مصادر: وحدات عسكرية إيرانية بالبحر المتوسط ...مصر تسحب سفيرها من دمشق.. وسوريا ترد بالمثل

دمشق بين المظاهرات والعصيان المدني...الإضراب يعم أحياء بدمشق.. والمزة تشيع قتيلها وسط دوريات الشبيحة وانتشار الشرطة السرية

تاريخ الإضافة الثلاثاء 21 شباط 2012 - 5:36 ص    عدد الزيارات 2771    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

دمشق بين المظاهرات والعصيان المدني
متظاهرون يحرقون العملة الإيرانية.. والأمن ينتشر قرب سفارة طهران * اغتيال النائب العام في إدلب وقاض برصاص مسلحين * مصر تسحب سفيرها من سوريا.. وبكين تبلغ الأسد دعمها المبادرة العربية
جريدة الشرق الاوسط.... القاهرة: عبد الستار حتيتة بيروت: ليال أبو رحال
* مسلحون عراقيون: سنقاتل الأسد إذا ساعدته بغداد
* شهدت العاصمة السورية، أمس، توترا ملحوظا مع انتشار دوريات الشبيحة والشرطة السرية في أحياء دمشق، وخصوصا في حي المزة، الذي شهد مظاهرات حاشدة اول من امس. كما عم إضراب عددا من أحياء العاصمة، حيث تراجعت الحركة، بينما خرجت مظاهرة حاشدة في حي الميدان، أمس، لنصرة حي المزة, وقام خلالها متظاهرون بحرق العملة الإيرانية، تعبيرا عن الغضب من سياسة إيران الضالعة مع النظام السوري في قمع المظاهرات. وانتشرت قوات الامن قرب السفارة الايرانية في دمشق لمنع وصول المحتجين. إلى ذلك، لقي النائب العام في إدلب، نضال غزال، والقاضي محمد زيادة، وسائقهما، حتفهم، خلال توجههم صباحا إلى مقر عملهم في قصر العدل بالمدينة. وتبادل كل من النظام والمعارضة الاتهامات بشأن المسؤول عن مقتل غزال، الذي شغل مناصب عدة في القصر العدلي، منها رئيس نيابة عامة.
ودبلوماسيا، أعلنت وزارة الخارجية المصرية أن وزير الخارجية، محمد كمال عمرو، استقبل السفير المصري في دمشق، شوقي إسماعيل، صباح أمس، بعد أن تم استدعاؤه وتقرر أن يبقى في القاهرة «حتى إشعار آخر».
وفي خطوة لافتة، نقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الصينية في وقت متأخر من مساء أول من أمس، بعد لقاء نائب وزير خارجية الصين تشاي جيون الرئيس السوري بشار الأسد، أن الصين تدعم خطة الجامعة العربية لإنهاء العنف في سوريا. ونقل البيان قول جيون للأسد إن «الصين تدعم كل جهود الوساطة من قبل الجامعة العربية لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، وتدعم الأطراف المعنية (الحكومة والمعارضة) لزيادة الاتصالات والمفاوضات لإيجاد حل سلمي وملائم للأزمة السورية، ضمن إطار عمل الجامعة العربية والمبادرات السياسية للجامعة العربية بهذا الصدد».
من جهة أخرى، أعلنت مجموعة مسلحة في منطقة القائم العراقية على الحدود مع سوريا ما سمته «جيش أحرار العراق»، بهدف «رد الدين ومساعدة من يحتاج المساعدة في سوريا». وأكدت المجموعة المسلحة العراقية في بيان أن عملها سيتركز على «مراقبة الحدود، وعن طريق متطوعين، للبحث عن أي تحركات غريبة أو مشبوهة من قبل الحكومة العراقية باتجاه مساعدة الحكومة السورية». وقال قائد المجموعة أبو ياسر: «سنذهب فورا للقتال في سوريا إذا تبين أن الحكومة العراقية ترسل مقاتلين للقتال مع النظام هناك».
بكين: نائب وزير الخارجية أبلغ الأسد بأن الصين تدعم المبادرة العربية لحل الأزمة

بعد أسبوعين من استخدام الصين الفيتو بمجلس الأمن

القاهرة: زينب البقري لندن: «الشرق الأوسط» ... في خطوة لافتة في الموقف الصيني تجاه الأزمة في سوريا، نشر الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الصينية في وقت متأخر من مساء أول من أمس بيانا كشف فيه عن أن نائب وزير خارجية الصين تشاي جيون الذي التقى بالرئيس السوري بشار الأسد في دمشق أول من أمس قد أبلغ الأخير بأن بكين تدعم خطة الجامعة العربية لإنهاء العنف في سوريا.
ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن موقع وزارة الخارجية الصينية قول جيون للأسد إن بلاده كانت ترغب في العمل مع الحكومة السورية والمعارضة والجامعة العربية والدول العربية لإيجاد حل للازمة. وأفاد البيان نقلا عن جيون قوله للأسد إن «الصين تدعم كل جهود الوساطة من قبل الجامعة العربية لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، وتدعو الأطراف المعنية (الحكومة والمعارضة) لزيادة الاتصالات والمفاوضات لإيجاد حل سلمي وملائم للأزمة السورية ضمن إطار عمل الجامعة العربية والمبادرات السياسية للجامعة العربية بهذا الصدد». وجاء هذا الإعلان بعد أسبوعين من استخدام الصين لحق النقض، الفيتو، في مجلس الأمن الدولي لتعطيل قرار يدعو يتبنى المبادرة العربية بتنحية الأسد. ومنذ ذلك الحين خرج عدة مسؤولين صينيين لتبرير موقف بكين والدفاع عن استخدامها الفيتو في الدفاع عن الأسد، وهو ما تضمن إرسالها أكثر من مسؤول رسمي للشرق الأوسط في محاولة للتدخل لإيجاد حل للأزمة، لكن تصريحات المسؤولين الصينيين شهدت تفاوتا واضحا في رؤية الأزمة في سوريا بين تأييد مطلق للأسد في مجلس الأمن وتفهم مطالب الشعب السوري بالإصلاح.
وخلال الأسبوعين الماضيين جاءت تصريحات المسؤولين الحكوميين في الصين لتبرر الموقف الصيني بعد حملة واسعة من الانتقادات الدولية بحق بكين. وقالت صحيفة الشعب الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الصيني الحاكم إن الحملات العسكرية الغربية في ليبيا وأفغانستان والعراق أثبتت خطأ تغيير النظام بالقوة، مضيفة في مقال موسع حول الأزمة في سوريا أن الصين عملت «بشكل يتسم بالمسؤولية» لصالح الشعب السوري، مشيرة إلى عدم تحلي الغرب بالكياسة في تناول الأزمة، كذا أشارت إلى أن إقرار مشروع القرار الذي أيده 13 من أعضاء مجلس الأمن الـ15 كان ليؤدي إلى «كارثة جديدة» في سوريا.
من جانبها أعلنت وزارة الخارجية الصينية أن بكين تنطلق دائما من مبدأ حماية المصالح الأساسية وطويلة الأمد للشعب السوري وصيانة السلام والاستقرار في سوريا والمنطقة العربية بشكل عام، مشددة على أن تصويت الصين في مجلس الأمن يستند إلى مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وإلى سياسة خارجية صينية طويلة الأمد من أجل حماية المصالح الأساسية وطويلة الأجل للبلدان النامية، وأنها تهدف إلى الحيلولة دون خروج قرار غير متوازن والعمل على منح فرصة أخرى للسلام في سوريا.
وقال ليو ويمين، المتحدث باسم الخارجية الصينية: «إن الصين تدعم جهود الجامعة العربية من أجل حل سياسي للقضية السورية»، لكنه استدرك قائلا: «مع الأسف إن الداعين إلى القرار دفعوا من أجل التصويت لصالح تمرير القرار»، معتبرا أن «هذا النوع من الممارسات لا يساعد على الحفاظ على وحدة مجلس الأمن وسلطته ولا على حل المسألة.. وبالتالي فإن الصين صوتت ضد مشروع القانون».
وعلى نقيض تلك التصرفات السياسية التي تبدو بوضوح في غير صالح الثورة، عبر وين جياباو، رئيس مجلس الدولة الصيني، في زيارة له لمنطقة الشرق الأوسط، عن احترام بكين لمطالب الشعوب المنادية بالإصلاح في البلدان المعنية، كما أكد تأييد بلاده لجهود الوساطة التي تبذلها جامعة الدول العربية في سوريا، والتي تدعو إلى وضع نهاية للعنف ضد المدنيين، مطالبا المعارضة السورية بالعمل على تهدئة الوضع في الشارع، كما شدد في طلبه لجميع الأطراف على وقف العنف فورا.
ووفي زيارة ثانية لمنطقة الشرق الأوسط، أكد السفير لي هواشين، مبعوث بكين في الشرق الأوسط، الذي التقى مع نبيل العربي، الأمين العام للجامعة العربية، أوضح هواشين أن موقف بلاده من الأزمة الحالية في سوريا هو دعوة جميع الأطراف في سوريا للوقف الفوري لجميع أعمال العنف، وخصوصا العنف الموجه ضد المدنيين الأبرياء، وأنه يجب بدء عملية حوار للوصول إلى حل سياسي فورا دون تأخير، وضرورة التغلب على الخلافات للوصول إلى حل سياسي سلمي.
مصر تسحب سفيرها من دمشق.. وسوريا ترد بالمثل

سياسيون وصفوها بـ«الخطوة المتأخرة» ودعوا لقطع العلاقات احتجاجا على «المذابح»

جريدة الشرق الاوسط.... القاهرة: عبد الستار حتيتة.... في أحدث خطوات الدبلوماسية العربية لزيادة الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد، بسبب العنف في قمع الانتفاضة الشعبية ضد حكمه، قالت مصر، أمس، إنها قررت استدعاء سفيرها لدى سوريا، شوقي إسماعيل، بينما قالت مصادر دبلوماسية مصرية إن دمشق قامت بحركة استباقية واستدعت سفيرها في القاهرة يوسف الأحمد.
وشنت قوى سياسية ونواب في البرلمان المصري، الذي يحوز الأكثرية فيه نواب الإخوان المسلمين، هجوما على موقف بلادهم «غير الواضح» تجاه ممارسات نظام بشار الأسد، قائلين إن سحب سفير مصر من دمشق «خطوة جاءت متأخرة»، داعين إلى قطع العلاقة مع نظام الأسد، بينما شدد الدكتور محمود غزلان، المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان، على أن الجماعة تنظر إلى الوضع الحالي في سوريا باعتباره «جريمة بشعة وعدوانا وحشيا من نظام ديكتاتوري مستبد ليس لديه أي قدر من الإنسانية».
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط، المصرية الرسمية، عن الوزير المفوض، عمرو رشدي، المتحدث باسم الخارجية المصرية، أن قرار سحب سفير مصر من دمشق جاء بعد زيارة السفير إسماعيل للقاهرة، وأنه تقرر أن يبقى في البلاد «حتى إشعار آخر».
تأتي الخطوة المصرية ضمن خطوات اتخذتها دول عربية وغربية، على رأسها السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي وليبيا وتونس، وعدة دول أوروبية بسحب واستدعاء سفرائها من دمشق احتجاجا على استمرار نظام الأسد في قمع الانتفاضة الشعبية ورفضه الانصياع لقرارات مجلس الجامعة العربية بشأن مقترحات حل الأزمة في البلاد، كما طلبت تلك الدول من سفراء النظام السوري مغادرة أراضيها في حينه. وقالت مصادر دبلوماسية مصرية: إن مصر لم تعلن عن عدم رغبتها في استمرار وجود السفير السوري على أراضيها، إلا أن نوابا بالبرلمان أخطروا الحكومة المصرية بضرورة طرد الأحمد من البلاد، لكي تكون معبرة عن رغبة الشعب المصري وبرلمان وحكومة ما بعد الثورة المصرية. وعلق رشدي قائلا أمس: إن قرار الجانب السوري باستدعاء سفير سوريا لدى مصر «أمر يخص الجانب السوري».
وتقول مصر إن قرار سحب سفيرها من دمشق، الذي ينظر إليه باعتباره خطوة متأخرة عن مواقف دول عربية أخرى، يرجع إلى أن مصر كانت تريد أن يكون قرارها من الأزمة السورية متدرجا؛ نظرا للعلاقات التاريخية التي تربط البلدين، ولوجود عمالة مصرية في سوريا يُخشى من اتخاذ نظام الأسد عمليات انتقامية ضدها.
وحول مدى تأثر العمالة المصرية في سوريا، أعرب رشدي عن أمله في ألا يؤثر قرار بلاده على العمالة هناك، مشيرا إلى العلاقة التاريخية بين الشعبين المصري والسوري، مؤكدا أن بلاده قامت، على مدار العام الماضي، باتصالات معلنة وأخرى غير معلنة وإرسال رسائل معلنة وأخرى غير معلنة لحل المشكلة السورية، و«في النهاية لم يكن أمام مصر سوى هذه الخطوة، وكنا نأمل ألا نصل إلى هذه الخطوة».
واستقبل وزير الخارجية المصري، محمد كامل عمرو، سفير مصر في دمشق، وأبلغه قرار الحكومة المصرية بإبقائه في القاهرة؛ حيث كان السفير المصري، بالمصادفة، في إجازة بالعاصمة المصرية قدم خلالها شرحا لوزير الخارجية عن الوضع على الأرض في سوريا. وأضاف رشدي أن مصر علمت لاحقا أن الحكومة السورية قررت استدعاء سفيرها في القاهرة، مشيرا إلى أن هذا «قرار سوري لا نملك إلا احترامه»، مشددا على أن كل ما يهم مصر في هذه المرحلة هو مصلحة الشعب السوري.
وعمَّا إذا كان سحب السفير المصري يختلف عن إجراء استدعاء السفير، وما إذا كانت الخطوة المصرية بمثابة ضغط على النظام السوري للالتزام بالقرارات الدولية، قال رشدي: إن الخطوة المصرية «رسالة بعدم رضا مصر عن بقاء الأوضاع في سوريا على ما هي عليه»، مضيفا أن سياسة مصر الخارجية، بعد ثورة «25 يناير» المصرية، لا بد أن تستجيب لنبض الشارع المصري، ولا يمكن أن يكون هذا الشعور بالاستياء موجودا لدى الشارع المصري وتستمر الأمور على ما هي عليه.
تأتي الخطورة المصرية الرسمية بعد أن تصاعدت مطالب الشارع السياسي بضرورة اتخاذ إجراء لوقف المذابح اليومية التي يتعرض لها الشعب السوري، قائلين إن قرار البرلمان المصري بقطع العلاقة مع البرلمان السوري لا يكفي. وطالب نواب بالبرلمان بضرورة قطع العلاقات مع نظام الأسد. وتساءل النائب طارق سباق، عن حزب الوفد الليبرالي، خلال جلسة أمس، موجها حديثه للسلطات المسؤولة: «إذا كنا غير قادرين على اتخاذ قرار (تجاه المذابح في سوريا) فهذه كارثة»، بينما انتقد النائب السلفي ممدوح إسماعيل سماح مصر بمرور سفينتين إيرانيتين من قناة السويس إلى سوريا.
وعمَّا إذا كان لبيانات جماعة الإخوان الأخيرة المنددة بالنظام السوري انعكاس سياسي على حزب الحرية والعدالة التابع للجماعة، الذي يستحوذ على الأغلبية في البرلمان، قال غزلان: «ابتداء، كبرلمان قرر تجميد العلاقة مع البرلمان السوري، وأعتقد أنه (البرلمان) سوف يدعو وزير الخارجية المصري لقطع العلاقات مع سوريا وطرد السفير السوري من مصر»، مشيرا إلى أن الجماعة تحث الجيش السوري على عدم اقتراف جريمة العدوان على شعبه.
يُشار إلى أن وزراء الخارجية العرب قرروا، قبل شهرين، تعليق عضوية سوريا في الجامعة ودعوا الدول الأعضاء إلى سحب السفراء العرب من دمشق «مع اعتبار ذلك قرارا سياديا لكل دولة»، وتقدمت دول عربية بمقترحات لحل الأزمة السورية، بالتعاون مع المجتمع الدولي، رفضها نظام بشار، بمساعدة من روسيا والصين.
فرنسا تبحث عن «خريطة طريق» لتنفيذ الخطة العربية في مؤتمر تونس وتفضل «الخطوات الصغيرة»

جريدة الشرق الاوسط... باريس: ميشال أبو نجم .... يتوقع أن تلعب باريس دورا رياديا في مؤتمر «مجموعة أصدقاء الشعب السوري» الذي سيلتئم يوم الجمعة المقبل في تونس برئاسة فرنسية - تركية مشتركة. وستخصص الأيام الأربعة المقبلة لبلورة «خريطة طريق» لتحرك المجموعة وللأهداف «العملية» التي يفترض أن تسعى لتحقيقها.
وقالت مصادر فرنسية رسمية إن باريس تريد أن يكون تنفيذ خطة السلام العربية في «قلب» عمل المجموعة، وتحديدا العمل على تعيين «الوسائل» التي يمكن اللجوء إليها لتحقيق هذا الغرض بعد القرار الذي صوتت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة بأكثرية ساحقة، والذي يلحظ بندا يتبنى هذه الخطة.
وإشكالية «الخطة العربية» أنها تطورت مع الزمن ومع تعاقب قرارات مجموعة العمل العربية ووزراء الخارجية، فبعد البنود الأربعة التي طرحتها الجامعة «وقف القمع، انسحاب الآليات والقوى العسكرية إلى ثكناتها، إطلاق سراح المعتقلين، وتمكين الصحافة من التنقل بحرية»، التي أرسل المراقبون العرب للإشراف على تنفيذها، طرحت الجامعة تشكيل حكومة تضم المعارضة وتخلي الرئيس السوري عن صلاحياته لنائبه الأول، ثم جاء أخيرا اقتراح إرسال قوة من القبعات الزرق من العرب وغير العرب، ولذا فإن أول مهمة تنتظر مؤتمر تونس هي الاتفاق على ما هو المطلوب تنفيذه وخصوصا «الآلية» التي يمكن أن تقود إلى ذلك. وحتى الآن، بقي باب مجلس الأمن مغلقا بوجه الحل العربي بسبب الفيتو المزدوج الروسي - الصيني. ولا يبدو أن موسكو، وفق ما تقوله مصادر فرنسية، «جاهزة» لتليين موقفها على الرغم من قرار الجمعية العامة والضغوط التي تتعرض لها من الدول الغربية والعربية. وتعارض موسكو «جوهر» الخطة العربية الداعية إلى «تنحٍّ جزئي» للأسد، وتريد حوار سياسي بين السلطة والمعارضة من غير «شروط مسبقة»، كما أنها تربط إرسال قوة عربية - دولية للسلام بموافقة السلطات السورية التي رفضت «جملة وتفصيلا» القرارات العربية. لذا يبدو خيار إرسال «القبعات الزرق» صعب التحقيق في الظروف الحالية؛ لأنه بدوره يحتاج إلى قرار من مجلس الأمن، ما يعيد البحث إلى المربع الأول.
وإزاء الطريق المسدود، تبدو الدبلوماسية الفرنسية اليوم ميالة إلى سياسة «الخطوات الصغيرة»، آخذة بعين الاعتبار أن الغرض الأول يجب أن يكون اليوم «وقف القتل» وتوفير المساعدة الإنسانية للمناطق المنكوبة، ما يعني عمليا طي ورقة المطالبة بتنحي الأسد في الوقت الحاضر بسبب صعوبة توفير الغطاء الشرعي الدولي له.
وكان وزير الخارجية ألان جوبيه قد أعرب عن بعض «الأمل» إزاء إمكانية التوصل إلى اتفاق مع روسيا حول هاتين النقطتين فيما لم تبد كثير من الدول «حماسا» لجهة إيجاد «الممرات الإنسانية» التي دعت إليها باريس نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ومجددا الأسبوع المنصرم. وعلى أي حال، يحتاج السير بخيار الممرات الإنسانية لموافقة السلطات السورية التي يستبعد قبولها هذا المطلب إلا نزولا عند الشروط التي ستفرضها، ما يعني الوقوع فيما وقع فيه إرسال بعثة المراقبين العرب إلى المناطق الساخنة. أما الخيار الآخر فهو إيجاد هذه الممرات من غير موافقة رسمية، ما يعني الحاجة إلى حمايتها عسكريا. وعندها، فإن السؤال المطروح هو: من سيتولى هذه الحماية؟ وبموجب أي انتداب؟ وبانتظار التوصل إلى مخرج ما، فإن باريس أوجدت الأسبوع الماضي صندوقا لمساعدة النازحين والمنكوبين السوريين، وهي ستطرح في تونس فكرة إنشاء صندوق دولي للغرض نفسه، ويبدو أن هذا الهدف سهل المنال. كذلك ستدعو فرنسا إلى إيجاد «مجموعة العمل الإنساني» التي ستكرس نفسها لهذه الجوانب.
وتعمل باريس أيضا على تجميع صفوف المعارضة. ويعكس كلام الرئيس ساركوزي يوم الجمعة الماضي، عقب القمة الفرنسية - البريطانية عن الحاجة لتوحيد صفوف المعارضة وتخطي نزاعاتها والاستعداد لمساعدتها، دعوة مباشرة للمجلس الوطني السوري لمد اليد للمكونات الأخرى ولبلورة برنامج سياسي يمكن «تسويقه» في تونس. ودعت المصادر الفرنسية المجلس للانفتاح على الأقليات المسيحية والعلوية وعلى الأكراد لقطع الطريق على المروجين لحرب مذهبية في سوريا بمن فيهم السلطة التي «تلعب على الخوف». غير أن كل هذه التحركات تندرج تحت باب «إدارة الأزمة» أو معالجة نتائجها، وليس البحث عن حلول لها، لأن فرنسا ومعها الكثير من الدول العربية والغربية تعتبر أن النظام اختار «الحل العسكري».
الإضراب يعم أحياء بدمشق.. والمزة تشيع قتيلها وسط دوريات الشبيحة وانتشار الشرطة السرية

تجدد القصف على بابا عمرو والنظام يمطر أحياء حمص بالقذائف.. ويقصف الرنكوس عشوائيا

بيروت: ليال أبو رحال لندن: «الشرق الأوسط»... لم يمنع انخفاض درجات الحرارة التي لامست الصفر وتساقط الثلوج التي غطت المناطق السورية قوات الأمن السورية وآلياتها العسكرية من مواصلة حصارها وقصفها مدنا وأحياء عدة، لا سيما في مدينة حمص، التي لا تزال تعيش أوضاعا مأساوية مع تجدد القصف العنيف أمس بالصواريخ والمدافع على حي بابا عمرو، في ظل استمرار قوات الأمن في حصار الحي وقطع كافة مقومات الحياة عنه، وحسب إحصائيات لجان التنسيق السورية، فقد سقط 20 قتيلا أمس برصاص قوات الأمن في أنحاء البلاد. وفي موازاة ذلك، لا تزال أحياء عدة في العاصمة دمشق تغلي، حيث شيع حي المزة في الصباح الباكر أمس الشاب سامر الخطيب، الذي قضى برصاص قوات الأمن أول من أمس، وتم التشييع وسط وجود أمني كثيف، وذلك بضغط من قوات أمن النظام على ذويه، خشية من أن يتحول التشييع إلى مظاهرة. وفيما أفاد ناشطون بدوي انفجارات في حي كرم الزيتون بحمص، الذي شهد إطلاق نار في أنحاء عدة منه، بات حي الإنشاءات شبه خاو، في ظل تخوف من اقتحام قوات الأمن حي السباع، حيث قضى عسكري منشق يدعى محمد تركماني برصاص الشبيحة. وأفادت لجان التنسيق بسقوط عدد من الإصابات في حي الخالدية، جراء سقوط قذائف عدة على الحي من قبل قوات النظام الموجودة في مبنى المخابرات الجوية.
وأدى قصف عنيف بقذائف الـ«آر بي جي» من حاجز العدوية إلى إصابة سبعة أشخاص، بينهم طفلان، إضافة إلى تدمير منازل عدة. واقتحمت قوات الأمن والشبيحة حي الخضر، حيث أقدمت على تحطيم أبواب المنازل وتنفيذ حملة اعتقالات عشوائية واسعة مع إطلاق الرصاص على السيارات وسرقة المحلات التجارية والمنازل. وذكرت «الهيئة العامة للثورة السورية» أن «قوات الجيش والأمن وعناصر الشبيحة اقتحمت مدينة السخنة في حمص، وسط إطلاق نار كثيف وعشوائي باتجاه المنازل، مما أدى إلى مقتل سيدة وسقوط الكثير من الجرحى، غالبيتهم من النساء والأطفال، في موازاة تنفيذ قوات الأمن حملة اعتقالات عشوائية طالت الكثير من أبناء المدينة».
وكانت لجان التنسيق المحلية قد أعلنت في وقت مبكر أمس أن 14 شخصا، بينهم سيدتان، قضوا أمس، 9 منهم في إدلب، التي حاصرتها قوات الأمن من كافة محاورها، في ظل انتشار كثيف للدبابات على طريق الكورنيش المحيط به وإطلاق نار كثيف، وسط مخاوف من اقتحامها. وذكر ناشطون أن «ثلاثة قتلى سقطوا من أسرة واحدة في الرامية في جبل الزاوية»، متحدثين عن «استنفار أمني كامل في إدلب وجسر الشغور، كما حاصرت 40 دبابة المستشفى المركزي في إدلب».
وفي مدينة دركوش، أكد ناشطون أن السلطات السورية قامت بفتح سدين على نهر العاصي، مما أدى إلى ارتفاع منسوب المياه في النهر بشكل كبير، مبدين تخوفهم من أن يهدد ذلك بفيضانات تطال المدينة. وفي موازاة ذلك، لا تزال أحياء عدة في العاصمة دمشق تغلي، حيث شيع حي المزة في الصباح الباكر أمس الشاب سامر الخطيب، الذي قضى برصاص قوات الأمن أول من أمس، وخرج ذوو القتيل من جامع الزهراء لتشييعه من دون إعلان مسبق ووسط وجود أمني كثيف، وذلك بضغط من قوات أمن النظام على ذويه، خشية من أن يتحول التشييع إلى مظاهرة، إذ كان من المفترض تشييعه من جامع المزة الكبير عند العاشرة من صباح أمس.
وقال ناشطون إن 15 شاحنة خفيفة تقل قوات الأمن والشبيحة طوقت الجنازة حيث دفن الخطيب في هدوء. وأضافوا أن سيارات الشرطة وعربات «جيب» تقل أفرادا من ميليشيا الشبيحة قامت بدوريات في المزة في حين انتشر أفراد الشرطة السرية وقاموا بإيقاف الرجال عشوائيا والتحقق من بطاقات هويتهم. وقال الناشط معاذ الشامي في إشارة إلى الشارع الرئيسي «السير في المزة الآن ينطوي على خطر الاعتقال. المنطقة هادئة وحتى متاجر الطعام المشهورة في الشيخ سعد خالية».
وبينما تراجعت الحركة في عموم العاصمة، خرجت مظاهرة حاشدة في حي الميدان، أمس، لنصرة المزة وقام خلالها المتظاهرون بحرق العملة الإيرانية، تعبيرا عن الغضب من سياسة إيران الضالعة مع النظام السوري في قمع المظاهرات.
وقال ناشطون إن كثافة أمنية كبيرة لوحظت أمس في عدة مناطق في المزة، فعدا حملة المداهمات والاعتقالات التي جرت في منطقتي الفاروق والمصطفى، انتشر عناصر الأمن والشبيحة في كلية الصيدلة وفي منطقة الشيخ سعد والأتوستراد وأمام السفارة الإيرانية.
وشهدت مناطق في دمشق أمس انتشارا أمنيا وإقفالا للمتاجر غداة مظاهرة حاشدة وسط العاصمة. وقال المتحدث باسم تنسيقية دمشق وريفها محمد الشامي في اتصال مع وكالة الصحافة الفرنسية «هناك انتشار أمني في دمشق وهذا ليس جديدا، ولكن الانتشار في المزة هو الكثيف. هناك حواجز أقيمت أمس في محيط المزة لفصل المناطق بعضها عن بعض». وأضاف الشامي أن «الكثير من المحلات مغلق في برزة والقابون وجوبر وكفر سوسة» التزاما بالإضراب العام والعصيان المدني «رغم الخوف من انتقام الأجهزة الأمنية».
وأفادت «صفحة الثورة السورية» على «فيس بوك»، بأن الإضراب عم بصورة شبه كاملة في حي برزة في دمشق، حيث أقفلت جميع المحلات التجارية أبوابها. وذكرت أن مجموعة من شبان الحي قاموا بتجميع أنفسهم وتوجهوا إلى مشفى تشرين العسكري، حيث قطعوا الطريق بالإطارات المشتعلة، مطالبين بتسليمهم جثث 3 قتلى من الحي سقطوا برصاص الأمن الثلاثاء الفائت، لكن قوات الأمن أطلقت الرصاص عليهم، مما أدى إلى إصابة شاب اختطفته قوات الأمن.
وقال أحد الناشطين في إطار «لجان التنسيق المحلية» في سوريا لـ«الشرق الأوسط» إن «أحياء بأكملها في دمشق تضامنت، أمس، مع الدعوة للإضراب، تأكيدا على مطالب الثورة السورية وتضامنا مع المدن المنكوبة، ووفاء لأرواح الشهداء الذين سقطوا برصاص الأمن في العاصمة دمشق».
ولفت الناشط المعارض إلى أن «الدعوة لأحد عصيان دمشق تأتي في إطار عصيان الكرامة الذي أطلقته (لجان التنسيق) في السابع من الشهر الجاري، وقوامه إلى جانب حداد عام على ضحايا المجزرة، عصيان اقتصادي وتشكيل (جمعيات شراء) ترمي إلى (تأسيس دورة اقتصادية بمعزل عن النظام)، وصولا إلى إعلان العصيان في دمشق وحلب». وفي كفر سوسة، لم يتجاوز عدد الطلاب الـ50 طالبا في ثانوية عباس محمود العقاد، استجابة للدعوة إلى الإضراب في دمشق.
وأفادت «لجان التنسيق المحلية» برصد «أرتال عسكرية على الطريق الدولي بين حمص ودمشق، معززة بحماية عسكرية ومراقبة من الحوامات، يتقدمها 10 باصات مليئة بالعناصر والأسلحة وبعض السيارات العسكرية وسيارات الإسعاف، وتبعها رتل آخر مكون من 15 باصا و5 سيارات عسكرية وعدد من سيارات الـ(بيك آب) المحملة بالعناصر المسلحة يليهم رتل دبابات توجهت شمالا».
وفي ريف دمشق، تحدث ناشطون عن انتشار أمني غير مسبوق وإقامة حواجز في صحنايا وجديدة عرطوز وقطنا، مع تفتيش للسيارات لمنع الناس من الوصول إلى دمشق ومنع حافلات النقل العام المتجهة إلى العاصمة من مغادرة قطنا والضمير.
وفي الرنكوس، ذكر ناشطون أن 25 دبابة ومدرعة و10 شاحنات عسكرية محملة بالجنود احتشدوا في مزرعة سنعور. ونقلت صفحة «الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد» على موقع «فيس بوك» عن ناشطين قولهم إن «قوات الاحتلال الأسدي أجرت بعد ظهر أمس، عمليات قصف مكثف وإطلاق نار عشوائي على منطقة المزارع، وصلت أصداؤها إلى القرى المجاورة، وترافقت مع تهديم للمنازل وتخريب لآبار الفلاحين». وشهدت دير الزور حملة مداهمات واقتحامات لمنازل المدينة منذ ساعات الصباح الباكر، وتحديدا في حي الصناعة. وتعرضت القورية لحملة مداهمات أسفرت عن اعتقال 8 أشخاص وسرقة وتكسير بعض المنازل. وأفادت «لجان التنسيق المحلية» بمقتل المحامي داود خلف الصالح العلو بعد اقتحام قوات الأمن العسكري مزرعته في العشارة، بعد رفضه الاستجابة لاستدعاءاتهم المتكررة للمراجعة في الفرع. منطقة، وهو من الطائفة السنية، بضابط آخر من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس بشار الأسد.
اغتيال النائب العام في إدلب وقاض برصاص مسلحين.. والنظام والمعارضة يتبادلان الاتهامات
حملات تصفية طالت أكاديميين وأصحاب الخبرات.. والجيش السوري الحر لـ «الشرق الأوسط»: لا نتبناها
بيروت: ليال أبو رحال.... تترافق التحركات الشعبية التي تشهدها سوريا منذ منتصف مارس (آذار) الماضي مع حملة اغتيالات تطال أساتذة جامعيين وأكاديميين وأصحاب خبرات وكوادر علمية رفيعة، تشتد وتيرتها حينا وتهدأ حينا آخر. ويتبادل كل من النظام السوري وقوى المعارضة الاتهامات بشأن الطرف الذي يتحمل مسؤولية عمليات التصفية المدروسة هذه. وفي حين يتهم النظام السوري «مجموعات إرهابية مسلحة» بافتعالها، تبادر المعارضة السورية إلى نفي أي علاقة لها بالموضوع، باعتبار أن هذه الاغتيالات هي من «ارتكاب النظام» ولا تخدم مسار المعارضة إطلاقا.
وفي إطار سلسلة هذه الاغتيالات، لقي النائب العام في إدلب نضال غزال، والقاضي محمد زيادة وسائقهما حتفهم، خلال توجههم صباحا إلى مقر عملهم في قصر العدل بالمدينة. وتبادل كل من النظام والمعارضة الاتهامات بشأن المسؤول عن مقتل غزال، الذي شغل مناصب عدة في القصر العدلي منها رئيس نيابة عامة. وبينما ذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أمس أن «المجموعات الإرهابية المسلحة، في إطار استهدافها للكفاءات الوطنية، استهدفت سيارة المحامي العام والقاضي بالرصاص بالقرب من مدرسة حسام حجازي في حي الضبيط، مما أدى إلى استشهادهما والسائق»، أوضح عضو المكتب الإعلامي لمجلس الثورة السورية في إدلب علاء الدين يوسف، أن «قوات الأمن السورية ارتكبت جريمة بشعة بحق المحامي العام في إدلب نضال غزال وقاض ودكتور، حيث استهدفهم الأمن قرب مقر الأمن السياسي داخل المربع الأمني للنظام السوري في إدلب، مما أدى إلى مقتلهم». وذكر أن «هؤلاء كانوا ينسقون مع الجيش السوري الحر للانشقاق، لكن للأسف تم اكتشاف ذلك من قبل قوات النظام». واتهم نائب قائد الجيش السوري الحر العقيد مالك الكردي، أمس، «النظام السوري بالمسارعة إلى اغتيال الكوادر والشخصيات وعناصر الأمن وكل من يستشعر أنه قد يشكل عنصر نقد له». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «يبادر النظام إلى تصفية كل من قد يشكل خطرا عليه في المستقبل»، لافتا إلى أن «الجيش النظامي قام بتصفية 18 عسكريا منذ أيام في بلدة الأتارب بريف حلب، لمجرد شكه بأنهم قد يحاولون الانشقاق بعد عدم انصياعهم لإطلاق النار على أهلهم».
ونفى الكردي «أي علاقة للجيش الحر بعمليات الاغتيال التي تطال كوادر وأصحاب خبرات»، وأوضح «أعلنا سياستنا في الجيش الحر تجاه حماية المدنيين والعمل ضد الوحدات التي تحاول استهدافهم»، مضيفا «اعتبرنا الفروع الأمنية التي تشكل أوكارا لعصابات القتل والشبيحة أهدافا مشروعة بالنسبة لنا».
وفي حين جدد الكردي التأكيد على «أننا لم نتخذ أي قرار بالقيام بأعمال تصفية ولا نتبنى أيا من عمليات الاغتيال ولم نعط أي أوامر لعناصرنا في هذا الإطار، ونعتبر ذلك أعمالا مرفوضة في الوقت الراهن»، شدد الناطق الرسمي باسم «لجان التنسيق المحلية» في سوريا عضو المجلس الوطني عمر إدلبي، على أنه «لا مصلحة لأي طرف في المعارضة بارتكاب جرائم وتصفيات مماثلة».
وقال إدلبي لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نعتبر أن الكوادر العلمية والأكاديمية هي ثروة للوطن وليست ثروة للنظام أو داعمة له»، وأوضح «لا فائدة لأي عملية من هذا النوع للثورة»، لافتا إلى أنه «في علم الإجرام يصار إلى البحث عن صاحب المصلحة، وبالتأكيد فإنه لا مصلحة لقوى المعارضة السياسية والثورية وكذلك الجيش الحر بتصفية هذه الشخصيات على الإطلاق». وأضاف «تصفية هذه الشخصيات لا تقدم أي خدمة للثورة، بل على العكس فإن النظام يستثمرها للدلالة على روايته التي دأب على سردها منذ بداية الأزمة».
تجدر الإشارة إلى أنه في 11 فبراير (شباط) الماضي، لقي العميد الطبيب عيسى أحمد الخولي (55 عاما) الذي يشغل منصب مدير مشفى الشهيد أحمد حاميش العسكري في دمشق، حتفه أمام منزله في حي ركن الدين أثناء توجهه إلى عمله، على مرأى من زوجته وأبنائه.
وذكرت وكالة الأنباء السورية أن «مجموعة إرهابية من ثلاثة مسلحين ترصدوا خروج الخولي من منزله وأقدموا على إطلاق النار عليه، مما أدى إلى استشهاده». ووضعت وكالة «سانا» عملية اغتيال الخولي، كما غزال، «في إطار استهداف المجموعات الإرهابية المسلحة للكفاءات الوطنية والعقول والكوادر الطبية والتقنية والفنية». وعددت أسماء عدد من الأشخاص «ذوي الخبرات العلمية والكوادر الوطنية ذات الكفاءة والمتخصصة الذين اغتالتهم المجموعات الإرهابية المسلحة»، ومنهم الأستاذة بجامعة البعث الدكتورة ميادة أنيس سيوف، والمتخصص في الهندسة النووية المهندس أوس عبد الكريم خليل، ورئيس قسم جراحة الصدر في المشفى الوطني بحمص الطبيب حسن عيد، والدكتور في مشفى بيسان للصحة المدرسية مصطفى محمد سفر، والمدرّسة في المركز الوطني للمتميزين في حمص ربى إبراهيم، والمهندس في مصفاة حمص طلال نعيم القطريب، والمهندسة بـ«الشركة العامة لتوليد الطاقة الكهربائية» في محردة فاطمة خليفة، ورئيس قسم كهرباء دوما المهندس فراس قدار، والمساعد الفني بسام بركات في مدينة دوما بريف دمشق.
قوات النظام لم تستثن مدينة تدمر الأثرية من عملياتها الأمنية.. وتضعها تحت الحصار

الطلقات الرشاشة تنهال كالمطر على أي شيء يتحرك بمجرد الشك بوجود منشقين

بيروت - لندن: «الشرق الأوسط»... يعيش سكان مدينة تدمر الأثرية في وسط سوريا تحت حصار القوات النظامية منذ مطلع فبراير (شباط) الحالي، والخوف من تعرضهم لرصاص الجنود الذين «يطلقون النار على كل ما يتحرك»، كما يقولون.
ويقول أحد سكان مدينة تدمر إن «الجنود يحاصرون تدمر من كل الجهات، إذ ينتشرون من جهة القلعة العربية، وحقول الزيتون والنخيل، والصحراء، والمدينة»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وانتشر الجيش السوري في الرابع من فبراير في محيط القلعة والآثار الرومانية، وفي محيط المدينة التي يصل عدد سكانها إلى نحو ستين ألف نسمة، بحسب هذا الرجل الذي طلب عدم كشف هويته.
وأضاف «الطلقات الرشاشة تنهال كالمطر على أي شيء يتحرك في منطقة الآثار لأنهم يعتقدون بوجود عناصر منشقين هناك».
وتقع مدينة تدمر بآثارها المدرجة على لائحة «اليونيسكو» للتراث العالمي، إلى الشمال من العاصمة دمشق، وهي كانت الوجهة الأولى للسياحة في سوريا قبل اندلاع الاحتجاجات فيها في منتصف مارس (آذار) الماضي. وأفاد سكان آخرون في تدمر بأن مئات المقيمين في المدينة هربوا منها إثر أنباء سرت عن مقتل ثلاثة مدنيين بأيدي قوات الأمن. وأحد هؤلاء القتلى هو عدنان الكبير، الذي تملك عائلته فندق الواحة في وسط المدينة. وأظهر مقطع بثه ناشطون على الإنترنت عدنان الكبير وهو مصاب برأسه في ما يرجح أنه طلق ناري. وتزامن حصار المدينة مع انقطاع الاتصالات عنها، ويتحدث الفارون منها عن إطلاق نار يومي من الرشاشات والمدرعات.
ويقول أحد هؤلاء الهاربين من تدمر «معظم الشباب رحلوا خوفا من الاعتقال، ولم يبق في المدينة سوى المسنين والموظفين». ويضيف أن النساء والفتيات جرى نقلهن إلى أماكن آمنة. ويؤكد أحد السكان الذي لجأ مؤخرا إلى الأردن أنه شاهد عربات مدرعة ونقاط تفتيش حول المدينة، ويقول «الناس يهربون سواء كانوا معارضين أو لا خوفا من قوات الأمن التي تعتقل الناس عشوائيا».
ويقول أحد السكان إن القوى الأمنية تقيم حواجز داخل المدينة وتوقف الرجال بين سن العشرين والأربعين. ويضيف هذا الرجل الثلاثيني الذي تمكن من الخروج من تدمر قبل أيام «فقد الكثير من الناس، لا نعرف ما إذا كانوا ماتوا أم سجنوا».
وبحسب سكان، فإن الناشطين المعارضين للنظام يلجأون إلى الحقول ويتجمعون فيها، ما يدفع النظام إلى الانتقام من هذه المنطقة التي يعتاش معظم سكانها من زراعة الزيتون والنخيل. ويقول أحد هؤلاء السكان «الحقول المجاورة للآثار هي الأكثر تضررا»، مضيفا «على الناس أن يزرعوا مجددا وينتظروا 10 سنوات حتى يحصدوا محصولا جيدا».
وكانت مدينة تدمر تعد حتى مطلع فبراير في منأى من الحركة الاحتجاجية التي أسفر قمعها عن مقتل أكثر من ستة آلاف شخص، بحسب ناشطين. ويوضح أحد السكان «كان هناك نوع من الاتفاق بين السكان والسلطات يقضي بأن تتجنب قوات الأمن دخول المدينة طالما لم تخرج فيها مظاهرات». ويقول السكان إن الأمور تغيرت منذ جرى استبدال الضابط المسؤول عن الأمن..
مجاميع مسلحة عراقية تتعهد بالقتال إلى جانب السوريين إذا تبين أن بغداد ترسل مقاتلين لدعم نظام الأسد

أحد وجهاء القائم: السوريون وقفوا إلى جانبنا عندما حاصرنا الأميركيون في 2005

القائم - لندن: «الشرق الأوسط».... ينشغل سكان في مدينة القائم العراقية الحدودية بالعمل على «رد الدين والجميل» لجيرانهم السوريين الذين ساعدوهم في الماضي على محاربة الأميركيين وباتوا يتعرضون اليوم للقمع في بلدهم. ويقول الشيخ محمد الكربولي (53 عاما)، وهو أحد شيوخ ووجهاء القائم، إن «الإخوة في سوريا وقفوا مع العراقيين وقفة مشرفة عند محاصرة القوات الأميركية لنا عام 2005، ففتحوا حدودهم وقلوبهم لنا».
ويضيف لوكالة الصحافة الفرنسية «لقد أوصلوا لنا كل ما نحتاجه من الدواء والغذاء والرجال والسلاح (..) ومن أماكن متعددة في سوريا، لذا فإنه من باب الوفاء أن نرد لهم الجميل والخير في محنتهم هذه». ويوضح من جهته عبد الناصر محمد القرة غولي (39 عاما)، الذي يسكن في المنطقة الفاصلة بين القائم والحدود مع سوريا، «ننقل لهم حاليا المواد الطبية البسيطة، ونجمع التبرعات المالية من الميسورين ونرسلها إليهم». وتقع القائم في محافظة الأنبار على بعد نحو 340 كلم غرب بغداد، وتفصلها منطقة صغيرة تسمى الربط والباغوز عن مدينة البوكمال السورية، حيث يمكن بالعين المجردة مشاهدة المزارعين السوريين وهم يعملون في أراضيهم. وتسكن مدينة القائم عشائر تجمعها علاقات عمومة ومصاهرة مع عشائر أخرى في الجانب السوري، وبينها عشائر كبيرة مثل الراويين، والعانيين، والكرابلة، والبومحل، وعشيرة السلمان. ويشير شيوخ عشائر في القائم إلى أن صلة القرابة مع السوريين تمتد إلى مدن دير الزور وحمص وإدلب في سوريا.
ويقول أبو مجاهد اللهيبي، وهو أحد وجهاء عشيرة اللهيب، «أرسلت حتى الآن ألفي دولار لمساعدة المصابين في سوريا، وهذا المبلغ أعتبره مبلغا بسيطا وهو على كل حال جل ما استطعت أن أقدمه».
ويضيف «نرسل الأموال للعشائر التي نعرفها عبر وسطاء، وذلك كلما توفر لدينا مبلغ من المال بحدود ثلاثة إلى أربعة آلاف دولار، وسنعلن قريبا عن صندوق علني لجمع التبرعات». وتعرضت القائم عام 2005 إلى هجمات متلاحقة شنتها القوات الأميركية واستهدفت جماعات مسلحة فيها، ويؤكد أهالي المدينة أن السوريين في حينها «كانوا يقدمون كافة أشكال المساعدة، الغذائية والطبية وحتى السلاح». ويرى الكربولي أن «ما يمر به الشعب السوري الآن في حمص والشام ودير الزور وغيرها من مدن سوريا البطلة فيه إهانة للأعراض وسفك للدماء فيجب على شيوخ العشائر، وخصوصا في الأنبار، أن يتحلوا بالنخوة لمساعدة إخواننا في سوريا»، وتابع «لن نصمت على إهانة الأعراض».
وكان المسؤول الأكبر في وزارة الداخلية العراقية عدنان الأسدي قد قال الأسبوع الماضي إن هناك حركة تهريب للسلاح والمقاتلين باتجاه سوريا، التي كانت تتهم في السابق بأنها قدمت دعما ماليا وعسكريا ولوجيستيا لجماعات «جهادية» متمردة في العراق. وأعلنت مجموعة مسلحة في القائم، الأسبوع الماضي، عن تشكيل «جيش أحرار العراق»، بهدف «رد الدين ومساعدة من يحتاج المساعدة في سوريا». وأكدت في بيان أن عملها سيتركز على «مراقبة الحدود، وعن طريق متطوعين، للبحث عن أية تحركات غريبة أو مشبوهة من قبل الحكومة العراقية باتجاه مساعدة الحكومة» السورية. وتشير هذه الجماعة بذلك إلى تقارير نشرت في وسائل إعلام عراقية وتحدثت عن إرسال مقاتلين بتسهيل من الحكومة العراقية إلى سوريا للقتال في جانب قوات النظام السوري، وخصوصا عناصر جيش المهدي بقيادة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر. وقال قائد المجموعة أبو ياسر عند المنطقة الفاصلة بين الحدود العراقية والسورية «سنذهب فورا للقتال في سوريا إذا تبين أن الحكومة العراقية ترسل مقاتلين للقتال مع النظام هناك».
وتابع أبو ياسر، الملثم، فيما كان يتنقل داخل سيارة ضمن موكب مكون من ثلاث سيارات تحمل على متنها 12 رجلا مدججين بالرشاشات «نحن مستعدون لمدهم بالسلاح أيضا إذا تأكدت هذه التقارير». في موازاة ذلك، تستعد القائم لاحتمال استقبال لاجئين سوريين. ويقول رئيس الجمعية الحقوقية للدفاع عن حقوق الإنسان، بلال العاني إنه «في حالة حصل لجوء إلى القائم، فنستقبلهم ونوفر لهم كل ما هو ضروري وكل ما يريدونه إذ إننا لن ننسى فضلهم علينا في محنتنا». ويشدد الكربولي من جهته على أنه «إذا منعت الحكومة فتح المخيمات، فبيوتنا مفتوحة لهم». وكانت الحكومة العراقية أعلنت، أول من أمس، أنها اتخذت «التدابير اللازمة» لتعزيز السيطرة على الحدود مع سوريا، لافتة إلى أنها تشهد «أحداثا واضطرابات» تنشط معها عمليات التسلل والتهريب و«خصوصا الأسلحة». وذكر بيان صادر عن مكتب رئيس الحكومة نوري المالكي ونشر على موقع رئاسة الوزراء، أن المالكي ترأس «اجتماعا لخلية الأزمة بحضور كبار المسؤولين الأمنيين، حيث تركز البحث على أمن الحدود». وأوضح البيان أن المجتمعين ناقشوا «كيفية العمل على سد جميع الثغرات التي يتسلل منها الإرهابيون وبعض العصابات الإجرامية».
وأعلن البيان أنه «تم اتخاذ التدابير اللازمة لتعزيز السيطرة على الحدود مع سوريا التي تشهد أحداثا واضطرابات تنشط معها عمليات التسلل والتهريب بكل أنواعها، خصوصا الأسلحة». كما تقرر بحسب البيان «تشكيل لجنة لمراقبة هذه الحدود وإجراء تقييم شامل لها وتقديم رؤية بالإجراءات التي يجب اتخاذها لمنع أي حركة على هذه الحدود، لا سيما في مجال تهريب السلاح». وقد أكد المالكي خلال الاجتماع أن «المعلومات الأمنية يجب أن تأخذ على محمل الجد مهما كانت ضعيفة، لأن الموضوع الأمني أمر احترازي».
مصادر: وحدات عسكرية إيرانية بالبحر المتوسط تشوش على اتصالات المعارضة السورية

«الوطني السوري»: نشطاء علويون يشاركون في المظاهرات

جريدة الشرق الاوسط... القاهرة: عبد الستار حتيتة.... قالت مصادر أمنية مصرية وأخرى من المجلس الوطني السوري المعارض إن وحدات عسكرية إيرانية على متن سفينتين قبالة السواحل السورية بالبحر المتوسط، تقوم بالتشويش على اتصالات المعارضة السورية عبر الأقمار الصناعية، في وقت قالت فيه مصادر «الوطني السوري» إن نشطاء مهمين من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس السوري، يشاركون في المظاهرات ضد بشار الأسد.
وأفاد مصدر أمني مصري رفض الإفصاح عن هويته بأن السفينتين الإيرانيتين اللتين رستا قبل يومين على الساحل السوري، يوجد على متنهما وحدات عسكرية متخصصة في التنصت على اتصالات المعارضة السورية التي تجريها عبر الأقمار الصناعية بنظام «الثريا»، والتشويش على الاتصالات الأخرى التي يجريها المعارضون السوريون بنظام إنمارسات المربوط أيضا بالأقمار الصناعية.
وأشار المصدر إلى أن النظام السوري أصبح في الفترة الأخيرة يجد صعوبة في التتبع وسرقة المعلومات والمراقبة والتنصت على اتصالات المعارضة والناشطين داخل سوريا، خاصة من عناصر الجيش الحر واللجان التنسيقية للثورة السورية، بعد أن لجأت هذه القوى المناهضة لنظام الأسد لوسائل اتصالات آمنة خارج منظومة الاتصالات التابعة للنظام من هواتف أرضية وجوالة.
وقال عماد حصري، عضو المجلس الوطني السوري وعضو المكتب السياسي للجان التنسيق المحلية في سوريا، إن «أخبار سوريا مؤلمة»، لكنه أعرب عن ثقته في قدرة المعارضة السورية على التغلب على نظام الأسد، وقال حصري لـ«الشرق الأوسط» فيما يتعلق بالسفينتين الإيرانيتين الحربيتين اللتين وصلتا أخيرا إلى السواحل السورية، وما يمكن أن تقدماه لنظام الأسد: «إن النظام السوري بدأ يستشعر تراجعا في الموقفين الروسي والصيني، وإنه يحاول حاليا أن يستثمر علاقاته مع إيران التي لها أزمة مع المجتمع الدولي بشأن برنامجها النووي».
وأضاف أنه يجب على الإيرانيين أن يفهموا أن مثل هذه التحالفات ضيقة جدا، وعليهم أن يبنوا مصالحهم مع الشعب السوري، لا مع نظام الأسد الذي مصيره إلى زوال، مشيرا إلى أنه توجد بعض المعلومات غير المؤكدة عن أن السفينتين الحربيتين الإيرانيتين، تحملان أجهزة متطورة في مجال الاتصالات وكشف الاتصالات عبر الأقمار الصناعية. وقال إن إحدى هاتين السفينتين يعتقد أن عليها أجهزة لمراقبة هواتف «الثريا» والأخرى يعتقد أن عليها محطات للتشويش على بعض الناشطين في سوريا.
وعما يتردد عن ارتباط مصالح اقتصادية قوية بين قيادات من السنة وقيادات من النظام الحاكم العلوي، مما يحول دون ممارسة المزيد من الضغوط المحلية على النظام، قال حصري إنه يريد أن يوضح أولا أن سوريا يوجد فيها اليوم «طائفة النظام» التي ينتمي إليها من الأقليات العلوية والسنية والدرزية والمسيحية وغيرها.. مشيرا إلى أن الخلاف في سوريا «ليس طائفيا ولكن هناك طائفة للنظام، تحاول أن تستفيد من هذا الأمر.. لكن الحقيقة أن هناك الكثير من التجار في سوريا يساعدون في العمل ضد النظام، دون الإعلان عن ذلك في الوقت الحالي».
وأضاف أن هناك الكثير من النشطاء المهمين في المظاهرات والمسيرات من الطائفة العلوية، يعملون مع الشعب السوري ضد نظام بشار يدا بيد. وقال: «النظام فقط هو من يردد أن القضية في سوريا هي قضية أقليات»، مشيرا إلى أن «عمر الشعب السوري آلاف السنين، بينما عمر النظام أربعين سنة، فكيف يمكن تصديق أن النظام هو ضمانة للأقليات في سوريا».
الأسد وتقسيم سوريا

طارق الحميد... جريدة الشرق الاوسط... على الرغم من خروج بشار الأسد أواسط شهر يناير (كانون الثاني) المنصرم في إحدى الساحات الدمشقية وسط مريديه مبشرا بالنصر، فإن وكالة أنبائه نقلت عنه مساء السبت الماضي قوله لنائب وزير الخارجية الصيني بأن الأحداث في سوريا «تهدف إلى تقسيم البلاد»! فما الذي نفهمه من ذلك؟
حديث الأسد لنائب وزير الخارجية الصيني يعني أنه، أي الأسد، للتو بدأ يستوعب أن هناك ثورة حقيقية تحدث ضده، وأن من يقومون بها هم ثوار سوريون وليسوا جراثيم، كما كان يقول الأسد نفسه، ولا هم نتاج مؤامرة خارجية، كما ردد الأسد نفسه أيضا، وهذا الاستيعاب لم يأت نتاج صحوة ضمير، أو إحساس بالمسؤولية، وإنما جاء بسبب عدة عوامل فرضتها الوقائع على الأرض. فأولا، وقبل كل شيء، فإن صمود الثورة السورية بات أمرا واضحا لا جدال فيه. فطوال أحد عشر شهرا من القمع المتواصل الذي يقوم به النظام الأسدي لا تزال الثورة السورية مستمرة، وصامدة، حيث لم ينجح القمع الأسدي في القضاء عليها، أو حتى إضعافها.
فمن ناحية، هناك الزخم الدولي المتنامي، والذي لا تقوده الرغبة الدولية الصادقة في الدفاع عن الشعب السوري، بل إنما هو أمر يفرضه حجم التضحية المقدمة على الأرض من قبل السوريين؛ فحمص، مثلا، لا تزال تحت الحصار والقمع الإجرامي من قبل قوات الأسد، منذ قرابة خمسة عشر يوما، ولا تزال صامدة، ومثلها مناطق سورية أخرى. وهذه ليست القصة وحدها، فجسارة السوريين أقرب إلى الملحمة، فها هي العاصمة السورية دمشق تنتفض ضد نظام بشار الأسد، وتهب لنصرة المدن السورية المقموعة من قبل قواته الإجرامية، وهو أمر لم نره حتى في العاصمة الليبية طرابلس أيام الثورة ضد القذافي، فيومها كانت طرابلس هادئة حتى لحظة الصفر، أو قل لحظة السقوط. وليست دمشق وحدها المنتفضة اليوم، فهناك حلب أيضا، فما الذي تبقى للأسد؟
كل ما سبق من شأنه أن يحرج حتى الشيطان لو قرر الوقوف مع الأسد، وليس روسيا والصين، اللتين بدأتا تقولان علنا بأن مصالحهما الحقيقية ليست مع الأسد، وإنما مع العالم العربي ككل، فمع تحرك دمشق وحلب، فإن الأمر بات محرجا لكل من روسيا والصين، ولن يكون بإمكانهما الوقوف مع الأسد إلى النهاية، لأن عليهما الآن حساب مدى خسارتهما بعد تحرك أهم مدينتين سوريتين. وهذا ليس كل شيء، فحتى لو قررت موسكو وبكين الوقوف مع الأسد للنهاية، مثلهما مثل إيران، الخاسرة لا محالة هي وعملائها بالمنطقة، فإن الأحداث أيضا لا تخدمهما، وبالطبع لا تخدم الأسد، فالمعلومات التي باتت ترشح عن «مؤتمر أصدقاء سوريا» في تونس تقول إن الدول المؤثرة باتت تتحرك بشكل جدي لكي لا يكون الاجتماع مجرد لعبة ومضيعة وقت، أو إعطاء فرص للأسد.
وأيا كانت نتائج اجتماع تونس، أو مواقف موسكو وبكين، فإن من جعل الأسد يتحدث الآن عن التقسيم، أو يلوح به، هو الوقائع على الأرض، وأهمها تحرك دمشق وحلب، وهو ما يعني أن لا مجال للتسويف في سوريا.
بوارج إيرانية في المياه السورية

عبد الرحمن الراشد... جريدة الشرق الاوسط.... في الوقت الذي فاجأت فيه ضخامة المظاهرات الهادرة في العاصمة دمشق الجميع، التي تؤذن بمستوى جديد من التهديد للنظام السوري، وصلت أيضا سفن عسكرية إيرانية إلى المياه السورية في تصعيد نوعي جديد. قوات إيرانية وروسية في ميناء طرطوس ومظاهرات في دمشق، هل نحن بصدد جولة خطيرة في الأزمة السورية؟
دبلوماسية البوارج البحرية كانت في الماضي لغة مهمة في النزاعات السياسية في القرن التاسع عشر، ويبدو أنها لا تزال حتى اليوم، على الأقل إيرانيا. البارجة «خارك» وسفينة الإمداد «الشهيد قندي» أرسلتهما إيران لتبحرا بعيدا من الخليج العربي، إلى بحر العرب، فالبحر الأحمر، وعبرتا قناة السويس، وأخيرا البحر الأبيض المتوسط حيث يفترض أن ترسيا في ميناء طرطوس السوري، الذي يعتبر أيضا محطة إمداد وصيانة للأسطول البحري الروسي المتحالف مع نظام الأسد.
دبلوماسية البوارج كانت تعني استعدادا حقيقيا للقتال إن لزم الأمر، فهل إيران فعلا تنوي أن تفيدها بارجة وسفينة إن حدث قتال في هذه المنطقة المضطربة؟ بالتأكيد لا، الأسطول الإيراني هزيل مقارنة بالقوى البحرية الكبرى الموجودة في البحر المتوسط، أميركيا وفرنسيا، وكذلك تركيا وإسرائيليا. الرسالة الوحيدة هي نفسية، للتأكيد على دعم النظام السوري الذي يزداد عزلة. إذن، نتساءل عن مدى التزام النظام الإيراني بدعم حليفه شبه الوحيد اليوم، النظام السوري؟
الأخبار تتوارد بإرسال 12 ألف مقاتل مدرب للمشاركة إلى جانب النظام، كلهم ينتمون للحرس الثوري، عبروا من العراق إلى سوريا على طريق الرطبة العراقية إلى بوابة النتفة السورية، وصولا إلى دمشق. وسبق ذلك التزام بدعم مالي واقتصادي وسياسي، وبالتالي لم تترك طهران وسيلة إلا وقدمتها لنظام الأسد، لكن حتى مع هذا الدعم السخي، فإن النظام يتهاوى، فإن صور المظاهرات الحاشدة التي انتقلت من ريف دمشق إلى قلب دمشق فاجأت الجميع، وكانت الرد الشعبي السوري على حصار حمص وحماه ودرعا وغيرها من مراكز الثورة، وكانت أيضا التأكيد على أن ثورة الداخل أهم من سلحفاة العمل السياسي الدولي، وأبلغ رد على الروس والإيرانيين.
لا تستطيع إيران بأسطولها الصغير المكون من سفينتين إيرانيتين أن تغير ميزان القوى في البحر، ولن ترجح كفة النظام على الأرض، وبالتالي لا أعرف كنه الرسالة من دبلوماسية البوارج هذه سوى التأييد المعنوي. هل تريد إيران أن تقول إنها، على الرغم من الحصار الاقتصادي الشديد الذي تعاني منه، قادرة على أن تمخر بوارجها آلاف الكيلومترات وأمام أعين البحارة الأميركيين والمصريين والإسرائيليين. وهذا التصرف ينسجم مع روح الدعاية التي تغلب على السياسة الإيرانية منذ قيام الثورة قبل ثلاثة عقود.
الصراع في داخل سوريا وخارجها يدور على مستويات متعددة؛ دبلوماسيا، واقتصاديا، ودعائيا، وعسكريا، وهي جميعا مرهونة بما يحدث على الأرض داخليا، باتساع حجم الانشقاقات بين أفراد الجيش وارتفاع وتيرة المواجهات المسلحة، واستمرار المظاهرات في ظروف صعبة، هذا من جانب الشعب السوري الثائر، أما من جانب النظام، فإنه يمارس حصارا اقتصاديا عكسيا على المناطق الثائرة، وهجمات أمنية وعسكرية ممنهجة، وحملة دبلوماسية خارجية لمنع قرار التدخل الدولي الذي يصاغ تحت عناوين مختلفة، حاليا يسمى «الممرات الآمنة»، وربما «أصدقاء سوريا». وبالتالي، فإن إيران تريد القول من خلال دعم سوريا بحريا إن الحصار التركي لن يمنعها، والممر العراقي المحدود لن يعوق نشاطها. إنما إيران نفسها هدف تحت المتابعة غربيا، ولن يفلح استعراض القوة البحرية في دعم صورتها ولا أخبار تصعيد التخصيب النووي. بسقوط النظام السوري ستزيد عزلة إيران ومحاصرتها.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,334,707

عدد الزوار: 7,628,611

المتواجدون الآن: 1