جنبلاط يسعى لـ«تواصل» الحريري و«حزب الله»

لبنان: الدّلهميّة في ساحل الشوف... للبيع بـ 350 مليون دولار!!

تاريخ الإضافة الخميس 12 كانون الثاني 2012 - 5:21 ص    عدد الزيارات 2327    التعليقات 0    القسم محلية

        


 

الدّلهميّة في ساحل الشوف... للبيع بـ 350 مليون دولار!!
في إطار الاجتماعات الدوريّة التي تعقد في بكركي للبحث في ملفّ بيع الأراضي والحفاظ على البعد العقاري المسيحي المتّصل بالبعد الديموغرافي والمرتبط عضويّا بالانتشار المسيحي الذي يجسّد البعد الميثاقي التعايشي التفاعلي، تعقد اللجنة المكلّفة متابعة هذا الموضوع اجتماعها اليوم في بكركي وعلى جدول أعمالها «أرض الدلهميّة» إلى جانب عقارات أخرى لا تقلّ شأناً عنها.
جريدة الجمهورية...باسكال بطرس
«أرض الدلهميّة في ساحل الشوف، والتي أثارت جدلاً كبيراً لدى الرأي العام اللبناني، معروضة للبيع حاليّاً من قبل مالكها الشيعيّ علي تاج الدين، بقيمة 350 مليون دولار أميركي». هذا ما يؤكّده ريمون بولس، الذي يقول بأنّه لسان حال تاجر المجوهرات روبير معوّض ، لافتاً إلى أنّ « تاج الدين هو من كبار تجّار المواد الغذائيّة. ويواجه حاليّاً مصاعب وضغوطات من قِبل اللوبي الصهيوني في البلد الأفريقي أنغولا حيث يعمل». منذ حوالى شهر تقريباً، برزت "الدلهميّة" التابعة عقاريّاً لبلدة الدبّية في ساحل الشوف الى الواجهة، وذلك بعد أن كشفت صحيفة NewYork Times" عن "تورّط حزب الله بعمليّة تبييض أموال من خلال البنك اللبناني – الكندي". وقد قدّرت الصحيفة الأميركيّة حجم هذه العملية "بحوالى 480 مليون دولار أميركي"، مشيرة إلى أنّه "تمّ خلال العام الماضي، شراء هضبة الدلهمية المطلة على البحر، والتي تبلغ مساحتها 3 مليون و500 ألف متر مربّع، بصفقة ماليّة وصلت الى 240 مليون دولار أميركي"، لافتة الى أنّ "عمليّة شراء الأرض تمّت بموجب صفقة ألماس بين البائع وهو تاجر المجوهرات روبير معوّض والشاري وتاجر الألماس الشيعي ناظم سعيد أحمد، أحد مالكي شركة التطوير الشارية".
كما توقّفت "NewYork Times" عند "الأدوار التي لعبها علي تاج الدين، أحد أبرز المساهمين في شركة التطوير الشارية وقريب أحد قادة "حزب الله"، في شراء العقارات في بيروت، بعدما توافر له التمويل الضخم"، لافتةً إلى أنّ "الأموال تأمّنت من خلال إدارة "حزب الله" لشبكة إتجار بالمخدّرات تعمل في الأميركيتين. فيما نقلت الصحيفة عن النائب علي فيّاض نفيه أن يكون الحزب وراء هذه الصفقة او غيرها من شراء الاراضي او تهريب المخدّرات، وتأكيده أنّ "اضطهاد الشيعة هو معاقبة بسبب ربحهم حرب تمّوز".
جولة ميدانيّة
وفي لمحة موجزة عن واقع منطقة جبل لبنان الجنوبي، من المعلوم أنّ هذه المنطقة عانت الأمرّين من التهجير وتبعاته الاجتماعية والاقتصادية. و"قد أدّت الأحداث المتلاحقة في منطقة الجبل منذ اندلاع الحرب اللبنانية الى تفريغها، بشكل أو بآخر، من سكّانها المسيحيّين الذين عانوا بما فيه الكفاية عند تهجيرهم. وها هو ناقوس الخطر يدقّ اليوم مجدّداً في المنطقة، معرّضاً وجودهم لمخاطر حقيقيّة، منذراً بتهجير جديد ولكن من نوعٍ آخر". هذا ما يؤكّده رامي، ابن بلدة الدبّية، وأضاف: "إنّما هذه المرّة من دون أمل بالعودة"...
تقع بلدة الدّبيّة على بعد 30 كيلومتراً جنوب بيروت. هي من أكبر البلدات المسيحيّة في إقليم الخرّوب، وتُعتبر عقاريّا من أكبر البلدات في لبنان. تتألّف من مجموعة تلال وهضاب، من بينها هضبة الدلهميّة التي تربط مدخل منطقة الشوف عن طريق ملتقى النهرين، وتشرف على الاتوستراد الساحلي بين بيروت وصيدا وعلى مدخل إقليم الخرّوب.
ويعبّر أهالي الدبّية عن قلقهم وتخوّفهم من "تحويل قسم كبير منها، وتحديداً منطقة الدلهميّة، إلى مجمّعات مكتظّة بالسكّان من لون واحد، وهي التي كانت معدّة لتكون منطقة سياحيّة بامتياز تضمّ ملاعب للغولف ومساحات خضراء شاسعة". إنّ هذا التخوّف يبرّره، على حدّ قولهم، طلب زيادة ونقل نسب الاستثمار الذي تقدّم به استشاريّ الشركة الشارية المهندس سعد خالد إلى مركز التنظيم المدني في بيت الدين. ويشكّل هذا التعديل في معدّلات الاستثمار، برأيهم، مدخلاً لإنشاء وحدات سكنيّة قادرة على استيعاب أكثر من 40 ألف شخص.
ويتساءل أحد السكّان الذي فضّل عدم الكشف عن هويته عن "الأسباب الكامنة وراء التعاون المريب بين مكتب التنظيم المدني في بيت الدين والشركة الشارية، بحيث تمّ تحويل طلب زيادة ونقل نسب الاستثمار إلى المجلس البلدي في الدبّية في غضون يوم واحد، عِلماً أنّ هكذا عمليّة عادةً ما يستغرق تنفيذها أسابيع إن لم يكن أشهراً".
ويضيف الأهالي إلى هذا التساؤل مجموعة من علامات الاستفهام المثيرة للريبة ومن أبرزها: "بعد أن رفض المجلس البلدي في الدبّية مشروع تغيير نسب الاستثمار ونقلها، لماذا دعا المدير العام للتنظيم المدني المهندس الياس الطويل والمقرّب بدوره من النائب وليد جنبلاط، إلى اجتماع في مكتبه بتاريخ 7 كانون الأوّل من العام الماضي، ضمّ بالإضافة إلى رئيس بلدية الدبّية جورج البستاني ونائبه المهندس فادي البستاني ومستشار الشركة الشارية المهندس سعد خالد ورئيس بلدية بعدران صلاح شزبك؟ هل للضغط على المجلس البلدي في الدبّية للسير بالمشروع، خصوصاً بعد الاتّفاق الذي تمّ بين النائب جنبلاط والشركة الشارية على إبقاء جهة الدلهميّة المواجهة لمنطقة ملتقى النهرين منطقة خضراء على أن تنقل نسب الاستثمار، بعد تغييرها ورفعها، إلى القسم الآخر من الدلهميّة المواجه لإقليم الخرّوب؟"
ويصل الأمر بسكّان المنطقة إلى الاعتبار بأنّه "تمّ اختيار هذه الارض بعناية، نظراً إلى موقعها الاستراتيجي الجغرافي، فهي من جهة تلامس طريق الشوف، ومن جهة ثانية تتحكّم بمداخل الإقليم، كما أنّها تشرف على المنطقة الساحليّة من الناعمة وحتى الرميلة. فهل هذا المشروع يدخل ضمن مخطّط مدروس لربط الجنوب بضاحية بيروت؟"
شمعون يحذّر من خطورة العمليّة ديموغرافيّاً
في معرض تعليقه على احتمال تشييد مجمّعات ذات كثافة سكّانية مرتفعة في منطقة الدلهميّة، يشدّد رئيس "حزب الوطنيين الأحرار" النائب دوري شمعون على خطورة العمليّة المذكورة، مشيراً إلى "تأثيرها على الخريطة الديموغرافيّة في ساحل الشوف". ويتابع: "إنّ كون المالك خاضعاً لأوامر "حزب الله"، فهذا يعني أنّه ليس حرّ التصرّف، وبالتالي فإنّ هذه العملية تقع ضمن مخطّطات الحزب، وهي بالتالي تؤثّر على الوضع الاجتماعي، فيضطرّ المسيحيّون إمّا إلى تنظيم صفوفهم للوقوف في وجهه، وإمّا إلى الهجرة".
ويؤكّد شمعون رفضه "تعديل قانون التصنيف المدني" لافتاً إلى "محاولات لإغراء بلديّة الدبّية بعروض ماليّة لدفعها على تبديل موقفها". ويقول: "سنعمل جاهدين لمنعهم من إجراء أيّة تعديلات، حتى لو اضطرّنا الأمر الى الاحتجاج وحتى التظاهر". وإذ يرى أنّ "من واجبات الكنيسة هنا أن ترفع الصوت وتعلن موقفها المعارض"، يختم قائلا: "إذا ما فينا نوقّف هيك مشروع، خلّينا نكبّ حالنا بالبحر".
حمادة: مخطّط استراتيجي
من جهته، يشير النائب مروان حمادة الى أنّه "لو كانت القضيّة تقتصر على الدلهميّة وعملية شرائها لكانت بدت عاديّة. غير أنّ تكاثر العمليّات المماثلة على طول الساحل بين بيروت وصيدا وعلى بعض المرتفعات المطلّة على هذا الساحل يثير التساؤل لا بل الاستغراب لدلالاته الاستراتيجيّة، التي يبدو أن لا علاقة لها بالمضاربة العقارية، انّما هي أقرب الى الإمساك بمفاصل التواصل على الساحل وفي داخل الجبل". ويتابع حمادة: "الموضوع أثير مع مرجعيّات روحيّة وسياسيّة واقتصاديّة قبل أن يدرك هؤلاء مدى الخطر المحدق وما تعنيه هكذا عمليّات، خصوصاً أنّها ارتبطت بقدرات ماليّة غير طبيعيّة مردّها حتماً إمّا إلى التمويل الخارجي وإمّا إلى تبييض الأموال".
يضيف: "لا أعتقد أنّ هناك موافقة أو رفضاً من قِبل جنبلاط، إنّما متابعة دقيقة لهذه الظاهرة التي لا تقتصر على ساحل جبل لبنان الجنوبي بل شملت أيضاً مناطق واسعة في أقضية أخرى أثيرت حولها ضجّة في مراحل مختلفة ثمّ هدأت"، لافتاً إلى أنّ "الموضوع لا يجوز أن يطرح على جنبلاط، إنّما القضيّة أوسع وأبعد بكثير، وسيرفع السؤال الى مرجعيّات أخرى، كما جرى الأمر منذ أيّام بالنسبة الى بكركي". وإذ يرى أنّ " دستوريّاً وقانونيّاً لا أحد يقدر على رفض عمليّة بيع من لبنانيّ إلى لبنانيّ آخر"، يؤكّد أنّ "المعروف عن جنبلاط إصراره على الإبقاء على القيود الشديدة بالنسبة إلى التنظيم المدني لصالح الأخضر وتقديمه هذا الاعتبار على أيّ اعتبار آخر في كلّ مناطق الجبل، وسبق الفضل بالنسبة الى سهل الدامور".
ترّو يرفض التصريح
وزير المهجّرين ونائب الشوف علاء الدين ترّو رفض الإدلاء بأيّ تصريح بهذا الخصوص، عازياً رفضه الى عدم اطّلاعه على مسار الأمور في الدلهميّة.
ماريو عون
أمّا الوزير السابق ماريو عون فيعتبر بأنّها "ليست أوّل عمليّة بيع وشراء تحصل في المنطقة، وبالتحديد في الدلهميّة، مضيفاً: "يبدو أنّها حصلت بدون ضغوطات". لكنّه يسأل: "إنّ روبير معوّض أقدم على البيع نظراً لعدم استفادته من إقامة مشروع سياحي. لماذا؟ لست أدري، على الرغم من أنّني على يقين بأنّ هنالك مشاريع سياحيّة ضخمة قيد الإنشاء وستنجح"، رافضاً وضع الموضوع في إطار مخطّط لتهجير المسيحيّين"، محمّلاً الدولة والمسؤولين عن المنطقة مسؤوليّة عدم تقديم الدعم الكافي لحثّ المسيحيّين على عدم التخلّي عن أراضيهم.
ناصيف قزّي
يؤكّد مسؤول العلاقات السياسيّة مع الأحزاب في التيار الوطني الحر ناصيف قزّي أنّه "قانونيّاً يحقّ لأيٍّ كان أن يقيم المشروع الذي يريد على أرضه، ولا أحد يستطيع منعه، خصوصا بعد أن ضرب لبنان بعرض الحائط المخطّط التوجيهي الذي وضع في عهد الرئيس فؤاد شهاب". ويسأل قزّي عن "سبب إقدام جنبلاط على تصنيف منطقة شمالي نهر الدامور بنسبة 2% فقط للبناء، فيما لم يتمّ تصنيف جنوبي النهر؟ لأنّها منطقة يريدون بيعها والسماح للغرباء بسكنها، وهذا هو مشروع التوطين!" ويشدّد على أنّ "التصنيف يجب أن يوضع انسجاما مع المخطّط العام في أيّ بلدة ومنطقة".
حكمت بو زيد
يثير موضوع بيع الأراضي لغير المسيحيّين بمساحات شاسعة في المناطق ذات الطابع المسيحي حفيظة الرابطة المارونيّة، فيأسف عضو المجلس التنفيذي في الرابطة المارونيّة حكمت أبو زيد "لبيع ملايين الأمتار" معتبراً أنّ هذا الأسف نابع "من حرصنا على هويتنا اللبنانية أوّلاً والشوفيّة ثانياً، وهو بمثابة إنذار نطلقه لإخواننا المسيحيّبن قبل أن يجدوا أنفسهم ضيوفاً في بلدهم، وإنّ اعتراضنا على بيع ملايين الأمتار بين الطوائف ولا سيّما بيع المسيحيّين لأرضهم لا يتعارض مع حرصنا على العيش المشترك الذي نؤمن به، بل ينسجم مع إيماننا بأنّه يهدّد هذا التعايش بين الطوائف ويؤدّي إلى فقدان المسيحيّين لأرضهم وأصلهم وهويتهم وجذورهم. ولكي يبقى الأمل ولكي لا نخسر ما تبقّى، ولكي لا نعزّي بعضنا بعضاً، نحن كمسيحيّين، على فقدان هويتنا وتسليم أراضينا، فلنتضامن مع كلّ من يواجه ضغوط المال والسياسة كي نشكّل اتّحاداً قويّاً في مواجهة التحدّيات الحاليّة والمقبلة".
إبراهيم الموسوي
إزاء الاتّهامات المباشرة وغير المباشرة التي تطال حزب الله في ملفّ بيع الأراضي في منطقة ساحل الشوف تحديداً، اقتصر ردّ فعل مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله ابراهيم الموسوي على رفض التعليق والإشارة المقتضبة الى أنّه "إذا كان من حاجة سيصدر حزب الله بياناً صحافيّا".
ريمون بولس
أمّا بولس فيسأل: "هل قامت الرابطة أو من يطلق المواقف بإيجاد مموّل مارونيّ يشتري بالسعر المناسب ورفض معوّض بيعه؟" لافتاً إلى أنّ "معوّض منشغل دائما وأعماله كثيرة". ويقول: "لا أعتقد أنّ هذا مشروع لـ"حزب الله"، ولكنّ طبيعة المالك وانتماءَه وتخاذلنا نحن المسيحيّين، قد تجعل هذه الأرض ذات أغلبيّة سكّانية شيعيّة".
ويتابع: "إن لم يسعَ أحد لشراء الدلهميّة قريباً، فسوف يضطرّ المالك الى استثمار الأرض والاستفادة منها بطرق مختلفة، وهو حرّ، لأنّ الأرض أرضه". وأشار الى أنّه سبق أن اطّلع شخصيّاً على "مفاوضات تمّت مع نائب من الشوف ورجل أعمال لبناني ماروني كبير، كان يريد أن يشتريها منذ قرابة سبعة أشهر، وبعلم من جنبلاط، ولكنّ الصفقة لم تتم".
ويلفت بولس الى أنّ "مساحة الدّلهميّة هي 3 مليون و800 ألف متر مربّع فعليّا "، مؤكّداً أنّه اطّلع على خرائط فرز العقارات التي رسمتها شركة تاج الدين، وقد كشف الفرز عن مساحة أكبر للعقارات من التي كانت ضمن خرائط معوّض".
وإذ يرى أنّه " من الخطأ والمعيب توجيه انتقاد الى معوّض، صاحب التاريخ الحافل بالأعمال الخيّرة تجاه بلده وطائفته"، يلفت الى أنّ "روبير اشترى متحف فرعون في زقاق البلاط للمحافظة على محتوياته وإضفاء قيمة معنويّة وماديّة للبنان، هذا فضلا عن بناء كنائس وصروح دينية". إذاً، تفسح عمليّة بيع الأراضي في المناطق المسيحيّة عموماً، وفي منطقة ساحل الشوف تحديداً، المجال واسعاً أمام طرح أسئلة كثيرة: هل سيُسفر اجتماع بكركي المقرّر في الحادي عشر من الجاري لبحث هذا الملفّ من جميع جوانبه، عن إيجاد حلّ جذريّ يحمي المسيحيّين؟ أم أنّ وحدها مخاوف مسيحيّي الشوف هي التي ستتحوّل إلى واقع يترجم بموجة تهجير جديدة، ولكن هذه المرّة "نهائيّة"؟
 
جنبلاط يسعى لـ«تواصل» الحريري و«حزب الله»
يُشبه اعتذار النائب وليد جنبلاط عن عدم دعم التغيير في سوريا شيئا من حقبة مَضت، ففي العام 2004 تمهّل جنبلاط الخطوات ليرفض التمديد، ثم ما لبث ان رفض لقاء الرئيس السوري وفق جدول إملاءات، وكان ما كان
جريدة الجمهورية..أسعد بشارة
اليوم يحاول جنبلاط التأني قبل إعلان الطلاق النهائي مع النظام السوري، والمفارقة تكمن في انه وعلى رغم كونه الطرف الاضعف في المعادلة، لا يزال يمسك بالمبادرة، فيما ينتظر الجميع، بمن فيهم النظام السوري وحزب الله، ما سيتخذه من مواقف.
وعلى رغم ملاحظة ان الازمة السورية قد أدّت الى الآن الى إنتاج صورة ضبابية حول هوية الطرف الذي يمكن ان يربح الجولة، فقد قام النائب جنبلاط بحركة سريعة الى الامام تمثلت في اتخاذ موقف قد يكون من الصعب العودة عنه، على رغم أنّ قانون اللاعودة لا يطبّق على جنبلاط.  لكن الاخير بدأ، ومنذ مدة، يتلمّس واقعا جديدا في سوريا، سوف يستجد ويؤدي الى زوال حكم الرئيس السوري وعائلته، وحتى البارزين في الطائفة التي ينتمي اليها.
في سوريا مرحلة جديدة كما يوحي جنبلاط، وفي لبنان ضرورات متعددة والتزامات وخطوات يفترض القيام بها للنأي بالساحة اللبنانية عن التعرّض لآثار سقوط النظام، ويمكن بالترتيب الزمني غير المدروس القيام بالآتي:
- الترتيب لتهدئة سياسية وإعلامية بين قوى 14 آذار وحزب الله تمهّد لأن تكون مرحلة أولية لمحاولة استعادة الحوار على المستوى الوطني العام، على قاعدة حذف الملفات الخلافية مؤقتا، والكلام حول السلاح لكن من خلفية غير صدامية، والتركيز على التعامل مع مرحلة ما بعد سقوط النظام السوري لبنانيّا بشيء من الواقعية الكافية لتجَنّب الوصول الى حافّة اشتباك عنيف.
- الترتيب لإعادة الاتصال بين الرئيس سعد الحريري وحزب الله، لِما لهذا الاتصال من أهمية برأي جنبلاط، في محاولة للبدء بمحو آثار تداعيات إسقاط الحكومة.
- تسليط الضوء على التجميد الواقعي لملف المحكمة الدولية، التي على أهميتها، لم تعد الآن بالنسبة لـ جنبلاط قادرة على ان تُسابق تسارُع الأحداث في المنطقة، خصوصا في الملف الايراني الذي يتحرّك بسرعة قياسية وفي ملف الوضع السوري، وهو يعتقد ان هذين الملفين يَحتلّا الاولوية، ليس فقط على مستوى المشهد العام في المنطقة، ولكن على المستوى الداخلي اللبناني، نظرا لتأثيرهما في وضع الحكومة وسير عملها وقراراتها الكبرى.
الواضح ان النائب جنبلاط في محاولته المرور الحذر بين حَدّي التنصّل من البقاء في التزام مع نظام يراه آيلاً للسقوط، والإبقاء على علاقة معقولة الحرارة مع حليفه اللبناني حزب الله، يسعى مرة ثانية لتأدية دور نموذجي عمّا قام به في العام 2005، مع إدراكه ان المقاربة اختلفت بشكل جذري، فانسحاب الجيش السوري من لبنان الذي أتاح يومها تسوية مؤقتة مع حزب الله بشروط الحزب، لا يشبه انهيار النظام السوري بشيء، والقوى التي قبلت تلك التسوية آنذاك لم تعد قابلة او قادرة على تكرار نموذج يُشبه التحالف الرباعي، وايضا قدرة جنبلاط على القيادة داخل 14 آذار لم تعد هي نفسها، ولم تعد علاقته بالرئيس الحريري (الذي بدأ يشعر انه يَتجه الى تحقيق انتصار) تحظى بالقدرة نفسها في التأثير، ناهيك بعلاقته مع المملكة العربية السعودية التي تحتاج بدورها الى وساطة .
 

المصدر: جريدة الجمهورية اللبنانية

A Gaza Ceasefire..

 الأحد 9 حزيران 2024 - 6:33 م

A Gaza Ceasefire... The ceasefire deal the U.S. has tabled represents the best – and perhaps last… تتمة »

عدد الزيارات: 160,707,558

عدد الزوار: 7,174,802

المتواجدون الآن: 157