«جبل الزاوية» تحت الحصار.. وحركة نزوح لسكان المناطق المحاذية للحدود التركية

مجلس الأمن: المهلة 10 أبريل.. وفرنسا: الأسد يخدعنا....نص بيان مجلس الأمن الدولي بشأن سوريا

تاريخ الإضافة السبت 7 نيسان 2012 - 5:18 ص    عدد الزيارات 2518    التعليقات 0    القسم عربية

        


 

مجلس الأمن: المهلة 10 أبريل.. وفرنسا: الأسد يخدعنا
مصدر سوري ينفي وجود مهلة.. وأنان: الفرصة الأخيرة * عشرات القتلى.. وقصف على ريف دمشق * روسيا: تصريحات لافروف حول حكم السنة أسيء فهمها
موسكو: سامي عمارة واشنطن: هبة القدسي باريس: ميشال أبو نجم لندن: «الشرق الأوسط»
وافق مجلس الأمن الدولي في اجتماعه، أمس، على بيان يدعو سوريا للالتزام بمهلة تنتهي في العاشر من أبريل (نيسان) الحالي لوقف القتال وسحب القوات من المراكز السكانية.وقال المجلس إنه استنادا إلى تقارير المبعوث الدولي والعربي الخاص، كوفي أنان حول ما ينفذه الأسد، فإنه «سيدرس اتخاذ مزيد من الإجراءات المناسبة», بينما قالت فرنسا على لسان وزير خارجيتها، آلان جوبيه إن الأسد «يخدعنا» ويتظاهر بقبول الخطة.
يأتي ذلك بينما نقلت صحيفة «الوطن» السورية عن مسؤول سوري قوله، أمس، إن «إتمام انسحاب الجيش من المدن السورية ليس مرتبطا بمهلة زمنية»، وإن «موعد العاشر من أبريل لا يرتبط بهذه العملية، بل بمدى التزام الأطراف الأخرى بتنفيذ الخطة». لكن أنان، شدد على انتهاء المهلة المقررة في الساعة الـ6 صباحا بتوقيت دمشق يوم 10 أبريل الحالي، مشددا على ضرورة استغلال النظام للفرصة الأخيرة.
من جانبها، شككت المعارضة السورية فيما أعلنه النظام السوري حول بدء سحب قواته من المدن, وأكد ناشطون في عدد من المدن أن «الجيش السوري ما زال يقيم حواجزه التي تقطع أوصال المدينة».
وميدانيا، استمرت عمليات القصف على مختلف المدن أمس وشط تقارير للمعارضة عن وصول عدد القتلى الى 61 حتى مثول الجريدة للطبع، وتركزت عمليات الاعتقال والمداهمات في ريف دمشق.
إلى ذلك، نفى ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسية أمس، ما فهم من التصريحات التي صدرت عن الوزير لافروف بشأن وجود من يريد تنصيب أنظمة سنية في سوريا، مشيرا إلى أن ما قاله حول هذه المسألة فُهم على سبيل الخطأ.
«جبل الزاوية» تحت الحصار.. وحركة نزوح لسكان المناطق المحاذية للحدود التركية و«لجان التنسيق» تحذر من سياسة «حرق المنازل وجرفها» بعد اقتحام مناطق سورية

بيروت: ليال أبو رحال لندن: «الشرق الأوسط»....
عشية وصول فريق المراقبين الأمميين إلى سوريا، صعدت قوات الجيش النظامي السوري عملياتها العسكرية في عدة مناطق في البلاد، لا سيما في مدينتي حرستا ودوما بريف دمشق، إضافة إلى درعا وحلب، مع استمرار القصف على عدة أحياء ومناطق في حمص وريفها. كما شهد حي كفرسوسة في العاصمة دمشق مظاهرة حاشدة إثر تشييع شابين سقطا برصاص قوات الأمن مساء أول من أمس الأربعاء.
يأتي ذلك في وقت ازداد فيه الجدل على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي حول تسمية مظاهرات اليوم (الجمعة) «من جهز غازيا فقد غزا»، والتي أثارت عاصفة انتقادات في أوساط العلمانيين، ومنهم من رأى في هذه التسمية انحرافا للثورة عن مسارها، ورأوا أن من الأفضل تسميتها «الثورة لكل السوريين».
وقال ناشطون سوريون أمس إن قوات الأمن السورية واصلت أمس التصعيد في عملياتها العسكرية ضد مناطق سورية عدة، مما أسفر عن مقتل أكثر من أربعين شخصا في محصلة أولية عصر أمس، بالتزامن مع تحذير «لجان التنسيق المحلية» في سوريا مما سمته «سياسة جديدة لقوات الاحتلال الأسدي» متمثلة في حرق المنازل بعد تدميرها، وقدرت «الخسائر المادية للسوريين المتضررين خلال الأيام الماضية فقط بعشرات الملايين في مختلف المدن والبلدات التي تعرضت للاقتحام والتخريب والتنكيل».
وقالت «لجان التنسيق» في بيان أصدرته إن «قوات النظام بدأت مؤخرا في ممارسة عمليات حرق وجرف المنازل في المدن والقرى التي تقوم باقتحامها بشكل ممنهج وبأعداد متزايدة، كعقوبة مضاعفة على النشطاء وعائلاتهم وبهدف تشريدهم وتهجيرهم عن مناطقهم». وذكرت أن «جيش النظام قام أثناء حملته على بلدة طفس في درعا أول من أمس بحرق متعمد لما يقارب عشرين منزلا، إضافة إلى عمليات نهب وتخريب محتويات منازل أخرى». وذكر أنه «في بلدة داعل في درعا قامت قوات النظام خلال اقتحام البلدة في اليومين السابقين بحرق نحو عشرين منزلا على نحو مماثل». فيما قال ناشطون إن قوات الجيش النظامي شنت حملة عسكرية تعتبر الأشرس على مدينة دوما التي تعتبر عاصمة محافظة ريف دمشق، وهز دوي الانفجارات الضخمة المدينة طيلة أمس، وشوهدت أعمدة الدخان والنيران تتصاعد من عدة أبنية.
وبحسب مصادر محلية، تحول شارع الجلاء، وهو شارع رئيسي، والمنطقة المحيطة به إلى ما يشبه «الثكنة العسكرية المغلقة» بعد نهب وتدمير وحرق الكثير من المحلات وتحطيم وحرق السيارات الخاصة هناك. وأضافت المصادر أن القصف بدأ منذ ساعات الصباح، وأصيب «جامع حسيبة» وجميع الأبنية المحيطة به بالقصف العشوائي والرصاص المتفجر. كما تم «اقتحام جامع الشيخ علي بشارع الجلاء، واعتقل جميع المصلين أثناء صلاة الصبح، حيث تم استخدامهم كدروع بشرية أمام قوات الجيش والدبابات أثناء تقدمها في منطقة جامع حوى، التي تعرضت لقصف عنيف وإطلاق نار كثيف جدا».
ويشار إلى أن هذا الهجوم العنيف على دوما يأتي بعد أيام من تمكن الجيش الحر من إتمام مفاوضات مع السلطات الأمنية لعملية مبادلة جثامين نحو عشرين شخصا من الأهالي قتلوا برصاص القوات النظامية، وذلك بإطلاق سراح ضابط رفيع اختطفه الجيش الحر.
وقال ناشطون إن عشرات المدنيين أصيبوا يوم أمس جراء القصف العنيف، وقتل ما لا يقل عن عشرة أشخاص، جرى تشييع ستة منهم على الأقل، وقد أسهم الجيش الحر بإسعاف المصابين رغم النشر الكثيف للقناصة في دوما.
في موازاة ذلك، ذكرت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) أنه تم أمس «تشييع جثامين 11 شهيدا من عناصر الجيش وقوات حفظ النظام استهدفتهم المجموعات الإرهابية المسلحة أثناء تأديتهم لواجبهم الوطني في حمص ودمشق وحلب وإدلب وريف دمشق، على وقع موسيقى لحني الشهيد ووداعه وبالمراسم الرسمية المهيبة، من مشافي تشرين وزاهي أزرق وحلب العسكرية ومشفى الشرطة في دمشق إلى مثاويهم الأخيرة».
من جهة أخرى، واصلت قوات الأمن العسكرية حملتها العسكرية ضد قرى جبل الزاوية في محافظة إدلب، مما أدى إلى وقوع عدد من القتلى والجرحى، وسط موجة نزوح لسكان المناطق القريبة من الحدود التركية، وأفاد مسؤول تركي أمس بوصول أكثر من ألف سوري نزحوا إلى تركيا أمس، وتحديدا عبر بلدة الريحانية الحدودية.
وأكد ناشطون تعرض بلدتي كللي وحزانو لقصف عشوائي، عدا عن حرق العديد من المناز. وشهدت بلدة كفريحمول اشتباكات عنيفة بين «الجيش الحر» وقوات الأمن السورية. وفي معرة النعمان، ذكرت «لجان التنسيق المحلية» مقتل «المجند محمود سامي أحمد علوان الصغير، وكان يخدم في منطقة المزة في دمشق، حيث جرت تصفيته من قبل الضابط المسؤول عنه بسبب رفضه إطلاق النار على المدنيين».
وفي حمص، ذكر ناشطون أن حي الربيع العربي تعرض لقصف عنيف جدا، وأن «دوي انفجارات هز المنطقة». وأظهر شريط فيديو بثه ناشطون على موقع «يوتيوب» حجم الأضرار والدمار الذي لحق بالمنازل جراء القصف الذي استهدفها في الأيام الأخيرة.
وفي ريف حمص، قالت وكالة «سانا» إن «الجهات المختصة أحبطت ليل أول من أمس محاولة مجموعة إرهابية مسلحة التسلل من الأراضي اللبنانية إلى سوريا عند قرية حالات السورية التابعة لتلكلخ بريف حمص». ونقلت «سانا» عما سمته «مصدرا مطلعا» أنه «تم إلقاء القبض على أحد الإرهابيين بعد إصابته، بينما لاذ الآخرون بالفرار باتجاه الأراضي اللبنانية». وذكر المصدر أن «الجهات المختصة أحبطت خمس محاولات تسلل للمجموعات الإرهابية خلال الأيام الثلاثة الأخيرة».
وفي مدينة حلب، قال ناشطون إن قوات الأمن اعتقلت طالبين على الأقل بعد تعرضهما للضرب المبرح في المدينة الجامعية في جامعة حلب، إثر المظاهرة التي انطلقت من كلية العلوم باتجاه المدينة الجامعية.
وفي ريف حلب، ذكر ناشطون أن «الجيش السوري قصف بالمروحيات بلدات عندان وحريتان وحيّان والأتارب، بعد قطع الاتصالات عنها وعن مناطق أخرى في المنطقة تزامنا مع تحركات عسكرية». كما شهدت «مدينة الباب استنفارا أمنيا كبيرا، بعد أنباء عن انشقاق واشتباكات داخل مدرسة المشاة العسكرية».
وفي ريف دمشق، أشار مجلس قيادة الثورة إلى أن «عصابات النظام لا تميز بين صغير أو كبير»، لافتة إلى «مقتل أبو صبحي الدرة، وهو رجل يتجاوز الثمانين من عمره، والطفل أسامة بدران (8 أعوام)، وهو كان يبيع البقدونس في ساحة الغنم أثناء اقتحام مدينة دوما». وكانت قوات الأمن السورية أعادت أمس اقتحام قوات النظام مدينة دوما، ووقعت اشتباكات بين الجيش الحر والجيش النظامي في المزة والقلمون. وذكر ناشطون أن أكثر من 18 انفجارا هزوا المدينة، التي تعرضت لقصف بالدبابات أدى إلى احتراق عدد كبير من المنازل والمحال التجارية.
أما في حماه، فقد ذكرت «لجان التنسيق المحلية» أنه تم العثور على «جثة الشاب وليد عبد الله سلطان في المشفى الوطني، وقد قتل برصاصة في الرأس، وذلك بعد مرور يوم على خطفه من قبل قوات الأمن والشبيحة».
 
 دمشق توافق على توسيع نطاق عمل الصليب الأحمر وزيارة السجون

الناطق باسم اللجنة لـ «الشرق الأوسط» : تحديد الهدنة يتم وفقا لحاجة إدخال المساعدات وإجلاء الجرحى

بيروت: كارولين عاكوم .... أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر موافقة سوريا على السماح لها بتوسيع نطاق عملها في البلاد، وعلى آلية عمل يطلب بموجبها من السلطات وقف القتال حين تقتضي الحاجة لإجلاء الجرحى.
وقال رئيس اللجنة جاكوب كلينبرغر، الذي يزور سوريا منذ ثلاثة أيام التقى خلالها كلا من وزراء الخارجية والداخلية والصحة: «هذا يعني أنه سيتوجب علينا أن نعزز بسرعة مواردنا البشرية وقدراتنا اللوجيستية في سوريا»، معتبرا أن هذا الاتفاق علامة ثقة في العمل المستقل والمحايد الذي تجريه اللجنة الدولية، ومن شأنه تمكين اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري من تلبية الحاجات الإنسانية المتزايدة. وجاء في بيان اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه تم الاتفاق بين وزارة الخارجية والمغتربين واللجنة الدولية للصليب الأحمر على إجراء يتعلق بكيفية تفعيل مبادرة اللجنة الدولية، التي تطالب بوقف القتال لفترة محددة لدواع إنسانية في المناطق المتضررة من القتال.
كما وافقت وزارة الخارجية والمغتربين على الإجراءات المحددة لزيارة أماكن الاحتجاز، وسيوضع هذا الاتفاق موضع التنفيذ في زيارة تجريها اللجنة الدولية للأشخاص المحتجزين في سجن حلب المركزي.
وتركزت المحادثات مع وزير الصحة، الدكتور وائل الحلقي، بشكل كامل على حق الجرحى والمرضى في الحصول على الرعاية الطبية، وعلى واجب جميع الذين يشاركون في أعمال العنف باحترام الطواقم الطبية والمرافق الطبية ووسائل النقل الطبي.
وقال المتحدث باسم اللجنة، هشام حسن، إن المسؤولين السوريين وكلينبرغر توصلوا إلى اتفاق على إجراء تطلب اللجنة بموجبه وقف القتال في منطقة ما لإجلاء الجرحى وإدخال إمدادات.
وعن موعد بدء تنفيذ هذا الاتفاق قال صالح دباكة، الناطق باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في دمشق، لـ«الشرق الأوسط»: «التوصل إلى هذا الاتفاق لا يعني بدء التنفيذ في الأيام القليلة المقبلة، فالأمر يتطلب التحضير له لوجيستيا، ولا سيما فيما يتعلق بزيارة السجون. أما فيما يتعلق بالمناطق التي سندخلها، فسيتم تحديدها وفقا للمناطق والمواقع التي تشهد قتالا، والتي يحتاج فيها المواطنون إلى مساعدات وإجلاء للجرحى والمصابين».
وعن الهدنة اليومية لوقف إطلاق النار، أكد دباكة أنه لم يتم (خلال الاتفاق) تحديد موعد يومي لهذه الهدنة الإنسانية، بل الأمر يتوقف على مدى حاجة الأهالي لدخول الصليب الأحمر والهلال الأحمر، وبالتالي عندها سيتم التواصل مع وزارة الخارجية لتحديد هذه الفترة، وذلك وفقا للآلية التي تم التوصل إليها».
وعما إذا كان قد تم التواصل مع المعارضة بشأن هذا الاتفاق، لا سيما أن المجلس الوطني كان أكد عدم التواصل معه، شدد الدباكة على أن «التواصل مستمر مع المعارضة ولا سيما منها الموجود في الخارج، وهي كانت قد أبدت موافقتها على الهدنة منذ البداية».
وفي هذا الإطار، أكد نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، أن بلاده تتعاون بشكل كامل مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، معربا عن التزاماتها بتقديم جميع التسهيلات الممكنة لها من أجل إنجاح مهمتها. وذكرت معلومات نقلا عن مصدر سوري أن المقداد أوضح خلال محادثات أمس مع كلينبرغر أن دمشق «تتعاون بكل إخلاص وبشكل كامل مع اللجنة، وملتزمة بتقديم جميع التسهيلات الممكنة لها من أجل إنجاح مهمتها». وأشار المقداد إلى أن الثقة هي جوهر التعاون بين سوريا واللجنة الدولية للصليب الأحمر، الذي «أثمر إنجازات مهمة في المجال الإنساني».
من جهة أخرى، قال نائب وزير الخارجية السوري إنه «على اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن تشمل مهمتها في سوريا أيضا الطلب من (الدول الداعمة للإرهاب، التي تسلح وتمول المجموعات المتطرفة أن تتوقف عن عمليات التسليح والتمويل من أجل وقف العنف في سوريا)».
المعارضة والنظام يستبقان وصول «فريق موود» بتحميل كل منهما الآخر مسؤولية تنفيذ خطة أنان

الشيشكلي لـ «الشرق الأوسط»: ليس المطلوب الانسحاب العسكري

بيروت: ليال أبو رحال... استبق كل من النظام السوري والمعارضة السورية الإعلان عن وصول فريق المراقبين الدوليين إلى سوريا أمس بالإشارة إلى أن المعني بمهلة العاشر من أبريل (نيسان) الحالي، التي حددها المبعوث الأممي كوفي أنان لوقف إطلاق النار، هو الطرف الآخر. وفي حين تبدو المعارضة واثقة بأن النظام سيلجأ إلى المراوغة مجددا، مؤكدة أن ما يعنيها هو «وقف القتل» أكثر من «الانسحاب العسكري»، نقلت صحيفة «الوطن» السورية عن مسؤول سوري قوله أمس إن «إتمام انسحاب الجيش من المدن السورية ليس مرتبطا بمهلة زمنية»، وإن «موعد العاشر من أبريل لا يرتبط بهذه العملية، بل بمدى التزام الأطراف الأخرى بتنفيذ الخطة».
وقال المسؤول السوري إن «العاشر من أبريل يرد كتاريخ مرتبط بعملية بدء الانسحاب لوحدات من الجيش وليس بانتهائه، ولا يعد مهلة بحد ذاته»، موضحا أن دمشق ربطت المهلة رسميا «بمدى التزام الأطراف الأخرى بتنفيذ الخطة ومدى التزام أنان بتقديم ضمانات لهذه الالتزامات».
وذكرت الصحيفة، نقلا عن المسؤول عينه، إشارته إلى أن «الحكومة السورية أعلمت أنان مؤخرا في رسالة رسمية بدء عملية انسحاب وحدات من الجيش من مناطق مختلفة في البلاد، سمت منها ريف دمشق كالزبداني وبعض مناطق إدلب»، لافتا إلى أن الحكومة السورية أشارت في رسالتها إلى أن «عملية الانسحاب تتم استنادا إلى الوضع الميداني في كل المنطقة».
وتأتي تصريحات المسؤول السوري هذه غداة إعلان ناشطين ومعارضين عن زيادة قوات الأمن السورية لوتيرة عملياتها العسكرية في مناطق سورية عدة، بما يدحض الأنباء عن وقف هذه العمليات وبدء الانسحابات من بعض المدن.
وقال عضو المجلس الوطني أديب الشيشكلي لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «المطلوب ليس الانسحاب العسكري الشكلي، بل وقف قتل المدنيين وسفك دمائهم». وانتقد مسارعة النظام السوري إلى «الإعلان عن بدء سحب قواته العسكرية بينما انتهى يوم أول من أمس مع تسجيل مقتل أكثر من مائة شخص»، مذكرا بأنه «في بداية الثورة في درعا لم تكن الدبابات والمدرعات موجودة، بل القناصة والشبيحة، ومن هنا فإن مطلبنا الرئيسي هو وقف القتل». واتهم النظام السوري «بالمراوغة والدخول في لعبة تمرير الوقت مجددا والادعاء بسحب آلياته وجنوده»، لافتا إلى أن «مسألة إعطاء المهل للنظام السوري مستمرة منذ أكثر من عام ولم تثمر أي حل».
وشدد الشيشكلي على «أننا في المجلس الوطني واثقون بأنه يستحيل أن يلتزم (الرئيس السوري) بشار الأسد بخطة أنان لأنها تعني نهاية نظامه، لذلك فهو بعد المبادرة العربية يدخلنا اليوم في مراوغات على المستوى الدولي، وسيتعامل مع المراقبين الدوليين بتكتيك مختلف، كما حصل مع فريق المراقبين العرب».
وأعرب عن اعتقاده «بأن القتل لن يتوقف»، ورأى أن «ثمة انقساما كبيرا في المواقف اليوم بين مجموعة من الدول الداعمة لمهمة أنان ومجموعة أخرى يبدو أنها لا تزال حريصة على بقاء نظام الأسد، وهذا ما يمكن استنتاجه من مواقف عدة جاءت في الأيام الأخيرة على لسان (وزير الخارجية الروسي) سيرغي لافروف، و(رئيس الحكومة العراقية) نوري المالكي و(رئيس مجلس الشورى الإيراني) على لاريجاني».
وخلص الشيشكلي إلى التأكيد على أنه «ليس أمام المجلس الوطني في الوقت الراهن إلا التوجه نحو المجتمع الدولي». واعتبر أن مهمة أنان «هي الفرصة الأخيرة، وفي حال فشل في مهمته فإنه على المجتمع الدولي بعد 10 أبريل الحالي أن يتحمل مسؤولية قتل المواطنين السوريين، وسيكون مطالبا بأن يبادر إلى اتخاذ موقف حازم بعد أن يتبين بشكل واضح فشل الحلول السياسية مع نظام الأسد، الذي لن يخلع إلا بالقوة».
وكان ناشطون معارضون أكدوا أمس تصعيد قوات الأمن السورية لعملياتها العسكرية، وأكد عضو تنسيقية الزبداني عبد الله عبد الرحمن أن «الجيش السوري ما زال يقيم حواجزه التي تقطع أوصال المدينة»، وقال لوكالة الصحافة الفرنسية: «إذا كان لدى الجيش مائتا آلية في الزبداني ونقل منها بضع آليات إلى مناطق أخرى، فهذا ليس انسحابا»، بينما قال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن إنه «لا يمكن الحديث عن انسحاب للقوات النظامية في منطقة من مناطق الريف، بينما هي تواصل قصفها وعملياتها العسكرية في مناطق الريف الأخرى»، مشيرا إلى أن «المطلوب انسحابات فعلية وليس انسحابات إعلامية».
مجلس الأمن يدعو دمشق إلى الالتزام بمهلة أنان مع وصول فريق الجنرال موود

المبعوث الدولي في طهران 11 أبريل.. وروسيا تحذر من «إنذار» سوريا

موسكو: سامي عمارة واشنطن: هبة القدسي باريس: ميشال أبو نجم لندن: «الشرق الأوسط» .... بدأ الفريق الدولي التابع للأمم المتحدة، أمس، في مباحثاته مع المسؤولين السوريين في دمشق حول إمكانية نشر مراقبين لحفظ السلام في البلاد، وهو ما تزامن مع موافقة مجلس الأمن الدولي على بيان يدعو سوريا للالتزام بمهلة تنتهي في العاشر من أبريل (نيسان) لوقف القتال وسحب القوات من المراكز السكانية.
وقدم مجلس الأمن الدولي، أمس، دعمه الرسمي لموعد العاشر من أبريل لإنهاء هجمات النظام السوري على المدن التي تشهد تمردا على النظام. وتبنى المجلس بيانات في اجتماعه، أمس (الخميس)، دعا فيه «الحكومة السورية إلى التطبيق العاجل والواضح لالتزاماتها» بعد موافقتها على ذلك التاريخ.
وقال المجلس إنه استنادا إلى تقارير أنان حول ما ينفذه الأسد، فإنه «سيدرس اتخاذ مزيد من الإجراءات المناسبة».. بينما قال دبلوماسيون شاركوا في المحادثات، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية إنه تم تخفيف لهجة البيان بناء على طلب روسيا.
فقد تم تغيير الاقتراح الأصلي الذي طرحته الدول الغربية بحيث استبدلت كلمة «يطالب» المجلس سوريا بسحب قواتها وأسلحتها الثقيلة، إلى كلمة «يدعو المجلس» سوريا للقيام بذلك، كما تم استخدام «التطبيق الواضح» بدلا من عبارة «التطبيق الذي يمكن التحقق منه».
وكان كوفي أنان، مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، قد أبلغ المجلس يوم الاثنين الماضي بأن الحكومة السورية وافقت على المهلة وأنه سيسعى لإنهاء عمليات قوات المعارضة في غضون 48 ساعة من اتخاذ القوات الحكومية الخطوة الأولى بوقف القتال.. وطلب أنان من المجلس تأييد المهلة.
وفي غضون ذلك، قال خالد المصري، المتحدث باسم الأمم المتحدة في سوريا، أمس، إن الفريق التابع للمنظمة الدولية، الذي يضم خمسة أفراد تحت قيادة الميجور جنرال روبرت موود «موجود بالفعل في سوريا.. وضيف على الحكومة السورية.. وتجري المحادثات بمقر وزارة الخارجية»، غير أنه لم يفصح عن مزيد من التفاصيل.
ومن المقرر أن يبحث رئيس أركان القوات المسلحة النرويجية السابق الميجور جنرال روبرت مود (54 عاما)، الذي اختير نظرا لخبرته الواسعة بشؤون الشرق الأوسط، أثناء زيارته لسوريا الإمكانات المتاحة لمراقبي الأمم المتحدة لتقييم ما إذا كانت قوات الرئيس السوري، بشار الأسد، ومقاتلو المعارضة يحترمون الهدنة المقرر أن يبدأ سريانها يوم الخميس المقبل.. وتدعو خطة أنان إلى انسحاب القوات السورية من بلدات ومدن، قبل وقف لإطلاق النار مع المعارضين بموجب «آلية إشراف فعالة للأمم المتحدة»، ويعقب ذلك «عملية سياسية شاملة تقودها سوريا».
من جانبه، قال أحمد فوزي، المتحدث الرسمي باسم أنان، في إفادة صحافية من جنيف أمس: «نعم.. لقد أبلغونا (السلطات السورية) بأنهم بدأوا سحب القوات (النظامية) من مناطق معينة.. حددوا ثلاث مدن هي درعا وإدلب والزبداني»، مضيفا أن مكتب أنان يحاول التحقق من التأكيد السوري، وتابع: «لا أستطيع الخوض في تفاصيل عن عملية التحقق.. لكن ما أستطيع أن أخبركم به هو أننا نبحث عددا من المصادر ونفحص هذه المعلومات بعناية».
وفي سؤال ماذا لو لم تلتزم الحكومة السورية بسحب القوات من المدن السورية أجاب فوزي بأن الدول الأعضاء بمجلس الأمن أكدت أن «هذه هي الفرصة الأخيرة أمام سوريا التي تنحدر نحو حرب أهلية دموية طويلة، والدبلوماسيون في نيويورك يقولون نحن نراقب عن كثب وسنحكم على النظام السوري من خلال تصرفاته وسيكون هناك عواقب».
وأضاف المتحدث أنه تم توجيه طلب للدول أعضاء الأمم المتحدة لتوفير قوات لبعثة مراقبة وقف إطلاق النار تنشر في سوريا بعد 10 أبريل، وأوضح أن التقارير الإعلامية عن نشر ما بين 200 و250 مراقبا غير مسلح «ليست بعيدة للغاية عن الواقع»، مضيفا أن القوة ستنشر تدريجيا، وأن الأمر في كل الأحوال «بحاجة إلى إذن صريح لإعادة نشر البعثة وفقا إلى قرار من مجلس الأمن».
وحول فريق الميجور جنرال موود، قال فوزي لوكالة رويترز «فريق التخطيط بالكامل في دمشق الآن.. هناك نحو عشرة أو 11 منهم»، وتابع أن الفريق لن يشارك في محاولة التحقق من تقارير عن الانسحاب.
وأوضح فوزي أن «ما نتوقعه في 10 أبريل هو أن تكون الحكومة السورية استكملت انسحابها من المراكز السكانية وسحب وحداتها العسكرية من المراكز المأهولة، وأن تكون قد أوقفت تحريك أي وحدات عسكرية إلى المدن، لنبدأ فترة 48 ساعة توقف خلالها جميع الأطراف كافة أشكال العنف تماما»، وأضاف: «وبالتالي سنبدأ في حساب الزمن في 10 أبريل للجانبين لوقف كافة أشكال العنف».
وأكد فوزي أن مكتب أنان على اتصال وثيق مع المعارضة السورية داخل وخارج سوريا، وتابع: «نتلقى إشارات إيجابية من المعارضة، تفيد بأنه متى تلتزم الحكومة بمهلة 10 أبريل، فإنهم سيلقون أسلحتهم أيضا».
وأردف قائلا: «وقف جميع الأطراف للعنف ليس هدفا في حد ذاته، سيكون مؤشرا على بدء عملية سياسية.. والحقيقة أن السيد أنان لم يبدأ بالتفكير فيها وحسب، بل ويعمل أيضا نحو صيغة مقبولة للجميع.. لا أستطيع الخوض فيها الآن». كما أوضح فوزي أن أنان سيجري محادثات في طهران في 11 أبريل مع مسؤولين إيرانيين كبار بشأن سوريا.
من جهته، استبق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اجتماع مجلس الأمن بقوله إن بلاده قد تصوت لصالح بيان بشأن سوريا؛ إذا لم يتضمن مهلة زمنية، مشيرا إلى أن روسيا ترى أنه من الضروري أن لا يكون هناك مساس بمساعي أنان من خلال توجيه «إنذارات أو تهديدات».
وأضاف لافروف، في ختام مباحثاته مع نظيره القرغيزي روسلان قزقبايف في العاصمة بيشكيك: «عندما ننظر في الاقتراحات التي يطرحونها في مجلس الأمن ننطلق من المبدأ القائل: إياك وإلحاق الأذى.. وفي حال تمكنا من صياغة الحل الوسط، الذي يناسب الجميع بهدف مساعدة كوفي أنان على تحقيق مهمته وليس توجيه إنذار يتسبب في التوتر، فسيكون هذا أمرا لا بأس به».
من جهة أخرى، حث لافروف أنان أمس على «الضغط كذلك على المسلحين السوريين، بعد أن دعا مجلس الأمن الدولي النظام السوري إلى تطبيق التزامه بسحب قواته بحلول 10 أبريل»، وقالت الخارجية الروسية إن لافروف أبلغ أنان هاتفيا أن موسكو دعمت بيان مجلس الأمن بناء على فهمها أنه سيتم فرض موعد نهائي ثان للمعارضة السورية المسلحة بإلقاء السلاح.
وقالت الوزارة «إن لافروف أكد أنه يجب على المعارضة السورية، وليس فقط السلطات السورية، أن تتخذ خطوات ملموسة» باتجاه وقف العنف. إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه، أمس، أنه «غير متفائل»، بشأن تطبيق النظام السوري خطة أنان، موضحا أن مسار الأمور لا يوحي بأن مهمة أنان ستضع حدا للقتال في سوريا، مشيرا إلى أن الأسد يتظاهر بقبوله خطة أنان وفي الوقت نفسه يواصل استخدام القوة ضد شعبه. وانضم جوبيه بتصريحاته «غير المتفائلة» إلى عدد من كبار المسؤولين الغربيين، الذين سبقوه في التشكيك في نوايا النظام السوري ومدى جديته والتزامه بتعهداته.
نص بيان مجلس الأمن الدولي بشأن سوريا

جريدة الشرق الاوسط

«إن مجلس الآن الدولي إذ يستذكر بيانه الرئاسي الصادر في 3 أغسطس (آب) 2011 وبيانه الرئاسي الصادر في 21 مارس (آذار) 2012 وبيانه الصحافي الصادر في الأول من مارس 2012، وإذ يعيد مجلس الأمن التأكيد على التزامه القوي بسيادة واستقلال ووحدة سوريا وأراضيها، واستنادا إلى أهداف ومبادئ ميثاقه، وإن المجلس إذ يعرب عن تقديره للمبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان لإطلاعه المجلس في أبريل (نيسان)، فإنه يلحظ أن الحكومة السورية التزمت في 25 مارس 2012 بتطبيق اقتراح المبعوث المؤلف من ست نقاط.
إن مجلس الأمن يدعو الحكومة السورية إلى التطبيق العاجل والواضح لالتزاماتها حسبما وافقت عليه في اتصالها مع المبعوث في الأول من أبريل بأن: (أ) توقف جميع تحركات قواتها باتجاه المراكز السكانية (ب) يوقف استخدام جميع الأسلحة الثقيلة في هذه المراكز (ج) يبدأ في سحب الحشود العسكرية من المناطق السكانية وما حولها وتطبيق هذه الخطوات بأكملها في وقت لا يتعدى العاشر من أبريل 2012.
إن مجلس الأمن يدعو جميع الأطراف بما فيها المعارضة، إلى وقف العنف المسلح بجميع أشكاله خلال 48 ساعة من تطبيق الحكومة السورية الكامل للإجراءات الواردة في النقاط (أ)، و(ب)، و(ج) الواردة آنفا. كما يدعو مجلس الأمن المعارضة إلى الدخول في حوار مع المبعوث بهذا الشأن.
إن مجلس الأمن يؤكد على أهمية وضع آلية مراقبة فعالة وذات مصداقية من قبل الأمم المتحدة في سوريا لمراقبة وقف العنف المسلح بجميع أشكاله ومن قبل جميع الأطراف، وجميع جوانب اقتراح أنان المؤلف من ست نقاط. ويطلب مجلس الأمن من الأمين العام (للأمم المتحدة) تقديم اقتراحات لهذه الآلية بالسرعة المناسبة، بعد التشاور مع الحكومة السورية. ويقف مجلس الأمن مستعدا لدراسة هذه الاقتراحات ومنح التخويل لآلية إشراف فعالة وحيادية عند تطبيق العنف المسلح بجميع أشكاله من قبل جميع الأطراف.
يؤكد مجلس الأمن على الأهمية المركزية للتوصل إلى تسوية سياسية سلمية للأزمة السورية، ويجدد دعوته للتطبيق العاجل والشامل والفوري لجميع جوانب اقتراح المبعوث المؤلف من ست نقاط. ويعيد مجلس الأمن التأكيد على دعمه الكامل لخطة المبعوث المؤلفة من ست نقاط، والتي تهدف إلى الوقف الفوري لجميع أعمال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان، وتأمين الدخول الإنساني وتسهيل الانتقال السياسي بقيادة سوريا بما يؤدي إلى نظام سياسي ديمقراطي متعدد يكون المواطنون فيه متساوين بغض النظر عن انتماءاتهم وعرقياتهم ومعتقداتهم، من خلال بدء حوار بين الحكومة السورية وجميع أطياف المعارضة السورية.
إن مجلس الأمن يجدد دعوته للسلطات السورية للسماح بالوصول الفوري والكامل وبلا عوائق للعاملين الإنسانيين إلى جميع السكان المحتاجين إلى المساعدة طبقا للقانون الدولي ومبادئ المساعدات الإنسانية. ويدعو مجلس الأمن جميع الأطراف في سوريا، وخاصة السلطات السورية، إلى التعاون التام مع الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية المعنية لتسهيل توفير المساعدات الإنسانية. ولهذه الغاية، فإن مجلس الأمن يدعو جميع الأطراف إلى التطبيق الفوري لهدنة إنسانية يومية مدتها ساعتان، كما دعت خطة المبعوث المؤلفة من ست نقــــاط.
إن مجلس الأمن يطلب من المبعوث إطلاع المجلس أولا بأول على مستجدات وقف العنف طبقا للجدول الزمني المذكور سابقا، وعلى التطور باتجاه تطبيق الاقتراح المؤلف من ست نقاط بأكمله. وفي ضوء هذه التقارير، فإن المجلس سيدرس اتخاذ مزيد من الخطوات كمـــا يراه مناسبا».
أنان: على النظام السوري استغلال الفرصة الأخيرة ووقف إطلاق النار فورا

قال إن «تيار التغيير لا يمكن الوقوف أمامه.. على الأقل ليس لفترة طويلة»

جريدة الشرق الاوسط... واشنطن: هبة القدسي.... طالب المبعوث الدولي والعربي الخاص كوفي أنان الحكومة السورية أمس بتنفيذ كافة النقاط الست الواردة في خطته بحلول نهاية المهلة المقررة في الساعة الـ6 صباحا بتوقيت دمشق يوم 10 أبريل (نيسان) الحالي، مشددا على سحب الآليات العسكرية بصفة خاصة من كل من إدلب والزبداني ودرعا.
ودعا أنان إلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى أكثر من مليون سوري في أمسّ الحاجة للمساعدة، وتمهيد الطريق أمام فريق حفظ السلام التابع للأمم المتحدة بقيادة الجنرال النرويجي روبرت مود للبدء في ترتيبات تقنية لمراقبة آلية وقف إطلاق النار من كافة الأطراف في سوريا، والتوصل لحل سياسي يلبي التطلعات الديمقراطية للشعب السوري من خلال حوار سياسي شامل بين الحكومة وكل أطراف المعارضة.
وأكد أنان في شهادته من جنيف عبر دائرة تلفزيونية مغلقة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أن الحكومة السورية وعدت عدة مرات بتنفيذ مبادرات وقف إطلاق النار وسحب الآليات العسكرية من المناطق السكنية لكن الوضع على أرض الواقع يحتاج إلى بذل مزيد من الجهود لتنفيذ هذه الالتزامات. ورحب أنان بقرار مجلس الأمن بدعم جهوده وتحديد 10 أبريل موعدا نهائيا لإنهاء الهجمات ووقف إطلاق النار.
وقال أنان «الوضع الحالي غير مقبول، وهناك حاجة إلى وقف القتال والسماح بنفاذ المساعدات الإنسانية والتحرك بسرعة لوضع حل سياسي يستجيب لتطلعات الشعب السوري من خلال إجراء حوار بين النظام السوري وكافة أطياف المعارضة». وشدد أنان على التزامه بتنفيذ الخطة، مع الالتزام باستقلال سوريا وسيادة ووحدة أراضيها واحترام قرارات الأمم المتحدة والاستجابة لتطلعات الشعب السوري.
وشرح أنان في شهادته النقاط الست لخطته، ورد النظام السوري على كل نقطة، ووعوده بالالتزام بوقف إطلاق النار وسحب الآليات العسكرية من المدن السورية وإنهاء العنف المسلح ودخول المساعدات والسماح بالنفاذ الكامل لمراكز الاحتجاز والسماح لوسائل الإعلام بالتحرك الحر في المدن السورية واحترام حق التظاهر السلمي وإجراء حوار مع المعارضة.
وقال أنان: «كل النقاط في الخطة مهمة، لكن نقطة واحدة هي الأكثر أهمية وهي وقف العنف، ومن الواضح أن العنف مستمر ولذا يجب وقف القتل». وأشار إلى أن الحكومة السورية وجهت له رسالة تتهم فيها جماعات مسلحة بالقيام بالهجوم ضد المدنيين وتنفيذ عمليات تخريبية، وأكد أن المهلة المحددة لوقف القتال تشدد على ألا تتواجد أي آلية عسكرية في المناطق السكنية، خاصة في كل من إدلب والزبداني ودرعا. وأضاف «الحكومة السورية أشارت إلى أنها ستقوم بتنفيذ كل ذلك، لكن من الواضح الاحتياج لمزيد من الجهد لتنفيذ تلك الالتزامات».
وقال أنان: «أدعو الحكومة السورية للتنفيذ الكامل للخطة حتى نصل إلى وقف كامل لإطلاق النار من كل الأطراف، وسحب كل الدبابات وطائرات الهيلكوبتر ووقف الاعتقالات والعنف الجنسي وكل أشكال العنف بما فيها العنف ضد الأطفال»، موضحا أن كل الجماعات المعارضة وعدت بتنفيذ وقف العنف إذا التزمت الحكومة السورية بذلك.
وأشار أنان إلى أن الحكومة السورية التزمت بالموافقة على تسهيل مهمة فريق حفظ السلام التابع للأمم المتحدة بقيادة روبرت مود، الذي وصل بالفعل إلى دمشق، للبدء في ترتيبات تقنية لمراقبة آلية وقف إطلاق النار، موضحا أن «الوضع في سوريا ليس قتالا بين جيشين.. والسلام يمكن تحقيقه من خلال عملية سياسية. وما نحتاجه هو وجود صغير لفريق الأمم المتحدة في سوريا، وتأكيد حرية تنقلهم في كافة أنحاء سوريا لتقييم الوضع على أرض الواقع».
وأكد أنان أن عملية وقف إطلاق النار يجب أن تتبعها الانتقال لعملية سياسية فورا وبدء حوار سياسي بين الحكومة السورية والمعارضة، بما يسمح بالانتقال إلى نظام تعددي ديمقراطي يوفر لكافة السوريين كافة الحقوق بشكل متساو. وشدد أنان على أنه سيكون من المهم أن تتفاعل المعارضة وتشارك في هذه العملية بفاعلية، وقال: «هناك جهود كثيرة يجب القيام بها وآمل أن الحكومة السورية والمعارضة تستغل اللحظة الحالية توقف القتل وتبدأ العملية السياسية وتساعد على تنفيذ الخطة بنقاطها الست». ولفت أنان النظر إلى أهمية وحدة المجتمع الدولي خلف جهوده؛ لتوفير فرصة لإنهاء العنف، مشددا في نهاية كلمته على أن «تيار التغيير لا يمكن الوقوف أمامه.. على الأقل ليس لفترة طويلة».
وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سوزان رايس التي ترأس بلادها الدورة الحالية لمجلس الأمن إن «الحكومة السورية تعهدت في 28 من الشهر الماضي بالالتزام بتنفيذ النقاط الست التي اشتملت عليها خطة أنان»، وطالبت الحكومة السورية بالوفاء بتلك الالتزامات على وجه السرعة وبشكل واضح.. ولوحت رايس بعقوبات محتملة ضد النظام السوري، وقالت «إن المجلس سيدرس اتخاذ مزيد من الإجراءات المناسبة والقيام بخطوات إضافية إذا دعت الضرورة». فيما أكد مندوب سوريا الدائم في الأمم المتحدة بشار الجعفري أن السلطات السورية وافقت على الالتزام بخطة المبعوث الخاص كوفي أنان ووقف إطلاق النار بحلول 10 أبريل، لكنها تريد التزاما مماثلا من المعارضة.. مشددا أن تنفيذ مقترحات أنان يجب أن يتم تحت السيادة السورية.
من جانبه، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن قلقه من استمرار سفك الدماء في سوريا، على الرغم من قبول الحكومة السورية للمقترحات المقدمة من أنان لإنهاء أعمال العنف. وقال: «لا يمكن أن تكون هناك أولوية أهم من وقف سفك الدماء، وهذه هي الفرصة الأخيرة لحل الأزمة سلميا». وأضاف «على الرغم من قبول الحكومة السورية لخطة أنان من أجل حل الأزمة إلا أن أعمال العنف والاعتداءات على المناطق المدنية لم تتوقف»، وحذر أنان من فشل الدبلوماسية بما يؤدي لاندلاع حرب أهلية طويلة.
وقال مون في اجتماع غير رسمي للجمعية العامة للأمم المتحدة: «إن الوضع في سوريا على أرض الواقع في تدهور مستمر، وتقع الآن على عاتق السلطات السورية الوفاء بما وعدت به وتنفيذ كامل وغير مشروط لجميع الالتزامات التي قدموها إلى المبعوث الخاص أنان».
وأشار مون إلى الأوضاع السيئة للسوريين الذين يتركون منازلهم، واحتياج مليون سوري داخل سوريا إلى مساعدات إنسانية بشكل عاجل، ومعاناة الآلاف اللاجئين عند الحدود.. وقال: «المدن السورية تحولت إلى مناطق حرب، وهذا غير مقبول ويجب وقفه. وأدعو الرئيس الأسد لإظهار القيادة والرؤية والقيام بما فيه مصلحة الشعب السوري والتحرك سريعا». وحث مون المعارضة للتوحد والاستعداد لوقف جميع أشكال العنف، وقال: «على المعارضة السورية اتخاذ الخطوات اللازمة لتقديم نفسها باعتبارها مجموعة مترابطة.. وهذا سيكون مهما للحوار. وآمل أن نتمكن من إطلاق عملية شاملة وحقيقية في وقت قريب».
وأوضح مون أن هيئات الإغاثة الإنسانية قدمت المساعدة إلى ألفي أسرة داخل سوريا، مطالبا ببذل مزيد من الجهد لضمان عدم ترك الشعب السوري وحده في هذا الوقت الحرج، وطالب بتوسع نطاق جهود الإغاثة مع الاحتفاظ باستقلاليتها ونزاهتها.
 
مسؤول روسي: تصريحات لافروف حول «حكم السنة» في سوريا أسيء فهمها

هيئة التنسيق بموسكو في 17 أبريل لمطالبتها بالضغط على الأسد

جريدة الشرق الاوسط... موسكو: سامي عمارة بيروت: بولا أسطيح ... بينما يستعد 10 أعضاء من هيئة التنسيق الوطنية السورية لتلبية دعوة وزارة الخارجية الروسية لزيارة موسكو في يومي 17 و18 أبريل (نيسان)، نفى أمس ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسية، التصريحات التي صدرت عن الوزير لافروف بشأن وجود من يريد تنصيب أنظمة سنية في سوريا، مشيرا إلى أن ما قاله حول هذه المسألة فُهم على سبيل الخطأ.
وقال بوغدانوف، المسؤول عن ملف البلدان العربية الممثل الشخصي للرئيس الروسي في الشرق الأوسط، في حديثه إلى قناة «روسيا اليوم»: «لقد كلفنا زميلنا قسطنطين شوفالوف، سفير المهمات الخاصة المسؤول عن الاتصالات مع منظمة التعاون الإسلامي ومع المنظمات الإسلامية الأخرى، أن يوضح الالتباس الحاصل.. نحن نقول إن تصريحات الوزير سيرغي لافروف أخذت مجتزأة ومفصولة عن سياقها العام وقد فهمت خطأ».
وتابع بوغدانوف أن من يعيشون في روسيا يعلمون «شخصيا أن غالبية المسلمين في روسيا هم من أهل السنة، والدولة الروسية تدعو باستمرار إلى التفاهم والإخاء بين السنة والشيعة، ونعارض بشدة الفتن الطائفية والمواجهة بين ممثلي الديانات والطوائف أو تفضيل مذهب على آخر أو دين على آخر، فالمسلمون والمسيحيون يتعايشون بود وإخاء في روسيا، ونتمنى أن يعم مثال المسلمين والمسيحيين الروس الشرق الأوسط. أما مسألة السلطة ومن يحكم، فإن الطريق الأمثل لمعالجتها يمر عبر إجراء الانتخابات الديمقراطية في جميع البلدان العربية، ونعتقد أن هذا ما أرادته الشعوب في الربيع العربي».
وفي غضون ذلك، يستعد 10 من أعضاء هيئة التنسيق الوطنية السورية، بينهم 8 من الداخل السوري و2 من الخارج، لتلبية دعوة وزارة الخارجية الروسية لزيارة موسكو في يومي 17 و18 أبريل (نيسان)، ويبحث الأعضاء في كيفية تطبيق مبادرة المبعوث الدولي كوفي أنان، انطلاقا من تمسّك الهيئة بالحل السياسي للأزمة.
وفي هذا السياق، جدد مسؤول العلاقات الخارجية في الهيئة، هيثم مناع، تمسكهم بمبادرة أنان «حتى ولو لم تكن أجمل ما هو موجود»، معتبرا أنها «تبقى أقل الخيارات سوءا لتحديد وتحجيم الخسائر البشرية والاقتصادية في الداخل السوري»، لافتا إلى أنه «وحتى من اختار عسكرة الثورة سيستفيد من هذه المبادرة لإعادة تنظيم صفوفه»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «المجتمع السوري منهك كما الجيش السوري وبالتالي هذه المبادرة تعطي متنفسا للسوريين ليعودوا بعدها بانطلاقة قوية لثورة سلمية».
وأوضح مناع أن «الهيئة ستطلب وبشكل واضح موقفا صارما من روسيا لجهة الطلب منها بممارسة ضغوط قوية على النظام السوري لتنفيذ خطة أنان»، وأضاف: «سنقول للروس: أنتم معنيون بالضغط على الأسد لأنكم قادرون على التأثير عليه، وأنتم حين تصفون مبادرة أنان بفسحة الأمل مولجون المساعدة على تطبيقها خاصة أن تجربتنا مع النظام السوري مرّة لجهة تطبيق وعوده والتزامه بالمبادرات والمعاهدات التي يوقع عليها».
وعن إمكانية لقاء وفد الهيئة بوزير الخارجية السورية، وليد المعلم، الذي يزور روسيا في 10 أبريل (نيسان) الحالي، قال مناع: «نحن نتحرك باتجاه روسيا كمعارضة وطنية وليس كهيئة تنسيق، وبالتالي ننسق مع باقي فرقاء المعارضة ونرفض مبدأ الاتصالات الأحادية، الذي يعتمده المجلس الوطني السوري»، مشددا على أن «الحوار كما طرحته السلطة والنظام ينتمي إلى فترة انقضت». وأضاف: «هذا الحوار كان ممكنا منذ 9 أشهر، أما اليوم فهو غير قابل للنقاش والتفاوض. نحن لن نفاوض إلا على كيفية الانتقال إلى سوريا ديمقراطية مدنية، ونرفض أن نتفاوض مع من تلوثت يديه بالدم».
أستاذ بشار الأسد لـ «الشرق الأوسط»: كان دمثا ولطيفا.. وتحول إلى وحش كاسر

الكردي لـ«أصدقاء سوريا»: نقل أكياس الدم عقوبته القتل.. والغناء للثورة اقتلاع الحنجرة.. وتصويرها فقء العيون

إسطنبول: «الشرق الأوسط».... قدم الطبيب السوري والأستاذ الجامعي محمود الكردي شهادة مؤثرة أمام مؤتمر «أصدقاء سوريا» تحدث خلالها عن الوضع الإنساني في حي بابا عمرو تحديدا، مقدما صورة قاتمة للوضع الإنساني فيه، وفي سوريا بشكل عام.
البروفسور الكردي كان شاهدا على تحول شخصية الرئيس السوري بشار الأسد الذي كان أحد طلابه في جامعة دمشق. فبعد أن يصف سنواته كطالب بأنه كان في منتهى الدماثة والكياسة والاحترام، يقدم صورة معاكسة له بعد وصوله إلى منصب الرئاسة، إذ بدأت دماثته تقتصر على الموالين، قبل أن يتحول إلى «وحش كاسر». «الشرق الأوسط» التقت الكردي، الذي كشف عن شهادته أمام المؤتمر بعدما أصبحت العودة إلى سوريا مستحيلة خوفا من أن يتحول إلى «كبة نيئة» كما قال. وفي ما يأتي نص الحوار:
* ما هي مهنتك؟
- أستاذ جامعي وأكاديمي مستقل، جراح سرطان نسائي، ورئيس الهيئة العربية لتطوير الرعاية الصحية والتعليم الصحي، وقد انتخبني لذلك مجلس وزراء الصحة العرب منذ 5 سنوات.
* لماذا كانت شهادتك أمام مؤتمر «أصدقاء سوريا»؟
- دعاني المجلس الوطني السوري لأقدم صورة عما يجري في سوريا لأنني كنت قد أمضيت وبعض عائلتي سنة ونصف السنة في سوريا، وقد عملت مع مجموعة صغيرة لإيصال بعض المعونات الصحية للمتضررين، خصوصا في حمص وبابا عمرو. إن نقل أكياس الدم الفارغة هي بنظر النظام جريمة تستوجب القتل الفوري أو التوقيف ثم الإحالة إلى محكمة ميدانية. كذلك نقل المستشفيات الميدانية، وقد تم تحويل من يهربها إلى محاكم ميدانية. ومن يضبط من المغنين للثورة والحرية تقتلع حنجرته وهو حي، ومن يصور أو ينقل أفلاما للخارج عن الثورة يتم فقء عينيه وهو حي ثم يقتل، وكأن الجميع لم يسمع بذلك من قبل وكان له وقع شديد على الجميع.
* متى عدت إلى سوريا؟
- عدت إلى سوريا منذ سنة ونصف السنة للإقامة في دمشق للقيام بمهمة تطوير الرعاية الصحية، وخلال السنوات التي قضيتها في دمشق، كان الدكتور بشار الأسد أحد تلامذتي.
* كنت على تماس مباشر معه؟
- لا تأخذها نقطة ضدي..
* كيف كانت شخصيته؟
- كان بعيدا جدا عما هو عليه الآن.
* ماذا تقصد؟
- كان في منتهى الدماثة والخلق والكياسة واللطف، ولم يظهر عليه في تلك الفترة أي تجاوز ولم تزعج مرافقته الدائمة - غير الكبيرة - أي أحد، ولم يبد أي أحد في جامعة دمشق أي ملاحظة على مرافقاته.
* ماذا عن علاقتك به؟
- كان هناك ود من بعد من طرفه، وفي أحد المؤتمرات التي عقدت عام 2004 جاءت بثينة شعبان لتعرفه علي، فقال لها إنه أستاذي الكبير. وسألني عن أوضاعي وطلب مني أن أزود القصر بما هي حقوق المرضى ليسطرها بقانون. وكان الحديث كله في الشأن العام.
* كيف كان كطالب؟
- عدد الطلاب كان كبيرا جدا في الجامعة، لكنني أذكر أنه كان دمثا وكان يحضر كل محاضراتي. وكان يحضر الجلسات العلمية. ومن ملاحظاتي عن بعد أنه كان في غاية الكياسة مع زملائه، وله محبة وشعبية بينهم. وهذا تجلى عام 2005 إذ لم ينس زملاءه الطلاب الذين سافروا معه إلى أميركا، فخصهم بأرض لبناء مدينة طبية عالية التخصص في المزة.
من الواضح أنه يحفظ الود لزملائه، لكن في مرة من المرات بلغني أنه عندما وجه له نقد بخصوص التطويرات التي قام بها قام بقطع المحادثة معهم وترك الجلسة. عموما هو يحفظ الود، لكن مع من لا يعارض الحكم. وقد أبلغت مرارا وتكرارا أنه لم يغفر لي تركي لسوريا عام 1992. وقد أبلغني مسؤول كبير أن المشروع الذي اقترحته قبل، لكن تركي سوريا يعيق الأمر. فانقلب الدعم والود لأساتذته بسبب سياسي، إلى عدم المساعدة في تطوير الرعاية الصحية في الدول العربية ومحاولة توقيفها.
* ما الذي حدث؟
- هذا الرئيس الذي كان ينادي بالتجديد والتحديث، انقلب إلى وحش كاسر، لكنه وحش لا يقدر إلا على الضعيف، وهذا دليل على أن من يقوم بذلك هو جبان ولن يرتدع إلا بالقوة أو بالتهديد بها
* كيف كانت «سنة الثورة» وما هي مشاهداتك فيها؟
- الشيء اللافت أن ما يتردد من الأنباء عن وجود مناطق ما زالت موالية، أقول إن الغالبية العظمى من دمشق حيث عشت، هم منشقون عن النظام، سواء في ذلك الأساتذة وطلاب الجامعات وضباط ومسؤولون. الغالبية العظمى تنتظر وقف القتل للنزول إلى الشارع. هناك أشخاص كانوا يقولون لي إنهم سينفجرون من رؤية هذا القتل والدمار والكذب على الإعلام بأن دمشق هي مؤيدة. كما أن استطلاعا للرأي بين المغتربين السوريين في الولايات المتحدة أظهر أن نحو 80 في المائة منهم يريدون تغيير النظام، وهؤلاء في غالبيتهم من المسيحيين ولدي من بينهم أصدقاء. وهناك نسبة ضئيلة من الناس الذين يؤيدون النظام حتى الموت، وبعضهم من عائلتي، لكنهم يشكلون نسبة ضئيلة جدا. إن النظام يستهدف مدنا بأكملها، وهذا ما حدث في حمص التي يبدو أنه يحاول من خلال السيطرة عليها إنشاء دولة علوية من 5 محافظات عاصمتها حمص.
أنا كجندي في الثورة السورية سأحاول تقديم الدعم من خلال المنظمات العالمية التي سأحاورها في عدد من دول العالم.
* ......
- هذا الموضوع لا أحب أن أتكلم عنه كثيرا لأن هناك أشخاصا سيتضررون بشدة.
* بشكل عام؟
- أولا لا أعرف من أنت، وإذا عرفت فهذا لا يهم. فحياة الناس أهم من حياتي، وهناك أشخاص يعرضون حياتهم وحياة عائلاتهم للخطر لنقل ما يجب نقله في الأوقات المناسبة. من الواضح أن كسر العظم بدأ منذ زمن ونحن أغبياء لا نعرف كيف نتصرف أمام نظام يريد أن يحكمنا أو يفنينا.
* متى خرجت من سوريا؟
- في مارس (آذار) خرجت إلى كمبردج لإجراء جراحة لزوجتي، ولم أكن أعرف أنني سأغادر ولن أعود. فقد طلبت للإدلاء بشهادة عن أوضاع الإغاثة في إسطنبول فضبطت عنصرا من حزب الله يقوم بالتصوير وشخصا من إيران أيضا فتريثت في العودة، ثم دعيت إلى المؤتمر المخصص لتوحيد المعارضة، وطلبت للشهادة أمام مؤتمر «أصدقاء سوريا»، فانعدمت سبل العودة لأنني لا أريد أن أعود إلى دمشق لأصبح «كبة نيئة».
* ما هو انطباعك عن الوضع آخر مرة غادرت سوريا؟
- إذا استمرت الأمور على هذا المنحى من التقتيل والذبح، لأن معظم الذين قتلوا في بابا عمرو قتلوا ذبحا، فالأمور سوف تذهب إلى منحى آخر، لأن لا شيء سيوقف الشعب بعد ما حصل. وأعتقد أن الجيش سينقسم أكثر والناس سوف تنزل بالملايين إلى الشوارع إذا ما توقف القتل.
النص الكامل لشهادة الكردي: رواية شخصية تعكس وحشية ما يحدث في بابا عمرو

السيد الرئيس، أصحاب المعالي والسعادة

جريدة الشرق الاوسط... السيدات والسادة،.... تدل مهنتي، كأستاذ لجراحة أورام النساء، على أنني لست سياسيا. وقد نشأت في حي بابا عمرو، وأنا الآن في الخامسة والستين من عمري، وقد تخرجت في كلية الطب منذ 40 عاما. تركت سوريا وتوجهت إلى بريطانيا منذ نحو أربعة أسابيع في خضم القصف على حي بابا عمرو ومدينة حمص، وبقية المدن السورية. قضيت نحو 27 عاما من حياتي المهنية في بريطانيا، وكان معظمها في جامعة كامبريدج، حيث كنت أقوم بتدريس الطب هناك، كما قضيت 13 عاما في جامعة دمشق التي كنت أعمل بها كمدرس جامعي. وكان الدكتور بشار الأسد هو أحد تلامذتي في كلية الطب بجامعة دمشق عام 1987، ولكن رجاء عدم استخدام تلك النقطة ضدي.
وعلى مدار الأحد عشر عاما الماضية، كان اهتمامي الأساسي، جنبا إلى جنب مع جراحة الأورام، هو تحسين الرعاية الصحية في الدول العربية.
ومنذ أكثر من خمس سنوات، تم انتخابي عن طريق مجلس وزراء الصحة العرب لكي أقوم بتشكيل لجنة عليا تعمل على تقديم معايير تستند إلى أدلة وحقائق لكل العاملين في مجال الصحة في كافة التخصصات في جميع الدول العربية. وأتمنى أن يساعد الربيع العربي في إتمام تلك العملية بسرعة أكبر، ولكن ليس هذا هو الوقت المناسب لمناقشة تلك القضية.
ولأسباب شخصية، لن أتطرق إلى دوري المتواضع في الثورة السورية على مدار العام الماضي، وأنا متأكد من أنكم سوف تتفهمون الأسباب.
وقد أخبرني كل الذين قابلتهم من المدن والبلدات والقرى السورية التي تشهد الثورة السورية أن ما تراه على شاشات أفضل القنوات التلفزيونية لا يمثل 10 في المائة من الأهوال والفظائع التي ترتكب على الأرض في سوريا، ولا سيما خلال الثلاثة أو أربعة أشهر الماضية.
وقد أصيب الصحافي بول كونروي في حي بابا عمرو، كما قام النظام السوري بفتح النار على عشرين شخصا أو أكثر وتم قتلهم أثناء محاولتهم تهريب الصحافي على نقالة للجرحى من بابا عمرو إلى لبنان.
وقام كونروي بوصف ما حدث قائلا: «سوف يذكر التاريخ أن قصف مدينة حمص هو مذبحة لا تقل عما حدث في رواندا أو البوسنة. إنها ليست حربا، ولكنها عملية ممنهجة لذبح السكان المدنيين، ومذبحة عشوائية لا تميز بين الرجال والنساء والأطفال».
ومن الجدير بالذكر أن بول كونروي قد أخبر ابنتي وهو يرقد على سرير بالمستشفى قبل أقل من ثلاثة أسابيع أنه لا يزال لديه «هديتين» روسيتي الصنع في أردافه؛ ويقصد بذلك قطعتين من الشظايا التي لم يتم استخراجها من مؤخرته حتى الآن! ولكنه كان مهذبا للغاية مع ابنتي.
ويمكنني القول بأنه قد تم تدمير أكثر من نصف البنية التحتية التي تخدم نحو 14 مليون شخص في السبع مدن الرئيسة التي تشهد الثورة السورية، وقد تم تدميرها إما عن طريق القصف العشوائي أو عمدا من قبل قوات النظام السوري. ولا يتم السماح لأي شخص مصاب بالوصول إلى المستشفى. وفي الأيام الأولى للثورة، كان أي مصاب يصل لأي مستشفى يتم قتله أو يتم إلقاء القبض عليه ثم قتله بعد ذلك. وكان المستشفى الوحيد الآمن هو ذلك المستشفى الذي كان يتم تأمينه من قبل الجيش السوري الحر أو الذي يتم تطويقه بدروع بشرية. وقد حدث هذا في مستشفى «الوعر» في مدينة حمص خلال الأيام الأولى للثورة.
والآن، تم تدمير معظم المستشفيات الخاصة في مدينة حمص، في حين أصبحت المستشفيات الحكومية فخا للموت، ولذا لم يكن بإمكان المصابين الذهاب لأي مستشفى خلال التسعة أشهر الماضية.
وقد سمعت مرارا وتكرارا، وبصورة مباشرة، من الأطباء الموجودين في المستشفى الميداني بحي بابا عمرو على مدار الأحد عشر شهرا الماضية، والذين أكدوا التقارير التي أعلنها الطبيب الفرنسي جاك بيريز، وهو أحد مؤسسي منظمة «أطباء بلا حدود» والذي شاهد المدنيين وهم يموتون في حجرة عمليات مضاءة بالشموع متأثرين بجراح كان يمكن علاجها بسهولة في الأيام العادية. وكان معظم المصابين الذين دخلوا المستشفى هم من المدنيين الذين أصيبوا بشظايا من قذائف الهاون الثقيلة.
وقال بيريز إن ما يحدث في حمص يذكره بمأساة العاصمة الشيشانية غروزني عندما كانت تتعرض للقصف من جانب القوات الروسية في خصم الحرب الشيشانية الثانية في أواخر التسعينيات من القرن الماضي.
إننا، كمجموعة صغيرة على الأرض، نقدر عدد الذين فروا من منازلهم بنحو أربعة ملايين شخص، معظمهم من مدينتي حلب ودمشق، والمناطق المحاصرة في حمص وضواحي دمشق وغيرها من المدن.
وعلاوة على ذلك، تم تدمير منازل نحو مليون شخص في المناطق الأكثر تضررا. ونتيجة لهذا الدمار الكبير، أصبحت النكتة الأكثر انتشارا في دمشق الآن هي أن سكان المدينة يمكنهم رؤية تركيا أو أنقرة من دمشق دون أي عوائق في الأفق بعد تدمير كل المباني والمنشآت! وقد أخبرني أحد الأطباء الشباب والذي يعمل في المستشفى الميداني في بابا عمرو أن منزله والمستشفى الميداني قد تم تدميرهما للمرة الثانية، ثم تم ذبح والده. وبدافع من اليأس، قال هذا الطبيب، شأنه في ذلك شأن العديد من الأطباء في بابا عمرو: «أين الله من كل ما يحدث؟».
وفي قريتنا الصغيرة، تم ذبح ست عائلات كاملة بها أكثر من 70 شخصا، بمن في ذلك الأطفال والنساء، أما الشيء الأفظع في ذلك هو أنه لم يخرج أي شخص من أفراد تلك العائلات في أي احتجاجات.
وعلاوة على ذلك، فإن أي شخص يقوم بنقل أي أدوات طبية أو حتى أكياس الدم الفارغة لإنقاذ أي شخص، يتم قتله أو اعتقاله ثم تحويله إلى محاكمة عسكرية تحكم عليه بالإعدام رميا بالرصاص. وفي الحقيقة، تفخر وسائل الإعلام التابعة للنظام بنفسها يوميا وهي تعلن عن اعتقال الأشخاص وتدمير المستشفيات الميدانية. ولا يتم السماح بدخول أي إمدادات طبية إلى سوريا أو إلى لبنان بصورة رسمية. وعلى الرغم من جهودها الحثيثة على مدار الشهرين الماضيين، فشلت منظمة «هاند إن هاند» اللبنانية في تخليص حاويتين تحملان المستلزمات الطبية لمدينة حمص، من مطار بيروت.
والأسوأ من ذلك أن المستلزمات والإمدادات الطبية التي تمنحها وكالات الإغاثة الدولية للصليب الأحمر في سوريا تقع في نهاية المطاف في يد النظام السوري الذي يمنع وصولها للمدنيين.
ولو تم سؤالي، بحكم مهنتي كطبيب، عما إذا كان النظام السوري يعمل عن قصد لمنع وصول المساعدات الطبية للمدنيين، فستكون إجابتي دون أدنى شك هي «نعم»، لأن هذه هي الحقيقة الموجودة في سوريا الآن.
وأود أن أختتم حديثي بالإشارة إلى محادثة دارت بيني وبين أحد زملائي في دمشق منذ ثلاثة أيام على «سكايب»، حيث أخبرني هذا الزميل أنه قد تم إيواء 400 عائلة من حي بابا عمرو ومدينة حمص قبل يوم واحد في فنادق رخيصة وقامت بعض المؤسسات الخيرية بدفع المقابل المادي. وضمت هذه العائلات 50 طفلا صغيرا، علاوة على 160 طفلا غالبيتهم بلا آباء أو أمهات. وكان من بين هؤلاء الأطفال طفلتان حاملتان نتيجة تعرضهما للاغتصاب، إحداهما في الرابعة عشرة من عمرها والأخرى في العاشرة من عمرها. وقد حاول زميلي الحصول على وثائق تؤكد أن الفتاتين حاملتان، ولكن لم تسمح الشرطة السرية لأي طبيب بالحصول على مثل هذه الوثائق خشية استخدامها في تقديم تقرير رسمي تكون نتيجته مروعة.
وفي اليوم التالي، أمرت الشرطة السرية السورية ملاك الفنادق بطرد الـ400 أسرة والأطفال، وقاموا بتوزيع أوامر من النظام تشير إلى أنه من غير القانوني بيع أي ممتلكات لأشخاص من حمص أو دعوة أي ضيوف من حمص للبقاء في تلك الفنادق. وقد طلبت مني تلك العائلات، ولا سيما اليتامى، أن أوجه إليكم تلك الأسئلة: مع كامل احترامي لكل الجهود التي تبذلونها، ما فائدة مساعداتكم أو أموالكم إذا كانوا لا يستطيعون إيجاد أي مكان يؤويهم، هل ستؤدي تلك المساعدات إلى إعادة آبائهم، وما الذي ستفعلونه للفتاتين اللتين حملتا سفاحا وهما في سن الرابعة عشرة والعاشرة، وهل تمنع هذه المساعدات حدوث ذلك مرة أخرى؟
لقد طلب مني الناس التعساء والمحبطين في سوريا أن أطلب منكم مساندة المجلس الوطني السوري، لأن ذلك سوف يعطيهم بصيصا من الأمل.
إما أن تقوموا بحمايتنا أو تقوموا بتسليح الجيش السوري الحر ليقوم هو بذلك، ولا يوجد خيار آخر. ومن الواضح للغاية أن النظام يريد لنا الموت بصمت، وأؤكد لكم أننا لن نموت بصمت إذا ما تلقينا مساعدتكم.
فليرحم الله كل شهداء سوريا، وبارك الله فيكم جميعا. وسوف ننتصر.
موسى الكردي أستاذ أمراض النساء رئيس المعهد العربي للامتياز السريري
عضو «البعث» أمام مؤتمر إسطنبول: شهدت قتل الناس بالفؤوس في أحد مساجد حلب

رفض البوح بهويته قائلا: النظام مجرم بكل ما للكلمة من معنى

إسطنبول: «الشرق الأوسط»... رفض «أبو أحمد»، البوح باسمه الحقيقي وبكثير من تفاصيل شهادته أمام مؤتمر «أصدقاء الشعب السوري» الأسبوع الماضي.. حتى اسم «أبو أحمد» هو اسم مستعار اختاره «الشاهد» الأول أمام المؤتمر ليخفي به هويته، مبررا ذلك بأن «النظام مجرم بكل ما للكلمة من معنى، وإخوتي وأهلي موجودون في سوريا ولا أريد لهم أن يصابوا بأذى نتيجة هذه الشهادة».
يفضل «أبو أحمد» ألا يخوض في تفاصيل شهادته كلها «لأن فيها ما يمكن أن يفضح هويته»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أنا أموري محلولة مع النظام من خلال عملي معهم في النقابات والحزب (البعث)، لكن لما وصلت الأمور إلى مرحلة الدم والكرامات لم أعد أتحمل، فلا يوجد إنسان فيه ذرة من الكرامة يقبل بما يجري».
لا يريد «أبو أحمد» الاستفاضة في موضوع شهادته أمام المجلس لأن فيها الكثير مما يؤشر إلى هويته، لكنه يشير إلى أنها تضمنت تفاصيل عن بعض الجرائم التي شهدها أو أخبر عنها كحال صديق أولاده الذي اختفى منذ 5 أيام بعد أن اعتقله الأمن والشبيحة ليجده الناس مرميا جثة عليها آثار التعذيب الشديد بعد أقل من 24 ساعة، مشيرا إلى أن الجثة كانت مكسورة الرقبة بالكامل، فالرأس يتحرك في كل الاتجاهات بعيدا عن الجسد.
واقعة أخرى يذكرها «أبو أحمد»، حيث يروي كيف أنه شاهد بأم العين في أحد المساجد هجوما على المصلين تضمن عمليات ضرب وقتل وضرب بالفؤوس، موضحا أنه رأى أيضا عمليات إطلاق نار على متظاهرين عزل، مؤكدا أن «أشخاصا كثرا يعرفهم، قتل أولادهم وخافوا أن يعلنوا ذلك فدفنوهم بصمت»، متوقعا أن يتكشف بعد الثورة الكثير من الأرقام المذهلة ستكون أكبر بكثير من المعلن حتى الآن.
وعن حادثة المسجد، يقول: «المسجد في حلب، وفي الشهر الرابع من الثورة كنت أصلي فيه مع غيري وشاهدت بأم العين اقتحامهم له بالعصي والبلطات (الفؤوس) والسكاكين». ويضيف: «رأيت الدماء تسيل على أرض الجامع فتأثرت كثيرا، خصوصا أن العديد من هؤلاء لم تكن لهم علاقة بأي حراك، وكانوا مجرد مصلين».
يقول «أبو أحمد»: «أنا غادرت دمشق منذ وقت غير بعيد. فأنا أعمل معهم وأعرف (البير وغطاه)، وعندما اشتدت الثورة تحمس أولادي واندفعوا مع رفاقهم. لكني عشت كطالب أحداث الثمانينات وعرفت من الرعب ما لا يطاق». ويضيف: «أصبحت العيون مفتوحة علينا نتيجة نشاط أولادي. ومنذ شهر ونصف الشهر بيتنا خاضع للمراقبة وأولادي لا يأتون إلى البيت. كما بدأنا نتلقى اتصالات هاتفية من مكاتب الأمن يسألون عنهم، حتى أنا أصبحت مراقبا، إذ لاحظت أن سيارات للأمن تراقبني وتلاحقني. وتوقعت أن يتم اختطافي لأنهم اعتادوا اختطاف أفراد من العائلات للضغط على أبنائها لتسليم أنفسهم. ولما عرفت بواسطة علاقاتي أن أولادي مطلوب تصفيتهم، حيث إن أسماءهم موجودة على لوائح التصفية، اتصلت بزوجتي والأولاد وقلت لهم أن يجهزوا أنفسهم بأقل المتاع الممكن ونقلتهم من البيت، وتنقلت في أكثر من مكان داخل سوريا لنحو أسبوع. وعندما بدأوا الضغط على أصدقاء أولادي المقربين اتصلت بأشخاص من الجيش الحر أخذوني من حلب مع زوجتي وانتقلنا إلى تركيا حيث نعيش حاليا في الخيام بعد أن كنا نعيش حياة كريمة ومحترمة».
ويشير «أبو أحمد» إلى أنه رغم كل ذلك، ورغم أن أولاده تركوا جامعاتهم ومستقبلهم، ولم يعد يراهم أو يتواصل معهم، فإن هناك عائلات دفعت أثمانا أكبر بكثير. ويضيف: «أولادي جزء من هذا الشباب الثائر وقد رفضوا المغادرة قائلين إنهم باقون في بلادهم مهما كان الثمن».
وعن عمله في الحزب، يقول «أبو أحمد»: «أنا عملت في الحزب ككثير من السوريين. أردنا - أنا وبعض المخلصين - أن نعمل للتغيير من الداخل. عملت في النقابات وكان لي حضور جيد وعرفت بكلمتي الجريئة، ولهذا أصبحت محاربا من قبل أصحاب المناصب العليا في الحزب».
يشدد «أبو أحمد» على أن العديد من زملائه في الحزب و«الغالبية العظمى من أعضاء النظام والحزب يشعرون بالاشمئزاز والاحتقان والغضب، لكن ليس بأيديهم فعل شيء.. فكلنا رهائن في الداخل».
يقول «أبو أحمد» إن «الجرأة كبيرة جدا لدى الشباب الثائر».. ويضيف: «وصلت بهم الأمور إلى حد الاستمرار في التظاهر ورمي الحجارة على الأمن رغم إطلاق النار عليهم مباشرة وتساقط القتلى والجرحى من بينهم». ويتابع: «المشهد يصبح كالآتي.. يخرج الناس في مظاهرة، يأتي الأمن والشبيحة فيطلقون النار بشكل عشوائي، الناس تسقط ويحاول الأمن الاستيلاء على الجثث والقبض على الجرحى». ويكشف أنه شاهد رجالا في الخمسينات من العمر عليهم آثار التعذيب بالكهرباء، وقد مورست عليه وسائل تعذيب كثيرة منها «الكرسي البولوني» وهي طريقة تعذيب تؤدي إلى قرح في العمود الفقري لأنهم يضعون الشخص على بطنه ويرفع الرأس والرجلان إلى الأعلى والظهر إلى الأسفل، كما هناك حالات كثيرة لقطع الأصابع، موضحا أنه زار شخصا في الخمسينات من العمر لتهنئته بالخروج من السجن، فوجده يرتدي جلابية بيضاء وبان على قدميه آثار حمراء اللون، ولما سأله كشف له عن آثار تعذيب بالكهرباء، قائلا إنهم (الأمن) يبللون الأرض بالماء ثم يطلقون الكهرباء فيصبح المرء وكأنه يتمزق، ويتابع أن شخصا آخر مريضا بالبروستاتا كان موقوفا في فرع المخابرات الجوية أخبره كيف أنه كان يعطى 70 ثانية منذ لحظة خروجه من الباب وحتى العودة، وإذا تأخر يخضع لمزيد من جلسات التعذيب الشديد.
يكشف «أبو أحمد» أنه شارك في بعض مسيرات التأييد للنظام «من باب المجاملة». ويقول: «الغالبية العظمى من الناس لا تريد النظام، كما أن بعض الناس ارتبطوا بأعمال فساد وهناك أناس مضللون مغسولة أدمغتهم مقتنعون أن النظام قوي وقادر على أن يتغلب على كل الدول»، موضحا أن «هناك تجارا وصناعيين ارتبطوا بالنظام وبعضهم الآخر هو مجرد واجهة أو شركاء للعائلة الحاكمة».
وتحدث «أبو أحمد» عن معاينته في جامعة حلب لعمليات القتل والتعذيب والإهانات والتنكيل الذي جرى، مشيرا إلى أن خطف البنات والاعتداء عليهن من الأمور المؤكدة، وكذلك خطف بعض الناس من أجل المطالبة بالمال.
وعن موضوع السلاح في سوريا، يقول «أبو أحمد» إنه «أمر عادي»، فهناك الكثير من السلاح في سوريا - المرخص وغير المرخص - فهذا واقع المجتمع. ويتابع: «الشعب متروك تماما وكل من يلاحقه الأمن لديه خياران، إما محاولة الهرب وإما الدفاع عن نفسه. ومن لديه شيء يبيعه ويشتري سلاحا». لكنه يضيف أن طلقة «الكلاشنيكوف» ارتفع سعرها من 15 ليرة سورية إلى نحو 250 وهي غير متوفرة، وقواذف الـ«آر بي جي» يتراوح ثمن الواحد بين 600 و700 دولار للواحدة، مشيرا إلى أن عملاء النظام يشترون السلاح من السوق السوداء لقطع الدعم عن الجيش الحر. ويقول: «لقد رأيت أشخاصا في إدلب عندهم قاذفان و40 قذيفة تبين أن قذيفتين منها فقط انفجرتا والبقية كانت غير صالحة لأن النظام يبيعها فاسدة».
ورغم مغادرته، فضل أن يترك «أبو أحمد» خبرا مع أخيه يقول فيه إنه غادر من أجل «شم الهواء» في تركيا لفترة. ويخلص إلى أنه أدلى بشهادته من أجل أهله في الداخل، قائلا: «نقلت الحقيقة من دون مبالغة، لكني لم أقل كل الحقائق، لأني لو أردت أن أفعل لاضطررت إلى كتابة مجلدات».. ويختم قائلا: «أحببت أن أوصل رسالة إلى المجتمع الدولي، تقول إننا صابرون على الجوع والتعب، لكننا نريد أن نحقن دماء الناس».
 
 
 

المصدر: جريدة الشرق الأوسط اللندنية

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…...

 الخميس 19 أيلول 2024 - 11:53 ص

Sri Lanka’s Bailout Blues: Elections in the Aftermath of Economic Collapse…... The economy is cen… تتمة »

عدد الزيارات: 171,562,077

عدد الزوار: 7,637,526

المتواجدون الآن: 0