تقارير ...ثغرات عملية الناتو في ليبيا ستكون تحديا أكبر في سوريا...أسلحة أميركا لن تقدر على مواجهة إستراتيجية إيران الشرسة...تسييس العمل الإغاثي وتشتته يحرمان المتضررين السوريين من أموال المساعدات

سيناء هدف للجيش الإسرائيلي وعملية اغتيال بن لادن نموذج لتدريباته

تاريخ الإضافة الأربعاء 18 نيسان 2012 - 4:53 ص    عدد الزيارات 2069    التعليقات 0    القسم عربية

        


سيناء هدف للجيش الإسرائيلي وعملية اغتيال بن لادن نموذج لتدريباته
الحياة...القدس المحتلة - آمال شحادة

منذ اطلاق ثلاثة صواريخ «غراد» على مدينة ايلات، جنوب اسرائيل، تحولت منطقة سيناء الى هدف للجيش الاسرائيلي متصدرة المناطق التي يدرجها في قائمة المخاطر الامنية. فعملية كهذه بالنسبة الى الاسرائيليين خط احمر تسرع عقارب الساعة نحو صدام عسكري في هذه المنطقة. وعلى رغم حساسية العلاقة مع مصر، خرجت اسرائيل بحملة تهديد ووعيد، حول ما سمّته «الدفاع عن حدودها» وصلت الى حد التلميح الصريح بتجاوز الحدود في سيناء والقيام بنشاطات ليلية تلاحق خلالها مجموعات متسللين ومهرّبي اسلحة وعناصر تنظيمات، تدعي اسرائيل انها ارهابية ومنتشرة في شبه الجزيرة المصرية. وعلى طول مئتين وخمسين كيلومتراً كثفت اسرائيل دورياتها على مدار الساعة فيما نفذت وحدة خاصة من المظليين طوال ساعات الليل تدريبات على عمليات انزال بالتعاون مع سلاح الجو تحاكي «إحباط عمليات تهريب اسلحة، وهي في طريقها نحو اسرائيل».

الجيش في ترويجه لنشاط وحدة المظليين لم يذكر تفاصيل العملية وإذا ما كانت تتضمن تدريباً على اختراق الحدود والدخول الى سيناء، لكنه اظهر صوراً لجنوده في واحدة من العمليات التي نفذت في ساعات الليل وهم يهبطون في المكان الذي تتصور مخابرات اسرائيل ان عناصر من هذه التنظيمات تتواجد فيه. والواضح من الصور ان سيناء هي المكان الذي رسموه ليناسب التوقعات بأن تنفذ فيه العمليات. وكما قال احد الضباط، فإن الجيش يعمل تجاه هذه الخلايا ومهربي الاسلحة كـ «لعبة الشطرنج» معلناً ان نشاط وحدة المظليين سجل نجاحاً غير مسبوق اذ قام بإحباط حوالى خمسة وتسعين في المئة من العمليات.

وجاءت تدريبات المظليين بالاعتماد على عملية «اسود البحر»، وهو اسم عملية اغتيال اسامة بن لادن في السنة الماضية في باكستان. وقد وضع سلاح المظليين في الجيش الاسرائيلي التقارير التي تلخص العملية من أجل الاستفادة منها في تدريباته وتحسين الأداء خلال عمليات الهبوط لملاحقة المجموعات المنتشرة في سيناء.

ووفق ضابط سلاح المظليين، يوفال غربي، فقد تم التدريب على عملية «اسود البحر» في شكل مكثف كما تم استخلاص العبر منها وخلال ذلك تدرب الجنود على عمليات الانزال الحر والانزال السري ايضاً. ووفق الجيش فهناك وحدتان للإنزال ويعمل الجيش حالياً على زيادة هذه الوحدات للتدريب على عمليات إنزال دقيقة في قلب ارض العدو في شكل سري»، كما يقول الجيش.

والاستعداد لعمليات الانزال بدأت في اسرائيل منذ انطلاق «الربيع العربي» فقام الجيش بشراء منظومات متطورة وخاصة لوحدة المظليين بينها منظومات لاستخدام طائرات نقل عسكري من نوع «هركوليس» قادرة على انزال وسائل قتالية على بعد عشرين كيلومتراً من موقع الانزال، كما شملت الاستعدادات استخدام نظام GpS. وضمن التدريبات التي أُجري ايضاً انزال جيب من نوع «هامر». وفي هذا الجانب تحدث الجيش الاسرائيلي، وفي شكل واضح، عن ان اهداف التدريبات تشمل ايضاً استهداف شخصيات بارزة في قطاع غزة او في لبنان الى جانب اشراك سلاح المظليين، وللمرة الاولى، في عمليات انزال على جبهتي غزة ولبنان في حال اندلاع حرب شاملة مع ايران.

والانزال السري هو الاهم بالنسبة الى الاسرائيليين، لأن المنطقة التي تضعها اسرائيل هدفاً لها، تقع داخل نفوذ مصر وقد سبق ان بعثت اسرائيل برسالة الى المجلس العسكري الحاكم في مصر تبلغه فيها انها ستكون «مضطرة» الى تنفيذ عملية عسكرية داخل سيناء اذا لم يقم الجيش المصري بواجبه ويقضي على التنظيمات «الارهابية» المنتشرة فيها. والتهديد الاسرائيلي جاء في اعقاب اطلاق صواريخ غراد، مع التلميح بإحباط عمليات قبل خروجها من الحدود المصرية. وقد بدأت القيادة العسكرية تتحدث عن الاستعداد لعملية عسكرية لكنها تنتظر قراراً سياسياً.

الخيارات الاسرائيلية

في رسالة التحذير والتهديد الى المصريين اعتبرت اسرائيل انها استنفدت كل ما يمكن ان تقوم به لضمان الامن في منطقة سيناء، مشيرة الى انها في السنة الاخيرة صادقت مرات عدة على زيادة حجم القوات العسكرية المصرية في شمال شرقي سيناء لتحسين مستوى الامن على مقربة من الحدود. ووفق الاسرائيليين، فإن القوات المصرية لم تنجح في تحقيق أي تحسن. فهي لا تنتشر في جنوبي قاطع الحدود، في المنطقة التي اطلق منها صاروخ غراد الى ايلات وبدل ان تأخذ مصر دورها وتقوم بمهمة ضمان الامن في المنطقة تختار ببساطة النفي في أن يكون الصاروخ اطلق من أراضيها.

هذه الوضعية الجديدة جعلت ملف سيناء يتصدر اجندة الاسرائيليين. واختار الجيش الترويج لموقفه في وسائل الاعلام باسم مصدر رفيع المستوى، اطلق تصريحات في اكثر من موقع الكتروني وصحيفة اسرائيلية كان المشترك بينها القول: «اسرائيل لن تستطيع الرد على أي هجوم من سيناء». وقال هذا المسؤول في واحد من تصريحاته: «اذا استمر إطلاق الصواريخ من سيناء فهذا يتطلب منا تغيير توجهنا لهذه المنطقة على ان تكون المرحلة الاولى في التوجه الى مصر والضغط عليها عبر الولايات المتحدة». وتابع: «إذا نظرنا إلى النظام المصري في وضعه الحالي، فإن التنسيق بين الحكومة المصرية والجيش الإسرائيلي يعتبر لغاية الآن جيداً جداً، لكننا لا نستطيع الطلب الى المصريين العمل وفي شكل مكثف ونحن غير راضين على الشكل الأمني المتبع ضد الخلايا الإرهابية في سيناء».

والخيارات المطروحة امام اسرائيل للتعامل مع سيناء تثير نقاشاً داخلياً، بخاصة الحديث عن احتمال تنفيذ عملية عسكرية. الخبير العسكري ارييه اجوزي، يرى ان مصر لا يمكنها السيطرة على سيناء «التي تحولت الى منطقة مشاع تعج بالمخربين» على حد تعبيره، مشككاً بأن مصر قد تكون تغض الطرف عما يحدث في سيناء.

ورأى اجوزي ان افضل الخيارات امام اسرائيل تكون في ما فعلته بعدم قبولها الوضع الحالي في سيناء وإبلاغها ان الجيش الاسرائيلي سيتحرك اذا وصلته معلومات استخبارية حول التخطيط لعمليات ضد اسرائيل. وطرح اجوزي الخيارات المتاحة امام اسرائيل للتعامل مع الوضعية الجديدة في سيناء بينها انهاء الجدار العازل عند الحدود ونشر وسائل دفاعية على طول الجدار مثل القبة الحديدية، غير انه اعتبر ان القرار ليس سهلاً وهو قرار سياسي، التعقيد فيه ان «المخربين»، على حد تعبيره، يستغلون نقطة ضعف اسرائيل في الوضع الشائك للعلاقة مع مصر. وانهى الخبير العسكري الاسرائيلي حديثه بضرورة حسم الموضوع بشأن التعامل مع سيناء قائلاً: «كان على حق من قال ان صاروخاً واحداً يسقط على «غوش دان» (أي منطقة تل أبيب التي تعيش فيها النخبة السياسية والاقتصادية الاسرائيلية)، سيغير التعامل الاسرائيلي في شكل جذري».

وفي اسرائيل اي تهديد لسيناء يكون لغزة قسط فيه، بل يكون التهديد اكثر وضوحاً. فقد أعلن رئيس اركان الجيش، بيني غانتس بصراحة ان الوضع في غزة لم يعد محتملاً وانه ابلغ جميع الوحدات في جيشه ضرورة الاستعداد لتنفيذ عملية هناك في اية لحظة. ويأتي حديث غانتس مع الاعلان عن تقرير لأجهزة الاستخبارات العسكرية يشير الى ان هناك ارتفاعاً في عمليات اطلاق الصواريخ الفلسطينية على اسرائيل خلال شهر آذار (مارس) الاخير. وجاء في معطيات تدريبات عسكرية للجيش الاسرائيلي (رويترز).jpg التقرير أن الارتفاع كان كبيراً في ذلك الشهر، حيث نفذت 229 عملية ضد اسرائيل من غزة والضفة، معظمها اطلاق صواريخ، فيما لم تتجاوز المئة في شهر شباط (فبراير). وجاء في التقرير : «اطلق خلال شهر آذار حوالى 173 صاروخاً و19 قذيفة هاون باتجاه «إسرائيل» وذلك خلال 156 هجوماً مقارنة بـ 36 صاروخاً وقذيفة واحدة في شهر شباط خلال 28 هجوماً».

وبخصوص الضفة الغربية رصد التقرير وقوع 43 هجوماً معظمها كان عبارة عن رمي زجاجات حارقة خلال شهر آذار مقارنة بـ42 هجوماً خلال الشهر الماضي، وقد تعرض اثنان من ضباط الأمن الإسرائيليين للطعن من مهاجمين فلسطينيين في الضفة الغربية. وهذا التقرير، بحد ذاته، وفق الاسرائيليين، يتطلب خطوات جدية وحاسمة لضمان امن اسرائيل وحتى تغيير قواعد اللعبة تجاه غزة وسيناء.

 

 

تسييس العمل الإغاثي وتشتته يحرمان المتضررين السوريين من أموال المساعدات
الحياة..انطاكيا - بيسان الشيخ
 

التسابق على تشكيل جمعيات إغاثية، وتراشق الاتهامات بالاستحواذ على أموال المساعدات أو تبديدها، واحتكار «جماعة الإخوان المسلمين» العمل الميداني مقابل انسحاب شبه تام لبقية أطياف المعارضة، وإطباق تركي محكم على مخيمات اللاجئين، هي ما يلخص ببساطة عناصر المشهد الإغاثي السوري الذي يضاف إليه امتعاض من يفترض إنهم أول المعنيين به.

«إنها فوضى عارمة» يقول الدكتور طلال، الهارب من حماة إلى أنطاكيا وأحد العاملين في مجال الإغاثة في تلك المنطقة الحدودية التي تستقبل أكبر عدد من اللاجئين السوريين، والمفتوحة إلى حد ما على الداخل. وكان تم تهريب الطبيب إلى الأراضي التركية بعدما بدأ الخطر يشتد حوله لمشاركته في الثورة منذ بدايتها، فشارك في مؤتمر تونس بصفته ممثلاً لتنسيقية حماة لمتابعة شؤون الإغاثة والمساعدات، لكنه كغيره من الناشطين في هذا المجال يشكو الفوضى والتهميش. ويقول الطبيب: «يفترض أني مدير مكتب إغاثة أنطاكيا، التابع مباشرة للمجلس الوطني، والذي تأسس بناء على خطة عمل تقضي بإنشاء مكاتب إغاثية في الدول المحيطة، لكننا عملياً لا نزال بانتظار الأموال لنبدأ العمل الفعلي، فيما الجمعيات المستقلة عنا تعمل وتجمع التبرعات وترفع رصيدها بين اللاجئين والثوار على حساب المجلس الوطني الذي يفترض أن يمثل جميع السوريين».

ويتركز عمل الجمعيات الإغاثية غير التركية على إيصال المساعدات إلى الداخل السوري وهي تتنوع بين حصص تموينية وأدوية وأمصال ومعدات طبية بسيطة تستخدم في المستشفيات الميدانية للإسعافات الأولية ويساهم في نقلها إلى الداخل كتائب وعناصر من «الجيش الحر»، فيما اللاجئون يخضعون للإشراف المباشر للسلطات التركية ضمن المخيمات. وبالإضافة إلى ذلك، تهتم تلك الجمعيات أو بعضها بالمرضى والجرحى القادمين إلى تركيا لتلقي العلاج خارج إطار مخيمات اللاجئين فأنشأت لهذا الغرض «مراكز صحية» أو مستوصفات علماً إن غالبية نزلائها هم من المقاتلين الذين لا يملكون عائلة نازحة إلى تركيا يركنون إليها ولا يمكنهم العودة إلى الداخل قبل شفائهم.

ويدخل أنطاكيا في شكل يومي 15 جريحاً كمعدل وسطي، يرتفعون إلى 20 أحياناً ويتوزعون على 3 مستشفيات رئيسية هي المستشفى الحكومي، والمستشفى الجامعي، ومستشفى خاص حيث تجرى لهم العمليات الجراحية، ويتلقون الرعاية الأساسية ليتم نقلهم بعدها إلى تلك المراكز الصحية التابعة للجمعيات الإغاثية. وبجولة على المستوصفات الموزعة في مدينة أنطاكيا، يتبين إنها أقرب إلى بيوت ضيافة منها إلى مراكز صحية، إذ لا تتوافر فيها شروط الرعاية الطبية أو المتابعة الدقيقة للحالات والجروح كما تفتقر إلى الطواقم المتخصصة، ما عدا بعض المتطوعين من الأطباء والممرضين السوريين اللاجئين بدورهم. لكنها في المقابل تؤوي قاطنيها الى حين شفائهم وتؤمن لهم أسرّة وطعاماً ولباساً وتحفظ أمنهم في منطقة تشوبها توترات طائفية وعرقية. ذاك أن أنطاكيا ومحيطها تضم علويين وأكراداً مؤيدين للنظام في سورية وغير مرحبين بالثوار.

وإذ تحولت تلك «المراكز الصحية» محطة انتظار طويلة لكثيرين، باتت تستقبل نزلاء بما يفوق طاقتها الاستيعابية، وبالتالي باتت تستقطب أموال التبرعات وتبرر صرفها من دون أن ينعكس ذلك بالضرورة على المرضى أنفسهم.

ويقول أحد الجرحى وهو مقاتل في الجيش الحر «عالجوا رجلي المصابة بطلق ناري لكنني أصرخ من ألم في بطني منذ أسبوع ولا أحد يلتفت إلي! مسكن واحد يعطى للجميع مهما كانت حالتهم وأخشى أن أكون مصاباً بنزف في بطني، لكن لا أحد يمكنني التحدث إليه! فلا طبيب هنا!».

ويقول آخر تعافى كلياً لكنه لا يزال «يعيش» في أحد تلك المستوصفات: «العناية الصحية في المستشفيات التركية سيئة جداً وانتقامية في بعض الأحيان، ثم يأتون بنا إلى هنا ويتركوننا ليشحذوا المال علينا». ويتابع الشاب بغضب رافضاً كشف اسمه: «كنت أقاتل في أدلب ويوم وصولي جريحاً، أعطوني بذلة رياضية وعلبة مستلزمات شخصية و100 ليرة تركية، كما تمكنت من الاتصال بعائلتي لأطمئنهم، وأنا شاكر لهذه المساعدة، لكن مضى على وجودي هنا فترة، ولا أحد يسأل عني حتى شعرت أن وجودي بات لرفع عدد المحتاجين للمساعدة».

وفيما تبقى تلك الشكاوى مكتومة، خشية أو خجلاً، يصعب رسم خريطة واضحة للعمل الإغاثي أو تحديد جهة مسؤولة ترفع لها المظالم وتحاسب على التقصير أو التبديد.

مراكز انطاكيا

ويقول محمد فيزو، المشرف على «الهيئة العليا للإغاثة السورية» «كل شيء موثق وفيه فواتير بأسماء المرضى، ومناطقهم وحالاتهم الصحية، ومتطلباتهم من طعام ولباس ودواء ونحن نعتمد في شكل خاص على التبرعات».

وقد يكون المركز الذي يديره فيزو من أكبر المراكز الإغاثية في أنطاكيا، إذ يضم طابقاً كاملاً من الأسرّة تستقبل نحو 15 إلى 20 نزيلاً، بالإضافة إلى شبكة لإدخال المساعدات إلى سورية ومناطق أدلب في شكل خاص. لكن ذلك لا يمنع كثيرين من التشكيك بأداء الجمعية «بدءاً باسمها المضلل» على ما يقول مصدر فضّل عدم ذكر اسمه. فتسمية «الهيئة العليا للإغاثة» توحي بأنها تابعة للأمم المتحدة فيما هي أنشئت بمبادرة من ابن الشيخ محمد الصابوني وبعض الناشطين الذين بدأوا بجمع التبرعات ولا يخضعون لأي هيئة رقابية ولا حتى المجلس الوطني، لمعرفة كيف تصرف الأموال، وهو ما يرد عليه فيزو بأن «جمعيته معتمدة لدى المجلس وتعمل بتنسيق وثيق مع أعضائه».

وإذ يصر فيزو على أن عمله الإغاثي لا ينطوي تحت أي مظلة سياسية، وهو مستقل تماماً عن تجاذبات أطراف المعارضة، إلا أن ذلك لا يبعده عن تشكيك إضافي مصدره هذه المرة جهات «إخوانية» غير رسمية. وترى تلك الأوساط إنه تم استغلال اسم الشيخ الصابوني لجمع تبرعات ضخمة من بلدان الخليج، ما أبعد المتبرعين عن القنوات الأخرى الرسمية والأهلية كانت أولى بها.

ويقول الدكتور طلال: «غالبية العمل إعلامي وليس واقعياً. فكل علبة دواء توزع، ترافقها كاميرات التصوير لإقناع المتبرعين بأن أموالهم تصرف في مكانها، وترسل تلك الأشرطة إلى الجهات المانحة، لكن غالباً الناس متروكون لمصيرهم بالحد الأدنى، كما أن ما يفوت كثيرين هو مساعدة المرافق الذي يكون أحياناً أصعب من وضع المريض نفسه». وفي وقت تنصب العناية على «الأكثر تضرراً» يهمل الشخص الذي يرافق المريض مادياً ومعنوياً، ولوجستياً بعدما يكون منهكاً من قطع الحدود سيراً على الأقدام، وبالثياب التي يلبسها، بلا مال أو أوراق ثبوتية.

على أطراف مدينة أنطاكيا، في شقة تحولت مكتباً ومستوصفاً ينتظران اكتمال التأثيث، يروي الدكتور طلال معاناته مع «غياب العمل المؤسساتي وتحكم بعض الأفراد والجهات بالعمل الإغاثي»، فيقول: «في البداية طلبوا خطة عمل لجمع التبرعات على أساسها، وبالفعل وضعنا خطة تبدأ لحظة استقبال الجريح عند النقطة الحدودية، وتقدم له الرعاية خلال رحلة علاجه كما تقدم المساعدة للمرافق الذي يأتي معه. لكن التركيز كله منصب على السياسة والأعمال العسكرية فيما صارت المساعدات ذريعة للسياسيين ووسيلة ضغط على المجتمع الدولي. الجميع يطالبون بها، والدول تعد برصد المبالغ لها، لكن أحداً لا يراقب كيفية صرفها». ويوضح طلال الذي يقودك الجميع إليه بصفته «مسيحياً ومشاركاً بالثورة» فيما يرفض هو الخوض في «الأمور الطائفية»، إن الممسكين بالمساعدات ضمن المجلس الوطني يحتكرون العمل الإغاثي وينسبونه إلى أنفسهم لتصريفه في السياسة بعد سقوط النظام.

ويقول: «من يساعد لاجئاً اليوم، يحصد صوته غداً، لذا يجب على المجلس الوطني أن يضطلع بهذه المهمة وليس جماعة الإخوان المسلمين وحدهم». ولا ينفي الطبيب احتضان الجماعة له شخصياً لدى لجوئه إلى تركيا معتبراً أن تجربته الشخصية يمكن أن تشكل نموذجاً لافتاً. وأضاف: «كثيرون وصلوا ولم يحملوا معهم مالاً كافياً أو لباساً وأنا واحد من هؤلاء. استغرقتني الطريق 5 أيام لأعبر فاحتضنوني (الإخوان) واستقبلوني وسكنت في مخيم ليلدار لنحو شهرين انتقلت بعدها إلى مدينة أنطاكيا وأسكن اليوم مع مجموعة من الشباب، وهذا المكتب يعمل بالتعاون معهم، وهذا ضروري، لكن عتبي هو على تفردهم بالعمل في أحيان كثيرة».

ويعزو الطبيب الذي يعرف البيئة الإخوانية من خارجها ذلك «الاحتكار» كما يسميه، إلى أن الجماعة نشيطة وتعمل كفريق وشبابها مندفعون ومهاجروها أثرياء ومستعدون للتبرع، فيما أطياف المعارضة الأخرى متشرذمة. ويقول: «مثلاً إذا أخذنا صندوق دعم حماة وأنا أحد أعضائه، تصل مساعدات كثيرة من دون أن نعلم بها لأن غالبية المهاجرين من الإخوان المسلمين ويفضلون إيصال تبرعاتهم عبر قنواتهم، فهل نلومهم؟».

تجاوزات

وفيما تشتد المطالبة بتوحيد العمل الإغاثي تحت مظلة المجلس الوطني وإشرافه، منعاً لتفرد مجموعة من دون أخرى ومنعاً أيضاً لتحميل اللاجئين منة تجعلهم يغضون الطرف عن تجاوزات كثيرة ترتكب بحقهم يرى ناشطون ميدانيون من الجماعة إن من لديه اعتراض فليعمل أولاً ثم يعترض. «فمن يجلس في إسطنبول ولا يعرف ماذا يجري على الأرض في أنطاكيا لا يحق له معاتبة من يعمل»، يقول أحدهم. وبالفعل، يبدو الميدان في تلك المنطقة متروكاً كلياً لجماعة الإخوان التي يعرف شبابها شعاب المدينة وأزقتها ويتواصلون مع الثقة من سكانها. فهنا، لا زيارات من أعضاء المجلس الوطني ولا الناشطين «المدنيين» الذين يقيمون في إسطنبول وينشطون منها لدعم الداخل. ولدى مواجهتهم بالسؤال عن سبب تخليهم عن قضية إنسانية يفترض إنها على رأس الأولويات، يأتيك جواب بأنه «يتم العمل على زيارة ميدانية يقضي خلالها الرئيس (برهان غليون) ليلة أو اثنتين في المخيمات»!

وفي المقابل يرد المهندس عبد المهيمن السباعي المدير التنفيذي لـ «الجمعية السورية للإغاثة الإنسانية والتنمية» بأنه «إذا كان فعلاً الإخوان يعملون أكثر من غيرهم فهذا جيد وهو واجبهم أصلاً علماً أن كل السوريين يساعدون والشعب السوري اليوم لا يهمه من يقدم له المساعدة، المهم أن يحصل عليها. أما إذا قصر البعض، فهذا يؤخذ عليهم وليس على الإخوان». والجمعية، ومركزها إسطنبول «معتمدة (أيضاً!) من المجلس الوطني»، لكنها على ما يقول السباعي لم تحصل منه على أي دعم «علماً إنهم حصلوا على دعم إغاثي وتم إيصاله عبر المكتب الإغاثي لكن غالبية المال لم يصرف وما صرف تم عبر المكتب التنفيذي وهو من يجب أن يسأل عنه». وأضاف: «وصلنا مبلغ 300 ألف يورو وتم صرفها بالكامل». ويقدر السباعي الذي يعتمد جداول دقيقة وعلمية، الحاجة الإغاثية داخل سورية بما بين 50 و60 مليون دولار شهرياً، لافتاً إلى وجود «اكثر من مليون ونصف مليون نازح في الداخل، ونحو 17 مليوناً فقدوا مصادر دخلهم علماً أن رواتب كثيرة ما عادت تصل إلى الموظفين لمعاقبتهم».

ويشرح السباعي آلية تقديم المساعدات وهي عينية وطبية، فيقول: «غالبية المواد الغذائية متوافرة لدى التجار وبعضهم لديه حسابات مصرفية في الخارج يتم تحويل المال إليها فيقومون هم بتسليم المساعدات للناشطين المعتمدين في الداخل». وإذ تعتبر ازدواجية الحصول على المساعدات وتسجيل البعض أسماءهم في أكثر من لائحة مشكلة أساسية لكونها تحرم الآخرين منها، يلفت السباعي إلى مشكلة أكبر وهي أن «كل العمل الإغاثي الحالي لا يغطي ربع الحاجة الفعلية، وأن الوضع موشك على كارثة إنسانية».

 

 

 

تحليلات تلقي الضوء على قدرة حلف الأطلسي على شن حملات جوية
ثغرات عملية الناتو في ليبيا ستكون تحديا أكبر في سوريا
موقع إيلاف...عبدالاله مجيد من لندن
تقرير سري ألقى الضوء على قدرة الناتو شن على شن حملات جوية
ألقى تقرير سري الضوء على قدرة الناتو على تنفيذ حملات جوية مماثلة لتلك التي حصلت في ليبيا، من دون دعم الولايات المتحدة. وقال مسؤولون أميركيون أن عملية كهذه في سوريا ستحتاج لقدرات أكبر إذ أن لدى سوريا جيشا أقوى ودفاعات جوية أكثر تطورا.
لندن: رغم الثناء الذي كالته العواصم الغربية على قيادة حلف الأطلسي (الناتو) للحملة الجوية في ليبيا، فإن تقريرا سريا يرسم صورة مغايرة لقدرة الحلف على تنفيذ مثل هذه الحملات دون دعم كبير من الولايات المتحدة.
وخلص التقرير الذي أُعد لتقييم العملية الأطلسية الى أن الحلفاء لاقوا صعوبة في تبادل معلومات بالغة الأهمية عن الأهداف، وكانوا يفتقرون الى المخططين والمحللين المتخصصين واعتمدوا اعتمادا مفرطا على الولايات المتحدة في عمليات الاستطلاع والتزود بالوقود في الهواء. وتقوض نتائج التقرير الفكرة القائلة بأن التدخل كان عملية نموذجية، وان بامكان الناتو ان ينفذ حملة أعقد في سوريا من دون هذا الاعتماد المفرط على القوات الأميركية. وقال التقرير انه حتى بمساعدة الولايات المتحدة لم تكن لدى حلف الأطلسي إلا 40 في المئة من الطائرات التي كان يحتاجها لاعتراض الاتصالات الالكترونية، وهو نقص نال من فاعلية العملية، بحسب التقرير.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين أميركيين أن القيام بعملية مماثلة في سوريا سيطرح تحديات أكبر على الحلف من حملة الأشهر السبعة التي أنهت نظام العقيد معمر القذافي في ليبيا. وان لدى سوريا جيشا أقوى ودفاعات جوية روسية الصنع أكثر تطورا، سيحتاج تدميرها الى أسابيع من الغارات الجوية، كما يرى مسؤولون في البنتاغون.
وقال مسؤول كبير في حلف الأطلسي إن المعارضة السورية أيضا مفككة وأكثر تشتتا مما كانت المعارضة الليبية وان هذا يجعل التنسيق مع الثوار أصعب.  ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن دبلوماسي اوروبي اطلع على التقرير السري الذي يقع في 37 صفحة ان أي خطة بشأن سوريا، حتى إذا أُعدت بمفردات افتراضية محضة، ستعتمد هي الأخرى اعتمادا كبيرا على الولايات المتحدة.
ومن المتوقع ان تنال نتائج التقرير وتوصياته مصادقة وزراء الناتو في اجتماعهم في بروكسل الأسبوع المقبل، بحسب نيويورك تايمز مشيرة الى اتفاق خلاصات التقرير مع تقييمات أولية سابقة، توصلت الى ان الطائرات الأوروبية والكندية نفذت القسم الأكبر من الطلعات القتالية لحماية المدنيين الليبيين في حين تولت الولايات المتحدة تأمين الاسناد العسكري الذي كان ضروريا لإنجاز المهمة.  
ولكن التقرير وأكثر من 300 صفحة من الوثائق المرفقة التي حصلت نيويورك تايمز على نسخ منها، تتضمن تفاصيل جديدة عن وجود ثغرات في التخطيط ونقص في الكادر وقصور في تنفيذ المهمات القتالية فضلا عن ارتجال القادة للتكيف مع الوضع.
كما يسلط التقرير الضوء على قضية مهمة تعود الى حروب البلقان في عقد التسعينات وهي ان الولايات المتحدة تدخلت بسبب عجز حلف الأطلسي بقدراته الذاتية وحدها عن حسم الموقف. فالولايات المتحدة كانت المصدر الرئيسي للذخيرة الموجهة ذات الدقة العالية التي استُخدم منها في ليبيا 7700 قنبلة وصاروخ كلها عمليا من الولايات المتحدة فضلا عن الغالبية العظمى من طائرات الاستطلاع الجوي.
وقال التقرير "إن حلف الأطلسي يبقى شديد الاعتماد على حليف واحد" لتوفير طائرات الاستطلاع الجوي، وجميع المعلومات الضرورية للقائد العسكري.  ولكن مسؤولين أميركيين ومن دول الحلفاء رأوا جانبا ايجابيا في انتقادات التقرير. وقال المسؤولون إن حلف الأطلسي قام بدور مهم في مساعدة أعضائه على الموافقة في شباط (فبراير) على بناء منظومة استطلاع خاصة به تتيح رصد القوات المعادية واستهدافها. كما أسهم التقرير في تمرير مبادرة فرنسية مدعومة أميركيا لإقامة مركز متخصص بطائرات الاستطلاع، بما في ذلك طائرات بدون طيار، في قاعدة جوية ايطالية في صقلية على غرار المركز الذي أقامه الأطلسي في افغانستان. 
يضاف الى ذلك أن وزراء دفاع الأطلسي وافقوا الشهر الماضي على مشروع طموح لتوسيع أسطول الحلفاء من طائرات تزويد الطائرات الحربية بالوقود في الجو. وأشارت صحيفة نيويورك تايمز الى ان غالبية توصيات التقرير وخاصة المتعلقة بشراء طائرات وتكنولوجيات باهظة الكلفة تحتاج الى سنوات لتنفيذها. وان هذه الحلول لن تلبي المطالب الآنية لدعاة استخدام القوة الجوية في حماية المدنيين من المجزرة التي يتعرضون لها في سوريا. وكان اثنان من الداعين الى مثل هذا التدخل وهما عضوا مجلس الشيوخ الأميركي جون ماكين، وجوزيف ليبرمان، زارا مخيما للاجئين السوريين في تركيا قبل اعلان وقف اطلاق النار يوم الخميس الماضي. وجدد الاثنان دعوتهما الى تسليح المعارضة السورية والتدخل عسكريا باقامة ملاذات آمنة للاجئين السوريين والمعارضين الذين يتدربون فيها.
 وكان الرئيس اوباما طلب من البنتاغون اعداد قائمة اولية بالخيارات العسكرية في سوريا، وهي خطوة روتينية يقتضيها التخطيط العسكري تحسبا لنشوء أوضاع طارئة خلال الأزمات التي تحدث في انحاء العالم، ولكن الإدارة ما زالت تعتقد ان استخدام الضغوط الدبلوماسية والاقتصادية هما الطريق الأجدى لوقف البطش الذي يمارسه النظام السوري.
وأعد التقرير الذي أُنجز في 28 شباط (فبراير، مركز التحليل المشترك والتعلم من الدروس التابع لحلف الأطلسي في البرتغال. وحدد التقرير 15 درسا سياسيا وتنظيميا وتسليحيا بما في ذلك نواقص متعددة.
واكتشف التقرير من بين نواقص أخرى ان المعلومات الخاصة بالاهداف في ليبيا توفرت من القواعد البيانية لدول منفردة، وان الكثير من هذه المعلومات لم يتسن تبادلها بسرعة بين أعضاء الأطلسي وشركائه، بسبب "تصنيفها أو لأسباب اجرائية".
وكانت قيادة الأطلسي في ايطاليا تعاني من نقص خطير في المستشارين السياسيين والقانونيين والمحللين الاستخباراتيين والمخططين اللوجستيين والمتخصصين في انتقاء الأهداف.
والتزم التقرير جانب الصمت حول اتهامات بمقتل عشرات المدنيين في عمليات أطلسية، وثقها باحثون مستقلون والأمم المتحدة على السواء، وامتناع سفن الحلف عن الاستجابة لنداءات استغاثة وجهتها زوارق تحمل مهاجرين هاربين من القتال هلكوا لاحقا في عرض البحر.
وقال فريد ابراهامز، المستشار الخاص في منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الانسان إن التقرير يلتزم برفض حلف الأطلسي الاعتراف بارتكاب اخطاء واضحة وانه كشف عن "قرار متعمد بألا ينظر في وقوع ضحايا مدنيين". وأضاف ابراهامز ان التقرير لا يتعلق بدروس تعلمها حلف الأطلسي بل بدروس أضاعها.
كما أغفل التقرير الاشارة الى وضع فرق من المراقبين الجويين على الأرض في مرحلة لاحقة من النزاع، للمساعدة في توجيه الطائرات نحو أهدافها أو أن القوات المناوئة للقذافي، كانت تقدم توصيات بشأن الأهداف إلى حلف الأطلسي بوسائل غير نظامية، احيانا، حتى باستخدام موقع تويتر او البريد الالكتروني.
مسؤولون عسكريون: المعركة ضدها ستعتمد على تكتيكات حرب العصابات
أسلحة أميركا لن تقدر على مواجهة إستراتيجية إيران الشرسة
موقع إيلاف...لميس فرحات من لندن
تتحضر القوى الغربية والولايات المتحدة الأميركية للقاء إيران في اسطنبول للبحث في ملفها النووي، والذي تصرّ ايران على ان طبيعته وأهدافه سلمية في حين يشير آخرون إلى العكس، في وقت تجري أحاديث وتحليلات حول سيناريو ما بعد فشل هذه المفاوضات.
بيروت: في الوقت الذي تتحضر فيه الولايات المتحدة الأميركية وقوى غربية أخرى للقاء ايران يوم السبت في اسطنبول بهدف استئناف المفاوضات حول برنامجها النووي، يستعد الجيش الاميركي لشحذ مخططاته العسكرية في حال الطوارئ.
دعاة الأساليب السلمية يقولون إن العقوبات الاقتصادية ضد النظام الايراني بدأت تأخذ مفعولها، آملين في ان تتخلى طهران عن برنامجها لتخصيب اليورانيوم. وتصر الجمهورية الإسلامية الايرانية على أن البرنامج النووي ذو طبيعة سلمية ويهدف إلى توليد الكهرباء، لكن أجهزة الاستخبارات تشير إلى أن النظام بات قاب قوسين أو أدنى من تطوير القدرة على صنع سلاح نووي.
على الرغم من اللقاء المزمع عقده نهاية الأسبوع الحالي، تقلل إدارة أوباما من فرص التوصل إلى نقطة التقاء خلال الاجتماع، وهو الأول بين أميركا وايران منذ أكثر من عام، في الوقت الذي يتوقع الدبلوماسيون أن افضل نتيجة يمكن التوصل اليها هي اتفاق على إجراء جولة ثانية من المحادثات. في هذا السياق، تحدثت الـ "وول ستريت جورنال" عن سيناريو ما بعد فشل المفاوضات، وهو أن تقرر الولايات المتحدة أو إسرائيل مهاجمة ايران. ونقلت عن محللين قولهم إن الحرب ستعتمد على تكتيكات حرب العصابات، مشيرين إلى أن زعم الجمهورية الإسلامية بحيازة الأسلحة المتطورة، على غرار الطائرات المقاتلة والطوربيدات "مجرد تفاخر وتبجح".
ويقول مسؤولون عسكريون إن الولايات المتحدة يمكن أن تطغى سريعاً على الدفاعات الجوية الايرانية، وذلك بزرع قنابل متباعدة بشكل متساو، على سبيل المثال، على المدارج لتعطيل القواعد الجوية الإيرانية. أما الغارات الجوية الضخمة، فقد تستخدم لمحاولة تدمير المنشآت النووية المعروفة، وهو هدف معقد لأن النظام الايراني أنشأ بعضها في مواقع سرية تحت الأرض. لكن وزارة الدفاع تعمل على رفع مستوى قنبلتها التقليدية من أجل تحقيق اختراق أفضل في المرافق المحصنة تحت الأرض.
في المقابل، يعتقد مسؤولون في البحرية الأميركية أن ايران ستردّ بشن حرب عصابات بحرية في منطقة الخليج العربي، عن طريق نشر القنابل في مضيق هرمز أو مهاجمة السفن البحرية الاميركية بواسطة القوارب الصغيرة.
ويمكن لمثل هذه التهديدات، التي تسمى بالحرب غير المتكافئة، أن تكون خطيرة بشكل غير متوقع، على نحو القنابل المزروعة على الطرقات في أفغانستان أو العراق، أي أن باستطاعة قنبلة منخفضة التكلفة أن تؤدي إلى شلل أو غرق سفينة حربية بمليارات الدولار.
في مثل هذا السيناريو، فإن الجيش الأميركي سيضطر إلى بذل جهدٍ كبير ومحفوف بالمخاطر في كثير من الأحيان، من أجل إعادة فتح الممرات الملاحية لمرور شحنات النفط العالمية.
وقال ضابط كبير في الجيش في منطقة الشرق الأوسط: "لقد بقيت ايران وفية لتوجهاتها. لطالما اتخذت نهجاً غير متماثل مثلما فعلت في الثمانينات".
قبل الثورة الاسلامية عام 1979، كانت ايران تملك أكثر الترسانات شراسة في المنطقة، ومجهزة بأسلحة حديثة، حازت عليها من قبل وزارة الدفاع الأميركية التي باعتها للشاه في ذلك الوقت.
لكن الجيش الايراني استنزف قواه في وقت لاحق خلال ثماني سنوات من الحرب مع العراق في الثمانينات، وعمدت ايران منذ ذلك الوقت إلى "ترقيع" ترسانتها بمجموعة من بعض الأسلحة المحلية الصنع، وأخرى من الصين وكوريا الشمالية والاتحاد السوفياتي السابق.
هددت ايران منذ أشهر قليلة بإغلاق مضيق هرمز رداً على تشديد العقوبات الدولية ضدها، ويقدر المحللون العسكريون أن ايران جمعت ما يقرب من 5000 لغم بحري، بدءا من الأجهزة البدائية التي تنفجر عند الاحتكاك، والتكنولوجيا الفائقة التطور التي تزرع عند قاع البحر، ويمكنها التعرف إلى البصمة الصوتية من أنواع معينة من السفن وتنفجر في الأهداف المحددة والكبيرة.
من جهته، قال سكوت تروفر، وهو محلل حرب الألغام، إن محاولة إيجاد وإزالة الألغام الإيرانية ستكون بمثابة "لعبة القط والفأر للقوات البحرية الأميركية، فهذه الحرب صعبة وخطيرة مثل العبوات الناسفة على الأرض، إن لم تكن أكثر صعوبة".
ومن بين أحدث التهديدات الايرانية، الطوربيدات المتطورة التي استقدمتها الجمهورية الإسلامية من روسيا التي يمكنها الوصول إلى السفن الحربية ولا تنخدع بسهولة بالشراك العسكرية التي تستخدمها السفن للتشويش على الطوربيد.
ويقلق المخططون العسكريون من هذه الطوربيدات التي قد تطلقها ايران من ثلاث غواصات "كيلو" روسية الصنع، فضلاً عما يقرب من أربع غواصات "يونو" من كوريا الشمالية، التي أدت إلى إغراق سفينة حربية كورية جنوبية عام 2010، ما أسفر عن مقتل 46 بحاراً.
وعلى الرغم من أن هذه الغواصات الصغيرة لا تستطيع الوصول إلى مسافات بعيدة أو البقاء فترة طويلة تحت الماء، إلا أنها – وفي حال تم استخدامها في أماكن قريبة من مضيق هرمز، يمكنها تنفيذ الهجمات البحرية بسهولة.
وتُعرف ايران أيضاً بأسطولها الذي يتألف من مئات الزوارق السريعة الصغيرة التي يمكن أن تحمل كل شيء من المدافع الرشاشة، إلى الصواريخ المضادة للسفن الكبيرة. وفي حين أن قاربا سريعا واحدا قد لا يعرض السفن الحربية الأميركية للخطر، غير أن سربا من القوارب الصغيرة قد تطغى على دفاعات أكبر سفينة. السفن الحربية التقليدية ليست مصدر القلق الوحيد، فإيران تستطيع زرع الألغام أو حتى الصواريخ بواسطة السفن التجارية، أو المراكب الشراعية. ومثل هذه التهديدات سيكون من المستحيل تحديدها في الممرات الملاحية المزدحمة في الخليج العربي.
قبل عشر سنوات، أجرت وزارة الدفاع في عهد رامسفيلد لعبة حرب سرية لاختبار سيناريو الخليج العربي. قاد اللفتنانت جنرال بول فان ريبير "الفريق الأحمر" الذي يمثّل العدو الإيراني، وأعطى أوامره إلى القوات في خط المواجهة عبر سائق دراجة نارية، منعاً للتجسس عليه، وأرسل زوارق سريعة مزودة بصواريخ ومتفجرات إلى سرب السفن الحربية الاميركية. وما ان انقشع الدخان المزيف الذي استخدم في التجربة، حتى تبين أن أكثر من دزينة من السفن الحربية الاميركية باتت في قاع الخليج العربي.
وكانت تلك العملية، المعروفة باسم "تحدي الألفية"، بمثابة دعوة لليقظة إزاء احتمال حرب غير متكافئة مع ايران، فعمدت البحرية إلى وضع خطط لتعزيز دفاعات سفنها في الخليج.
وقال الاميرال جوناثان جرينيرت الذي أصبح قائداً للعمليات البحرية في أيلول (سبتمبر) الماضي إن البحرية الأميركية مهتمة بآليات الماء الروبوتية التي يمكنها البحث عن الألغام والغواصات وتحسين أسلحتها وبنادقها لمواجهة الهجمات الايرانية".
وسارعت قوات البحرية لاختبار مجال جديد لمكافحة الطوربيدات، وهو سلاح من شأنه مواجهة طوربيدات ايران الأكثر تطوراَ.
وأعلنت البحرية مؤخراً عن خطة لمضاعفة أسطولها، وتزويده بسفن إزالة الألغام من نوع "آفنجير" في الخليج العربي.
إضافة إلى ذلك، اتخذ الجيش الأميركي خطوات أخرى في وقت سابق من هذا العام، إذ كشفت وزارة الدفاع الأميركية عن خطط لإعادة تجهيز سفينة نقل كمنصة انطلاق لأنواع مختلفة من المهمات، من مكافحة الألغام لإطلاق طائرات من دون طيار. ويمكن أن تستخدم أيضاً كمنصة لإطلاق "عمليات مغاوير" لاعتراض السفن الإيرانية والسفن المرافقة أو حماية منصات النفط.
ما وراء مياه الخليج الفارسي، يقلق المخططون العسكريون في الولايات المتحدة من ترسانة ايران الآخذة في الاتساع والتزود بالصواريخ البالستية، التي بنيت بالتعاون مع كوريا الشمالية.
وتقدّر وزارة الدفاع أن ايران لديها حوالى 1،000 صاروخ قصير وبعيد المدى الذي يمكنه الوصول من 90 إلى 1200 كيلومتر، ويعتبر هذا المخزون هو الأكبر في الشرق الأوسط.
وركّز المسؤولون العسكريون اهتمامهم على صواريخ شهاب 3 البعيدة المدى، والتي يمكن أن تصل إلى إسرائيل. لكن صواريخ سكود القصيرة المدى التي قد تطلقها ايران من على منصات متحركة، قد تسمح لها بتنفيذ ضرباتها والهروب بسهولة من دون التعرض للكشف.
على مرمى حجر من الصواريخ الايرانية، تقع المنشآت العسكرية التابعة للولايات المتحدة في الكويت، وأخرى في قطر، إضافة إلى الأسطول الأميركي الخامس في البحرين.
 وعلى الرغم من أن صواريخ السكود غير دقيقة نسبياً، إلا أنه باستطاعتها نشر الذعر أو إثارة حرب أوسع إذا ما أصابت حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.
وقال ضابط بحرية متقاعد ان هذه الصواريخ لا تمتلك قدرات استهداف متطورة، لكن بإمكانها تسجيل "ضربة أعمى" في أحد حقول النفط السعودية، أو منشأة إنتاج الغاز القطرية، أو مدينة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وهدد مسؤولون من الحرس الثوري الايراني بشن عمليات انتقامية ضد أي دولة تستخدم كنقطة انطلاق لتوجيه ضربات ضد إيران، وهذا يمكن أن يكون اختباراَ حقيقياً لخطط الدفاع الصاروخي الاميركية. إضافة إلى كل ما سبق، هناك أيضاً التهديد الإرهابي المفترض، فالاستخبارات الإيرانية تستطيع تنشيط خلايا نائمة لتنفيذ ما يسمى بـ "أعمال التخريب أو الهجمات الإرهابية"، وفقاً لمسؤولين اميركيين. وقال الجنرال المتقاعد انطوني زيني، القائد السابق للقيادة المركزية الأميركية إن "هناك خلايا نائمة في كل مكان سيتم تفعيلها بطريقة ما في الشرق الأوسط".  وقال الرئيس السابق للقوات الجوية الجنرال مايكل موزلي إن الحملة الجوية الأميركية قادرة على إلحاق "شعور شلل استراتيجي" بالدفاعات الجوية الايرانية من خلال استهداف القيادة والسيطرة على المرافق والمطارات.
وأشار إلى أن نظام الدفاع الجوي في ايران يتألف في الغالب من صواريخ هوك الأميركية القديمة الصنع، وبعض صواريخ أرض جو من الطراز السوفياتي، التي "لا تشكل تهديداً للطائرات في الولايات المتحدة"، لكنه أضاف: "أي شيء يطلق النارعليك يستحق بعض الاحترام"، في إشارة إلى أنه لا يجب التقليل من شأن الأسلحة الايرانية.
وشدد مسؤولون عسكريون على ضرورة عدم التقليل من شأن القوات الإيرانية. وقال ريتشارد براون، وهو طيار في البحرية الأميركية الذي ساعد في تدريب الطيارين في أصفهان الايرانية في أواخر السبعينات: "طهران تملك كل الأسلحة الكبيرة من أميركا".
ويشكك قدامى المحاربين في أن تكون ايران قد حافظت على قطع غيار للطائرات الاميركية الصنع. وقال ريك مورو، وهو طيار في البحرية الأميركية إن "ما تبقى من سلاح الجو الإيراني لن يكون منافساً للولايات المتحدة".
ومع ذلك، تشير بعض الأدلة إلى أن إيران تدير شبكة مشتريات عالمية لشراء قطع الغيار العسكرية الاميركية. فمنذ عام 2007،عالجت وزارة العدل الاميركية أكثر من 22 حالة ملاحقات جنائية المتعلقة بتصدير قطع الغيارالعسكرية لايران. وقال كليف بيرنز، محامي شركة بريان كايف للقانون في واشنطن العاصمة، إن "إيران تعطي قوائم التسوق لمتعاقدين مستقلين الذين يشترون قطع الغيار نيابة عنها من سوق الطيران في العالم، مشيراً إلى أن "جهود إنفاذ القانون وحدها ليست كافية لوقف تدفق قطع غيار الطائرات الى ايران".

المصدر: مصادر مختلفة

A Gaza Ceasefire..

 الأحد 9 حزيران 2024 - 6:33 م

A Gaza Ceasefire... The ceasefire deal the U.S. has tabled represents the best – and perhaps last… تتمة »

عدد الزيارات: 160,718,144

عدد الزوار: 7,175,333

المتواجدون الآن: 135