تقارير ...سوريا في قبضة الثوّار ليلاً...نحو تسوية تركية مع إيران وروسيا؟!...سيناريوهات المواجهة القاتلة: ضربات إسرائيلية خاطفة... ورد إيراني

حروب جنبلاطية كثيرة وكبيرة مقبلة!.."تصوّر حلول" لقضايا اللاجئين الفلسطينيين من وجهة نظر مسيحية.."فيتو الدفاع" عن سوريا إيراني يُلازم "الفيتو" الروسي

تاريخ الإضافة الأربعاء 4 نيسان 2012 - 5:14 ص    عدد الزيارات 2326    التعليقات 0    القسم عربية

        



 
النهار...ريتا صفير

"تصوّر حلول" لقضايا اللاجئين الفلسطينيين من وجهة نظر مسيحية

لا تسوية على حساب لبنان ولتتحمّل الدول مسؤولياتها

 

بعد السجال الوطني العريض حول الملف الفلسطيني ولاسيما اوضاع مخيمات اللاجئين والتهديدات الناشئة عنها عقب انكشاف خلية سلفية، عاد الملف الى مربعه المسيحي الصرف، بالتزامن مع مآخذ ساقتها شخصيات في قوى 14 آذار للسياسة التي يتبعها "التيار الوطني الحر" في هذا المجال. وفي طليعة هذه الانتقادات تلكؤ التيار ووزرائه في معالجة ملف السلاح داخل المخيمات وخارجها وخصوصا في ظل التهديدات التي بات يمثلها.
وعلى رغم انشغال الحركة السياسية بملف النازحين السوريين، انطلاقا من الوتيرة التي فرضها تطور الاحداث في سوريا، فان الاهتمام بالموضوع الفلسطيني يترافق ونقاشا هادئا داخليا، وقد بلورت احد جوانبه الزيارات الخارجية المتتالية للمخيمات، وآخرها جولتا وزير التعاون الايطالي اندريا ريكاردي والسفير البريطاني طوم فليتشر في مخيم ضبية.
والواقع ان الحركة في هذا الاتجاه يواكبها عمل متواصل تنكبّ عليه الاطراف ولا سيما الاحزاب المسيحية بهدف التوصل الى رؤية مشتركة تساهم في النقاشات الوطنية وربما الاقليمية. وتكاد تلخصها دراسة ارتكزت على آراء شخصيات سياسية ودينية واعلامية بعد مجموعة مقابلات اجريت معهم بعيدا من الاعلام. وخلصت النقاشات الى وضع ما اتفق على تسميته "تصور حلول عملانيَّة لقضايا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من وجهة نظر مسيحية"، يمكن ان تشكل مساحة مشتركة بين الاطراف. وهو تصور موّله "مركز التنمية والابحاث الدولي" في كندا، وتنشر "النهار" مقتطفات منه، ومما جاء فيه: "(...) قد يكون لزاما على المجتمع الدولي أن يعي أن تقديم ضمانات لتجنيب لبنان تسوية على حسابه في قضية اللاجئين، وحده كفيل بإحداث خرق في اتجاهي التحسين والتسوية لأوضاع اللاجئين قانونيا ومجتمعياً، إلى وجوب تأمين موارد إضافية لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم" ("الأونروا"). كما ان منطلق التحسين والتسوية يجب أن يأتي على قاعدة الشركة في المسؤولية لحماية الاستقرار والأمن الوطني والإقليمي والدولي.
يعي المسيحيون انسداد افق مفاوضات السلام والرفض الإسرائيلي الحاسم لعودة اللاجئين الفلسطينيين، لا بل الانزعاج من التكاثف الديموغرافي لما يعرف بـ "عرب 1948"، لكن وعيهم لهاتين المعادلتين لا يجعلهم مستسلمين للأمر الواقع. وانطلاقا من ذلك يعولون على الإجماع اللبناني في ميثاق العيش المشترك على رفض التوطين، وقناعة فلسطينية بأولوية العودة وفهم العالم العربي لخصوصية الصيغة اللبنانية وعدم تحملها أي مشروع للتوطين، الى إشارات دولية حاسمة، وفي طليعتها أميركية، أن لا تسوية لقضية اللاجئين على حساب لبنان. لكنَّ هذا التعويل لا يخرج المسيحيين من مواجهة تحديين هما: دعوة الدولة اللبنانية الى التعامل بجدية مع قضايا اللاجئين ودعوة المجتمع الدولي والعالم العربي الى تحمل مسؤولياتهما (...) لا بد من الاضاءة على خيارات التطبيع القانوني وحدودها والتطبيع المجتمعي وحدودها، علما ان العائق الأساسي تمثّل في أبعاد ثلاثة، هي: غياب المعطى الإحصائي الدقيق حول عدد اللاجئين ومن هم على مستوى الأعمار والحالة الاجتماعية والتخصص العلمي، والتوزع الجغرافي وغياب مرجعية رسمية لبنانية قادرة على تقديم رؤية متكاملة، وغياب آليات الضبط الإداري في الدولة لسجلاتهم (…). يجب فتح نقاش مع نقابات المهن الحرة لتسهيل تأمين عمل للاجئين في الدول العربية، علما ان اكثر من نصف اللبنانيين غير مشمولين بتقديمات الضمان الاجتماعي الذي يعاني عجزا ماليا وخللا إداريا. كما ان التعديل القانوني في آب 2010 سمح للاّجئين بالإفادة من تعويض نهاية الخدمة، وان تكن "الأونروا" مسؤولة عن الخدمات الاستشفائية والتعويضات العائلية. المطلوب تأسيس صندوق مستقل يقدم الخدمات الاستشفائية لهم ويكون مرتبطا بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في فلسطين، على ان تؤمن له الدولة اللبنانية الإطار القانوني والإداري بالتنسيق مع "الأونروا". اما الافادة من الخدمات التربوية، فلا نص قانونيا يمنع ذلك، ويمكن إعطاؤهم أفضلية من ضمن "كوتا" الرعايا الأجانب.
معلوم ان التملك يعني توطينا مما يحتم رفضه نهائيا، ويمكن البحث في مبدأ الإيجار الطويل الأمد، وعلى المجتمع الدولي توفير مساكن لائقة لهم من خلال "الأونروا". وبين نظرية الحقوق المكتسبة والإيجار الطويل الأمد يجب إيجاد تسوية لمن اشترى قبل 2001. كما تجب تسوية الأوضاع القانونية للأملاك التي قامت عليها المخيمات".
وتخصص الورقة - التصور فصلا للسلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وتتحدث عن "إمرته السورية بامتياز وأجندته الاقليمية وعلاقته الواضحة بسلاح حزب الله" مع عجز لبناني عن نزعه مرتبط بتعقيدات إقليمية وداخلية، ولا علاقة له برفض التوطين ولا بثلاثية الجيش والشعب والمقاومة. اما السلاح الفلسطيني داخل المخيمات، التابع منه لمنظمة التحرير الفلسطينية أو الاسلامي المتعدد الارتباط، فيجب البدء بضبطه وتنظيمه في اشراف مرجعية فلسطينية واحدة تمهيدا لتسليمه الى الدولة التي تبدو عاجزة ومقصرة، وهناك من لا يريد لها إنهاء هذا الملف حماية لسلاح لبناني هو سلاح "حزب الله". ويبدو هذا السلاح خطرا على اللاجئين أنفسهم وعلى الاستقرار اللبناني والإقليمي والدولي وعرضة لاختراقات مخابراتية واستغلال مشبوه لا علاقة له باللاجئين ولا بقضيتهم العادلة (…).
يود المسيحيون أفضل استضافة للاجئين إنّما ليس على حساب اللبنانيين، ويطالبون الدولة بإدارة جدية من خلال مرجعية رسمية تملك رؤية متكاملة للقضية ورسم استراتيجية وطنية شاملة لحماية الاستقرار الوطني والاقليمي والدولي انطلاقا من الارتقاء الى مستوى علاقة "دولة لبنان" بـ "دولة فلسطين". كما يطلبون من اللاجئين فهم خصوصية التركيبة اللبنانية والبحث في المساحات المشتركة ووقف مقارنة لبنان مع سوريا والاردن من خلال اخراج المعطيات الاحصائية لأعداد اللاجئين من التهويل، كما التهوين، على قاعدة إعداد دراسة احصائية للاجئين وقوتهم العاملة ودراسة في الجدوى الاقتصادية لدخولهم قطاعات عمل محددة واعداد دراسة عن حجم تملّك اللاجئين ومخارج الحق ودراسة سيناريوات حل القضية على المستويين العربي والدولي، الى البحث في ما سيكون عليه وضعهم بعد القيام الرسمي لدولة فلسطين ومساعدة المجتمع الدولي للبنان لإعداد ملفه التفاوضي وما يستحقّه من تعويضات".
وفي الختام، اقتراحات "لاطلاق برنامج يبحث في ما سبق مع مركز الابحاث والتوثيق الماروني، والمرتبط بالبطريركية المارونية، لقدرته على توحيد المساحة المشتركة مسيحياً ووطنياً، وانشاء فريق تفكير وعمل مسيحي يضم كل القوى السياسية المسيحية الفاعلة وخبراء، وانجاز تصور متكامل للتعامل الجدّي مع هذه القضية واعداد مؤتمر وطني يقترح استراتيجية متكاملة لمعالجة القضية".

 

 
النهار..رضوان عقيل

"فيتو الدفاع" عن سوريا إيراني يُلازم "الفيتو" الروسي

طهران مطمئنة إلى النظام وتساعده لمواجهة الحصار الاقتصادي

 

قبل أربعة أيام، التقت شخصية لبنانية ديبلوماسياً إيرانياً رفيعاً يعنى بالملف السوري خارج بيروت، وهو أحد أبرز الخبراء في طهران الذين يتابعون أحوال المنطقة، ولا يزال في سدة المسؤولية. ويتابع هذا الديبلوماسي يوميات الحدث السوري وتشعباته وامتداداته الى دولته التي تقف سداً منيعاً الى جانب النظام. ويعاين في الوقت نفسه تأثير الوضع السوري على لبنان وخصوصاً على "حزب الله".
أول ما لفت الشخصية اللبنانية في هذا اللقاء أن المسؤول الإيراني يكثر من إطلاق عبارة "نحن"، وهو لا يقصد دولته فحسب، بل يشملها بالنظام السوري، الذي تجاوز في رأيه، وخصوصاً في الأيام الاخيرة، مرحلة خطر السقوط، وتخطى الجزء الاكبر من موجات التهديدات المتواصلة التي تأتيه من الغرب والشرق.
وشبّه في اللقاء مسيرة سوريا وما تواجهه اليوم بالعدوان الاسرائيلي على لبنان في تموز 2006 والحرب الساخنة التي امتدت 33 يوماً وكيف خرجت المقاومة منها منتصرة على آلة الحرب الاسرائيلية، وكيف ان بلداناً غربية عدة، اضافة الى دول الخليج، راهنت آنذاك على انهيار مشروع المقاومة في لبنان. وان ثمة فرصة سانحة للقضاء على "حزب الله" او تحجيم قوته في أحسن الاحوال، وان الفريق نفسه المعادي للحزب يقوم اليوم بالمهمة نفسها ضد النظام السوري.
ويعبّر الديبلوماسي الايراني الرفيع عن رضى بلاده على الموقف الروسي الثابت والذي لن يتراجع عن دعم سوريا وجيشها النظامي، ولن يفرّط بالرئيس بشار الاسد.
وينقل عن السفير الروسي في دمشق ان طهران تمارس "الفيتو" على الارض السورية، وان "الفيتو" الديبلوماسي تحمله موسكو في مجلس الامن، ويشكل مظلة أمان للنظام السوري.
وترك الكلام الروسي ارتياحاً لدى الديبلوماسي الايراني، وزاد عليه: لا شك اننا نعوّل على موقف روسيا، ولكن حتى لو لم يتخذوا هذا الخيار لكنا بادرنا في ايران الى الاجراءات نفسها التي نتعامل بها مع دمشق والشعب السوري.
ويعكس الديبلوماسي الايراني جملة من النقاط في اللقاء، تؤشر لاطمئنان بلاده الى مسار الاحداث في سوريا وامكان تجاوزها في ظل الارتباك الذي تمر به المعارضات السورية، ومن خلفها المحور الذي يقود المواجهة ضد النظام، وخصوصاً من جانب بلدان الخليج وفي مقدمها السعودية.
ويعتقد ان دمشق تسير بخطة المبعوث المشترك للامم المتحدة وجامعة الدول العربية الى سوريا كوفي انان، وان الروس لن يتراجعوا عن سياساتهم، والحل السياسي في النهاية سيصبّ في مصلحة سوريا التي ستقطف النجاحات حتى لو استمرت بعض الاعمال العسكرية.
ويلاحظ الديبلوماسي الايراني ان ثمة تمايزاً واضحاً لدى الادارة الاميركية عن بلدان الخليج، وان مسألة الحسم العسكري جرى تجاوزها، وان حلف سوريا وايران والمقاومة في وضع جيد، وأن هناك اتفاقاً غير مكتوب مع روسيا والصين.
ويرى ايضاً ان الخليجيين وقعوا في فشل ذريع في تعاطيهم مع الملف السوري، وحاولوا افتعال ازمات وفتن في نسيج المجتمع السوري على غرار ما فعلوا في السابق في العراق وفشلوا ايضاً.
وتنقل الشخصية اللبنانية عن الديبلوماسي الايراني ايضاً ان لا خوف على الوضع الاقتصادي في سوريا، لان البعض عمل للضغط على النظام من هذه الخاصرة وان طهران في النهاية أجرت كل الحسابات وأعدت الخطط مع دمشق لجبه هذا النوع من الحرب الاقتصادية.
ويظهر هذا الكلام ان الشريان الذي يربط دمشق وطهران عبر العراق لن ينقطع، ولا سيما ان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي اصبح اكثر تحرراً في الفضاء السوري بعد استضافة بلاده القمة العربية، وما تصريحاته الاخيرة الا خير شاهد على هذا الحكم.
ويردد الديبلوماسي الايراني في هذه الجلسة عبارة "هذه معركتنا وسوريا ستخرج منتصرة في النهاية".
ولم يخلُ اللقاء ايضاً من تطرقه الى الحالة في لبنان وكيف ان "حزب الله" لن ينزلق الى الفتنة، وهذا ما يشكل عامل اطمئنان للنظام السوري.
وكان الجواب الذي تلقاه الديبلوماسي من الشخصية اللبنانية، ان من انعكاسات الازمة في سوريا على 14 آذار ان النظام لا يزال قوياً، على عكس الكلام عن السقوط الوشيك الذي كان يؤكده هذا الفريق الذي سيحرك بقوة ملف الانتخابات النيابية سنة 2013، ثم ان الجيش اللبناني خرج عن سياسة النأي بالنفس وأخذ يلاحق المسلحين وعمليات التهريب، وهذا ما حصل اخيراً في البقاع على الحدود مع سوريا.
اطمأن الديبلوماسي الايراني الى سماعه هذا الكلام، وجدد ايمانه بصلابة النظام السوري وقدرته على المواجهة، وان الهجوم الغربي والتصريحات اليومية التي تصدر في هذا الشأن تراجعت وتيرتها، وهي تربك اكثر خصوم سوريا وخصوصاً في الجانب العربي، علماً ان "مؤتمر اصدقاء سوريا" في اسطنبول لم يحصد النتائج المرجوة، في ظل الحديث عن وجود خط ساخن واستمرار حرارته بين رئيس فيلق القدس في ايران قاسم سليماني ومدير وكالة الاستخبارات الاميركية ديفيد بترايوس، على رغم تباعدهما في النظرة الى النظام السوري الذي لا يزال يقوده الرئيس بشار الأسد.

 

الطلب الآسيوي على النفط سيبقي الأسعار مرتفعة حتى 2035

سيناريوهات المواجهة القاتلة: ضربات إسرائيلية خاطفة... ورد إيراني
السفير....جو معكرون
ضربات جوية إسرائيلية خاطفة على المنشآت النووية الإيرانية، استدراج الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، وتهديد بقصف المراكز المدنية في حال رد طهران. القوات الإيرانية تقصف إسرائيل وتغلق مضيق هرمز وتفتح مواجهة إقليمية مع المصالح الأميركية في المنطقة. هذا السيناريو القاتل الذي تخيله مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في حال حصلت المواجهة الإسرائيلية ـ الإيرانية.
يحاول الباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية أنطوني كوردسمان في تقريره دراسة الخيارات في حال حصول مواجهة حول الملف النووي الإيراني وطرح سيناريو قصف إسرائيل لمنشآت إيران النووية في ناتانز وفوردو، ولا ينصحها بضرب المفاعل النووي في بوشهر بحوالي 4 أو 8 ضربات جوية متزامنة وخاطفة بطريقة تستفز إيران وتستدرج رد فعل قويا منها يدفع الولايات المتحدة ودول الخليج إلى التدخل في النزاع. يتبع هذا الأمر ضربة جوية جديدة لمنع القوات الإيرانية من استدراك الموقف بضرب البنى التحتية العسكرية والتهديد بضرب المراكز المدنية الإيرانية في حال ردت طهران.
وذكر أنه في المقابل ردود الفعل الإيرانية ستكون استغلال الضربة كعذر لجعل برنامج سلاحها النووي مسألة مفتوحة بعد تجميع المعدات التي بقيت من الضربة الجوية والرد بصواريخ باليسيتة من طراز «شهاب 3» على تل أبيب وقواعد الجيش الإسرائيلي والمراكز المدنية الإسرائيلية ومواقع إسرائيل النووية. كما توقع كوردسمان أن طهران ستعتبر أن الضربة الإسرائيلية حصلت بضوء أخضر أميركي وبالتالي «ستشن هجمات سياسية على الأنظمة العربية الصديقة للولايات المتحدة على أساس أنها لم تفعل شيئاً لمنع الاعتداء الإسرائيلي»، وأن المجموعات الحليفة لإيران مثل «حزب الله» وحركة حماس سيستهدفان إسرائيل، وستوجه إيران ضربات على المصالح الأميركية في الخليج، وربما «تحاول تعطيل تدفق النفط عبر مضيق هرمز» وزيادة نفوذها في العراق وسوريا ولبنان لتصبح حكوماتها «أكثر عدوانية تجاه إسرائيل».
ويرى كوردسمان أن لدى إيران أفضلية إستراتيجية على دول مجلس التعاون الخليجي من ناحية الموقع الجغرافي، والجبال القريبة من سواحلها، والتي تحد تغطية الرادار لعملياتها الجوية، علماً بأن الأهداف في إيران تقع على بعد أكثر من 500 ميل من الساحل، وهي مسافة كبيرة للطائرات المقاتلة. أهداف أخرى تقع على نطاق أبعد من 500 ميل من اقرب نقطة دخول يمكن لإسرائيل استخدامها في هجمات وقائية. ويضيف كوردسمان «علاوة على ذلك، لدى إيران مساحات واسعة لإخفاء الصواريخ وتفريق القوات والمنشآت النووية و2440 كيلومتراً من الساحل لإخفاء السفن الصغيرة وقوات بحرية أخرى كما العديد من الجزر والمنشآت البحرية». ويشير إلى أن تهديد إيران ليس في الحرب التقليدية بل في التدخلات في بلدان المنطقة ونقل الأسلحة إلى مجموعات فيها، و«شن الهجمات على مستوى منخفض» وضرب البنى التحتية.
ويقول كوردسمان في هذا السياق «حين يبدأ النزاع ليس من الممكن تقدير تأثير ذلك على الإقتصادات الوطنية أو الاقتصاد العالمي في اي تفصيل. ومع ذلك من الواضح أن الدول الآسيوية تعتمد بشكل استثنائي على النفط والغاز في الخليج»، مشيرا إلى أن «إغلاق الخليج» في هذا السياق «يهدد الاقتصاد العالمي ومن شبه المؤكد أن يؤدي إلى رد عسكري واسع النطاق لتأمين صادرات الخليج وضمان أن إيران لا تكرر مثل هذا التهديد في أي مرحلة في المستقبل المنظور».
ويرى كوردسمان أن منطقة الخليج لا تزال «ممرا فريدا» لتصدير النفط لأن خط الأنابيب السعودي الذي يصل إلى مدينة صيدا في لبنان، والذي انتهى العمل به في العام 1974 توقف في العام 1984، كما توقف العمل بخطي أنابيب النفط عبر سوريا من العراق والسعودية، بالإضافة إلى خط الأنابيب بين العراق وتركيا الذي تم تعطيله مرارا في السنوات الأخيرة، وخط أنابيب أبو ظبي الذي تعمل عليه الإمارات العربية المتحدة بالتعاون مع الصين بحيث يمكن لصادرات النفط الإماراتية أن تتجاوز مضيق هرمز لكن هناك احتمالا أن «تستهدف إيران موانئ التصدير هذه». وهناك أيضا خط أنابيب النفط في سلطنة عمان.
ويقول كوردسمان إن الطلب الآسيوي على الطاقة، بالإضافة إلى نمو الطلب في أنحاء أخرى من العالم سيبقي الضغط بشكل مستمر على العرض العالمي للطاقة حتى العام 2035، علماً بأن أكثر من 75 في المئة من الزيادة في إجمالي استهلاك سوائل الطاقة يتركز في البلدان الآسيوية غير المنتجة للنفط وفي الشرق الأوسط حيث النمو الاقتصادي سيكون قويا. وفي الشرق الأوسط تحديدا سيكون الوصول إلى الموارد المحلية متوفرا وغير مكلف ما سيعزز الضغوط على الطلب. واستند كوردسمان إلى إحصاءات «إدارة معلومات الطاقة» في الحكومة الأميركية التي تتوقع ارتفاعا في استهلاك النفط وسوائل الطاقة الأخرى من 85.7 مليون برميل يوميا في العام 2008 إلى 112.2 مليون برميل يوميا في العام 2035.
واعتبر كوردسمان انه في ظل هذا الصعود في الأسواق الآسيوية في حال حصول أي «انقطاع جدي» في تدفق صادرات نفط الشرق الأوسط فإننا قد نكون أمام ارتفاع جدي في الأسعار». وبناء على الإحصاءات الرسمية ذاتها، فإن سعر برميل النفط سيبقى معدله أكثر من 100 دولار بعد عام 2020 هذا من دون «أي أزمة سياسية أو عسكرية وقد يرتفع إلى مستويات تصل إلى 200 دولار في أسوأ حالات الطوارئ».
وأشار إلى أنه بالإضافة إلى ضخ النفط الذي سيتواصل من دول مجلس التعاون الخليجي والعراق، ستصبح كل من كندا والبرازيل مصدرين رئيسيين «ما سيحد من معدل الاعتماد المتزايد على صادرات الخليج» الذي يتوقع أن يزيد من 27 في المئة من مجمل إنتاج النفط العالمي للعام 2009 إلى 31 في المئة في العام 2035، مع وجود انخفاض في معدل الإنتاج في كل من سلطنة عمان واليمن.
وأوضح كوردسمان أن معدل الاعتماد الأميركي على استيراد النفط سيبقى 36 في المئة حتى عام 2035، واعتبر أن هذا الأمر «يقلل بشكل كبير إستراتيجية الاعتماد الأميركي» لأن الولايات المتحدة «تدفع أسعار النفط العالمي حتى في إنتاجها المحلي وأي أزمة تؤثر فورا على الاقتصاد الأميركي» حيث «كل وظيفة في أميركا تعتمد على اقتصاد عالمي يصبح تدريجيا أكثر اعتمادا على التدفق الموثوق من الخليج والشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومصادر طاقة أخرى غير الولايات المتحدة».
واعتبر كوردسمان أن إيران في أعلى مستوى مخاطر بين الدول المصدرة للنفط و«هذا ليس ببساطة نتيجة طموحاتها الإقليمية ومنافستها مع الولايات المتحدة». ورأى أن «استقرار إيران السياسي غير مؤكد والعقوبات المتزايدة تحد بشكل كبير النفط والغاز وخطط التوسع وتوفر شروط وحوافز ضعيفة للاستثمار الخارجي». ولفت إلى أن الإحصاءات الرسمية للعام 2011، قبل الدفعة الأخيرة من العقوبات على طهران، تشير إلى أن الإنتاج النفطي الإيراني سيتراجع من 4.1 ملايين برميل يوميا إلى 3.9 ملايين برميل يوميا في العام 2035. لكن صادرات الغاز الإيرانية سترتفع في المقابل من 4.6 تريليون قدم مكعب في العام 2009 إلى 9.4 تريليون قدم مكعب في العام 2035.

تقرير إسرائيلي يخفض التوقعات بعدد القتلى في حالة «حرب شاملة»

افتتحت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي أمس، نشرتها المركزية بالإعلان عن أن أعضاء المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية استمعوا مؤخرا إلى تقرير يتناقض مع التقارير السابقة حول تقديرات الموقف في حالة الطوارئ. وأشار التقرير إلى أن إسرائيل إذا تعرضت لهجوم صاروخي هو الأسوأ ضمن حرب شاملة فإن ذلك سيكون بشكل متواصل على مدى ثلاثة أسابيع. والجديد في التقدير أنه إذا تعرضت إسرائيل لهجمات صاروخية متواصلة من لبنان وسوريا وحتى من قطاع غزة وإيران فإن عدد القتلى الذين سيسقطون جراء ذلك لن يتجاوز 300 قتيل.
وأوضح المراسل السياسي للقناة أن هذا معطى جديد يتناقض مع معطيات سابقة كانت تتحدث عن سقوط آلاف من الإسرائيليين جراء الهجمات الصاروخية. وأوضح أن أهمية التقرير هذا تأتي في هذا الوقت وأنه استند إلى أسوأ الاحتمالات وإلى أشدها خطورة. وقال إن التقدير لا يشمل نشر بطاريات صواريخ إضافية مضادة للصواريخ.
تجدر الإشارة إلى أن التقديرات الإسرائيلية كانت تتحدث حتى وقت قريب عن وجود ما لا يقل عن خمسين ألف صاروخ في لبنان وحسب ووجود آلاف الصواريخ في غزة. ولكن التقديرات الإسرائيلية كانت تشير أيضا إلى وجود عشرات آلاف الصواريخ في سوريا فضلا عن تلك التي يمكن أن تصل من إيران.
وبرغم أن المراسل السياسي للقناة العاشرة تعامل مع الأمر وكأنه مثار تفاؤل، إلا أن الحقيقة هي أن مثل هذا التقدير قد يشجع جهات في إسرائيل على استغلاله للتساهل في اتخاذ قرار الحرب ليس فقط مع إيران بل أيضا على الحدود الأقرب في غزة أو لبنان أو سوريا. («السفير»)

 

 

 

سقفان لخيارين أوروبيين (عسكري وسياسي) بشأن سوريا
على رغم كل التطورات السورية المتسارعة التي تحتسب يوماً للنظام ويوماً للمعارضة، فإنّ لأوروبا موقفا ثابتا من الوضع فيها لا يقف عند تطور امني او سياسي. ويقول العارفون إنّ الاتحاد الأوروبي رسمَ سقفا سياسيا وعسكريا للوضع في سوريا، وما زال يحترمهما. فما هي حدودهما؟
الجمهورية...جـورج شـاهين
يؤكد زوّار العواصم الأوروبية، وبروكسل تحديداً حيث مقر الاتحاد الأوروبي وحيث تقع غرفة العمليات المشتركة التي وحّدت اوروبا إزاء القضايا العالمية، أنّ دوَلها الـ 27 تتلاقى على مواقف ثابتة ومتكاملة الى الحدود القصوى، قياساً على حجم تفاهماتها حول العملة الموحّدة لـ"أوروبا العظمى".
بادىء ذي بدء يعترف زوّار الاتحاد الأوروبي من القادة اللبنانيين ان الأجواء الأوروبية بشأن ملف سوريا لا تقف عند حدود النقاش القائم في بيروت حول اللعبة الداخلية فيها ومصير بابا عمرو والخالدية او ريف دمشق ودرعا، ولا عند ميزان المواقف اللبنانية بين مؤيّد للنظام السوري ومستعد للانتحار الى جانبه، ومعاد له يتمنّى سقوطه. فللاتحاد الأوروبي موقف استراتيجي لا يتوقف عند أي حدث او تطوّر من هنا او هنالك، ولا يُشبه بأيّ شكل من الأشكال سلّة المواقف التي سجلها الاتحاد من الثورات العربية التي سبقتها من تونس الى مصر فليبيا التي استخدم فيها الاتحاد قواه العسكرية وجَنّد مقدرات الحلف الأطلسي للإسراع في القضاء على العقيد معمر القذافي، على رغم ما جمع "العقيد المنبوذ" ونسج في حياته من علاقات مميزة مع قادته ورؤسائه وأجهزة مخابراته، والتي فاقت كل أشكال العلاقات التي يمكن ان تقوم بين الدوَل بعدما اختلط فيها الشخصي والعائلي بالعام وبالمليارات والاستثمارات السياسية والاقتصادية.
وللحوار حول الملف السوري مع الأوروبيين طعم آخر مختلف، فقد سبق للاتحاد ان اتخذ سلّة من القرارات لمعاقبة النظام السوري بكل رموزه، وهو في الطريق الى تعزيزها على المستويات كلها. أكان ذلك على مستوى الدولة، أو على مستوى الشخصيات من الفئات كلها. وأبعد من ذلك فقد راحت بعض الحكومات الأوروبية في عدائها للنظام الى الحدود القصوى، فأمهلته أياماً لترك السلطة والتنحي قبل ان يقول الاتحاد كلمة جامعة في الإستراتيجيات الأوروبية التي يجب ان تؤخذ بعدما انتقل الملف السوري من الجامعة العربية وبعض الأندية العالمية الى مجلس الأمن الدولي.
ولذلك، فبالنسبة الى الاتحاد الأوروبي بات الملف السوري ملفاً مستقلا وبالغ الأهمية، وهو مطروح على كل هيئات الاتحاد الأوروبي وعلى طاولة مجلس الأمن الدولي. ومعلوم أن لأوروبا حضورا مميزا على مستوى الدول الأعضاء الخمس ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن، ما فرض نوعا من التفاهم الذي لا بدّ منه في مواجهة الفيتو الروسي - الصيني، فقلّص من دور الحكومات الأوروبية وتوجهاتها المنفردة لصالح الإستراتيجيات المشتركة، والتي على ما يبدو باتت في أيدي قادة حلف الناتو عسكرياً، وعلى مستوى الهيئات الأوروبية الموحدة سياسيا واقتصاديا.
سقفان: سياسي وعسكري
وفي هذا الإطار يعترف زوّار بروكسل هذه الأيام انّ الاتحاد الأوروبي رسم سقفين للتعاطي مع الملف السوري، واحد عسكري بات بيد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي اندرس فوغ راسموسين (الناتو) ومعه فريق عسكري من دول الإتحاد، وثان سياسي بيَد مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد كاترين آشتون ومعها فريق من معاوني وزراء خارجية الاتحاد الذين يلتقون شهريّاً لمناقشة الملف السوري، وغيره من ملفات تعني الاتحاد والعالم.
وفي معلومات الزوّار الذين التقوا مسؤولي الناتو من الدرجة الأولى انّ السقف العسكري ما زال من دون أي خيار يقود الى عمل عسكري في سوريا او في محيطها، مهما حصل ومهما بلغت حدّة التطورات العسكرية الداخلية لصالح أيّ من الطرفين.
اما بالنسبة الى السقف السياسي - الديبلوماسي، فيبدو انه لا يقف عند حدود المبادرات الدولية بعد العربية، ولذلك سيكون للاتحاد مبادرات قريبة تتناول قضايا محددة في عينها، من شأنها ألّا تسمح للنظام في سوريا ان "يتلهّى" ويتجاوز هذه المبادرات الى ما شاء الله. ولذلك، فإنها ستكون على موعد قريب مع
مسعى جديد في الأمم المتحدة يضع سقوفاً وتواريخ ومهلا محددة، ليؤكد من خلالها النظام مدى التزامه بالاتفاقيات الدولية قبل ان يخطو الاتحاد باتجاه المزيد من التشدد والتصلب.
يعترف الأوروبيون أن لا مواقف سياسية ثابتة في تاريخ القارة أو في الاتحاد الأوروبي، وان الموقف يمكن ان يتطور في أي اتجاه. فعلى سبيل المثال، شهد مقر الاتحاد مؤخرا لقاء بين كبار المسؤولين ووفد من المعارضة السورية جاء يحذّرهم من سياسة المماطلة تجاه النظام السوري، لافتاً النظر الى أن رأس هذا النظام ينتظر دخولكم في فرنسا، وبعض دوَلكم، كما الولايات المتحدة، مدار الانتخابات الرئاسية، للانقضاض بالدعم الروسي والصيني على ما تبقّى من المعارضة، فماذا ستفعلون؟
ردّ احد كبار الاستراتيجيين في قيادة الحلف الأطلسي وتوجّه الى اعضاء الوفد السوري، وقال: على النظام ان يفهم اننا لن ننتظره الى ما شاء الله، فقريباً سيكون لكم الدعم المالي والسياسي وقبل اجتماع اسطنبول (الذي عقد امس الأول) وبعده، فإن ّالأمور لن تستمر الى ما شاء الله، لأنّ صبرنا أقلّ وأقصر من صبر المبعوث الدولي كوفي انان، وهو يعمل الآن ونحن بانتظاره، فليس لزاماً أن تكون الحلول كلها بالقوة العسكرية، وستكونون شهوداً على ما هو آت!
 
نحو تسوية تركية مع إيران وروسيا؟!
لا شيء استثنائياً في مؤتمر «أصدقاء سوريا» الذي انعقد في اسطنبول أمس الأول، فالمخارج كانت متوقعة في حجمها ونوعها وسقفها. وعلى رغم أنها عكست سقفاً أعلى من سقف مؤتمر «أصدقاء سوريا» الذي انعقد في شباط الماضي في تونس، إلا أنها تبقى دون مستوى ما يحصل على أرض الواقع في سوريا من جهة ودون مستوى ما تطالب به المعارضة السورية من جهة أخرى.
الجمهورية..أنقرة علي حسين باكير
على الرغم من ذلك، فإن الرسالة الوحيدة التي يمكن استنتاجها من مخارج هذا المؤتمر، هو أنّ المسيرة طويلة وأنّ الخيارات لا تزال متشعبة وأن الموضوع في ظل تضارب المصالح الإقليمية والدولية لا يزال معقدا، وأنّ لعبة الوقت تبقى اللعبة المفضلة لدى الجميع باستثناء الجهات التي ترى في إعطاء نظام الرئيس السوري بشار الأسد مزيد من الوقت خطأ فادحا وعلى رأسها التيار الداعم تسليح "الجيش السوري الحر" لتمكينه من الدفاع عن المتظاهرين السلميين، وهو الخيار الذي ترفضه حتى الآن كل من واشنطن وأنقرة.
في إحدى مقرّرات المؤتمر، تمّت الإشارة إلى ضرورة وضع سقف زمني لمبادرة المبعوث الأممي ـ العربي كوفي أنان التي كان النظام السوري قد أعلن موافقته عليها، لكنه لم يلتزمها حتى الآن مع استمرار عملياته العسكرية داخل المدن، بل يُعلن أنه لن يوقف هذه العمليات حتى ينتهي من مهمته.
وعليه، فإن المحطّة الأكثر أهمية التي ستلي مؤتمر اسطنبول ستكون الاستماع إلى تقرير أنان في الأمم المتحدة عن تطورات الوضع في سوريا ومدى التزام النظام السوري أو عدم التزامه هذه المبادرة. واذا ما خلص التقرير الى انّ النظام لم يلتزمها فعلاً، فسيتم، على الأرجح، اللجوء مجدداً إلى مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار يفرض وقف العنف في سوريا وفق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهو ما يطرح الموقف الروسي على الطاولة مرة أُخرى.
وفي الوقت الذي تتوقع بعض المصادر أن تحرج هذه الخطوة موسكو، وتقفل الطريق أمامها في اعتبار أنّ استخدامها حق النقض "الفيتو" سيضعها في موقف الناقض للتعهدات التي قطعتها على نفسها عندما أعلنت دعم مبادرة أنان، وستكون القوى الإقليمية والدولية عندها في حلٍّ من الموقف الروسي.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذه الحال هو: ماذا سيحصل إذا استخدمت موسكو "الفيتو" مجددا؟ يجيب مصدر تركي "أنّ الملف سيكون مفتوحاً على كل الاحتمالات، لكن الخيار العسكري يبدو الأقل حظاً حتى في هذه الوضعية، وذلك ليس لعدم فعاليته بل بسبب الحسابات الخاصة بكل الدول، وخصوصاً الإدارة الأميركية المهتمة بملف الانتخابات الرئاسية أكثر من أي شيء آخر، والتي لا تريد المغامرة بأي خيار عسكري لا يكون محسوم النتائج سلفا، إضافة إلى الجانب التركي الذي يرفض إلى الآن أي خيار عسكري لا ينطوي على قرار دولي صادر من مجلس الآمن. وفي مقابل هذا السيناريو، هناك من يطرح إمكان أن يقوم النظام السوري بنصف موافقة عملية على مبادرة أنان يسعى من خلالها إلى مناورة لإفراغها من مضمونها من جهة ولتفادي السيناريو السابق الذكر من جهة أخرى.
وفي هذه الحال هناك من يعتقد في أنقرة انّه يمكن التوصل الى حل في سوريا من خلال العمل من قرب مع الإيرانيين والروس. فقبل يومين فقط من انعقاد مؤتمر "أصدقاء سوريا" في اسطنبول، طرح أردوغان أمام المسؤولين الإيرانيين أثناء زيارته طهران أن تضغط القيادة الإيرانية على نظام الأسد لإجباره على وقف الحملات العسكرية ضد المدنيين الآن لأن الفرصة سانحة عبر مبادرة أنان، وذلك في مقابل تعهد تركي بالضغط على المعارضة السورية لإجبارها على الجلوس الى طاولة المفاوضات مع النظام السوري.
ويقول مصدر تركي لـ"الجمهورية" في هذا السياق قائلا: "إنّ الضغط على المعارضة السورية إن تم لاحقاً، فهو سيأتي ضمن الطرح الذي قدّمه أردوغان في طهران والذي يشمل الاحتكام إلى الانتخابات لإنهاء المعضلة القائمة وإجراء انتخابات شفافة وعلانية وبمراقبة إقليمية ودولية لنتائجها في غضون عدّة أشهر قد تتراوح من 3 إلى 6 أشهر".
ويضيف: "يبدو أنّ هناك انقساما سيحصل في المواقف والمسارات، إن لم يكن حصل ذلك فعلاً، وانّ هناك من يسعى في تركيا، وهم قلة قليلة،إلى عقد تسوية مع روسيا وإيران في ما يتعلق بالوضع السوري، معتقدين أنّ ذلك من شأنه أن يخدم الشعب السوري في الوقت الذي سيكون مجرد فخ للإيقاع بتركيا وبالمعارضة السورية أيضا لشرعنة وجود النظام السوري الحالي واستمراره على رغم كل ما فعله"، محذّرا في الوقت نفسه من "أنّ تركيا تكرر الخطأ الذي ارتكبته في العراق عندما أجبرت المقاومة العراقية على ترك السلاح والانخراط في العملية السياسية مقابل ضمانات لها لتصبح شريكا في العمل الوطني، لينتهي الوضع إلى ما هو عليه اليوم من سيطرة إيرانية كاملة على القرار السياسي في العراق".
الجدير بالذكر أنّ حلفاء النظام السوري بدوا واثقين خلال الأيام القليلة الماضية من أنّ مسار الأحداث يتّجه لمصلحتهم بعدما نجح النظام عبر سياسة المراوغة والخداع في استغلال كافة المبادرات السياسية لكسب مزيد من الوقت وتوظيفه في سحق الثورة السورية، في وقت انشغلت القوى الإقليمية والدولية في حساباتها الخاصة وتفرغت كل من روسيا وإيران لدعم النظام السوري.
 
حروب جنبلاطية كثيرة وكبيرة مقبلة!
أخذت معالم التسوية السوريّة المتوقّعة في ظلّ المواقف الدوليّة المتقاطعة مصالحها مع بعضها البعض، بالانعكاس على الساحة الداخلية اللبنانية.
الجمهورية...فادي عيد
بدأ ذلك يترجم فعليّاً عبر بعض المواقف السياسية من كبار حلفاء دمشق، الذين يقرأون مسار الأوضاع السورية والإقليمية ليبنوا على الشيء مقتضاه على الداخل اللبناني، ومع تأكيد وإصرار هؤلاء الحلفاء للنظام السوري، على انتهاء الأزمة، وبمعنى آخر استمرار هذا النظام، على حدّ معلوماتهم، فإنّ ذلك سيرخي بظلاله على ملفّات داخلية لها وزنها، وفي طليعتها قانون الانتخاب الذي يبقى الشغل الشاغل لمعظم القوى السياسية والحزبية. والمعروف هنا أنّ رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط يُعتبر من أكثر الزعامات والقيادات السياسية حساسيّة في هذا الإطار، وحيث سبق وفُصّل له قانون انتخابيّ راعى حضوره ودوره وخصوصيته السياسية والطائفية، وتحديداً إبّان حكم الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد.
ومن هنا، وفي ظلّ ترقّب مسار الأزمة السورية وكثرة السيناريوهات المطروحة حول الانتخابات النيابية بين حصولها في موعدها الدستوري، أو عدمه، ربطاً بالأجواء في المنطقة، ولاسيّما التطوّرات السورية، إلى عدم حسم أيّ قانون سيُعتمد أمام كثرة القوانين والطروحات الموضوعة على أكثر من طاولة، لذا تقول أوساط سياسية، على بيّنة ممّا يجري، بأنّه من الضرورة بمكان قراءة موقف رئيس المجلس النيابي نبيه برّي بشأن قانون الانتخاب واعتباره أنّ قانون ألـ 60 لم يعد صالحاً، إضافة إلى ضرورة اعتماد النسبية، ومن ثمّ اتّصاله بوزير الداخلية مروان شربل للإسراع بتحريك هذا القانون، فهذا الموقف للرئيس برّي لم يأتِ صدفة، وإنّما له دلالاته في هذه المرحلة بالذات، إذ يرى أحد المطّلعين على الأجواء السورية والجنبلاطية بأنّ دمشق، والتي تعتبر أنّها خرجت من أزمتها منتصرة وباستمرار هذا النظام، كما تعتبر الأوساط والمحيطون بهذا النظام، فإنّها بصدد الانتقام السياسي من زعيم المختارة ومحاسبته على مواقفه، وتحديداً تحريضه دروز سوريا على النظام، وتعرّضه للرئيس الراحل حافظ الأسد، ولذا هي تدرك بأنّ قانون الانتخاب أفضل وسيلة لهذا الاقتصاص أو الانتقام السياسي.
 ومن هذا المنطلق، جاء كلام الرئيس برّي في توقيت يثير التساؤلات باعتباره حليف أساسي لدمشق، ورئيس للسلطة التشريعية، أي أنّه المعنيّ والمخوّل بتحريك قانون الانتخاب، وعليه جاءت حبكته باعتماد النسبية ونعي قانون ألـ 60، مع الإشارة في هذا السياق إلى الصداقة الحميمة التي تجمعه بالنائب جنبلاط، الذي فهم الرسالة "على الطاير" وتلقّفها من صديقه لأنّه وإيّاه يعلمان كيفية توزيع الرسائل وخصوصاً من قبل النظام السوري. وهنا ثمّة معلومات بالغة الدقّة عن هجوم جنبلاطيّ معاكس لرفض النسبية، والإصرار على قانون الـ 60، وهذا ما ستبرز معالمه في الأيّام القليلة المقبلة على لسان زعيم الإشتراكي وفريقه السياسي إضافة إلى المقرّبين منه.
لكنّ السؤال المطروح في هذه المرحلة، من سيقف معه، وتحديداً من قوى الرابع عشر من آذار التي لا زالت تتلقّى سهام النائب جنبلاط ووصفه بعض قادتها بـ"المنظّرين"، إضافة إلى أنّ هذا الفريق قد يقبل بالنسبية معدّلة، وغير محشور بقانون الـ 60 على غرار جنبلاط، وهذا ما يظهر بوضوح عند "الكتائب" وكذلك "القوات اللبنانية"، ما يعني، بحسب هذه المعلومات، أنّ معركة النظام السوري وحلفائه في لبنان قد بدأت لتحجيم "أبو تيمور"، وخصوصاً في الانتخابات النيابية المقبلة، ولكن هل أضحت الظروف مؤاتية محلّياً وإقليميّاً ودوليّاً؟ فذلك مرتبط بما سترسو عليه الأزمة السوريّة، مع التذكير بإشارة سياسية بالغة الأهمّية، أو رسالة "مشفّرة" وصلت جنبلاط عبر اجتماع سفراء روسيا والصين وجنوب إفريقيا وسوريا وغيرهم في دارة رئيس حزب "التوحيد العربي" الوزير السابق وئام وهّاب، وهؤلاء السفراء كانت دولهم التي يمثّلونها حليفة المختارة تاريخيّاً، ولا سيّما روسيا، ممّا يشير إلى أنّ الرسائل تصل بريد المختارة تباعاً من قانون الإنتخاب إلى غيره، وإنّما ثمّة من يتوقّع أن يقوم الزعيم الدرزي بهجوم معاكس، من خلال شدّ العصب الدرزي والتجييش تحت ذريعة أنّ قانون النسبية هو لإلغائه سياسيّاً، وأنّ النظام السوري بدأ بالانتقام، وقد سبق له أن حرّك الساحة الدرزية وشدّ عصبها في مراحل مشابهة.
وأيضاً هناك تساؤلات أخرى حول إمكانيّة لعب هذه الورقة على غرار المراحل السابقة، مع التذكير بعامل آخر يتمثّل بتوجيه جنبلاط انتقادات أو عتب إلى السيّد حسن نصرالله على موقفه الداعم للنظام السوري في خطابه الأخير من دون أن يسمّيه، ما يعني أنّ الحروب الجنبلاطية في المرحلة المقبلة كثيرة وكبيرة على غير محور وصعيد، إنّما يبقى قانون الانتخاب العنوان الأبرز للمعركة الجنبلاطية القادمة.
 
سوريا في قبضة الثوّار ليلاً
الجمهورية...جورج سولاج
لا الجيش السوري حسم ميدانيّاً، ولا "الجيش الحر" انهزم نهائيّاً.
لا السلطة ربحت، ولا الثورة انكفأت.
لا الإصلاحات أثمرت، ولا المؤتمرات والضغوط الخارجية أفلحت.
والسلطة "على الأرض في سوريا اليوم، أصبحت عمليّاً سلطتين، واحدة نهاريّة وثانية ليليّة.
فقِوى النظام تسيطر على المساحة الأكبر من المدن السوريّة خلال النهار، بينما قوى المعارضة المسلّحة تسيطر عليها وعلى القرى المحيطة بها خلال الليل بلا منازع، حيث ينتشر المسلّحون في الأحياء والأزقّة، ويقيمون الحواجز ويدقّقون في هويّات المارّة، فيما تنكفئ القوى النظامية إلى خلف متاريسها وتكتفي بإقامة الحواجز على الطرق الرئيسية التي تربط بين المدن الرئيسية بعيداً من الأماكن المأهولة، ما يعني أنّ أكثر من نصف مساحة سوريا هو في قبضة الثوّار والأهالي، عمليّاً بعد مغيب الشمس.
في ظلّ هذه المعادلة، يدور البحث عن حلّ سياسيّ لا يبدو متاحاً في المرحلة الراهنة، خصوصاً بعدما تحوّل النزاع في سوريا إلى مواجهات عسكرية ضارية، فكيف يمكن حلّه في شكل غير عسكريّ ما دام أطرافه يحتكمون إلى القتال حتى الموت؟
وهذا ما يؤشّر إلى أنّ مهمّة المبعوث الدولي كوفي أنان لن تصل إلى نهاية سعيدة.
إنّ جزءاً أساسيّاً من المشكلة يكمن في أنّ النظام السوري ما زال يعتقد أنّ في استطاعته أن ينتصر ويعيد توازنه السياسي بعدما خسر على المستويين السياسي والاقتصادي منذ مدة طويلة. فالاقتصاد السوريّ يتراجع إلى مستويات مقلقة جدّاً، ولا يبدو أنّ هناك عودة في الأفق إلى الوضع العادي الذي كانت تعرفه سوريا قبل انطلاق الاحتجاجات، وخصوصاً على صعيدي الأمن والاستقرار.
كذلك باتت المعارضة على قناعة في أنّ الاحتجاجات السلمية لن تحرّك حتى "مشاعر النظام"، ولا بدّ بالتالي من التسلّح الكثيف والمنظَّم بهدف خلق توازن عسكريّ، يفرض واقعاً جديداً على الأرض، ويمهّد لحلّ سياسيّ ينتج تغييراً في النظام، بعدما أيقن أن لا تدخّل عسكريّاً من الخارج للتغيير.
في مقابل هذا الواقع، وعلى رغم كلّ بيانات الدعم لمقترحاته، فإنّ أنان محاصَر بشروط وتفاصيل من كلّ المعنيّين، بما لا يسمح بالتفاؤل في نجاحه.
فالحكومة السوريّة تكسب الوقت في المماطلة والوقوف عند أدنى التفاصيل. فتعترض مثلاً، حتى في الجانب التقنيّ، على وجود بعض كبار الدبلوماسيّين مع أنان وفي مقدّمهم المندوب السابق لفلسطين في الأمم المتّحدة ناصر القدوة (نائب أنان) والفرنسي جان – ماري غواينو الذي عمل سابقاً في مجال تأمين العمليّات العسكرية لحفظ السلام.
والدول الغربية والعربية التي وقفت خلف قرار مجلس الأمن الدولي تكليف أنان، تحاصره في الوقت عينه، إذ إنّها تطالبه وتشترط عليه التزام مهلة زمنية محدّدة بثلاثة أسابيع للتسوية، على رغم أنّ بيان مجلس الأمن في 21 آذار الماضي خلا من المهلة بطلب من روسيا، إلّا أنّ هذا القيد ما زال موجوداً من الناحية العملية.
في النتيجة، فقدت السلطة والمعارضة إمكانية الحوار المشترك بينهما، وها هما يتّجهان نحو إضاعة الفرصة الأخيرة لحلّ الأزمة بشكل سلميّ.

المصدر: مصادر مختلفة

على الولايات المتحدة منع قيام حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله..

 الأربعاء 25 أيلول 2024 - 12:53 م

على الولايات المتحدة منع قيام حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله.. في الأسبوع الماضي، وبعد أحد عشر ش… تتمة »

عدد الزيارات: 171,653,185

عدد الزوار: 7,640,824

المتواجدون الآن: 0