محاولة اقتحام فاشلة لبابا عمرو واشتباكات عنيفة في درعا...مراقب عام «الإخوان» لـ«الشرق الأوسط»: لن نكرر سياسة النظام ولن نقصي أحدا

سوريا.. استفتاء وسط الدماء...الأسد يجري الاستفتاء على الدستور بروح التحدي.. وسط مقاطعة شعبية واسعة له

تاريخ الإضافة الثلاثاء 28 شباط 2012 - 4:39 ص    عدد الزيارات 2681    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

سوريا.. استفتاء وسط الدماء
التصويت على دستور جديد يمنح الأسد البقاء في السلطة حتى 2028 * راجمات الصواريخ و«الهاون» تدك حمص والقصير.. و 60 قتيلا * كلينتون تدعو الجيش السوري لوضع مصلحة سوريا أولا * مسؤول روسي بالرياض: لا ندعم الأسد.. ونقف فقط مع «الشعب السوري»
جريدة الشرق الاوسط
بيروت: يوسف دياب بروكسل: عبد الله مصطفى الرياض: هدى الصالح الرباط: طلحة جبريل
لم يغير مشهد الاستفتاء على مشروع الدستور السوري الجديد، الذي يمنح الرئيس السوري بشار الأسد حق البقاء في السلطة حتى عام 2028، من المشهد الدموي الذي يطبع يوميات السوريين.. فقد سقط أمس نحو 60 قتيلا، معظمهم من المدنيين، في أعمال العنف التي شهدتها مختلف المناطق السورية.
ومع فتح صناديق الاقتراع أمام الشعب السوري صباح أمس، قتل تسعة مدنيين في قصف مدفعي وصاروخي على أحياء حمص، الواقعة تحت الحصار العسكري والأمني منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، ودكتها أمس راجمات الصواريخ وقذائف «الهاون».
كما أفاد شهود عيان بمحاولات الجيش النظامي اقتحام حي بابا عمرو والسيطرة عليه ولكن من دون جدوى، وذلك بعد قصف مدفعي وصاروخي عنيف، قوبل هذا الهجوم بمقاومة قوية من عناصر الجيش الحر والثوار الذين أفشلوا هذه المحاولة. وأشار ناشطون ومسؤولون بالصليب الأحمر الدولي إلى فشل جهودهم حتى مساء أمس في دخول حمص وإجلاء آلاف المشردين والمصابين، على الرغم من كل الاتصالات التي تم إجراؤها مع مسؤولين في الحكومة السورية.
في غضون ذلك، قال الرئيس السوري بشار الأسد عقب الإدلاء بصوته: «إن الهجمة علينا إعلامية». وأضاف: «قد يكونون أقوى في الفضاء، لكننا على الأرض أقوى، ومع ذلك فنحن سنربح الأرض والفضاء»، في إشارة إلى الهجمة الإعلامية التي تطلقها بعض القنوات الفضائية التي تتهمها السلطات بالتحريض على سوريا.
في السياق ذاته قالت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، أثناء زيارتها للمغرب، أمس: «نحث عناصر الجيش السوري على تغليب مصلحة البلاد»، مضيفة: «ما زلنا نعتقد أن الدائرة التي تحيط بالأسد قلقة من الهجمات الوحشية الجارية.. وأن على كل السوريين أن يعملوا معا من أجل مستقبل أفضل».
وذكّرت كلينتون بالنقاط الثلاث التي يتعين أن تشكل (في رأيها) استراتيجية المجتمع الدولي حيال سوريا، وهي «مساعدة إنسانية عاجلة» للمدنيين، و«زيادة الضغوط على نظام الأسد»، و«المساعدة في الإعداد لعملية انتقالية».
من جهة أخرى، أكد إلياس أوماكانوف، نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي وممثل جمهورية داغستان، في تصريح له بالرياض عدم دعم روسيا للرئيس السوري بشار الأسد بصورة «أوتوماتيكية»، مشددا على أن الدعم الروسي إنما هو مقدم «للشعب السوري».
 
الأسد يجري الاستفتاء على الدستور بروح التحدي.. وسط مقاطعة شعبية واسعة له

ناشطون: أي استفتاء ندعى إليه ونحن عاجزون عن دفن الضحايا؟

بيروت: يوسف دياب لندن: «الشرق الأوسط»... عبرت السلطات السورية، أمس، عن رضاها عن سير عمليات التصويت والإقبال الشعبي على الاستفتاء على مشروع دستور البلاد الجديد، الذي يلغي الدور القيادي لـ«حزب البعث» القائم منذ 50 عاما، عبر المادة الثامنة من الدستور الحالي، التي حلت مكانها فقرة تنص على «التعددية السياسية». في حين دعت المعارضة إلى مقاطعة الاستفتاء معتبرة ألا شرعية له. وبث التلفزيون السوري لقطات مصورة تبين دخول الرئيس السوري بشار الأسد وحرمه أسماء إلى مركز للاقتراع في مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون في ساحة الأمويين في وسط العاصمة، وهما يحييان الجموع. وأظهرت الصور الأسد مبتسما إلى جانب زوجته التي ارتدت زيا أسود اللون ولوحت بيدها أكثر من مرة للمتجمعين، الذين كانوا يتدافعون من حولهما ويهتفون: «الله، سوريا، بشار وبس».. قبل أن يدخل الزوجان وراء الستار سويا، ثم خرجا باسمين، وأسقطا ورقتيهما في الصندوق.
وقال الأسد عقب الإدلاء بصوته: «إن الهجمة علينا إعلامية، الإعلام مهم، لكنه لا يتفوق على الواقع». وأضاف: «قد يكونون أقوى في الفضاء، لكننا على الأرض أقوى، ومع ذلك فنحن سنربح الأرض والفضاء»، في إشارة إلى الهجمة الإعلامية التي تطلقها بعض القنوات الفضائية التي تتهمها السلطات بالتحريض على سوريا.
من جهته، اعتبر وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، أن «مشروع الدستور الجديد سينقل سوريا إلى مرحلة جديدة»، مشيرا في حديث إلى الصحافيين خلال الإدلاء بصوته على المشروع في مبنى وزارة الخارجية، إلى أن «هذا يوم تاريخي في حياة الشعب السوري الذي يراهن على صموده وتماسكه». ورأى أن «الشعب السوري استحق هذا الدستور الذي ينقل سوريا من خلاله إلى مرحلة التعددية السياسية وإلى مرحلة الديمقراطية». وقال: «سوريا تخرج بالدستور أقوى بكثير مما كان». وإذ رفض التعليق على انتقادات المعارضة السورية لمشروع الدستور، اعتبر أن «المعارضة ليست على صلة بمصالح الشعب السوري، وهذا الإقبال من قبل المواطنين مؤشر على وعي تام بمصالحه وأهدافه». وردا على سؤال عن تدخل الدول الغربية في الشؤون السورية، قال المعلم: «عليهم أن يعالجوا همومهم الداخلية وأن يتركوا سوريا؛ لأن من يريد مصلحة الشعب السوري لا يفرض عليه عقوبات».
كانت مراكز الاقتراع قد فتحت أبوابها في السابعة صباحا أمام أكثر من 14 مليون سوري تجاوزت أعمارهم الـ18 عاما، سبق للنظام أن دعاهم إلى الإدلاء بأصواتهم بـ«نعم أو لا» لمشروع الدستور الجديد. وواظب التلفزيون السوري الرسمي طوال يوم أمس على بث صور من محافظات مختلفة حول سير عملية الاقتراع. وقال مواطن لمراسلة التلفزيون في أحد مراكز مدينة اللاذقية الساحلية: «إن الاستفتاء رسالة إلى العالم ليأخذ الديمقراطية من سوريا». وأكد التلفزيون الرسمي أن «عمليات الاستفتاء تتواصل بزخم في جميع المراكز على امتداد الوطن». ولفت مراسل التلفزيون في العاصمة دمشق إلى أن «مواطنين كانوا ينتظرون أمام مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم قبل السابعة، والإقبال كبير». وداخل أحد مراكز محافظة حلب، قال أحد المقترعين للتلفزيون: «أنصح كل مواطن بالتصويت على الدستور؛ لأنه مستقبل سوريا، ولأنه يعطي حقوقا لكل الناس». وبينما أكد وزير الداخلية اللواء محمد الشعار أن عملية الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد تسير بشكل طبيعي في معظم المحافظات وأن «المراكز تشهد إقبالا كبيرا من المواطنين باستثناء بعض المناطق»، قال ناشطون إن معظم الذين شاركوا بالاستفتاء هم من الموظفين في الدوائر والمؤسسات التي وُضعت فيها صناديق الاستفتاء، وذلك وسط مقاطعة شعبية للاستفتاء؛ حيث بدت الحركة ضعيفة جدا في معظم شوارع العاصمة دمشق وكأنه يوم عطلة، باستثناء ساحة السبع بحرات التي تم فيها تنظيم مسيرة مؤيدة للنظام وداعمة للدستور، بينما قام شباب من الناشطين بنثر مئات الآلاف من القصاصات الورقية المتضمنة عبارات ثورية ودعوات لمقاطعة الاستفتاء في أحياء المزة الشرقية والميدان والمزرعة والقدم والحجر والأسود والمهاجرين - قرب القصر الجمهوري.
وقال ناشطون: إن عدة مدارس في حي المهاجرين نفذت عصيانا مدنيا رفضا للدستور، وتم تصميغ أقفال بعض مراكز الاستفتاء بمدارس ابن تيمية وعدنان صباغ وخولة كندية، وقد مُلئت جدران تلك المدارس بعبارات الحرية وإسقاط النظام ودستوره.
وفي حي الميدان، قام شباب بقطع أحد أكبر شوارع الحي، مما استدعى حضورا أمنيا كثيفا للمنطقة، كما قام ناشطون بتشويه صور الرئيس في عدة أحياء من المدينة، في ساحة الميسات قرب أحد أكبر المقرات الأمنية في دمشق.
وردت المعارضة السورية على هذا الاستفتاء بإعلانها رفض نتائجه أيا ما كانت، وأكد عضو المجلس الوطني السوري، أديب الشيشكلي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «نظام بشار الأسد فقد شرعيته، وفاقد الشيء لا يعطيه». وقال: «الإصلاح لا يحصل عبر تغيير الدستور، بل يبدأ بوقف القتل والقمع وارتكاب المجازر، والسماح للمؤسسات الإنسانية وجمعيات حقوق الإنسان الدولية بدخول المناطق المنكوبة وإنقاذ الجرحى، وإدخال المساعدات الطبية والغذائية». وسأل: «كيف تشكلت الجمعية الدستورية؟ أليس من عدَّل الدستور في العام 2000 (من أجل تمكين بشار الأسد للترشح للرئاسة) قادرا على أن يعدله كل يوم وفق مصلحته؟ وكيف يمكن لأهل حمص أو حماه أو درعا وغيرهم أن يصوتوا على هذا الدستور وكأنهم في دولة متحضرة جدا؟». ورأى الشيشكلي أن «ما يحصل هو مهزلة مضحكة، وعلى العالم والمجتمع الدولي أن يتحركوا لمساعدة الشعب السوري للتخلص من هذا النظام بشكل نهائي».
أما الناشطون في تنسيقيات الثورة السورية في مدينة حمص، فسألوا: «أي استفتاء يُجريه النظام على دماء الأطفال والنساء وعلى وقع أنين الجرحى والمرضى الذين يحرمهم حتى من العلاج، ويمنع الأدوية عنهم؟». وأكد هؤلاء الناشطون لـ«الشرق الأوسط» أن «الناس في حمص والقصير ودرعا وإدلب وحماه وفي ريف دمشق عاجزون عن انتشال جثث شهدائهم ودفنها وليس بوسعهم إسعاف الجرحى، وهم يسعون وراء رغيف الخبر لتأمينه لأطفالهم». وقالوا: «لا أحد يتوجه إلى صناديق الاستفتاء إلا الجمهور المواظب على مشاهدة قناة «الدنيا» (السورية الموالية للنظام) وبعض المنظرين لهذا الدستور». وشددوا على أنه «لا وجود لصناديق الاستفتاء في حمص وكل المناطق الساخنة، إلا في بعض الأحياء الخارجية الموالية للأسد، التي يتجمهر أمامها أرتال من عناصر المخابرات لتصويرهم على أنهم مدنيون مقبلون بشغف على الاستفتاء». وذكر الناشطون أن «معظم موظفي الدولة ينفذون عصيانا مدنيا، فكيف يمكن إجراء استفتاء كهذا على مساحة الوطن من دونهم؟».
تعثر مفاوضات إخراج الصحافيين المصابين العالقين في حمص

المصور البريطاني يرفض مغادرة سوريا من دون جثمان زميلته كوليفن

جريدة الشرق الاوسط.... القاهرة: هيثم التابعي... استبعد نشطاء سوريون في حمص أمس إمكانية إخراج الصحافيين الأجنبيين المصابين في حمص المحاصرة، وهما الصحافية الفرنسية إديث بوفير والمصور البريطاني بول كونروي، عبر الطائرة السويسرية التي من المقرر أن ترسلها اللجنة الدولية للصليب الأحمر اليوم (الاثنين) إلى مطار دمشق. وقال النشطاء إن الوضع يتعلق بكيفية إخراج الصحافيين خارج بابا عمرو أولا، مؤكدين أن الصحافيين يصران على عدم الخروج في سيارات الهلال الأحمر السوري دون ضمانات من الحكومة السورية، وتتمثل في وجود ممثل من الصليب الأحمر أو دبلوماسي غربي.
ويقيم الصحافيان الأجنبيان في بيت آمن في حي بابا عمرو يستخدم كمشفى ميداني، وليس به أجهزة اتصالات حتى لا يتم تحديد مكانه.
وكانت أخبار قد تواترت عن أن الصليب الأحمر سوف يرسل طائرة سويسرية مجهزة طبيا اليوم إلى مطار دمشق الدولي لنقل الصحافية الفرنسية والمصور البريطاني إلى خارج سوريا، لكن مصدرا في شبكة أخبار النشطاء من مقره بالقاهرة أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن المشكلة الرئيسية في نقل الصحافيين الأجنبيين خارج بابا عمرو وليس خارج سوريا.
وقال المصدر «النشطاء في بابا عمرو يستبعدون نجاح مسألة إخراجهما عبر الطائرة السويسرية، لأن المسألة الأهم تكمن في طريقة نقلهما وإخراجهما خارج بابا عمرو إلى دمشق». ويعرض الصليب الأحمر نقل الصحافيين الأجنبيين عبر سيارات الهلال الأحمر السوري، وهو ما يرفضه الصحافيان والنشطاء على حد سواء بسبب عدم ثقتهما في حياد الهلال الأحمر.
وقال الناشط السوري ضياء دغمش المطلع على سير المفاوضات، لـ«الشرق الأوسط»، إن الصحافيين ربما يطلبان ضمانات خاصة من النظام السوري وسفرائهما في دمشق بعدم توقيف سيارة الإسعاف التابعة للهلال الأحمر التي ستخرجهما من حي بابا عمرو أو تفتيشها حتى مغادرة الأراضي السورية، وهو ما يضمن عدم مصادرة متعلقاتهما، وهو ما يصر عليه الصحافيان بشدة.
وقال ناشطون سوريون على مقربة من الصحافيين المصابين إن الحالة الصحية للصحافية الفرنسية المصابة إديث بوفير تسوء بمرور الوقت. وعانت بوفير من آلام قاتلة طوال الساعات الماضية بسبب نقص المسكنات، مشددين على أن حالتها لن تنتظر نجاح المفاوضات لإخراجها من المدينة بسبب حاجتها لعملية جراحية عاجلة. وقال الناشطون إن الفخذ اليسرى لبوفير في حالة سيئة للغاية، مشيرين إلى أن حالتها ربما تحتاج إلى بتر إذا لم يتم إسعافها في أقرب وقت.
وفي سياق متصل، قال ناشط سوري إن القرار النهائي بخصوص دفن جثتي الصحافية الأميركية ماري كوليفن والمصور الفرنسي ريمي أوشليك، لم يتخذ بعد، وكشفت المصادر أن الصحافي البريطاني كونروي يرفض الخروج من حمص دون جثمان كوليفن.. وذلك رغم ما تناقلته الأنباء حول مناشدات لأقارب لها من أجل دفنها في سوريا، نظرا لحالة جثمانها المتردية من جهة، إلى جانب المخاوف من تأذي المحيطين بها في حال الإصرار على إخراجها.
وكانت الأميركية كوليفن والفرنسي أوشليك قد قتلا برفقة 20 سوريا آخرين جراء هجوم صاروخي على بيت يستخدم كمركز صحافي في حمص، وهو الهجوم الذي خلف إصابة الفرنسية بوفير والمصور البريطاني كونروي.
الدستور السوري يضمن للرئيس صلاحيات واسعة ويسمح بوجود الأسد حتى عام 2028

إقرار التعددية السياسية أبرز بنوده

جريدة الشرق الاوسط.. القاهرة: زينب البقري* .. أصدر الرئيس بشار الأسد في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، القرار الجمهوري رقم 33، الذي ينص على «تشكيل اللجنة الوطنية لإعداد مشروع دستور للجمهورية العربية السورية، تمهيدا لإقراره وفق القواعد الدستورية»، على أن تنهي اللجنة عملها خلال شهر فبراير (شباط) الحالي، وبالفعل، اتجه السوريون بالأمس للاستفتاء على مشروع الدستور الجديد، الذي يبلغ عدد بنوده 157، والذي أكد في فصله الأول على سيادة سوريا كدولة ديمقراطية ذات نظام جمهوري. وجاءت أبرز التعديلات الأخرى كما يلي:
* إلغاء المادة الثامنة التي كانت تنص على أن حزب «البعث» هو القائد للدولة والمجتمع، وحلت محلها المادة التالية: «النظام السياسي للدولة يقوم على مبدأ التعددية السياسية، وتتم ممارسة السلطة ديمقراطيا عبر الاقتراع».
* تبرز مادة انتخاب رئيس الدولة من الشعب مباشرة، لولاية مدتها 7 سنوات يمكن تجديدها لمرة واحدة فقط، وذلك وفقا للمادة 155 من مشروع الدستور، الذي أبقى على الصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها رئيس الجمهورية.
ويشار إلى أنه لا أثر رجعيا للدستور الجديد؛ مما يعني أن الرئيس بشار الأسد يحق له الترشح لولايتين رئاسيتين جديدتين مدة كل منهما سبع سنوات، مما يعني إمكانية امتداد حكمه حتى عام 2028.
* تُجرى الانتخابات لأول مجلس شعب خلال تسعين يوما من إقرار الدستور، وفقا للمادة 156.
* يشير مشروع الدستور إلى أن الدولة تكفل حرية الصحافة واستقلاليتها وفقا للقانون، مع حرية تكوين الجمعيات والنقابات على أسس وطنية ولأهداف مشروعة وبوسائل سلمية. وتطرق الدستور إلى الحريات الشخصية كمنع تحري أحد أو توقيفه إلا بموجب قرار قضائي، مع التأكيد أن القانون يمنع التعذيب.
* خصّت المادة 23 المرأة، بالإشارة إلى أن الدولة توفر لها المساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية وفي بناء المجتمع. في حين جددت المادة 60 إلزام أن يكون نصف أعضاء مجلس الشعب على الأقل من العمال والفلاحين.
* اشترط المشروع على المرشح للرئاسة أن يكون مقيما في سوريا إقامة متواصلة مدة 10 سنوات على الأقل بتاريخ تقديم الطلب، ومن أبوين سوريين بالولادة، ومتما 40 عاما من عمره.
* لا حق لمجلس الشعب في منح الثقة أو حجبها عن الحكومة عند تشكيلها من قبل رئيس الجمهورية، كما هو الحال في الدستور الحالي، لكن مشروع الدستور أعطى الحق لمجلس الشعب في حجب الثقة عن الحكومة على خلفية أدائها، وليس لدى تشكيلها.
* تعد المادة الثالثة من هذا المشروع أكثر المواد إثارة للجدل والخلاف، التي طالبت الأقليات بإلغائها، حيث تنص المادة في فقرتها الأولى على أن دين رئيس الجمهورية هو الإسلام، بينما تعتبر الفقرة الثانية الإسلام مصدرا رئيسيا للتشريع.
* وحدة أبحاث «الشرق الأوسط»
مراقب عام «الإخوان» لـ«الشرق الأوسط»: لن نكرر سياسة النظام ولن نقصي أحدا

ردا على رئيس أساقفة حلب للكلدان بأن المسيحيين هم الأكثر تهديدا ويحاولون الفرار من البلاد

جريدة الشرق الاوسط.... بيروت: كارولين عاكوم ... رفض مراقب عام «الإخوان المسلمين» بسوريا الدكتور رياض الشقفة، كلام رئيس أساقفة حلب للكلدان المطران أنطوان أودو بأن «المسيحيين هم الأقلية الأكثر تهديدا من جراء الحرب الأهلية، وهم يحاولون الفرار من البلاد.. وهم يشعرون بالعجز في مواجهة تصاعد العنف المستمر منذ أشهر عدة»، معتبرا أنه بالنسبة إلى أن «عددا كبيرا من المسيحيين، يمثل الهرب السبيل الوحيد للخلاص، على غرار ما يحدث في بلدان الشرق الأوسط الأخرى، وفي العراق بشكل خصوصي»، فإنه كلام يصدر على لسان من يجهل التاريخ.
وقال الشقفة لـ«الشرق الأوسط» إن «الجميع يعرف أنه عندما كان المسيحيون يضطهدون كانوا يلجأون إلى سوريا، والطائفية لم يعرفها بلدنا إلا في عهد حزب البعث»، وأكد أن هذه المخاوف غير حقيقية ولا تمت إلى الواقع بصلة، وهي من صنع النظام الذي يلعب لعبته لتخويف الطوائف من بعضها والتلويح بحرب أهلية، ولا سيما الأقليات منهم.
وفي حين لفت الشقفة إلى أن جزءا من المسيحيين - كغيرهم من الطوائف - يشاركون في الثورة، أوضح أنهم يتعرضون لضغوط كبيرة من النظام وأعوانه. وأكد الشقفة «إذا استطاعت المعارضة أن تحصل على الأكثرية في المجلس النيابي لن نكرر سياسة النظام ولن نقصي أحدا، سنتعاون مع الجميع لأن الوطن بحاجة إلى سواعد كل الأطراف في الوطن»، وتابع أن «المجلس الوطني الذي يمثل كل الطوائف خير دليل على سياستنا ونهجنا في العمل الذي نعتمده في المرحلة القادمة».
وكان المطران أنطوان أودو، قد أعلن في تصريحات لوكالة أنباء «آسيا نيوز» الكنسية، أن «المسيحيين هم الأكثر ضعفا من الجانب النفسي ومن ناحية الدفاع عن النفس، وبالنسبة للكثيرين يمثل الهرب السبيل الوحيد للخلاص، على غرار ما يحدث في بلدان الشرق الأوسط الأخرى، وفي العراق بشكل خصوصي»، وكل هذا «يلحق ضررا جسيما بالكنيسة وبالوجود المسيحي في سوريا»، مستشهدا بدعوة الحوار التي أطلقها البابا في 12 من فبراير (شباط) الحالي.
وأوضح المطران أودو أنه «رغم خوف المسيحيين، فإن بإمكانهم أن يكونوا جسرا بين مختلف الفصائل المتنازعة»، مؤكدا أن «حضورنا المتحد حول الكنيسة يساعد السكان مسلمين ومسيحيين على العمل من أجل خير البلاد، ودفعهم إلى المصالحة لا إلى الانتقام».
من جهتها، اعتبرت كاتريت التللي، عضو المجلس الوطني السوري، أن كلام المطران أودو «هو توصيف يشوه الحقيقة لصالح نظام يقتل شعبه، وهو لا يمثل واقع الطائفة المسيحية التي يشارك جزء كبير منها في الثورة السورية لإسقاط النظام». وقالت التللي لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الكلام ليس سوى إشاعات يروجها رجال الدين، ويستخدمها النظام لصالحه لإخافة المسيحيين ولحرف الحقيقة عن مسار الثورة. وللإظهار وكأن الثورة محصورة بطائفة معينة، وكأن المسيحيين هم ضد الثورة.. والواقع هو عكس ذلك، ومن يريد أن يضعهم خارج هذه الثورة هو مخطئ».
واعتبرت التللي أن «سلوك رجال الدين الذين يخرجون عن تعاليم السيد المسيح، الذي كان يقف مع المظلوم ضد الظالم، يؤذي المسيحيين». وأكدت أن الكثير من الشخصيات المسيحية المعارضة تعرضت للاعتقال والقتل من قبل النظام الذي لا يفرق في هذا الأمر بين مسيحي ومسلم. ولفتت التللي إلى أن المسيحيين في سوريا يتعرضون أكثر من غيرهم لضغوط كبيرة من المسيحيين الموالين للنظام، بدعم من المخابرات السورية لمنعهم من إبداء آرائهم بحرية، و«يلعب رجال الدين في هذا الإطار دورا واضحا كأداة لتحقيق مصالح النظام».
وقالت التللي: «ما تعرضت له من اعتقال وضغوط وصلت إلى حد الخطر على حياتي، خير دليل على ما يتعرض له المسيحيون المعارضون.. والنظام يستخدم المسيحيين كورقة ضغط على الغرب بادعائه أنه الحامي لهم ولحقوقهم، وهذا لا يمت إلى الواقع بصلة. وأكبر دليل على ذلك القوانين التي تميز بين الطوائف، وآخرها الدستور الذي كرس هذا التمييز من خلال تحديده طائفة رئيس الجمهورية بالإسلامية».
إحراق سوق الناعورة الأثرية في حمص

ناشطون: أحرقها النظام انتقاما من تجارها الداعمين سرا للثورة الشعبية

بيروت: «الشرق الأوسط»... أعلنت الهيئة العامة للثورة السورية، أن «القصف العنيف على مدينة حمص صباح أمس، أدى إلى إحراق معظم المحلات التجارية في سوق الناعورة التي تعد المركز التجاري الرئيسي في المدينة، وأحد الأماكن الأثرية فيها». وأشار ناشطون ميدانيون إلى أن «الحريق امتد إلى المكاتب التجارية والمنازل كما شوهدت ألسنة النيران تتصاعد من فندق قصر رغدان الشهير وصولا إلى بعض محلات سوق المسقوف المجاورة».
ونشرت صفحة الثورة السورية على «الفيس بوك» شريط فيديو يظهر سوق الناعورة في حمص وهي تحترق، كما ظهر في الشريط أحد الناشطين (أبو جعفر) وهو يتحدث بانفعال عن «الدستور الجديد الذي يترافق الاستفتاء عليه بقصف حمص وإحراق أسواقها»، كما نشر الناشطون فيديو ثانيا أظهر مبنى «السيتي سنتر» قرب سوق الناعورة وقد أضرمت النيران فيه أيضا.
وكانت سوق الناعورة التي تقع في نهاية أسواق حمص القديمة من ناحية الشرق، قد شاركت في جميع الإضرابات التي دعت إليها المعارضة السورية، فأغلقت المحلات فيها وتوقفت الحركة التجارية احتجاجا على القمع المرتكب بحق السوريين من قبل النظام الحاكم. ويشير أحد الناشطين إلى أن «قصف السوق وإحراقها أمر متعمد أراد من خلاله النظام السوري الانتقام من تجار الطبقة الوسطى الذين تنتشر محلاتهم في هذه السوق، ولأن هؤلاء التجار قاموا طوال فترة الحصار على حمص بدعم المتظاهرين، كما قدموا للعائلات المنكوبة مساعدات إغاثية واستشفائية».
ويقول أبو معن، أحد التجار الذين يعملون في بيع الألبسة القطنية ويملك متجرين في سوق الناعورة المستهدفة «لا أعرف ما هو مصير متجري، كل شيء تم تدميره وإحراقه، يريدون تركيع حمص بكل أمكنتها وشوارعها ومتاجرها وساحاتها».
وعن موقف التجار في مدينة حمص من الثورة السورية يقول أبو معن «هناك شريحة من التجار الكبار الذين يساندون نظام الحكم وأحيانا يدعمونه بالمال، وقد قام بعضهم بالتبرع بمستودعاته ليحولها الأمن إلى معتقلات وسجون، يمارس فيها التعذيب بحق الشباب والشابات الذين ينشطون في الثورة، لكن التجار الصغار أصحاب الأعمال التجارية البسيطة والمهن المتواضعة يقف معظمهم مع الثورة ويؤيدون أهدافها في إسقاط نظام بشار الأسد».
كلينتون تدعو الجيش السوري إلى تقديم مصلحة سوريا على مصلحة الأسد

تسريبات من مسودة البيان الختامي للاتحاد الأوروبي تشير إلى زيادة العقوبات على دمشق

بروكسل: عبد الله مصطفى الرباط: طلحة جبريل لندن: «الشرق الأوسط»... بينما تتجه دول الاتحاد الأوروبي اليوم نحو اعتماد مزيد من العقوبات على نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، دعت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، الجيش السوري، إلى وضع مصلحة بلاده في مرتبة متقدمة عن الدفاع عن نظام الأسد. وقالت كلينتون للصحافيين، أثناء زيارتها للمغرب، أمس: «نحث عناصر الجيش السوري على تغليب مصلحة البلاد»، مضيفة: «ما زلنا نعتقد أن الدائرة التي تحيط (بشار) الأسد قلقة من الهجمات الوحشية الجارية.. وأن على كل السوريين أن يعملوا معا من أجل مستقبل أفضل».
وذكّرت كلينتون بالنقاط الثلاث التي يتعين أن تشكل (في رأيها) استراتيجية المجتمع الدولي حيال سوريا، وهي «مساعدة إنسانية عاجلة» للمدنيين، و«زيادة الضغوط على نظام الأسد»، و«المساعدة في الإعداد لعملية انتقالية».
وفي غضون ذلك، وقبل ساعات من الاجتماعات المقررة اليوم لمجلس وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل، التي ترتكز على الملف السوري، حصلت «الشرق الأوسط» على بعض التسريبات من مسودة البيان الختامي للاجتماعات.. وقالت المسودة إن المجلس، وبعد مناقشة الوضع في سوريا، ونتائج اجتماعات مؤتمر «أصدقاء سوريا» الذي عقد في تونس، الجمعة الماضي، يدين من جديد حملة القمع القاسية في سوريا، التي ينفذها النظام ضد السكان المدنيين في انتهاك واضح ومنتظم وعلى نطاق واسع لحقوق الإنسان.
ويشير البيان الختامي بشكل خاص إلى القلق الأوروبي بشأن تقرير تناول هجمات وحشية قامت بها القوات المسلحة السورية في حمص. وكرر المجلس الأوروبي دعوته إلى وقف فوري لأعمال العنف، بعد أن سبق ودعا إلى ضرورة تنحي الرئيس الأسد، للسماح بعملية انتقال سياسي تلبي المطالب المشروعة للشعب السوري. وذلك بعد أن استمر النظام في ارتكاب أعمال وحشية ضد السكان المدنيين، الأمر الذي يدفع الاتحاد الأوروبي إلى توسيع التدابير التقييدية ضد النظام في دمشق.
وجاء في مسودة البيان الختامي أنه بعد فرض حظر على الأسلحة، لجأت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى فرض حظر يتعلق بواردات النفط الخام السوري، والاستثمارات الجديدة في قطاع النفط، وعدم تسليم البنك المركزي السوري أوراقا نقدية. وتقرر تجميد أصول وأموال أكثر من مائة شخص من المشتبه في تورطهم في أعمال عنف ضد المدنيين، وفرض حظر دخول عليهم إلى أراضي الاتحاد الأوروبي، إلى جانب ضم 38 كيانا سوريا إلى لائحة العقوبات، وهي كيانات تقدم الدعم والمساندة للنظام السوري. وشملت التدابير التقييدية شركات التأمين وقطاع البناء، وتصدير المعدات والتكنولوجيا إلى قطاع النفط والغاز السوري.
وفيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، قال البيان إن الخطوات قد بدأت لعمل محتمل يتعلق بإدارة الأزمة وزيادة المساعدات الإنسانية، وذلك من خلال تشكيل تجمع يضم جميع الجهات الفاعلة ذات الصلة، بعد الحصول على موافقة مبدئية حول هذا الصدد في الثامن من الشهر الحالي.. ويجري حاليا وضع خطط للطوارئ بالتنسيق مع وفود الاتحاد الأوروبي في سوريا والدول المجاورة، مع التأكيد على دعم جهود ومبادرات الجامعة العربية لحل الأزمة في سوريا.
وينوي الاتحاد الأوروبي توسيع التدابير التقييدية ضد النظام السوري بإضافة أسماء جديدة، من بينها عدد من الوزراء، إلى لائحة العقوبات الأوروبية، فضلا عن إجراءات أخرى تستهدف نشاط المصرف المركزي السوري والرحلات التجارية بين الاتحاد الأوروبي ودمشق. ومن المقرر أن تصدر التعديلات الجديدة على لائحة العقوبات على هامش اجتماعات وزراء خارجية الاتحاد.
وحسب مصادر المؤسسات الاتحادية ببروكسل، جرى تكثيف الاتصالات والمشاورات بين الدول الأعضاء للتوصل إلى اتفاق نهائي قبيل اجتماع رؤساء الدبلوماسية الأوروبية، لوضع التصور النهائي للعقوبات، التي من المتوقع، حسب المصادر، أن تشمل إضافة أسماء سبع شخصيات سورية على قائمة الأشخاص الممنوعين من السفر والمجمدة أصول أموالهم في أوروبا.
وأضافت تلك المصادر أن بعضهم من الوزراء، و«خاصة الذين لهم علاقة بانتهاكات حقوق الإنسان في البلاد»، وأن العقوبات ستشمل أيضا تجميد أرصدة المصرف المركزي السوري والمزيد من الإجراءات المشددة بحقه، وكذلك حظر تجارة المعادن الثمينة، «كما يجري البحث في منع الرحلات الجوية من وإلى سوريا، خاصة رحلات الشحن».
وأظهرت بروكسل اهتماما ملحوظا باجتماع «أصدقاء سوريا» في تونس، وخاصة في ظل موقف أوروبي واضح يتضمن استمرار دعم مخطط الجامعة العربية بشأن حل الأزمة السورية. ويعطي الاتحاد الأوروبي اهتماما خاصا لملف المساعدات الإنسانية للسوريين، وأكد المصدر أن العمل يجري حاليا على التحضير للوسائل والآليات المناسبة لتأمين وصول المساعدات الإنسانية للأماكن المتضررة في سوريا.
وترى دول أعضاء في الاتحاد أن فكرة إقامة ممرات إنسانية في سوريا ستكون صعبة.. «نظرا للطبيعة الجغرافية للمناطق الحدودية في البلاد»، كما أن هناك شكوكا أوروبية في إمكانية موافقة الحكومة السورية على وضع هدنة يومية لتوصيل المعونات والإغاثات للمتضررين.
نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي: لا ندعم الأسد بصورة «أوتوماتيكية».. ونقف فقط مع «الشعب السوري»

أكد لـ«الشرق الأوسط» أن موسكو استضافت ممثلين عن المعارضة.. على رأسهم برهان غليون

الرياض: هدى الصالح.... أكد إلياس أوماكانوف، نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي وممثل جمهورية داغستان، عدم دعم روسيا للرئيس السوري بشار الأسد بصورة «أوتوماتيكية»، مشددا على أن الدعم الروسي إنما هو مقدم «للشعب السوري».. كما أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن روسيا استضافت، وبصورة دورية، ممثلين عن المعارضة السورية، وعلى رأسهم رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون.
ونوه أوماكانوف بأن الموقف الروسي إنما يركز باختصار في البحث عن حل سلمي لمنع وقوع البلاد في حرب أهلية، مؤكدا في الوقت ذاته معارضة روسيا استغلال الأمم المتحدة كأداة لتغيير الأنظمة، واستخدام القانون الدولي كستار دخاني أمام التدخل في الشؤون الداخلية للدول، موضحا قناعته من أنه في حال تخلي روسيا عن هذا المبدأ، فلن تكون أي دولة - ولا حتى في الشرق الأوسط - بأمان من الضغوط الأجنبية أو الإملاءات الخارجية.
وكشف أوماكانوف في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، عن التقاء الجانب الروسي - وبصورة دورية - مع ممثلين لقوى المعارضة السورية، إلى جانب استقبال روسيا لقادة المعارضة السورية في موسكو؛ كان على رأسهم المعارض السوري برهان غليون رئيس المجلس الانتقالي السوري.
وأكد ممثل جمهورية داغستان في البرلمان الروسي التقاءه بصورة شخصية، ومنذ وقت قصير، عددا من المجموعات والمنظمات الممثلة للمعارضة السورية في موسكو، بمن في ذلك مؤيدون للنظام السوري، منوها بأن اللقاءات الأخيرة ما بين الجانب الروسي والمعارضة السورية، إنما تكشف عن النظرة الإيجابية للمعارضة السورية لروسيا، على الرغم من موقفها تجاه الأزمة السورية.
واستنكر الاتجاه السائد نحو سوء تفسير الموقف الروسي، الذي كان بعيدا عن الحقيقة، بحسب رأيه. وقال «تم تصوير روسيا وكأنها تقوم بحماية النظام السوري الحالي، دون الأخذ بعين الاعتبار أو الاكتراث للوقائع الحاصلة على الأرض السورية والقتلى بين أوساط الشعب السوري، الأمر الذي أظهر روسيا كعدو لكافة القوى السورية المعارضة الداعية إلى إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه الحالي».
وأكد أوماكانوف على أن روسيا مؤمنة بحق الشعب السوري في تحديد مصيره، وكشف عن أن المحادثات الروسية مع الأسد أكدت ضرورة إقرار انتخابات حرة لنقل السلطة في سوريا، الأمر الذي سيسمح للشعب السوري أن يختار رئيسه بصورة ديمقراطية وسلمية، منوها بأن أي طريقة أخرى ستسهم بشكل واضح في زيادة حدة المواجهات وبداية حرب أهلية.
واعتبر أوماكانوف أن تفسير الموقف الروسي وبطريقة غير «عادلة» هو أمر مخيب للآمال، وسلوك ساذج في أوقات أخرى، مشيرا إلى ارتباط روسيا ومنذ سنوات بعلاقات صداقة مع الشعب السوري، والتي بدأت قبل نظام حافظ الأسد، فالآلاف من السوريين تربطهم علاقات قرابة ومصاهرة للروسيين، الأمر الذي يفرض استشعار روسيا بحجم مسؤولياتها تجاه حياة، ومصير الشعب السوري.
وحول مدى تأثير الموقف الروسي من الأزمة السورية على علاقاته مع العالم الإسلامي، أكد أوماكانوف ثقته في احتفاظ العلاقات الروسية مع العالم الإسلامي بروابط قوية وعلاقات جيدة، من خلال إيجاد عدد من الاهتمامات المشتركة في المستقبل، معترفا بوجود «اختلافات في وجهات النظر حول الملف السوري»، موضحا أن «الحوارات السياسية لا تسير على الدوام بفعالية كافية، الأمر الذي تسبب في التعرف على سياسات الدول من خلال الصحف وليس اللقاءات المباشرة»، مناديا بضرورة تغيير مثل هذا النوع في التعرف على سياسات الدول الخارجية.
المعارضة تواصل مساعيها بعد مؤتمر تونس من أجل دعم «الجيش الحر» وإغاثة الشعب السوري

أصوات بـ«المجلس الوطني» تدعو لانتخابات داخله

جريدة الشرق الاوسط... تونس: نادية التركي... اجتمع أعضاء المجلس الوطني السوري، أول من أمس، بعد نهاية مؤتمر «أصدقاء سوريا» لبحث «مسائل داخلية خاصة بالمجلس»، كما أفادت مصادر مسؤولة بالمجلس لـ«الشرق الأوسط».. وأفادت نفس المصادر بأن هناك بعض الأصوات من داخل المجلس أعربت عن عدم رضاها عن البيان الذي تقدم به رئيسه برهان غليون في المؤتمر، وقالوا إنهم كانوا يتمنون لو أن سقف المطالب كان أكثر ارتفعا، مشيرين إلى أن هناك مطالب من عدة أطراف داخل المجلس لانتخابات في القريب العاجل، وأنهم يرون أن الرئيس وقيادات المجلس «قد عينوا لضرورة المرحلة»، التي يعتبرون أنها «قد طالت»، لكن الآن من الضروري إجراء انتخابات داخلية للتمكن من اختيار أطراف مكتسبة «للشرعية».
وقال ياسين نجار، عضو مكتب العلاقات الخارجية بالمجلس الوطني، إنه لا يوافق على هذا الطرح «لأن المجلس حاليا يضم كامل الطيف السياسي السوري من ليبراليين وإسلاميين ويساريين وقوميين وأكراد وشباب الحراك الثوري». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «هناك بعض الأفراد لم ينضموا لنا وليسوا تيارات سياسية، والبعض يحاول رسم صورة عن واقع غير حقيقي». وأوضح أن هناك بعض الأطراف «تحاول التهرب من مسؤولياتها في دعم الشعب السوري».
وحول هيئة التنسيق وموقفها من المجلس وبيانها حول مؤتمر «أصدقاء سوريا»، قال نجار إن «هيئة التنسيق لم يبق منها إلا بضعة أفراد.. والفرد لا يوازي الكتلة (في إشارة للمجلس الوطني)».
وأضاف أن «المجلس الوطني مبني على توافقات سياسية، ولم تقدم أي كتلة أعدادا حتى الآن للقيام بانتخابات، وطرح مسألة الانتخابات لا يتوافق مع الاتفاق الأساسي لتمثيل المجلس الوطني». وأوضح أن «الشعب السوري الآن يحتاج إلى دعم القيادات للقيام بدورها وليس لإعادة انتخابات، وعلينا الآن التركيز على التحضير لمؤتمر إسطنبول الذي سيعقد بعد ثلاثة أسابيع حتى نتقدم في إسقاط الأسد».
وعن خطوات المجلس التالية وما بعد المؤتمر، قال نجار إنه يتم التحضير حاليا لاجتماعات الأمانة العامة خلال الفترة «القريبة القادمة»، وأهم ما سيتم بحثه خلالها نتائج مؤتمر «أصدقاء سوريا»، وتطوير العلاقات الدولية، وذلك «بالتواصل مع دول الخليج ومجلس التعاون والتي تقدم موقفا مشرفا لدعم المجلس الوطني والشعب السوري».
ومن جهتها، قالت الدكتورة بسمة قضماني، عضو المجلس الوطني «نحن في حاجة مباشرة وفورية للتدخل الإنساني وضرورة دعم الجيش الحر». وأضافت «الحل السياسي الذي نبحث عنه من خلال تنحي رأس النظام».
وأكدت قضماني أنهم يدعون إلى دعم الجيش الحر ماليا، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «كل الدول العربية والإسلامية والغرب، إذا كانت غير مستعدة لتدخل مباشر في سوريا، فعليها الدعم في عمليات الإغاثة».
وحول عدم صدور أي دعم للجيش الحر عن مؤتمر تونس، قالت قضماني «شاركت نحو 70 دولة في مؤتمر تونس وكان لبعضها تحفظات حول الدعم العسكري، لذلك لم يكن من الممكن إصدار مثل هذا القرار».
رئيسة المعارضة الإسرائيلية: صمت حكومة نتنياهو عن المذابح في سوريا أمر مخجل

ممارسة القمع ضد الانتفاضة ستطرح بشكل كبير في لقاء القمة مع أوباما

جريدة الشرق الاوسط.... تل أبيب: نظير مجلي.... إزاء الانتقادات الواسعة في إسرائيل حول الصمت الرسمي تجاه الأحداث في سوريا والاتهامات بأن الحكومة لا تريد مهاجمة نظام الأسد بشكل مقصود، أجرى بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بحثا في جلسة الحكومة، أمس، وأعلن أن «ممارسة القمع العنيف لدك الانتفاضة السورية سيكون واحدا من المواضيع الأساسية التي ستبحث في لقاء القمة مع الرئيس الأميركي باراك أوباما».
وكانت رئيسة حزب «كديما» المعارض، تسيبي ليفني، قد هاجمت الحكومة على صمتها واعتبرته تصرفا غير أخلاقي، معربة عن عدم ارتياحها لهذا الصمت وعدم فهمها له.. وقالت ليفني إن «هناك مجازر ترتكب ضد المدنيين في سوريا، ولا أجد أي تفسير منطقي لصمت الحكومة عليه».
وأضافت ليفني «العالم كله يغلي ويصرخ ويتحرك ويفعل شيئا، سوى أقرب جيران سوريا، نحن في إسرائيل.. نظهر عاجزين بشكل معيب». وتساءلت ليفني عن سبب هذا الصمت وإن كانت تقف وراءه أهداف سياسية معينة، داعية الحكومة إلى المشاركة في المبادرات الإنسانية التي تنظمها الأمم المتحدة من أجل مد يد العون للشعب السوري، وأيضا التنديد بصوت عالٍ ضد أعمال القتل في سوريا.
وقد اضطر نتنياهو، ولأول مرة منذ اندلاع المظاهرات في سوريا قبل سنة تقريبا، إلى تناول الأحداث قائلا إنها «مذابح إجرامية ضد المواطنين الأبرياء في سوريا».
من جهة ثانية، وبعد عشرات المظاهرات الاحتجاجية على ممارسات النظام السوري ضد شعبه، خرج بضع مئات من المواطنين العرب في إسرائيل بمهرجان تضامن مع نظام الأسد. وقد ترأس هذا المهرجان، عضو الكنيست السابق عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، عصام مخول، الذي يمثل أقلية داخل حزبه في تأييد سوريا.
وقال مخول «إن ما يجري في سوريا هو مؤامرة إرهابية صهيونية ضد قوى الصمود»، وظهر معه عدد من الناشطين في الأحزاب العربية الوطنية الأخرى، من المعارضين لمواقف أحزابهم التي تهاجم النظام السوري. وانضم إليهم عدد من أهالي الجولان السوري المحتل، الذين انقسموا هم أيضا مع وضد النظام السوري.
محاولة اقتحام فاشلة لبابا عمرو واشتباكات عنيفة في درعا

راجمات الصواريخ و«الهاون» تدك حمص والقصير.. وسقوط أكثر من 60 قتيلا

جريدة الشرق الاوسط... بيروت: يوسف دياب... لم يغير مشهد الاستفتاء على مشروع الدستور السوري الجديد، من المشهد الدموي الذي يطبع يوميات السوريين، إذ قتل أمس ما يزيد على 60 شخصا معظمهم من المدنيين، في أعمال عنف شهدتها مناطق سورية مختلفة، لا سيما من مدينة حمص الواقعة تحت الحصار العسكري والأمني منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، التي دكتها أمس راجمات الصواريخ وقذائف «الهاون»، وحاول الجيش النظامي اقتحامها والسيطرة على حي بابا عمرو من دون جدوى، فيما أعلن مساء أمس الصليب الأحمر الدولي عدم تمكنه من دخول منطقة بابا عمرو مع الهلال الأحمر السوري.
ومع فتح صناديق الاقتراع أمام الشعب السوري صباح أمس، قتل تسعة مدنيين في قصف مدفعي وصاروخي على أحياء حمص، وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن «تسعة مواطنين استشهدوا إثر إطلاق نار كثيف وقذائف في حيي الحميدية وبستان الديوان في مدينة حمص، كما سقط أربعة من القوات النظامية بينهم ضابط إثر اشتباكات في حي الحميدية بين القوات النظامية ومجموعة منشقة». وأعلن المرصد أن «اشتباكات عنيفة دارت (أمس) بين القوات النظامية السورية ومجموعات منشقة في مدينة درعا، ما أدى إلى مقتل ثلاثة من عناصر الأمن إثر استهداف سيارتهم، إضافة إلى قتل جنديين في مدينة داعل في درعا في اشتباكات مع عناصر منشقة استغرقت عدة ساعات»، مشيرا إلى أن «مدنيا استشهد صباحا برصاص القوات النظامية في بلدة علما الواقعة في محافظة درعا أيضا».
من جهته أعلن المسؤول الميداني في تنسيقية حمص، أنس أبو علي، أن «الوضع المأساوي في مدينة حمص على حاله، لا سيما في حي بابا عمرو الذي كان عرضة لقصف مدفعي وصاروخي عنيف». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «راجمات الصواريخ كانت تطلق على بابا عمرو من مواقع جيش النظام في منطقة شنشار، جنوبي مدينة حمص، كما نال أحياء الإنشاءات والحميدية والبستان نصيبهم من النيران، وهذا القصف الجنوني تزامن مع هجوم ومحاولة اقتحام لبابا عمرو في محاولة لدخوله والسيطرة عليه، لكن هذا الهجوم قوبل بمقاومة قوية من عناصر الجيش الحر والثوار الذين أفشلوا هذه المحاولة».
وكشف أنس عن أن «الصليب الأحمر فشل (أمس)، على الرغم من كل الاتصالات التي أجراها مع مسؤولين في النظام، من دخول حمص وإجلاء نحو سبعة آلاف شخص باتوا في العراء محرومين من المأوى ويبيتون في الشوارع، وبينهم صحافيون أجانب ومصابون، وذلك بعد تدمير المنازل والملاجئ التي كانوا يحتمون بها»، موضحا أن «النظام السوري سيبقى عاجزا عن كسر شوكة بابا عمرو، على الرغم من الهمجية التي يستخدمها، وعلى الرغم من مجازره التي يندى لها جبين البشرية، وهذه المنطقة هي التي ستزف إلى الشعب السوري عرس سقوط هذا النظام وهزيمته».
ولم يختلف المشهد في مدينة القصير القريبة من الحدود اللبنانية، عن المشهد الدموي في حمص، حيث أفاد الناشط محمد عبد الرحمن «الشرق الأوسط» بأن «كل أحياء القصير كانت هدفا لقذائف الهاون التي أطلقت على المدينة من مطار الضبعة (جنوب شرقي القصير) ما أدى إلى سقوط قتيلين وسبعة جرحى»، مشيرا إلى أن «قناصة الأمن اصطادت المواطن عبد الله عوض الذي قتل على سطح منزله، وأصيبت طفلته بجروح متوسطة». وقال «لقد دارت اشتباكات عنيفة قبل الظهر بين قوات (الرئيس السوري بشار) الأسد وعناصر من الجيش الحر، في محلة الصوامع شمال القصير، وقعت خلالها إصابات من الطرفين، لكن لم نعرف نوع هذه الإصابات والعدد لعدم قدرتنا على التحرك على الأرض». بدورها أعلنت لجان التنسيق السورية أن «جيش النظام قصف بالدبابات مدينة إدلب فجرا (أمس)، كما قتل مواطن في العقد الرابع إثر إصابته بإطلاق رصاص من حاجز أمني في مدينة معرة النعمان». وأشارت إلى أن «المفاوضات استؤنفت بين اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمعارضة من جهة، والسلطات السورية من جهة أخرى، بهدف إجلاء عدد من ضحايا القصف، وبينهم صحافيون أجانب، من مدينة حمص».
سوريون في الأردن.. بين عذابات اللجوء وآلام الذكريات

تجهيز مخيم انتظارا للمساعدة الدولية.. وأنباء عن وصول نحو 18 ألفا في ظل تكتم رسمي

جريدة الشرق الاوسط... عمان: محمد الدعمة... على الرغم من غياب إحصاءات رسمية حول عدد اللاجئين السوريين الذين نجحوا في الفرار إلى الأردن، فإن آخر التصريحات الرسمية الأردنية أفادت بأن عددهم وصل إلى نحو 73 ألف لاجئ، وسط تنبؤات بارتفاع تلك الأعداد مع ارتفاع وتيرة أعمال العنف في مناطق عدة بسوريا.
ومع أنهم نجحوا في النجاة بأرواحهم من «بطش قوات الجيش والأمن والشبيحة»، كما يقولون، فما زال هؤلاء اللاجئون، الذين اضطروا للفرار فرادى وجماعات، يعيشون على وقع صدمات نفسية خلفتها أعمال العنف التي عايشوها، وحالة الخوف التي تلازمهم بسبب الغموض الذي يكتنف مستقبلهم، دون أن يفقدهم ذلك كله الأمل في العودة إلى ديارهم يوما ما.
وبينما صرح الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية وزير الإعلام، ركان المجالي، بأن عدد الوافدين من سوريا بلغ 73 ألفا منذ أيام قلائل، مشيرا إلى أن نحو 2000 من بينهم تقدموا بطلبات للحصول على مساعدات، تشير الإحصاءات الرسمية للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين إلى أن بينهم أطفالا ونساء وعجزة وشبابا مصابين بجروح، تمكنوا من اجتياز المنافذ الحدودية بطرق غير شرعية، وهم غير مسجلين لدى مكتب المفوضية بالأردن.
ويتمركز العدد الأكبر من اللاجئين السوريين في منطقتي المفرق والرمثا المحاذيتين للحدود السورية؛ حيث استأجر الميسورون منهم بيوتا آووا إليها أُسرهم، بينما فضل آخرون الإقامة عند أقاربهم، في حين تكفلت جمعيات المجتمع المدني بأكثرهم عوزا، علما بأنهم يوجدون أيضا في مدن أخرى كجرش والسلط والعاصمة عمان، التي تحتضن سوريين ممن فروا إليها عام 1982 من مجازر حماه، وهؤلاء غالبيتهم من «الإخوان المسلمين».
ويقول مدير جمعية المركز الإسلامي في الرمثا، عبد المنعم الخطيب: إن معاناة الأسر السورية التي لجأت إلى الأردن تمثل معضلة حقيقية؛ حيث تواجه ظروفا صعبة ومعقدة، بعيدا عن ديارها ومحرومة من مصادر رزقها، مما أدى إلى تفاقم أوضاعها الإنسانية، خاصة في ظل غياب مساعدات فعلية من المجتمع الدولي. وأشار إلى أنه يوجد في الرمثا 3 جمعيات، هي: المركز الإسلامي، والتكافل، وأهل الكتاب والسنة، وهذه الجمعيات تقوم بتوزيع المساعدات التي تأتي من محسنين من الأردن ودول الخليج، والتي تتضمن مساعدات نقدية وأغطية ومدافئ ولوازم معيشية، خاصة أن هؤلاء قدموا إلى الأردن من دون أي شيء، موضحا أن هذه الجمعيات تقدم مساعدات لنحو 4 آلاف نسمة، وكذلك قامت السلطات بقبول الطلبة في المدارس الحكومية وإعفاء هؤلاء من الرسوم المدرسية.
ويروي عدد من هؤلاء اللاجئين قصصا مؤلمة عن طريقة فرارهم إلى الأردن، غالبا تحت جنح الظلام، متحدين الحراسة المشددة على الحدود، وكذلك الألغام المزروعة بها، وحتى إن اختلفت قصصهم، فإن قاسمها المشترك كان هو الفرار من أعمال «القمع والبطش».
ويقول شاب في العشرينات، يدعى الزغبي، إن والده اضطر لتهريبه إلى الرمثا خشية تعرضه للاعتقال فور مغادرته مستشفى درعا؛ حيث تلقى العلاج من إصابة برصاصة تعرض لها أثناء مشاركته في «مظاهرة سلمية للمطالبة بالحرية»، مضيفا أنه لا يتطلع إلا إلى «الإقامة بمنطقة عازلة» للعودة إلى سوريا للدفاع عن أهله «لكن هذه المرة يكون حاملا للسلاح، شأنه في ذلك شأن آلاف الشباب اللاجئين».
كما يروي نشطاء في جمعية «شبان وشابات المفرق» واحدة من أكثر قصص هؤلاء اللاجئين تأثيرا، وهي قصة شاب سوري بُترت إحدى ساقيه، غير أنه تمكن من أن يوصل عائلته إلى الأردن، ثم أصر على العودة إلى حمص لمساعدة أشقائه، غير آبه بما قد يلحقه من أذى.
ويقول وليد سامي، الذي كان يقوم بتصوير ما يرتكبه الجيش والأمن السوريان من مجازر وينقلها لوسائل الإعلام ومنها الفضائيات، إن أحد القناصة أطلق النار على يده مما أدى إلى بتر أصابعه. بيد أنه لاذ بالفرار، على الرغم من ملاحقته.. بينما يستذكر شاب آخر الأيام التي عاشها مع رفاقه في الحقول هربا من المطاردات، قائلا: «إن الملاحَقين يموتون من شدة البرد ونقص الطعام».
وتتوقع السلطات الأردنية تدفق المزيد من اللاجئين السوريين إلى أراضيها؛ حيث بادرت إلى إقامة مخيم في منطقة رباع السرحان شمال المفرق، على بعد نحو 10 كيلومترات من الحدود السورية، الذي تم تسريع وتيرة العمل فيه مؤخرا ليتسع لنحو 500 عائلة. وبعد أن ظل الغموض يلف طيلة أشهر حقيقة وجود المخيم من عدمه، جاء إعلان «الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية» عن افتتاحه رسميا نهاية الأسبوع الحالي، ليبدد الشكوك حوله؛ حيث أكدت الهيئة أنه تم استكمال أعمال البنية التحتية فيه، وأنه سيؤوي «العائلات التي من المفترض أن تنزح من سوريا خلال الفترة المقبلة، جرَّاء تصاعد أعمال العنف». وتقول مصادر أردنية: إن إمام المسجد العمري في مدينة درعا، الشيخ أحمد الصياصنة، دخل في ضيافة الحكومة الأردنية، وتم إسكانه في منزل خاص ضمن معسكرات الحسين للشباب، القريبة من مدينة السلط الأردنية.
كان الشيخ (الضرير) قد وصل إلى مدينة الرمثا عن طريق الحدود عبر منطقة تل شهاب، بعد أن عثرت عليه دورية من الجيش الأردني، وساعدته قبل أن تنقله إلى الجهات المختصة. وتسعى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين إلى توفير دعم دولي للحكومة الأردنية لتمكينها من استضافة أعداد أكبر من اللاجئين السوريين، في حال ازداد تدفقهم إلى الأراضي الأردنية.
وقال مصدر في المفوضية: إن الدعم الذي يتلقاه اللاجئون حاليا هو دعم مشترك بين المفوضية والحكومة الأردنية، مشيرا إلى أنه في حال أصبحت أعداد اللاجئين كبيرة جدا، بحيث لا تستطيع المدارس والمستشفيات الأردنية استيعابهم، فإنه يصعب حينها على الدولة أن تتحمل الأمر وحدها.
سياسات واشنطن تجاه سوريا وإيران تظهر «منهج أوباما»

مخاوف من خيارات عسكرية لحل مشكلات سياسية تؤرق البيت الأبيض

جريدة الشرق الاوسط...واشنطن: ديفيد سانغر*... «سلح الثوار السوريين! وأثناء ذلك زود الإسرائيليين بما يحتاجون إليه - من قنابل اختراق التحصينات وطائرات التزويد بالوقود - حتى إذا قرروا توجيه ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، حققوا هدفهم من المرة الأولى».
وكان للدعوتين صدى كبير في واشنطن خلال الأيام القليلة الماضية. ويأتي المطلب بدعم الفرص ضد الحكومة السورية، التي تحصل على الأسلحة من روسيا وإيران، من عضوي مجلس الشيوخ، جون ماكين وليندسي غراهام. ويتصاعد الحديث عن تعزيز جدية التهديد الإسرائيلي بضرب المنشآت النووية الإيرانية في دوائر كثيرة، من ضمنها دوائر مرشحي الحزب الجمهوري للرئاسة ومراكز الأبحاث التي تتهم إدارة (الرئيس الأميركي باراك) أوباما بأنها لم تجعل مقولة «كل الخيارات مطروحة على الطاولة» تهديدا حقيقيا.
وتختلف الحسابات الاستراتيجية في الحالتين، فمن المؤكد أن التدخل الإنساني في سوريا سيصبح مرادفا للسعي إلى تغيير نظام الحكم، مثلما فعل العمل العسكري في ليبيا. وأما الجدل الدائر حول مساعدة إسرائيل في الأساس فيعود إلى خلاف بين واشنطن وإسرائيل حول الطريقة الفعالة لإضعاف فرص حصول إيران على سلاح نووي، وما إذا كان من الأنسب استخدام القنابل أم العقوبات أم العمليات السرية.
بعد الحروب في العراق وأفغانستان وليبيا، يوضح رد فعل البيت الأبيض تجاه القضيتين شروط استخدام الرئيس الحالي للقوة أو سماحه بلجوء الآخرين لاستخدام القوة. كذلك يلقي هذا الوضع الضوء على المفهوم المبهم حول «نهج أوباما»، وهو المصطلح الذي ترفضه الإدارة الأميركية.
سوريا وإيران مشكلتان مترابطتان، حيث يرى الكثير من أفراد فريق أوباما أنه لا يوجد شيء يمكنه أن يضعف قدرة إيران على إثارة المشكلات والاضطرابات في المنطقة أسرع من خسارة ملالي إيران الرئيس السوري بشار الأسد، الذي يعد حليفها الوحيد في العالم العربي. والطرح الذي عادة ما يسمع داخل البيت الأبيض وخارجه هذه الأيام، هو أنه إذا حدث صدع في نظام الأسد، فستضعف قدرة إيران على تزويد حزب الله وحماس بالسلاح، كما سيقل نفوذها. وإذا كان من الممكن منع إيران من المضي في طريق امتلاك القدرة النووية ببضعة قنابل مخترقة للتحصينات، فهناك أمل في عرقلة التحدي الإيراني لتكون أكبر قوة في المنطقة. أو هكذا يقال.
عادة يصعب إنكار جاذبية فكرة تزويد طرف آخر بالسلاح والتكنولوجيا للقيام بمهمة القتال؛ لذا اخترع الرئيس الأميركي الراحل فرانكلين روزفلت نظام الإعارة والاستئجار لتزويد البريطانيين بالطائرات والدبابات والذخيرة عام 1941عندما كانوا مفلسين، ووقع الرئيس السابق رونالد ريغان في المشكلات في صفقة «إيران - كونترا» التي كانت تهدف إلى تسليح متمردي نيكاراغوا من خلال تزويدهم بالدعم المالي بتحويل المال المخصص لصفقة أسلحة سرية مع البلد التي تفرض عليها الولايات المتحدة العقوبات حاليا. وفي اللحظة التي تظهر فيها استطلاعات الرأي أن الدولة الأميركية اكتفت من الحروب البرية ويتحدث البيت الأبيض عن «بناء الوطن في الداخل»، هناك إغراء بتزويد الثوار والإسرائيليين بالأسلحة، وتمني الحظ السعيد لهم، وتذكيرهم بالتواصل مع البيت الأبيض في حال نجاحهم.
وقال أحد كبار المسؤولين في الأمن القومي الأسبوع الماضي: «ليت الأمر كان بهذه السهولة».
أول سؤال يطرحه مسؤولون في البيت الأبيض عن الثوار السوريين هو السؤال نفسه الذي طرحوه بشأن ليبيا منذ عشرة أشهر: من هؤلاء؟
في ليبيا، لم يزود أوباما الثوار بالأسلحة، بل اختار الانضمام إلى العمليات الجوية التي قام بها حلف شمال الأطلسي.
أما في سوريا، حيث تجاوز عدد القتلى الستة آلاف بحسب أكثر التقديرات المتاحة، فلا يوجد ما يشابه عمليات لحلف شمال الأطلسي، حتى الآن هناك فقط حديث عن تدخل محدود للمساعدة في تدبير انقلاب أو فرض منطقة آمنة للمدنيين السوريين بالقرب من الحدود التركية. لذا يبدو تزويد الثوار بالأسلحة للوهلة الأولى هو أفضل الحلول المتاحة، لكن هناك قلقا من أن حركة الاحتجاجات قد تحولت إلى «مجموعة خطيرة وغير منظمة من المقاتلين المعارضين المسلحين»، على حد وصف ستيفن هايدمان، الخبير في الشؤون السورية في «المعهد الأميركي للسلام». ويوجد كيان يسمى الجيش السوري الحر، لكنه أقرب إلى مجموعات من الميليشيات بدلا من الجيش، فبعض أفراده من القبائل، والبعض الآخر يرتبط بعلاقات إقليمية أو عرقية، ولكن ليس لديه بنية تنظيمية واضحة.
الدرس الذي يمكن تعلمه من الصراعات السابقة هو أن تزويد الأطراف الأخرى بالأسلحة قد يكون مفيدا في التخلص من نظام كريه، لكن عادة ما تستخدم الأسلحة فيما بعد في الانتقام وتسوية المصالح. وعلى سبيل المثال ساعدت الأسلحة التي تم تزويد مجاهدي أفغانستان بها في جلاء الاتحاد السوفياتي عن البلاد وصناعة فيلم عظيم هو «حرب تشارلي ويلسون»، لكن تم استخدام بعض هذه الأسلحة ضد القوات الأميركية بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2001. والقلق من تزويد إسرائيل بأسلحة متطورة أمر مختلف تماما، فلا يوجد حليف أقرب إلى الولايات المتحدة، ويعد الجيش الإسرائيلي من أكثر الجيوش تنظيما وانضباطا حول العالم، لكن يواجه الرئيس أوباما القرار الذي واجهه الرئيس السابق جورج بوش الابن عام 2008، عندما سعى الإسرائيليون للحصول على قنابل لاختراق التحصينات وطائرات تزويد بالوقود جوا ليتمكنوا من توجيه ضربة عسكرية ناجعة ضد المواقع النووية الإيرانية.
وأثار الطلب الإسرائيلي خلافا كبيرا داخل البيت الأبيض خلال فترة إدارة بوش، حيث شجع نائب الرئيس آنذاك، ديك تشيني، إعطاء الإسرائيليين كل ما يحتاجونه، وهو الذي دعم توجيه ضربة ضد مفاعل نووي في سوريا، بحسب قوله، وهو أمر قام به الإسرائيليون عندما تردد الرئيس بوش. ولكن غالبية أفراد فريق الأمن القومي في إدارة بوش استنتجوا أنه في حال أعطيت إسرائيل التكنولوجيا، ستزداد احتمالات استخدامها لها، مما يهدد بنشوب حرب في منطقة الشرق الأوسط، وقد توصل فريق أوباما إلى النتيجة ذاتها. وقال مسؤول رفيع من فريق أوباما بعد عودة وفد برئاسة توماس دونيلون، مستشار الأمن القومي الأميركي، من إسرائيل نهاية الأسبوع الماضي: «يتعلق الأمر بتوجيه إسرائيل نحو خيار من المرجح أن يعرقل المشروع الإيراني دون التسبب في ضربة مضادة». وتؤكد الإدارة سرا وعلنا أن الطريقة الأكثر فاعلية هي فرض عقوبات والقيام بعمليات سرية، وهو ما يقودنا إلى منهج أوباما. حينما يتعلق الأمر باستخدام القوة، يبدو أن الأمر يختصر باعتزام أوباما اللجوء إلى القوة أحادية الجانب عندما يكون هناك تهديد مباشر للمصالح الأميركية القومية، ويعد الهجوم على مجمع (زعيم القاعدة أسامة) بن لادن من أهم الأمثلة الحية على ذلك. ولكن عندما يكون التهديد محدودا ويتعلق بدرجة أكبر بالإبقاء على نظام عالمي محدد، فإن سجل أوباما يوضح أنه يصر على إصدار قرارات من الأمم المتحدة ومشاركة الكثير من الحلفاء.
وذلك يفسر الجهود الإسرائيلية المكثفة لإثبات أنه خلال سنوات قليلة يمكن لإيران أن تملك القدرة على تصنيع صواريخ بإمكانها الوصول إلى الولايات المتحدة، فهم يريدون أن يفرضوا إيران في الحالة الأولى (من التهديد المباشر على الولايات المتحدة). ويفسر هذا أيضا تردد أوباما في خوض الانخراط في حرب أهلية في سوريا، حيث المشاهد اليومية من هناك مروعة ولكن لا يوجد تهديد مباشر للمصالح الأميركية.
*خدمة «نيويورك تايمز»
سلحوا الثوار السوريين

طارق الحميد.... جريدة الشرق الاوسط... للمرة الثانية أكتب عن ضرورة تسليح الثوار السوريين، كتبتها في 16 فبراير (شباط) الحالي، ونكررها الآن لأن الأوضاع على الأرض في سوريا تزداد مأساوية مع وحشية قوات طاغية دمشق، وليس الهدف من التسليح الرغبة بمزيد من العنف، بل من أجل أن يدافع السوريون عن أنفسهم، وهذا حق مشروع.
فما لا يتنبه له البعض، في المنطقة، أو دوليا، أن نظام الأسد إلى زوال لا محالة، وهي مسألة وقت، لكن كلفة سقوطه الآن ستكون أقل بكثير من كلفة سقوطه متأخرا، فكلما تأخر الحسم في سوريا زادت معاناة السوريين، حيث ازدياد عدد القتلى، وكذلك ازدياد فرص دخول سوريا في حالة انهيار مهولة تعيدها إلى عقود للوراء، تفوق حتى حجم التأخر الذي سببه النظام الأسدي، الأب والابن. والأهم من كل ذلك بالطبع هو تضاعف حجم المعاناة الإنسانية للسوريين، خصوصا أن عدد القتلى في ازدياد، منذ الفيتو الروسي الصيني، حيث بات عدد القتلى السوريين يوميا قرابة المائة!
وبالطبع، غني عن القول بأنه لا أمل في أي إصلاح في سوريا الآن، بل إنه من غير المفهوم كيف سيقوم السوريون بالاستفتاء على الدستور المسرحية المقدم من قبل الأسد في ظل كل هذا القتل الذي تقوم به القوات الأسدية؟ بل كيف يمكن التعويل على أي حلول سياسية ولم يقدم الأسد حتى ضابطا واحدا للمحاكمة بسبب قتل المدنيين، أو حتى تدمير المساجد!
ولذا فإن خيار تسليح الثوار السوريين هو الخيار الأمثل اليوم، ووفقا لما يحدث على أرض الواقع في سوريا، فتسليح الثوار سيقطع الطريق على إطالة أمد المعاناة السورية، كما أنه سيقلص فرص وصول الناس إلى حالة اليأس، وحينها لا يمكن أن نلوم السوريين لو تحالفوا مع الشيطان، وليس تنظيم القاعدة، كما أن تسليح الثوار الآن، وتعجيل فرص سقوط الأسد، سيقلص من فرص «أسلمة» الثورة السورية، أو مرحلة ما بعد الأسد، القادمة لا محالة.
والأمر الآخر الذي يجب أن نتنبه إليه هو أن تسليح الثوار سيغني حتى عن فرض مناطق آمنة بتدخل خارجي الآن، علما أن التدخل الخارجي قادم كلما تأخر سقوط الأسد. ومن هنا، فبمجرد تسليح الثوار سنجد المدن السورية تسقط الواحدة تلو الأخرى من يد الطاغية، مما سيعزز فرص مزيد من الانشقاقات، عسكريا وسياسيا، وهو الأمر الذي أبطأه بالتأكيد الفيتو الروسي الصيني، الذي كان ضوءا أخضر للنظام الأسدي ليقوم بقتل السوريين. ولذا كان الأمير سعود الفيصل محقا وهو يحمّل من استخدموا ذاك الفيتو المسؤولية الأخلاقية عن مقتل السوريين. وعليه فإن تسليح الثوار يعني أننا نقف مع الشعب السوري، على عكس إيران وروسيا اللتين تقفان مع الأسد، وتسلحانه ضد شعبه.
وما يجب أن نتذكره أخيرا هو أن ما يحدث في سوريا هو ثورة حقيقية يريد الأسد إخمادها بالنار والسلاح. وبالتالي، فلا يمكن ردعه إلا بالسلاح، ولذا نقول: سلحوا الثوار ولا تطيلوا حجم معاناة وإذلال السوريين، فكلما تأخر سقوط الأسد كانت الكلفة أكبر.
لماذا يساندون نظام الأسد في تونس؟

عبد الرحمن الراشد.. جريدة الشرق الاوسط... عيبا التعميم أنه مضلل وظالم، وفي الحالة التونسية لا نعرف - على وجه الدقة - الموقف الشعبي للشارع التونسي حيال ما يحدث في سوريا، سوى أصوات تؤيد نظام الأسد. ونعرف أن في تونس مواقف متناقضة تعبر عن النظام السياسي التعددي الجديد؛ فهو من جهة أول بلد طرد السفير السوري، وتبنى الرئيس منصف المرزوقي لغة قوية ضد النظام السوري، لكن لم يرقَ ذلك الموقف إلى مستوى تأييد إنقاذ الشعب السوري، بتبني مواقف دولية حمائية، بل كل التصريحات تقول عكس ذلك. وعلى الرصيف المقابل لمقر انعقاد مؤتمر ما سمي «أصدقاء سوريا» في تونس، قبل أيام، احتشد مئات المتظاهرين التونسيين الذين رفعوا لافتات متعاطفة مع نظام الجزار بشار الأسد!
لكن قبل التساؤل عن سر حب البعض التونسيين لنظام بشار، من حقكم أن تسألوا: ما الذي يهم إن ساندت تونس النظام أو عارضته، فهي ليست بالدولة الحدودية مع سوريا، ولا بالدولة المحورية الإقليمية التي لها قوات أو نفوذ يؤثران على ما يحدث في سوريا، ولا تملك حق «الفيتو» في مجلس الأمن؟
لا شيء من هذا أو ذاك، إنما هي محاولة لفهم الضمير التونسي، وتحليل للرأي العام الذي هو يتشابه في هذه المسألة مع بعض دول المغرب العربي، مثل الجزائر. عكس ذلك تماما، في المشرق العربي هناك تعاطف شعبي هائل مع معاناة الشعب السوري، تبلغ مرحلة التنادي لنجدته بكل السبل، بما في ذلك الدعوة للجهاد. والصورة واضحة في ذهنية أهل دول المشرق العربي، يرون نظاما ينفذ مذبحة ممنهجة في وجه مظاهرات سلمية. أما في تونس، وربما الجزائر، فإنهم يرون سوريا تواجه مؤامرة إمبريالية تمهد لاحتلالها، وكل ما يقال عن المظاهرات والقمع مجرد «بروباغندا»! وهذا الشعور عند بعض قطاع المثقفين المغاربيين الذين يقودون الرأي العام مستوحى من تجربته التاريخية، ومسكون بالخوف والشك في أوروبا والغرب عموما. وهذا ما جعل المنظر غريبا ومتناقضا أن يوجد تونسيون مباشرة بعد نجاح ثورتهم على نظام بن علي يرفضون حق الشعب الليبي الثائر في الاستنجاد بحلف «الناتو».
الوضع في ليبيا، وكذلك سوريا، مختلف تماما عن التجربتين التونسية والمصرية؛ فالجيش حسم الوضع في تونس ومصر لصالح الشعب، أما في ليبيا وسوريا فإن النظام هو الجيش والأمن، ويقوم بعمليات قتل واسعة. ومن الظلم ذلك الموقف الذي تبناه البعض في تونس والجزائر وغيرهما بانتقاد الثوار الليبيين بحجة أنهم يستعينون بالأجنبي؛ فقد كان القذافي يملك قوة مدمرة هائلة، ويستعين بقوات مرتزقة، ويأتيه مدد هائل من الأسلحة الحديثة لقمع مئات آلاف من الناس، وبه قتل خلقا كبيرا من دون تمييز. والأمر نفسه يتكرر في سوريا. لقد انتصر التونسيون في 20 يوما، أما في سوريا فإن الشعب ينزف منذ أكثر من ثلاثمائة يوم ولا يزال.
لقد عرف العالم حق التدخل في الحالات القصوى وقبل به، ونحن نرى بأم أعيننا أن في سوريا تنفذ إبادة هدفها القمع من أجل السيطرة الكاملة. من الظلم محاسبة الضحية عندما يطلب العون من العالم؛ ففي ليبيا كان هناك حاكم مجنون عقليا لم يكن يتردد في القتل والسجن لأتفه الأسباب على مدى أربعة عقود، ولم تكن هناك من وسيلة لمواجهته غير طلب الدعم الدولي. وفي سوريا لا يوجد حاكم مجنون، بل نظام شرس يحكم بأساليب إجرامية لا مثيل لها في العالم العربي. فكيف يمكن أن يحمي الناس أنفسهم وأحياءهم في مواجهة غير متكافئة؟
ولا ننسى أن التدخل الدولي كان مطلب العرب والمسلمين لإنقاذ أهالي كوسوفو والبوسنة، ولولاه لأُبيد المسلمون على أيدي الصرب المتطرفين. التدخل مبرر في حالات الإبادة، كما نرى في سوريا، إضافة إلى أنه الوسيلة الوحيدة لمنع الحرب الأهلية وتفكيك البلاد بغطاء شرعي دولي. وهو ليس بالجديد؛ ففرنسا لم يحررها الجنرال ديغول وحده، بل لولا الحلفاء من بريطانيين وأميركيين وغيرهم، ربما ما تحررت من الاحتلال النازي.
على أي حال، ليس الموقف الشعبي، في أي دولة عربية كانت، هو الذي سيغير مسار الوضع الداخلي في سوريا؛ لأن الشعب السوري هو الذي سيقرر في النهاية، لكن لا أحد يريد مزيدا من القتل، وكلنا نخاف على وحدة سوريا، وعلاقات أهلها وطوائفها ببعضهم البعض. كل ما يريده السوريون أن يتفهم العالم قصتهم، لا أن ينساق إلى دعاية النظام وأصدقائه، التي تزعم أنها حرب ضد متطرفين وإرهابيين، وأن هناك مخططا دوليا لتبرير احتلال البلاد.
القصة باختصار أن النظام ينفذ حملة إبادة وعلى العالم أن يقرر في أي صف يقف.
 

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

الدور الاستراتيجي الذي يؤديه إقليم كردستان في عمليات تنظيم "الدولة الإسلامية" - مفترق طرق في الصراع..

 الإثنين 2 أيلول 2024 - 6:02 ص

الدور الاستراتيجي الذي يؤديه إقليم كردستان في عمليات تنظيم "الدولة الإسلامية" - مفترق طرق في الصراع.… تتمة »

عدد الزيارات: 169,666,507

عدد الزوار: 7,587,467

المتواجدون الآن: 1