصل في حجم الاحتياطي من النقد الأجنبي». وتوقع أن «ينخفض إجمالي الاحتياطي الأجنبي من أكثر من 22 بليون حالياً إلى 15 بليوناً في نهاية كانون الثاني (يناير) المقبل».
وحذر من أن هذا المبلغ «لا يكفي حاجات البلاد من واردات السلع الاستراتيجية سوى لثلاثة أشهر». وتوقع «انخفاض التصنيف الائتماني الدولي لمصر مرة أخرى». وكانت وكالة «ستاندرد أند بورز» العالمية للتصنيف الائتماني خفضت في 24 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي تصنيف قدرة مصر على الحصول على ديون سيادية درجة واحدة من «بي بي-» إلى «بي+»، وأرفقت قرارها بتوقعات سلبية للاقتصاد المصري بسبب عودة التوتر السياسي إلى البلاد.
أعلنت اللجنة العليا للانتخابات في مصر أمس، نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، التي اكتسحها الإسلاميون بنحو 60 في المئة من أصوات الناخبين في دوائر القوائم، وانحصرت فيها المنافسة على غالبية المقاعد الفردية التي تجرى جولة إعادتها يومي الإثنين والثلثاء المقبلين بين مرشحي حزبي «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، و «النور» السلفي.
ورغم أن التيار الإسلامي معروف بقوته في معظم محافظات المرحلتين الثانية والثالثة (18 محافظة)، خصوصاً في الدلتا والصعيد، يعول ليبراليون على تحقيق نتائج أفضل في المرحلتين المقبلتين قد تعوض خسارتهم في المرحلة الأولى، وقال عضو المكتب السياسي في «المصريين الأحرار» هاني سري الدين لـ «الحياة»، إن «الكتلة ستتبع تكتيكات انتخابية جديدة قد تمكنها من تحقيق نتائج أفضل في المرحلتين المقبلتين»، متوقعاً أن تحوز الكتلة في نهاية العملية الانتخابية على نحو 30 في المئة من مقاعد البرلمان.
وكان تحالف «الكتلة المصرية» الذي يضم أحزاب «المصريين الأحرار» و «التجمع» و «المصري الديموقراطي الاجتماعي» حلّ ثالثاً بنسبة اقتربت من 20 في المئة، فيما حقق حزب «الوفد» نتائج مخيبة للآمال بعد أن حل خامساً بعد «الوسط» ذي الجذور الإسلامية.
من جهته، أعرب نائب رئيس «الوفد» بهاء الدين أبو شقة عن تفاؤله بنتائج مرشحي حزبه في المرحلتين المقبلتين، وقال إن «المرحلتين المقبلتين ستُظهران الحجم الحقيقي لشعبية الوفد في الشارع السياسي، لما يمثله من مبادئ على رأسها مدنية الدولة وحق المواطنة». وشكا حصول تجاوزات في المرحلة الأولى قال إن بينها «الفرز على نحو جماعي، الذي عهد به إلى موظفين» وإدلاء منتقبات بأصواتهن ببطاقات أخريات.
وفي محاولة للدفاع عن رئيس «الوفد» السيد البدوي، الذي نال قدراً من الهجوم في الأيام الماضية، قال أبو شقة إن «اختيار مرشحي الوفد لم ينفرد به أحد وإنما كل الترشيحات عُرضت على مؤسسات الحزب التي وافقت عليها، فالمسؤولية سواء في النجاح أو الإخفاق هي مسؤولية الجميع وليست مسؤولية فرد بعينه».
وأعلن «الحرية والعدالة» أنه حسم مقعدين على النظام الفردي هما أكرم الشاعر في بورسعيد ورمضان عمر في دائرة حلوان (جنوب القاهرة)، مشيراً إلى أن 41 من مرشحي الحزب سيخوضون جولة الإعادة هم 9 في القاهرة و8 في الإسكندرية ومثلهم في أسيوط و5 في كفر الشيخ و3 في دمياط و6 في الفيوم ومرشح وحيد في الأقصر وآخر في البحر الأحمر.
وتراجع الحزب عن مطالبته بتشكيل الغالبية البرلمانية الحكومة المقبلة. وأوضح رئيسه محمد المرسي، أن «الحزب والإخوان يحترمون الإعلان الدستوري الذي يعطي المجلس العسكري صلاحية تعيين الحكومة، لكن كنا مقصد مراعاة الغالبية في اختيار أعضاء الحكومة».
ولوحظ بروز مطالبات بإعادة فرز الأصوات بعد تقارير عن مخالفات وتجاوزات في عملية الفرز. وتظاهر عدد من أعضاء «المصريين الأحرار» أمام ستاد الإسكندرية، أحد المقرات التي يجري فيها فرز أصوات الناخبين في المحافظة وتجميعها، للمطالبة بإعادة فرز بعض الدوائر وتجميعها. وأعلن بعض المتظاهرين الاعتصام أمام الاستاد بسبب «المخالفات في عملية الفرز واحتساب النتائج». وعزا بعضهم تلك المطالب إلى ظهور استمارات اقتراع في بعض الصناديق يزيد عددها على المقيد في الكشوف.
وتقدَّم «حزب الحرية»، وهو أحد الأحزاب التي يُنظر إليها على أنها ولدت من رحم الحزب الوطني المنحل، بشكوى إلى لجنة الانتخابات يطالب فيها بإعادة فرز صناديق الاقتراع في إحدى دوائر محافظة الفيوم، بسبب ما قال إنه «لَبْسٌ حَدَثَ بين اسم حزبه وحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، عند تجميع الأصوات التي حصل عليها كل حزب».
وفي ما يخص تشكيل الحكومة الجديدة، كثّف رئيس الوزراء المكلف الدكتور كمال الجنزوري مشاوراته لاختيار الوزراء الذين ينتظر أن يؤدوا اليمين الدستورية قريباً، فيما علمت «الحياة» أن الجنزوري يعتزم إجراء حركة تغييرات في المحافظين. وبات في حكم المؤكد أن تضم التشكيلة الجديدة 9 من الوجوه الجديدة، لكن السمة الأبرز لها عدم انتماءاتهم إلى أي تيارات سياسية والاعتماد على الأكاديميين.
واستبعد الجنزوري قطب حزب «الوفد» منير فخري عبدالنور الذي شغل منصب وزير السياحة، ليحل مكانه الدكتور محمد إبراهيم، كما استبعد نائب رئيس الوزراء السابق علي السلمي، ولم يحسم الجنزوري أمره بالنسبة إلى القيادي في حزب «التجمع» وزير التضامن جودة عبدالخالق. واستقر على حسين عبدالمنعم الشبوكشي للاستثمار، وجمال العربي للتربية والتعليم، وعادل عبدالحميد لوزراة العدل، وشاكر عبدالحميد للثقافة، وممتاز السعيد للمال، ووائل الدجوي للتعليم العالي، ومعتز عبدالفتاح للشباب والرياضة، وعادل العدوي للصحة.
وأبقى رئيس الوزراء الجديد على وزير الكهرباء حسن يونس ووزيرة التعاون الدولي فايزة أبو النجا، علما بأن الاثنين شاركا في حكومات النظام السابق. ولم يحسم الجنزوري حقيبة الداخلية، لما تمثله من أهمية كبيرة، إذ ظل حتى اللحظات الأخيرة في مشاوراته والتقى 3 من القيادات الأمنية، هم: اللواء محمد إبراهيم مدير أمن الجيزة السابق، واللواء عبدالرحيم القناوي مدير الأمن العام السابق، فيما تردد اسم مدير إدارة الانتخابات اللواء رفعت قمصان داخل أروقة الوزارة بقوة.
تظاهر أمس آلاف في ميدان التحرير مطالبين المجلس العسكري بتسليم فوري للسلطة في إطار «جمعة حق الشهيد»، وطافوا بنعوش رمزية لأكثر من خمسين شاباً قتلوا برصاص قوات الأمن قبل نحو أسبوعين في مواجهات في محيط الميدان. وفي المقابل، تظاهر آخرون في ميدان العباسية تأييداً للمجلس العسكري ورفعوا صوراً لنائب الرئيس المخلوع رئيس الاستخبارات السابق عمر سليمان وطالبوا بترشحه للرئاسة.
وتوافد المتظاهرون إلى ميدان التحرير مع الساعات الأولى لصباح أمس للانضمام إلى المعتصمين في الميدان قبل أن تخرج مسيرات تحمل النعوش الرمزية جابت شارع قصر العيني حيث انضمت إلى المعتصمين أمام مقر مجلس الوزراء رفضاً لحكومة كمال الجنزوري التي تُعلن تشكيلتها اليوم. ورددوا هتافات ضد الحكم العسكري مطالبين جنرالات الجيش بتسليم السلطة إلى حكومة انقاذ وطني مدنية.
وكان أكثر من 23 حزباً وائتلافاً وحركة سياسية، أبرزها «الجمعية الوطنية للتغيير» و «حركة 6 أبريل»، دعوا إلى المشاركة في «جمعة حق الشهيد» للمطالبة بسرعة محاكمة جميع المسؤولين عن قتل الثوار ورد الاعتبار للشهداء، بينما غابت عن التظاهرات أحزاب وقوى التيار الإسلامي.
ودعا إمام مسجد عمر مكرم الملقب بـ «خطيب الثورة» الشيخ مظهر شاهين إلى «عدم التخوف من تفوق التيار الإسلامي»، معتبراً أن «الإسلاميين هم جزء من ميدان التحرير». وأكد في خطبة الجمعة أمام نحو 4 آلاف متظاهر «أهمية احترام ذلك التفوق لأنه يعبر عن رأى الناخب المصري الذي شارك وساهم في إنجاح الثورة».
وشدد على أن «نجاح المرحلة الأولى من انتخابات مجلس الشعب من ثمار ميدان التحرير، الذي حمى تلك الانتخابات وساهم في عملية التحول الديموقراطي التي تشهدها البلاد حالياً»، مطالبا بـ «إعطاء أعضاء البرلمان المقبل المزيد من الصلاحيات من أجل تحقيق أهداف الثورة والمساهمة في النهوض بالبلاد في هذه المرحلة الحرجة». وأوضح أنه «بفضل ميدان التحرير جرت الانتخابات في مناخ اتسم بالهدوء والديموقراطية، وهو ما انعكس على الأوضاع الاقتصادية من خلال نجاح البورصة المصرية في تعويض أكثر من 20 بليون جنيه من خسائرها التي منيت بها خلال الفترة الماضية»، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن «الانتخابات البرلمانية هي أولى مراحل التحول الديموقراطي وليست نهاية المطاف، وهناك تحدٍّ آخر للثوار يتمثل في وضع دستور جديد يلتزم بالتعددية السياسية والعدالة الاجتماعية».
ورفضت قوى شبابية في مقدمها «حركة شباب 6 أبريل» دعوة «مجلس أمناء الثورة» الذي يضم إسلاميين، إلى تعليق اعتصام ميدان التحرير. وطالب المجلس في بيان أمس «بوقف جزئي موقت للاعتصام في الميدان للسماح بعودة الحياة الطبيعية لسكان الميدان والمناطق المحيطة، مع التأكيد على حق العودة إلى الميدان في أي لحظة ولمدد مفتوحة إن لم يتم تنفيذ مطالب الثوار كافة». ورأى أن «من المصلحة الوطنية أن يأخذ المعتصمون في ميدان التحرير استراحة محارب، لتقويم ما تم من نتائج حتى الآن».
غير أن «حركة 6 أبريل» أعلنت استمرار الاعتصام في ميدان التحرير وأمام مجلس الوزراء. وأشارت في بيان إلى أن «كل الحركات الشبابية المرتبطة بالثورة مصرة على مطلب حكومة انقاذ وطني تعبر عن الثورة ولها السلطات والصلاحيات التشريعية والرقابية والإدارية كافة، ورفض التفاف المجلس العسكري على مطالبنا بتعيين حكومة الجنزوري، والتذكير بشهداء الثورة وأن دماءهم الطاهرة لن تضيع هباء».
في المقابل، تجمع نحو ثلاثة آلاف متظاهر في ميدان العباسية شرق القاهرة ضمن ما سمي «مليونية دعم الشرعية» التي كانت سمتها الأبرز الهجوم على المرشح المحتمل للرئاسة الدكتور محمد البرادعي. وردَّد المتظاهرون في العباسية هتافات ضد القوى الثورية والبرادعي و «حركة شباب 6 أبريل»، وأخرى مؤيدة للمجلس العسكري. وردَّد المشاركون هتافات مؤيدة للمجلس العسكري، بينها «أوعى تزعل من مليون... إحنا معانا 80 مليون».
لم يكن متوقعاً أن يحقق شباب القوى الثورية في مصر نتائج قوية في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية التي أعلنت نتائجها أمس، غير أن المفاجأة كانت في خروجهم من السباق البرلماني بخفي حنين، فمرشحوهم على المقاعد الفردية خسروا من الجولة الأولى، وقليل منهم سيخوضون جولة الإعادة، وحتى قوائم «تحالف الثورة مستمرة» نالت نسباً ضعيفة جداً قد لا تمكِّن متصدريها من دخول البرلمان.
وخرجت من المنافسة من الجولة الأولى الناشطة أسماء محفوظ، التي ترشحت على مقعد فردي في دائرة مصر الجديدة وأعلنت انسحابها من السباق قبل أيام من الاقتراع، وكذلك زميلها عبدالرحمن فارس، الذي ترشح في محافظة الفيوم. أما قوائم «تحالف الثورة مستمرة» التي تصدَّرها عدد من شباب القوى الثورية، فحققت نسباً هزيلة قد لا تضمن تمثيلها في البرلمان أصلاً.
واعتبر منسق «حركة 6 أبريل» أحمد ماهر، أن «خروج شباب الثورة من سباق البرلمان أمر طبيعي، وكان متوقعاً»، مشيراً إلى أن حركته «وعت هذه الحقيقة مبكراً وقررت عدم ترشيح أي من أعضائها في البرلمان» وتركت لهم حرية خوضها منفردين. وأوضح أن «قواعد العمل الثوري تختلف عن العملية الانتخابية، لذلك فضلنا الاستمرار في ما نتقنه، خصوصاً أن الثورة لم تنته».
واعتبر أن «المجلس العسكري كان يتعمد إحداث فرقة بين التيارات والطوائف السياسية كي تتحول الثورة إلى صراع على الكراسي والغنائم». وأكد أنه لا يخشى صعود التيار الإسلامي، قائلاً: «لا أستغرب فوز الإسلاميين، فالأمر كان متوقعاً إلى حد كبير، فهم كيانات تمتلك قدرة تنظيمية كبيرة، والإخوان المسلمون خصوصاً لديهم خبرة عالية جداً في العملية الانتخابية».
ولفت إلى أن «استخدام الدين لجذب أصوات الناخبين ساعد في فوز الإسلاميين، خصوصاً بعد ترويج الإشاعات عن أن الليبرالي كافر والعلماني ملحد واللعب على وتر الدين». ولام القوى الليبرالية، التي «لم تهتم بالوصول إلى الشارع»، لكنه عبَّر عن تفاؤله، «فأول انتخابات طبيعي أن تكون فيها مشاكل، ولا تعبر بصورة كبيرة عن الناس، لكن لا بد من تقبل نتيجة الديموقراطية».
وأشار إلى أن «البرلمان المقبل لن يعبر عن الثورة ولا مطالبها، وكذلك الحكومة، وحتى رئيس الجمهورية... ممكن أن تصعد قوى الثورة بعد انتهاء ولاية البرلمان المقبل. السنوات المقبلة اعتبرها فترة انتقالية، وسنستمر في العمل الثوري، لأننا لا نثق في تسليم المجلس العسكري الحكم» إلى المدنيين.
وعن سيطرة الإسلاميين على لجنة إعداد الدستور الجديد، قال ماهر إن «الإسلاميين ستكون لهم الغلبة في البرلمان، لكن لا يعني ذلك سيطرتهم على الدستور، لأن المصريين لن يقبلوا أن يتغير نمط حياتهم القائم على الوسطية، والدستور يجب أن يمثل كل طوائف الشعب». واعتبر أن المجلس العسكري والإسلاميين أصرا على إجراء الانتخابات قبل وضع الدستور «لأن الجيش أراد تأمين صلاحياته دستورياً، لضمان سلطات أكبر، أما الإسلاميون فسعوا إلى تحقيق غالبية برلمانية أولاً تمكنهم من فرض دستورهم، لكنهم سيفشلون في ذلك».
ورفض طرح الإسلاميين تحويل النظام السياسي في الدولة إلى النظام البرلماني. وقال: «نؤيد تبني النظام شبه الرئاسي المعمول به في فرنسا لفترة طويلة، لأن السلطة موزعة فيه بين البرلمان والرئيس». ورفض مطالبة الإسلاميين بتشكيل الحكومة المقبلة، مشيراً إلى أن «هذا المطلب مخالف للإعلان الدستوري».
كان الاستقطاب الطائفي في الدعاية الانتخابية آفة المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية في مصر التي أعلنت نتائجها أمس، إذ استعرت حدته مع الاتهامات للكنيسة بدعم قوائم تحالف «الكتلة المصرية» الذي يضم أحزاب «المصريين الأحرار» و «التجمع» و «المصري الديموقراطي الاجتماعي» واتهام حزبي «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، و «النور» السلفي باستخدام الدين لجذب الناخبين، ما أوحى بأن الصراع لا يقوم على أساس سياسي بل ديني بالأساس.
ورغم نفي كل طرف التهمة عنه ومحاولة إلصاقها بالآخر، إلا أن نائب رئيس «الحرية والعدالة» الدكتور عصام العريان اعتبر أن دعم المسلمين لحزبه «طبيعي، فالحزب أعلن هويته الإسلامية وليس في ذلك استقطاب». ورأى عضو المجلس الرئاسي في «المصريين الأحرار» أن ذهاب أصوات الأقباط لتحالف الكتلة «طبيعي» أيضاً، «لأن التحالف يعبر بالأساس عن الفكر الليبرالي الوسطي الذي طالما صوَّت له المسيحيون».
وكان هذا الاستقطاب الديني واضحاً لا لبس فيه في دائرة شبرا في القاهرة، فالحي الذي يضم أكبر كتلة تصويتية من الأقباط في العاصمة مكّن مرشح الكتلة على المقعد الفردي جون طلعت من الوصول إلى جولة الإعادة ليكون المرشح القبطي الوحيد تقريباً الذي يخوض جولة الإعادة. وأعلن رئيس اللجنة المشرفة على لجنة الفرز في شبرا المستشار أحمد عبدالعزيز تقدم قائمة «الحرية والعدالة» بأربعين في المئة من أصوات الناخبين، مقابل 30 في المئة لقائمة «الكتلة المصرية»، وحصدت قائمة «النور» السلفي 15 في المئة.
أما في المقاعد الفردية، فتجرى جولة الإعادة على مقعد الفئات بين جون طلعت مرشح «الكتلة» وفهمي عبده مرشح «الإخوان» وعلى مقعد العمال بين أسامة مغازي مرشح «الكتلة» وكمال المهدي مرشح «الحرية والعدالة».
وبدت نتائج تحالف «الكتلة المصرية» في شبرا جيدة جداً، إذ حل ثانياً في القوائم وبضعف الأصوات التي نالها «النور»، فضلاً عن وصول مرشحيه الإثنين إلى جولة الإعادة ضد مرشحين لـ «الإخوان»، لكن رغم أن الدائرة تضم أصوات عشرات الآلاف من الأقباط، فإن الإسلاميين تمكنوا من الفوز بنحو 55 في المئة من أصوات الناخبين، ما يوحي بأن الاقتراع في شبرا كان على أساس ديني إلى حد بعيد. وينتظر الطرفان جولة جديدة من الاستقطاب أثناء الاقتراع في الإعادة على المقاعد الفردية يومي الإثنين والثلثاء المقبلين قد تكون أشد حدة، خصوصاً أن أحد أطرافها قبطي والآخر «إخواني».
مصر: 62% نسبة المشاركة في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية
المصدر: جريدة الحياة