الجعفري لـ«الحياة»: ضرب إيران أو سورية يهدد أمن العراق والمنطقة العربية كلها

تفاؤل أميركي بالعلاقات الإستراتيجية: المالكي ليس رجل إيران

تاريخ الإضافة الثلاثاء 13 كانون الأول 2011 - 4:11 ص    عدد الزيارات 2402    التعليقات 0    القسم عربية

        


تفاؤل أميركي بالعلاقات الإستراتيجية: المالكي ليس رجل إيران
الإثنين, 12 ديسيمبر 2011
واشنطن- جويس كرم
 

يستقبل الرئيس باراك أوباما رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، فيما تستكمل القوات الأميركية انسحابها. وأعربت واشنطن عن تفاؤلها بعلاقة استراتيجية مع بغداد، بعد حرب كلفتها حوالى 3 تريليون دولار، وقتل خلالها مئات آلاف المدنيين العراقيين وحوالى الـ5 آلاف جندي أميركي. وأكد مسؤولون في واشنطن أن رئيس الوزراء العراقي «ليس رجل أميركا في بغداد».

وفيما يبحث المالكي مع المسؤولين الأميركيين في تطبيق الاتفاق الإستراتيجي بين البلدين وتدريب الجيش على الأسلحة الحديثة، أكدت كتلته أن بغداد لا تستطيع التخلي عن الدعم الأميركي. وقال رئيس «التحالف الوطني» إبراهيم الجعفري لـ «الحياة» إن هناك توافقاً بين الجميع على الاستعانة بمدربين أميركيين، وإن الولايات المتحدة وافقت على عدم منحهم أي حصانة.

وكان المالكي وصل أمس إلى واشنطن على رأس وفد يضم وزير الخارجية هوشيار زيباري، ووزراء النقل والتجارة والاستثمار والدفاع ومستشارين، للبحث في تعميق الشراكة العسكرية والسياسية والاقتصادية بين الجانبين. وسيستضيف أوباما المالكي والوفد اليوم في البيت الأبيض، كما ستكون هناك لقاءات مع وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ونائب الرئيس جوزيف بايدن وأعضاء في الكونغرس ورجال أعمال أميركيين.

وأعرب مسؤولون أميركيون عن تفاؤلهم بأفق العلاقة بعد انسحاب القوات نهاية العام الحالي، معتبرين أن أوباما والمالكي «سيتوجان نهاية مرحلة الوجود العسكري ببداية علاقة طبيعية جديدة بين العراق والولايات المتحدة».

ورفض مسؤولون أميركيون خلال لقاء خاص مع عدد من المراقبين اعتبار المالكي «رجل إيران» في بغداد، ووضعوا الانسحاب والمرحلة المقبلة في إطار اتفاق الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين.

في بغداد، قال الجعفري في حديث إلى «الحياة» أمس إن «العراق أصبح مستعداً لتحمل مسؤولياته الأمنية والسياسية (...) فقد حصل تطور نوعي وكمي في قدرات قوات الأمن، على رغم وجود خلل سيعالج بقرارات لا تخرج عن التوافق. وقد اضطررنا إلى الاستعانة بمدربين لنقل خبرات استخدام الأسلحة الحديثة إلى الجيش والجميع موافق على ذلك».

وعن عدد المدربين الأميركيين وأماكن وجودهم قال إنهم «سيكونون في معسكرات قليلة ومعلومة تابعة لقوات الأمن ولن يتمتعوا بأي حصانة والولايات المتحدة اقتنعت بوجهة النظر العراقية ولا مجال لتغيير المواقف».

وقلل من المخاوف المترتبة على تزايد النفوذ الإيراني، بعد الانسحاب الأميركي وقال إن «ما يجري بين العراق وإيران هو تبادل مصلحة واسع النطاق في شتى المجالات».

لكنه حذر من توجيه ضربة عسكرية إلى طهران لأن «ذلك سيؤثر سلباً في العراق والمنطقة كلها، وكذلك الحال مع سورية التي نعارض أن توجه إليها ضربات عسكرية».

وعن موقف العراق الداعم للرئيس بشار الأسد، أكد أن «العراق لم يخرج عن الإجماع العربي كما ردد البعض بل خرج عن قرار الجامعة العربية (...) إن موقف الجامعة العربية مستغرب ومفاجئ».

وزاد إن «الأزمة السورية تختلف عما جرى في مصر وتونس وليبيا واليمن. نعتقد بأن الحكومة السورية ارتكبت أخطاء وهناك استياء لدى شريحة من المواطنين، في مقابل شريحة كبيرة ترفض إسقاط النظام بل تدعمه لإصلاح نفسه».

 

 

الجعفري لـ«الحياة»: ضرب إيران أو سورية يهدد أمن العراق والمنطقة العربية كلها
الإثنين, 12 ديسيمبر 2011
بغداد – حسين علي داود
 

شدد إبراهيم الجعفري، رئيس «التحالف الوطني العراقي» الذي يضم معظم القوى الشيعية، على أن توجيه ضربة عسكرية إلى إيران أو سورية يؤثر سلباً في العراق والمنطقة العربية، وأضاف أن «هناك بعض المخاوف من وصول الحركات الإسلامية إلى الحكم في البلدان العربية، في حال خروجها عن الإسلام».

وقال إن موقف الجامعة العربية من سورية «مفاجئ». وأقر بوجود تحديات أمنية تواجه العراق بعد الانسحاب الأميركي.

ورأى الجعفري الذي رأس الحكومة عام 2005 في حديث إلى «الحياة» أن «الوقت مناسب كي يبدأ العراق تحمل مسؤولياته وحده من دون مساعدة القوات الأميركية التي ستنسحب في شكل كامل نهاية العام، وكنا نسعى إلى أن يكون ذلك قبل سنوات».

وأشار إلى «أننا عندما كنا في المعارضة لم نكن نرغب في اندلاع حرب لإنهاء حكم صدام حسين بل كنا نتمنى إنهاءه بالوسائل الوطنية».

وتابع أن «العراق أصبح مستعداً اليوم لتحمل مسؤولياته الأمنية والسياسية (...) وحصل تطور نوعي وكمي في قدرات قواته الأمنية، على رغم وجود خلل سيعالج بقرارات لا تخرج عن التوافق الوطني، وقد اضطررنا اليوم إلى الاستعانة بمدربين لنقل خبرات استخدام الأسلحة الحديثة إلى الجيش والجميع موافق على ذلك».

وعن عدد المدربين الأميركيين وأماكن وجودهم أوضح الجعفري أنهم «سيوجدون في معسكرات قليلة ومعلومة تابعة لقوات الأمن العراقية ولن يتمتعوا بأي حصانة وقد اقتنعت الولايات المتحدة بوجهة النظر العراقية ولا مجال لتغيير المواقف».

ووصف المخاوف من تزايد النفوذ الإيراني بعد الانسحاب الأميركي بـ «المبالغ فيها». وقال إن «هناك حقائق جغرافية تجمعنا مع إيران وكذلك مع تركيا وسورية وباقي الدول المجاورة وهي حقائق لا يمكن إلغاؤها إن ما بين العراق وإيران تبادل مصلحة واسع النطاق في شتى المجالات».

وحذر من توجيه ضربة عسكرية إلى إيران. وقال إن «ذلك سيؤثر سلباً في العراق والمنطقة، وكذلك الحال بالنسبة إلى سورية التي نعارض أن توجه إليها ضربات عسكرية وما يهم العراق إبقاء المنطقة آمنه ومستقرة».

وزاد إن «الربيع العربي دفع بالعراق إلى المقدمة بحكم تجربته الديموقراطية الرائدة والتي سبق بها دول المنطقة بعد أن كانت التجربة العراقية محل انتقاد في بدايتها».

وعن موقف بغداد الداعم لحكومة الرئيس السوري بشار الأسد أوضح أن «العراق لم يخرج عن الإجماع العربي كما ردد البعض، بل خرج على قرار الجامعة العربية (...) موقف الجامعة مستغرب ومفاجئ. إن الأزمة السورية مختلفة عما جرى في مصر وتونس وليبيا واليمن».

وأضاف: «نعتقد بأن هناك أخطاء ارتكبتها الحكومة السورية وهناك استياء لدى شريحة من المواطنين، في مقابل شريحة كبيرة ترفض إسقاط النظام بل تدعمه لإصلاح نفسه فالشعوب في مصر وليبيا وتونس لم يطلب منها أحد إسقاط أنظمتها بل هي قررت ذلك والعراق مع إرادة الشعوب وندعم الإصلاحات في سورية».

وأشار إلى أن «العراق لا يريد لجامعة الدول العربية أن تسيس لاعتبارات إقليمية. وأي طرف يراهن على تطويع الجامعة، مستخدماً السلاح أو المال أو التهديد بقطع العلاقات السياسية والاقتصادية يخرج عن النظام الأساسي للجامعة العربية ونحن ضد ذلك».

وأعرب الزعيم السابق لحزب «الدعوة الإسلامية» الذي يتزعم الآن «تيار الإصلاح الوطني» عن «مخاوف من وصول القوى الإسلامية إلى السلطة في عدد من البلدان العربية، موضحاً أن «الحركات الإسلامية لا تخيف وإنما تطرفها وخروجها عن الشريعة الإسلامية هو ما يخيف، وهناك مخاوف من بعضها لأنها من حيث تقصد أو لا تقصد تعمل خارج إطار الإسلام».

ولفت إلى أن «وجود إسلاميين لا يعني بالضرورة دولة إسلامية ففي الحكومة العراقية عشرات الإسلاميين لكن لا يمكن اعتبارها حكومة إسلامية أو اعتبار دستورنا إسلامياً».

وعن تقويمه لعمل الحكومة قال إن «هناك الكثير من الملاحظات والأخطاء التي يعترف بها الجميع. لكن ينبغي التأكيد رئيس الوزراء لا يتحمل وحده المسؤولية بل كل التشكيلة الحكومية والكتل السياسية (...) رئيس الوزراء لم تكن له حرية اختيار وزرائه بل فرضتها عليه ضرورات التوافق والمحاصصة السيئة الصيت».

وأوضح أنه «عند النظر إلى التفاصيل فإن هناك خللاً في الملفات الأمنية والسياسية الخدمية فتأخر تسمية وزراء الأمن على رغم مرور سنة على تشكيل الحكومة أمر غير صحي يتحمله الجميع من دون استثناء»، وأعطى المالكي «الحق في إخضاع المناصب الأمنية لمقاسات معينة لارتباطها بأمن الدولة ولا مكان للأخطاء فيها».

وعن الدعوات الأخيرة لتشكيل الأقاليم والفيديراليات قال إن «مفاهيم الحكومة الاتحادية والحكومة المحلية والإقليم والفيديرالية متداخلة. الفيديرالية ناجحة شرط وجود ثقافة، وفي العراق لم نصل إلى هذا المستوى من الثقافة التي تمكننا من تطبيقها».

ووصف الدعوات الأخيرة لتشكيل الأقاليم «بردود أفعال من قوى سياسية رفضتها قبل سنوات في شكل مطلق ونجدها اليوم تطالب بها وهذا موقف مستغرب».

ولفت إلى أن «حزب البعث كفكر عنصري وهيكلية سابقة يهدد العملية السياسية الراهنة ففكره مبني على الانقلابات وهذه عقلية مستمرة. لكن يجب مع ضرورة التفريق بين البعث كفكر والبعثيين كأفراد أرغموا على الانضمام إلى الحزب».

 

 

المالكي في واشنطن اليوم وكتلته تؤكد عدم التخلي عن الدعم الأميركي
الإثنين, 12 ديسيمبر 2011
بغداد - عدي حاتم
 

توجه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي صباح أمس إلى واشنطن، للمرة الأولى بصفته رئيس وزراء دولة «لا قوات أجنبية فيها». وتأتي زيارته التي تستمر يومين ويلتقي خلالها الرئيس باراك أوباما، قبل اكتمال الانسحاب الأميركي آخر الشهر الجاري، بعد ثماني سنوات من الاحتلال وإسقاط نظام الرئيس الراحل صدام حسين عام 2003.

وقال المستشار الإعلامي للمالكي أن «هذه زيارته الأولى وهو زعيم دولة لا قوات أجنبية فيها وتستطيع الاتكال على نفسها بشكل كامل». وأضاف «سنناقش كل أوجه التعاون ونفتح أفقاً جديداً للعلاقات بين بغداد وواشنطن، بعدما كانت تحكمها المسائل العسكرية».

ويرافق المالكي في زيارته هذه وزير الخارجية هوشيار زيباري وكبير مستشاريه ثامر الغضبان، ومستشار الأمن القومي فلاح الفياض. ومن المقرر أن يجري محادثات مع أوباما ونائبه جوزيف بايدن ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، اضافة إلى أعضاء في الكونغرس ورجال أعمال، وستتطرق المحادثات إلى مسائل عدة تشمل الأمن والطاقة والتربية والعدل.

وقال الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني إن المالكي وأوباما «سيناقشان مغادرة القوات الأميركية للعراق، وجهودنا لفتح صفحة جديدة في إطار اتفاقية الشراكة الاستراتيجية».

وأضاف أن «الرئيس يحيي تضحيات كل الذين خدموا في العراق والشعب العراقي للوصول إلى تحقيق الوعد الذي قطعناه بترسيخ صداقة أميركية عراقية».

ومن المرجح أن تتغير العلاقة بين واشنطن وبغداد إذ يفترض أن يتركز عمل الولايات المتحدة في العراق على بعثتها الديبلوماسية المؤلفة من 16 ألف شخص بعد أن كان التركيز ينصب على التدخل العسكري.

وكان بايدن قال في بغداد في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي إن العلاقة الأميركية العراقية «لطالما حكمتها النواحي الأمنية، لكنها تفتح اليوم الطريق أمام شراكة جديدة بين دولتين سيدتين تعملان على بناء مستقبل مشترك معاً».

وهناك اقل من ستة آلاف جندي أميركي حالياً في العراق يتمركزون في اربع قواعد عسكرية، بعدما بلغ عددهم حوالى 170 ألفاً في 505 قواعد في عامي 2007 و2008، علماً انه من المفترض أن يكتمل الانسحاب بحلول نهاية العام الجاري.

وتغادر القوات الأميركية تاركة خلفها حوالى 900 ألف رجل امن عراقي يؤكد المسؤولون الأميركيون والعراقيون انهم قادرون على تولي زمام الأمور داخلياً، إلا انهم قد يعجزون عن حماية حدود البلاد وأجوائها ومياهها.

وسيبقى في العراق حوالى 157 جندياً و763 مقاولاً من اجل تدريب القوات العراقية، بحيث يخضع هؤلاء لسلطة السفارة الأميركية في بغداد.

ويشكل الانسحاب الأميركي من العراق الذي نصت عليه الاتفاقية الأمنية الموقعة عام 2008، آخر مراحل الدور الأميركي في العراق الذي حكمه المسؤولون الأميركيون مباشرة في 2003 و2004، وحتى انتهاء تفويض الأمم المتحدة عام 2009 ثم أخيراً إنهاء القوات الأميركية لمهماتها القتالية صيف العام 2011.

وهذه ثالث زيارة لنوري المالكي للولايات المتحدة كرئيس للوزراء.

وكانت الزيارة الأولى جرت في تموز (يوليو) 2006 بينما كانت البلاد غارقة في أعمال عنف طائفية دامية قتل فيها عشرات الآلاف، تلتها زيارة في تموز 2009 بعد انسحاب القوات الأميركية من مراكز المدن.

وتراجع العنف في شكل كبير منذ بلوغه ذروته عامي 2006 و2007 خلال المواجهات الطائفية، إلا أن الانفجارات والاغتيالات مستمرة في العراق حيث شن المتمردون منذ بداية كانون الأول (ديسمبر) هجمات عدة راح ضحيتها العشرات.

وأكد القيادي في «ائتلاف دولة القانون» عباس البياتي أن «المالكي سيبحث بصورة أساسية التزام الولايات المتحدة إخراج العراق من الفصل السابع لأنه كان من أولى فقرات الاتفاقية الأمنية التي تم توقيعها مع واشنطن عام 2008». وأضاف في تصريح إلى «الحياة» أن «الأمر الثاني هو حماية الأموال العراقية، وضرورة تمديدها لسنة أخرى، لأنها محمية الآن بقرار رئاسي من رئيس الولايات المتحدة، وإذا رفعت هذه الحماية ستنهب أموالنا من قبل أصحاب الدعاوى المرفوعة منذ عام 1991 من القرن الماضي».

وكان مجلس الأمن فرض عقوبات أقتصادية ومالية على العراق ووضعه تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة بعد غزوه للكويت عام 1990.

وعن حماية العراق من الأخطار الخارجية والداخلية ، أكد البياتي أننا «لا نشك في التزام أميركا في حماية العراق وديموقراطيته من أي خطر، ونحن لن نتخلى عن هذه الحماية وهذا تحصيل حاصل ولا يحتاج إلى مذكرات».

وأشار إلى أن «الأمور الأخرى التي سيتم بحثها هي الشراكة الإستراتيجية الطويلة الأمد بين واشنطن وبغداد وتفعيل اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين البلدين، وتشكيل اللجان اللازمة لتطبيقها».

 

 

إرث حرب العراق يثقل كاهل الولايات المتحدة
الإثنين, 12 ديسيمبر 2011
 
 

واشنطن - أ ف ب - تتخلص الولايات المتحدة من الحرب في العراق للتفرغ للتعامل مع تحديات أخرى، خصوصاً في آسيا، غير أن إرثها من الحرب والصراع المستمر في أفغانستان يعيقان خططها هذه.

وفيما تسحب واشنطن آخر جنودها من العراق الذين بلغ عددهم عام 2007 حوالى 170 ألف جندي، فإنه لم يعد على المسؤولين الأميركيين أن يقلقوا من إمكان وقوع قتلى في صفوف العسكريين هناك، ما قد يمنحهم هامشاً أوسع للتحرك في السياسة الخارجية.

إلا أن محللين يرون أن واشنطن ما زالت تعاني التبعات المالية الكبيرة لسنوات الحرب التسع، فيما تعمل على مواجهة صعود إيران كتهديد إقليمي، وعلى تغيير النظرة المعادية لها في المنطقة. كما أن العمل في العراق ما زال يحتاج إلى موارد كبيرة.

وعلى رغم الانسحاب العسكري الكامل، فإن السفير الأميركي في بغداد جيمس جيفري أعلن في وقت سابق أن بلاده ستنفق حوالى ستة بلايين دولار عام 2012، حيث أكبر سفارة لها في العالم في مهمة خصصت لها 16 ألف شخص.

إلا أن هذه التكاليف لا تشكل إلا جزءاً يسيراً من مئات بلايين الدولارات التي أنفقتها واشنطن لنشر جنودها في العراق، ومن معاناة عشرات آلاف الأميركيين الذي قتلوا أو أصيبوا خلال الحرب.

ويقول الرئيس الفخري لمعهد العلاقات الخارجية في واشنطن ليزلي غلب أن «لا غبار على حقيقة أن الانسحاب من العراق يمنحنا هامشاً للتحرك والمناورة في الداخل والخارج».

ويضيف: «إنها إضافة كبيرة إلا أنه ما زال هناك حمل ثقيل وهو أفغانستان. وقد يعتقد البعض أن خمسين في المئة من المشكلة ستجد الحل عندما نخرج من العراق، إلا أن الأمر لا يسير بهذه الطريقة». وأضاف أنه مع الانسحاب من العراق فإن الولايات المتحدة تكون قد حولت كل جهودها، ليس للتعامل مع أفغانستان وحدها، ولكن أيضاً مع جيرانها، خصوصاً باكستان.

وأوضح أن «هناك أزمات مستمرة في العلاقة مع دول تلك المنطقة، وهذا ما يؤثر في طريقة اتخاذ القرارات هناك».

وكانت الولايات المتحدة واجهت الأزمة تلو الأخرى في باكستان، وآخرها قتل طائرات حلف شمال الأطلسي 24 جندياً باكستانياً عند الحدود مع أفغانستان. وقال غلب: «عندما تخوض معركة كبيرة (في أفغانستان)، لن تتمكن من التركيز على آسيا».

وكتبت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في مجلة «فورين بوليسي» في تشرين الثاني (نوفمبر) أن الولايات المتحدة «تقف عند نقطة محورية» في الوقت الذي تنتهي الحرب في العراق، ويبدأ الجنود بالانسحاب من أفغانستان. ويفترض أن تغادر كل القوات الأميركية وقوات الحلف الأطلسي أفغانستان بحلول عام 2014.

وقالت كلينتون إن الولايات المتحدة ستنخرط خلال العقد المقبل في عملية استثمار ديبلوماسي واقتصادي واستراتيجي في منطقة المحيط الهادي في آسيا.

وتعمل واشنطن حالياً على تعزيز روابطها مع دول تلك المنطقة وسط قلق من صعود أكبر للصين.

وأوضح غلب أن إعادة التركيز على آسيا مبني حالياً على «مجرد كلمات» لأن القادة الأميركيين ما زالوا «يخصصون معظم سياستهم الخارجية لأفغانستان. وما زالت الولايات المتحدة تعاني من إرث العراق تحديداً».

وتابع: «دمرنا العراق الذي كان يتصدى لإيران، وهذا أمر سلبي للغاية.

وبعد ذلك أضعفنا أنفسنا اقتصادياً، فلم نفرض ضريبة مثلاً لتسديد تكاليف حرب العراق، أو حرب أفغانستان علماً أن جزءاً كبيراً من ديون البلاد يعود إلى هاتين الحربين».

إضافة إلى ذلك، رأى غلب أن النظرة المعادية للولايات المتحدة ما زالت موجودة كون القوات الأميركية اجتاحت دولتين مسلمتين، وبوجود هذا الشعور سيصعب على واشنطن التعامل مع الحكومات العربية والمسلمة.

وشكك مايكل أوهانلون، وهو محلل في معهد «بروكينغز» في أن يكون لدى الولايات المتحدة متسع من الوقت للتعامل مع مسائل أخرى ملحة، مثل التغير المناخي أو البحث عن الطاقة أو التحديات الاستراتيجية في آسيا.

وقال: «يمكن أن نقول إن إرث العراق سيستمر لأنه واحد من أسباب شعورنا بالعجز كدولة هذه الأيام، وأحد الأسباب التي أعتقد أنها ستكون وراء إعادة تركيز جهودنا لفترة من الوقت على الداخل».

لكنه شدد على أن الولايات المتحدة تبقى مع ذلك قوة عظمى بقدرة عسكرية هائلة.

 

 

النجف تؤيد دعوة الصدر إلى توقيع «ميثاق شرف» بين القوى السياسية
الإثنين, 12 ديسيمبر 2011
النجف - فاضل رشاد

أيدت الحوزة الدينية في النجف مطالبة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر القوى العراقية الرئيسية بتوقيع «ميثاق شرف» بعد الانسحاب الأميركي.

وأكد مصدر مقرب من المرجعية الدينية في النجف ان «بيان الصدر جاء متطابقاً مع مواقف المرجعية ومطالبتها برص الصفوف والمشاركة في العملية السياسية».

وكان الناطق باسم الصدر صلاح العبيدي قال في تصريح نقله تلفزيون «السومرية»، اول من امس، إن الزعيم الديني «يدعو الأطراف العراقية السياسية والعشائرية وعلماء الدين إلى توقيع ميثاق شرف وطني لمرحلة ما بعد خروج القوات الأميركية من العراق». وأكد المصدر المقرب من المرجعية، رافضاً كشف اسمه، في تصريح الى «الحياة» ان «المرجع آية الله علي السيستاني متأكد من قدرة العراقين على تجاوز مرحلة الخلافات وتحمل المسؤولية الكاملة وادارة البلاد بعد الانسحاب الاميركي».

وشدد على أن «المرجعية يراودها القلق والحذر من استمرار الخلافات وتدعو بشكل دائم الى الوحدة ونبذ التفرقة».

وكان ممثل السيستاني في كربلاء السيد احمد الصافي دعا في خطبة الجمعه الى عقد «اجتماع للاتفاق على حل مشاكل البلاد والوقوف بوجه اي محاولة لاستغلال فراغ انسحاب القوات الاميركية» التي اعلنت انه لم يبق من جنودها حالياً سوى 7500 جندي.

وقال ان «على الكتل السياسية تحمل المسؤولية ورصّ الصفوف». وطالب «المسؤولين والسياسيين بالجلوس معاً لحل المشاكل في البلاد في شكل جدي ووضع خطط للنهوض بالعراق».

الى ذلك، اشار الاستاذ في الحوزة الشيخ جميل البصري إلى ان «موقف السيد الصدر نابع من حرص رجال الدين على العملية السياسية والعيش المشترك بين جميع فئات الشعب العراقي»، وأضاف في تصريح الى «الحياة» ان «المرجعية الدينية عموماً مع ان يكون هنالك ميثاق بين جميع العراقين يحرم الدم العراقي». وأوضح ان «رجال الدين الشيعه وعلى رأسهم المرجعية ترى جميع ابناء البلد كأسنان المشط لهم الحقوق ذاتها وعليهم الواجبات ذاتها ولا يمكن تمييز مكون عن آخر».

 

 

رؤساء مجالس الشورى في الخليج يدينون التدخلات الإيرانية في شؤون المنطقة
جدة - عبدالله الزبيدي وجمانة خوجة

أكد رؤساء مجالس الشورى والأمة في دول مجلس التعاون الخليجي «استنكارهم للمؤامرة الإيرانية الأخيرة» باغتيال السفير السعودي في واشنطن، ووصفوا الخطوة بأنها تتعارض مع القيم والأخلاق الإسلامية والأعراف الدولية، وشددوا على رفضهم للتدخلات الخارجية في شؤون دول «التعاون».

وأكد رؤساء مجلس الشورى خلال اجتماعهم أمس في جدة التزامهم بدعم استقرار وأمن مملكة البحرين، وتأييدهم ومساندتهم للخطوات التي اتخذها ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، لإعادة الأمن والاستقرار للبلاد.

من جهته، كشف رئيس مجلس الشورى السعودي الدكتور عبدالله آل الشيخ لـ«الحياة» أن فكرة البرلمان الخليجي قُدمت من إحدى الدول المشاركة ولم تُقبل مبدئياً، مرجعاً ذلك لسببين حددهما آل الشيخ بقوله: «إن اجتماع المجالس التشريعية الحالي هو الخامس، وعمر مجلس التعاون طويل، وقد بدأ التعاون بين رؤساء مجالس الشورى والأمة والوطني متأخراً».

وقال آل الشيخ بعد انتهاء جلسات الاجتماع الخامس لمجالس الشورى والنواب والوطني والأمة لدول مجلس التعاون الخليجي في جدة أمس إنه «من غير المقبول عقلاً أن هذه الاجتماعات التي ليس لها إلا خمس سنوات ستتحول إلى اجتماع برلمان موحد»، إلا أنه استدرك قائلاً: «الروح موجودة والأماني موجودة، ولكن هذا شيء سابق لوقته»، مضيفاً: «إذا أتانا توجيه من قادة دول المجلس حيال الموضوع فسيتم درسه».

ورد آل الشيخ على سؤال لـ«الحياة» حول تطبيق فكرة الانتخاب في المجالس التشريعية في دول المجلس منذ زمن، واتجاه دول إلى إعلان تطبيقها قريباً، فيما لم تعلن السعودية بعد أية خطوات مماثلة، بقوله: «نحن في السعودية نطبق مفهوم الشورى، ومفهوم الشورى الحقيقي هو أن يتولى الرأي أصحاب الحل والعقد، وفي المفهوم الإسلامي هؤلاء هم الذي يستشيرهم ولي الأمر عندما يكون هناك جانب يرغب في الاستشارة فيه، ولكن إذا رأى ولي الأمر أي أمر آخر لتطوير هذا المفهوم أو التحديث أو الإضافة، فيجوز له من خلال ولايته الشرعية أن يطور هذا المفهوم بالضوابط التي تتفق مع الشريعة الإسلامية».

وأضاف: «إن الوضع الحالي وما يطبق لدينا هو المفهوم الحقيقي، وهو تطبيق ناجح»، مشيراً إلى أنه «متى ما قارنا بين ما يدرس في مجلس الشورى مقارنة بأي برلمان عالمي، واستعرضنا آلية البحث واتخاذ الرأي، سنجد أن ما يبحث لدينا وما يقدم يدرس بتجرد، وهو كلام غير متحيز، وموثّق بشهادة علماء غربيين وغيرهم»، مؤكداً أن «ما يقدم في مجلس الشورى السعودي بعيد عن أي انتماءات حزبية أو تطلع للشهرة أو المصالح الشخصية، ويخرج الموضوع من المجلس ناضجاً بكامل تفاصيله».

وكان البيان الختامي للاجتماع الخامس لرؤساء المجالس التشريعية الخليجي في جدة أمس وافق على مقترح مجلسي الشورى العماني و الوطني الاتحادي الإماراتي بشأن تنظيم مؤتمر برلماني خليجي مشترك (على أن يكون اختيارياً لكل لدولة في حال الرغبة في تنفيذ المقترح)، وكلّف المجتمعون الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي بإعداد درس عن مقترح المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي بشأن إنجاز البرلمان الخليجي المشترك (الفرص و العوائق).

وأنهى رؤساء المجالس التشريعية الخليجية اجتماعهم في جدة بالموافقة على تعديل الفقرة الثالثة من المادة السادسة من القواعد التنظيمية للاجتماع الدوري لرؤساء المجالس التشريعية لتكون بالنص التالي: «إرسال جدول أعمال الاجتماع الدوري المُعد من قبل لجنة التنسيق البرلماني والعلاقات الخارجية إلى رؤساء المجالس التشريعية في الدول الأعضاء قبل موعد انعقاد الاجتماع بوقت كاف».

وكلّف المجتمعون المجلس الوطني الاتحادي بدولة الإمارات العربية المتحدة إعداد درس بشأن تقويم مسيرة الاجتماع الدوري للمجالس التشريعية ولجنة التنسيق البرلماني والعلاقات الخارجية، وتمت الموافقة على تكليف مجلسي الشورى والنواب بمملكة البحرين بشأن تقديم تصور محدد بشأن تنسيق السياسة الإعلامية الخارجية للمجالس التشريعية، وتقوية العلاقات مع المنظمات الحقوقية.

وأكد رئيس مجلس الشورى السعودي الدكتور عبدالله بن محمد آل الشيخ مجدداً في افتتاح جلسات الاجتماع، «وقوف المملكة العربية السعودية مع مملكة البحرين ملكاً وحكومة وشعباً ضد من يريد المساس بأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها»، مشيراً إلى القرار «الحكيم الذي اتخذه قادتنا بتواجد قوات درع الجزيرة في مملكة البحرين للحفاظ على المنشئات الحيوية وحماية الكيان البحريني ممن يضمر الشر لهذا البلد العزيز».

ولفت في كلمته إلى توقيع المبادرة الخليجية لحل الأزمة السياسية في اليمن بمباركة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الرياض، آملاً بأن يكون هذا التوقيع نهاية لحقبة الصراع والتوتر وبداية لعودة اليمن الشقيق إلى الأمن والاستقرار.

وأكد أنه يوجد أمام المجلس مشوار طويل ومسؤوليات عديدة من العمل الخليجي المشترك، ويأتي في مقدم ذلك ترشيد وتطوير مخرجات المجالس التشريعية من القرارات بما يستجيب لتطلعات المواطن الخليجي، ويعزز من دور المجالس في صناعة القرار.

إلى ذلك، قال رئيس مجلس الشورى العماني خالد المعولي إن هناك رؤية موحدة لاكتمال الوحدة الاقتصادية، وهناك تنسيق لتفعيل وتعزيز العمل الخليجي المشترك، مفيداً بأن وتيرة العمل تسير بالمعدل الطبيعي من خلال الدراسات والاقتراحات التي لو طبقت فلن تواجهها عوائق عند التنفيذ، إلا بتجنب تجربة الاتحاد الأوروبي الذي مكث سنوات طويلة، وواجه بعد ذلك عدداً من المعوقات، مؤكداً أن هناك عدداً من الندوات والمؤتمرات لتداول تحديد العملة الخليجية، مشيراً إلى أن دول الخليج خطت خطوات ثابتة، كل دولة على حدة في مسيرة الإصلاح.

وأشاد المجتمعون بالقرار التاريخي لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز القاضي بمشاركة المرأة عضواً في مجلس الشورى وكذلك مشاركتها كناخبة ومنتخبة في المجالس البلدية، وجددوا التزامهم بدعم استقرار وأمن مملكة البحرين، وتأييدهم ومساندتهم للخطوات التي اتخذها ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، لإعادة الأمن والاستقرار للبلاد، مشيدين بالانتخابات التي جرت أواخر شهر أيلول (سبتمبر) 2011، والتي من شأنها الإسهام في دفع وتعزيز مسيرة الإصلاح والتقدم، وبالنتائج الإيجابية لحوار التوافق الوطني، وبمبادرة الملك تشكيل اللجنة الملكية المستقلة لتقصي الحقائق، لكشف حقيقة ما مرت به المملكة من أحداث.

ودان رؤساء المجالس التشريعية الخليجية الاتهامات الباطلة التي وجهتها لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الإيراني للمملكة العربية السعودية في بيانها، والذي تضمن اتهامات باطلة للمملكة، والتي أعلن فيها عن موقف إيراني عدائي وتدخل استفزازي في شؤون دول المجلس، ورفض المقارنة بين وجود قوات درع الجزيرة في مملكة البحرين واحتلال دولة الكويت الشقيقة، مع التأكيد على أن شعوب دول الخليج العربية وحدة متكاملة متراصة تجمعهم روابط عائلية وتاريخية، وأن مواطني هذه البلدان يرفضون أي تدخل في شؤونهم وفي تلاحمهم مع قياداتهم.

ونوّه المجتمعون بالتعديلات الصادرة أخيراً على النظام الأساسي للدولة في سلطنة عُمان، والتي وفّرت أرضية مناسبة لقيام مجلس عمان بجناحيه الدولة والشورى، للقيام بدورهما التشريعي والرقابي على الوجه الأكمل، معربين عن تقديرهم العميق لما حققته السلطنة في هذا الجانب، الأمر الذي يُعد نقله نوعية وتطبيقاً عملياً لمفهوم الحكم الرشيد الذي تميزت به مسيرة الشورى في سلطنة عُمان، وأشادوا بالقرار التاريخي لأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بإجراء انتخابات مجلس الشورى في النصف الثاني من عام 2013.

وأعرب رؤساء المجالس التشريعية الخليجية عن استنكارهم للمؤامرة الإيرانية باغتيال السفير السعودي في واشنطن، والتي تتعارض مع القيم والأخلاق الإسلامية والأعراف الدولية مؤكدين على تضامنهم الكامل ومساندتهم للشقيقة السعودية، والوقوف معها جنباً إلى جنب على الأصعدة كافة.

ودان المجتمعون استمرار التدخل الإيراني السافر في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون، من خلال التآمر على أمنها الوطني، وبث الفرقة والفتنة الطائفية بين صفوف شعوبها، ودعوتها إلى الفوضى في انتهاك لسيادتها واستقلالها، ولمبادئ حسن الجوار والأعراف والقوانين الدولية والإٍسلامية، بما يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.

 

 

 

بغداد ستخسر خطوط دعم رئيسة مع انسحاب الأميركيين
القوات الأميركية تغادر ... وتخلِّف وراءها عراقًا مضطربًا
أ. ف. ب....(موقع إيلاف)
بعد ثمانية أعوام من اجتياح العراق عسكريًا، تغادر القوات الأميركية بلدًا بات أكثر عرضة للتدخلات الإقليمية، ويعاني أزمات سياسية مستمرّة، وتمرد مسلح يشمل عشرات الميليشيات.
بغداد: رغم تسارع وتيرة الاقتصاد العراقي، لا يزال الاعتماد الأساسي قائمًا على صادرات النفط، الأمر الذي وفر فرص عمل أقل، وقلّص الخدمات الأساسية، مثل المياه والكهرباء.
ولم يؤد الاجتياح الأميركي للبلاد إلى إعادة بناء القوات المسلحة من الصفر فقط، بل سمح أيضًا بقيام نظام سياسي جديد، تقوده حكومة بزعامة شيعية، مكان نظام الحزب الواحد، الذي حكم البلاد حوالى ثلاثة عقود.
ويملك العراق اليوم برلمانًا من 325 عضوًا، ويشهد انتخابات دورية، بينما تم بناء قوات أمنية متعددة الأوجه والمهام.
ويشكل الانسحاب الأميركي من العراق المنصوص عليه في اتفاق أمني موقع في عام 2008، آخر مرحلة من مراحل الدور الأميركي المتغير، إذ إن الأميركيين حكموا البلاد بين عامي 2003 و2004، قبل أن ينتهي تفويض الأمم المتحدة عام 2009، وتوقف القوات الأميركية عملياتها القتالية رسميًا في الصيف الماضي.
ومنذ الاجتياح، بنى العراق قوات تشمل أكثر من 900 ألف عنصر، بينها جيش، يؤكد مسؤولون أميركيون وعراقيون أنه قادر على التعامل مع التهديدات الداخلية، رغم أعمال العنف المستمرة. غير أن قادة أمنيين أقرّوا بعجز هذا الجيش عن حماية حدوده ومجاله الجوي ومياهه الإقليمية. وبانسحاب القوات الأميركية، ستخسر بغداد خطوط دعم رئيسة، تشمل خصوصًا القدرة على القيام بهمات استطلاعية واستخباراتية تقنية. وكان قائد الجيش العراقي أعلن في وقت سابق أن قواته لن تمتلك القدرة على السيطرة التامة على الأمن قبل العام 2020. وتراجع العنف بشكل كبير منذ بلوغه ذورته عامي 2006 و2007 خلال المواجهات الطائفية، إلا أن الانفجارات والاغتيالات لا تزال مستمرة، حيث شنّ المتمردون منذ بداية شهر كانون الأول/ ديسمبر هجمات عدة، راح ضحيتها العشرات.
ورغم مرور حوالى عام ونصف عام على إجراء الانتخابات التشريعية في آذار/مارس 2010، لا يزال العراق من دون وزير للداخلية وآخر للدفاع، بسبب الأزمات السياسية التي تعصف بالبلاد، ولم تسمح إلا بتمرير بعض التشريعات في البرلمان.
تبقى أيضًا قضايا أساسية أخرى عالقة، مثل إصلاح الاقتصاد، الذي تسيطر الدولة على أكبر القطاعات فيه، وتوزيع الأرباح جراء مبيعات النفط، وكذلك المناطق المتنازع عليها، التي تطالب بها الحكومة المركزية في بغداد والحكومة المحلية في إقليم كردستان الكردي.
ورغم العقبات الكثيرة، يتوسع الاقتصاد العراقي وموازنة الدولة بوتيرة سريعة خصوصًا بفضل الزيادة السريعة في صادرات النفط.
وينتج العراق حاليًا 2.9 مليون برميل من النفط الخام في اليوم الواحد، ويخطط لزيادة إنتاجه لأربعة أضعاف عام 2017، علمًا أن محللين يشككون في قدرة العراق على الوفاء بذلك.
ورغم الزيادة في الإنتاج والتصدير والعائدات، فإن معدلات البطالة، التي يقدرها البنك الدولي بحوالى 15 % تبقى عالية. وقد دفعت إلى جانب النقص في الكهرباء والفساد المستشري في الإدارات الحكومية، العراقيين إلى التظاهر في بغداد ومدن كبرى أخرى في شباط/فبراير، بالتزامن مع حركات احتجاجية في دول عربية أخرى.
ولم تحدث تغييرات عميقة في العراق منذ ذلك الحين، إذ صنفت منظمة الشفافية الدولية العراق أخيرًا على أنه ثامن أكثر دولة فسادًا في العام. في الوقت نفسه، تشهد علاقات العراق مع جيرانه تطورًا كبيرًا، إلا أن طبيعة هذه العلاقة تبقى محور تساؤلات.
فإيران، التي تقيم علاقات تجارية وسياحية مع العراق إلى جانب الموروث الشيعي المشترك، اتهمت من قبل واشنطن بأنها أدت أدوارًا تخريبية، من خلال التأثير على سياسة بغداد وتدريب وتسليح ميليشيات شيعية في العراق، وهي اتهامات تنفيها طهران.
وتحفظ العراق أخيرًا على فرض عقوبات عربية على سوريا، أقرّت في الجامعة العربية، على خلفية قمع حركة احتجاج بدأت في منتصف آذار/مارس، وقتل فيها حوالى 4 آلاف بحسب أرقام الأمم المتحدة.
ومن المرجح أن تبقى علاقات بغداد بواشنطن متينة، لكنه يتوقع أن تتغير جذريًا، إذ إن التركيز الأميركي سيتحول من العمل العسكري إلى المهمة الدبلوماسية، التي تشمل 16 ألف شخص.
وكان نائب الرئيس الأميركي جوزف بايدن قال في تشرين الثاني/نوفمبر إن العلاقة الأميركية العراقية "التي حكمتها لفترة طويلة الناحية الأمنية، تفتح الطريق اليوم أمام شراكة بين دولتين ذات سيادة تعملان على بناء مستقبل مشترك".
كلفة الحرب في العراق باهظة
مع سقوط آلاف القتلى والجرحى وانتشار الجنود بأعداد كبيرة وصرف مئات مليارات الدولارات خلال ثمان سنوات من الحرب، إضافة إلى عشرات المليارات الإضافية ستنفق في السنوات المقبلة، تبدو كلفة النزاع في العراق باهظة.
-- الكلفة البشرية
منذ الاجتياح الأميركي للعراق في آذار/مارس 2003، سقط ما لا يقل عن 126 ألف مدني عراقي قتلى لأسباب مباشرة مرتبطة بالنزاع، بحسب نيتا كراوفورد البرفسور في جامعة بوسطن. يضاف إلى ذلك 20 ألف جندي وشرطي عراقي، وأكثر من 19 ألفًا من المتمردين.
وبحسب المنظمة البريطانية "ايراكباديكاونت.اورغ" فإن الخسائر في صفوف المدنيين تتراوح بين 104 آلاف و35 شخصًا و113 ألف و680 منذ 2003.
وفي جانب التحالف، خسرت الولايات المتحدة 4408 عناصر، منهم 3480 من القوات القتالية. كما أصيب حوالى 32 ألف جندي أميركي بجروح، بحسب أرقام البنتاغون. أما بريطانيا فخسرت من جهتها 179 جنديًا.
ولجأ نحو 1.75 مليون عراقي إلى البلدان المجاورة أو نزحوا في داخل البلاد بحسب الأمم المتحدة.
-- مئات آلاف الجنود المنتشرين
مع بدء عملية "حرية العراق" (إيراكي فريدوم) انتشر حوالى 150 ألف جندي أميركي في العراق مدعومين بـ120 ألف جندي أميركي آخر، يساندون العملية من الخارج. كما شارك أكثر من أربعين ألف جندي بريطاني في عملية الغزو.
وانخفض عديد القوات في إطار عملية حرية العراق تباعًا، ليبلغ 165 ألفًا في أواخر 2006، قبل أن تقرر واشنطن إرسال تعزيزات من ثلاثين ألف عنصر، في مسعى إلى احتواء انفجار أعمال العنف.
وفي أيلول/سبتمبر 2010، انتهت عملية حرية العراق، وبقي خمسون ألف جندي أميركي في المكان للمساعدة على تدريب الجيش العراقي. ومن المقرر أن يغادروا البلاد مع نهاية هذا الشهر.
-- الكلفة المالية
خصصت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) حوالى 770 مليار دولار للعمليات في العراق منذ 2003. هذه المبالغ التي أخذت من جهاز العمليات الخارجية، تضاف إلى ميزانية البنتاغون، وقد استخدم جزء غير محدد منها لتمويل الحرب في العراق.
ويضاف أيضًا إلى ذلك كلفة المساعدة الأميركية للعراق، والتكفل بالجرحى والمحاربين القدامى.
وبالنسبة إلى المحاربين القدامى، يصعب فصل التكاليف الخاصة بنتائج عملية حرية العراق عن تلك المتعلقة بالعمليات في أفغانستان، لأن حوالى 1.25 مليون من المحاربين القدامى نشروا تكرارًا في ساحة المعركة في كلا البلدين.
ومنذ نهاية 2010 أنفقت الولايات المتحدة حوالى 32 مليار دولار على تكاليف العناية الطبية للجرحى، ودفع معاشات للمصابين بإعاقة يستفيد منها المحاربون القدامى مدى الحياة. كذلك فإن الكلفة المقبلة ستكون كبيرة. وتقدر ليندا بيلمز البرفسورة في جامعة هارفرد التكاليف الطبية ومعاشات التقاعد للمحاربين القدامي بما بين 346 و469 مليار دولار بحلول 2055.
 
إرث الحرب القاتم في بلاد الرافدين يثقل كاهل الولايات المتحدة
قتل المدنيين العراقيين يشكل عقبة لتمديد وجود القوات الأميركية
لميس فرحات من بيروت
رسّخت عمليات القتل التي نفذها الجنود الأميركيون في بلاد الرافدين صورة القاتل في أذهان العراقيين ما أعاق تمديد تواجدهم هناك. وتعتبر أميركا أن انسحابها الكامل من العراق سيمنحها هامشاً أوسع للعمل والمناورة في الداخل والخارج، إلا إن الحمل الثقيل هو افغانستان.
بيروت: في حسابات الربح والخسارة في الهجوم الأميركي للعراق، يمكن القول إن بلدة الحديثة، هذه المنطقة الزراعية الهادئة في عمق الصحراء الغربية، خسرت كل شيء تقريباً.
يوم 19 نوفمبر 2005، توجهت مجموعة من مشاة البحرية إلى بلدة الحديثة حيث أطلقت النار على السكان، فسقط 24 مدنياً عراقياً. يقول سكان البلدة إن دورية الجنود الاميركيين أصيبت في انفجار قنبلة يدوية زرعت على جانب الطريق، ما أدى إلى مقتل واحد من عناصرها، فانتقموا له بقتل خمسة رجال كانوا في سيارة أجرة، بعد أن أمروهم بالترجل وأطلقوا النارعليهم. بعد ذلك، توجه جنود البحرية الأميركية إلى ثلاثة منازل مجاورة وأطلقوا النار على 19 شخصاً، بينهم 11 من النساء والأطفال.
يتفق كلاً من الجانبين العراقي والأميركي على الأرقام فقط، اي أعداد القتلى في بلدة الحديثة العراقية، لكنهم يختلفون على كل شيء آخر يتعلق بالحادثة، بدءً من السبب وصولاً إلى التبريرات.
في هذا السياق، أشارت صحيفة الـ "واشنطن بوست" إلى أن عمليات القتل في الحديثة وغيرها من البلدات، أدت إلى تراجع آمال الجيش الاميركي في تمديد وجوده على الأراضي العراقية.
وعندما جاء الوقت لتحديد مستقبل القوات الاميركية في العراق، العائق الذي وقف في طريق الاتفاق كان مطلب السياسيين العراقيين بوضع حد لمنح الحصانة التي حمت الجنود الاميركيين من المحاكم العراقية.
يقول سامي العسكري، عضو البرلمان الذي يشغل ايضاً منصب مساعد مقرب من رئيس الوزراء نوري المالكي: "صورة الجندي الأميركي لدى العراقي هي القاتل وليس المدافع. فكيف يمكنك ان تعطي حصانة للقاتل؟".
يعود الجنود الأميركيون إلى وطنهم هذا الشهر، مخلفين وراءهم علامة استفهام حول ما إذا حققوا أحد الأهداف الرئيسية للحرب، وهي الحصول على حليف استراتيجي في قلب الشرق الأوسط، إذ تركوا وراءهم إرثا لن يغادر أذهان العراقيين، يزدحم بحالات قتل المدنيين والأبرياء على يد الجيش الاميركي.
"قرار الحكومة العراقية أنقذ حياة العديد من العراقيين، يقول يوسف العنزي (38 عاماً)، شقيق أحد ضحايا الحديثة، مشيراً إلا أنه لو بقيت القوات الأميركية في العراق "لكان لدينا مآسي جديدة نضيفها إلى كومة المآسي التي شهدناها".
اشارت الـ "واشنطن بوست" إلى أنه من غير الممكن معرفة العدد الصحيح للعراقيين الذين قتلوا على يد الاميركيين، لكن جامعة "كينغ كولدج" في لندن نشرت تقريراً العام الماضي يؤكد وفاة 92.614 مدني في الفترة الممتدة من آذار/مارس 2003 حتى2008 ، ووجدت 12 5 من الوفيات كانت من قبل قوات التحالف. وعلى الرغم من عدم وجود ارقام موثوقة لمجموع الخسائر في صفوف المدنيين خلال الحرب التي امتدت على ما يقرب من تسع سنوات طويلة، إلا أن معظم التقديرات تشير إلى أن العدد الكلي للوفيات هو أكثر من 100،000 وفقاً لوزارة الدفاع، وقتل 4474 فرداً من القوات الأميركية، من بينهم 3518 قتلوا خلال المعارك.
وقال المتحدث باسم الجيش الاميريكي الجنرال جيفري بوكانان إن الغالبية العظمى من الوفيات المدنيين كانت نتيجة لقتل العراقيين للعراقيين، سواء في التفجيرات، أو إراقة الدماء الطائفية التي اجتاحت البلاد من العام 2005 إلى 2007.
واشار بوكانان إلى أنه تم الإعتراف بمعظم حوادث الانتهاكات، مثل إساءة معاملة السجناء في سجن أبو غريب، إذ تمت محاكمة الجنود الأميركيين من الرجال والنساء، وكثير منهم يقضون أحكاماً بالسجن.
أما بالنسبة لقضية بلدة الحديثة، يقول بوكانن أنه كان هناك تحقيق شامل ووجهت تهم ضد سبعة من مشاة البحرية، على الرغم من أنها أسقطت ضد ستة منهم وتمت تبرئة السابع.
وأضاف: "نحن نأخذ كل هذه الامور على محمل الجد. اننا نجري المحاكمات، ونعاملهم وفقاً للقانون. لكن إذا لم يكونوا مذنبين، فلن نضع الأبرياء وراء القضبان".
في تفسير انهيار المحادثات حول قضية الحصانة، ينحي الجيش الاميركي باللائمة على سلوك "الطابور الخامس"، مشيراً إلى حادث "ساحة نيسور" في بغدا يوم 16 أيلول /سبتمبر 2007، حيث أقدم ستة ناشطين من بلاكووترعلى قتل 17 مدنياً عراقياً.
بينما أصبحت الحديثة وساحة نيسور رموزاً قوية لكثير من العراقيين، تبقى العديد من الحوادث طي الكتمان حيث قتل الكثير من المدنيين بالرصاص عند نقاط التفتيش أو بالقرب من قوافل الجنود المتوترين الذين يخشون التعرض للهجوم، وفقاً لبيتر فان بورين، مسؤول في الإدارة الاميركية الذي عمل مع فريق إعادة إعمار المحافظات في بغداد في العام 2009-2010 ، مشيراً إلى الانفصام المذهل بين التصورات العراقية والاميركية من الحرب.
وأضاف: "إذا نسينا ذلك، فالشعب العراقي يتذكر هذه الأحداث. لقد تركنا إرثا مظلماً للغاية، وهو أمر سيلاحقنا في جميع أنحاء الشرق الأوسط".
لم يبق أحد في بلدة الحديثة التي تحولت إلى منطقة مهجورة منذ أن قتل سكانها، إلا عائلة العنزي التي تقطن حتى اليوم في المنزل الذي تم قتل أربعة من أفراده الذكور في غرفة نوم من قبل اثنين من مشاة البحرية. وكان أحد الجنود الآخرين يحتجز في غرفة مجاورة، بقية العائلة مؤلفة من والد الشقيقين المسن، وزوجاتهم، وخالد نجل أحد الرجال الذين قتلوا، وكان يبلغ من عمره 14 عاماً في ذلك الوقت.
يقول خالد: "حاولت قراءة الأسماء التي تكتب على شارات مشاة البحرية عندما دخلوا المنزل، لكن الدم كان يغطي زيهم بالكامل. كانت أيديهم وستراتهم الواقية غارقة في الدماء. كانوا يريدون الانتقام فحسب. عندما جاءوا، رأيت الدموع في عيونهم، وعندما غادروا، كانوا يضحكون".
يقول يوسف، عم خالد، والأخ الوحيد الباقي على قيد الحياة من العائلة: "إنهم مجموعة من البرابرة"، مشيراً إلى أن مكتب التحقيقات الفدرالي أتى للتحقيق في القضية بعد أن ذاع نبأ عملية القتل في مجلة الـ "تايم" عام 2006.
تلقت العائلة تعويضاً بقيمة 2000 $ لكل من الرجال الأربعة، ووعوداً بأن يتم تقديم المسؤولين إلى العدالة. لكن يوسف علم من خلال التقارير الاخبارية انه تم إسقاط معظم التهم التي وجهت ضد جنود مشاة البحرية.
وختم يوسف قائلاً: "نتمنى لو أنهم لم يأتوا. انسحابهم لا يعوضنا ولا يواسينا. الظلم جريمة أكبر من الجريمة نفسها. والآن، مع انسحابهم من أرضنا، أصبحنا على يقين بأن العدالة لن تتحقق أبداً".
ارث الحرب يثقل كاهل الولايات المتحدة
في وقت يعتبر فيه العراقيون أن الإنسحاب الأميركي لا يعوض السنوات التي خسروها، تعتبر الولايات المتحدة أن ارثها من الحرب هناك والصراع المستمر في افغانستان لا يزالان يعيقان خططها هذه.
وفيما تسحب واشنطن آخر جنودها من العراق والذين بلغ عددهم عام 2007 حوالي 170 الف جندي، فانه لم يعد على المسؤولين الاميركيين ان يقلقوا من امكانية وقوع قتلى في صفوف العسكريين هناك، ما قد يمنحهم هامشا اوسع للتحرك في السياسة الخارجية.
الا ان محللين يرون ان الولايات المتحدة لا تزال تصارع التبعات المالية الكبيرة لسنوات الحرب التسع، فيما تعمل على مواجهة صعود ايران كتهديد اقليمي، وعلى تغيير النظرة المعادية لها في المنطقة. كما ان العمل في العراق لا يزال يحتاج الى موارد اميركية كبيرة.
ورغم الانسحاب العسكري الكامل، فان السفير الاميركي لدى بغداد جيمس جيفري اعلن في وقت سابق ان بلاده ستنفق حوالى ستة مليارات دولار في العام 2012 في العراق، حيث ستبقى هناك اكبر سفارة اميركية في العالم في مهمة تشمل حوالى 16 الف شخص.
الا ان هذه التكاليف لا تشكل الا جزءاً يسيراً من مئات مليارات الدولارات التي انفقتها واشنطن لنشر جنودها في العراق، ومن معاناة عشرات آلاف الاميركيين الذين قتلوا او اصيبوا خلال الحرب.
ويقول الرئيس الفخري لمعهد العلاقات الخارجية في واشنطن ليزلي غلب لوكالة فرانس برس إنه "لا غبار على حقيقة ان الانسحاب من العراق يمنحنا هامشا للتحرك والمناورة في الداخل والخارج". ويضيف "انها اضافة كبيرة الا انه لا يزال هناك حمل ثقيل وهو افغانستان. وقد يعتقد البعض ان خمسين بالمئة من المشكلة ستجد طريق الحل عندما نخرج من العراق، الا ان الامر لا يسير بهذه الطريقة".
وذكر غلب انه مع الانسحاب من العراق فان الولايات المتحدة تكون قد حولت كل جهودها ليس للتعامل مع افغانستان وحدها، ولكن ايضا مع جيرانها، وخصوصا باكستان. ويوضح غلب "هناك ازمات مستمرة في العلاقة مع دول تلك المنطقة، وهذا ما يؤثر على طريقة اتخاذ القرارات هناك". وكانت الولايات المتحدة واجهت الازمة تلو الاخرى في باكستان، وآخرها قيام طائرات حلف شمال الاطلسي بقتل 24 جنديا باكستانيا عند الحدود مع افغانستان. ويقول غلب "عندما تخوض معركة كبيرة (في افغانستان)، فانك لن تتمكن من التركيز على اسيا". وكتبت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون في مجلة "فورين بوليسي" في تشرين الثاني/ نوفمبر ان الولايات المتحدة "تقف عند نقطة محورية" في الوقت الذي تنتهي فيه الحرب في العراق، ويبدأ الجنود الاميركيون بالانسحاب من افغانستان. ويفترض إن تغادر كل القوات الاميركية وقوات حلف الاطلسي افغانستان بحلول عام 2014.
وقالت كلينتون إن الولايات المتحدة ستنخرط خلال العقد المقبل في عملية استثمار دبلوماسي واقتصادي واستراتيجي في منطقة المحيط الهادئ في اسيا.
وتعمل الولايات المتحدة حاليا على تعزيز روابطها مع دول تلك المنطقة وسط قلق من صعود اكبر للصين.
وقال غلب إن اعادة التركيز على اسيا مبني حاليا على "مجرد كلمات" لان القادة الاميركيين لا يزالون "يخصصون معظم سياستهم الخارجية الى افغانستان. كما ان الولايات المتحدة لا تزال تعاني من ارث العراق تحديدا".
وتابع "دمرنا العراق الذي كان يتصدى لايران، وهذا امر سلبي للغاية". وذكر غلب إنه "بعد ذلك اضعفنا انفسنا اقتصاديا، فلم نفرض ضريبة حرب مثلا لتسديد تكاليف حرب العراق، او حرب افغانستان علما ان جزء كبيرا من ديون البلاد يعود الى هاتين الحربين".
اضافة الى ذلك، يرى غلب إن النظرة المعادية للولايات المتحدة لا تزال موجودة كون القوات الاميركية اجتاحت دولتين مسلمتين، وإن وجود شعور مماثل سيصعّب على واشنطن التعامل مع الحكومات العربية والمسلمة. ويشكك مايكل اوهانلون المحلل في معهد بروكينغز في أن يكون للولايات المتحدة متسعا من الوقت للتعامل مع مسائل اخرى ملحة، مثل التغير المناخي او البحث عن الطاقة او التحديات الاستراتيجية في اسيا. ويرى انه "يمكن ان نقول ان ارث العراق سيستمر لانه واحد من اسباب شعورنا بالعجز كدولة هذه الايام، وواحد من الاسباب التي اعتقد انها ستكون وراء اعادة تركيزنا جهودنا لفترة من الوقت على الداخل". لكنه شدد على ان الولايات المتحدة تبقى مع ذلك قوة عظمى بقدرة عسكرية هائلة.

المصدر: جريدة الحياة

آمال كبيرة: مستقبل الإنفراج الإيراني–السعودي...

 الثلاثاء 18 حزيران 2024 - 8:17 ص

آمال كبيرة: مستقبل الإنفراج الإيراني–السعودي... مجموعات الازمات الدولية..طهران/ الرياض/واشنطن/برو… تتمة »

عدد الزيارات: 161,805,216

عدد الزوار: 7,214,848

المتواجدون الآن: 105