تقارير...في الذكرى الـ 63 لتسليم المثلّث الفلسطيني لإسرائيل..هل تعود «الإمبراطورية» العثمانية من بوّابة تركيا؟..حزب الله مستاء من فضح واشنطن أنشطته وبحوزته أربعة سيناريوات للرد

من طهران إلى بيروت: هلال إيراني بلباس شيعي...سيناريو «برقة»: «الكيانات المستقلّة» على الحدود العربية - الإفريقية

تاريخ الإضافة الخميس 5 نيسان 2012 - 6:01 ص    عدد الزيارات 2318    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

من طهران إلى بيروت: هلال إيراني بلباس شيعي
عندما لا يتردّد القادة الإيرانيّون في إبداء الدعم المطلق للنظام السوري، وعندما يسترسل السيّد حسن نصرالله في التماهي مع النظام...
الجمهورية..أسعد بشارة
وعندما تخرج كلّ الأطياف العراقية الشعبية، بدءاً من مقتدى الصدر، وصولاً إلى نوري المالكي عن صمتها مؤازرة للأسد، وعندما تخاطر المعارضة البحرينية في القول بأنّ ما يجري في سوريا ليس بثورة، فإنّ هذه الأطراف مجتمعة من المركز في طهران إلى الحلفاء في بيروت وبغداد، لا يفترض بهم ذلك على الرغم من أنّ الحزب يعترف بأنّ الشعب السوري الذي ثار على النظام لم يكن حتّى قبل لحظات من اندلاع الثورة أقلّ حشداً للمقاومة من النظام، فإنّ في مواقف المالكي ما يثير الكثير من علامات الاستفهام حول ارتباطها ببعد مذهبيّ أكيد طغت عليه كلّ الاعتبارات السابقة التي حدت بالمالكي بعد تفجيرات بغداد الشهيرة إلى اتّهام نظام دمشق بإرسال التكفيريّين بالسيّارات المفخّخة لضرب استقرار العراق، فماذا تغيّر اليوم كي يعود المالكي الى دعم هذا النظام، وماذا طلبت طهران منه لكي تدفعه الى النزول بشكل سافر الى تحالف الابعاد المذهبية، وهل إنّ المالكي الذي يعمل على اجتثاث حزب البعث السنّي في العراق بات يؤيّد حزب البعث العلوي في سوريا، وأيّ مفارقة تلك التي تجعل من ضحايا البعث العراقي حلفاء للبعث السوري، ومن الآتين الى حكم العراق بقوّة الجيش الاميركي الى معارضين للتدخّل العسكري الدولي، حماية لتوأم نظام صدّام في دمشق.
الأوضح في هذا المشهد أنّ القوى السياسية التي تمثّل الشيعة العرب، سواءٌ في العراق أو لبنان قد قرّرت النزوع الى تجريب ما سبق لأقلّيات أن مارسته تاريخيّاً، عندما ربطت حضورها ووجودها بمركز ثقل إقليميّ أو دوليّ تسلس له القيادة وتستمدّ منه الحماية، وهي تجربة طالما ثبت أنّ نتائجها لم تكن سوى المزيد من اللعب بمرتكزات وجود جماعات الأقلّية واطمئنانها وقدرتها على الاندماج والتفاؤل مع أكثرية ستبقى أكثرية.
وإذا ما تمّ استعراض ملابسات نشوء الهلال الجديد، فإنّ أقرب وصف للطامحين لتحقيقه، لا يبتعد عن رؤية مجرّد مسعى دؤوب لفتح طريق سالك من طهران الى بغداد ودمشق الى بيروت، يترجم على شكل تزاوج بين أحلام فارسية توسّعية قديمة مقنّعة بلباس شيعي، ويقظة موصومة لبعض الشيعة العرب ترتقي إلى مستوى تصحيح غبن تاريخيّ وتتطلّع الى توازن جديد لا تستند عناصر قوّته على الإمكانات الذاتية.
ولا تكمن خطورة نهج بعض الشيعة العرب فقط في الاندفاع الى التمسّك بوهم المشاركة في صناعة الهلال المسمّى شيعيّاً في أنّ هؤلاء يفقدون الكثير من إشعاعهم وحضورهم العربي، بسبب اضطرارهم للالتحاق بما هو خارج عن حدود واقعهم وتاريخهم، بل تتّصل بسوء الرؤية الذي يواكب هذا الالتحاق بدءاً من ممثّلي الديموقراطية العرجاء في العراق التي تقلّد نموذجاً (حكّام إيران) هو الأبعد عن تاريخ من تمثّل عراقيّاً وشيعيّاً، مروراً بممثّلي عنوان المقاومة في لبنان الذين يغامرون بتحويل هذا العنوان الى مجرّد اختباء خلف يافطة مذهبية ستجد نفسها بحكم التطوّرات المتسارعة للتغيير في العالم العربي في حالة حصار مُحكَم.
 
 
هل تعود «الإمبراطورية» العثمانية من بوّابة تركيا؟
تشكّل المنطقة الجغرافيّة المحيطة بمركز المؤتمرات، مكانِ انعقاد مؤتمر «أصدقاء سوريا» والواقعةِ ما بين ميدان تقسيم وشارع الاستقلال وحيّ الحربية الراقي في وسط العاصمة اسطنبول، نقطةَ لقاء العالم في السياسة والسياحة والتجارة.
اسطنبول - الجمهورية
 وهذه المنطقة تعكس طريقة تفكير الخارجية التركية حيال الشعب السوري الذي ما زالت تشكّل السند القويّ له، بعد شعور بعض من شارك في المؤتمر من المعارضين السوريّين بتردّد المجتمع الدولي بالسير في خطوات عملية دعماً للثورة السورية، فيما تركيا "العدالة والتنمية"، وتحت تسميات تأمين الحرّية والكرامة، تسعى من البوّابة السوريّة إلى التمدّد نحو العالم العربي في محاولة لإعادة المجد العثماني الأمبراطوري التاريخي.
وقد استحقّت تركيا عن جدارة هذا الدور الرائد كما يقول أحد المشاركين لحظة خروجه من المؤتمر، ليكشف لـ"الجمهورية" أنّ "تركيا قدّمت حلولاً كبيرة وضخمة للمعارضين، من وجود أكثر من 15 ألف نازح في مخيّمات شرعية على حساب الحكومة التركية، إلى التسهيلات الاجتماعية مثل منح بعض المعارضين جوازات سفر تركيّة لكسر ضغط النظام عنهم، كما أنّ أغلب السوريّين لا يحملون أوراق ثبوتية، وعلى رغم ذلك تستضيفهم السلطات التركية وتقدّم لهم كلّ الدعم".
بالنسبة إلى المعارضة، تشير كلّ الأجواء إلى أنّ الامور محسومة وجاهزة، فالمؤتمر الذي لم يستغرق عقده أكثر من 6 ساعات كان معدّاً سلفاً بقراراته برعاية تركيّة كاملة، حيث كشف أحد أعضاء المكتب التنفيذي في المجلس الوطني لـ"الجمهورية" أنّ "الغرب أرخى عمليّا بثقل الهمّ السوري فوق أكتاف تركيا وحدها، فيما حرصت بقيّة الدول على إسداء النصائح وإعطاء التوجيهات تحديداً وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كيلنتون، بأنّ على المجلس الوطني أن يتوحّد في سبيل تحقيق أهداف الشعب السوري بالحرّية والديموقراطية".
ولفت المصدر نفسه إلى أنّ تساؤلات عدّة طرحت في كواليس المؤتمر بين أطياف المعارضة السوريّة والدول المشاركة وتحديداً أميركا و فرنسا، أبرزها: ماذا عن مبادرة سحب السفراء؟ ماذا عن تسليح الجيش السوري الحرّ بعد نكسة بابا عمرو؟ ماذا عن شعار المعارضة رفضها مبادرة كوفي أنان وتمسّكها بأنّ باب الحلّ لن يأتي إلّا عبر تنحّي الأسد وإسقاط نظامه بعد 40 عاماً من القهر؟ لكنّ هذه التساؤلات لم تلقَ تجاوباً. فتمسّكت واشنطن وباريس بضرورة توحيد المعارضة أوّلاً لتقدّم لها لاحقاً الدعم المطلوب.
بكلّ اختصار، أسئلة مُلحّة كثيرة لم تحصد سوى استنتاج واحد عند بعض المشاركين في المؤتمر، وهو تخلّي المجتمع الدولي عن مسؤوليّاته مقابل إعطاء المعارضة الدعم المعنوي لتتكفّل منفردة في مواجهة آلة القتل والموت، مع محاولة هذا المجتمع دفع تركيّا من جهة والسعودية - قطر من جهة أخرى إلى الواجهة.
من جهته، تحدّث أحد أعضاء المجلس الوطني في سياق حديثه لـ"الجمهورية" عن "مقارنة بسيطة مفادُها أنّ حلف الناتو أمّن لثوّار ليبيا شبكة اتّصالات جرى تشغيلها من البحر وأسلحة متطوّرة على الأرض مباشرة، فيما ثوّار سوريا يستخدمون طلقة ناريّة قد يصل ثمنها إلى 6 دولارات ولا يستطيعون التواصل إلّا عبر "سكايب"، ولو كان النظام قادراً على مراقبته لأصبح كلّ الشعب السوري في المقابر أو في السجون. لكنّ الخوف يلاحق أعضاء المجلس الوطني في الخارج، حيث لوحظ مسارعة البعض إلى وضع هاتفه الجوّال خارج الخدمة أو التوقّف عن استخدام برنامج (سكايب) على الإنترنت، وهي نافذة الثورة الوحيدة من داخل سوريا إلى العالم بعيداً عن عيون أمن النظام.
وكشف المصدر نفسه أنّ "الجيش الحرّ سيسعى في المرحلة المقبلة وخلال شهر على أبعد تقدير إلى تحقيق إنجازات على الأرض مباشرة، طالما أنّ سياسة الاتّكال على الغرب والسقف السياسي العالي الذي انتهجه المجلس الوطني أثبتا فشلهما، كما أنّ التراجع ليس خياراً مطروحاً أمامه، طالما أنّ نظام الأسد وأجهزته الأمنية يقفون في المرصاد للشعب السوري على رغم مبادرة كوفي أنان التي ليست سوى مضيعة للوقت".
ويعزو المصدر سبب التراخي الغربي والعربي إلى الخوف من تنظيم القاعدة، مضيفاً: "الجميع يعرف أنّ سوريا الآن ساحة متفلتة ويستطيع أيّ تنظيم استخدامها، كما استُخدم نظام "القاعدة" في العراق، وعليه يقول المنطق إنّ الاعتراف بالجيش الحرّ يقطع الطريق أمام الهواجس، لجهة تغلغل "القاعدة" في الساحة السوريّة"، متسائلاً: "هل المطلوب ترك سوريا لتنظيم القاعدة؟"
انفضّ عمليّا مؤتمر اسطنبول لأصدقاء سوريا على أهمّ قرارين كان ينتظرهما المجلس الوطني لمواجهة المرحلة الصعبة، هما:
- أوّلاً، الاعتراف بـ «المجلس الوطني السوري» ممثّلاً شرعيّاً للسوريّين، هذا المجلس التي أثمرت الجهود الدولية والتركية والعربية بتوحيد كلّ الفصائل ضمن إطاره كمرجعية للشعب السوري.
- ثانياً، إقرار صندوق دعم ماليّ افتتحته وزيرة الخارجية الاميركية بـ 25 مليون، كما تتكفّل أربع دول خليجية بتأمين رواتب أفراد "الجيش السوري الحر".
 
«اللواء» تنشر إحدى الشهادات أمام لجنة الأمن القومي عن «تهديد الأمن الداخلي للولايات المتحدة»:
حزب الله مستاء من فضح واشنطن أنشطته وبحوزته أربعة سيناريوات للرد
«اللواء» - خاص: تظهر مراكز دراسات الابحاث الاميركية اهتماما مطردا بمقاربة ما سيكون عليه موقف «حزب الله» في حال عمدت اسرائيل الى توجيه ضربة الى ايران على خلفية ملفها النووي، مع تزايد التسريبات الاسرائيلية اللاحقة لزيارة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الى واشنطن، والتي تتحدث عن عملية عسكرية حدها الاقصى بداية السنة المقبلة.
يعتبر معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى احد اكثر مراكز الدراسات متابعة لهذه المسألة، مع الاخذ في الاعتبار التصاق هذا المركز باللوبي اليهودي- الصهيوني في الولايات المتحدة.
آخر منشورات المركز واحدة بعنوان «إيران وحزب الله وتهديد الأمن الداخلي للولايات المتحدة»، نشرها المركز وهي عبارة عن شهادة القاها الدكتور ماثيو ليفيت أمام لجنة الأمن القومي في مجلس النواب، تنشر «اللواء» ابرز ما ورد فيها مع الاشارة الى ان ليفيت هو مدير برنامج شتاين للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في المعهد ومؤلف الكتاب الذي سيصدر قريباً وعنوانه «حزب الله : الأثر العالمي الواضح لـ ««لحزب» اللبناني».
يقول ليفيت: «رداً على المحاولة الإيرانية الفاشلة لاغتيال السفير السعودي في واشنطن ذكر مدير «الاستخبارات الوطنية» الاميركية جيمس كلابر الابن أن «بعض المسؤولين الإيرانيين - ومنهم على الأرجح المرشد الأعلى علي خامنئي - قد غيروا حساباتهم ويرغبون الآن في تنفيذ هجوم في الولايات المتحدة رداً على الإجراءات الأميركية الفعلية أو المتصورة التي تهدد النظام». وقد تم تنفيذ ذلك المخطط غير المسبوق مباشرة بواسطة «قوة القدس» التابعة لـ «فيلق الحرس الثوري الإسلامي». غير أن بإمكان «حزب الله» اللبناني أن يشكل الآن أيضاً تهديداً للأمن الداخلي للولايات المتحدة فيما لو تعرضت مصالحه حالياً لأخطار متزايدة.
تخطيط الطوارئ لعمليات أميركية
يضيف: «في الماضي استهدف «حزب الله» المصالح الأميركية في الخارج، بما في ذلك اختطاف الطائرات وتفجيرات بيروت عام 1983 وتفجير «أبراج الخبر» في السعودية عام 1996. وفي 2002 أبلغ مكتب التحقيقات الفيدرالي الكونغرس الأميركي أنه في حين أن الجماعة لم تقم قط بهجوم إرهابي على الأراضي الاميركية إلا أن «ثمة عناصر من «حزب الله» يقال إنها كانت مكلفة بمراقبة أهداف محتملة في الولايات المتحدة». وأيَّاً كان غرض هذه المراقبة فقد «استمرت تحقيقات مكتب التحقيقات الفيدرالي حتى الآن لتشير إلى أن الكثير من أتباع «حزب الله» الموجودين في الولايات المتحدة لديهم القدرة على القيام بهجمات إرهابية هنا متى شاؤوا».
تصور تهديد حزب الله
ويتابع: «يتخذ «حزب الله» قراراته بنفسه أي أنه حتى لو طلبت منه إيران الهجوم على الولايات المتحدة فإنه لن يفعل ذلك تلقائياً. ولكونه متخندقاً في السياسات المحلية اللبنانية فلديه الكثير ليفقده اليوم أكثر مما كان عندما استهدف المصالح الاميركية في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي. وهذا يعني أن ثمة سبباً يدعو للقلق وهو أن «حزب الله» يمكن أن يقرر تنفيذ هجمات على الأراضي الاميركية وخصوصا لو اعتقد أن واشنطن تستهدف مباشرة مصالحه أو بالأحرى تقوضها. ويستاء «حزب الله» بالفعل من فضح الولايات المتحدة لأنشطته في آسيا وأفريقيا وشمال اميركا وجنوبها. ففي العام الماضي على سبيل المثال وصمت وزارة الخزانة الاميركية «المصرف اللبناني الكندي» بغسيل أموال المخدرات وتسهيل مخططات غسل الأموال المبني على التجارة لمصلحة «حزب الله». والأهم من ذلك هو أن المحكمة الدولية التي تحقق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري قد أدانت أربعة أعضاء من «حزب الله» مما استحث قلقاً عظيماً بين قادة الجماعة ودفعهم إلى رفض المحكمة علناً باعتبارها مشروعاً اميركياً وإسرائيلياً. ويعتقد «حزب الله» أيضاً أن واشنطن تقف وراء الاضطرابات في سوريا، الأمر الذي يهدد بإسقاط أحد أهم المتبرعين لهذه الجماعة والقناة التي يتم من خلالها نقل الدعم الإيراني المادي والمالي لـ «حزب الله» في لبنان. وعلاوة على ذلك فإنه في حالة وقوع هجوم على البرنامج النووي الإيراني، يكاد يكون من المؤكد أن شبكات «حزب الله» في جميع أنحاء العالم ستُدعى لتنفيذ هجمات إرهابية».
أربعة سيناريوات للتهديد
ويرى الباحث انه «في ضوء تصور «حزب الله» أن الولايات المتحدة تعمل بقوة على استهدافه هو وحلفاؤه، ينبغي على واشنطن أن تفكر في الكيفية التي ربما تسلك بها الجماعة سبيلاً للهجوم داخل الولايات المتحدة. وثمة أربع طرق رئيسية يمكن أن يستخدم فيها «حزب الله» المتعاطفين السلبيين و/أو الشبكات النشطة لدعم مثل هذه العملية:
1.استخدام نشطاء موجودين بالفعل في الولايات المتحدة. وفقاً لتقرير «مكتب التحقيقات الفيدرالي» من عام 1994 فإنه «لو تم اتخاذ قرار للضرب داخل الحدود الاميركية فإن لدى «حزب الله» البنية التحتية المتوفرة لدعم أو تنفيذ عمل إرهابي. وهناك أعضاء معينون في «حزب الله» في الولايات المتحدة قد تلقوا تدريبات شبه عسكرية بما في ذلك التدريب على المتفجرات والأسلحة النارية». وقد ظهر العديد من هذا النوع من النشطاء على مر السنين. على سبيل المثال في 4 شباط2001 تم تهريب محمود كوراني عبر الحدود الاميركية المكسيكية في حُجيرة مخفية في سيارة. وتشير وثائق المحكمة إلى أنه لم يكن فقط «عضواً ومقاتلاً ومجنداً وجامعاً تبرعات» لـ «حزب الله» بل أيضاً كان شقيق رئيس الأمن العسكري للجماعة في جنوب لبنان. وقبل أن يستقر في مدينة ديربورن بولاية مشيغان وما تردد عن جمعه 40 ألف دولار للجماعة فقد تلقى «تدريباً متخصصاً على الأصولية الشيعية الراديكالية والأسلحة وفنون التجسس والاستخبارات المضادة في لبنان وإيران». وفي عام 2005 أُدين بالتآمر لدعم منظمة إرهابية.
2.استيراد نشطاء محترفين. يمكن «حزب الله» أيضاً أن يجلب من الخارج عناصر يكلفها بتنفيذ هجوم محدد في الولايات المتحدة باستخدام المتعاطفين والنشطاء المحليين لغرض وظائف الدعم فقط وتلك هي طريقة العمل التقليدية الخاصة بالجماعة والتي وظفتها في الأرجنتين عامي 1992 و1994 وفي تايلاند عام 1994 ومؤخراً في أذربيجان وتركيا وتايلاند وغيرها. ولننظر إلى حالة فوزي أيوب الذي أصبح مواطناً كندياً وتزوج من إمرأة من منطقة ديترويت وله عنوان في ولاية مشيغان فإنه وفقاً لمسؤولين إسرائيليين فقد «بقي على اتصال مع كبار مسؤولي «حزب الله» ونفذ بعض العمليات» في كندا بعدما هاجر إلى هناك في عام 1988 ثم دخل إسرائيل من طريق البحر باستخدام جواز سفر اميركي مزور وتم اعتقاله هناك في منتصف عام 2002. ورداً على سؤال من قبل قاض إسرائيلي بعد إلقاء القبض عليه حول إذا ما كان قد أخبر السلطات الكندية في أي وقت عن تهمه الإرهابية السابقة (ومن بينها إدانته في منتصف الثمانينيات لدوره في مخطط اختطاف طائرة)، أجاب أيوب: «لم يسألوني قط».
الجوازات
وتمثل قدرة «حزب الله» القديمة على جلب جوازات سفر مزورة شديدة الإتقان قلقاً خاصاً بالنظر إلى تاريخ الجماعة في تسلل نشطائها إلى داخل الدول المستهدفة فقط قبل وقوع هجوم. ووفقاً لتقرير «مكتب التحقيقات الفيدرالي» من عام 1994 المذكور آنفاً فإنه «في جهد مستمر لجلب المزيد من الأعضاء إلى الولايات المتحدة يُغير «حزب الله» أيضاً أو يسرق وثائق سفر وجوازات سفر وتأشيرات دخول. وفي إحدى هذه العمليات قدم أعضاء «حزب الله» إلى إحدى السفارات الاميركية طلبات تأشيرات مزورة وجوازات سفر تم استبدال الصور الشخصية فيها. وقد نجح ثمانية عشر فرداً في الحصول على جوازات سفر بهذه الطريقة». غير أن التحسينات الأمنية التي جرت في الأعوام التي تلت ذلك قد خففت بعض المخاوف - وبالتأكيد ليس جميعها - فيما يخص قدرات الجماعة في هذا الصدد.
3.روابط النفوذ الإجرامي. في ضوء التدابير التي طبقتها الوكالات الأمنية والاستخباراتية الغربية بعد هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر أصبح الآن أكثر صعوبة تنفيذ هجمات إرهابية بوجه عام وفي الدول الغربية المتطورة بشكل خاص. وقد حاول «حزب الله» مواجهة هذا الواقع العملياتي بصورة جزئية عن طريق الوصول إلى شبكات إجرامية محلية في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك. وعلى مدار السنوات العديدة الماضية كشفت سلسلة من التحقيقات عن طائفة واسعة من أنشطة «حزب الله» الإجرامية في الاميركيتين بدءاً من تهريب الأسلحة وتسوير بضائع مسروقة وحتى الاتجار بالمخدرات وغسل الأموال. ويمكن للجماعة أن تستغل تلك العلاقات لأغراض عملياتية أيضاً.
4.التطرف العنيف الناشئ داخلياً. أخيراً يستطيع المتعاطفون أو غيرهم من الأفراد الذين لا روابط رسمية لهم بـ «حزب الله» أن يقرروا تنفيذ أعمال إرهابية بصورة منفردة تضامناً مع الجماعة و/أو إيران. إن اتجاه التطرف الناشئ في الداخل والذي كان حتى الآن مقصوراً على المتطرفين السنة العنيفين يمكن أن يتجلى بين المتطرفين الشيعة في حالة المواجهة المباشرة مع «حزب الله» أو إيران».
تدابير استباقية
ويشير ليفيت الى ان «وكالات تطبيق القوانين والهيئات الاستخباراتية الاميركية تتخذ بالفعل تدابير استباقية لمواجهة جميع السيناريوهات المذكورة سابقاً وسوف تستفيد من الإرشادات المعدلة حديثاً مما يسمح لـ «المركز الوطني لمكافحة الإرهاب» بالوصول إلى بيانات الهيئات الفيدرالية الأخرى وتحليلها بفاعلية أكبر. وقد نشأ التعديل بسبب عدم التواصل الكامل بين المعلومات وقواعد البيانات لمختلف الهيئات قبل مخطط «تفجير الملابس الداخلية» في عيد الميلاد عام 2009. ولدى مسؤولي مكافحة الإرهاب الاميركيين الآن السلطة التي يحتاجون إليها لفحص وتبادل قواعد بيانات طالبي التأشيرات واللاجئين والطلاب الأجانب والمسافرين الدوليين وغيرهم بحثاً عن علامات على تحرك نشطاء من «حزب الله» معروف عنهم أنهم في البلاد أو آخرين ربما يحاولون الدخول أو عناصر إجرامية لها روابط بالجماعة أو المتطرفين المتعاطفين معهم أو من تطرفوا من تلقاء أنفسهم».
ويلفت الى ان «إمكانية هجوم «حزب الله» على اميركا في حال شن هجوم على إيران هي بالتأكيد ليست استنتاجاً سابقاً لأوانه. فمن المرجح جداً أن تستهدف الجماعة مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في الأماكن التي لا تُطبق فيها تدابير مكافحة الإرهاب بقوة كما كانت عليه على مدى السنوات القليلة الماضية. ومثله مثل إيران يُفضل «حزب الله» أن ينفذ هجمات من النوع الذي يمكّنه أن يراوغ بإنكار المسؤولية عنها إيماناً منه بأن تنفيذ مثل هذا المخطط على أراضي الولايات المتحدة سوف يضعه مباشرة في بؤرة اهتمام اميركا وهو ما ظلت الجماعة تتجنبه بحذر منذ أحداث الحادي عشر من أيلول. وهذا يعني أنه لو قرر قادة «حزب الله» أن الهجوم على أراضي الولايات المتحدة يصب في مصلحتهم فإن لديهم بالفعل المقدرة على تنفيذه».
 
سيناريو «برقة»: «الكيانات المستقلّة» على الحدود العربية - الإفريقية
جريدة اللواء..د. خالد حنفي علي*
أثار إعلان زعماء ليبيين منطقة «برقة» شرقي ليبيا إقليميا اتحاديا فيدراليا، يتمتع بحكم ذاتي، مخاوف من أن ثمة قابلية لظهور سيناريو «الكيانات المستقلة» على خط الحدود العربية – الإفريقية التي تعاني دولها من فجوات تنموية وسياسية واجتماعية بين الأقاليم. وبرغم أن الموقعين على إعلان برقة أكدوا تمسكهم بوحدة الدولة، إلا أنهم اعتمدوا دستور الاستقلال الصادر في 1951 عندما كانت ليبيا مملكة اتحادية تتألف من ثلاث ولايات هي طرابلس وبرقة وفزان ويتمتع كل منها بالحكم الذاتي، وهو ما اعتبره البعض يطرح احتمالات لتحقق سيناريو التقسيم في ليبيا بعد الإطاحة بالقذافي.
على أن إعلان «برقة»، لن تقتصر تفاعلاته على الداخل الليبي الذي أعلن رئيس المجلس الوطني الانتقالي رفضه لهذا الإعلان واعتبره محاولة لتفتيت الدولة، وإنما ستمتد آثار الإعلان إلى الجوار العربي الأفريقي، لا سيما في ضوء معطيات جديدة، أبرزها إسقاط الأنظمة الديكتاتورية (مصر، تونس، ليبيا، اليمن)، وتقوية نفوذ التكوينات الإثنية والقبلية (الطوارق، الأمازيغ) في مواجهة دولها، وزيادة قوة التنظيمات الدينية العابرة للحدود (القاعدة)، وتغيّر طبيعة التدخل الدولي في افريقيا، خاصة في الحالة الليبية، فضلا عن تفكك السودان إلى دولتين في استفتاء يناير 2011 الذي سبق ربيع الثورات العربية.
إن مآلات تلك المعطيات قد تصب لصالح سيناريو «الدويلة» أو «الكيانات المستقلة»، أو حتى جماعات مسلحة متنفذة تسيطر على منطقة ما. فالتفكيك قد يتخذ أشكالا ودرجات مختلفة، مستغلا حالة الهشاشة في دول المنطقة التي فشلت في صناعة دولة قومية في مرحلة ما بعد الاستقلال قابلة للبقاء، موحدة على أسس ديمقراطية.
وما يجعل سيناريو «الكيانات المستقلة»، بدرجاته المختلفة، محتملا أن الثورات العربية عمقت معادلة سياسية جديدة في الخط العربي - الإفريقي، قوامها «مجتمعات أكثر قوة، وربما شراسة في فعلها السياسي من أنظمتها ودولها». إذ إن سقوط أعتى الأنظمة السياسية التي اعتمدت الأداة الأمنية لتكريس استقرارها، كمصر وتونس، جاء على يد مجتمعات دأب المحللون في المنطقة على وصفها بأنها رخوة وسائلة وتكيفت مع آليات التسلط، فإذا بهم يفاجأون أن المجتمعات تملك فائضا من «الفعل السياسي»، قد لا تتحمله دولها جراء عمليات القهر. ومن هنا، فإن تلك المعادلة يمكن أن تتسرب بفعل العدوى إلى الجوار الإفريقي الذي يملك بيئة مهيأة أكثر لجهتي تنامي قوة المجتمع، وتراجع الدولة، بل واحتمال تفككها.
ولا يعني السيناريو المحتمل لـ «الدويلة» أو الكيانات المستقلة بالضرورة اليقين بتحقق النظرية  الشهيرة حول تقسيم العالم العربي، والتي طرحها برنارد لويس، على اعتبار أن الدول أقل تجانسا، وأنه يمكن تفتيتها إلى كيانات مجتمعية طائفية ودينية، إنما هنالك دائما شروط وقابلية مجتمعية إن تحققتا، تحول السيناريو من الكمون إلى الظهور والنضج، حتى لو استغرق ذلك عقودا، كالحال في جنوب السودان الذي تمرد على الحكومة المركزية منذ عام 1955، واستقل في عام 2011. أي أن الانفصال استغرق أكثر من خمسة عقود تفاعلت فيه عوامل عدة لتحققه، تراوحت ما بين السياسات الحكومية المركزية الخاطئة التي أسهمت في تهميش الجنوبيين تنمويا وسياسيا، وعوامل دولية وإقليمية ساندت الحق في تقرير مصير الجنوبيين ودفعهم نحو تفكيك السودان إلى دولتين، وربما في وقت لاحق إلى ثلاث، إذا ما حذت دارفور حذو الجنوب.
إن السطور القادمة تنطوي على محاولة لفهم معطيات بدأت تلوح على الخط العربي - الإفريقي، إثر الثورات العربية، وما إذا كانت يمكن أن تصب في سيناريو «الدويلة « أو «الكيانات المستقلة» أو الجماعات التي تسيطر على مناطق جغرافية، دون إيلاء أي اعتبار للدولة المركزية.
أولاً - معطيات عربية إفريقية جديدة:
لا يمكن عزل الجوار الإفريقي عن تأثيرات الثورات العربية، لا سيما أن الحالة الليبية التي تمثل أحد أبرز خطوط التماس في العلاقات العربية - الإفريقية شهدت تناميا للعامل الخارجي، عبر تدخل الناتو والولايات المتحدة لدعم الثوار عسكريا في مواجهة القذافي، مما سيخلف تأثيرات ستتجاوز الحدود الليبية، سواء باتجاه شمال إفريقيا أو إلى وسط القارة، وذلك على عكس حالتي مصر وتونس اللتين تقزم فيهما العامل الخارجي، وإن كانت النظم التي ستنتجها الثورات في البلدين ستلعب دورا في التأثير في الجوار الإفريقي. كما أن الثورة في اليمن، تتماس مع الصومال وإريتريا، وستكون لها تداعيات على منطقة البحر الأحمر. ولعل أبرز المعطيات التي خلفتها الثورات العربية على الجوار الإفريقي، هي:
1 - التدخل العسكري الدولي في ليبيا، حيث إن هذا التدخل، بقرار أممي تحت عنوان حماية المدنيين من قصف كتائب القذافي، حمل دلالة رئيسية تتمثل في أنه الاختبار الميداني الأول، سواء للناتو أو لـ «قيادة القوات الأميركية في إفريقيا» (أفريكوم) في منطقة عربية إفريقية، مما ولد مخاوف لدى الجوار الإفريقي من أن ذلك قد يمهد للتدخل في أي شأن إفريقي مستقبلا، تحت مسميات عدة لتحقيق المصالح الأوروبية والأميركية في القارة، خاصة ما يتعلق بخطوط النفط والغاز الإفريقي الممتدة من ليبيا إلى تشاد، ثم الكاميرون ونيجيريا، أو احتواء التنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء.
الدلالة الأخرى الأكثر أهمية أن التدخل العسكري الدولي قد يعمق من خطر تقسيم ليبيا إلى ثلاث دويلات في الغرب والجنوب والشرق، لاسيما مع وجود رفض في بعض المناطق لهذا التدخل.
2 - تقوية تنظيم القاعدة، إذ إن الثورتين الليبية واليمنية قد تمثلان بيئة خصبة تتصاعد فيها قوة التنظيمات المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي أو في القرن الإفريقي، وذلك الأمر يبدو من عدة مؤشرات يتصدرها فرار أعداد كبيرة من السلفيين الجهاديين من سجون في ليبيا وتونس، فضلا عن تسرب أسلحة من ليبيا باتجاه النيجر ثم شمال مالي، وهو ما يصب في تقوية الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة في منطقة الساحل والصحراء.
وإلى جهة القرن الإفريقي، فإن هناك تبادلا للدعم بين حركة شباب المجاهدين في الصومال وتنظيم القاعدة في اليمن الذي استفاد من إضعاف الثورة للنظام اليمني بسيطرته على بعض المناطق كزنجبار وأبين، علاوة على وجود تقارير تتحدث عن نقل مقاتلين من الصومال إلى اليمن، وهو ما يعني أن ثمة «تلاقيا قاعديا» في البحر الأحمر، قد يهدد مصالح القوى الدولية نفسها، فضلا عن المصالح العربية - الإفريقية في هذه المنطقة الحيوية.
هذا المشهد التشابكي للقاعدة المترافق مع إضعاف الثورات للأنظمة في آن واحد في شمال إفريقيا يغذي من طموحاتها في أن تكون كياناً مستقلا ًيسيطر على منطقة شاسعة في شمال مالي والنيجر والجزائر وموريتانيا. ولعل إرهاصات هذا المشهد دفع وزراء خارجية مالي والنيجر وموريتانيا والجزائر إلى الاتفاق في 20 مايو 2011 على تشكيل قوة مشتركة، يصل قوامها إلى 75 ألف جندي، لمحاربة تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، وتأمين منطقة الساحل والصحراء.
3 - المرتزقة الأفارقة والطوارق، إذ إن مصطلح المرتزقة الأفارقة برز بقوة في الحالة الليبية، حيث اتهم الثوار نظام القذافي بالاعتماد على جنود مرتزقة يحاربون في صفوف كتائبه الأمنية. بيد أن الأمر لا يتعلق فقط بمرتزقة تكرر دورهم في مناطق الصراعات في إفريقيا، لكن اللافت للانتباه أن القسم الأكبر من المرتزقة في ليبيا من قبائل الطوارق الرحل وهم منتشرون بين ليبيا والجزائر ومالي والنيجر وتشاد وبوركينافاسو.
ومن أبرز تداعيات الثورة الليبية على الجوار الأفريقي، عودة المقاتلين الطوارق إلى شمال مالي، الأمر الذي ساهم في تأجيج الصراع المسلح بين الحكومة والحركة الوطنية لتحرير أزواد والتي ارتفع سقف مطالبها من حكم ذاتي إلى انفصال عن دولة مالي، بل إن ثمة فرصة للطوارق في ظل أوضاع هشاشة الدول في شمال إفريقيا للتعبير عن أنفسهم ككيان مستقل على بقعة حدودية بين شمال وغرب إفريقيا. ولعل التاريخ الصراعي بينهم وبين الأنظمة العربية والإفريقية يجعل هنالك احتمالا لإحياء مشروع ذلك الكيان، لا سيما مع وجود مرارات لقمع ثوراتهم، خاصة من قبل مالي، وتأييد العرب لذلك. ولعل القذافي نفسه أقر قبل عدة سنوات بحق الطوارق المنتشرين في شمال مالي بإقامة دولة خاصة بهم، وهو ما أثار أزمة كبيرة آنذاك.
4 - تفكك السودان، إذ إن انفصال جنوب السودان وتشكيل دولة مستقلة، وفقا لاستفتاء تقرير المصير في يناير 2011، كرس لسابقة أولى من نوعها في خطوط التماس العربية - الإفريقية، قد تسمح لكيانات أخرى قد لا تتوافر فيها مواصفات الدولة لاقتفاء الطريق ذاتها عن طريق صناديق الاقتراع، أو على الأقل المضي قدما في درجات الانفصال.
إن الجوار الإفريقي يحوي كيانات يمكن أن تلوح بالانفصال، كما في شمال أوغندا، والأوجادين التي تشعل صراعا تاريخيا بين إثيوبيا والصومال، فضلا عن إقليم كازامنس بين السنغال وموريتانيا، وإقليم دارفور، فضلا عن تشجيع كيانات مستقلة كالأمازيغ في شمال إفريقيا على إحياء مشروعهم، خاصة أنهم ينتشرون في مساحة تمتد من مصر شرقا، حتى المحيط الأطلسي غربا، وعلى امتداد الصحراء الكبرى والساحل الإفريقي حتى مالي والنيجر جنوبا.
بل إن مصر، التي ينظر لها كدولة معصومة من التفكيك بسبب لحمتها الجغرافية والتاريخية، حذر المجلس العسكري الحاكم فيها، بعد ثورة 25 يناير، من أنها مستهدفة من قبل قوى خارجية بالتقسيم إلى ثلاث دويلات مسيحية ونوبية ومسلمة. ورغم أن مثل هذا السيناريو يجابهه تراث الدولة المركزية، فإن طرح ذلك من قبل الجهة الحاكمة لمصر يشير إلى أن ثمة استشعارا للخطر من تأثير نزعات «الكيانات المستقلة» في الحدود المصرية، بعد تفكيك جنوب السودان، والحديث المتصاعد عن إمكانية تقسيم ليبيا.
ولعل حركة تحرير «كوش» - وهي «تنظيم نوبي مسلح» ينطلق من شمال السودان ويطالب بحق تقرير المصير للنوبة - تمثل خطرا كامنا على مصر من جهة الجنوب، لاسيما أن تلك الحركة ترى في الوجود المصري في النوبة استعمارا واضطهادا عرقيا. بيد أنه يمكن القول إن مدى ديمقراطية النظام السياسي الذي ستنتجه الثورة المصرية، ودور المؤسسة العسكرية التي تولي اهتماما بفكرة الدولة نفسها، سيحددان قابلية المجتمع لتحقق مثل هذه التهديدات.
ثانياً - ملامح «الكيانات المستقلة»:
تمثل المعطيات السابقة مدخلات لمشاريع الكيانات المستقلة عن دولها المركزية بدرجاتها المختلفة في خطوط التماس العربية - الإفريقية، لا سيما في ضوء توافر ثلاثة متغيرات كرستها الثورات العربية، وتمثل في الوقت عينه، مشروطيات تفاعلية لإحياء تلك المشاريع، وهي:
1 - فشل دولة ما بعد الاستقلال، حيث إن الثورات العربية تحمل رسالة قوامها فشل الأنظمة السياسية في توفير للحريات والمعيشة الكريمة لشعوبها، وهو ما يجعل المجتمعات، أو الكيانات المجتمعية الأكثر تماسكا لجهة العرق أو الثقافة، لا تريد فقط إسقاط الأنظمة، كما هو الشعار السائد، وإنما يدفعها للتساؤل عن مدى الجدوى في الانتماء للدولة ذاتها، خاصة أن الأخيرة لم تنجح في وظائفها القومية بعد الاستقلال. فالناظر إلى الكيانات الطامحة إلى الاستقلال يجد أنها إما أنها تعاني تدهورا في أوضاعها المعيشية كدارفور والطوارق، أو تم قهر هويتها المحلية ثقافيا وسياسيا كحالة الأمازيغ.
2 - تشابك الهويات المحلية، فمنطقة العلاقات العربية - الإفريقية تزخر بهويات محلية لم تستطع الدول دمجها، وبالتالي فهي مرشحة للتشابك المصلحي على قاعدة أنهم يعانون قهر تلك الدول، وربما يدفعهم ذلك إلى التفاهم، وصولا إلى إعادة خريطة المنطقة، وإنهاء الشكل الحالي للدول. فعرب المحاميد، وهي قبائل منتشرة في ليبيا والسودان والنيجر، قد يجدون ملاذا لهم لدى الطوارق الذين يرتبطون بدورهم مع الأمازيغ في المغرب والجزائر، كما أن هؤلاء أيضا قد يتشابكون مع العرب الحسانيين الموريتانيين الذين يتصارعون على الهوية مع قبائل إفريقية زنجية. وليس بعيدا عن ذلك البوليساريو الذين سيجدون متنفسا كبيرا لقضيتهم، إثر الهزة الكبرى للدولة في شمال إفريقيا.
3 - التدخل الدولي وتشجيع الكيانات المستقلة،إذ إن ثمة علاقة تصاعدية بين التدخل الإنساني الدولي بأشكاله المختلفة، وزيادة نزعة المجتمعات إلى الاستقلال والخروج من أسر الدولة المركزية، وهي علاقة نجد لها شواهد في تجارب التدخلات الدولية في الصومال ويوغوسلافيا وكردستان والعراق. وعلى ذلك، فإن التدخل الدولي في شمال إفريقيا ربما يجد صياغة لمعادلات مصلحية جديدة مع الكيانات المحتمل استقلالها على خط العلاقات العربية - الإفريقية، لا سيما في ضوء تجربة لوبيات الموارد المسيطرة على صنع القرار في الدول الغربية، إذ إن بعض الشركات العابرة للقومية تجد من مصلحتها التعامل مع كيانات أقل من الدولة لاستغلال ثروات القارة الإفريقية.
اللافت أن المتغيرات الثلاثة تلك تدعمها طروحات نظرية تحولت إلى واقع عملي في العلاقات الدولية كـ «نهاية جغرافية الدولة»، حيث شهد العالم منذ نهاية الحرب الباردة تفككا لدول كالاتحاد السوفيتي واليوغوسلافي، بفعل عوامل قومية ودينية، إلى كيانات أقل قوة وأكثر قابلية للترويض من القوى الكبرى، فضلا عن مطالبات عدة باستقلال أقاليم كوسوفو والشيشان والباسك، وكأن هناك بحثا عن نموذج بديل للدولة - ليس فقط في العالم النامي، بل المتقدم أيضا- يحترم حقوق الأقليات والكيانات الهوياتية.
إن قيام الدولة، كما يرى العلامة ابن خلدون، يرتبط بالعدل بين الناس في الحكم والمعاملة، وإذا لم تتحقق العدالة، فإن ثمة ردة للمجتمعات باتجاه كيانات أخرى عكس الدولة. ولعل بعض منظري العلاقات الدولية يرون أن العالم قد يشهد بنهاية القرن الحادي والعشرين «إزاحة للدولة»، في ضوء مبدأ حق تقرير المصير الذي تم اللجوء له بمحدودية في القرن العشرين، لكنه مرشح للاستخدام المكثف في القرن الحالي، بفعل تفجر الهويات المحلية، ووجود مناخ عالمي يدفع باتجاه أهمية حقوق الإنسان من جانب، ومن جانب آخر زيادة التدفقات العابرة للقومية التي لا تقيم وزنا للدولة، وكأن المحلية والتدفقات العابرة للقومية اتفقتا على دفع الدولة إلى الضمور، كما يشير إليه برتراند بادي.
ومن هنا، فمن المحتمل أن تنتهي الجغرافيا السياسية للدولة إلى كيانات أو دويلات أو جماعات ذات نفوذ تتعامل مباشرة مع القوى الدولية، صراعا وسلما، على خط العلاقات العربية - الإفريقية.
خريطة الكيانات المستقلة، التي تتخطى ما هو معروف في الأدبيات السياسية بـ «الوحدة الجغرافية العربية»، قد تنتج «وحدات سياسية عربية - إفريقية» تتجاوز دولة ما بعد الاستعمار في إفريقيا التي قطعت أوصال الهويات المحلية. بيد أن تلك الصياغة المحتملة التي قد تستغرق العقود المتبقية من القرن الحادي والعشرين قد تصطدم بممانعات، بعضها بتعلق بصراعات المصالح بين القوي المتنفذة في إفريقيا، خاصة بين الصين من جانب، والقوى الغربية (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا) من جانب آخر. كما أن هنالك ممانعات وطنية تتعلق بإنتاج الثورات العربية لنماذج أنظمة إصلاحية عادلة تستوعب تعددية المجتمعات وهوياتها المختلفة، بما يوجد «عدوى إيجابية» في إصلاح النظم السياسية في الجوار الإفريقي.
*باحث مصري في العلوم السياسية.

 

 

 

في الذكرى الـ 63 لتسليم المثلّث الفلسطيني لإسرائيل
قرى عربية بين المصادرة والتبادل السكاني
المستقبل...الناصرة ـ حسن مواسي
صادفت أمس الذكرى الـ63 لتسليم منطقة المثلث الفلسطيني لإسرائيل وفق اتفاقية رودوس العام 1949، بين إسرائيل والأردن. ومنطقة المثلث هي منطقة جغرافية تقع في مركز فلسطين التاريخية، عرفت زمن الانتداب البريطاني بمثلث المدن الكبرى في الضفة الغربية وهي جنين ونابلس، ثم عرفت كذلك بعد قيام دولة إسرائيل بتجمع لقرى عربية كانت تتبع لهذا المثلث داخل دولة إسرائيل نفسها، يحدها من الشمال، مرج بن عامر وجبل الكرمل، ومن الشرق الضفة الغربية. أما من الجنوب فتحدها مدن فلسطينية كاللد والرملة ويافا، وتمتد غربا حتى مدن ساحل البحر الأبيض المتوسط.
ومنذ تسليم المثلث تعرض سكانه لسلسلة من المصادرات والملاحقات كان آخرها مصادرة أراض في منطقة وادي عارة بهدف إقامة مدينة للحريديم، إضافة إلى الشارع القطري رقم 6 المعروف بـ"عابر إسرائيل"، وخلال السنوات الثلاث والستين المنصرمة، ذاق أهالي المثلث البالغ عددهم نحو 300 ألف نسمة مختلف أنواع الملاحقة الإسرائيلية.
من العام 1949 حتى العام 1966 قامت سلطات الدولة الإسرائيلية بفرض الحكم العسكري على فلسطينيي الـ48 ككل ومن ضمنهم سكان المثلث الذي يضم اليوم ست مدن وهي أم الفحم وباقة الغربية وقلنسوة والطيبة والطيرة وكفر قاسم، و22 قرية أخرى مثل جت المثلث وكفر برا وجلجولية والبياضة ومشيرفة وزلفة وسالم، وبئر السكة، وابثان والمرجة ويمة ومعاوية وخور صقر وبرطعة وأم القطف وميسر ومصمص وكفر قرع وعارة وعرعرة. رافقتها هجمة مسعورة لمصادرة الأراضي نالت من أكثر من 90 في المئة من مساحتها، حيث أقامت على أنقاضها عشرات المستوطنات والموشافيم اليهودية.
بعد انتهاء الحكم العسكري، واصلت السلطات الإسرائيلية مصادرة الأراضي العربية في المثلث كباقي أنحاء فلسطين المحتلة العام 1948. وتحت مسميات مختلفة، فتارة مصادرة بحجة المشروع القطري للمياه، وتارة اخرى مصادرة لإقامة مستوطنات، وثالثة بحجة "عابر الأراضي العربية ـ شارع رقم 6"، ومصادرة بحجة التحريش وفق مخطط (تمام 6) وغيرها من المسميات الهادفة إلى سلب الأرض العربية.
في العقدين المنصرمين، بدأ يطفو على السطح ما يسمى بـ"التبادل السكاني"، والذي بموجبه سيتم تسليم الأراضي وسكانها إلى الدولة الفلسطينية العتيدة، حيث يدور الحديث في الأساس عن تبادل سكان منطقة المثلث وضمه إلى الدولة الفلسطينية وذلك ضمن تسوية الحل النهائي بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني. ويقول الباحث مهند مصطفى إن "أهداف مشاريع التبادل السكاني المختلفة كانت بالأساس ذات طابع سياسي وتهدف إلى تزويد الجانب الإسرائيلي حلولاً احتياطية لحل مسألة الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية خلال عملية التسوية، وتطورت مع الوقت وأتخذت إبعاداً ديموغرافية ضمن النقاش والصراع الداخلي بين الدولة وبين المجتمع العربي الفلسطيني في أراضي الـ48، وذلك يعني من زاوية أخرى أن موضوع المثلث طرح في البداية لحل إشكالية المستوطنات ضمن حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي العام، وطرح لاحقاً وخصوصاً بعد انتفاضة الأقصى 2000 ضمن محاولات الأغلبية والدولة إدارة وأحيانا حل الصراع مع المجتمع الفلسطيني.
وتشكل مسألة طرح مشاريع التبادل السكاني من جانب حكومات إسرائيلية أو شخصيات إسرائيلية انحرافاً عن السياسات التهويدية الحيزية التي اتبعتها إسرائيل في الماضي والتي كانت تهدف، من جملة ما تهدف، إلى منع ضم مناطق عربية داخل الخط الأخضر إلى الدول العربية المجاورة لها.
ويوضح مصطفى أن السلطات الإسرائيلية باشرت عملية تهويد بأشكال عدة، منها مصادرة واسعة للأراضي الفلسطينية في الدولة الناشئة، وتمت إقامة أكثر من 700 مستوطنة يهوديّة، معظمها في الضواحي، بغية استيعاب المهاجرين اليهود الآتين من الدول العربية ومن العالم الثالث. وارتكزت هذه الأعمال على تهويد الحيّز الجغرافي ومحو الماضي الفلسطيني، وإقامة اقتصاد مركزيّ ومنظومات سياسيّة تهمّش وتُضْعف المجتمع الفلسطيني والمهاجرين اليهود من الشرقيين والمتديّنين.
ويؤكد أن سياسة التهويد شكلت إستراتيجية أساسية في تقليص الحيز الفلسطيني، في أعقاب الحرب هجّرت غالبية القرى العربية في الجليل. فمن بين 190 قرية كانت في الجليل قبل الحرب، بقيت 66 قرية فقط، تركزت القرى العربية الباقية حول الناصرة، وفي مرج سخنين ومنطقة شفاعمرو، وفي الهوامش الغربية للجليل الأعلى، مما أدى الى تقليص التواجد العربي في الجليل بعد الحرب إلى بدايات الاستيطان في الجليل وبناء تجمعات يهودية بشكل مكثف.
ويؤكد ارنون سوفير ان "السكان العرب لم يشكلوا في هذه الفترة عائقا أمام الاستيطان، وذلك بسبب تناقصهم الشديد بعد أحداث 1948، والصدمة التي أصابتهم نتيجة الحرب وفرض الحكم العسكري عليهم". ولمواجهة الخطر الديموغرافي العربي من جهة، والسيطرة على الحيز الفارغ وتهويده من جهة أخرى، ومنع قيام تواصل إقليمي بين التجمعات العربية تؤدي إلى بروز خطاب يطالب بضم الجليل إلى الدول العربية المجاورة. بادرت الحكومة إلى البدء بمشروع المناطر "متسبيم"، ومعنى كلمة "متسبيه" والتي تعني مكاناً للمراقبة يشير إلى أحد أهم أهدافها وهو مراقبة المحيط العربي، حيث هدفت المناطر إلى الاستيلاء على اكبر مساحة ممكنة من الأرض والاحتفاظ بها إلى حين القيام بإنشاء مستوطنة بأعداد كبيرة من السكان والحد من "غزو" السكان العرب لأراضي الدولة في المنطقة.
بعد هبة تشرين الاول (أكتوبر) 2000 والتي سقط خلالها 13 شهيدا من شباب فلسطيني الـ48، بدأ الخطر الديموغرافي في مشاريع التبادل السكاني، حيث استغل سياسيون وأكاديميون إسرائيليون الجو العدائي ضد فلسطينيي الـ48 في الشارع الإسرائيلي لكي يستطيعوا نشر تخوفاتهم الديموغرافية من العرب. ويعتبر الباحث الإسرائيلي في الجغرافيا السياسية ارنون سوفير من رواد هذا التيار الذي يعتبر أن العرب يشكلون خطراً ديموغرافياً على الدولة اليهودية، وقد اقترح سوفير الانفصال عن الاراضي الفلسطينية بما فيها الأحياء العربية في القدس وكذلك الانفصال عن منطقة المثلث التي يشكل سكانها نحو 25% من مجمل فلسطينيي الـ48.

المصدر: مصادر مختلفة

على الولايات المتحدة منع قيام حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله..

 الأربعاء 25 أيلول 2024 - 12:53 م

على الولايات المتحدة منع قيام حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله.. في الأسبوع الماضي، وبعد أحد عشر ش… تتمة »

عدد الزيارات: 171,614,776

عدد الزوار: 7,640,006

المتواجدون الآن: 0