بدءا بإضراب عام يوم الأحد دعوا لمظاهرات في جمعة «إضراب الكرامة»

المعارضة السورية تطلق عجلة العصيان المدني.. والنظام يحشد حول حمص

تاريخ الإضافة السبت 10 كانون الأول 2011 - 4:21 ص    عدد الزيارات 2156    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

المعارضة السورية تطلق عجلة العصيان المدني.. والنظام يحشد حول حمص
انفجار في أنبوب نفط حمص.. والعربي يطالب دمشق بتوقيع البروتوكول فورا > نشطاء يتمنون أن يتحدث الأسد يوميا
بيروت: بولا أسطيح لندن: «الشرق الأوسط»
أطلق الناشطون والمعارضون السوريون عجلة العصيان المدني لزيادة الضغوط على النظام السوري، ودعت قوى الحراك الثوري والمعارضة في الداخل والخارج السوريين للخروج اليوم في مظاهرات جمعة «إضراب الكرامة»، لإعلان التزامهم بالإضراب المفتوح الذي تم التوافق على انطلاقه يوم الأحد المقبل الموافق 11 ديسمبر (كانون الأول)، على أن يستمر نحو الشهر تقريبا لينتهي بعصيان مدني. وفي هذه الأثناء، استمرت الأوضاع بحمص في التأزم مع انفجار أنبوب نفط في المدينة أمس مما أسفر عن اشتعال حريق كبير في ذلك الجزء من الخط. وفيما اتهم ناشطون النظام باستهداف الأنبوب تحضيرا لعملية قاضية على حمص, قال الناشطون إن النظام السوري يمهد بهذه العملية لعملية عسكرية يتطلع إلى أن تكون حاسمة في حمص، ولفتوا إلى أن تعزيزات عسكرية كبيرة يتم حشدها في محيط مدينة حمص منذ عدة أيام, وتمنوا ان يتحدث الرئيس الأسد يوميا.
وفي إطار التحركات العربية، قال نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، من بغداد، أمس، إنه على سوريا أن توقع بقبول مبادرة الجامعة العربية في أسرع وقت ممكن إذا كانت ترغب في رفع العقوبات الاقتصادية التي اتخذتها الجامعة العربية ضد سوريا في وقت سابق.
انفجار أنبوب نفط في حمص: النظام يتهم إرهابيين.. وناشطون يتهمونه بالتمهيد لعملية عسكرية قاضية
دخول تعزيزات عسكرية كبيرة إلى المدينة
لندن: «الشرق الأوسط»
اتهم ناشطون في حمص قوات الأمن السورية بتفجير خط لنقل النفط الخام تابع للشركة السورية لنقل النفط، عند منطقة السلطانية، شمال غربي مصفاة حمص، مما أسفر عن اشتعال حريق كبير في هذا الجزء من الخط. إلا أن النظام اتهم بدوره مجموعات إرهابية باستهداف الأنبوب.
وقال رامي عبد الرحمن، من المرصد السوري لحقوق الإنسان: «إنه خط الأنابيب الرئيسي الذي يغذي مصفاة حمص». كما تحدث المرصد عن مقتل سبعة في حمص بنيران قناصة وعمليات إطلاق نار «عشوائية». وتلبي مصفاة حمص جزءا من الطلب السوري المحلي على منتجات النفط. وفي يوليو (تموز) الماضي، قالت وكالة الأنباء السورية إن مخربين فجروا خطا لتصدير النفط يحمل النفط من حقول شرق سوريا إلى ساحل البحر المتوسط.
وبث الناشطون مقاطع فيديو وصورا لغمامة كبيرة من الدخان الأسود تغطي سماء مناطق تل الشور وبابا عمرو (شمال غربي مدينة حمص). وقال الناشطون إن النظام السوري يمهد بهذه العلمية لعملية عسكرية يتطلع لأن تكون حاسمة في حمص، ولفتوا إلى أن تعزيزات عسكرية كبيرة يتم حشدها في محيط مدينة حمص منذ عدة أيام، مع الإشارة إلى الخندق الكبير الذي حفرته قوات الجيش السوري شمال غربي المدينة، الشهر الماضي.
كما قالت مصادر محلية في حمص إن عشرات الشاحنات الكبيرة دخلت، ليلة أول من أمس، إلى المقرات الأمنية في المدينة، وتحت حراسة مشددة، كما لوحظ قطع الكهرباء في المناطق التي مرت فيها. وفي السياق ذاته، حذر «المركز الإعلامي لدعم ثوار حمص»، من عزم النظام السوري توجيه ضربة عسكرية «قاضية» للثورة في حمص. وقال المركز في بيان صدر عنه، يوم أمس، إن الخطة التي وضعها النظام ترتكز على نقطتين؛ الأولى إشعال فتيل الاقتتال الطائفي في حمص، الأمر الذي قال المركز إنه يبرر ارتفاع معدل القتل في مدينة حمص أكثر من أي منطقة أخرى. وقال إن هذا بدأ التمهيد له والعمل عليه منذ عدة أشهر، ولكنه كثف جهده بهذا الاتجاه في الفترة الأخيرة بمساعدة من أطلق عليهم «بعض حمقى المعارضة». ومن تلك المساعي تعمد حرق المساجد والمصاحف أثناء المداهمات، وقتل 34 شابا من المعارضين وسط أحد أحياء الموالين للنظام، وخطف بنات ونساء من المعارضين والموالين معا، ومؤخرا تفجير خط النفط قريبا من بابا عمرو.
والنقطة الثانية، بحسب المركز، «فتح هامش صغير للحراك الشعبي السلمي في باقي المدن السورية، وتخفيض مستوى العنف، وتخفيض معدل القتل إلى حده الأدنى». وقال المركز إن خطة النظام تتضمن أيضا استقدام لجنة المراقبين العربية «ضمن شروطه» ليظهر لهم وللعالم الصورة بأن الاقتتال في حمص هو اقتتال طائفي، وبما يبرر الوحشية والعنف، وأن الحراك الشعبي السلمي يتم التعامل معه من دون عنف شديد.
وقال المركز إن النظام يتأهب لشن حملة عسكرية «وحشية» على حمص في «الأيام المقبلة» بزعم «إنهاء الاقتتال الطائفي» في 72 ساعة. وقال إنه في حال اعتماد رواية الاقتتال الطائفي في سوريا من قبل الأوساط الدبلوماسية العربية والدولية، فإن احتمالات التدخل الدولي تصبح شبه معدومة. وأضاف المركز أنه «في حال نجحت خطة النظام تلك في إخماد الحراك في حمص، فسيتم تعميمها على باقي المناطق الساخنة»، تحت غطاء «القضاء على الاقتتال الطائفي» مع بعض التعديلات، مع الاستمرار بالقمع «غير المميت»، كالاعتقالات والحصار للقضاء على الحراك الشعبي تدريجيا.
وحذر المركز الإعلامي «الثوار» من الانجرار وراء الدعوات الطائفية والاستجابة للاستفزازات الطائفية، مهما كانت، والقيام بردات فعل غير محسوبة. ودعا إلى الحذر الشديد، والعمل بكل الوسائل لإحباط تلك الخطة.
من جانبها أعلنت وكالة الأنباء السورية (سانا) قيام «مجموعة إرهابية مسلحة» صباح أمس باستهداف «خط لنقل النفط الخام تابع للشركة السورية لنقل النفط»، وذلك «بإطلاق النار عليه عند منطقة السلطانية شمال غربي مصفاة حمص». ونقلت «سانا» عن مصدر مسؤول قوله إن «الخط الذي تعرض للاعتداء ينقل النفط من دير الزور إلى بانياس بقطر 24 إنشا، وإن العناصر المختصة سارعت إلى إطفاء النيران بالتعاون مع الجهات المعنية بالمحافظة، حيث تم إيقاف الضخ في هذا الخط فور حدوث الاعتداء وتحويله إلى خطوط بديلة، دون أن يكون هناك أي تأثير على العملية الإنتاجية ونقل النفط المنتج».
ويعد هذا الحادث هو الثالث من نوعه، حيث سبق واستهدف في شهر يوليو (تموز) الماضي خط لنقل النفط يمر بمنطقة تلكلخ قرب سد تل حوش، مما أدى إلى إحداث حفرة بقطر نحو 15 مترا، وتسرب النفط من الخط. وبحسب مصادر رسمية، وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، استهدف خط لنقل النفط الخام يمتد من حقل المهاش إلى حقل التيم في محافظة دير الزور، وذلك عند نقطة الالتقاء بين خط نقل النفط من حقل الخراطة إلى حقل التيم نحو 15 كيلومترا جنوب غربي المدينة، مما أدى إلى حدوث انفجار في جزء من الخط.
من جانب آخر، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن عشرة مدنيين قتلوا في حمص أمس، بينهم سيدة قتلت برصاص قناصة في حي بابا عمرو، وأضاف: «استشهد ثلاثة مواطنين في حي كرم الزيتون بإطلاق رصاص عشوائي من قبل قوات الأمن، واستشهد مواطن في حي وادي إيران إثر إطلاق رصاص عشوائي، واستشهد مواطن آخر حاول إنقاذه، كما استشهد مواطن في حي بابا عمرو متأثرا بجراح أصيب بها بعد منتصف ليل الأربعاء - الخميس، وفي حي الخالدية استشهد مواطن بإطلاق رصاص من قبل قوات الأمن، واستشهد آخر متأثرا بجراح أصيب بها قبل يومين، كما تم التعرف اليوم على مواطنين اثنين قتلا في مجزرة حي الزهراء قبل ثلاثة أيام». وأضاف لاحقا أن مواطنا آخر قتل، إثر إطلاق رصاص من حاجز أمني في حي دير بلعلبة.
اضطرابات في ريف إدلب.. وتحشيد للقوات السورية عند الحدود مع تركيا
مظاهرات طلابية في عدة مناطق.. واستمرار الاضطرابات في جامعة حلب
لندن: «الشرق الأوسط»
بينما تعيش بلدة جرجناز في ريف إدلب المضطرب حدادا عاما على أرواح قتلاها، أغلقت قوات الأمن والجيش مدينة معرة النعمان في ريف إدلب، وجرى نصب مزيد من الحواجز على مداخل المدينة وداخلها بين الأحياء، مع قطع الاتصالات، كما تم قطع أوتوستراد حمص - حلب أثناء عملية نشر لقوات الجيش بين منطقتي خان شيخون ومورك، وجرى خلال ذلك إطلاق رصاص واحتراق سيارة على أحد الجسور بين المنطقتين.
وقال ناشطون إن قوات الأمن أطلقت النار يوم أمس باتجاه مواطنين كانوا يقفون أمام المخبز الحكومي قريبا من سوق الهال، وإن طفلا في العاشرة من عمره أصيب بطلق ناري أثناء شرائه الخبز. ولا تزال الأوضاع الأمنية متوترة في ريف إدلب الذي شهد انشقاقات عدة لجنود من الجيش، كما وقعت اشتباكات عنيفة هناك خلال اليومين الماضيين.
وقال ناشطون إن القوات السورية تحتشد في ريف إدلب، شمال غربي البلاد، قريبا من الحدود مع تركيا، تحسبا لاحتمال إقرار تركيا إقامة منطقة عازلة. كما قال ناشطون في القامشلي، شمال شرقي، إن تعزيزات عسكرية كبيرة تصل إلى مناطق الحدود مع تركيا من الجهة الشمالية الشرقية، بعد إعلان الجانب السوري إغلاق الحدود بحجة الصيانة. كما أكدت مصادر محلية في محافظة الحسكة توافد عدد كبير من دبابات الجيش إلى منطقة الحدود السورية - التركية، وقالت إنها في حالة تأهب شديدة.
وفي إطار التطورات الميدانية خرجت يوم أمس العديد من المظاهرات الطلابية في مناطق عدة من البلاد، لا سيما في قرى حوران، كبصر الحرير والطيبة وغيرهما، وفي ريف دمشق. وفي دمر الشرقية تحول تشييع خالد الديك (29 عاما) إلى مظاهرة طالبت بإسقاط النظام ومحاكمة الرئيس، علما بأن الديك قتل في محافظة درعا أثناء عودته من الأردن.
من جهة أخرى، قال ناشطون إن عددا من الشبيحة اقتحموا يوم أمس المدرسة السابعة وقاموا بالاعتداء بالضرب المبرح على عدة طلاب أمام المدرسين. وفي حي القدم بمدينة دمشق، خرجت مظاهرة طلابية طالبت بإعدام الرئيس، وتمت مهاجمة المظاهرة من قبل الشبيحة والأمن الذين مكثوا يستعرضون قوتهم في الشوارع بعد انتهاء المظاهرة.
وفي البوكمال، شرق، خرجت مظاهرات طلابية من عدة مدارس، قامت قوات الأمن بمهاجمتها وأطلقت النار لتفريقها، بعدها جرى تمركز للدبابات وسط ساحة المدينة، مع نشر للشبيحة هناك. وفي بلدة الموحسن في دير الزور، شرق، خرجت أيضا مظاهرات طلابية حاشدة من عدة مدارس تم تفريقها بالقوة.
وفي مدينة حلب اعتصم طلاب في كلية الهندسة المدنية احتجاجا على اعتقال زملائهم، وعلى الفور تمت محاصرتهم من قبل الأمن والشبيحة الذين اقتحموا الحرم الجامعي وكلية الهندسة، وقاموا بملاحقة وضرب الطلاب ومحاصرتهم في المبنى وشن حملة اعتقالات. كما تم اقتحام كلية الطب البشري في جامعة حلب واعتقل ثلاثة طلاب بعد الاعتداء عليهم، وشوهدت سيارة «فان» سياحية تقف أمام باب كلية الطب وضع فيها الطلاب المعتقلون وقد غطت وجوههم الدماء. وتشهد جامعة حلب منذ ثلاثة أيام اضطرابات على خلفية مظاهرات واعتصامات يقوم بها الطلاب. وقال ناشطون إن قوات الأمن اقتحمت حي المرجة في مدينة حلب فجر يوم أمس وشنت حملة مداهمات لعدد من المنازل استمرت نحو ست ساعات اعتقل خلالها أكثر من 15 شابا، على خلفية المظاهرة التي خرجت يوم أول من أمس.
الناشطون السوريون يطلقون عجلة العصيان المدني
بدءا بإضراب عام يوم الأحد دعوا لمظاهرات في جمعة «إضراب الكرامة»
بيروت: بولا أسطيح
دعت قوى الحراك الثوري والمعارضة في الداخل والخارج السوريين للخروج اليوم في مظاهرات جمعة «إضراب الكرامة»، لإعلان التزامهم بالإضراب المفتوح الذي تم التوافق على انطلاقه يوم الأحد المقبل الموافق 11 ديسمبر (كانون الأول)، على أن يستمر نحو الشهر تقريبا لينتهي بعصيان مدني.
وقد تبنى المجلس الوطني السوري هذه الدعوة بعد أن جرى تنسيقها بين جميع التنسيقيات والحركات الشبابية والهيئات ومجالس المعارضة على اختلاف أطيافها. ودعا المجلس الوطني للمشاركة الفاعلة في الإضراب الذي يشمل الجامعات والمدارس والاتصالات والمحلات التجارية والمواصلات وموظفي القطاع العام، مؤكدا أن «المشاركة في الإضراب العام الذي دعت إليه قوى الحراك الثوري في الحادي عشر من ديسمبر الحالي، ستكون تصاعدية، وستتوج بعصيان مدني شامل يؤكد رفض السوريين جميعا للنظام الدموي ومقاطعتهم له على كل الأصعدة».
ولفت عضو المجلس التنفيذي في المجلس الوطني السوري سمير نشار إلى أن «الهدف الأول للإضراب حشد مختلف شرائح المجتمع السوري، وإظهار وحدتها وروح الجماعة لديها لمواجهة النظام السوري للتأكيد على أن المجتمع السوري مجتمع يريد تغيير الرئيس، وتغيير النظام، وتغيير نمط حياته ومستقبله».
وفي اتصال مع «الشرق الأوسط»، أوضح نشار أن «الدعوة للإضراب قررها الحراك الثوري في الداخل السوري ودعمها المجلس الوطني»، كاشفا عن «مخطط تدريجي للإضراب سيتوسع ليصل للعصيان المدني». وأضاف «الأوضاع في سوريا تتطور بشكل إيجابي لمصلحة الثورة.. في المرحلة الماضية كانت كل المدن السورية تتحرك، ووحدها حلب ودمشق كانتا خارج إطار الثورة، أما اليوم فهناك شرائح اجتماعية كبيرة في المدينتين أصبحت أكثر حسما بتأييد عملية التغيير».
وعن مرحلة ما بعد الإضراب والعصيان المدني، قال نشار «الإجراءات في هذا الصدد مرتبطة مباشرة بتطور الأوضاع ميدانيا في الداخل السوري وكل الخيارات تبقى متاحة. نحن طالبنا ونطالب جامعة الدول العربية بأن تحيل الملف السوري إلى مجلس الأمن لتأمين حماية المدنيين، لكننا عاتبون عليها فهي تعطي المهلة تلو الأخرى فيما الشعب السوري يذبح يوميا ومن دون رحمة».
وكانت عملية التصويت على تسمية يوم الجمعة والتي تتم أسبوعيا على صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011» على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، انتهت لاعتماد تسمية «جمعة إضراب الكرامة»، التي نالت أكبر نسبة من أصوات المشاركين مقابل بضعة أصوات لتسميات مثل: روسيا شريكة في الجريمة، سنتحرر بأيدينا، كلنا سوريا ضد الطائفية.. وغيرها.
وترافقت البيانات الرسمية التي صدرت عن قوى المعارضة داعية للالتزام بالإضراب، مع دعوات واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والصفحات الشخصية للنشطاء السوريين على «فيس بوك». وقد أنشأ ناشطون سوريون صفحة خاصة بالإضراب عبر هذا الموقع عمموا من خلالها كل تفاصيل الإضراب ومراحله، مشددين على وجوب التقيد به.
وبحسب الجهات الداعية للإضراب، فإن تطبيقه سيكون على مراحل تصعيدية تبدأ بالانقطاع الجزئي عن الدوام في المدارس، والتغيب الجزئي للعاملين في القطاع الحكومي، مع التخفيف من استعمال الهواتف النقالة والتحضير لإغلاق الأسواق والمحال التجارية إلا في ساعات محددة.
وتستمر الإضرابات حسب خطة مفصلة، لتشمل الجامعات وقطاع المواصلات في وقت لاحق، ثم تنتهي بانقطاع كامل عن الدوام في المؤسسات الحكومية والمدارس والجامعات، وقطع الطرق الدولية للدخول في مرحلة العصيان المدني مع نهاية الشهر الحالي.
ويهدف الإضراب، بحسب الجهات الداعية إليه، إلى دفع النظام لإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين، وسحب الجيش وآلياته من كل المدن السورية، والتأكيد على سلمية الثورة.
بيان «علوي» يرفض تحميل الطائفة وزر «وحشية النظام»
قال إن الشبيحة «صنيعة آل الأسد وليس لنا علاقة بها»
بيروت: «الشرق الأوسط»
أصدرت رابطة تنسيقيات ووجهاء العلويين في الساحل السوري بيانا رفضت فيه تحميل الطائفة العلوية وزر الأعمال الوحشية التي يرتكبها النظام السوري ضد المتظاهرين، مؤكدة أن الطائفة «ليس لديها مرجعيات كي تفتي بدعم النظام أو تشكل رافعة تأييدية له»، ومبينة «حيثيات نشوء ظاهرة الشبيحة وارتباطها بشخصيات تنتمي إلى عائلة الأسد وليس إلى الطائفة العلوية».
البيان الذي تم تداوله على صفحات «فيس بوك» في اليومين الماضيين، استعرض محطات من تاريخ العلويين في سوريا وسياقات انخراطهم في المجتمع السوري، حيث ورد فيه: «العلويون، كما الدروز وكما السنة وكما الشيعة، وكما الأكراد والمسيحيين وكل مكونات الشعب السوري ظلت طيلة تاريخ هذا الوطن تشكل كينونة هذا الوطن وعلّة نشأته، وغاية وحدته! ولم يحصل في تاريخ الشعب السوري أن طائفة نفت الأخرى أو بغت عليها. وشهدت عهود الاحتلال الفرنسي ثورات متتالية متزامنة في كل أصقاع سوريا وكان للعلويين النصيب الأكبر فيها في ثورة الشيخ صالح العلي عام 1920 التي تواصلت وتناسقت مع ثورات المناطق السورية في جبل الزاوية وجبل العرب وغوطة دمشق، وظل العلويون وحدويين وطنيين سوريين طوال حياتهم، كما شهد الجولان معارك سالت فيها دماء العلويين واختلطت بدماء بقية جنود سوريا في كل المعارك منذ حرب الإنقاذ حتى حرب تشرين (أكتوبر 1973)».
وأضاف البيان «انخرط العلويون في الأحزاب القومية واليسارية والوطنية، وعملوا على إحداث التنمية، وبناء الأمن الاقتصادي أسوة بانخراطهم في الأمن الوطني واستشهدوا من أجل سوريا في كل حلقات التطور الوطني. كما انخرط العلويون بعد الاستقلال في حركة الاشتراكيين العرب، وحزب البعث العربي الذي رأسته شخصية سنية وطنية ديمقراطية هي أكرم الحوراني، كما انخرط آل الخير النبلاء وآل إسماعيل وآل خضور وآل صالح وآل صقور وآل صقر وآل سعود وآل حاتم وآل اليونس والراهب وحمدان (من كبار العائلات العلوية) والتزموا قضية الأمة والوطن وهم يلتزمون اليوم قيم ومنطلقات وموجبات تحرير الجولان السورية اليوم ومسيرة التحول الديمقراطي برمتها».
وأوضح البيان الذي تحفّظ موقعوه على ذكر أسمائهم «حفاظا على حياتهم»، أن الطائفة «ليس لديهم مرجعيات تقليدية كنسية أو غيرها، كمشيخة العقل الدرزية أو دار الإفتاء السنية أو المجلس الأعلى الشيعي، وبذلك فلا يمكن تأطير الطائفة العلوية والادعاء أن المرجعية أو دار الإفتاء العلوية أفتت بدعم النظام وشكلت رافعة له، فمثل هذه المرجعيات غير موجودة، وعليه لم تصدر عنها أي فتاوى تجاه النظام أو غيره، وذلك لانعدام وجود من يفتي أو يشكل مرجعية مذهبية أو مليّة».
وعن المجموعات المسلحة التي تقمع المتظاهرين وتسمى «الشبيحة» أكد البيان أنها «صنيعة آل الأسد وليس للطائفة علاقة بها». وقال: «كان النظام قد أسس ميليشيات سرايا الدفاع على يد شقيق حافظ الأسد رفعت الأسد في بداية السبعينات، حيث أصبحت ميليشيا عسكرية تتمايز على القوات المسلحة النظامية، كما قام جميل الأسد شقيق حافظ الأسد بإنشاء جمعية المرتضى وقام بتزويدها بالدراجات النارية والبنادق والهاونات (مدافع المورتر)، وجعل مجال عملها في أواخر السبعينات السفح الشرقي لجبال الساحل الممتد من مصياف إلى جسر الشغور وكانت تسمى الجبهة الغربية في مواجهة الحراك الإسلامي، في ذلك الوقت، والذي امتد من حماه إلى قلعة المضيق وجسر الشغور». وتابع البيان: «وكان أبناء جميل الأسد وشباب العائلة ومريدوهم قد أنشأوا 15 مرفأ غير شرعي امتدت من منطقة الخراب الواقعة بمحاذاة قرية ضهر صفرا جنوب بانياس وفي نقطة (سوكاس) جنوب مدينة جبلة، ثم في منطقة (الرميلة) شمال مدينة جبلة ثم محلة الصنوبر، وغيرها حتى بلدة (مينة البيضاء) و(مصيف البسيط) وكانت هذه المرافئ غير الشرعية مكرسة لتهريب الأسلحة وأجهزة الفيديو والتلفاز والأموال وغيرها».
العربي من بغداد: على سوريا أن توقع البروتوكول إذا كانت ترغب في رفع العقوبات
الأسد أكد في مقابلته مع وولترز أنه لن يسمح للمراقبين بالتصرف على هواهم
بغداد - لندن: «الشرق الأوسط»
قال نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أمس، إنه على سوريا أن توقع بقبول مبادرة الجامعة العربية في أسرع وقت ممكن إذا كانت ترغب في رفع العقوبات الاقتصادية التي اتخذتها الجامعة العربية ضد سوريا في وقت سابق.
وقال العربي في مؤتمر صحافي عقده مع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في مقر وزارة الخارجية العراقية في بغداد، إن سوريا أرسلت ما يشير إلى قبولها المبادرة من حيث المبدأ، لكنها اشترطت إلغاء جميع العقوبات الاقتصادية التي كانت الجامعة قد أصدرتها ضد سوريا في وقت سابق.
وكان الرئيس السوري بشار الأسد قال في مقابلته مع باربرا وولترز من تلفزيون «إيه بي سي نيوز» الأميركي، إنه لن يسمح للمراقبين بالدخول والتصرف على هواهم. وقال ردا على سؤال حول ما إذا كان سيوافق على طلب الجامعة العربية بإدخال مراقبين إلى البلاد «نعم بالطبع.. لكن يجب أن يكون ذلك متماشيا مع سيادتنا.. لا يمكنهم أن يأتوا ويفعلوا ما يشاءون».
وقال العربي إن الحكومة السورية أرسلت «قبول التوقيع على البروتوكول.. والبروتوكول هنا هو الإطار القانوني لبعثة ومهام وفد الجامعة العربية الذي من المفروض أن يذهب إلى سوريا ويشاهد بنفسه ما يجري على الأرض». وأضاف العربي أن السوريين طالبوا باعتبار «جميع القرارات التي أصدرتها الجامعة العربية بحق سوريا لاغية بمجرد التوقيع هذا الموضوع».
ولم يحدد العربي موقف الجامعة بخصوص المطلب السوري بإلغاء العقوبات، لكنه قال إن الجامعة العربية عرضت هذا الموضوع على مجلس وزراء الخارجية العرب «لأنه الجهة التي أصدرت هذه القرارات». ولم يفصح العربي عما إذا كانت الجامعة تضع موعدا نهائيا لتسلم الرد السوري بشكل رسمي أم لا، لكنه قال إنه إذا كان السوريون يسعون إلى رفع العقوبات عنهم فعليهم قبول المبادرة «بأسرع وقت ممكن». وتوقع العربي أن يكون هناك «اجتماع قريب» لمجلس وزراء الخارجية العرب لاتخاذ موقف بشان الرد السوري.
من جهته، جدد رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي أمس استعداد بلاده وجاهزيتها لعقد القمة العربية في بغداد العام المقبل. وقال المالكي خلال استقباله الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن العراق مستعد لاستضافة القمة العربية في بغداد، مشيرا إلى أن العراق يقف إلى «جانب حق الشعوب في المطالبة بحريتها وتحقيق كرامتها»، ويؤكد ضرورة اتباع «أساليب تحقق أهداف الشعوب دون اللجوء إلى الحروب والعنف»، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وكانت الجامعة العربية قد صوتت يوم 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بفرض عقوبات اقتصادية ضد سوريا بعد أن رفض الرئيس السوري بشار الأسد مبادرة للجامعة تهدف إلى وقف حملة عنف لقمع الانتفاضة المناهضة لحكمه. وقال العربي إن العقوبات اعتبرت «سارية المفعول» منذ يوم السابع والعشرين من الشهر الماضي. وجاء إقرار العقوبات بموافقة 19 عضوا من الأعضاء الاثنين والعشرين في الجامعة. ومن بين العقوبات فرض حظر على سفر كبار المسؤولين السوريين إلى الدول العربية، وتجميد الأموال المرتبطة بالحكومة السورية، وعدم التعامل مع البنك المركزي السوري، ووقف الاستثمارات في سوريا.
ودعت خطة السلام العربية إلى إرسال مراقبين عرب إلى سوريا، وانسحاب القوات الحكومية من المناطق السكنية، والبدء باتخاذ إصلاحات سياسية، وهذا يتطلب محادثات بين الحكومة والمعارضة. وتجاهلت دمشق العديد من المواعيد التي حددتها لها الجامعة العربية لتطبيق خطة السلام.
 وقال العربي إن الرد السوري تضمن مقترحا وصفه بأنه غير جوهري، وأنه يدعو أن يكون التوقيع على مبادرة الجامعة في دمشق وليس في مقر الجامعة العربية. وأوضح العربي أن الجامعة العربية قابلت في الفترة الماضية مختلف أطياف المعارضة السورية. وقال إنه يتوقع وبمجرد صدور قرار من مجلس وزراء الخارجية العرب أن يصار إلى عقد اجتماع تحضيري لأطياف المعارضة السورية. وأشار إلى أن هذا الاجتماع قد يتم «الأسبوع المقبل» لبحث ترتيبات إرسال وفد تقصي الحقائق إلى سوريا، لكنه قال إن هذا الأمر مقرون بقيام الحكومة السورية بتوجيه دعوة لهذا الوفد.
وقال العربي إن الكرة الآن في ملعب السوريين، وعليهم إعلان موافقتهم النهائية إذا كانوا راغبين في رفع العقوبات الاقتصادية عنهم.
وأضاف أن زيارته للعراق هي للبحث في إمكانية أن تقوم الحكومة العراقية باستثمار علاقتها مع سوريا لدعم وإنجاح مبادرة الجامعة العربية. من جهته، أعلن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في بغداد أمس، أن الحكومة العراقية ستناقش مع نظيرتها السورية تطبيق المبادرة العربية لوقف العنف في سوريا.
وقال زيباري في مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن «الحكومة العراقية ستقوم ببذل جهودها مع الحكومة السورية في سبيل تذليل العقبات أمام هذه المبادرة النبيلة».
وكان رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي أعلن قبل أيام أن العراق مستعد للوساطة بين المعارضة والحكومة السورية. وقال علي الموسوي، مستشار رئيس الحكومة، أمس، إن العراق مستعد لاستقبال المعارضة السورية في مسعى لإنهاء العنف وإراقة الدماء في سوريا وتحقيق مطالب الشعب السوري. وقال زيباري «الحكومة العراقية أبدت مؤخرا رغبتها في الانفتاح على المعارضة السورية أيضا، وهذا في سبيل دعم الجهود ودعم مبادرة الجامعة». ووصف زيباري المبادرة بأنها ما زالت «في مراحلها الأولى»، وأن هناك أطرافا عديدة من المعارضة السورية، وأنها تحتاج إلى وقت. وقال «لدينا اتصالات جيدة أيضا مع الحكومة السورية، وبإمكاننا أن نقوم بدور مسؤول في دعم تنفيذ المبادرة العربية حقنا للدماء ولمصلحة الشعب السوري».
من جهتها، قالت فرنسا أمس إن الرئيس السوري بشار الأسد لن يفلت من العدالة، ورفضت إنكاره إصدار أوامر للقوات بقتل المحتجين المناهضين للحكومة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو «على غرار كل من هو مسؤول عن القمع، سيضطر لدفع ثمن الجرائم التي ارتكبها في سوريا على مدى أشهر. لن يفلت من العدالة». وكانت فرنسا من أعلى الأصوات التي ضغطت لاستصدار قرار من الأمم المتحدة يهدد سوريا بفرض عقوبات إن هي لم توقف الحملة. وتسعى باريس الآن جاهدة لإنشاء ممرات إنسانية لإمداد السكان بالمساعدات. وقال فاليرو إن باريس لا تعطي مصداقية لتصريحات الأسد «الاستفزازية» لأنها تتناقض بشدة مع الواقع. وقال فاليرو «ما زال نظام دمشق يرفض بعناد مطالب الجامعة العربية والمجتمع الدولي، لكن الشعب السوري والمجتمع الدولي أصدرا الحكم عليه».
ناشطون سوريون يسخرون من الأسد على «فيس بوك» ويتمنون أن يتحدث يوميا لـ«إذكاء روح الثورة»
سجين سابق يتذكر كيف سمع من سجن تدمر الأسد الأب ينكر وجود السجناء السياسيين
بيروت: «الشرق الأوسط» ...تنوعت ردود فعل الناشطين السوريين على صفحات «فيس بوك» إزاء المقابلة التلفزيونية التي أدلى بها الرئيس السوري بشار الأسد لمحطة «إيه بي سي نيوز» الأميركية، والتي قال فيها إنه لم يصدر أي أوامر بقتل شعبه ولا يشعر أبدا بتأنيب الضمير، مضيفا أن «الرئيس الذي يقتل شعبه هو مجنون».
بعض الناشطين تلقوا تصريحات الأسد هذه، بكثير من السخرية والاستخفاف. فكتبت الناشطة سوزان سيبان على صفحتها «يبدو أن الطغمة المحيطة بالأسد تمنعه من مشاهدة الفضائيات العربية والعالمية، لذلك لا علم له بالجرائم التي ارتكبها الجيش والأمن والشبيحة وأعداد الشهداء من الثورة، حتى إنه لا علم له بأنه توجد ثورة ومطالبة بإعدامه».
أما جاد إسماعيل فكتب «من جهتي، أتمنى أن يتحدث الأسد كل يوم عبر مقابلة أو خطاب لأنه يجدد فينا روح الثورة بسبب كلامه الاستفزازي، وحين يتحدث بكلام غبي، لا بد أن يدرك العالم لماذا قمنا بهذه الثورة». وفي الوقت الذي لاحظ فيه الناشط ممدوح القاضي أن الأسد والقذافي تكلما عبر المحطة التلفزيونية ذاتها (إيه بي سي نيوز)، كتب المعارض السياسي المقيم في لندن محيي الدين لاذقاني على صفحته: «الأخ الرئيس الصامد الممانع لا يحس بتأنيب ضمير بعد نهر من الدم وقد كان من الأفضل أن تسأله باربرا هل عندك ضمير؟ بدلا من سؤال هل تحس بتأنيب الضمير؟». وفي مفارقة مؤلمة، أشار المسرحي والسجين السياسي السابق غسان الجباعي والذي قضى فترة طويلة في سجن تدمر الصحراوي، على صفحته «ذكرني سيادة الرئيس بسجن تدمر. وضعوا مكبرات صوت وأسمعونا لقاء من سيادة الرئيس السابق. سألته الصحافية عن المعتقلين السياسيين في سوريا. فقال لها: (لا علم لي بوجود سجناء سياسيين. هذا جزء من الحملة الإمبريالية الصهيونية المعادية لسوريا). كان عددنا أكثر من 10 آلاف معتقل، في تدمر فقط. كنا نصغي، وكان الحراس أيضا يصغون. وكدنا نصدق أننا غير موجودين..».
وكتب الكاتب والناشط الأشوري سليمان يوسف: «إن تبرؤ الرئيس بشار من عمليات قتل المدنيين المتظاهرين، في مقابلة له مع شبكة (إيه بي سي) التلفزيونية الأميركية اعتراف صريح منه بأنه لا يحكم بل محكوم من قبل المجلس العسكر الأمني المحيط به و(هذا ما قلناه منذ البداية). في ضوء هذه الاعترافات الجريئة والمهمة للرئيس بشار.. أعتقد أن بقاءه في موقع الرئاسة لن يطول ليس (التنحي) بضغط الانتفاضة كما يظن البعض وإنما بانقلاب عسكري عليه من داخل القصر الجمهوري ومن المقربين إليه».
وكان الناشطون السوريون قد اعتمدوا في الفترة الأخيرة استراتيجية توحيد «الستاتوس» الذي يكتبونه على صفحاتهم بشكل يومي، فامتلأت هذه الصفحات بستاتوس «سوريا بدها حرية» في الأسبوع الماضي. وتم اعتماد شعاري «واحد واحد واحد الشعب السوري واحد» و«الحرية للأبد لكل أولاد البلد» هذا الأسبوع، كـ«ستاتوسات» تمت كتابتها في وقت واحد على جميع صفحات الناشطين المعارضين لنظام الحكم بهدف لفت الانتباه إلى مبادئ الانتفاضة الشعبية ضد نظام بشار الأسد وتوضيح الأهداف التي تسعى إليها.
ويعد موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» واحدا من أكثر أدوات الثورة السورية فاعلية، حيث تتم على صفحاته تحديد أسماء جمع التظاهر. كما يتم نشر جميع الفيديوهات التي تفضح انتهاكات حقوق الإنسان التي يقوم بها نظام الأسد، إضافة إلى مئات الصفحات التي أنشئت لدعم المعتقلين والمطالبة بالإفراج عنهم.
حزب الله والجمهور العربي واستراتيجيات المواجهة
رضوان السيد
لا يزال الأمين العام لحزب الله مصرا على أنه يقف على أبواب انتصار استراتيجي على الولايات المتحدة قادته وتقوده الجمهورية الإسلامية في إيران، ومستنده في ذلك عدة أمور: انسحاب الولايات المتحدة من العراق (واستيلاؤه هو وحزبه على الحكومة في لبنان) وصمود النظام السوري في وجه ثورة شعبه عليه وفي وجه الضغوط العربية والدولية. ولا يزال الغربيون مصرين على أن الأمور بالمنطقة العربية تتجه لصالحهم، ومستندهم في ذلك عدة أمور أيضا: نزول الجمهور العربي للشارع في مواجهة الأنظمة وسعيا لإقامة أنظمة ديمقراطية، وأن هذا الجمهور الذي غير عدة رؤساء وأنظمة حتى الآن لا يعادي الغرب والولايات المتحدة، بل سعى ويسعى لإقامة علاقات أفضل معها، بما في ذلك الشعب العراقي الآسف للانسحاب الأميركي (باستثناء أنصار القاعدة، وأنصار مقتدى الصدر!)، وأنه لا أحد في العالم يجاهر بدعم إيران في ملفها النووي أو في تدخلاتها خارج حدودها، وأن سائر مناطق النفوذ الإيراني هي مناطق توتر وتأزم الآن وليس بسبب معارضة الولايات المتحدة، بل بسبب تحركات الجمهور.
وهكذا نرى أن العامل الرئيسي أو المتغير الرئيسي في التجاذب والصراع هو الجمهور العربي بمختلف فئاته، الذي كان غائبا فحضر، فعاد الصراع على أشده بين القوى الإقليمية والدولية على المنطقة وفيها. لقد غزا الأميركيون المنطقة من أفغانستان وإلى العراق وسيطروا على أنحائها، بالاشتراك مع إيران وإسرائيل، أو بسكوت من جانبهما عن ذلك. أما الإيرانيون فقد دعموا أو سكتوا لاستفادتهم من تغيير الأنظمة تحت الوطأة العسكرية الأميركية، ولرجائهم أن يحلوا محل الزائلين في ملء الفراغ الاستراتيجي. وأما إسرائيل فلأنها رأت في ضرب العراق كسبا استراتيجيا لها، كما أن الحضور العسكري الأميركي الكبير يعتبر زيادة لها في الأمن والأمان، وهذا فضلا عن تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية وحلولها، والتمكين لها للخروج على ما تبقى من اتفاقية أوسلو.
وبالفعل، فإن السياسات الإيرانية بعد عام 2003 مرت بالنسبة للمنطقة العربية بمرحلتين: مرحلة الانتشار في موازاة الانتشار الأميركي 2003 - 2006، ومرحلة التحرك لتثبيت المواقع وقطف الثمار في المرحلة الأولى انتشرت بطريقتين؛ تحويل الشيعة في العالم العربي إلى بؤر للنفوذ، وكذلك الحركات الإسلامية المعارضة والثائرة، بما في ذلك «القاعدة». وفي المرحلة الثانية الاستنفار الأمني والعسكري لكي تعترف الولايات المتحدة بمصالحها الاستراتيجية تسليما أو إرغاما. وكان من ذلك حرب حزب الله على إسرائيل عام 2006، وعلى بيروت عام 2008، وعمل فيلق القدس بالعراق، وانفصال حماس بقطاع غزة عام 2007، والاختراقات التي حققها أنصارها بالبحرين ومصر والكويت واليمن، وتسارع العمل في الملف النووي. ورد الأميركيون على ذلك بخطة بيكر/ هاملتون 2006 - 2007، وأعلنوا عن الانسحاب الأميركي من العراق عام 2011، ومن أفغانستان عام 2014، ودفع وكالة الطاقة ومجلس الأمن لمطاردة الملف النووي الإيراني وإدخال تركيا إلى سوريا وإلى الملف الإسرائيلي - السوري، والإكثار من العمليات الخاصة والسرية في إيران ومن حولها. وهكذا انتقلوا أو عادوا من آيديولوجيا القوة الصلبة، وإلى ممارسات القوة الناعمة.
لقد جرت كل تلك التحركات والتجاذبات والشوارع العربية خالية، والأميركيون يحاولون الحلول محل الأنظمة العربية، والإيرانيون محل الشعوب العربية. وقد تجلت نتائج هذا الخراب الكبير وآثاره الفظيعة على العرب، في مؤتمر سرت بليبيا عام 2010. فقد اقترح عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية يومها بدء حديث استراتيجي مع دول الجوار (إيران وتركيا)، ومن أجل «تنظيم» العلائق معها، بدلا من التسليم باختراقاتها الاستراتيجية، ورد عليه الأمير سعود الفيصل وقتها أيضا بأن شروط الندية والتوازن اللازمة لحديث مجد غير متوافرة، فلماذا يصغي الإيرانيون لاعتبارات التعاون من ضمن السيادة، إذا كانوا موجودين في كل مكان على حساب السيادة؟ ولماذا يصغي الأتراك إلى هذه الاعتبارات، ما داموا يتدخلون بموافقة إيران والولايات المتحدة وإسرائيل؟! ثم حدثت الثورات الشعبية العربية، وفي الجمهوريات الخالدة بالذات، التي كان حكامها أصدقاء للولايات المتحدة، وكانت حركاتها الإسلامية صديقة أو حليفة لإيران! وسلك الأميركيون والإيرانيون سلوكا متشابها في الظاهر ومختلفا تماما في الجوهر والمضمون. فقد سارع الأميركيون والأوروبيون إلى دعم الحراك الشعبي العربي، معتبرين ذلك تحولا ديمقراطيا مشروعا وضروريا. كما سارع الإيرانيون (ومعهم حليفهم السوري قبل قيام الثورة عليه!) إلى تأييد الثورات بحجة أنها سوف تقود إلى إنشاء أنظمة حكم إسلامية على غرار إيران! وقد غير التدخل العسكري الغربي بليبيا المشهد الاحتفالي بعض الشيء، كما غيره راديكاليا الحراك الاحتجاجي والثوري السوري. فتساقط الرؤساء «الخالدين» ما بدا أنه مضر بالولايات المتحدة، لمسارعتها لاستحسان التغيير ومساعدته إلى درجة الاعتراف بالإسلاميين بعد المدنيين. بينما بدا بوضوح أن التحرك الشعبي الجارف بوجوهه المدنية والإسلامية يخرج إيران من المشهد العربي وبثلاثة أشكال: فالعناصر المدنية لا تريد جمهورية على غرار جمهورية إيران الإسلامية، والإسلاميون الإخوانيون الثوريون وغير الثوريين يريدون المشاركة في الديمقراطيات الجديدة. ولا يفكرون في إنشاء أنظمة على شاكلة ولاية الفقيه، والسلفيون يظهرون عداء لإيران وحزب الله، للاختراقات التي نشروها في الوطن العربي، والعداء الذي أظهروه لثورة الشعب السوري! لقد تغير الموضوع تماما بقيام الثورات. سقطت من جهة الثنائية: استبداد/ تطرف، والولايات المتحدة/ إيران. وانطلقت الجماهير العربية ماسحة الثنائيتين، ومحققة بالفعل وبالوعي الملاءة الاستراتيجية تجاه الخارج، أما بالداخل، وهو الأساس، فهناك السعي الحثيث لتكوين سلطات يتوافر فيها الرشاد في إدارة الشأن العام. وعلى وقع هذه الوقائع دبت حيوية فائقة في أوصال الجامعة العربية الخامدة من قبل، وعادت للنشاط والفعالية.
لقد كان من سوء حظ الجمهورية الإسلامية، أنه عندما قامت الثورات؛ فإن أمورها الداخلية كانت مضطربة ولا تزال. فقد انقسم المحافظون الحاكمون من حول السيد الخامنئي إلى معسكرين؛ معسكر تمترس من حول أحمدي نجاد، ومعسكر تمترس من حول قيادة الحرس الثوري. وقد هاجم الحرسيون أحمدي نجاد في إسلاميته الشعبوية والسخرية، وفي فساد أقربائه. فرد عليهم أحمدي نجاد بفضح فسادهم ومغامراتهم في السياسات الخارجية، وعلى رأسهم الجنرال سليماني المشرف في السنوات الطويلة الماضية على عمليات الحرس في الديار العربية. وهذا الانقسام، وهذا الضيق، نتيجة تحول الأميركيين والأوروبيين من الدفاع إلى الهجوم، جعل الحرسيين يسارعون لاستخدام الوسائل القديمة بحجة نجاحها من قبل؛ من الاندفاع للمزيد من تقسيم المقسم بالعراق، والاندفاع في مساعدة النظام السوري على شعبه، وإلى إطلاق صواريخ على إسرائيل والإعلان عن أن «القاعدة» مسؤولة عنها. وإلى دفع الحوثيين لمواجهة السلفيين. وجاء دور الأمين العام لحزب الله للدخول في المواجهة دفاعا عن كل ذاك الماضي القريب الذاهب إلى غير رجعة مع ذكرياته في تغييب الجمهور للحلول محله!
- مرة يقول إنه لا مشكلة بين الشيعة والسنة، وإنما المشكلة مع التكفيريين.
- ومرة يقول إن النظام السوري يستحق المساعدة لأنه نظام مقاومة وممانعة، ليعود فيقول إنها مؤامرة على سوريا للحيلولة دون الانتصار الاستراتيجي، القاعد على الأبواب!
- ومرة يقول إن الخصوم جربوا الحزب ويعرفون ما سوف يحصل إن جربوه مرة أخرى!
وهكذا فقد انقضت دعاوى التحرر والتحرير، وما عاد هناك شيء غير النعي على الجمهور السوري، لأنه يتحدى نظامه العظيم، وتهديد الجمهور اللبناني بالسلاح إن جرؤ على التمرد مرة أخرى. والواقع أن الجمهور العربي كان، ولا يزال، مشكلة الأميركيين والإيرانيين وكل التدخليين. فقد قاتله الأميركيون إلى جانب الأنظمة، وقاتله الإيرانيون بتقسيمه إلى سنة وشيعة، وإلى مقاومين ومستسلمين. وها هو الأمين العام لحزب الله يقاتله باعتباره هو والرئيس بشار الأسد والمالكي المنصب بالعراق، الأكثر أمانة لقضية المقاومة؛ فيا نفس جدي إن دهرك هازل!
 
 

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

آمال كبيرة: مستقبل الإنفراج الإيراني–السعودي...

 الثلاثاء 18 حزيران 2024 - 8:17 ص

آمال كبيرة: مستقبل الإنفراج الإيراني–السعودي... مجموعات الازمات الدولية..طهران/ الرياض/واشنطن/برو… تتمة »

عدد الزيارات: 161,805,548

عدد الزوار: 7,214,863

المتواجدون الآن: 102